logo
حين يباع التضامن بألف يورو.. شهادة السكنى تكشف وجها مؤلما لمغاربة إسبانيا

حين يباع التضامن بألف يورو.. شهادة السكنى تكشف وجها مؤلما لمغاربة إسبانيا

هبة بريسمنذ 6 أيام
عمر الرزيني- مكتب برشلونة
في قلب المجتمع المغربي المهاجر بإسبانيا، تبرز تحديات معقدة تعكس أحيانا هشاشة العلاقات الداخلية، وتضع القيم المشتركة على المحك.
شهادة السكنى، تلك الوثيقة الإدارية البسيطة التي من المفترض أن تكون وسيلة لفتح أبواب الحقوق الأساسية للمهاجرين، تحولت في بعض الأوساط إلى سلعة تباع وتشترى بمبالغ قد تصل إلى 1000 يورو، في سلوك يصعب تبريره مهما كانت الظروف، هذا الواقع المؤلم الذي بدأ يتفشى في مدن الكبرى باسبانيا، خصوصا برشلونة ومدريد.
هذا ولطالما اعتبر المغاربة في المهجر، وخصوصا في إسبانيا، مثالا على الروح التضامن الجماعية، وعلى التآزر بين أفراد الجالية، خصوصا حين يتعلق الأمر بمساعدة حديثي الوصول أو من يمرون بظروف قانونية صعبة، وقد لعبت العديد من الجمعيات المغربية بالخارج دورا محوريا في هذا الجانب، مقدمة يد العون، ومكرسة ثقافة الوقوف مع الآخر، دون مقابل، غير أن الواقع الذي يطفو على السطح يضع هذه الصورة موضع تساؤل.
ما يجري اليوم لا يتعلق فقط بتحول أفراد من الجالية إلى سماسرة يتاجرون في حاجة الغير، بل يتعلق بتآكل منظومة أخلاقية وإنسانية، فبيع وثيقة سكنى لشخص لا يملك عقد إيجار، ولا مأوى ثابت، ولا حتى شبكة دعم، ليس مجرد صفقة عابرة، بل هو شكل من أشكال الإقصاء والإذلال، يعمق من هشاشة هذا الإنسان بدل انتشاله.
إن الحديث عن هذه الظاهرة لا يهدف إلى جلد الذات، بل إلى دق ناقوس الخطر، لأننا أمام مشهد يهدد وحدة الجالية المغربية بالخارج، ويضعف ثقة المهاجر في محيطه الطبيعي، مما يجعله عرضة للاستغلال، وربما للسقوط في براثن العزلة والتهميش. وإذا كانت السلطات المحلية الإسبانية تتحمل جزءا من المسؤولية بسبب تأخرها في تقديم حلول واضحة وعملية لتسهيل الاندماج وتسوية الوضعيات القانونية، فإن على أفراد الجالية أيضا مسؤولية أخلاقية ومجتمعية لا تقل أهمية.
الوعي بهذه الظواهر، والحديث عنها بجرأة، هو الخطوة الأولى نحو إعادة ترميم ما تآكل، ولا نحتاج إلى شعارات كبيرة، بل إلى ممارسات صغيرة تعيد لثقافة التعاون معناها الحقيق، و أن يمنح فرد شهادة سكنى لآخر مجانا، ليس تنازلا بل هو استثمار في مجتمع أكثر تماسكا، وأكثر احتراما للكرامة الإنسانية، فالقيمة لا تقاس بالمبلغ الذي يدفع، بل بالأثر الذي يترك في حياة إنسان.
الهجرة في جوهرها ليست مجرد انتقال جغرافي، بل انتقال جماعي لقيم وهوية ومسؤوليات، وكلما حافظنا على جذور التضامن، كلما ضمنا بقاء الجالية متماسكة، واقفة، ومؤثرة في محيطها.
وما يؤلم في هذا الواقع ليس فقط أن مغاربة يعانون في صمت وهم يطرقون كل الأبواب للحصول على شهادة سكنى تمكنهم من تسوية أوضاعهم القانونية والعيش بكرامة، بل أن بعض من يبيعون هذه الوثيقة هم من نفس الجالية، بل من نفس الدم، أحيانا يبيعونها لأقاربهم، لأصدقائهم، لآباء وأمهات في أمس الحاجة، بلا حياء ولا ضمير، لا يرون في هذا المستفيد إنسانا في أزمة، ولا رب أسرة نازحا بلا مأوى، بل يرونه فقط فرصة للربح، لأنه 'ضعيف' أو 'محتاج'، وكأن الضعف صار تهمة، والمساعدة صارت تجارة.
إنها لحظة مؤلمة حين يتحول المهاجر إلى عائق أمام مهاجرٍ آخر، لا نصيرا له، والأنكى حين تمتد هذه العقلية إلى من عاشوا التجربة ذاتها بالأمس القريب، ثم نسوا أو تناسوا، وقرروا أن يبيعوا معاناتهم السابقة على هيئة توقيع مقابل مال.
يقول الله تعالى:
'وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ'
– [سورة الشعراء، الآية 183]
كلمة موجهة لكل من يستغل حاجة
الناس: ما تبيعه اليوم بدم بارد، قد تبتلى به غدا، فالدنيا دول، وما تقدمه لأخيك سترى أثره، خيرا كان أو شرا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'صفا ومروة… والهرولة خارج شعائر الله!'
'صفا ومروة… والهرولة خارج شعائر الله!'

صوت العدالة

timeمنذ 5 ساعات

  • صوت العدالة

'صفا ومروة… والهرولة خارج شعائر الله!'

بقلم: دواي طارق في زمن تتعدد فيه الأقنعة، وتغيب فيه النية، صرنا نرى طوابير من الساعين… لا إلى الحق، بل خلف مصالحهم. ساعون هرولوا بين الصفا والمروة، لا كما أمر الله، بل كما أمرهم ذكاؤهم الماكر في التحايل على القانون، وتطويعه حتى صار القانون نفسه أداة مرنة في يد من يمسك بالقلم لا بالميزان. هم ليسوا بسطاء، بل فقهاء قانون،أشخاص امتهنوا النصوص لا لتطبيقها بعدل، بل لتدويرها مثل عجلة الحظ، فيخرج منها دوماً الرابح نفسه،المتحايل،هؤلاء لا يشبهون الطغاة الذين يهدمون القانون علناً… بل هم أخطر !يعبدونه في الظاهر، ويذبحونه في السر. هم يعلمون الفروق الدقيقة بين 'الفقرة' و'العبارة'، ويعرفون كيف يصوغون مرسوماً بوجهين، ويحررون عقداً له لسانان: لسان للعلن ولسان للبنوك. المشي بين الصفا والمروة… شعيرة،لكن مشي هؤلاء هرولة مشبوهة بين مصالح متضاربة، بين كرسي وكرسي، بين مصلحة حزب ومصلحة جيب. نسوا أن السعي الذي شرعه الله كان طاعةً، لا مناورة، وكان إخلاصاً لا التواءً. رئيس حكومة؟ ووزير عدل؟ ونواب؟كلهم في مسيرة قانونية… لكن أين الوجهة؟هل يطوفون حول مصلحة الشعب؟ أم أنهم عاكفون حول مصالحهم؟يرفعون شعار 'دولة القانون'، لكنهم أول من يغرس المسامير في نعشه. يدّعون حماية الدستور، وهم أول من يشوه روحه بلغة باردة في مذكرات تفسيرية ملتوية.والمثير أن المواطن البسيط حين يُخطئ، يُسحق تحت عجلة القانون، أما هم، فالقانون نفسه يقف ليحيّيهم، ويمنحهم ممرًا آمناً،نعم، لقد أبدعوا في الهرولة هرولة تشبه رقصة الظلال… لا تثبت على موقف، ولا تمسك بمبدأ. يركضون، يتسابقون، يتناوبون على تبرير القرارات والتعيينات والتراجعات، حتى نسينا ملامح الحقيقة تحت غبار خطبهم. أين هي العدالة؟ هل اختبأت بين دفتي الدستور؟ أم ضاعت في دهاليز المحاكم؟هل يعقل أن تكون 'المشروعية' أداة للمكر؟ أم أن 'النية' أصبحت شيئاً منسيّاً في عُرف المشرّعين الجدد؟ لا يا سادة، لا يليق أن نُشبّه ما تفعلونه بشعيرة من شعائر الله. الشعائر تُؤدّى بنقاء، وأنتم تسعون بالقلوب الميتة. تمشون، تسرعون، تبرّرون، وتظنون أنكم تطوفون… لكن الطواف لا يُقبل بنية ملتوية

ألمانيا.. 800 مليون يورو لاستيعاب طائرات الشبح الأمريكية
ألمانيا.. 800 مليون يورو لاستيعاب طائرات الشبح الأمريكية

أخبارنا

timeمنذ 6 ساعات

  • أخبارنا

ألمانيا.. 800 مليون يورو لاستيعاب طائرات الشبح الأمريكية

قالت وزارة الدفاع الألمانية ردا على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إنه المتوقع أن ترتفع التكاليف الإجمالية لإعادة هيكلة مطار بوشل العسكري في منطقة "آيفل" غرب البلاد والتي قدرت في البداية بـ1.2مليار يورو، إلى حوالي ملياري يورو، أي بتكلفة إضافية قدرها 800 مليون يورو وذلك حتى يتمكن المطار من استقبال طائرات إف ـ 35 الشبحبة الأمريكية الصنع. وقالت متحدثة باسم الوزارة: "يشمل الحساب الأساسي جميع بنود الإنفاق المتوقعة حاليا وعوامل التكلفة، بما في ذلك أقساط المخاطر، ولكن نظرا للتحديات الخاصة التي يواجهها المشروع، لا يمكن أن يمثل هذا سعرا نهائيا ثابتا". متطلبات أمنية صارمة وأوضحت المتحدثة أنه لا يمكن استبعاد زيادات إضافية في الأسعار، على سبيل المثال بسبب زيادة عدد الموظفين لتلبية "الجداول الزمنية الطموحة للغاية"، وقالت "سيجرى تحديد التكاليف الإجمالية بعد اكتمال المشروع في عام 2027". وطلبت الحكومة الألمانية 35 طائرة مقاتلة من طراز "إف35-" من الولايات المتحدة الأمريكية بغرض مشاركة ألمانيا في الردع النووي لحلف شمال الأطلسي (ناتو). ويمكن تزويد تلك المقاتلات بالقنابل النووية الأمريكية المخزنة في بوشل. وفي أواخر يونيو الماضي، أقرت وزارة الدفاع الألمانية بأن التكاليف سترتفع بمئات الملايين من اليورو. ومن المقرر توقيع عقد مع المقاول العام على الإطار الجديد للمشروع في أغسطس المقبل. ويعزى ارتفاع التكلفة إلى المتطلبات الأمنية الصارمة وضغط الوقت الشديد. وقالت المتحدثة باسم الوزارة إنه لم يكن من الممكن في بداية المشروع تقدير التكاليف الإضافية التي ستسببها "المتطلبات الأمنية الهائلة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية أيضا خلال العملية"، وأضافت "كان تأجيل المشروع لتجنب ارتفاع التكاليف خيارا غير وارد، إذ لا يمكن تأجيل الجدول الزمني الخاص بنشر طائرات إف35- اعتبارا من عام 2027"، موضحة أن تمديد فترة التنفيذ إلى ضعف المدة "في الظروف العادية" كان سيزيد أيضا التكاليف.

جلالة الملك يهنئ الرئيس المصري بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليوز
جلالة الملك يهنئ الرئيس المصري بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليوز

جريدة الصباح

timeمنذ 8 ساعات

  • جريدة الصباح

جلالة الملك يهنئ الرئيس المصري بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليوز

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر، بمناسبة تخليد بلاده لذكرى ثورة 23 يوليوز. وأعرب جلالة الملك في هذه البرقية، باسم جلالته الخاص وباسم الشعب المغربي، عن أطيب التهاني للسيسي، 'راجيا من الله تعالى أن يعيد هذا اليوم الوطني المجيد على الشعب المصري الشقيق بمزيد الرخاء والازدهار'. ومما جاء في البرقية 'كما أود، بهذه المناسبة السعيدة، أن أجدد لفخامتكم اعتزازي بالعلاقات الأخوية المتميزة التي تجمع بلدينا، والتي لي كامل اليقين أنها ستواصل تطورها المطرد بفضل إرادتنا المشتركة وتنسيقنا المستمر في خدمة مصالح وتطلعات شعبينا الشقيقين'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store