"معرض أبوظبي الدولي للكتاب" يختار إندونيسيا ضيف شرف لدورته الـ35
عمان – الدستور – عمر أبو الهيجاء
أعلنت إدارة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في ختام دورته الـ34، اليوم، عن اختيار جمهورية إندونيسيا، ضيف شرف الدورة المقبلة الـ35، في خطوة تعكس التزام المعرض، الذي نظمه مركز أبوظبي للغة العربية، بالانفتاح على ثقافات العالم، وتعزيز جسور التواصل الثقافي بين الشعوب.
وتم الإعلان عن ضيف الشرف الجديد، خلال حفل رسمي جمع بين الثقافة والمراسم الرمزية، وشهد انتقال درع التكريم من دول الكاريبي – ضيف الشرف الحالي – إلى جمهورية إندونيسيا، في تقليد غير مسبوق بين معارض الكتب في المنطقة.
وحضر حفل التسليم والتسلُّم، سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وسعادة حسين باجيس سفير جمهورية إندونيسيا لدى الدولة، وسعادة رينسو هيريرا فرانكو سفير جمهورية الدومينيكان، وسعادة ضياء الرحمن قنصل عام غرينادا في دبي، إلى جانب سعادة إندا روندي استوي، المدير العام للدبلوماسية والترويج والتعاون الدولي في سفارة إندونيسيا، وكوكبة من المثقفين والأدباء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم.
وقال الدكتور علي بن تميم إن "برنامج "ضيف الشرف"، منذ انطلاقه، كان أكثر من مجرد نافذة على ثقافات العالم، بل هو تكريس لمبدأ أصيل في الرؤية الإماراتية أن التعايش ليس شعاراً، بل ممارسة يومية، عنوانها "تعارفوا"، ومضمونها أن كل ثقافة تحمل في جوهرها دعوة إلى الحوار والانفتاح".
وأضاف: "التقليد الذي نشهده اليوم في تسليم وتسلم درع دولة الشرف من ثقافة إلى أخرى، يؤكد أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ليس حدثاً فردياً، بل فضاء تتقاطع فيه الرؤى، وتلتقي فيه الثقافات في حوار دائم، وتلاقٍ خلاق".
وأوضح أن المعرض، من خلال استضافة دول من شتى أنحاء العالم، يعمّق فكرة أن الثقافة لا تُختزل في اللغة وحدها، بل تشمل أنماط الحياة، ومسارات الفكر، وتواريخ الإنسان.
وتابع: "سعدنا في هذا العام بالاحتفاء بثقافة الكاريبي، وها نحن اليوم نعلن بكل فخر أن جمهورية إندونيسيا ستكون ضيف شرف الدورة المقبلة".
وأعربت سعادة إندا روندي استوي، عن اعتزاز بلادها بهذا التكريم، قائلة: "نشكر القائمين على معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي لم يعد مجرد منصة لعرض الكتب، بل صار جسراً ثقافياً يربط بين الشعوب، ويعيد صياغة معنى الإنسانية من خلال صفحات الكتب".
وأضافت: "اختيار إندونيسيا ضيفاً للشرف للدورة المقبلة، يؤكد عمق العلاقات الثقافية بين بلدينا، كما يعكس إيماننا المشترك بأهمية الأدب والمعرفة والتراث في بناء المجتمعات".
وأكدت أن إندونيسيا، بأكثر من 17 ألف جزيرة، وأكثر من 250 مليون نسمة، تحمل في نسيجها تنوعاً حضارياً هائلاً، جعل منها نموذجاً للتسامح والتكامل الثقافي.
وأشارت إلى أن معدلات الترجمة بين اللغتين الإندونيسية والعربية تشهد تزايدًا في السنوات الأخيرة، ولا سيما في مجالات الفكر والدين والأدب، ما يعزز التبادل الثقافي بين البلدين.
ومن المنتظر أن تحمل الدورة الـ35 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، بالشراكة مع الجانب الإندونيسي، برنامجاً ثقافياً غنياً يسلط الضوء على ملامح الأدب والفن والفكر الإندونيسي، ويُبرز أوجه التلاقي بين الثقافتين الإماراتية والإندونيسية، استكمالاً للرسالة التي تبناها المعرض منذ انطلاقه في أن يجعل من الثقافة أداة للتعارف، والحوار، والنهضة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 2 أيام
- الغد
ريشة الناصر تجمع إشكاليات فلسفية تنبض بالقيم الفنية والجمالية
أحمد الشوابكة اضافة اعلان عمان- الفنانة الأردنية وداد الناصر متعددة المواهب، جمعت نجاحات عديدة في الرسم التشكيلي والتمثيل والتصوير الفوتوغرافي، إذ إنها تمثل صورة المرأة الناجحة والمثابرة التي واجهت تحديات في مسيرتها الفنية، لكنها استطاعت تحقيق حلمها بصمودها وإصرارها، وبخاصة بعد أن تحولت من مهنة المحاماة وحصولها على الماجستير في القانون، إلى الفن، إذ إنها شعرت بالملل من الروتين، وقررت اتباع خطى والدتها الفنانة التشكيلية شيخة إبراهيم التي قدمت لها كل الدعم والتعلم، مما أكسبها الخبرة والجرأة في التعامل مع الفن.يشكل الفن التشكيلي بالنسبة لوداد الناصر رسالة إنسانية تعكس صورة المجتمع وثقافته، حيث تسعى من خلال أعمالها إلى تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الإنسان في التواصل مع الآخرين وعلاقته بالمكان، مما يعكس رؤيتها الفنية والإنسانية، إذ إنها تتميز بقدرة فائقة على توظيف الشكل في مناح فنية عدة، مما يجعل أعمالها أيقونة دالة على البعدين التقني والجمالي.تسلك الناصر مسلكا جماليا متفردا، حيث تطرح ريشتها إشكاليات فلسفية مختلفة تنصب في القيم الفنية والجمالية. ففي لوحاتها التشكيلية، تتجلى قدرة فائقة على توظيف الشكل في مناح فنية، مما يجعل أعمالها أيقونة دالة على البعد التقني والجمالي.أعمالها الفنية تتميز بالجودة العالية في التكوين والصياغة البنائية، مما يعطي انبعاثا للمتلقي بأنها ذات قيم جمالية متنوعة. والفنانة تستخدم أسلوبا يتأسس على الحيادية والدقة العالية والتقنية الكبيرة في معالجة الواقع وفق المؤثرات التجريدية التعبيرية.فيرى المتلقي، أن اللوحات تنبض بالحركة والحيوية بأسلوب فلسفي في التعبير بلغة فنية متفردة. الفنانة لا تكتفي باستدعاء المادة حسب، وإنما تتجاوز ذلك إلى كل ما هو رمزي وعلاماتي تعبيري ودلالي، مما يدلل على أهمية كبرى للمادة المشكلة وفق عمق فني وجمالي ودلالي.بهذا الأسلوب، تعد أعمالها ملمسا جديدا وإبداعا مميزا في أسلوب المبدع الذي يرصد في أدائه الفني العلاقة القوية بين الإشارة والموضوع، لشحن أعمالها بطابع رمزي ودلالي يمكنها من تحويل مفردات الواقعية إلى مضامين قيمية.ترى الناصر أن الفن هو وسيلة تعبيرية تعكس الواقع وتطرح تساؤلات وإجابات في آن واحد. وفق حديثها لـ"الغد"، إذ يمكن للعمل الفني أن يكون عالما مصغرا يعكس صورة المجتمع والثقافة التي ينتمي إليها، لأن الإنسان ككائن اجتماعي يدرك الواقع بفعالية، ولا يقتصر دوره على التأمل، بل يلعب إدراكه للواقع دورا في تشكيل مسار الأحداث، وتأثيره يظهر من خلال مواقفه وانتماءاته الاجتماعية، بناء على ذلك، تركز نظرية الانعكاس على أن الخبرة الاجتماعية والتاريخية للجنس البشري تشكل أساسا للمعرفة، وتهدف إلى فهم كيفية تأثير هذه الخبرات في تشكيل الوعي والإدراك البشري.وتقول عن تجربتها في الفن التشكيلي وتأثير الأحداث السياسية والاجتماعية على أعمالها. إنها في العام 2010، بدأت عرض تجربتها الفنية التي تناولت الجانب التشخيصي، بعد الربيع العربي، حيث تأثرت أعمالها بالصراعات والتحولات، وظهر ذلك في لوحاتها التي تميزت باللون الأسود وشخوص بألوان صاخبة.خلال فترة "كورونا"، تغير أسلوبها ليعكس الواقع الجديد، حيث أصبحت الخلفيات أكثر تلوينا والشخوص أكثر وضوحا بأقنعة. وفي العام 2023، تطورت مهاراتها الفنية من خلال التدريب في إيطاليا على يد الفنان ماسيمليانو سكودريا صاحب مؤسسة A-SUD Fondazione Zeme.استطاعت الناصر أن تجيد فن التصوير الفوتوغرافي من خلال توظيف شغفها في نقل مفردات الفن التشكيلي بأبعاده وصوره المتعددة النابع من الخيال والممزوج بعين الواقع، لتتسلل وبعمق إلى خفايا عالم الضوء فترسم بفرشاتها الرقمية ملامح الأعمال التي اقتنصتها ذاكرة كاميراتها، لتقدم مفاهيما جمالية دقيقة تستنطق عبرها لغة العيون، فتحاور كل من تقع عيناه على أعتابها، لذلك جسدت بالصور لوحات ومشاهد للمواقع السياحية والأثرية في الأردن لرسم أبعاد جمالية تحاكي تاريخ وحضارة هذا البلد الذي وصفته بـ"الجميل".وعن تجربتها في عالم التمثيل، فقد وجدتها تجربة ثرية ومهمة في حياتها العملية والإبداعية، وذلك من خلال مشاركتها في فيلم "ديجرادية"، الذي حقق نجاحا كبيرا في العديد من المهرجانات السينمائية حول العالم، ورشح للعديد من الجوائز.وتحدثت عن دورها في فيلم "ديجرادية"، الذي هو عمل نسائي يتناول قصة مجموعة من النساء المحاصرات في صالون تجميل في غزة، حيث أدت دور "سوسن"، وهي امرأة مطلقة تعاني من خلافات مع طليقها واضطهاد المجتمع. على الرغم من اختلاف شخصية "سوسن" عن وداد، إلا أنهما تشتركان في تجربة الاضطهاد في مجتمع ذكوري.وتطمح الناصر إلى الوصول للعالمية بأعمال تترك بصمة يذكرها التاريخ، حيث إنها متمسكة بالأمل الذي تعتبره المحرك الأساسي لاستمرارها في الحياة والفن، داعية في ختام حديثها، المرأة المثابرة والمجتهدة إلى أن تحافظ على صورتها التي تحب أن تكون فيها، وتكون رسالتها إنسانية سامية ترثها الأجيال القادمة.


الغد
منذ 4 أيام
- الغد
"عين": أول سينما متنقلة بالأردن تنطلق في فضاء مفتوح بالقرى والمدن
إسراء الردايدة اضافة اعلان في خطوة ثقافية غير مسبوقة في المشهد السينمائي الأردني؛ انطلقت مبادرة "سينما عين" كأول مشروع مستقل للسينما المتنقلة في المملكة، لتخرج بالفن السابع من إطار العروض النخبوية والمراكز الحضرية نحو فضاءات الأرياف والمحافظات، حيث لطالما كانت الجغرافيا أحد عوائق الوصول إلى التجربة السينمائية.بدعم من وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة وضمن فعاليات شهر الموسيقا، يعيد المشروع بقيادة المبرمج السينمائي يزن الغزاوي تعريف علاقة الجمهور الأردني بالسينما، في صيغة تدمج بين العرض الفني المباشر وبناء الثقافة السينمائية في المجتمعات المحلية."سينما عين" ليست مجرد شاشة متنقلة، بل منصة تفاعلية مرنة تصمم برنامجها بالتشاور مع المجتمعات التي تزورها، لتقدم عروضا مصاغة وفق طبيعة واهتمامات كل منطقة. وبينما تظل عمان محوراً للعروض الحضرية"، تتحرك السينما في جرش والكرك وأم الجمال والقطرانة في فضاءات مفتوحة تنقل الأفلام إلى قلب الجمهور، وتبني جسور حوار ثقافي حيّ في بيئته الطبيعية. بهذا التصور، تفتح التجربة نافذة جديدة لإعادة إدماج السينما كجزء حيّ من النسيج الاجتماعي الأردني، لا كفعالية استثنائية، بل كعادة ثقافية يومية قريبة من الجمهور أينما كان.يؤكد مؤسس المبادرة، يزن الغزاوي في حديث مع "الغد"، أن "سينما عين" جاءت استجابة لحاجة ثقافية ملحة بعد الجائحة، حيث برزت الحاجة لإعادة السينما إلى الفضاء العام خارج أسوار المدن وصالات العرض التقليدية.ويضيف أن جوهر المبادرة يقوم على فكرة أن السينما يجب أن تذهب إلى الناس حيث هم، في بيئاتهم ومجتمعاتهم، لا أن تبقى حبيسة المدن الكبرى أو مركزية النخبة الثقافية. لذلك فإن المشروع، منذ لحظة ولادته، يعيد طرح مفهوم السينما باعتبارها فعلا اجتماعيا وجماعيا يمكن أن يعيش في الساحات العامة والفضاءات المفتوحة، لا فقط أمام الشاشة الكبيرة في صالات مغلقة.تعتمد "سينما عين" مقاربة دقيقة في اختيار الأفلام المعروضة، بعيدة عن البرمجة الجاهزة أو الاستنساخ. فقد صُمم البرنامج بعناية تجمع بين المعايير الفنية العالية من حيث الجودة والمضمون، مع تركيز خاص على السينما المستقلة العربية والأعمال العالمية ذات القضايا الإنسانية والاجتماعية، وفي الوقت ذاته راعى فريق العمل خصوصية كل منطقة عبر حوارات ميدانية مع الجمعيات الثقافية والمجتمعية في كل محافظة.هذا الحوار التشاركي أفرز برمجة تتناغم مع مزاج الجمهور المحلي؛ ففي جرش والكرك كانت الرغبة تميل أكثر نحو عروض عائلية جامعة، بينما أبدى سكان أم الجمال اهتماما أكبر بالأفلام الوثائقية التي تلامس القضية الفلسطينية وقضايا الهوية. هذا التشابك بين الفني والمجتمعي شكل البصمة الخاصة للمشروع.لتجربة "سينما عين" أسلوب اختيار مواقع العروض، حيث لا يقتصر المشروع على تقديم العروض كفعالية بصرية مؤقتة بل يحرص على أن يتجذر داخل المجتمعات. ففي عمّان اختيرت صالة "نوفا" المغلقة لتوفير تجربة مشاهدة مركزة تمنح الجمهور مساحة للاحتكاك الكامل مع الفيلم بعيداً عن صخب المدينة، بينما يتوجه المشروع في المحافظات إلى جرش والكرك وأم الجمال والقطرانة حيث تقام العروض في الهواء الطلق وسط البيئة الطبيعية للمكان.هذه الفلسفة كما يوضح الغزاوي تهدف إلى "إعادة السينما إلى حضورها الإنساني البسيط القريب من الناس، دون أن تكون مجرد مشهدية معزولة عن بيئتها".وجود عرض سينمائي في الهواء الطلق يتطلب مستوى عاليا من الاستعداد التقني لضمان جودة المشاهدة رغم المتغيرات الطبيعية. وهنا، يعتمد فريق "سينما عين" تجهيزات صوت وصورة حديثة متخصصة في العروض الخارجية، مع معاينات ميدانية دقيقة لكل موقع لضبط توزيع الإضاءة والصوت وأماكن الجلوس. يعزز هذا الجانب الفني خبرة يزن الغزاوي وفريقه في تنظيم عروض سينمائية متنقلة في الخليج وبلاد الشام، حيث سبق له برمجة عروض في فضاءات عامة غير تقليدية، ما أعطى الفريق قدرة احترافية على تجاوز العقبات اللوجستية.يولي المشروع أهمية كبيرة لملف الملكية الفكرية، حيث يؤكد الغزاوي أنه تم الحصول مسبقاً على كافة التراخيص والحقوق القانونية لعرض الأفلام بشكل قانوني في الأماكن العامة عبر شبكة علاقات متينة مع موزعين إقليميين ودوليين قدموا دعماً كبيراً لإنجاح المبادرة، وهو ما سمح ببناء برنامج غني ومتنوع دون أي إشكالات قانونية.وحظي المشروع بدعمه المؤسسي المتوازن؛ إذ وفرت هيئة تنشيط السياحة الأردنية التمويل الكامل لإطلاق المبادرة وتنفيذ العروض في المواقع المختلفة بالمملكة، فيما قدمت هيئة الأفلام الأردنية استشارات تنظيمية وتقنية ساعدت على صياغة البرنامج من الناحية الإجرائية. لكن مع ذلك، حافظ المشروع على استقلاليته الكاملة وفق رؤية الغزاوي، ما أتاح له مرونة في انتقاء الأفلام وتحديد البرنامج وفق خصوصية كل منطقة وجمهورها.لا تقتصر التجربة على عرض الأفلام فقط، بل تترك مساحة مفتوحة بعد العروض للحوار غير الرسمي بين الحضور، حيث يتبادل المشاهدون الآراء والانطباعات بشكل عفوي وطبيعي. وفي المراحل القادمة من المشروع، يخطط فريق العمل لتنظيم جلسات حوارية رسمية بعد العروض تتضمن لقاءات مع مخرجين ونقاد وصناع أفلام لتعميق الفهم السينمائي وتعزيز النقاش النقدي.وبخلاف الحملات الإعلانية المركزية، اعتمدت "سينما عين" إستراتيجية ترويج محلية تستهدف الجمهور في كل محافظة عبر وسائل الإعلام المجتمعية، الإذاعات المحلية، المجموعات المجتمعية، ومنصات التواصل الاجتماعي التي تخاطب كل منطقة بلغتها الثقافية والإعلامية الخاصة.يستند مشروع "سينما عين" إلى خبرة طويلة ومتراكمة جمعها يزن الغزاوي خلال سنوات عمله في برمجة السينما المستقلة في الخليج، حيث بدأ رحلته في "سينما عقيل" بدبي، حيث شارك في تطوير برامج عروض متنوعة، وتنظيم عروض متنقلة خارج الصالات التقليدية، وهو ما منحه فهما عمليا لتركيبة الجمهور وآليات إدارة العروض السينمائية المتنقلة ضمن بيئات ثقافية مختلفة. لاحقا، أسس شركته "شاشتي" في الكويت وأطلق من خلالها أول برنامج مستقل للعروض السينمائية ضمن مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، حيث اكتسب خبرة أعمق في بناء الشراكات مع الموزعين الدوليين وإدارة التراخيص وتنظيم البرمجة في مساحات ثقافية غير تقليدية.هذه التجربة الميدانية المباشرة بين مسارح السينما الثابتة والعروض المتنقلة، وبين أسواق الخليج بجمهورها المتنوع، صقلت رؤيته في تطوير مشروع "سينما عين"، ليأتي كصياغة أكثر نضجا وخصوصية للسياق الأردني، بعيدا عن استنساخ تجارب جاهزة، بل مستندا إلى فهم دقيق لحاجات الجمهور المحلي وتحديات الجغرافيا الثقافية خارج العاصمة.تعتبر السينما المتنقلة ظاهرة ثقافية واجتماعية رافقت بدايات السينما منذ نشأتها، حيث شكلت أداة لنقل الفن السابع إلى مناطق لم تصلها صالات العرض التقليدية. فمع أول عرض سينمائي للأخوين لوميير في فرنسا عام 1895، بدأت فكرة جلب العروض إلى خارج المدن تأخذ شكلها المبكر، حيث تنقلت عروضهم بين باريس ومدن أوروبا والعالم العربي مثل الإسكندرية وبيروت وتونس، عبر قاعات مؤقتة وخيام متنقلة، لتصبح السينما المتنقلة أول وسيلة جماهيرية حقيقية لنشر الصورة المتحركة.في العالم العربي، دخلت السينما مصر سريعا مع عرض أول فيلم في الإسكندرية عام 1896، ثم افتتاح أول صالة عرض ثابتة في البلاد عام 1897. غير أن التجربة الأهم والأكثر تنظيما للسينما المتنقلة عربيا ظهرت لاحقا عام 1926 في منطقة مناجم الفوسفات بين سفاجا والقصير بالبحر الأحمر، حيث جرى لأول مرة توثيق زيارة الملك فؤاد للأعمال التعدينية بفيلم وثائقي قصير، ليتطور الأمر بعدها مع خبراء إيطاليين استخدموا عربات قطار مزودة بمعدات عرض جالت بين مواقع العمل المختلفة، مقدمة عروضا صامتة لعمال المناجم تشمل أفلام شارلي شابلن في مواقع مثل البيضا وحمضات والحمراوين وأم الحويطات. واستمر هذا التقليد سنوات، حيث خُصصت أيام أسبوعية لعروض الأفلام في تلك المناطق النائية، في نموذج مبكر لنقل السينما من المدن إلى العمال والموظفين في مواقعهم.وفي الخليج، برزت مبادرات مماثلة خلال الخمسينيات في البحرين عندما أطلقت شركة نفط البحرين (بابكو) أول نموذج مؤسسي للسينما المتنقلة في المنطقة، حيث جابت شاحنات مجهزة بالسينما القرى والمدن مقدمة عروضاً تثقيفية وترفيهية في الأندية والساحات العامة.أما على الصعيد العالمي، فقد أحدث افتتاح أول سينما سيارات في نيوجيرسي عام 1933 نقلة نوعية في مفهوم السينما المتنقلة، إذ انتشر نموذج "الدرايف إن" بسرعة في الولايات المتحدة وأوروبا وأصبح رمزاً ثقافياً في خمسينيات القرن الماضي. وفي الاتحاد السوفييتي، لعبت قطارات السينما دوراً رئيسياً منذ عشرينيات القرن الماضي في نشر التثقيف السياسي والتعليم في الأرياف، بينما اعتمدت الصين منذ الخمسينيات السينما المتنقلة كوسيلة نشر للرسائل الشيوعية بين سكان القرى النائية.وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت أجهزة العرض المحمولة أداة مركزية في التعليم والصناعة والإعلام المدني، ما وسّع من نطاق عرض الأفلام في كل مكان خارج صالات السينما التقليدية.وفي العقود الأخيرة، أعادت العديد من المبادرات حول العالم إحياء مفهوم السينما المتنقلة في صيغ معاصرة تخدم مجتمعات محلية ومناطق نزاع وإنسانية. من مشاريع "The Nomad Cinema" في بريطانيا، و"Cineambulante" في إيطاليا، و"Flicks in the Sticks" في أستراليا، وصولا إلى مشروع "سمات" في مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية ومشاريع العروض المتنقلة في القدس في أحياء العيسوية والطور وسلوان ومخيم شعفاط؛ حافظت السينما المتنقلة على وظيفتها الأساسية: أن تصل إلى الجمهور مهما ابتعدت الجغرافيا أو تعقدت الظروف.في رؤيته المستقبلية، يتطلع يزن الغزاوي إلى تحويل "سينما عين" إلى شبكة متنقلة دائمة تغطي جميع محافظات الأردن، وتتحول إلى فضاء ثقافي تفاعلي يشكل جسراً بين الثقافة والتنمية، بين المدن والقرى، وبين الماضي والحاضر. مشروع لا يقدم السينما كعرض ترفيهي عابر، بل يعيد الاعتبار للسينما كفعل اجتماعي وجمالي يومي، متجذر في نسيج المجتمع الأردني.ورغم انطلاق المشروع كمبادرة موسمية خلال شهر حزيران، إلا أن الطموح لا يتوقف عند هذا الحد. يكشف يزن الغزاوي أن الرؤية بعيدة المدى تقوم على تحويل "سينما عين" إلى برنامج متنقل مستمر يمكن أن يُقام على مدار العام في مواسم مختلفة مثل الشتاء والربيع. إلا أن استدامة هذا المشروع الطموح تتطلب، بحسب الغزاوي، بنية تحتية متنقلة دائمة، وشراكات مؤسساتية طويلة الأمد مع القطاعين العام والخاص تساهم في تغطية التكاليف التشغيلية المتكررة.فالسينما المتنقلة ليست مجرد وسيلة لنقل شاشة العرض إلى أماكن لا تصلها دور السينما التقليدية، بل هي فعل ثقافي واجتماعي يعيد بناء العلاقة بين الفن والجمهور في أوسع صورة.فمن خلال قدرتها على الوصول إلى القرى والمناطق النائية، تتحول العروض المتنقلة إلى مساحة تفاعل حقيقية تزرع البذور الأولى لثقافة سينمائية حيّة لدى شرائح مجتمعية واسعة، وتمنح أفراد المجتمع فرصة اللقاء حول قصة بصرية مشتركة تفتح النقاش والتفكير الجماعي.إن تجربة "سينما عين" في الأردن لا تقدم الأفلام بوصفها ترفيهاً عابراً، بل تسعى لصناعة علاقة دائمة بين المجتمع والصورة، تتيح بناء ذائقة بصرية جديدة وترسخ عادة اللقاء الثقافي الجماعي في زمن يزداد فيه حضور المشاهدة الفردية المعزولة، فهي استثمار طويل الأمد في بناء بنية ثقافية قابلة للنمو والاتساع داخل المجتمعات المحلية.


البوابة
١٠-٠٦-٢٠٢٥
- البوابة
ناصيف زيتون مفاجأة مهرجان جرش بنسخته الـ 39
كشفت إدارة مهرجان جرش للثقافة والفنون عن أبرز ملامح النسخة التاسعة والثلاثين من هذا المهرجان الفني الشهير الذي يقام في الأردن، والذي تنطلق فعالياته في 23 يوليو/تموز المقبل، وتستمر على مدار عشرة أيام في مدينة جرش الأثرية الأردنية. ناصيف زيتون نجم مهرجان جرش جمهور مهرجان جرش سيكون على موعد مع سهرة مميزة يحييها الفنان السوري ناصيف زيتون، الذي يفتتح أولى حفلات المسرح الجنوبي مساء الخميس 24 يوليو/تموز، في أول مشاركة له ضمن فعاليات المهرجان. وأعرب الفنان السوري في وقت سابق عن فخره بهذا الظهور قائلاً: 'إنه حلم تحقق… يشرفني أن أكون نجم افتتاح مهرجان جرش 2025، وأتمنى أن أكون عند حسن الظن.' ويضم البرنامج الفني لهذا العام أيضاً كوكبة من كبار الفنانين، من بينهم ميادة الحناوي، وأصالة نصري، وأحلام، ونور مهنا، بحسب ما أعلن مدير المهرجان أيمن سماوي، مع وعد بالكشف عن باقي الأسماء تباعاً خلال الأسابيع المقبلة. ويقدم المهرجان عدد من العروض الثقافية والفلوكلورية التي تناسب مختلف الأذواق والأعمار. وستُقام هذه الفعاليات على سبعة مسارح موزعة داخل مدينة جرش، كما يشارك في المهرجان جناح خاص بالسفارات، يعرض قطعاً تراثية ومشغولات يدوية تعبّر عن هوية وثقافة الدول المشاركة. ويُعد مهرجان جرش واحداً من أعرق المهرجانات الثقافية والفنية في المنطقة، حيث يجمع سنوياً بين الفن، التراث، والموسيقى في مشهد احتفالي متكامل يعكس التنوع الثقافي الغني في الأردن والعالم العربي.