logo
"الوعد الصادق" سلسلة عمليات عسكرية شنتها إيران ضد إسرائيل

"الوعد الصادق" سلسلة عمليات عسكرية شنتها إيران ضد إسرائيل

الجزيرةمنذ يوم واحد

منذ أبريل/نيسان 2024، شرعت إيران في تنفيذ سلسلة من الهجمات العسكرية المباشرة ضد إسرائيل أطلقت عليها اسم "الوعد الصادق". وقد شكّلت النسخ الثلاث من هذه العمليات تحولا إستراتيجيا في طبيعة الصراع بين الجانبين، منتقلة به من نمط الحرب بالوكالة إلى مواجهات عسكرية مباشرة وعلنية.
الأسباب والدوافع
نفذت إيران "عملية الوعد الصادق 1" في 13 أبريل/نيسان 2024، ردا على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر ذاته، وأدى إلى مقتل قائدين بارزين في فيلق القدس التابع لل حرس الثوري الإيران ي، هما العميد محمد رضا زاهدي ومساعده العميد محمد هادي حاج رحيمي، إضافة إلى 5 مستشارين عسكريين إيرانيين.
وصفت إيران الهجوم على قنصليتها بأنه "انتهاك للقانون الدولي" و"عمل عدائي"، وتعهدت بالرد، وقد صرح السفير الإيراني في دمشق آنذاك حسين أكبري بأن "الرد سيكون حاسما".
في ليلة 13 أبريل/نيسان 2024، شنت إيران هجوما غير مسبوق، وأطلقت للمرة الأولى في تاريخها مئات الطائرات المسيرة و الصواريخ الباليستية مباشرة من أراضيها نحو أهداف في إسرائيل.
ووفق وسائل إعلام إيرانية تراوح عدد المقذوفات بين 350 و400 من الطائرات المسيرة والصواريخ، بينما ذكرت إسرائيل أن الهجوم تضمن 185 طائرة مسيرة و36 صاروخ كروز و110 صواريخ أرض-أرض.
استهدفت العملية بشكل أساسي قواعد عسكرية إسرائيلية تعتقد طهران أنها استُخدمت في الهجوم على قنصليتها في دمشق، وعلى رأسها قاعدة نيفاتيم.
وأشار رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إلى أن الضربات تمحورت حول موقعين رئيسيين هما، قاعدة تجسس في مرتفعات الجولان وقاعدة نيفاتيم الجوية، التي كانت مركز انطلاق الطائرات التي نفذت الهجوم على القنصلية الإيرانية.
أعلنت إسرائيل أنها تمكنت من اعتراض 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية، في حين أكد التلفزيون الإيراني أن نحو نصف الصواريخ أصابت أهدافها المحددة. ووفق تحليل نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، بلغت نسبة الاعتراض الفعلية قرابة 84%، مع وقوع أضرار في بعض المواقع العسكرية المستهدفة.
وأسفر الهجوم عن أضرار طفيفة طالت مطارا عسكريا وقاعدة تابعة ل لجيش الإسرائيلي ، إضافة إلى إصابة فتاة بجروح طفيفة، وفق ما أعلنه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي آنذاك دانيال هاغاري.
وعلى الصعيد الدولي، قوبل الهجوم الإيراني بإدانات من دول عدة، بينما أكدت طهران أن العملية كانت ضمن حقها في الدفاع عن النفس استنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
عملية الوعد الصادق 2
الأسباب والدوافع
أطلقت إيران هذه العملية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024، ردا على اغتيال إسرائيل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية ، في 31 يوليو/تموز 2024 أثناء زيارته إلى طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
كما اعتبرت إيران هجومها انتقاما لاغتيال الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني ، حسن نصر الله ، الذي اغتالته إسرائيل يوم 27 سبتمبر/أيلول 2024 بغارة جوية على الضاحية الجنوبية ل بيروت ، وأسفرت أيضا عن مقتل عدد من القيادات العسكرية البارزة في الحزب، إضافة إلى نائب قائد عمليات الحرس الثوري الإيراني عباس نیلفوروشان.
وصف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي هذه الاغتيالات بأنها "جرائم لن تمر دون عقاب"، وتعهد بأن "القوات المسلحة الإيرانية ستجعل النظام الصهيوني الخبيث بائسا".
شنت إيران هجوما صاروخيا واسع النطاق استهدف إسرائيل، وأسفر عن وقوع إصابات بشرية وأضرار مادية، كما تسبب في إغلاق المجال الجوي. وتزامنًا مع ذلك، دوت صفارات الإنذار في أنحاء متفرقة، مما دفع عددا كبيرا من الإسرائيليين إلى الاحتماء في الملاجئ.
إعلان
شمل الهجوم أكثر من 250 صاروخا من طرازات مختلفة، من بينها صواريخ باليستية من نوع "فتاح-1″، انطلقت من مواقع عدة داخل البلاد، أبرزها تبريز وكاشان وضواحي طهران.
وقد شكّل استخدام الصواريخ الفرط صوتية لأول مرة تطورا لافتا في القدرات العسكرية الإيرانية، وفق ما أوردته وسائل الإعلام الرسمية في طهران.
وأكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، الجنرال محمد باقري ، أن العملية ليست سوى البداية، محذرا من أن "الهجوم سيتكرر وبقوة أكبر، وستكون جميع البنى التحتية للكيان الإسرائيلي ضمن نطاق الاستهداف" إذا أقدمت إسرائيل على الرد.
أفادت بلدية "هود هشارون"، الواقعة شمال تل أبيب ، بتعرض نحو 100 منزل لأضرار جراء القصف الصاروخي الإيراني. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن البلدية تأكيدها عدم تسجيل إصابات بشرية، رغم الأضرار الواسعة التي لحقت بالمباني.
وأوضحت البلدية أن بعض المنازل تعرضت لأضرار جسيمة تتطلب وقتا طويلا لإصلاحها، في حين أن الأضرار التي لحقت بعشرات المنازل الأخرى كانت طفيفة نسبيا.
وفي سياق متصل، كشف الجيش الإسرائيلي يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ولأول مرة، أن الهجوم الصاروخي الإيراني استهدف قاعدتي سلاح الجو "نيفاتيم" و"تل نوف".
ووفق ما نقلته إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن القاعدتين لا تزالان تعملان بكامل طاقتهما التشغيلية، رغم تعرضهما للهجوم.
ويرى مراقبون أن السلطات الإسرائيلية تمارس تعتيما إعلاميا صارما على حجم الخسائر التي خلفها الهجوم، وتفرض قيودا على التصوير وتداول المواد البصرية، وتحذر من الإدلاء بأي معلومات للوسائل الإعلامية في هذا الشأن إلا عبر جهات إعلامية تخضع لرقابتها المشددة.
عملية الوعد الصادق 3
الأسباب والدوافع
شكّلت عملية "الوعد الصادق 3" ذروة التصعيد المباشر بين إيران وإسرائيل، وقد جاءت ردا انتقاميا على هجوم إسرائيلي واسع شنّه الجيش الإسرائيلي فجر يوم 13 يونيو/حزيران 2025، تحت اسم "الأسد الصاعد"، استهدف منشآت نووية إيرانية، وأسفر عن مقتل علماء نوويين وقادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني، على رأسهم قائده اللواء حسين سلامي.
إعلان
بعد مرور 18 ساعة على بدء الهجوم الإسرائيلي، شنّت إيران هجومين صاروخيين مكثفين استهدفا العمق الإسرائيلي، باستخدام مئات الصواريخ الباليستية، فيما وصف بأنه أكبر عملية هجومية تنفذها طهران ضد إسرائيل.
وأكد الحرس الثوري الإيراني تنفيذ ضربات على عشرات الأهداف داخل إسرائيل، تضمنت مراكز عسكرية و قواعد جوية.
ونقلت رويترز عن مسؤول إيراني رفيع المستوى قوله "لن يكون هناك أي مكان آمن في إسرائيل، وانتقامنا سيكون مؤلما، والعدو الصهيوني سيدفع ثمنا باهظا لاغتياله قادتنا وعلماءنا وأبناء شعبنا".
بعدما أكدت وكالة الأنباء الإيرانية "بدء الرد الإيراني الساحق" بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية باتجاه إسرائيل، طالبت الجبهة الداخلية الإسرائيلية المواطنين بدخول الملاجئ بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران.
وأعلنت الجبهة الداخلية إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس المحتلة ومدن إسرائيلية عدة، وأظهرت صور مباشرة تصاعد أعمدة الدخان من أحد المواقع في تل أبيب، وأكدت القناة 13 الإسرائيلية اندلاع حريق قرب مقر وزارة الدفاع.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، تعرضت 9 مناطق في إسرائيل للاستهداف من الصواريخ الباليستية الإيرانية، وبلغ عدد الخسائر البشرية 3 قتلى و90 مصابا.
وقد وصف قائد شرطة لواء تل أبيب الهجوم الإيراني بأنه "حدث كبير" استهدف مواقع عدة، وأشار إلى انهيار وتدمير طوابق في عدد من المباني.
ومن جهتها، أفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن "دمارا غير مسبوق" لحق بمنطقة تل أبيب الكبرى، حيث تعرضت عشرات المباني والمركبات لأضرار مباشرة بفعل الصواريخ الإيرانية أو شظايا صواريخ الاعتراض.
وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تضرر مبنى مكوّن من 32 طابقا في تل أبيب، بينما أفادت القناة 12 بإجلاء 300 شخص من منازلهم. كما دمرت الصواريخ 9 مبانٍ بالكامل في رمات غان، وتضررت مئات أخرى، فيما أعلن رئيس بلدية المدينة أن 100 شخص أصبحوا بلا مأوى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أضرار جسيمة إثر الهجوم الإيراني على بات يام جنوب تل أبيب
أضرار جسيمة إثر الهجوم الإيراني على بات يام جنوب تل أبيب

الجزيرة

timeمنذ 41 دقائق

  • الجزيرة

أضرار جسيمة إثر الهجوم الإيراني على بات يام جنوب تل أبيب

أسفر الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل عن أضرار جسيمة في مدينة بات يام جنوب تل أبيب التي تعرضت لسقوط عشرات الصواريخ، وتسببت بمقتل 6 إسرائيليين وإصابة 200 آخرين. وأعلنت السلطات الإسرائيلية بات يام موقعا كثير الإصابات وواسع الدمار، وسط تقديرات بوجود نحو 35 مفقودا في موقع سقوط الصاروخ الإيراني. وقال رئيس بلدية بات يام ظهر اليوم إنه يتوقع ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية. وضمن موجة القصف الأخيرة، أفادت الإذاعة الإسرائيلية العامة بأن عشرات المنازل والمباني تضررت جراء تركز سقوط الصواريخ الإيرانية في مدينة بات يام قرب تل أبيب. وقال قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية إن الليلة الماضية كانت صعبة على إسرائيل، وإن فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين تحت الأنقاض في بات يام. مركز للتعرف على القتلى وكشفت صحيفة يسرائيل هيوم أن فرقا طبية إسرائيلية قررت إنشاء مركز للتعرف على القتلى في بات يام. ويعني إنشاء هذا المركز أن القتلى الذين سقطوا جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية "يصعب التعرف عليهم"، في إشارة إلى حجم التفجير والقدرة التدميرية الكبيرة للصواريخ الإيرانية، وفق مراسل الجزيرة في فلسطين محمد خيري. إعلان كما يعني إنشاء المركز أن التقديرات الرسمية بأن الخسائر البشرية الإسرائيلية -قتلى وجرحى- التي قد يعلن عنها قريبا "كبيرة" -حسب خيري- في ظل وجود عشرات لا يزالون تحت الأنقاض، وفقد الاتصال بهم. بداية الهجوم وتعرّضت إسرائيل -الليلة الماضية- لهجوم صاروخي إيراني على دفعتين، مخلفا دمارا كبيرا وقتلى وجرحى في مناطق بينها تل أبيب وحيفا، في حين قالت مصادر إيرانية إن الصواريخ المستخدمة تكتيكية ومزودة برؤوس شديدة الانفجار. واستهدف الهجوم الأول مدنا في إسرائيل بـ40 صاروخا، بينما استهدف الثاني مدن تل أبيب وروحوف وبات يام جنوب تل أبيب بـ50 صاروخا. وبدأت إسرائيل فجر الجمعة -بدعم ضمني من الولايات المتحدة- هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، سمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين. وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، مما أسفر عن قتلى وعشرات المصابين، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.

ورقة الضغط الإستراتيجية.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟
ورقة الضغط الإستراتيجية.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ورقة الضغط الإستراتيجية.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟

طهران- مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ فجر أول أمس الجمعة يعود إلى واجهة النقاش الإقليمي والدولي أحد أكثر السيناريوهات حساسية، وهو احتمال لجوء طهران إلى إغلاق مضيق هرمز أحد أهم الشرايين الحيوية في منظومة الطاقة العالمية. ويمثل هذا الممر البحري الضيق -الذي يبلغ عرضه نحو 33 كيلومترا في أضيق نقاطه- منفذا أساسيا يمر عبره ما يقارب خُمس صادرات النفط في العالم، إلى جانب كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال. ويعد المضيق نقطة ارتكاز لاقتصادات دول الخليج المعتمدة على صادرات الطاقة، كما تمر من خلاله واردات الطاقة إلى الأسواق العالمية. ويأتي الحديث عن هذا السيناريو في وقت تتصاعد فيه التوترات بين طهران و تل أبيب على خلفية الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع داخل إيران، في محاولة لتقويض قدراتها العسكرية، والتي قابلتها طهران بردود عسكرية. ومع تصاعد هذه المواجهة بدأ محللون وسياسيون يطرحون سيناريوهات الرد الإيراني، أبرزها التهديد بإغلاق مضيق هرمز كأداة إستراتيجية محتملة في حال توسع العدوان أو تدخّل واشنطن مباشرة في الصراع الدائر. ورغم عدم صدور تهديد رسمي من الجانب الإيراني بهذا الشأن فإن التلميحات المتكررة إلى قدرة طهران على استخدام المضيق ورقة ضغط تضع هذا الخيار في دائرة الاحتمالات، مما يثير تساؤلات بشأن مدى جديته والآثار المحتملة لتنفيذه على الاقتصاد العالمي. تهديدات مكلفة ويرى مراقبون أن أي تعطيل لحركة الملاحة في مضيق هرمز ولو كان مؤقتا سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز، مم سينعكس مباشرة على تكلفة الطاقة عالميا ويزيد حدة الاضطرابات في الأسواق المالية. ويُتوقع أن يتأثر بشدة مؤشر أبحاث السلع (سي آر بي) الذي يقيس أسعار سلة من السلع الأساسية، منها النفط والمعادن والمنتجات الزراعية، ويعد مرآة لحالة التضخم والتقلبات الاقتصادية في الأسواق الدولية. في المقابل، يحذر محللون من أن خطوة كهذه قد تشعل فتيل مواجهة إقليمية واسعة، وربما تستدعي تدخلا عسكريا دوليا، مما يجعل هذا الخيار بمثابة ورقة تستخدم في ظروف قصوى فقط. الباحث في قضايا الأمن الدولي عارف دهقاندار يرى أن "إيران باعتبارها دولة طالما سعت إلى ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة لا تعتبر إغلاق المضيق خيارا إستراتيجيا للتصعيد، بل قد تلجأ إليه فقط في حال بلغت الضغوط العسكرية عليها مستويات غير مسبوقة". وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح دهقاندار أن "الواقع الذي فرضته الهجمات الإسرائيلية -بدعم أميركي غير مشروط- قد يدفع طهران إلى استخدام هذا الورقة للردع، لكنه يبقى رهنا بتطورات ميدانية معقدة". ويضيف أن إغلاق المضيق -باعتباره أحد أهم الممرات لنقل النفط والغاز في العالم- يمكن أن يكون وسيلة ضغط على الدول الغربية لدفعها إلى مراجعة مواقفها تجاه دعم إسرائيل. ورغم ذلك فإن دهقاندار يعتقد أن احتمال إقدام طهران على هذه الخطوة "لا يزال ضعيفا"، مرجحا استخدامه "خيارا أخيرا إذا بلغت المواجهة ذروتها". ويشير الباحث إلى أن إيران تملك إمكانيات عسكرية تؤهلها لتعطيل حركة الملاحة في المضيق، سواء من خلال صواريخ كروز المضادة للسفن، أو الألغام البحرية، أو الزوارق السريعة، أو النقاط العسكرية الإستراتيجية المنتشرة في محيط المضيق، لكنها لا تعتبر هذا الخيار وسيلة لبداية التصعيد، بل ورقة ردع محتملة إذا تعقدت المعادلة الأمنية. تلويح بالتصعيد بدوره، يؤكد الباحث السياسي الإيراني عرفان بجوهنده في حديثه للجزيرة نت أن "إيران تملك القدرة الكاملة على إغلاق مضيق هرمز -سواء عبر عمليات بعيدة المدى أو من خلال تدخل مباشر- إذا ما اقتضت الضرورة". ويضيف بجوهنده أن "سلوك إسرائيل في المواجهة مع إيران لا يختلف كثيرا عن نهجها في حربها مع حزب الله"، إذ تظهر تل أبيب استعدادا لتحمّل خسائر كبيرة بهدف تقويض خصومها، مشيرا إلى أن إسرائيل "خسرت أكثر من ضعف عدد دباباتها مقارنة بحرب 2006، ومع ذلك لم تتراجع"، في إشارة إلى استعدادها لتحمّل تكلفة المواجهة. وفي ما يتعلق بسبل الرد الإيراني، يرى بجوهنده أن إيران أمام 3 أوراق إستراتيجية لترسيخ معادلة ردع جديدة: تنفيذ ضربات شديدة وغير تقليدية داخل إسرائيل. التأثير على سوق الطاقة العالمي عبر رفع أسعار النفط. التلويح بالخيار النووي إذا بلغ التصعيد مستويات حرجة. ويؤكد الباحث الإيراني أن "إيران استخدمت حتى الآن أدوات رد مؤثرة"، لكن إذا فقدت طهران القدرة على الحفاظ على توازن القوى أو تدخلت واشنطن عسكريا بشكل مباشر فإن من بين خياراتها المطروحة سيكون إغلاق مضيق هرمز، "لما له من تأثير مباشر على الاقتصاد الأميركي وأسواق الطاقة العالمية". اقتصاديا، يرى الخبير الإيراني بيمان مولوي أن التطورات الحالية رفعت أسعار النفط بنسبة 14%، محذرا من أن أي خطوة لإغلاق المضيق ستؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار، مما سينعكس سلبا على تكلفة الطاقة في الأسواق العالمية، ويؤثر بدوره على أسواق الأسهم الدولية. ويحذر مولوي من أن هذه التطورات ستزيد اضطراب مؤشر "سي آر بي" الذي يعد أحد المؤشرات الرئيسية لمراقبة تقلبات أسعار السلع عالميا، مما سيعزز مناخ عدم اليقين في الأسواق ويضاعف الضغوط على الاقتصادات المستوردة للطاقة. وفي المحصلة، يبقى سيناريو إغلاق مضيق هرمز خيارا إيرانيا مطروحا لكنه محفوف بتكلفة إستراتيجية واقتصادية هائلة، ليس فقط على خصوم طهران، بل على الاقتصاد العالمي بأسره. وفي ظل معادلة الردع المفتوحة بين إيران وإسرائيل تبدو طهران حريصة على استخدام أوراقها بعناية، مع ترك الباب مواربا أمام تصعيد محتمل في حال تغيرت المعطيات الميدانية بشكل جذري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store