
شاهد.. بمطعم صيني الأطباق تسير على الطاولة وتتسلق الحائط
هل سبق أن رأيت مطعما يقدم الطعام على شكل طبق طائر "يو إف أو" (UFO)؟ في منطقة لونغهوا بمدينة شنتشن الصينية، يوجد مطعم فريد من نوعه يعرف باسم المطعم الكوكبي للأبحاث الغذائية "أوربت ون" (Orbit one) الذي يشتهر بطريقة تقديم طعام خيالية وممتعة في الوقت ذاته.
استلهم المطعم تصميمه من حركة الكواكب في الفضاء، ويستخدم تقنية توصيل طعام مبتكرة، حيث يُقدم الأطباق -التي يسميها أطباقا طائرة "يو إف أو"- من خلال مسارات ذكية تشبه مدارات الكواكب لتصل بدقة إلى طاولة الزبون وكأنها قادمة من الفضاء.
ويقول المطعم واصفا نظام عمله "كل طبق يصل إليك وكأنه هدية غامضة من الفضاء"، إذ توضع على الأطباق أغطية سود مضيئة تحاكي شكل مكوك فضائي، وتسير في مسارات منظمة على الطاولة وحتى على الجدران لتصل إلى مكانها المخصص، وبينما تنتظر تحضير طلبك، يمكنك الاستمتاع بمشاهدة الأجواء الفضائية التي يوفرها المطعم، مما يمنحك الشعور بأنك في فيلم خيال علمي.
وعندما تنظر للأعلى سترى حلقات ضوئية متداخلة على شكل دوائر في الظلام تبدو كمسارات الكواكب وهي تدور في الكون، بالإضافة إلى أضواء خافتة تلمع من الجدران البعيدة، حيث لا يمكنك التمييز إن كان ذلك حقيقيا أم مزيفا، ويوفر هذا المطعم تناول الطعام في أجواء مستقبلية وتكنولوجية.
وقد علق أحد الأشخاص الذي زار مطعم "أوربت ون" قائلا "لم أرَ في حياتي مطعما مبتكرا ومدهشا كهذا. في البداية لم أستوعب كيف كان "الصحن الطائر" الذي يحمل أطباقي يتحرك في كل أنحاء المطعم على السطح الزجاجي الثابت ومن ثم يصل إليّ، بدا المطعم وكأنه مجرة في الفضاء، وحتى الكراسي تجعلك تشعر وكأنك تجلس في مركبة فضائية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 أيام
- الجزيرة
سر جنون "اللابوبو".. دمية الوحوش التي غزت العالم وتباع بآلاف الدولارات
لم تعد دمية "لابوبو" حكرا على غرف الأطفال، بل أصبحت قطعة مميزة في إطلالات المشاهير وعالم الموضة. فهذه الدمية الصغيرة ذات الوجه الغريب، التي ظهرت لأول مرة عام 2015 ضمن سلسلة "الوحوش" من إبداع الفنان الهولندي من أصل هونغ كونغي كاسينغ لونغ، تحولت إلى ظاهرة ثقافية وتجارية تخطت الأعمار والحدود، وجذبت اهتمام الإعلام والمشاهير، وجامعي المقتنيات حول العالم. من قصص الأطفال إلى صناديق الكبار صُممت "لابوبو" بالأساس كشخصية في كتب مصورة مستوحاة من الأساطير الإسكندنافية، لكن تصميمها الذي يمزج بين البراءة والغموض -بأذنين ناعمتين وأسنان حادة- فتح لها بابا نحو جمهور مختلف تماما. إذ لم يكن طريق الشهرة ممهدا عبر حملات تسويقية موجهة للأطفال، بل عبر ظهورها في أيدي نجوم كبار مثل ليسا من فرقة "بلاك بينك" (BLACKPINK) وريانا، اللتين شوهدتا مع دمى لابوبو تتدلى من حقائبهما الفاخرة، مما دفع ملايين المتابعين إلى اقتنائها. "لابوبو هي طفلي"، قالتها ليسا في مقابلة مع (Teen Vogue)، لتشعل موجة شغف عالمية. أرقام فلكية وسوق متفجر تباع دمى لابوبو في شكل "صناديق عشوائية" (Blind Boxes)، حيث لا يعرف المشتري أي دمية سيحصل عليها حتى يفتح العبوة. تتراوح أسعارها في المتاجر الآسيوية ما بين 13 و16 دولارا، لكنها تُباع حاليا على مواقع مثل "ستوك إكس" (StockX) و"إي باي" (eBay) بأسعار تفوق التصور: إعلان بعض النماذج الشهيرة تُعرض بسعر 300 دولار، أما الإصدارات النادرة قد تصل إلى 1580 دولارا على موقع "بوب مارت" (Pop Mart). بينما نموذج "سيكريت" (Secret) النادر جدا، الذي تبلغ احتمالية ظهوره 1.4% فقط، يُعرض في مزادات إلكترونية مقابل 1920 دولارا. في حين تباع نسخة "بيغ انتو إنيرجي" (Big Into Energy) على متجر أمازون بسعر 167 دولارا للعلبة، أو 101 دولار للدمية الفردية. وهذا ما يدفع كثيرين للوقوف في طوابير تمتد لساعات -بل أيام- على أمل الفوز بدمية نادرة أو حصرية. صناعة تسويقية محكمة اعتمدت شركة "بوب مارت" على إستراتيجية تسويقية ذكية قائمة على الإصدارات المحدودة والندرة، كما حدث مع دمى "بيني بيبيز" (Beanie Babies) في التسعينيات. كل دفعة جديدة تصدر بعد حملة تشويقية، ثم تُسحب بسرعة من الأسواق، مما يرفع الطلب بشكل كبير ويحوّل سوق المقتنيات إلى جزء أساسي من إستراتيجية الشركة. لكن اللافت في ظاهرة لابوبو أنها ليست موجهة للأطفال، بل للبالغين. تتصدر صورها حسابات مشاهير الموضة، وتناقشها مجلات الرجال مثل "جي كيو" (GQ) كإكسسوار فاخر في حقائب الرجال. على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، وتحصد مقاطع فتح الصناديق ملايين المشاهدات، وتُستخدم وسوم مثل #Labubu لتوثيق مجموعات منسقة بعناية، وغالبا مزودة بأحذية بلاستيكية (تباع بـ22 دولارا) وملابس مصممة خصيصا. لماذا لابوبو الآن؟ تفسّر الأكاديمية الأميركية غوزدي غونكو بيرك لصحيفة الغارديان الأميركية هذه الظواهر بقولها إن الصيحات لا تنشأ من فراغ، بل تعبّر عن قلق ثقافي، وتحولات تكنولوجية، ورغبات مشتركة يصعب التعبير عنها، لكن يسهل التعلق بها. في عالم يعج بعدم اليقين والاستهلاك المفرط، توفر دمية واحدة ذات وجه وحش عزاء عاطفيا ومهربا إلى طفولة مفقودة. "ربما تمثل لابوبو وهم البساطة الذي نحاول أن نتمسك به أمام تعقيدات حياة الكبار".


الجزيرة
منذ 6 أيام
- الجزيرة
"كارما".. عندما تطارد الأفعال أصحابها في دراما كورية آسرة
لا أحد يُبدع في الانتقام مثل الدراما الكورية، هذا ما يؤكده مسلسل "كارما" الذي لن يلبث أن يأخذك ومنذ الدقيقة الأولى في رحلة تشويقية مظلمة ومعقدة، داخل شبكة متداخلة من العنف، قائمة على فكرة "أثر الفراشة" حيث لكل فعل رد فعل يمتد عبر الحبكة ولا يلبث أن يتجلى بقوة غاشمة. لكن أهم ما يبرزه العمل، كيف يمكن للقدر أن تربط خيوطه الخفية بين الغرباء بطرق يعجز خيال المشاهد عن توقعها. كل هذا وأكثر يقدمه مسلسل "كارما" الذي يستعرض لغزا محكما بدقة، يجسد توليفة خطيرة تجمع بين اليأس البشري، والجشع، والعواقب الحتمية والوحشية لاختيارات الإنسان. تبدأ الحبكة بخيوط قصصية منفصلة سرعان ما تندمج مع الوقت لنصبح أمام أحجية مكتملة ومثيرة للرعب النفسي. احترس من الكارما يتتبع مسلسل "كارما" 6 حيوات متشابكة، تتسبب نرجسية أصحابها وإمعانهم في الظلم والضلال وما يتمتعون به من كبرياء مزيف في أن يلقى كل منهم نهاية مروعة لا يتمناها أحد لألد أعدائه. تبدأ الحلقة الأولى بمشهد في مصنع مهجور لرجل يسكب الغاز من حوله قبل أن يشعل أحدهم النيران في المبنى بأكمله، إلا أن رجال الإطفاء سرعان ما يعلنون العثور على رجل حي ضيع الحريق ملامحه. بعدها تعود الأحداث للخلف وتحديدا قبل أسبوعين من ذاك اليوم، فنشهد "بارك جاي يونغ" (لي هي جون) وقد تأخر عن دفع الإيجار لمدة 3 أشهر مما يهدده بالطرد من مسكنه المتواضع، كما أنه يدين لأحدهم بمبلغ ضخم وستذهب حياته ثمنا حرفيا إن لم يُرجعه خلال شهر واحد. بالصدفة يكتشف يونغ أن لوالده بوليصة تأمين على الحياة تُغطي قيمتها ديونه وتفيض، يتفتق ذهنه عن إسناد مهمة قتل والده لزميل سابق بالعمل، إلا أن الأمور لا تسير كما خُطط لها، وتخرج عن السيطرة تماما لا لأبطال الحكاية فحسب وإنما لكل شخص يتقاطع طريقه مع الأبطال الرئيسيين بأي شكل من الأشكال، وهو ما يجري بطرق معقدة ومبتكرة في آن واحد. مما يذكرنا بفيلم "كراش" الحائز الأوسكار من حيث تداخل القصص وتقاطع الحكايات، وفيلم "فارغو" الحائز الأوسكار هو الآخر في ما يتعلق بعواقب الأفعال الدموية والمروعة. مميزات وعيوب سرد قصصي دقيق ومُحكم دون أي مشاهد مهدرة بما يتيح الاستكشاف الدؤوب لويلات القدر والانعطافات الحادة من خلال الاعتماد على السرد غير الخطي حيث تتكشف القصص تدريجيا وتتداخل في نهاية المطاف مما ساعد على خلق جو هائل من الغموض. إخراج وتصوير متقنين مع استخدام أمثل للظلال لخلق أجواء تجمع بين الرهبة والتشاؤم وتتناسب مع الطبيعة البشرية المظلمة التي يسلط العمل الضوء عليها، إيقاع سريع ومفعم بالعاطفة واستخدام أمثل للرجوع بالزمن بما يسمح بالتنقل بين وجهات نظر الشخصيات المختلفة. كل ما سبق إيجابيات فنية لفتت انتباه الجمهور والنقاد لمسلسل "كارما" لكنها ليست المميزات الوحيدة التي حظى بها العمل. تميز المسلسل كذلك بأجواء رائعة من الغموض والإثارة من الدقيقة الأولى وحتى الأخيرة مع قدر عال من التكثيف على مدار 6 حلقات فقط، مما منح الحبكة طابعا معقدا ومليئا بالتوتر مع ضرورة المشاهدة بتركيز للربط بين الشخصيات ومعرفة الصلة بين كل بطل والآخر. وقد برع النجوم في تجسيد الشخصيات، مظهرين تفانيا كبيرا بأدوارهم رغم قصر بعضها، على رأسهم برز بارك هاي سو، كذلك قدمت شين مين آي أداء مؤثر لطبيبة تعاني من ندبات الماضي التعيس واستطاع كيم سونغ كيون إقناع الجمهور بشخصيته الوضيعة والمعقدة. أما عيوب العمل الفنية فاقتصرت على 3 عيوب، الأول يتضمن الإيقاع البطيء بالحلقة الأولى والثانية مما كاد أن يُفقد الجمهور صبرهم بالبداية، والثاني يتعلق بكيف عولجت الشخصيات النسائية بطريقة هشة ومباشرة بما يخدم الأدوار الذكورية عوضا عن أن تكون الشخصيات متكاملة في ذاتها ولها خطها الدرامي الخاص والعميق. أما الثالث فيتمحور حول الطريقة السطحية التي ظهرت عليها غالبية الشخصيات ولم نعرف دوافعها أو ماضيها باستثناء قلة منهم مما لم يسمح للجمهور بالتعلّق بهم أو حب بعض منهم وكره آخرين، وهو ما جعل قطاعا من المشاهدين يصرحون بأن من الأفضل لو كان العمل من 8 حلقات وجرى إضافة بعض التفاصيل والعمق للشخصيات لتصبح الحبكة أكثر تماسكا والشخصيات ثرية وقادرة على التطور. وعن ردود فعل المشاهدين عبر منصات التواصل الاجتماعي فقد تنوعت، إذ حاول بعض متابعي العمل تحليل النهاية التي بدت ملتوية بعد أن فلت البعض دون عقاب في حين عُوقب آخرون بأكثر مما يجب، وهناك من شرعوا يرسمون رسومات توضيحية لشرح العلاقات المعقدة بين الأبطال. في حين وصف آخرون العمل بالدراما المجنونة والمُسببة للقلق، حيث الرقصة الساحرة بين القرارات والعواقب. إضافة للدراما الكورية يعتبر مسلسل "كارما" إضافة قيمة لقائمة الدراما الكورية الجنوبية المتميزة في فئة الجريمة والإثارة، على الرغم من الملاحظات حول الإيقاع وتطوير الشخصيات، فإن المسلسل يقدم تجربة مشاهدة آسرة ومثيرة للتفكير بفضل قصته المعقدة، والأداء التمثيلي القوي، والإخراج الفني المتقن. مسلسل "كارما" قصة شيقة عن الجشع والجزاء الرادع، مناسب لمحبي الإثارة أو عشاق النجم بارك هي سو بطل "لعبة الحبار"، لكنه بالوقت نفسه غير مناسب لمن لا يرغبون بمشاهدة لقطات عنيفة مليئة بالدم والجثث، ولا لمن هم دون 16 عاما كونه يتناول حوادث مثل الاغتصاب والمخدرات. العمل سريع الإيقاع، ومن أفضل الدراما الكورية التي صدرت بالنصف الأول من العام مما يجعله يحظى بفرصة لتحقيق بعض الأرقام القياسية بالمشاهدة، جدير بالذكر أن العمل لا يقدم أي إجابات بالنهاية بقدر ما يأتي الختام دمويا وفوضويا، وإن كان يحتمل سرده القصصي لأن يكون نواة لسلسلة تتمحور حول الفكرة الرئيسية نفسها بأبطال وقصص مختلفين. "كارما" مسلسل كوري قصير من 6 حلقات، مقتبس من قصة "ويب تون" الشهيرة "أكيون" والذي يُترجم عنوانها إلى "علاقة مشؤومة"، تأليف وإخراج إيل هيونغ لي، وبطولة نجوم كوريين معروفين هم بارك هاي سو، شين مين آي، لي هي-جون، كيم سونغ كيون، لي كوانغ سو، وغونغ سونغ يون.


الجزيرة
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
الصين بعيون مغربية: هكذا عرفتُ الصين.. مُشاهدات أول طالب مغربي
في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يحكي لنا الكاتب، الطبيب المغربي الدكتور محمد خليل، عن الصين التي لا نعرفها، الناس وطقوس حياتهم اليومية، وحركة تنقلهم في الشوارع، ومدن ومعالم كأننا نقرأ عنها للمرة الأولى، حيث سرد المؤلف فصول ومحطات رحلته بلغة تشم فيها رائحة الأماكن، وعبق التاريخ. يقول الدكتور محمد خليل، وهو يروي لنا يومياته ومشاهداته في الصين: "اللافت للنظر حين تمر بالطرقات، هو اللباس الموحد للناس رجالاً ونساء، كلهم يرتدون لباس "ماو" ذا لون أزرق أو رمادي، وعلى رؤوسهم قبعات من لون البدل نفسه، ويتنقل معظمهم على دراجات هوائية". ويسرد لنا "خليل" كيف شعر بالرهبة حين زار ضريح الزعيم ماو وحين شاهد موميائه المحنطة: "يظهر الزعيم ماو محنطا، وكأنه نائم بلباسه المعروف. لا يُسمح بالوقوف أو أخذ الصور عنده، والحقيقة، أن هذه الزيارة لا تزال محفورة في ذاكرتي، نظرا للرهبة التي يشعر بها المرء حين دخوله الضريح خصوصا عندما يشاهد لأول مرة إنسانا محنطاً. ويحكي مؤلف الكتاب عن الجامع الكبير في شيان، الذي يُعد أول مسجد في الصين، شُيّد على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً على شكل قصر إمبراطوري، بناه الإمبراطور شیان رونغ من سلالة تانغ سنة 742م. في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وأهدى الإمبراطور هذا الصرح الإسلامي للتجار المسلمين الذين تزوجوا من الصينيين. وهكذا تتنوّع الموضوعات وتتعدد الحكايات في كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، لمؤلفه الدكتور محمد خليل، الذي كان أول طالب مغربي تطأ أقدامه أرض الصين، تلك البلاد البعيدة عن عالمنا العربي. أفكار وذكريات الكتاب الذي صدر عن دارة السويدي بأبوظبي، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، حمل نصوصاً لافته أهّلته للفوز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، في دورتها الثانية والعشرين لعام 2024، في فرع الرحلة المعاصرة. وقد دوّن الكاتب المغربي الدكتور محمد خليل، مشاهداته باعتباره أول طالب مغربي في الصين، وأول طبيب مغربي جمع بين الطب الغربي والطب التقليدي الصيني؛ بهدف الإجابة عن كثير من الأسئلة التي كانت تُطرح عن رحلته إلى الصين، مثل: كيف فكرت في الذهاب إلى أقصى مكان في العالم للدراسة؟ وكيف قضيت حياتك الدراسية هناك؟ وكيف كان تعامل الصينيين معك؟ وكيف كانت معيشتك في الصين؟.. ولماذا لم تكتب معايشتك تلك الأحداث؟ وغير ذلك من الأسئلة، ومن هنا جاءت فكرة الكتاب الذي سعى فيه مؤلفه إلى تجميع أفكاره وسرد ذكرياته في الصين وتوثيقها في كتاب يسرد فيه المؤلف تفاصيل ما شاهده وعايشه في الصين وفي الدول المجاورة التي تمكن من زيارتها. وحين بدأ الدكتور محمد خليل، في نبش ذاكرته واسترجاع ذكرياته ومشاهداته خلال فترة دراسته في الصين، ليبدأ في تدوين كتابه الذي بين أيدينا، بدأ بالنظر إلى ما لديه من ألبومات صور التقطت في تلك الفترة، والصور التي تحمل تواريخ التقاطها، كما راجع الرسائل التي أرسلها إلى عائلته، والتي كان يقص فيها بعضاً من جوانب حياته اليومية في الغربة، لكن المدهش كما يؤكد لنا "خليل" في صفحات كتابه، هو أنه ما أن بدأ الكتابة في أولى صفحات كتابه، حتى بدأت مخيلته تستحضر أسماء الأماكن التي زارها والأشخاص الذين التقاهم أثناء إقامته في الصين، حيث استحضر مواقف ومشاهد لم يكن يتوقع أن تبقى عالقة بذاكرته. الإصلاح والانفتاح وتطرق الدكتور محمد خليل في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، إلى مسيرته الدراسية في الصين، وإلى حال المجتمع الصيني آنذاك، وإلى الحالة السياسية والثقافية بالصين في ثمانينيات القرن الماضي، وبداية الإصلاح والانفتاح أثناء فترة دينغ شياو بينغ. وسرد المؤلف مشاهداته للأماكن التي تجول فيها في الصين، والدول التي زارها أثناء العطل الدراسية، كما تناول المؤلف في كتابه فترة ما بعد الدراسة ورجوعه إلى وطنه المغرب، ثم عودته إلى الصين من جديد بعد اثنتي عشرة سنة من مغادرتها، وحكى للقارئ عن التغيير الكبير الذي طرأ في الصين وكان شاهدا على تفاصيله. كما تحدث عن ارتباطه بالصين، ورئاسته جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، وهي التجربة التي تكللت بحصوله على جائزة المساهمات المميزة للصداقة الصينية العربية، وهي الجائزة التي تسلمها من الرئيس الصيني شي جين بينغ. وبحسب المقدمة التي تصدرت صفحات الكتاب، والتي كتبها المستعرب الصيني الدكتور وانغ يويونغ، فإن كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يأتي ليكون بمثابة فيلم وثائقي يعج بتفاصيل تستعرض مسيرة الكاتب العلمية في الصين، وتتناول دقائق حياته اليومية في معهد اللغات الأجنبية ثم في كلية الطب التقليدي الصيني، وتصف التغيرات الكبيرة والتطورات، التي شهدها المجتمع الصيني طوال العقود التي قضاها المؤلف في علاقته بالصين، طالبا مقيماً تارة، وتارة أخرى سائحاً. وهكذا كان مؤلف الكتاب الدكتور محمد خليل، الذي فاز بجائزة المساهمات المميّزة للصداقة الصينية العربية، بفضل أدواره الفعّالة في تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة المغربية وجمهورية الصين، وإسهاماته في تعميم الطب التقليدي الصيني في وطنه المغرب، شاهداً على التطوّرات التي مرت بها الصين منذ بداية الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي وعلى مدار عقود تالية. بين صينيْن ووصف المؤلف الدكتور محمد خليل، الفترة التي قضاها طالبا في الصين، بأنها جاءت متزامنة مع بداية مرحلة الإصلاح والانفتاح التي أعلن عنها الرئيس دينغ شياو بينغ، مُعتبراً رحلته، أنها كانت "رحلة بين صينيْن غير صنوين، هما صين الأمس وصين اليوم". وخلص "خليل" إلى ضرورة التواصل والتعايش بين بني البشر بمختلف مللهم ونحلهم وألسنتهم وألوانهم، والإيمان بشرعية الاختلاف واحترام الآخر. وكذلك ضرورة السعي المشترك لدعم التعددية والوصول إلى عالم أكثر انسجامًا وتقاربًا، واحترام تنوّع حضارات العالم وتعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ومنح مزيد من الاهتمام للميراث الحضاري الإنساني، وتعزيز التبادلات، وتجاوز الحواجز بين الحضارات عن طريق تعزيز التبادل الحضاري وتجاوز صراع الحضارات. وأورد الكتاب بعضاً من تاريخ الصين، واستحضر جانبا من رحلة الرحّالة العربي ابن بطوطة إليها، والتي دوّن تفاصيلها في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ونقل ما قاله ابن بطوطة عن حرص الصينيّين عبر التاريخ على الزائر والتاجر الأجنبي، وسجّل مظاهر رعايتهم الفقراء والمساكين، واهتمام المسلمين الصينيين ودعمهم أشقائهم من المسلمين القادمين إلى الصين من بلدان العالم العربي والإسلامي، ولفت إلى أن الصين من أكثر البلاد أمناً وأحسنها حالاً للمسافرين، وأنّ أهل الصين أعظم الأمم إحكاما للصناعات، وأشدهم إتقانا فيها.