
العملية قد تكون بداية لتنفيذ اعادة استنساخ لحيوانات منقرضة
لأكثر من عقد من الزمان، سعى العلماء جاهدين لإحياء الأنواع المنقرضة من الحيوانات، وهي عملية تُسمى أحيانًا "العودة من الانقراض". والآن، يبدو أن شركة تُدعى "كولوسال بيوساينسز" قد نجحت في ذلك، أو ما يقاربه، مع الذئب الرهيب كبيرة الحجم، وهو نوع عملاق منقرض اشتهر بفضل مسلسل "صراع العروش".
وفي عام 2021، تمكن فريق منفصل من العلماء من استعادة الحمض النووي من أحافير ذئاب رهيبة انقرضت منذ حوالي 13,000 عام. ومع اكتشاف حمض نووي إضافي، عدّل باحثو "كولوسال" 20 جينًا من الذئاب الرمادية لمنحها السمات الرئيسية للذئاب الرهيبة.
ثم أنتج الباحثون أجنة من خلايا الذئب الرمادي المُعدّلة، وزرعوها في أمهات كلاب بديلة، وانتظروا ولادتها وفقًا لـ"نيويورك تايمز" الأميركية.
والنتيجة ثلاثة ذئاب سليمة - ذكران بعمر ستة أشهر وأنثى بعمر شهرين.. تُدعى رومولوس وريموس وخاليسي - تحمل بعض سمات الذئاب الرهيبة.
وهي، من ناحية، كبيرة الحجم، ولها فراء كثيف وشاحب لا يُعثر عليه في الذئاب الرمادية.
وتُربي شركة "كولوسال"، التي قُدّرت قيمتها بعشرة مليارات دولار في يناير، هذه الذئاب في منشأة خاصة مساحتها 2000 فدان في موقع لم يُكشف عنه شمال الولايات المتحدة.
ووصفت بيث شابيرو، كبيرة المسؤولين العلميين في شركة "كولوسال"، صغار الذئاب بأنها أول حالة ناجحة لإحياء نوع منقرض من الحيوانات. وقالت في مقابلة: "نحن ننشئ هذه النسخ الوظيفية من كائن كان حيًا في السابق".
وستبقى هذه الحيوانات في المحمية. لكن التقنية التي طورتها الشركة قد تساعد في الحفاظ على الأنواع التي لم تنقرض بعد، مثل الذئب الأحمر المهدد بالانقراض بشدة، والذي يقتصر وجوده إلى حد كبير على ولاية كارولينا الشمالية.
وفي عام ٢٠٢٣، بدأ فريق "كولوسال" بالتركيز على الذئاب الرهيبة كهدف محتمل أسهل. وترتبط هذه الذئاب بالكلاب، لذا يمكن للعلماء الاستفادة من نتائج سنوات من البحث في استنساخ الكلاب وزرع أجنة الكلاب وهو أمر لا يتوفر في كثير من الحيوانات المنقرضة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
"ذكاء السرب" يقود جيوش المسيرات القادمة
أحدثت أسراب الطائرات من دون طيار تحولاً جذرياً في تحليل الكلفة والعائد في الاستراتيجية العسكرية، وبينما تكلف أنظمة الردع التقليدية، مثل صواريخ "هيمارس" و"توماهوك" و"أس أم-6"، مبالغ باهظة تصل إلى ملايين الدولارات للصاروخ الواحد، تقدم أسراب الطائرات من دون طيار في المقابل بديلاً اقتصادياً قوياً ومتعدد الاستخدامات. ومن خلال تمكين العمليات المتزامنة جواً وبراً وبحراً، توفر أسراب الطائرات من دون طيار وعياً ظرفياً ومرونة لا مثيل لها في الوقت الفعلي، فهي قادرة على سحق الدفاعات واختراق شبكات الخصوم وتنفيذ المهام بمزيج من التخفي والقوة المدمرة مع الحفاظ على قدرة عالية على تحمل الاستنزاف. هذه الأهمية العسكرية المتزايدة دفعت عدداً كبيراً من الدول لتكثيف البحوث في "ذكاء السرب" بهدف الاستفادة المثلى من الطائرات من دون طيار في ساحة المعركة وتكبيد الأعداء خسائر فادحة. ما هو هجوم السرب؟ يتكون هجوم سرب الطائرات من دون طيار من أنظمة منسقة تضم ما لا يقل عن ثلاث طائرات مسيرة، وقد يصل إلى آلاف منها، بقدرة على تنفيذ مهام مستقلة مع أدنى حد من الإشراف البشري. وتستفيد هذه الأسراب من "ذكاء السرب"، وتحاكي الأنماط البيولوجية التي تلاحظ في مجموعات النمل أو النحل أو الطيور، حيث تنشئ القواعد اللامركزية سلوكاً جماعياً معقداً. تدمج الأسراب الحديثة للطائرات من دون طيار الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتجاوز عقبات مثل تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وتداخل إشارات الراديو، والظروف البيئية المعاكسة، مع الحفاظ على تزامن العمليات. وتتنوع أساليب القيادة والتحكم من مسارات طيران مبرمجة مسبقاً وإشراف أرضي مركزي، وصولاً إلى أنظمة تحكم موزعة تسمح للطائرات من دون طيار بالتواصل بصورة ديناميكية في الوقت الفعلي. الولايات المتحدة والصين وكما سبق وأشرنا تتسابق الدول لامتلاك أفضل برامج "ذكاء السرب"، لذا يهدف برنامج "ريبليكاتور" التابع لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، إلى نشر آلاف الطائرات من دون طيار الذاتية التشغيل وغير المكلفة بحلول أغسطس (آب) 2025، وقد خصصت الوزارة 500 مليون دولار للسنة المالية 2024، وطلبت مبالغ إضافية للسنة المالية الجارية، وتركز الجهود على التعاون الجماعي المستقل وطوبولوجيا الشبكة الانتهازية المرنة (ORIENT) لضمان تنسيق وتواصل فعالين للطائرات من دون طيار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وخضع نظام "بيرديكس"، الذي أطلق عام 2016 بقيادة مختبر "لينكولن" في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، لاختبارات دقيقة، بما في ذلك دمجه مع طائرات "أف أي - 18 هورنت"، وقد أُنتج أكثر من 670 طائرة "بيرديكس" من دون طيار حتى اليوم، مما يظهر تطورات كبيرة في قدرات تشكيل أسراب الطائرات هذه. أما في الصين فكشف النقاب عن طائرة "جيو تيان" من دون طيار في معرض "تشوهاي الجوي" في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. هذه الطائرة من دون طيار، التي يبلغ وزنها 10 أطنان، والمجهزة بحجرة حمولة معيارية، قادرة على نشر أسراب أصغر من الطائرات المسيرة بسرعات تصل إلى 900 كيلومتر في الساعة وبمدى 2000 كيلومتر، وهي أكبر من طائرة "أم كيو-9 ريبر" الأميركية التي يبلغ وزنها نحو ستة أطنان. ألمانيا والمملكة المتحدة من جهته أطلق الجيش الألماني في يوليو (تموز) 2023 برنامج "كيتو 2" بغية دمج سلوكيات أسراب الطائرات من دون طيار المدعومة بالذكاء الاصطناعي. وشملت الاختبارات التي أجريت في أغسطس 2023 تنسيقاً متعدد الطائرات من دون طيار في ظل ظروف تفتقر إلى نظام تحديد المواقع العالمي، وربطها بنظام "Fortion Joint C2" للإشراف الفردي. إضافة إلى ذلك تعاونت شركة "كوانتوم سيستمز" الألمانية المصنعة للطائرات المسيرة في 2024، مع القوات المسلحة الألمانية، باختبار أنظمة الطائرات التي يُتحكم فيها بالذكاء الاصطناعي في مركز "إيرباص درون" في بافاريا. ودمجت الاختبارات أنظمة "فيكتور" و"سكوربيون" التابعة للشركة مع طائرتين من دون طيار من شركة "إيرباص" الأوروبية، وجعلت من ثم من بيانات الاستطلاع في الوقت الفعلي جزءاً لا يتجزأ من نظام إدارة المعارك. وفي المملكة المتحدة منح "مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية" شركتي "سي بايت" و"بلو بير" عقداً لتطوير بنية آمنة للأسراب المتعددة المجالات المختلطة للأنظمة الروبوتية المستقلة. ستركز المرحلة الأولية، التي تمتد لـ12 شهراً، على تصميم بنية تمكن من التعاون المستقل بين المركبات الجوية والبرية والبحرية. ويستند هذا الجهد إلى أعمال سابقة، مثل تجارب "أوكوس بيلار 2"، التي أجريت داخل المملكة المتحدة في مايو (أيار) 2024، والتي شملت أنظمة مستقلة مثل طائرات "بلو بير غوست" من دون طيار، ومركبات "فايكينغ" الأرضية، ودبابات "تشالنجر 2"، التي أظهرت قدرات تنسيق أسراب الطائرات من دون طيار في سيناريوهات قتالية. أوكرانيا والسويد على رغم عدم تقدمها في تكامل الذكاء الاصطناعي، فقد نجحت أوكرانيا في استخدام طائرات مسيرة من طراز "منظور الشخص الأول" (FPV)، وطائرات أخرى من طراز "فلاي أي" و"غرانات 2" في أسراب بنجاح. ومطلع هذا العام كشفت القوات المسلحة السويدية عن برنامج جديد لأسراب الطائرات المسيرة، طورته شركة "ساب" العملاقة في مجال الدفاع، يمكن الجنود من التحكم في ما يصل إلى 100 نظام طائرات من دون طيار في وقت واحد، وقد اختبر البرنامج في مارس (آذار) الماضي خلال مناورة "ضربة القطب الشمالي"، وأظهر قدرات على التكيف مع مهام الاستطلاع والدفاع وتوصيل الحمولات في بيئات معقدة. معضلة التصدي بعد أن ذكرنا أبرز الجهود العالمية لتطوير "ذكاء السرب"، لا بد لنا من أن نشير إلى أن التصدي لهجمات أسراب الطائرات من دون طيار يشكل تحدياً كبيراً للأنظمة الدفاعية التقليدية، التي تكافح لمواكبة مرونة هذه التهديدات من الجيل التالي، وقدرتها على التكيف. يعد تفاوت الكلفة أحد التحديات الرئيسة عند مواجهة أسراب الطائرات من دون طيار، فهناك طائرات رخيصة نسبياً لا يمكن إسقاطها إلا عبر صواريخ أرض - جو أو أنظمة دفاع جوي متطورة باهظة الثمن. وعلى سبيل المثال يمكن أن تصل كلفة صاروخ أرض - جو قصير المدى من طراز "إيريس - تي" الذي أرسلته ألمانيا لأوكرانيا، إلى ما يزيد على 450 ألف دولار، مقارنة بطائرة من دون طيار من طراز "شاهد-136"، التي تكلف نحو 20 ألف دولار فحسب. هذا الفارق الكبير في السعر يجعل من غير العملي على المدافعين استخدام صواريخ باهظة الثمن ضد وابل من الطائرات من دون طيار منخفضة الكلفة، مما يؤدي إلى استنزاف المخزونات بسرعة واستنزاف موارد الدفاع. حالياً تختبر بعض جيوش العالم عدداً من التقنيات والتدابير المضادة لمكافحة هذه المشكلة، بما في ذلك الحرب الإلكترونية (التشويش)، وأشعة الليزر العالية الطاقة، وأنظمة الموجات الدقيقة، مثل تلك التي اختبرها نظام "أل- ماديس" التابع لسلاح مشاة البحرية الأميركية. ويجدر القول إن هذه الأنظمة تعتبر واعدة، إلا أنها لم تدخل مرحلة التشغيل الكامل على نطاق واسع بعد. في المحصلة ليس صعود تقنية أسراب الطائرات من دون طيار مجرد توجه عابر، بل يمثل تحولاً جذرياً في الاستراتيجية العسكرية العالمية. وسواء كانت لأغراض الاستطلاع أو الهجوم أو المهام الهجينة، فإن أسراب الطائرات من دون طيار ترسخ مكانتها في طليعة مستقبل الحروب.


Independent عربية
منذ 9 ساعات
- Independent عربية
"الجيل المضطرب"... محاولة لإعادة الطفولة إلى الأرض
كان للتقدم التكنولوجي الذي أخذت وتيرته في التسارع، منذ عقدين ونيّف، تداعياته الحميدة والوخيمة على العالم أجمع، أما الحميدة فتكمن في أن المنتجات التي ابتكرتها شركات التكنولوجيا الأميركية، في مطلع الألفية الثالثة، وفي مقدمها الهاتف الذكي، أحدثت تحوّلاً كبيراً في مجرى الحياة، فجعلتها أكثر متعة وإنتاجية، وقصّرت المسافات بين الناس، وبات بوسع مستخدم هذه المنتجات أن يزور القصيّ البعيد، ويستحضر القديم العريق، بكبسة زر على جهاز أصغر من راحة اليد. أما التداعيات الوخيمة فهي ما يتناوله الكاتب جوناثان هايدت في كتابه "الجيل المضطرب"، الصادر حديثاً عن الدار العربية للعلوم، ناشرون في بيروت، بتعريب عائشة يكن. والكاتب عالم أميركي متخصص في علم النفس الاجتماعي، وأستاذ في جامعة نيويورك يدرّس مادة القيادة الأخلاقية، وباحث في مجالات الأخلاق والسياسة والدين، وشريك في تأليف كتاب "تدليل العقل الأميركي" الذي يتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في "نيويورك تايمز"، مما يشكل حافزاً آخر لقراءة الكتاب، يُضاف إلى حافز العنوان الرئيس "الجيل المضطرب" والفرعي "تأثير شبكات التواصل على أعصابه وتصرفاته وكيف تتم المعالجة". الشكل والمضمون في الشكل، يقع الكتاب في أربعة أجزاء، ويشتمل على مقدمة و12 فصلاً وخاتمة، ويختلف عدد الفصول بين جزء وآخر، ويراوح ما بين فصل واحد في الجزء الأول وأربعة فصول في الجزءين الثالث والرابع، وتشغل مجتمعة 439 صفحة. في المضمون، يحدد الباحث في المقدمة الجيل المضطرب بذاك المولود بين عامي 1995 و2010، وهو الجيل الذي وقع تحت تأثير شركات التكنولوجيا، فأعادت برمجة طفولته، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي ألحقت به أضراراً فادحة، فبات صنيعتها إلى حدٍّ كبير، وحولت الطفولة من تلك القائمة على اللعب إلى تلك القائمة على الهاتف، مما ترتب عليه نتائج وخيمة، على المستويين الجسدي والنفسي، يشخص الباحث أعراضها وتداعياتها وسبل معالجتها في الكتاب بأجزائه الأربعة، فيبيّن اتجاهات الصحة النفسية بين المراهقين في الجزء الأول، وطبيعة الطفولة وكيف أُفسدت في الثاني، والأضرار الناجمة عن وسائل التواصل الذكية في الثالث، والإجراءات الواجب اتخاذها لرفع الأضرار في الرابع، ويدعو في الخاتمة إلى إعادة الطفولة إلى الأرض. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يستند هايدت في كتابه إلى وقائع فردية ودراسات إحصائية وآراء مختصة وبيانات توضيحية. وبذلك، يزاوج في بحثه الاستقصائي بين الفردي الخاص والجماعي العام، ويُصور واقع الطفولة في الجيل المضطرب، ويشخّص الأعطاب التي تعتوره وانعكاساتها عليه، ويخلص إلى اقتراح الإجراءات الآيلة إلى إعادة الأمور إلى نصابها، أو "إعادة الطفولة إلى الأرض"، حسب تعبيره. من هنا، يتناول كتابه "كيفية استعادة جميع الأجيال من البشر لحياتهم"، على حد توصيفه (ص 31). أي إنه يريد إعادتهم من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي، أو من الطفولة القائمة على الهاتف إلى الطفولة القائمة على اللعب، حسب مصطلحاته. تشكل العبارة الأخيرة فكرة محورية، تتكرر في الكتاب كلازمة، تتمحور حولها الفصول المتعاقبة، بصورة أو بأخرى، والكتاب يرصد الانتقال بين نوعين من الطفولة، أدت وسائل التواصل الذكية دوراً في تحقيقه، وكان لهذا الانتقال نتائج كارثية على الجيل الذي تتناوله الدراسة. فبين الطفولة القائمة على اللعب، السابقة على الثورة التكنولوجية، والطفولة القائمة على الهاتف، اللاحقة لتلك الثورة، فوارق كثيرة في الأسباب والنتائج، مما يجعل من عملية الانتقال نوعاً من انقلاب على ثوابت تاريخية، قامت به التكنولوجيا، وكان الإنسان أكبر ضحاياه. نمط الاكتشاف من جهة أولى، تنتمي الطفولة القائمة على اللعب إلى العالم الواقعي، ما قبل الثورة التكنولوجية التي بلغت ذروتها مطلع العقد الثاني من القرن الـ21، وتوفر للطفل نمواً سليماً ومتوازناً، على المستويين الجسدي والنفسي، فيلعب مع أقرانه في الهواء الطلق، ويعقد الصداقات، ويتجوّل بحرية، وينخرط في الألعاب المحفوفة بالأخطار، ويقارب الأشياء بيديه وحواسه، ويشارك في الأنشطة الأسرية والاجتماعية، مما يترتب عليه كثير من البهجة والفرح، ويؤدي إلى نمو طبيعي. وفي هذا النوع، يعمل الدماغ وفق "نظام التشغيل السلوكي عند اكتشاف الفرص" (ص 104) أو ما يسميه المؤلف بـ"نمط الاكتشاف"، و"تكون العلاقات بدنية ومتزامنة، ويكون التواصل بين فرد وآخر أو بين فرد وأفراد عدة، وتحدث العلاقات داخل المجتمعات التي تتسم بالديمومة"، على حد تعبيره (ص 121). ومن البدهي أن مثل هذا النوع الحقيقي من الطفولة قلما يصاب صاحبه بالمرض الجسدي أو النفسي، ويمكن تسمية الجيل الذي نَعِمَ به بالجيل المطمئن. نمط الدفاع من جهة ثانية، تنتمي الطفولة القائمة على الهاتف إلى العالم الافتراضي، ما بعد الثورة التكنولوجية، الذي "تتضافر فيه جهود البالغين والمدارس وسائر المؤسسات لتعليم الأطفال أن العالم خطر، ولمنعهم من تجربة الأخطار والنزاعات والإثارة التي تحتاج إليها أدمغتهم المتوقعة للتجارب للتغلب على القلق وضبط حالتهم النفسية التلقائية وفق نمط الاكتشاف"، على حد تعبير المؤلف (ص 131). ولعل إفراط الأهل في حماية أطفالهم من العالم الواقعي، في مقابل الحماية غير الكافية من العالم الافتراضي هي التي جعلتهم يعكفون على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إذا ما استدرجهم مصمّمو الهواتف الذكية بتطبيقاتهم المغرية إلى فخهم الإلكتروني، سرعان ما يسقطون فيه، ويتحولون شيئاً فشيئاً إلى مدمنين رقميين، مع ما يترتب على ذلك من ابتعاد عن الأسرة والمجتمع، والانزواء في عزلة عن العالم الخارجي، وتردٍّ في مهاوي القلق والاكتئاب والأرق والحرمان الاجتماعي وعدم التركيز والإدمان. وفي هذا النوع، يعمل دماغ الطفل وفق "نظام التثبيط السلوكي عند اكتشاف التهديدات" (ص 104)، أو ما يسميه المؤلف بـ"نمط الدفاع" الذي "يعرقل عملية التعلم والنمو في البيئات الآمنة فعلياًّ، والتي تحيط معظم الأطفال في الدول المتقدمة اليوم" (ص 105)، وإذ يعوق هذا النوع عملية البلوغ، يجترح هايدت سُلّماً عُمْرياًّ لتجاوز العوائق، يتدرج فيه الطفل من المشاركة الأسرية في السادسة، إلى الحرية المحلية في الثامنة، إلى التجول الحر في العاشرة، إلى التدريب والتأهيل في الثانية عشرة، إلى الالتحاق بالثانوية في الرابعة عشرة، إلى الدخول إلى الإنترنت في السادسة عشرة، إلى بداية سن الرشد في الثامنة عشرة، إلى البلوغ القانوني الكامل في الحادية والعشرين. إجراءات المعالجة وإذا كانت الأعطاب الآنفة التي يتردى فيها الجيل موضوع الدراسة تقع على عاتق الحكومات والشركات والمدارس والأهل بدرجات متفاوتة بين جهة وأخرى، فإن معالجتها تقع على هذه الجهات نفسها بدرجات متفاوتة بين جهة وأخرى. فيقترح المؤلف إجراءات مختصة بكل منها، لعلها تتضافر جهودها في المعالجة كما تضافرت في المرض. لذلك، نراه ينيط بالحكومات والشركات واجب الرعاية، ورفع سن البلوغ على الإنترنت إلى الـ16 سنة، وإخلاء المدارس من الهواتف الذكية، وعدم معاقبة الوالدين لمنح أطفالهم حرية الانخراط في العالم الحقيقي، وزيادة حصص اللعب في المدارس، وتصميم مساحات عامة تراعي الأطفال، وزيادة برامج التعليم والتدريب المهني، من جهة أولى. وينيط بالمدارس خلوّها من الهواتف، وتحولها إلى أماكن ممتعة، وتحسين الاستراحات والملاعب، وإعادة إشراك الفتيان في أنشطة حقيقية، من جهة ثانية، وينيط بالأهل توفير تجارب أكثر لأطفالهم في العالم الحقيقي وتجارب أقل في العالم الافتراضي، من جهة ثالثة، حتى إذا ما قام كلٌّ من هذه الجهات بواجبه، تصبح العودة بالطفولة إلى الأرض ممكنة. وبعد، "الجيل المضطرب" كتاب بالغ الأهمية، ينبغي لكل أسرة ومدرسة أن توليه الاهتمام اللازم، لما ينطوي عليه من دروس مفيدة في التربية، تشير إلى الأخطاء المستشرية في هذا العالم، وتقترح تصويبها بالإجراءات المناسبة. ولعله من الإنصاف، في نهاية هذه القراءة، الإشارة إلى براعة عائشة يكن في ترجمة الكتاب، بحيث يبدو عربياًّ أكثر منه معرباً، ويخلو من الأخطاء اللغوية التي تزخر بها كثير من الكتب المترجمة.


الوئام
منذ 2 أيام
- الوئام
قبة ترمب الذهبية.. ما نعرفه عن المنظومة الأمريكية للدفاع الصاروخي الفضائي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إطلاق مشروع دفاع صاروخي فضائي باسم 'القبة الذهبية' بقيمة 175 مليار دولار، مع تعيين قائد للمشروع الطموح. يهدف النظام إلى استغلال شبكة من مئات الأقمار الصناعية المزودة بأجهزة استشعار متطورة واعتراضات دقيقة، للقضاء على الصواريخ المعادية خلال مرحلة الإطلاق البطيئة والقابلة للتنبؤ، من دول مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا. القبة الذهبية.. اعتراض في 'مرحلة التعزيز' سيتم كشف الصاروخ المعادي فور انطلاقه، ثم يتم إسقاطه بواسطة اعتراض صاروخي أو ليزر قبل دخوله الفضاء أو خلال رحلته عبر الفضاء باستخدام أنظمة دفاع أرضية حالية في كاليفورنيا وألاسكا. ويشتمل النظام أيضًا على طبقة دفاعية أرضية لحماية الولايات المتحدة، مشابهة لما درسته وكالة الدفاع الصاروخي خلال الإدارة السابقة لترمب. بين القبة الذهبية والحديدية أوضح ترمب أن المشروع مستوحى من نجاح 'القبة الحديدية' الإسرائيلية، التي تم تطويرها لمواجهة الصواريخ قصيرة المدى التي تطلقها حماس من غزة. وقد دعمته الولايات المتحدة وتستخدم هذه التقنية أساليب متقدمة لتحديد الصواريخ التي تهدد المناطق المأهولة فقط، ما يعزز فاعليتها ويقلل من الإطلاقات غير الضرورية. تشابه مع مبادرة 'حرب النجوم' للرئيس ريغان يرى ترمب أن مشروع القبة الذهبية يُكمل مهمة 'المبادرة الاستراتيجية للدفاع' التي أطلقها رونالد ريغان قبل 40 عامًا، والتي كانت تهدف إلى بناء نظام فضائي قادر على التصدي للهجمات النووية عبر اعتراض الصواريخ خلال مراحل إطلاقها وطيرانها. رغم فشل مشروع ريغان بسبب تكلفته العالية وتعقيداته التقنية، تعيد القبة الذهبية هذه الرؤية بتقنيات متطورة وتكلفة ضخمة. فضاء ماسك وشراكات تقنية واسعة تتصدر شركة سبيس إكس التابعة لإيلون ماسك قائمة الشركات المرشحة لتطوير أقمار النظام واعتراضاته، إلى جانب شركات مثل بالانتير وأندوريل، بالإضافة إلى شركات دفاع تقليدية مثل L3 Harris وتيكنولوجيز، لوكهيد مارتن، وRTX. كما استثمرت L3 حوالي 150 مليون دولار في منشأة جديدة لصناعة أقمار استشعار قادرة على تتبع الأسلحة تحت صوتية والبالستية، والتي يمكن تكييفها مع القبة الذهبية. القبة الذهبية.. تحديات أمام تخصيص 25 مليار دولار على الرغم من الطموح الكبير، لا تزال ميزانية القبة الذهبية غير مؤكدة، إذ اقترح نواب جمهوريون استثمارًا أوليًا بقيمة 25 مليار دولار ضمن حزمة دفاعية شاملة بقيمة 150 مليار دولار، لكن هذه الخطة مرتبطة بقانون ميزانية مثير للجدل يواجه صعوبات في الكونغرس الأمريكي.