
صندوق النقد العربي لـ «الاقتصادية»: الإصلاح شرط الإقراض وسنطرق سوق السندات الدولية
لم تعد القروض تمنح دون مقابل ولا تمويل دون شروط بموجب صندوق النقد العربي الذي ألزم أعضائه بتطبيق برامج إصلاح اقتصادي للموافقة على طلبات إقراضهم، وفقا لما قاله لـ "الاقتصادية"، المدير العام
ورئيس مجلس إدارة الصندوق، الدكتور فهد التركي في حواره الأول بعد إعلان الإستراتجية الجديدة للصندوق.
شملت هذه الاستراتيجية إصدار صكوك وسندات في الأسواق المالية الدولية وسط مساع للحصول على تصنيف ائتماني بحلول العام المقبل.
يأتي ذلك في إطار تعزيز فعالية الصندوق كمؤسسة إقراض إقليمية، بالتزامن مع خطط رفع رأسماله من 5 إلى 10 مليارات دولار، بعد مراجعة دورية للموارد المتاحة للإقراض كل 5 سنوات أو كلما دعت الحاجة بحسب التركي الذي أكد أن الإعلان الرسمي بهذا الخصوص سيكون قريبا .
مدير عام الصندوق توقع تحقيق نمو الاقتصادي للدول العربية خلال 2025 ما بين 4 إلى 4.5% رغم تداعيات الحروب التجارية والرسوم الجمركية، وذلك وفقا لمؤشرات ومحركات استند عليها تشمل استقرار أسعار الطاقةواستمرار جهود التنويع الاقتصادي وتحسن كفاءة إدارة المالية العامة.. فإلى نص الحوار:
ما أبرز ملامح إستراتيجية الصندوق الجديدة وما الاختلاف عن الرؤى السابقة؟
الإستراتيجية الجديدة التي أطلقها صندوق النقد العربي جاءت استجابة للتحولات الاقتصادية الإقليمية والدولية، وبُنيت على 4 محاور رئيسية تبرز رؤية أكثر تكاملا وشمولا لدور الصندوق في دعم الدول العربية.
يركز المحور الأول على أن يكون جهة إقراض فعالة ومؤثرة لتعزيز مكانة الصندوق كمكون رئيسي في دعم الاستقرار الاقتصادي، وجعله مسهما في تصميم وتنفيذ برامج الإصلاح، وفقا لأفضل الممارسات المعمول بها في مؤسسات التمويل، ويتمثل المحور الثاني في أن يصبح الصندوق شريكا فكريا للدول العربية، ليكون مركز امتياز بحثي معترفا به عالميا، ومصدرا موثوقا للرؤى المتعلقة بديناميكيات الاقتصاد العربي والعلاقات الاقتصادية البينية.
المحور الثالث يهدف إلى بناء القدرات البشرية في الدول الأعضاء عبر محورين: الأول يتعلق بالتدريب المهني المتخصص، والثاني بتقديم المعونة الفنيةـ ويعزز ذلك مساعي تمكين الكوادر الوطنية وتطوير مهاراتها الفنية والاقتصادية، فيما يهتم المحور الرابع والأخير بتحول الصندوق إلى شريك إستراتيجي للدول العربية وقد تبنى الصندوق في هذا الإطار توسيع نطاق شراكاته الإستراتيجية، لتكون قاعدة انطلاق للتعاون المرتكز على المحتوى، سواء في الدول العربية، أو مع المؤسسات الإقليمية والدولية العاملة في المنطقة.
ما الوضع المالي للصندوق في ضوء الإستراتيجية الجديدة؟
نسعى إلى تعزيز القدرات التمويلية للصندوق ، حيث قمنا بتشكيل لجنة من مجلس المحافظين لدراسة الموارد المالية المتاحة للإقراض، وأفضت إلى توصيات نُفذ عديد منها، أبرزها رفع رأسمال الصندوق من 5 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار، وذلك بدعم كبير من الأعضاء، ومن المرتقب إعلان الصندوق رسميا عن الزيادة في رأس المال لتعزيز استجابته لاحتياجات الأعضاء التمويلية بشكل أكثر فاعلية.
تضمنت اتفاقية رفع رأس المال بندا محوريا ينص على مراجعة دورية للموارد المالية المتاحة للإقراض كل 5 سنوات، أو كلما دعت الحاجة، ما يعد سابقة في عمل مؤسسات الإقراض الإقليمية، وفي هذا الإطار، أعد الصندوق دراسة تفصيلية لإدارة السيولة أسفرت عن تحسين فاعلية إدارة الموارد الداخلية، ما مكن من تحقيق وفورات بنحو 910 ملايين دولار، أُضيفت إلى الموارد المتاحة للإقراض منذ منتصف 2024.
التحضير جار للحصول على تصنيف ائتماني ، حيث تم التواصل مع المؤسسات الدولية ومن المنتظر أن يُمكن هذا التوجه دخول أسواق التمويل العالمية والاقتراض بشروط ميسرة، ومن ثم إعادة الإقراض للأعضاء بتكلفة مناسبة، لا سيما للدول ذات التصنيف الائتماني الضعيف والتي تواجه تحديات في الحصول على تمويل خارجي. ومن المتوقع أن يصدر أول تصنيف ائتماني للصندوق بحلول 2026.
هل يعتزم الصندوق إصدار صكوك وسندات؟
نعم، هذا التوجه يعد من الأهداف المحورية في إطار السعي للحصول على تصنيف ائتماني، فالحصول على تقييم ائتماني قوي سيفتح المجال لإصدار صكوك أو سندات، ما سيسهم في خفض تكلفة الاقتراض بشكل ملحوظ.
تكمن أهمية هذه الخطوة في أن الموارد المقترضة سيتم توجيها لإعادة إقراض الجدول العربية ضمن برامج اقتصادية وتنموية، بشروط تمويلية ميسرة، وهذا سيمكن الدول الأعضاء من تنفيذ إصلاحات بنيوية دون أن تتحمل أعباء مالية ثقيلة.
ما الآلية المعتمدة لدى الصندوق في عملية الإقراض؟
الإقراض هو أحد أعمدة الإستراتيجية الجديدة للصندوق والتي تركز على أن يكون جهة إقراض فعالة ومؤثرة، وتنطلق هذه الآلية من سياسة متكاملة تبدأ بمرحلة ما قبل الإقراض، سواء للدول التي يُتوقع لجوؤها إلى الاقتراض أو لتلك غير المتوقع أن تقترض، وتشمل مشاورات اقتصادية دورية تُجرى مع الدول الأعضاء، بهدف فهم التحديات الاقتصادية التي تواجهها بشكل شامل.
كما يُجري الصندوق مشاورات استباقية مع جميع الدول في إطار إستراتيجي مدروس، لتحديد الأسباب الجذرية التي قد تؤدي إلى تعثر الدول في السداد، مع الإشارة إلى أن عدد الدول المتأخرة عن السداد حاليا لا يتجاوز دولتين فقط، ويمتلك الصندوق مجموعة متنوعة من أدوات الإقراض المصممة لدعم الاستقرار وتلبية الاحتياجات التنموية للدول الأعضاء.
ومع ذلك، فقد تم بموجب الإستراتيجية الجديدة إيقاف العمل بالقروض "غير المشروطة"، حيث أصبحت جميع برامج الإقراض تتطلب التزاما من هذه الدول بتنفيذ برامج إصلاح اقتصادي واضحة، تتضمن مستهدفات كمية قابلة للقياس، لضمان فاعلية الأثر وتحقيق نتائج ملموسة.
أما المرحلة اللاحقة للإقراض، فتركز على ضمان الاستدامة المالية، عبر عدد من الآليات، من أبرزها تفعيل صفة "الدائن المفضل" لصندوق النقد العربي، ما يعزز من فرص استرداد أمواله في حال حدوث تعثر، كما يتم تنفيذ متابعة نشطة مع الدول المقترضة بعد منح القروض، لضمان التزامها الكامل بشروط البرنامج وجدولة السداد
كيف يتعامل الصندوق مع تحديات السياسات الحمائية وتراجع العولمة؟
السياسات الحمائية وتراجع العولمة من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي حاليا، وهي لا تقتصر على الدول العربية وحدها، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة تنامي السياسات الحمائية وتصاعد الحروب التجارية، ما ألقى بظلاله على سلاسل الإمداد والنمو العالمي.
من هذا المنطلق، أولى صندوق النقد العربي أهمية خاصة لهذه الظاهرة، حيث طور منذ وقت مبكر مؤشرات كمية تساعد على تتبع أثر هذه السياسات على الاقتصادات العربية بشكل منهجي ومنتظم. كما يواكب الصندوق أداء الاقتصاديات من زاوية هيكلية، بما يسمح بتقديم توصيات إصلاحية دقيقة، تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للدول، وتخفيف تأثيرات السياسات الحمائية، ودعم اندماجها في الاقتصاد العالمي.
هل قدمتم توصيات تتعلق بالحرب التجارية وتداعيات الرسوم الجمركية؟
بالفعل، فقد لاحظ الصندوق أن الحرب التجارية لم تعد تقتصر على الرسوم الجمركية، بل تحولت إلى حرب اقتصادية شاملة تشمل قطاعات متعددة.
وفي هذا الإطار، يضطلع برنامج تمويل التجارة العربية بدور كبير كأحد الأذرع التمويلية التي يمتلك الصندوق 56% من رأسمالها، ويهدف إلى تمويل التجارة البينية بين الدول العربية، وكذلك تمويل واردات سلع إستراتيجية غير متوفرة محليا من خارج المنطقة.
وفي هذا الإطار يعقد الصندوق اجتماعات تشاورية منتظمة، ويجري استبيانات دورية مع الدول الأعضاء لرصد ما يواجهونه من صعوبات مرتبطة بالتجارة العالمية. وتُبنى على نتائج هذه الاستطلاعات أطر تحليلية تسهم في بلورة سياسات اقتصادية بديلة تُمكن الدول من التكيف مع التغيرات، وتقليل اعتمادها على قنوات تقليدية تتأثر بالتقلبات العالمية.
ما توقعاتكم للنمو الاقتصادي، وما محركاته الأساسية في الدول العربية؟
رصد صندوق النقد العربي في مطلع عام 2025 تحسنا ملحوظا في أداء الاقتصادات العربية، مدعوما باستقرار نسبي في الاقتصاد الكلي، واستمرار الإصلاحات الاقتصادية، إلى جانب التوازن النسبي في أسعار النفط والغاز. كما أسهمت إستراتيجيات تنويع القاعدة الاقتصادية المعتمدة في عدد من الدول في هذا التحسن، والذي ظهر في صورة استقرار نسبي للنشاط الاقتصادي.
هناك تحديات لا تزال تواجه بعض الدول، خصوصا المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية، وإدارة الدين العام بنوعيه الداخلي والخارجي، فضلا عن صعوبة تحقيق توازن مستدام بين الإنفاق الحكومي والإيرادات، وهي قضايا يتابعها الصندوق بالتشاور مع الدول الأعضاء، وعلى ضوء هذه المعطيات، كانت تقديراتنا الأولية تشير لنمو اقتصادي يبلغ 4.5% في 2025 للدول العربية مجتمعة، ونرى أن بروز تحديات كتصاعد السياسات الحمائية، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وانخفاض النفط، قد يضغط على وتيرة هذا النمو.
ورغم هذه المعوقات، لا يزال الصندوق يتوقع أن يتراوح معدل النمو في المنطقة بين 4% و4.5% خلال العام الجاري، مستندا إلى محركات تشمل استقرار أسعار الطاقة، واستمرار جهود التنويع الاقتصادي، وتحسن كفاءة إدارة المالية العامة، إلى جانب أثر الإصلاحات الهيكلية في تعزيز مرونة الاقتصاد وزيادة إنتاجيته.
كيف تنظرون إلى العلاقة بين الدين العام ومعدلات النمو في الدول العربية؟
الدين العام بات يشكل عبئا متزايدا على عدد من الدول العربية، ليس فقط من حيث حجمه، بل من حيث تكاليف خدمته التي ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة لزيادة أسعار الفائدة عالميا. كثير من الدول تعتمد على أدوات تمويل ذات فائدة متغيرة، ما يفاقم الأعباء مع كل ارتفاع في الفائدة، وهو ما يثقل كاهل المالية العامة، لا سيما في الدول الصغيرة التي تعاني محدودية في الموارد وإمكانيات التمويل.
هل يوجد دول عربية نجحت في تحقيق توازن بين النمو والسيطرة على خدمة الدين؟
بلا شك ، هناك دول استطاعت تحقيق التوازن بين الحفاظ على النمو الاقتصادي والسيطرة على الدين العام، وفي مقدمتها السعودية ودول الخليج التي تمتلك عمقا ماليا واقتصاديا كبيرا.
ونجحت تلك الدول في تطوير أسواق مالية محلية وأسواق ائتمان متقدمة، ما وفر لها أدوات تمويل أكثر مرونة وأقل تكلفة، وأسهم في دعم جهودها لتحقيق التوازن المالي والنمو الاقتصادي في أن واحد.
هل حان الوقت لتوسيع استخدام العملات الرقمية في المنطقة العربية؟
لا يزال الوقت مبكرا للتوصية بتوسيع استخدام العملات الرقمية عربيا، فالتجربة العالمية لا تزال في مراحلها الأولى، وهناك عديد من الأسئلة الأساسية التي تحتاج لإجابات، خصوصا فيما يتعلق بدور البنوك المركزية، وأثر العملة الرقمية على المنظومة المالية. لذلك، يجب التريث حتى تتضح هذه الأبعاد بشكل أفضل قبل الإقدام على تعميم التجربة في المنطقة.
ما أبرز أدوات التمويل التي يقدمها الصندوق لأعضائه وكم أعداد المستفيدين؟
منذ تأسيسه في 1978 وحتى نهاية العام الماضي، قدم الصندوق ما مجموعه 3.1 مليار دينار عربي حسابي (الدينار العربي الحسابي هو عملة الأساس لصندوق النقد العربي) ما يعادل نحو 13 مليار دولار، استفاد منها 14 دولة عربية عبر 240 قرضا.
تختلف هذه القروض من حيث طبيعتها وأدواتها، وتشمل دعم برامج الاستقرار الاقتصادي، وتمويل الإصلاحات، وتلبية الاحتياجات الطارئة في موازنات الدول، بما يتماشى مع تطورات أوضاعها الاقتصادية، كما تتضمن مجموعتين رئيستين تسهم الأولى في معالجة الاختلالات في موازين مدفوعات الدول الأعضاء، في: القرض التلقائي، والعادي، والممتد، والتعويضي، وتسهيل النفط، وتسهيل السيولة قصير الأجل، إضافة إلى دعم إصلاحات القطاعات الاقتصادية.
أما المجموعة الثانية التي تتعلق بالقروض والتسهيلات المتاحة لدعم الإصلاحات في عدد من القطاعات الاقتصادية، فتشمل تسهيل التصحيح الهيكلي، وتسهيل الإصلاح التجاري، وتسهيل دعم البيئة المواتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
مع تصاعد المديونية ماذا برأيكم المعادلة المطلوبة لتحقيق توازن مستدام بين الإنفاق وخدمة الدين؟
مشكلة المديونية العامة وخدمتها ليست مشكلة عربية فقط بل تمثل تحديا عالميا يقف حجر عثرة أمام تحقيق معدلات النمو الاقتصادي المأمولة في جميع التجمعات والأقاليم الاقتصادية، وتشير البيانات إلى عجز 18 دولة نامية عن سداد ديونها السيادية خلال 3 أعوام ونحو 60% من البلدان منخفضة الدخل في خطر كبير يهدد ببلوغها مرحلة المديونية الحرجة أو أنها بلغت هذه المرحلة بالفعل.
وتستهلك مدفوعات الفائدة نسبة كبيرة ومتزايدة من عائدات صادراتها، فضلا عن العبئ الإضافي الناتج عن هيكلية الفوائد، حيث إن أكثر من ثلث ديون تلك البلدان لها أسعار فائدة متغيرة، ويمكن أن ترتفع فجأة، ما يعرضها لتراكم أصل الدين والفائدة، كما أسهم ارتفاع الفائدة في تفاقم مخاطر الدين في بلدان نامية نتيجة تضاعف مدفوعات الفائدة بنحو 4 مرات، خلال 10 أعوام.
وبرأينا وضعت مستويات الدين القياسية وأسعار الفائدة المرتفعة عديدَا من البلدان على طريق الأزمة، حيث واجهت معضلة الاختيار بين خدمة دينها العام أو الاستثمار في الصحة العامة والتعليم والبنية التحتية، كما أن تبني معظم تلك الدول سياسات تصحيحية بتوجيه من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، صاحبه تخفيض قيم عملتها وهو ما يزيد المشكلة تعقيدا.
وهنا لا بد من التنوية إلىالدول العربية كمجموعة لم تكن بمنأى عن تلك التحديات، حيث ارتفع إجمالي الدين العام القائم (الداخلي والخارجي) في ذمة الدول العربية ليصل إلى نحو 58 % من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2023، مقارنة بنحو 47.4% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2022.
كيف يمكن تعزيز مرونة الأنظمة المالية العربية لمواجهة الصدمات؟
من المعلوم أن القطاع المالي هو عصب الاقتصاد، ويستمد أهميته من خلال دورة المتمثل في الوساطة المالية حيث يتولى حشد الأموال وتوجيهها إلى الفرص الاستثمارية الكفيلة بتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
ورغم صلابة الأنظمة المالية العربية، التي مكنتها من التصدي للتحديات والحفاظ على مُقدراتها خلال الأزمات المتتالية، وآخرها أزمة كوفيد-19، إلا أن عددا كبيرا من الأنظمة المالية العربية لا يزال يحتاج إلى البناء على المكتسبات ومسايرة التطورات المتلاحقة والمتسارعة في العمل المالي لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين.
وهناك تتباين في الحاجة إلى الإصلاح من دولة عربية لأخرى حسب درجة التطور والإمكانات المتاحة لتنفيذ الإصلاحات، فضلا عن القدرة الاستيعابية للأنظمة المالية التي تختلف من دولة عربية لأخرى.
هل يرى الصندوق أن خدمة الدين تمثل التحدي الأكبر مقارنة بالدين ذاته؟
بالفعل تعد قضية خدمة الدين وخاصة الدين الخارجي هاجسا مؤرقا لعدد كبير من الدول العربية، التي شهدت ارتفاعا خلال العامين (2022 – 2024)، لهذا الارتفاع تحديات عدة، منها الحد من تلبية احتياجاتها التمويلية اللازمة لخطط التنمية الاقتصادية بالقدر والسعر المناسبين.
وتضطر بعض الدول مع ذلك أن تزيد تكلفة الحصول على التمويل عن قدرتها على السداد لتأجيل المشروعات القومية أو توقف القائم منها، ما قد يسفر عن إضعاف قدرتها على تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام وتوفير فرص العمل المنتجة.
كما يعد استمرار الارتفاع في تكلفة خدمة الدين العام دونما وجود حلول تلوح في الأفق على المدى المنظور من المسائل التي يجب أن تستحوذ على جانب كبير من اهتمام صانعى السياسات ومتخذي القرار في الدول العربية، وذلك لما لها من آثار تراكمية قد يصعب مواجهتها مستقبلا، إذا لم تتوافر خطط لحلول مستدامة تعالج أصل المشكلة بدلا من التركيز على الحلول التي لا تسفر إلا عن ترحيلها إلى الأجيال القادمة.
ما دور منصة "بنى" في تعزيز التكامل المالي
وما آفاق توسعها؟
شهد 12 فبراير 2024، الإطلاق الرسمي للمؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية "منصة بُنى"، لمتابعة بناء شراكات إستراتيجية مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية ومقدمي الخدمات المالية العالميين، لعل أهمها توقيع اتفاقية الربط المباشر واتفاقية بنك التسوية مع بنك باكستان المركزي وإطلاق مشروع الربط بين منصة "بنى" ونظام الدفع الفوري في باكستان (Raast).
كما بدأت مرحلة التنفيذ الفعلي، وتوقيع اتفاقية الربط المباشر مع مؤسسة ماستركارد، والإعلان عن انضمامها كعضو مباشر في المنصة، فضلا عن التقدم الحاصل في جهود الربط مع المدفوعات ونظام (NPCI) في الهند، إذ جاري العمل على استكمال مناقشة الجوانب الفنية للربط، كذلك المباحثات الفنية متواصلة مع نظام (CIPS) في الصين بمشاركة بنوك صينية، كما أن الحوار مستمر أيضا مع نظم الدفع الإقليمية في القارة الإفريقية، للتفاهم على خطة للربط.
ارتفع عدد البنوك المشاركة في المنصة إلى 116 بنكا من أكثر من 15 دولة، كما زادت عدد التحويلات المنفذة خلالها بجميع العملات لتصل إلى 110 آلاف معاملة في 2024، ووصول إجمالي المعاملات منذ بداية التشغيل إلى 145 ألف معاملة، والعمل مستمر للتوسع فى زيادة عدد الدول و البنوك المشاركة بالمنصة.
كم بلغ حجم القروض خلال 2024 ، وما أبرز التوجهات التمويلية؟
يعد نشاط التمويل أو الإقراض النشاط الأساسي الذي أُنشئ من أجله صندوق النقد العربي، حيث نصت على ذلك اتفاقية التأسيس، كما خصص الصندوق منذ إنشائه نحو ثُلثي موارده لهذا النشاط، وقد تم رفع الموارد المخصصة للإقراض في إطار إستراتيجية الصندوق للفترة (2025-2030) إلى 80%، بما ينسجم مع التوظيف الأمثل لموارد الصندوق والحاجة لتعزيز موارد الإقراض من ناحية، وممارسات المؤسسات النظيرة من ناحية أخرى.
أخيرا ، ما المرحلة المقبلة لمعالجة تحديات المديونية في الدول العربية؟
تم وضع مقترحات لتسوية كل متأخرات القروض، ويجري مناقشتها مع الدول المعنية والمتابعة جارية بهذا الشأن، ومن المعلوم أنه تم التوصل إلى اتفاقيات لتسوية متأخرات مديونية اليمن والصومال، والتشاور جار للاتفاق على تسوية بقية المتأخرات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 21 دقائق
- أرقام
ارتفاع عجز الموازنة الصينية لمستوى قياسي بسبب التعريفات الجمركية
اتسع العجز المالي للصين خلال أربعة أشهر ليسجل مستوى قياسيًا، بسبب الحوافز المالية، حيث عززت الحكومة دعمها للاقتصاد خلال تصعيد في نزاعها التجاري مع الولايات المتحدة. وبلغ العجز الإجمالي 2.65 تريليون يوان (367 مليار دولار) في الفترة من يناير إلى أبريل، وهو أعلى مستوى على الإطلاق لهذه الفترة، وفقًا لحسابات "بلومبرج" المستندة إلى بيانات أصدرتها وزارة المالية الثلاثاء. وأظهرت البيانات ارتفاع إجمالي الإنفاق الحكومي بنسبة 7.2% ليصل إلى 11.97 تريليون يوان خلال الفترة من يناير إلى أبريل، وكانت مدفوعات الفوائد على الديون هي الفئة الأسرع نموًا في الموازنة العامة، حيث ارتفعت بنسبة 11% على أساس سنوي. بينما بلغ إجمالي الإيرادات الحكومية 9.32 تريليون يوان خلال الفترة، بانخفاض قدره 1.3% على أساس سنوي. ومن المتوقع تأجيل الحكومة لتدابير الدعم الجديدة، حيث تتضاءل الحاجة إلى مزيد من إجراءات التحفيز، بعد اتفاق الصين والولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على منتجات كل منهما مؤقتًا.


العربية
منذ 23 دقائق
- العربية
"بُنيان للتنمية والتجارة" تعتزم طرح 33.3% من أسهمها في البورصة المصرية
أعلنت شركة بُنيان للتنمية والتجارة ، إحدى الشركات العاملة في مجال الاستثمار والتطوير العقاري في السوق المصرية، عن نيتها طرح جزء من أسهمها في البورصة المصرية خلال الربع الثاني من عام 2025، وذلك عقب الحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة من الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية. وبحسب بيان الشركة، من المنتظر أن يشمل الطرح نحو 551.3 مليون سهم عادي مملوك لشركة "سكاي ريلتي هولدنغ ليمتد"، بما يعادل 33.33% من رأس المال المصدر لشركة بُنيان، على أن يتم الطرح من خلال شريحتين؛ طرح خاص للمستثمرين المؤهلين، وطرح عام للجمهور، وذلك بسعر موحد للسهم. ويُرتقب، عقب إتمام الطرح، أن يتم اكتتاب مغلق لصالح المساهم البائع، حيث سيُعاد استثمار جزء من متحصلات الطرح في أسهم جديدة تصدرها الشركة بنفس سعر الطرح، ما يعزز من قاعدة رأسمال الشركة ويوفر دعماً إضافياً لنموها المستقبلي. وتتولى كل من "سي آي كابيتال" و"أرقام كابيتال" إدارة عملية الطرح، بينما تعمل "مباشر كابيتال هولدنغ" كوكيل ومسوق للطرح، ويتولى مكتب "معتوق بسيوني وحنّاوي" دور المستشار القانوني. وفي هذا السياق، قال المهندس شامل أبو الفضل، الرئيس التنفيذي لبُنيان، بأن الطرح يمثل "لحظة محورية في مسيرة الشركة"، ويعكس الثقة المتزايدة في نموذج أعمالها. ومن جانبه، أكد طارق عبد الرحمن، العضو المنتدب، أن الخطوة ستُسهم في سد الفجوة بين قطاع العقارات وسوق الأوراق المالية المصرية، وتعزيز فرص الاستثمار غير المباشر في الأصول العقارية.


الشرق الأوسط
منذ 27 دقائق
- الشرق الأوسط
النفط يرتفع بأكثر من 1 % على وقع تقارير عن احتمال هجوم إسرائيلي على إيران
ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1 في المائة يوم الأربعاء بعد تقارير عن استعداد إسرائيل لشن هجوم على منشآت نووية إيرانية، مما أثار مخاوف من أن أي صراع قد يُؤثر سلباً على توفر الإمدادات في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة رئيسية مُنتجة للنفط. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت لشهر يوليو (تموز) 97 سنتاً، أي ما يعادل 1.5 في المائة، لتصل إلى 66.35 دولار للبرميل بحلول الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش. كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لشهر يوليو 96 سنتاً، أي ما يعادل 1.6 في المائة، لتصل إلى 62.99 دولار. وانتهى عقد خام غرب تكساس الوسيط لشهر يونيو (حزيران) يوم الثلاثاء عند 62.56 دولار. وأفادت شبكة «سي إن إن» يوم الثلاثاء نقلاً عن مسؤولين أميركيين مُطلعين على الأمر أن معلومات استخباراتية جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تُشير إلى أن إسرائيل تُجهّز لضرب منشآت نووية إيرانية. وأضافت «سي إن إن» نقلاً عن المسؤولين أنه لم يتضح بعد ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قراراً نهائياً. وقال خبراء استراتيجيون في شركة «آي إن جي» للسلع يوم الأربعاء: «مثل هذا التصعيد لن يُعرّض الإمدادات الإيرانية للخطر فحسب، بل سيُعرّض أجزاءً كبيرةً من المنطقة للخطر أيضاً». تُعدّ إيران ثالث أكبر مُنتج للنفط بين أعضاء منظمة البلدان المُصدّرة للنفط (أوبك)، وقد يُؤدّي أيّ هجوم إسرائيلي إلى اضطراب في تدفقات النفط من البلاد. وهناك أيضاً مخاوف من أن تردّ إيران بمنع تدفق ناقلات النفط عبر مضيق هرمز، نقطة الاختناق في الخليج، والذي تُصدّر عبره المملكة العربية السعودية والكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة النفط الخام والوقود. وعقدت الولايات المتحدة وإيران عدة جولات من المحادثات هذا العام بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض حملة عقوبات أشدّ على صادرات النفط الخام الإيرانية لإجبارها على التخلي عن طموحاتها النووية. وعلى الرغم من المناقشات، أدلى مسؤولون أميركيون والمرشد الإيراني علي خامنئي بتصريحات يوم الثلاثاء تشير إلى أن الجانبين ما زالا بعيدين عن التوصل إلى حل. وقال محللو «آي إن جي»: «هناك محادثات نووية غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي، في حال نجاحها، قد تمنح السوق مزيداً من الارتفاع. ومع ذلك، يبدو أن هذه المحادثات تفقد زخمها». مع ذلك، ظهرت بعض المؤشرات على تحسن إمدادات النفط الخام. فقد ارتفعت مخزونات النفط الخام الأميركية الأسبوع الماضي، بينما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير، وفقاً لمصادر في السوق، نقلاً عن أرقام معهد البترول الأميركي يوم الثلاثاء. وأضافت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، ارتفعت بمقدار 2.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 مايو (أيار). ويتطلع المستثمرون إلى بيانات مخزونات النفط الأميركية الحكومية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة في وقت لاحق من يوم الأربعاء. كما ارتفع إنتاج كازاخستان من النفط بنسبة 2 في المائة في مايو، وفقاً لمصدر في قطاع النفط يوم الثلاثاء، وهي زيادة تتحدى ضغوط «أوبك بلس» على البلاد لخفض إنتاجها.