
الوعي المجتمعي في مواجهة التحديات المعاصرة: ندوة علمية تثقيفية بفرع الأزهر بطنطا
جانب من فعاليات الندوة
محمد عوف - إيهاب زغلول
الدكتور عباس شومان: الوعي المتكامل ركيزة أساسية لبناء الإنسان والمجتمع
أكد الدكتور عباس شومان، رئيس مجلس إدارة المنظمة وأمين عام هيئة كبار العلماء، أن الوعي المتكامل يشمل الإدراك العميق للدين، والتاريخ، والمعرفة، والمجتمع، وأن التعليم الأزهري يشهد طفرة نوعية رغم التحديات، مشيراً إلى وجود مشكلات حقيقية في تكوين الوعي لدى بعض المتعلمين، مرجعًا ذلك إلى ثقافة تربط التعليم بالوظيفة فقط، مطالبًا بإصلاح التعليم وإعادة الاعتبار لقيمة العلم ذاته.
جاء ذلك خلال الندوة التثقيفية التي نظمتها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف فرع الغربية، اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع كلية الشريعة والقانون بطنطا، بعنوان: "الوعي المجتمعي ودوره في مواجهة التحديات المعاصرة"، وذلك بحضور الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر، وكوكبة من كبار علماء الأزهر الشريف وقيادات جامعة الأزهر، وممثلي الكنيسة المصرية، وعدد من الإعلاميين وعمداء الكليات، وقدمها الدكتور حسن عيد أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون.
أشار "شومان" إلى خطورة الوعي المزيف الذي تصنعه بعض الوسائل الإعلامية، خاصة المسلسلات الرمضانية التي "تُعرض على حساب مصلحة المجتمع"، مؤكدًا أن المرأة هي عماد الأسرة، وقد كرمها الإسلام بحقوق عظيمة.
وأعرب الدكتور عباس شومان، عن تقديره العميق للجهود التي يبذلها فرع جامعة الأزهر بطنطا وفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالغربية، في دعم مسيرة التوعية المجتمعية وترسيخ الفهم الصحيح للدين، مؤكدًا أن "الوعي" لا ينفصل عن العلم والتعليم، بل ينبني عليهما.
وأشار فضيلته إلى أن الوعي المتكامل هو إدراك حقيقي وشامل لكافة مناحي الحياة، بدءً من العبادة والمعاملات، مرورًا بالوعي بالتاريخ، وانتهاءً بالقدرة على استشراف المستقبل. وأضاف: "الإنسان الواعي هو من يكون فاعلًا ومؤثرًا في مجتمعه، لديه بوصلة أخلاقية، ودراية تامة بدينه وأحكامه، ويعلم متى وكيف يطبقها، فيرتقي بنفسه ومحيطه".
وأكد "شومان" أن التعليم في الأزهر الشريف بخير، مقارنة بغيره من المؤسسات التعليمية، لكنه لا يخلو من مشكلات، أخطرها - بحسب تعبيره - أن التعليم لم يعد قيمة في ذاته، بل صار وسيلة للحصول على وظيفة فقط، وهو ما يمثل انحرافًا في ثقافة المجتمع. وتابع: "إذا كنا نريد إصلاح التعليم، فلا بد أن نغرس في الأجيال أن العلم شرف وقيمة سامية، وليست مجرد وسيلة للتوظيف".
وكشف عن مشكلات في تكوين الوعي، مشيرًا إلى أن بعض البرامج الإعلامية والمنصات تكرس ما وصفه بـ"الوعي الأعرج"، الذي يفتقد التوازن والتبصر، وقال: "نعلم جيدًا من يقوم بتسريب الامتحانات، وأحيانًا نتعامل معهم بشكل غير مباشر لكشفهم، لكن المشكلة الأكبر ليست في الامتحانات فقط، بل في نظام تعليمي كامل يحتاج لإصلاح جذري".
وشدد "شومان" على أهمية إصلاح بيئة التعليم، وتطوير المناهج والمعلمين، وخلق بيئة تعليمية قادرة على تحفيز التفكير النقدي والانتماء الوطني، وأكد أن لجنة إصلاح التعليم بالأزهر، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، تبذل جهودًا ملموسة في هذا الاتجاه.
وفي حديثه عن المرأة، أوضح أن الوعي المنقوص أو المشوه بحقوق المرأة أدى إلى ترويج مفاهيم مغلوطة وظالمة، مؤكدًا أن الإسلام أنصف المرأة وأعطاها حقوقًا مالية واستقلالًا شخصيًا لا مثيل له، سواء في المواريث أو المعاملات أو المكانة الاجتماعية. وقال: "المرأة في الإسلام نالت حقها بنتًا وأمًا وزوجة، وأحيانًا الميراث يعطيها أكثر من الرجل، وهذا ليس ظلمًا، بل عدل إلهي بحسب طبيعة كل دور".
وانتقد شومان بشدة بعض المسلسلات الرمضانية، التي وصفها بأنها تعمل على "هدم الوعي" لصالح فئات معينة على حساب المجتمع بأكمله، داعيًا إلى تحري المصادر السليمة للمعرفة، والابتعاد عن المنصات التي تنشر أفكارًا تضر بالأسرة والمجتمع والدولة.
كما أشار إلى خطورة ما أسماه بـ"النزيف الفكري"، قائلًا: "نحن في بلاء كبير، وعلينا أن نصلحه بالتعقل، والتدبر، وانتقاء مصادر الوعي الصحيحة"، مشددًا على أن أهم ما نحتاج إليه الآن هو بناء وعي رشيد ومتوازن بين الشباب، يستند إلى العلم، والهوية، والدين، والانتماء.
ووجه فضيلته رسالة للأسر والشباب قائلًا: "إذا أحسنا تكوين وعي شبابنا، سيكون لدينا جيل قادر على البناء والتقدم، لكن إذا أهملنا ذلك، سنبقى في دائرة الجمود والتراجع. العلم والأخلاق هما حصن الأوطان"، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".
وأضاف: "نحن بخير في مصر، ما دام لدينا عقلاء ومخلصون يتصدون للفتن ويعملون على ترسيخ الوعي الصحيح، وكل جهد صادق في هذا السبيل هو جزء من معركة الدفاع عن هذا الوطن ومستقبله".
فيما أكد الدكتور سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر، أن الوعي هو الأساس في نهضة الأمم وتقدم المجتمعات، محذرًا من مخاطر الأمية الفكرية، ومشددًا على ضرورة المثابرة والجهاد المجتمعي في سبيل بناء مستقبل قائم على المعرفة والحرية الفكرية، مشيراً أن هناك من يفسرون حديث اليد العليا خير من اليد السفلى على أنها مرتبطة بالناحية المالية فقط وإنما اليد العليا مقصود بها أيضاً في العلم والاقتصاد والثقافة وغير ذلك فهي التي تفيد الوطن.
وخلال الندوة أكد الدكتور حمدي أحمد سعد، عميد كلية الشريعة والقانون، على دور الأزهر الشريف في تعزيز الأمن الفكري والمجتمعي، مشددًا على أهمية نشر الثقافة الإسلامية المعتدلة التي تدعو إلى التسامح وقبول الآخر، وتنبذ الغلو والتعصب.
ومن جانبه، شدد الدكتور سيف رجب قزامل، رئيس فرع المنظمة بالغربية، على أن الارتقاء بالوعي يبدأ من الذات، وأن القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي زاخرة بنماذج تبني الوعي الأخلاقي والوطني، مؤكدًا على ضرورة ترسيخ ثقافة الوعي لدى الشباب ليكونوا حصنًا منيعًا أمام التحديات الفكرية.
فيما اعتبر الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس الجامعة للوجه البحري، أن موضوع الوعي هو "قضية الساعة"، موضحًا أن الشائعات والمعلومات المضللة تشكل خطرًا على استقرار المجتمعات، مطالبًا بترسيخ ثقافة التحقق والتبين من المعلومات قبل تداولها.
كما أشاد الدكتور محمد فكري، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، بدور المنظمة في خدمة رسالة الأزهر التنويرية التي تهدف إلى تعزيز الوعي السليم، مشيرًا إلى أن بناء الوعي هو الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي كلمة حملت مشاعر المحبة والوحدة الوطنية، أعرب القس ميخائيل إبراهيم، راعي كنيسة مار مينا بطنطا، عن امتنانه لحضور اللقاء، مشيدًا بعنوان الندوة، ومؤكدًا أن التعايش السلمي والوعي المجتمعي هما أساس التنمية والتقدم في المجتمع.
شهدت الندوة عددًا من المداخلات النقاشية من الحضور تناولت قضايا الوعي المجتمعي، والتحديات الفكرية، وأهمية التربية الدينية الصحيحة، وأثرها على استقرار المجتمع وتقدمه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
«البحوث الإسلامية»: الإرهاب ثمرة الانحراف الفكري ومواجهته تبدأ بالأمن العقلي
شارك الدكتور حسن إبراهيم يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، في فعاليات مؤتمر "الإرهاب في غرب أفريقيا... تحديات التنمية والتكامل في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل"، والذي نظمه مركز الساحل والصحراء بقيادة اللواء أركان حرب د. محمد عبد الباسط محمد علي. وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، وجه د. حسن يحيى الشكر والتقدير للقيادة السياسية على جهودها المتواصلة في ترسيخ ثقافة السلم والأمن المجتمعي، والدفاع عن حقوق الشعوب في استعادة هويتها وأراضيها المحتلة، مشيدًا بعنوان المؤتمر الذي يعكس وعيًا سياسيًّا عميقًا بمخاطر الإرهاب على استقرار الدول ورفاهية الشعوب. وأكد الأمين العام للجنة العليا لشئون الدعوة أن "الإرهاب هو نتيجة مباشرة لفقدان الأمن الفكري"، مشددًا على أن مواجهة التطرف لا يمكن أن تنجح دون ترسيخ منظومة فكرية وثقافية وعقدية متكاملة تعزز مناعة المجتمع، وتحول دون استقطاب الشباب من قبل الجماعات المتطرفة. وأشار إلى أن الأزهر الشريف كان ولا يزال في طليعة المؤسسات الدينية التي تخوض معركة الوعي ضد الإرهاب، موضحًا أن الأزهر يحتضن آلاف الطلاب الوافدين من مختلف الدول الأفريقية، ويسهم من خلال مناهجه التعليمية والدعوية في بناء الشخصية الواعية المعتدلة التي ترفض العنف وتؤمن بقيم التعايش والتعارف، انطلاقًا من تعاليم الإسلام السمحة. واستعرض الدكتور حسن يحيى أبرز جهود الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف، ومن بينها عقد "مؤتمر الأزهر العالمي لمواجهة التطرف والإرهاب" عام 2014، وإطلاق مرصد الأزهر العالمي لمكافحة التطرف، وسلسلة كتب "تصحيح المفاهيم" التي أصدرها مجمع البحوث الإسلامية، وغيرها من المبادرات الفكرية والعلمية. وفي ختام كلمته، أعرب د. حسن عن استعداد الأزهر الشريف لتقديم كافة أشكال الدعم العلمي والفكري للدول الشقيقة في غرب أفريقيا في معركتها ضد الإرهاب، مؤكدًا أن خريجي الأزهر في هذه الدول يمثلون قوة ناعمة فاعلة في نشر الوسطية وتحقيق الأمن المجتمعي.


بوابة ماسبيرو
منذ 2 ساعات
- بوابة ماسبيرو
محافظ الغربية ورئيس جامعة الأزهر يشهدان الندوة الدولية بكلية أصول الدين
شهد اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية، اليوم الثلاثاء يرافقه فضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر، فعاليات الندوة الدولية التي نظمتها كلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر فرع طنطا تحت عنوان "التواصل بين الوالدين من أجل التربية الإيجابية ودعم الأطفال معنويًا وتنظيم الأسرة من منظور إسلامي"، وذلك بالتعاون مع المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية، وبرعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف. وذلك بحضور كوكبة من كبار العلماء والشخصيات البارزة في مقدمتهم فضيلة الدكتور عباس شومان رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر ووكيل الأزهر الأسبق، وفضيلة الدكتور رمضان الصاوي نائب رئيس الجامعة لشؤون فرع الوجه البحري، وفضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وفضيلة الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمود عبد الله عميد كلية أصول الدين والدعوة بطنطا، والدكتور حمدي أحمد سعد عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، وعدد كبير من العلماء والوعاظ وأئمة المساجد، والقيادات السياسية والشعبية والأكاديمية، وممثلي منظمات المجتمع المدني. وفي كلمته عبر محافظ الغربية عن فخره واعتزازه بالمشاركة في هذه الفعالية العلمية الرفيعة، مؤكدًا أن الأزهر الشريف هو صمام الأمان الفكري للمجتمع المصري، ودرع الوطن في مواجهة التطرف والانحراف، ومنارة الوسطية والاعتدال، مشيدًا بالدور الريادي للأزهر في تعزيز الوعي المجتمعي، مشيرًا إلى أن قضايا الأسرة والتربية لم تعد شؤونًا داخلية، بل أصبحت قضية أمن قومي تتطلب تضافر الجهود المؤسسية والدينية والتعليمية. وأوضح أن الأسرة تمثل الخلية الأولى في بناء الأوطان، وأن التربية الإيجابية والتواصل البناء بين الآباء والأبناء هما صمام الأمان لاستقرار المجتمع في ظل تسارع التغيرات التكنولوجية والثقافية، لافتًا إلى أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تولي اهتمامًا بالغًا ببناء الإنسان المصري وتكريس قيم المواطنة والوعي، وهو ما تعكسه هذه الشراكات النموذجية بين الأزهر والجامعات والمؤسسات التنفيذية. كما أشار "الجندي" إلى أن محافظة الغربية تدعم بكل قوة جميع المبادرات والفعاليات التوعوية التي تستهدف بناء الأسرة المصرية على أسس سليمة، وتحرص على فتح آفاق التعاون مع الأزهر الشريف لما له من تأثير عميق ومتجذر في ضمير المجتمع. من جانبه، رحب رئيس جامعة الأزهر بمشاركة محافظ الغربية، وأثنى على دعمه المتواصل للفعاليات العلمية والمجتمعية التي تعكس دور الجامعة في التصدي للقضايا المعاصرة، مشيرًا إلى أن الأزهر كان ولا يزال حاضنًا لقيم الرحمة والتواصل والاستقرار الأسري، وأن موضوع الندوة يأتي في توقيت بالغ الأهمية لتسليط الضوء على أسس التربية الإيجابية وتنظيم الأسرة وفقًا لمنهج الإسلام الوسطي المعتدل. وتضمنت الندوة نقاشات موسعة ومحاور بحثية تناولت أهمية التواصل الإيجابي بين الزوجين في تحقيق الاستقرار الأسري، ومفهوم التربية الإيجابية في ضوء السنة النبوية، والدعم النفسي للأطفال وتأثيره في تنمية الشخصية، إلى جانب عرض متكامل حول تنظيم الأسرة من منظور شرعي وعلمي، في إطار يوازن بين القيم الدينية والواقع المعاصر. وقد وجه المحافظ الشكر والتقدير لجامعة الأزهر والقائمين على تنظيم الندوة، مثمنًا هذا النموذج المشرف للتكامل بين مؤسسات الدولة الدينية والتنفيذية، بما يسهم في ترسيخ مفاهيم التربية السليمة، واستقرار الأسرة، وبناء مجتمع قوي يواجه تحديات الحاضر ويصنع مستقبلًا أفضل. وعلى هامش فعاليات الندوة، افتتح محافظ الغربية ورئيس جامعة الأزهر أحد المساجد داخل الكلية في حضور عدد من قيادات الجامعة والعلماء والدعاة، وقد عبر الحضور عن سعادتهم البالغة بهذا الافتتاح، مؤكدين أن المساجد في رحاب الأزهر ليست مجرد دور للعبادة، بل منارات للعلم والتربية والتزكية، تتكامل فيها القيم الدينية مع الرسالة التعليمية. وأشار المحافظ إلى أن هذا الافتتاح يأتي في إطار بيئة متكاملة تهتم ببناء الإنسان روحيًا وفكريًا، مشيدًا برسالة الأزهر في الربط بين العقيدة والعمل، وبين العبادة والوعي، بينما أكد رئيس الجامعة أن المسجد سيسهم في تعزيز الروح الإيمانية والانضباط السلوكي داخل الكلية، بما يتسق مع أهداف المؤسسة الأزهرية في إعداد جيل من الدعاة والعلماء يحملون رسالة الدين الحنيف بفهم وسطي راقٍ.


نافذة على العالم
منذ 5 ساعات
- نافذة على العالم
الوعي المجتمعي في مواجهة التحديات المعاصرة: ندوة علمية تثقيفية بفرع الأزهر بطنطا
الثلاثاء 20 مايو 2025 02:30 مساءً نافذة على العالم - الدكتور عباس شومان: الوعي المتكامل ركيزة أساسية لبناء الإنسان والمجتمع أكد الدكتور عباس شومان، رئيس مجلس إدارة المنظمة وأمين عام هيئة كبار العلماء، أن الوعي المتكامل يشمل الإدراك العميق للدين، والتاريخ، والمعرفة، والمجتمع، وأن التعليم الأزهري يشهد طفرة نوعية رغم التحديات، مشيراً إلى وجود مشكلات حقيقية في تكوين الوعي لدى بعض المتعلمين، مرجعًا ذلك إلى ثقافة تربط التعليم بالوظيفة فقط، مطالبًا بإصلاح التعليم وإعادة الاعتبار لقيمة العلم ذاته. جاء ذلك خلال الندوة التثقيفية التي نظمتها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف فرع الغربية، اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع كلية الشريعة والقانون بطنطا، بعنوان: "الوعي المجتمعي ودوره في مواجهة التحديات المعاصرة"، وذلك بحضور الدكتور سلامة داوود رئيس جامعة الأزهر، وكوكبة من كبار علماء الأزهر الشريف وقيادات جامعة الأزهر، وممثلي الكنيسة المصرية، وعدد من الإعلاميين وعمداء الكليات، وقدمها الدكتور حسن عيد أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون. أشار "شومان" إلى خطورة الوعي المزيف الذي تصنعه بعض الوسائل الإعلامية، خاصة المسلسلات الرمضانية التي "تُعرض على حساب مصلحة المجتمع"، مؤكدًا أن المرأة هي عماد الأسرة، وقد كرمها الإسلام بحقوق عظيمة. وأعرب الدكتور عباس شومان، عن تقديره العميق للجهود التي يبذلها فرع جامعة الأزهر بطنطا وفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالغربية، في دعم مسيرة التوعية المجتمعية وترسيخ الفهم الصحيح للدين، مؤكدًا أن "الوعي" لا ينفصل عن العلم والتعليم، بل ينبني عليهما. وأشار فضيلته إلى أن الوعي المتكامل هو إدراك حقيقي وشامل لكافة مناحي الحياة، بدءً من العبادة والمعاملات، مرورًا بالوعي بالتاريخ، وانتهاءً بالقدرة على استشراف المستقبل. وأضاف: "الإنسان الواعي هو من يكون فاعلًا ومؤثرًا في مجتمعه، لديه بوصلة أخلاقية، ودراية تامة بدينه وأحكامه، ويعلم متى وكيف يطبقها، فيرتقي بنفسه ومحيطه". وأكد "شومان" أن التعليم في الأزهر الشريف بخير، مقارنة بغيره من المؤسسات التعليمية، لكنه لا يخلو من مشكلات، أخطرها - بحسب تعبيره - أن التعليم لم يعد قيمة في ذاته، بل صار وسيلة للحصول على وظيفة فقط، وهو ما يمثل انحرافًا في ثقافة المجتمع. وتابع: "إذا كنا نريد إصلاح التعليم، فلا بد أن نغرس في الأجيال أن العلم شرف وقيمة سامية، وليست مجرد وسيلة للتوظيف". وكشف عن مشكلات في تكوين الوعي، مشيرًا إلى أن بعض البرامج الإعلامية والمنصات تكرس ما وصفه بـ"الوعي الأعرج"، الذي يفتقد التوازن والتبصر، وقال: "نعلم جيدًا من يقوم بتسريب الامتحانات، وأحيانًا نتعامل معهم بشكل غير مباشر لكشفهم، لكن المشكلة الأكبر ليست في الامتحانات فقط، بل في نظام تعليمي كامل يحتاج لإصلاح جذري". وشدد "شومان" على أهمية إصلاح بيئة التعليم، وتطوير المناهج والمعلمين، وخلق بيئة تعليمية قادرة على تحفيز التفكير النقدي والانتماء الوطني، وأكد أن لجنة إصلاح التعليم بالأزهر، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، تبذل جهودًا ملموسة في هذا الاتجاه. وفي حديثه عن المرأة، أوضح أن الوعي المنقوص أو المشوه بحقوق المرأة أدى إلى ترويج مفاهيم مغلوطة وظالمة، مؤكدًا أن الإسلام أنصف المرأة وأعطاها حقوقًا مالية واستقلالًا شخصيًا لا مثيل له، سواء في المواريث أو المعاملات أو المكانة الاجتماعية. وقال: "المرأة في الإسلام نالت حقها بنتًا وأمًا وزوجة، وأحيانًا الميراث يعطيها أكثر من الرجل، وهذا ليس ظلمًا، بل عدل إلهي بحسب طبيعة كل دور". وانتقد شومان بشدة بعض المسلسلات الرمضانية، التي وصفها بأنها تعمل على "هدم الوعي" لصالح فئات معينة على حساب المجتمع بأكمله، داعيًا إلى تحري المصادر السليمة للمعرفة، والابتعاد عن المنصات التي تنشر أفكارًا تضر بالأسرة والمجتمع والدولة. كما أشار إلى خطورة ما أسماه بـ"النزيف الفكري"، قائلًا: "نحن في بلاء كبير، وعلينا أن نصلحه بالتعقل، والتدبر، وانتقاء مصادر الوعي الصحيحة"، مشددًا على أن أهم ما نحتاج إليه الآن هو بناء وعي رشيد ومتوازن بين الشباب، يستند إلى العلم، والهوية، والدين، والانتماء. ووجه فضيلته رسالة للأسر والشباب قائلًا: "إذا أحسنا تكوين وعي شبابنا، سيكون لدينا جيل قادر على البناء والتقدم، لكن إذا أهملنا ذلك، سنبقى في دائرة الجمود والتراجع. العلم والأخلاق هما حصن الأوطان"، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". وأضاف: "نحن بخير في مصر، ما دام لدينا عقلاء ومخلصون يتصدون للفتن ويعملون على ترسيخ الوعي الصحيح، وكل جهد صادق في هذا السبيل هو جزء من معركة الدفاع عن هذا الوطن ومستقبله". فيما أكد الدكتور سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر، أن الوعي هو الأساس في نهضة الأمم وتقدم المجتمعات، محذرًا من مخاطر الأمية الفكرية، ومشددًا على ضرورة المثابرة والجهاد المجتمعي في سبيل بناء مستقبل قائم على المعرفة والحرية الفكرية، مشيراً أن هناك من يفسرون حديث اليد العليا خير من اليد السفلى على أنها مرتبطة بالناحية المالية فقط وإنما اليد العليا مقصود بها أيضاً في العلم والاقتصاد والثقافة وغير ذلك فهي التي تفيد الوطن. وخلال الندوة أكد الدكتور حمدي أحمد سعد، عميد كلية الشريعة والقانون، على دور الأزهر الشريف في تعزيز الأمن الفكري والمجتمعي، مشددًا على أهمية نشر الثقافة الإسلامية المعتدلة التي تدعو إلى التسامح وقبول الآخر، وتنبذ الغلو والتعصب. ومن جانبه، شدد الدكتور سيف رجب قزامل، رئيس فرع المنظمة بالغربية، على أن الارتقاء بالوعي يبدأ من الذات، وأن القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي زاخرة بنماذج تبني الوعي الأخلاقي والوطني، مؤكدًا على ضرورة ترسيخ ثقافة الوعي لدى الشباب ليكونوا حصنًا منيعًا أمام التحديات الفكرية. فيما اعتبر الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس الجامعة للوجه البحري، أن موضوع الوعي هو "قضية الساعة"، موضحًا أن الشائعات والمعلومات المضللة تشكل خطرًا على استقرار المجتمعات، مطالبًا بترسيخ ثقافة التحقق والتبين من المعلومات قبل تداولها. كما أشاد الدكتور محمد فكري، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات، بدور المنظمة في خدمة رسالة الأزهر التنويرية التي تهدف إلى تعزيز الوعي السليم، مشيرًا إلى أن بناء الوعي هو الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة. وفي كلمة حملت مشاعر المحبة والوحدة الوطنية، أعرب القس ميخائيل إبراهيم، راعي كنيسة مار مينا بطنطا، عن امتنانه لحضور اللقاء، مشيدًا بعنوان الندوة، ومؤكدًا أن التعايش السلمي والوعي المجتمعي هما أساس التنمية والتقدم في المجتمع. شهدت الندوة عددًا من المداخلات النقاشية من الحضور تناولت قضايا الوعي المجتمعي، والتحديات الفكرية، وأهمية التربية الدينية الصحيحة، وأثرها على استقرار المجتمع وتقدمه.