
ورقة الضغط الإستراتيجية.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟
طهران- مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ فجر أول أمس الجمعة يعود إلى واجهة النقاش الإقليمي والدولي أحد أكثر السيناريوهات حساسية، وهو احتمال لجوء طهران إلى إغلاق مضيق هرمز أحد أهم الشرايين الحيوية في منظومة الطاقة العالمية.
ويمثل هذا الممر البحري الضيق -الذي يبلغ عرضه نحو 33 كيلومترا في أضيق نقاطه- منفذا أساسيا يمر عبره ما يقارب خُمس صادرات النفط في العالم، إلى جانب كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال.
ويعد المضيق نقطة ارتكاز لاقتصادات دول الخليج المعتمدة على صادرات الطاقة، كما تمر من خلاله واردات الطاقة إلى الأسواق العالمية.
ويأتي الحديث عن هذا السيناريو في وقت تتصاعد فيه التوترات بين طهران و تل أبيب على خلفية الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع داخل إيران، في محاولة لتقويض قدراتها العسكرية، والتي قابلتها طهران بردود عسكرية.
ومع تصاعد هذه المواجهة بدأ محللون وسياسيون يطرحون سيناريوهات الرد الإيراني، أبرزها التهديد بإغلاق مضيق هرمز كأداة إستراتيجية محتملة في حال توسع العدوان أو تدخّل واشنطن مباشرة في الصراع الدائر.
ورغم عدم صدور تهديد رسمي من الجانب الإيراني بهذا الشأن فإن التلميحات المتكررة إلى قدرة طهران على استخدام المضيق ورقة ضغط تضع هذا الخيار في دائرة الاحتمالات، مما يثير تساؤلات بشأن مدى جديته والآثار المحتملة لتنفيذه على الاقتصاد العالمي.
تهديدات مكلفة
ويرى مراقبون أن أي تعطيل لحركة الملاحة في مضيق هرمز ولو كان مؤقتا سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز، مم سينعكس مباشرة على تكلفة الطاقة عالميا ويزيد حدة الاضطرابات في الأسواق المالية.
ويُتوقع أن يتأثر بشدة مؤشر أبحاث السلع (سي آر بي) الذي يقيس أسعار سلة من السلع الأساسية، منها النفط والمعادن والمنتجات الزراعية، ويعد مرآة لحالة التضخم والتقلبات الاقتصادية في الأسواق الدولية.
في المقابل، يحذر محللون من أن خطوة كهذه قد تشعل فتيل مواجهة إقليمية واسعة، وربما تستدعي تدخلا عسكريا دوليا، مما يجعل هذا الخيار بمثابة ورقة تستخدم في ظروف قصوى فقط.
الباحث في قضايا الأمن الدولي عارف دهقاندار يرى أن "إيران باعتبارها دولة طالما سعت إلى ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة لا تعتبر إغلاق المضيق خيارا إستراتيجيا للتصعيد، بل قد تلجأ إليه فقط في حال بلغت الضغوط العسكرية عليها مستويات غير مسبوقة".
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح دهقاندار أن "الواقع الذي فرضته الهجمات الإسرائيلية -بدعم أميركي غير مشروط- قد يدفع طهران إلى استخدام هذا الورقة للردع، لكنه يبقى رهنا بتطورات ميدانية معقدة".
ويضيف أن إغلاق المضيق -باعتباره أحد أهم الممرات لنقل النفط والغاز في العالم- يمكن أن يكون وسيلة ضغط على الدول الغربية لدفعها إلى مراجعة مواقفها تجاه دعم إسرائيل.
ورغم ذلك فإن دهقاندار يعتقد أن احتمال إقدام طهران على هذه الخطوة "لا يزال ضعيفا"، مرجحا استخدامه "خيارا أخيرا إذا بلغت المواجهة ذروتها".
ويشير الباحث إلى أن إيران تملك إمكانيات عسكرية تؤهلها لتعطيل حركة الملاحة في المضيق، سواء من خلال صواريخ كروز المضادة للسفن، أو الألغام البحرية، أو الزوارق السريعة، أو النقاط العسكرية الإستراتيجية المنتشرة في محيط المضيق، لكنها لا تعتبر هذا الخيار وسيلة لبداية التصعيد، بل ورقة ردع محتملة إذا تعقدت المعادلة الأمنية.
تلويح بالتصعيد
بدوره، يؤكد الباحث السياسي الإيراني عرفان بجوهنده في حديثه للجزيرة نت أن "إيران تملك القدرة الكاملة على إغلاق مضيق هرمز -سواء عبر عمليات بعيدة المدى أو من خلال تدخل مباشر- إذا ما اقتضت الضرورة".
ويضيف بجوهنده أن "سلوك إسرائيل في المواجهة مع إيران لا يختلف كثيرا عن نهجها في حربها مع حزب الله"، إذ تظهر تل أبيب استعدادا لتحمّل خسائر كبيرة بهدف تقويض خصومها، مشيرا إلى أن إسرائيل "خسرت أكثر من ضعف عدد دباباتها مقارنة بحرب 2006، ومع ذلك لم تتراجع"، في إشارة إلى استعدادها لتحمّل تكلفة المواجهة.
وفي ما يتعلق بسبل الرد الإيراني، يرى بجوهنده أن إيران أمام 3 أوراق إستراتيجية لترسيخ معادلة ردع جديدة:
تنفيذ ضربات شديدة وغير تقليدية داخل إسرائيل.
التأثير على سوق الطاقة العالمي عبر رفع أسعار النفط.
التلويح بالخيار النووي إذا بلغ التصعيد مستويات حرجة.
ويؤكد الباحث الإيراني أن "إيران استخدمت حتى الآن أدوات رد مؤثرة"، لكن إذا فقدت طهران القدرة على الحفاظ على توازن القوى أو تدخلت واشنطن عسكريا بشكل مباشر فإن من بين خياراتها المطروحة سيكون إغلاق مضيق هرمز، "لما له من تأثير مباشر على الاقتصاد الأميركي وأسواق الطاقة العالمية".
اقتصاديا، يرى الخبير الإيراني بيمان مولوي أن التطورات الحالية رفعت أسعار النفط بنسبة 14%، محذرا من أن أي خطوة لإغلاق المضيق ستؤدي إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار، مما سينعكس سلبا على تكلفة الطاقة في الأسواق العالمية، ويؤثر بدوره على أسواق الأسهم الدولية.
ويحذر مولوي من أن هذه التطورات ستزيد اضطراب مؤشر "سي آر بي" الذي يعد أحد المؤشرات الرئيسية لمراقبة تقلبات أسعار السلع عالميا، مما سيعزز مناخ عدم اليقين في الأسواق ويضاعف الضغوط على الاقتصادات المستوردة للطاقة.
وفي المحصلة، يبقى سيناريو إغلاق مضيق هرمز خيارا إيرانيا مطروحا لكنه محفوف بتكلفة إستراتيجية واقتصادية هائلة، ليس فقط على خصوم طهران، بل على الاقتصاد العالمي بأسره.
وفي ظل معادلة الردع المفتوحة بين إيران وإسرائيل تبدو طهران حريصة على استخدام أوراقها بعناية، مع ترك الباب مواربا أمام تصعيد محتمل في حال تغيرت المعطيات الميدانية بشكل جذري.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الاحتلال يغلق الضفة ويحذّر الفلسطينيين من إظهار الفرح بالقصف الإيراني
اعتقل جيش الاحتلال، اليوم الأحد، عشرات الفلسطينيين بينهم أطفال، في حملة اقتحامات لمناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، كما وضع منشورات تحذّر من إظهار الفرح بالقصف الإيراني على إسرائيل. في حين يواصل لليوم الثالث على التوالي فرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة، عبر إغلاق مداخل المدن والقرى بالحواجز العسكرية والبوابات الحديدية. ونقلت الأناضول عن مصادر محلية أن الاقتحامات الإسرائيلية تركّزت في مدن الخليل وبيت لحم (جنوب) ورام الله (وسط) ونابلس (شمال). ففي الخليل ، اعتقلت قوات إسرائيلية 6 فلسطينيين بينهم سيدة، خلال اقتحام قرية دير العسل التحتا جنوب غرب المدينة. وأشارت المصادر إلى احتجاز الجيش الإسرائيلي 6 فلسطينيين آخرين عدة ساعات، إثر اقتحام بلدة الظاهرية جنوب الخليل، والتحقيق معهم، قبل الإفراج عنهم لاحقا. وفي بلدة إذنا غرب الخليل، ذكرت مصادر محلية أن الجيش الإسرائيلي اعتقل 6 فلسطينيين عقب مداهمة منازلهم. وفي بلدة سعير شرق الخليل، اعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي فلسطينيين اثنين، وفق المصادر ذاتها. كما داهم الجيش الإسرائيلي منازل أسرى محررين وسط مدينة الخليل وفتشها وخرّب محتوياتها، وعلّق منشورات تحذّر من إظهار الفرح بالقصف الإيراني على إسرائيل دون أن تبيّن العواقب، حسب المصادر. إعلان ومنذ فجر الجمعة، تتبادل إسرائيل وإيران الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة، وأدى القصف الإيراني حتى الآن لمقتل 13 إسرائيليا على الأقل ومئات الجرحى وأضرار مادية جسيمة في تل أبيب وحيفا ومدن أخرى. وفي الخليل أيضا أجبر جيش الاحتلال سكان بناية في وسط المدينة على إخلائها، وحوّلها إلى ثكنة عسكرية، حسب مصادر محلية. وفي بيت لحم ، اعتقلت قوات إسرائيلية 4 فلسطينيين، بعد اقتحام قرية العساكرة شرق المدينة، وفق مصادر محلية. وفي رام الله ، اعتقلت قوات إسرائيلية 11 فلسطينيا، بينهم 4 أطفال، خلال اقتحام عدة قرى وبلدات ومخيمات وأحياء في محافظة رام الله والبيرة، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا). إغلاقات وقيود مشددة وتأتي الاقتحامات والاعتقالات، فيما يواصل جيش الاحتلال لليوم الثالث على التوالي فرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، عبر إغلاق مداخل المدن والقرى بالحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، في إطار ما تصفه السلطات الإسرائيلية بـ"إجراءات أمنية احترازية". وشهدت مناطق عدة في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية إغلاقا كاملا أو جزئيا للطرق، بما في ذلك مدينة نابلس ، حيث منع الدخول والخروج منها باستثناء طرق فرعية محدودة، وفق ما أفادت به مصادر محلية. وفي محافظة رام الله والبيرة، تم إغلاق مداخل عدة قرى وبلدات، مثل روابي، وعين سينيا، وعطارة، وعابود، والنبي صالح، بالمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية. كما أُغلقت مداخل قرى راس كركر، ودير عمار، وترمسعيا، وسنجل، في حين تم إقفال المدخل الشرقي لبلدة الطيبة عند حاجز كراميلو. وذكرت المصادر أن القوات الإسرائيلية استخدمت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق مركبات المواطنين عند حاجز دير شرف غرب نابلس، فيما استمرت الإجراءات المشددة في محيط مدينتي قلقيلية والخليل، حيث تم إغلاق عدد من المداخل الرئيسية والطرق الترابية المؤدية إلى القرى والبلدات المجاورة. وكان الجيش الإسرائيلي فرض يوم الجمعة إغلاقا شاملا على الضفة الغربية و القدس الشرقية ، تزامنا مع تصاعد التوترات الأمنية في الأراضي الفلسطينية. وأشارت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إلى أن عدد الحواجز والبوابات العسكرية المنتشرة في الضفة بلغ 898، منها 146 بوابة أُقيمت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتواجه المدن الفلسطينية حالة من الشلل شبه التام في ظل استمرار الإغلاقات العسكرية، والتي يعتبرها الفلسطينيون شكلا من أشكال العقاب الجماعي. وبالتوازي مع الإبادة الجماعية على قطاع غزة ، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 978 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل بدعم أميركي حرب إبادة على غزة، خلفت أكثر من 183 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إيران تنفي طلب توصيل رسائل إلى إسرائيل
نفت إيران اليوم الأحد أن تكون بعثت رسالة إلى إسرائيل عبر أي وسيط في ظل استمرار المواجهة العسكرية الأعنف بين الطرفين لليوم الثالث. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي اليوم الأحد إن بلاده لم تبعث أي رسالة إلى إسرائيل عبر دولة ثالثة، واصفا هذه الادعاءات بـ"الكاذبة تماما". جاء ذلك بعدما قال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في وقت سابق اليوم إن طهران طلبت من نيقوسيا نقل "بعض الرسائل" إلى إسرائيل، لكنه لم يذكر ممن هي أو محتواها. وقال مكتب الرئيس القبرصي إن خريستودوليدس تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد، كما تحدث إلى قادة مصر والإمارات واليونان. ولم يقدم المسؤولون القبارصة توضيحا بشأن طبيعة الرسائل، التي جاءت بعد أن تحدث وزير الخارجية القبرصي إلى نظيره الإيراني مساء الجمعة الماضي. دعوة لاجتماع استثنائي كما عبّر خريستودوليدس عن استيائه مما وصفه بالتباطؤ من الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأزمة المتفاقمة في الشرق الأوسط. وقال إن قبرص، أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط، طلبت عقد اجتماع استثنائي لمجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي. وأمكن رؤية مقذوفات أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل في السماء من مواقع مختلفة بأنحاء قبرص يومي الجمعة والسبت. وقال الرئيس القبرصي للصحفيين "من غير المعقول أن يزعم الاتحاد الأوروبي دورا جيوسياسيا ويرى كل هذه التطورات ولا يعقد اجتماعا لمجلس وزراء الخارجية على أقل تقدير". وعرضت قبرص المساعدة في إجلاء رعايا دول أخرى من المنطقة، ودعت جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال قد تؤدي لتصعيد الصراع. ومنذ فجر أول أمس الجمعة بدأت إسرائيل، وبدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، سمته "الأسد الصاعد" وقصفت خلاله منشآت نووية وعسكرية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة، واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين. ومساء اليوم نفسه، بدأت إيران بعملية سمتها "الوعد الصادق 3″ ردا على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، أدت -وفق المصادر الإسرائيلية- حتى الآن إلى مقتل 13 إسرائيليا على الأقل وإصابة المئات، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات في تل أبيب وحيفا وعدد من المدن.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
بيان قطري فرنسي: ندعم حلا دبلوماسيا يفضي إلى اتفاق يعالج الهواجس بشأن أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات
التفاصيل بعد قليل.. عاجل| بيان قطري فرنسي: ندعم حلا دبلوماسيا يفضي إلى اتفاق يعالج الهواجس بشأن أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات