logo
الصين بعيون مغربية: هكذا عرفتُ الصين.. مُشاهدات أول طالب مغربي

الصين بعيون مغربية: هكذا عرفتُ الصين.. مُشاهدات أول طالب مغربي

الجزيرة١٢-٠٥-٢٠٢٥

في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يحكي لنا الكاتب، الطبيب المغربي الدكتور محمد خليل، عن الصين التي لا نعرفها، الناس وطقوس حياتهم اليومية، وحركة تنقلهم في الشوارع، ومدن ومعالم كأننا نقرأ عنها للمرة الأولى، حيث سرد المؤلف فصول ومحطات رحلته بلغة تشم فيها رائحة الأماكن، وعبق التاريخ.
يقول الدكتور محمد خليل، وهو يروي لنا يومياته ومشاهداته في الصين: "اللافت للنظر حين تمر بالطرقات، هو اللباس الموحد للناس رجالاً ونساء، كلهم يرتدون لباس "ماو" ذا لون أزرق أو رمادي، وعلى رؤوسهم قبعات من لون البدل نفسه، ويتنقل معظمهم على دراجات هوائية".
ويسرد لنا "خليل" كيف شعر بالرهبة حين زار ضريح الزعيم ماو وحين شاهد موميائه المحنطة: "يظهر الزعيم ماو محنطا، وكأنه نائم بلباسه المعروف. لا يُسمح بالوقوف أو أخذ الصور عنده، والحقيقة، أن هذه الزيارة لا تزال محفورة في ذاكرتي، نظرا للرهبة التي يشعر بها المرء حين دخوله الضريح خصوصا عندما يشاهد لأول مرة إنسانا محنطاً.
ويحكي مؤلف الكتاب عن الجامع الكبير في شيان، الذي يُعد أول مسجد في الصين، شُيّد على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً على شكل قصر إمبراطوري، بناه الإمبراطور شیان رونغ من سلالة تانغ سنة 742م. في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وأهدى الإمبراطور هذا الصرح الإسلامي للتجار المسلمين الذين تزوجوا من الصينيين.
وهكذا تتنوّع الموضوعات وتتعدد الحكايات في كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، لمؤلفه الدكتور محمد خليل، الذي كان أول طالب مغربي تطأ أقدامه أرض الصين، تلك البلاد البعيدة عن عالمنا العربي.
أفكار وذكريات
الكتاب الذي صدر عن دارة السويدي بأبوظبي، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، حمل نصوصاً لافته أهّلته للفوز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، في دورتها الثانية والعشرين لعام 2024، في فرع الرحلة المعاصرة.
وقد دوّن الكاتب المغربي الدكتور محمد خليل، مشاهداته باعتباره أول طالب مغربي في الصين، وأول طبيب مغربي جمع بين الطب الغربي والطب التقليدي الصيني؛ بهدف الإجابة عن كثير من الأسئلة التي كانت تُطرح عن رحلته إلى الصين، مثل: كيف فكرت في الذهاب إلى أقصى مكان في العالم للدراسة؟ وكيف قضيت حياتك الدراسية هناك؟ وكيف كان تعامل الصينيين معك؟ وكيف كانت معيشتك في الصين؟.. ولماذا لم تكتب معايشتك تلك الأحداث؟ وغير ذلك من الأسئلة، ومن هنا جاءت فكرة الكتاب الذي سعى فيه مؤلفه إلى تجميع أفكاره وسرد ذكرياته في الصين وتوثيقها في كتاب يسرد فيه المؤلف تفاصيل ما شاهده وعايشه في الصين وفي الدول المجاورة التي تمكن من زيارتها.
وحين بدأ الدكتور محمد خليل، في نبش ذاكرته واسترجاع ذكرياته ومشاهداته خلال فترة دراسته في الصين، ليبدأ في تدوين كتابه الذي بين أيدينا، بدأ بالنظر إلى ما لديه من ألبومات صور التقطت في تلك الفترة، والصور التي تحمل تواريخ التقاطها، كما راجع الرسائل التي أرسلها إلى عائلته، والتي كان يقص فيها بعضاً من جوانب حياته اليومية في الغربة، لكن المدهش كما يؤكد لنا "خليل" في صفحات كتابه، هو أنه ما أن بدأ الكتابة في أولى صفحات كتابه، حتى بدأت مخيلته تستحضر أسماء الأماكن التي زارها والأشخاص الذين التقاهم أثناء إقامته في الصين، حيث استحضر مواقف ومشاهد لم يكن يتوقع أن تبقى عالقة بذاكرته.
الإصلاح والانفتاح
وتطرق الدكتور محمد خليل في كتابه "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، إلى مسيرته الدراسية في الصين، وإلى حال المجتمع الصيني آنذاك، وإلى الحالة السياسية والثقافية بالصين في ثمانينيات القرن الماضي، وبداية الإصلاح والانفتاح أثناء فترة دينغ شياو بينغ.
وسرد المؤلف مشاهداته للأماكن التي تجول فيها في الصين، والدول التي زارها أثناء العطل الدراسية، كما تناول المؤلف في كتابه فترة ما بعد الدراسة ورجوعه إلى وطنه المغرب، ثم عودته إلى الصين من جديد بعد اثنتي عشرة سنة من مغادرتها، وحكى للقارئ عن التغيير الكبير الذي طرأ في الصين وكان شاهدا على تفاصيله.
كما تحدث عن ارتباطه بالصين، ورئاسته جمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية، وهي التجربة التي تكللت بحصوله على جائزة المساهمات المميزة للصداقة الصينية العربية، وهي الجائزة التي تسلمها من الرئيس الصيني شي جين بينغ.
وبحسب المقدمة التي تصدرت صفحات الكتاب، والتي كتبها المستعرب الصيني الدكتور وانغ يويونغ، فإن كتاب "هكذا عرفتُ الصين: مُشاهدات أول طالب مغربي"، يأتي ليكون بمثابة فيلم وثائقي يعج بتفاصيل تستعرض مسيرة الكاتب العلمية في الصين، وتتناول دقائق حياته اليومية في معهد اللغات الأجنبية ثم في كلية الطب التقليدي الصيني، وتصف التغيرات الكبيرة والتطورات، التي شهدها المجتمع الصيني طوال العقود التي قضاها المؤلف في علاقته بالصين، طالبا مقيماً تارة، وتارة أخرى سائحاً.
وهكذا كان مؤلف الكتاب الدكتور محمد خليل، الذي فاز بجائزة المساهمات المميّزة للصداقة الصينية العربية، بفضل أدواره الفعّالة في تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة المغربية وجمهورية الصين، وإسهاماته في تعميم الطب التقليدي الصيني في وطنه المغرب، شاهداً على التطوّرات التي مرت بها الصين منذ بداية الانفتاح في سبعينيات القرن الماضي وعلى مدار عقود تالية.
بين صينيْن
ووصف المؤلف الدكتور محمد خليل، الفترة التي قضاها طالبا في الصين، بأنها جاءت متزامنة مع بداية مرحلة الإصلاح والانفتاح التي أعلن عنها الرئيس دينغ شياو بينغ، مُعتبراً رحلته، أنها كانت "رحلة بين صينيْن غير صنوين، هما صين الأمس وصين اليوم".
وخلص "خليل" إلى ضرورة التواصل والتعايش بين بني البشر بمختلف مللهم ونحلهم وألسنتهم وألوانهم، والإيمان بشرعية الاختلاف واحترام الآخر. وكذلك ضرورة السعي المشترك لدعم التعددية والوصول إلى عالم أكثر انسجامًا وتقاربًا، واحترام تنوّع حضارات العالم وتعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ومنح مزيد من الاهتمام للميراث الحضاري الإنساني، وتعزيز التبادلات، وتجاوز الحواجز بين الحضارات عن طريق تعزيز التبادل الحضاري وتجاوز صراع الحضارات.
وأورد الكتاب بعضاً من تاريخ الصين، واستحضر جانبا من رحلة الرحّالة العربي ابن بطوطة إليها، والتي دوّن تفاصيلها في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ونقل ما قاله ابن بطوطة عن حرص الصينيّين عبر التاريخ على الزائر والتاجر الأجنبي، وسجّل مظاهر رعايتهم الفقراء والمساكين، واهتمام المسلمين الصينيين ودعمهم أشقائهم من المسلمين القادمين إلى الصين من بلدان العالم العربي والإسلامي، ولفت إلى أن الصين من أكثر البلاد أمناً وأحسنها حالاً للمسافرين، وأنّ أهل الصين أعظم الأمم إحكاما للصناعات، وأشدهم إتقانا فيها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة
معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة

الجزيرة

timeمنذ 18 ساعات

  • الجزيرة

معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة

اختتمت وزارة الثقافة مساء الجمعة فعاليات الدورة الـ34 من معرض الدوحة الدولي للكتاب، التي أقيمت في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات خلال الفترة من 8 إلى 17 مايو/أيار الجاري، تحت شعار: "من النقش إلى الكتابة". وقد سجل المعرض في نسخته الحالية حضورًا جماهيريًا كثيفًا، ومشاركة بلغت نحو 522 دار نشر وجهة من 42 دولة، بينها ولأول مرة 11 ناشرًا من دولة فلسطين، إلى جانب مكتبات شارع الحلبوني الشهيرة من سوريا، ودور نشر من الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد بلغ عدد العناوين المدرجة في دليل إصدارات المعرض نحو 166 ألف عنوان، مما يعكس الزخم الكبير في تنوع وتعدد المحتوى المعرفي المشارك. كما شهد المعرض حضورًا فاعلًا لمؤسسات رسمية وخاصة، ووزارات وهيئات دبلوماسية معتمدة في قطر، وكانت دولة فلسطين ضيف شرف هذه الدورة. من جانبه، عبّر مدير معرض الدوحة الدولي للكتاب جاسم أحمد البوعينين، عن سعادته الكبيرة بما حققته الدورة من إشادة ومشاركة واسعة، مؤكدًا أن أعداد الزوار "فاقت التوقعات وتجاوزت أضعاف أعداد الدورة الماضية، مع تزايد ملحوظ بشكل يومي، لا سيما في الأيام الأخيرة". وأشار البوعينين إلى أن المعرض هذا العام شهد إطلاق جائزة معرض الدوحة الدولي للكتاب، والإعلان عن الفائزين بفئاتها المختلفة، منها جائزة أفضل جناح في منطقة الطفل، التي حظيت بتفاعل كبير من العائلات لما قدمته من برامج إبداعية عززت حب القراءة لدى الناشئة. كما أشار إلى أن من أبرز مخرجات المعرض، نجاح مبادرة الترجمة التي أطلقتها وزارة الثقافة بالتزامن مع الافتتاح، حيث تم توقيع نحو 100 اتفاقية بين دور نشر قطرية ومؤسسات دولية لترجمة عدد من الكتب القطرية إلى لغات أخرى. من النقش إلى الكتابة أوضح البوعينين أن البرنامج الثقافي المصاحب جاء منسجمًا مع شعار المعرض، وقد أثرى حضور فلسطين كضيف شرف البعد الثقافي والإنساني من خلال جناح متميز وبرنامج نوعي يعكس تنوع الثقافة الفلسطينية وعمقها التاريخي. وشهدت أروقة المعرض تنظيم عدد كبير من الندوات الفكرية، واللقاءات الأدبية، والأمسيات الشعرية، والورش المتنوعة، التي استهدفت تطوير المهارات وتحفيز الإبداع لدى الزوار من مختلف الأعمار. وفيما يتعلق بمشاركة الأطفال، فقد تحوّلت المساحة المخصصة لهم إلى واحة تفاعلية تجمع بين التعليم والترفيه، وعززت حضور العائلات في أجواء ثقافية دافئة. كما نوّه البوعينين بالدعم اللوجستي الكبير الذي قدمته اللجنة المنظمة للناشرين، بما يشمل الشحن، والتخليص الجمركي، والنقل، وتوفير الخدمات كافة. وقال البوعينين "المعرض لم يعد مجرد منصة لعرض الكتب، بل مشروع ثقافي متكامل يعكس رؤية دولة قطر في ترسيخ ثقافة القراءة وتعزيز المعرفة، ونحن فخورون بما تحقق، ونتطلع إلى البناء عليه في النسخ المقبلة". فعاليات ومعارض للأطفال وتزامنًا مع المعرض، أطلقت وزارة الثقافة جائزة معرض الدوحة الدولي للكتاب التي ضمت عدة فئات: الناشر المتميز (محلي ودولي)، الناشر المتميز في كتب الأطفال (محلي ودولي)، فئة الإبداع للكاتب، فئة الكاتب الشاب القطري، بهدف دعم حركة النشر وتشجيع التأليف والإبداع. كما خصصت مساحة كبيرة لإصدارات الأطفال والناشئة، بمشاركة بارزة لدور النشر المعنية بأدب الطفل، ونُظمت مجموعة غنية من الأنشطة التفاعلية التي استهدفت تنمية مواهب الأطفال، وتشجيعهم على حب القراءة والاستكشاف. وعلى المسرح الرئيس للمعرض أقيمت ندوات فكرية، ومحاضرات ثقافية، وأمسيات شعرية، وعروض مسرحية، بالإضافة إلى ورش متنوعة ثقافيًا واجتماعيًا ومهنيًا، شارك فيها عدد من الأدباء والمفكرين والفنانين والباحثين من داخل وخارج قطر. وقد حرصت اللجنة المنظمة للمعرض على تقديم تصاميم جديدة لمساحات العرض، حيث توسطت "المنطقة المركزية" الفعالية، فيما عرض جناح وزارة الثقافة إصدارات متميزة للمؤلفين القطريين إلى جانب كتب الوزارة، كما تم تدشين طابعة رقمية لطباعة الكتب مباشرة أمام الجمهور. ويؤكد هذا المعرض -وفق بيان وزارة الثقافة- سعي الدولة الدؤوب إلى دعم صناعة النشر، وتوسيع دائرة التأثير الثقافي، وتوفير منصات إبداعية تسلط الضوء على الإنتاج المعرفي الوطني والعربي والدولي. قصتي والذكاء الاصطناعي أعلن ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، التابع لوزارة الثقافة، أسماء الفائزين في مسابقة "قصتي والذكاء الاصطناعي"، التي نُظّمت بالتعاون مع جامعة لوسيل، احتفاءً باليوم العالمي للكتاب، وتشجيعًا للأقلام الشابة على التجريب والإبداع في فضاء القصة القصيرة. وبهذه المناسبة، قال السيد جاسم أحمد البوعينين، مدير ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، إن المسابقة تمثل مبادرة ملهمة تنبع من إيمان وزارة الثقافة بأهمية دعم الإبداع الأدبي في أوساط الشباب، وتندرج ضمن توجهاتها لتمكين الطلبة من التعبير عن ذواتهم بأساليب حديثة تتماشى مع تحولات العصر. وأوضح أن إطلاق المسابقة جاء في إطار اليوم العالمي للكتاب، لتكون جسرًا بين الخيال الأدبي والتقنيات المعاصرة، وتعكس جهود الوزارة المستمرة في تعزيز الإنتاج الأدبي الوطني، خاصة من فئة الشباب، وتمكينهم من توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في إثراء كتاباتهم بأساليب أصيلة ومبتكرة. من جانبه، وصف الدكتور محمد الشريدة، عميد كلية تكنولوجيا المعلومات بجامعة لوسيل، المسابقة بأنها نموذج فريد لدمج الأدب بالتقنية والخيال، وأكد أن ما قدمه الطلبة من نصوص جسّد وعيًا إبداعيًا عاليًا، وقدرة على التعبير النقدي والوجداني باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن المبادرة لا تهدف إلى استبدال الإبداع البشري بالتكنولوجيا، وإنما تعزيز التكامل بين العقل والآلة، وتدريب الأجيال الجديدة على استخدام الوسائل الحديثة بشكل واعٍ ومسؤول في خدمة الكتابة والتعبير الثقافي. وختم الشريدة بالإشادة بالمستوى الفني والتقني للقصص الفائزة، التي أظهرت أن الذكاء الاصطناعي، حين يُستخدم بذكاء بشري، يمكن أن يصبح أداة قوية لتوسيع أفق الخيال، وتجديد أساليب الحكي، وتحفيز التعبير الإنساني في زمن سريع التحوّل. وتأتي هذه المسابقة ضمن جهود وزارة الثقافة لإشراك المجتمع الأكاديمي في المشاريع الأدبية والثقافية، وتحفيز جيل جديد من الكتّاب الشباب، يجمعون بين الإبداع الكلاسيكي وروح العصر الرقمي.

السياسة قبل الرواية والشعر في الدورة الـ66 لمعرض بيروت للكتاب
السياسة قبل الرواية والشعر في الدورة الـ66 لمعرض بيروت للكتاب

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

السياسة قبل الرواية والشعر في الدورة الـ66 لمعرض بيروت للكتاب

لاحظ عدد من الناشرين المشاركين في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، الذي افتُتِحت دورته الـ66، أنّ للمؤلفات السياسية حضورا بارزا في هذه النسخة من الحدث الثقافي اللبناني، وأن اهتمام القراء بات يميل أكثر إلى هذا النوع بعدما كان الطلب ينصبّ على الرواية والشعر. ويواصِل عدد دور النشر المُشاركة في المعرض هذه السنة الارتفاع، مقارنة بالأعوام الأخيرة منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان وجائحة كورونا، على ما أفاد المنظمون. وأكدت رئيسة النادي الثقافي العربي، الذي يُنظم المعرض منذ العام 1956، سلوى السنيورة بعاصيري أن من بين دور النشر الـ134 المُشاركة في هذه الدورة التي تمتد إلى 25 مايو/أيار الجاري، جهات عربية عدة، من قطر والإمارات ومصر والأردن وسوريا، ومعهد العالم العربي في باريس ، إلى جانب الحضور المحلي. وأوضحت بعاصيري -في تصريحها لوكالة الصحافة الفرنسية- أن إحجام دور النشر العربية عن المشاركة في الدورات الأخيرة كان "لأسباب أمنية، إذ إن الظروف في لبنان كانت حتى القريب غير مواتية لهذا الحضور"، لكنّ "الجميع يشعر الآن أن ثمة مناخا مختلفا". وقال المدير العام لدار "الشروق" المصرية أحمد بدير "انقطعنا (عن المشاركة) لأعوام لكنّ تأليف الحكومة الجديدة شكّل لنا دافعا للعودة بقوة". وتوقعت بعاصيري "أن يزيد الحضور العربي في الدورة المقبلة" وأن يكون "كثيفا". إعلان "بيروت لن تتخلى عن الثقافة" وشدّد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، في افتتاح الدورة الـ66 الأربعاء، على أن " بيروت لم ولن تتعب من حمل راية الثقافة رغم كل الجراح". وذكّر سلام المعروف بشغفه بالمطالعة وقال عنه عريف الحفل الإعلامي زافين قيومجيان إن "منزله معرض كتاب"، بأن المعرض "تقليد راسخ يعكس نبض بيروت الثقافي وتراثها الفكري ودورها التاريخي كعاصمة عريقة للمعرفة والإبداع". وفي جناح دار "النهار" التي عرضت مؤلفاتها الجديدة، ومن أبرزها كُتب عن العلاقات بين بيروت وطهران وعن الشأن السياسي اللبناني، قالت المديرة الإدارية للدار العريقة كارلا قرقفي زيادة "نحن نحب المعارض، لأنّ فيها تفاعلا مع القارئ، لا يهمنا ما سنجنيه من أرباح، لكن نحب أن نحافظ على هذا التفاعل". ولاحظت المسؤولة عن "دار رياض الريس" فاطمة الريس أن "القارئ كان يهتم لسنوات بالرواية والشعر، لكنه اليوم بات يميل إلى الكتب التي تطرح مواضيع فكرية وسياسية". وتشكّل المؤلفات السياسية 80% من إصدارات دار "سائر المشرق" التي كانت تشهد مثلا في يوم الافتتاح توقيع كتاب للباحث محمد عبد الجليل غزيّل، يتناول "دور رئيس مجلس الوزراء في بناء الهوية الوطنية وقيادة الإصلاحات السياسية والاقتصادية"، على ما أوضح. ومن الإصدارات في المعرض كتاب عن مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام موسى الصدر، الذي كان قبل اختفائه عام 1978 أحد أبرز الشخصيات الشيعية في لبنان، وقالت شقيقته ورئيس المؤسسة التي تحمل اسمه رباب الصدر إن الكتاب يتناول موضوع الاعتصام الذي أقامه الإمام الصدر في أحد المساجد عام 1975 للدعوة إلى وقف الحرب الأهلية. ورأت أستاذة القانون والكاتبة ندى شاوول أن "معرض الكتاب العربي يتأثر أكثر من سواه بالمسائل السياسية والسوسيولوجية ويتفاعل أكثر مع الأحداث". وتشارك شاوول في إدارة نقاش عن مؤسسة "الندوة اللبنانية" التي أدت ما بين 1946 و1984 "دورا تثقيفيا في حقبة من تاريخ لبنان المضيء"، حسب بعاصيري، وهي واحدة من نحو 60 نشاطا مماثلا خلال المعرض. وأشارت بعاصيري إلى أن من أبرز الندوات الأخرى، واحدة عن المسرح، وأخرى عن الكاتب الراحل إلياس خوري، وسواهما مثلا عن مئوية الأديب للبناني سليمان البستاني المعروف بترجمته "الإلياذة"، وعن الأديب والمؤرخ والرحّالة أمين الريحاني في الذكرى المئوية لكتابه "ملوك العرب"، إضافة إلى واحدة عن المطربة أم كلثوم. مساحة مفتوحة لفنون الكتاب وتتمحور إحدى الندوات على إمام بيروت وسائر الشّام عبد الرحمن الأوزاعي في الذكرى الـ1250 لوفاته، "لِما عُرف عنه من تسامح ديني ونهج إصلاحي". وهذه الندوات تندرج ضمن توجه المعرض، حسب بعاصيري، إلى "ألا يقتصر على كونه منصة للكتاب، بل أيضا مساحة مفتوحة لفنون الكتاب وما يدور في فلكه"، على ما شرحت في كلمتها الافتتاحية. وأشارت في تصريحها إلى أن ما يميّز هذه النسخة "التركيز على المعارض الفنية المختصة" التي يصل عددها إلى ستة، يلقي أحدها الضوء على "دور مدينة طرابلس الثقافي والمعرفي"، ويتناول آخر تطور السينما في لبنان من خلال الملصقات، ويستعيد ثالث محطات المعرض نفسه منذ نشأته، إضافة إلى آخر عن رسوم كاريكاتورية متعلقة بغزة. ولأن "الثقافة متعددة الأوجه، وهي فن وموسيقى وكتابة وتأليف وشعر"، على قول بعاصيري، طعّم المعرض برنامجه بعدد من الحفلات الموسيقية، يُحيي إحداها عازف البيانو الفرنسي اللبناني عبد الرحمن الباشا في مناسبة مرور مئة عام على ولادة والده المؤلف الموسيقي توفيق الباشا.

سر جنون "اللابوبو".. دمية الوحوش التي غزت العالم وتباع بآلاف الدولارات
سر جنون "اللابوبو".. دمية الوحوش التي غزت العالم وتباع بآلاف الدولارات

الجزيرة

timeمنذ 5 أيام

  • الجزيرة

سر جنون "اللابوبو".. دمية الوحوش التي غزت العالم وتباع بآلاف الدولارات

لم تعد دمية "لابوبو" حكرا على غرف الأطفال، بل أصبحت قطعة مميزة في إطلالات المشاهير وعالم الموضة. فهذه الدمية الصغيرة ذات الوجه الغريب، التي ظهرت لأول مرة عام 2015 ضمن سلسلة "الوحوش" من إبداع الفنان الهولندي من أصل هونغ كونغي كاسينغ لونغ، تحولت إلى ظاهرة ثقافية وتجارية تخطت الأعمار والحدود، وجذبت اهتمام الإعلام والمشاهير، وجامعي المقتنيات حول العالم. من قصص الأطفال إلى صناديق الكبار صُممت "لابوبو" بالأساس كشخصية في كتب مصورة مستوحاة من الأساطير الإسكندنافية، لكن تصميمها الذي يمزج بين البراءة والغموض -بأذنين ناعمتين وأسنان حادة- فتح لها بابا نحو جمهور مختلف تماما. إذ لم يكن طريق الشهرة ممهدا عبر حملات تسويقية موجهة للأطفال، بل عبر ظهورها في أيدي نجوم كبار مثل ليسا من فرقة "بلاك بينك" (BLACKPINK) وريانا، اللتين شوهدتا مع دمى لابوبو تتدلى من حقائبهما الفاخرة، مما دفع ملايين المتابعين إلى اقتنائها. "لابوبو هي طفلي"، قالتها ليسا في مقابلة مع (Teen Vogue)، لتشعل موجة شغف عالمية. أرقام فلكية وسوق متفجر تباع دمى لابوبو في شكل "صناديق عشوائية" (Blind Boxes)، حيث لا يعرف المشتري أي دمية سيحصل عليها حتى يفتح العبوة. تتراوح أسعارها في المتاجر الآسيوية ما بين 13 و16 دولارا، لكنها تُباع حاليا على مواقع مثل "ستوك إكس" (StockX) و"إي باي" (eBay) بأسعار تفوق التصور: إعلان بعض النماذج الشهيرة تُعرض بسعر 300 دولار، أما الإصدارات النادرة قد تصل إلى 1580 دولارا على موقع "بوب مارت" (Pop Mart). بينما نموذج "سيكريت" (Secret) النادر جدا، الذي تبلغ احتمالية ظهوره 1.4% فقط، يُعرض في مزادات إلكترونية مقابل 1920 دولارا. في حين تباع نسخة "بيغ انتو إنيرجي" (Big Into Energy) على متجر أمازون بسعر 167 دولارا للعلبة، أو 101 دولار للدمية الفردية. وهذا ما يدفع كثيرين للوقوف في طوابير تمتد لساعات -بل أيام- على أمل الفوز بدمية نادرة أو حصرية. صناعة تسويقية محكمة اعتمدت شركة "بوب مارت" على إستراتيجية تسويقية ذكية قائمة على الإصدارات المحدودة والندرة، كما حدث مع دمى "بيني بيبيز" (Beanie Babies) في التسعينيات. كل دفعة جديدة تصدر بعد حملة تشويقية، ثم تُسحب بسرعة من الأسواق، مما يرفع الطلب بشكل كبير ويحوّل سوق المقتنيات إلى جزء أساسي من إستراتيجية الشركة. لكن اللافت في ظاهرة لابوبو أنها ليست موجهة للأطفال، بل للبالغين. تتصدر صورها حسابات مشاهير الموضة، وتناقشها مجلات الرجال مثل "جي كيو" (GQ) كإكسسوار فاخر في حقائب الرجال. على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، وتحصد مقاطع فتح الصناديق ملايين المشاهدات، وتُستخدم وسوم مثل #Labubu لتوثيق مجموعات منسقة بعناية، وغالبا مزودة بأحذية بلاستيكية (تباع بـ22 دولارا) وملابس مصممة خصيصا. لماذا لابوبو الآن؟ تفسّر الأكاديمية الأميركية غوزدي غونكو بيرك لصحيفة الغارديان الأميركية هذه الظواهر بقولها إن الصيحات لا تنشأ من فراغ، بل تعبّر عن قلق ثقافي، وتحولات تكنولوجية، ورغبات مشتركة يصعب التعبير عنها، لكن يسهل التعلق بها. في عالم يعج بعدم اليقين والاستهلاك المفرط، توفر دمية واحدة ذات وجه وحش عزاء عاطفيا ومهربا إلى طفولة مفقودة. "ربما تمثل لابوبو وهم البساطة الذي نحاول أن نتمسك به أمام تعقيدات حياة الكبار".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store