الإصلاحات المنتظرة: رواتب بآلاف الدولارات لموظّفين "خمس نجوم"
تسير الحكومة بين ألغام كثيرة وتحاول التوفيق بين متطلّبات الداخل ومتطلّبات الخارج على كافة المستويات، علّها تُخرِج البلد من أزمته التي تتفاقم مع الوقت. وفي معرض محاولتها هذه، تتغاضى عن احتقان يتراكم داخل الإدارات والمؤسسات العامة، وتحديداً لناحية التفاوت الهائل في الرواتب. فرواتب الغالبية العظمى من الموظّفين أصبحت فُتاتاً، وعوَضَ إيجاد الحلّ المناسب، لا يلقى هؤلاء تجاهلاً من حكومتهم فقط، وإنما "استفزازاً يتمثّل بالتمييز بين الموظّفين، فهناك مَن هم خمس نجوم ورواتبهم خيالية، وموظّفون يُدفَع بهم إلى الهلاك"، على حدّ تعبير مصادر في رابطة موظّفي الإدارات العامة.
رواتب إصلاحية؟
طوى موظّفو الإدارات والمؤسسات العامة صفحة الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي باعتبارها آخر حكومات عهود الفساد، وانتظروا بشارة العهد الجديد الآتي بالإصلاحات الإنقاذية، لكنّهم حتى اللحظة، يلمسون العكس "إذ يتبين أنّ الحكومة الحالية لا تسعى إلى قطيعة نهائية مع مسار الحكومات السابقة، وهي وإن كانت تحمل شعار الإصلاح، فإنها تريد تحقيقه على حساب موظّفي الإدارات العامة، الأمر الذي سينعكس سلباً على مسار الإصلاح في المستقبل القريب، في حال لم تنتبه الحكومة إلى الخلل المستمر في الرواتب".
وتقول المصادر في حديث لـ"المدن"، إنّ مسألة تحسين الرواتب "هي قضية مفتوحة طالما أنّ نهج التمييز بين الموظفين مستمر. فهناك رواتب تحتسب قيمتها آلاف الدولارات ورواتب تساوي بضع مئات منها. وهذا الفارق لا يخضع للتفاوت الإداري الطبيعي بين الموظفين، وإنما يعود لقرار واضح بحماية القطاعات التي تدرّ أموالاً على حساب قطاعات أخرى ذات أهمية استراتيجية للدولة. فالحكومة على سبيل المثال، تولي قطاع الاتصالات أهمية كبرى، رغم أنّه من أكثر القطاعات ضماناً لمصالح المتنفّذين والقطاع الخاص، بدل ضمان حقّ الدولة والمواطنين".
وتسلّط المصادر الضوء على قطاع الاتصالات انطلاقاً من أنّ "تفعيل الهيئة الناظمة للقطاع، أتى بخلفية إصلاحية، لكن رأينا أنّ راتب رئيس الهيئة محدّد بـ716 مليون ليرة، أي 8000 دولار وفق سعر الصرف الرسمي المعتمد بـ89500 ليرة، في حين أنّ راتب كل عضو من أعضاء الهيئة محدّد بـ626 مليون و500 ألف ليرة، أي 7000 دولار، وذلك وفق ما نشر في الجريدة الرسمية في العدد 21 بتاريخ 15/5/2025، بإمضاء رئيسيّ الجمهورية والحكومة ووزيريّ المالية والاتصالات". علماً أنّ الهيئة تتألّف من رئيس و4 أعضاء، أي أنّ مجموع الرواتب الشهرية للهيئة تبلغ 36000 دولار.
وهذه الرواتب، بحسب المصادر "ليست إصلاحية بأي حال، بل تعمّق الهوّة بين موظّفي الدولة، وتؤكّد أنّ لا عدالة في توزيع الرواتب، وهذا الأمر لا ينحصر فقط في الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات، بل يشمل مؤسسات وإدارات ومرافق أخرى في الدولة، ومنها كهرباء لبنان وكازينو لبنان والمصرف المركزي والميدل إيست وغيرها".
\تطوير القطاعات والرواتب
استغراب الفارق الهائل في الرواتب والتمييز الواضح بين الموظّفين، لا يعني بحسب المصادر وقف مسار الإصلاح "فالهيئة الناظمة للاتصالات ومثلها الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتفعيل العمل في مختلف المؤسسات والإدارات العامة هو أمر ضروري في هذه المرحلة، لكن القانون الإداري يقتضي وحدة التشريع، والعدالة تقتضي تحسين الرواتب للجميع. وبالتالي، نحن لا ندعو إلى خفض رواتب مَن أقرت لهم الدولة رواتب مرتفعة، لكن طالما أنّ الدولة تملك المال، فلماذا لا ترفع رواتب باقي الموظفين بشكل عادل؟".
أمّا إبقاء الوضع على ما هو عليه، فيعني بنظر المصادر، أنّ الدولة "تطلق مسار الإصلاح بدون تطوير الإدارات والمؤسسات العامة من الداخل. وعليه، كيف ستعمل الهيئة الناظمة للاتصالات في ظل إدارة متهالكة في القطاع؟ وكذلك الأمر بالنسبة للكهرباء وباقي القطاعات الحيوية". ولذلك، تشدّد المصادر على أنّ الحل الأنسب يكون بـ"توزيع الموارد بطريقة تضمن تحسين أداء الإدارات العامة، لجهة رفع رواتب الموظفين وتأهيلهم وتدريبهم على تقنيات جديدة، وشراء معدّات جديدة بكفاءة عالية... وبهذه الطريقة تكون الدولة قد وظّفت أموالها بطريقة رشيدة".
وبالتركيز على قطاع الاتصالات، فإنّ الهيئة الناظمة للقطاع التي تتقاضى عشرات آلاف الدولارات شهرياً "عليها وقف احتكار القطاع من قِبَل شركتين تقدّمان الخدمات والأسعار عينها بعيداً من أي منافسة تصبّ في صالح المواطنين. وعلى الدولة الكفّ عن كونها راعية للاحتكار في هذا المجال".
ما يركّز عليه الموظّفون اليوم ليس سوى ورقة من أوراق كثيرة يحاولون القول عبرها أنّ هناك أسس أكثر وضوحاً للإصلاح. وعليه، يتحرّك موظّفو الدولة إلى جانب المتقاعدين، مدنيين وعسكريين لتحصيل حقوقهم، وتتفاوت الملفات التي يكشفونها لتبيان الحقوق وكيفية انتزاعها. ويعمل هؤلاء على إطلاع الرأي العام على واقع أنّ ضمان الحقوق لا يتعارض مع الإصلاح، بل العكس، إذ أنّ إجراء الإصلاحات الفعلية بدءاً من مرافق وإدارات عامة معيّنة، كفيل بإعادة حقوق الدولة المسلوبة، وإعطاء الموظفين حقوقهم.
خضر حسان - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
ملايين الدولارات سيخسرها لبنان.. "اليونيفيل" مصدرها!
تتجه الأنظار بشدّة إلى قوات "اليونيفيل" والحديث المتكرر عن إنهاء مهامها في لبنان، رغم أنه لا كلام رسمياً في هذا الإطار حتى الآن، وإن كان الضغط الإسرائيلي ذاهب بهذا الاتجاه. اقتصادياً، فإنّ مسألة انسحاب "اليونيفيل" من لبنان ستؤدي إلى عواقب سلبية، وتقولُ مصادر اقتصاديّة إنَّ الضغط الأميركي باتجاه إنهاء مهام "اليونيفيل" في لبنان، سيُساهم بإنهاء مورد ماليّ كان يُنعش لبنان سنوياً من خلال تلك القوات الدولية. وتشير المصادر إلى أن ميزانية "اليونيفيل" السنوية تتجاوز نصف مليار دولار، موضحة أن جزءاً وفيراً من هذه الميزانية يُدفع في لبنان، ناهيك عن المشاريع الإنمائية التي تقوم بها "اليونيفيل" في مناطق جنوب لبنان المُختلفة. وذكرت المصادر أنَّ التحويلات المالية لـ"اليونيفيل" باتجاه لبنان ستتوقف مع إنهاء مهامها، ما يعني انتهاء مصدر أساسي للمال يعني لبنان من جهة، وتوقف أي مشاريع إنمائية يجري تمويلها أيضاً من جهة أخرى. في المُقابل، يقول خبير اقتصادي لـ"لبنان24" إنَّ "انسحاب قوات اليونيفيل سيؤدي إلى مزيد من الخسائر الاقتصادية للبنان الذي يُعاني أصلا من خسائر هائلة ومُتراكمة". ولفت إلى أن "وجود اليونيفيل يُعزز الاستقرار ويُساعد على إضافة أجواء إيجابية تُساهم في تحفيز العملية الاقتصادية. أما خروجها من لبنان فسيؤدي إلى فقدان ما تبقى من ثقة أو عوامل استقرار فيه وإلى تدهور رهيب في الحالة العامة تنعكس حُكماً خسائر اقتصادية". وتابع: "انهاء مهام اليونيفيل سيؤدي أيضا إلى خسارة العديد من فرص العمل التي تم توفيرها للبنانيين من خلال الأعمال المُساندة لهذه القوات مثل توظيف مترجمين وفنيين وتقنيين يتقاضون عليها رواتب مقبولة". وشدد على ان "انسحاب اليونيفيل سيؤدي إلى خسارة المجتمع الجنوبي من الخدمات التي كانت تؤمنها هذه القوات الدولية للجنوبيين لتعزيز وجودهم في قراهم". ولفت إلى أنَّ "خروج اليونيفيل سيؤدي إلى حرمان البيئة المحلية الجنويبة من الخدمات الهائلة التي كانت تؤمنها هذه القوات من خلال تقديم دورات تدريبية مجانية في الزراعة وتربية المواشي والنحل والمساعدة على التنمية المُستدامة والصناعات الغذائية والكثير من الأمور التي كانت تُقدمها وهذه عوامل مهمة في التنمية المحلية خسارتها ستكون كبيرة".


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
"بلومبرغ": زوكربيرغ يشكل فريقاً "بنفسه" لبناء "الذكاء العام الاصطناعي"
ذكرت وكالة "بلومبرغ نيوز" اليوم أن المدير التنفيذي لشركة ميتا بلاتفورمز الملياردير مارك زوكربيرغ ، يعمل على تشكيل فريق من الخبراء لبناء ما يسمى "الذكاء العام الاصطناعي"، أو الآلات التي يمكنها محاكاة القدرات البشرية أو تجاوزها. وأضافت الوكالة نقلاً عن مصادر أن زوكربيرغ يُشكل فريق الذكاء الاصطناعي الجديد تزامنا مع استثمار معلن عنه بأكثر من 10 مليارات دولار في شركة سكيل إيه آي، وأن من المتوقع انضمام ألكسندر وانغ مؤسس الشركة لفريق "الذكاء العام الاصطناعي" بعد إتمام الصفقة. ولم يتسن لرويترز التحقق بعد من تقرير بلومبرغ. فيما لم ترد ميتا على طلب للتعليق خارج ساعات العمل الرسمية، وفقًا لـ "رويترز" وأشارت الوكالة إلى أن خطط زوكربيرغ لتوظيف نحو 50 شخصا بنفسه، بما في ذلك رئيس جديد لفريق الذكاء العام الاصطناعي مدفوعة جزئيا بحالة الإحباط حيال أداء واستقبال نموذج إل.إل.إيه.أم.إيه4، وهو نموذج لغوي كبير طورته الشركة.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
ارتفاع بأسعار الذهب اليوم... كم بلغ؟
ارتفعت أسعار الذهب اليوم الأربعاء إذ أثّرت حالة الغموض التي تحيط باللمسات الأخيرة على اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والصين على المعنويات وحفزت الإقبال على شراء أصول الملاذ الآمن، مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأميركية الرئيسية للتنبؤ بتحركات الأسواق. بحلول الساعة 05:44 بتوقيت غرينتش، صعد الذهب في المعاملات الفورية 0.5 بالمئة إلى 337.99 دولار للأوقية (الأونصة). وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.5 بالمئة إلى 3359.20 دولار. وقال مسؤولون أميركيون وصينيون، أمس الثلاثاء، إنّهم اتفقوا على إطار عمل للمضي في الهدنة التجارية وإزالة القيود التي تفرضها الصين على تصدير المعادن الأرضية النادرة، بعد مفاوضات دامت يومين في لندن. ويسعى الوفدان إلى الحصول على موافقة رئيسَي البلدين. إلى ذلك، قال مات سيمبسون، كبير المحللين في سيتي إندكس: "نعلم أن المفاوضين الأميركيين والصينيين اتفقوا على (إطار عمل) لكن إلى أن يوافق ترامب وشي على ذلك، فإن حالة الغموض لا تزال قائمة. وحالة الغموض هذه تدعم الذهب مع قرب صدور بيانات التضخم". وتبادلت الولايات المتحدة والصين فرض رسوم جمركية في نيسان / أبريل مما أدى إلى اندلاع حرب تجارية. وعقب المحادثات التي جرت في جنيف الشهر الماضي، اتفقت الدولتان على خفض الرسوم الجمركية بشكل كبير. وخفض البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 بنسبة 0.4 بالمئة إلى 2.3 بالمئة قائلاً إنّ ارتفاع الرسوم الجمركية وتزايد حالة عدم اليقين يُشكّلان "رياحاً معاكسة كبيرة" لجميع الاقتصادات تقريباً. وذكرت مؤسسة إيه.إن.زد للأبحاث في مذكرة "على المدى القصير، من المرجح أن يتماسك سعر الذهب قبل أن يرتفع مرة أخرى نحو 3600 دولار للأوقية بحلول نهاية العام". قد تمنح بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي المقرر صدورها في الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش المستثمرين المزيد من المؤشرات بشأن مسار سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي). وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.1 بالمئة إلى 36.52 دولار للأوقية، وارتفع البلاتين 1.4 بالمئة إلى 1238.97 دولار، وصعد البلاديوم واحداً بالمئة إلى 1070.88 دولار.