logo
معهد بيترسون الدولى: تعريفات ترامب تدابير تجارية "غير متكافئة" تهدد الدول النامية

معهد بيترسون الدولى: تعريفات ترامب تدابير تجارية "غير متكافئة" تهدد الدول النامية

الدستور٠٧-٠٤-٢٠٢٥

ذكر تقرير حديث نشره معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي، أن التعريفات الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل، والتي تم الإعلان عنها على أنها سياسة تجارية عملية و"تبادلية" أو "مقابلة" تهدف إلى تحقيق توازن تجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها التجاريين، إلا أن هذه التعريفات على الواردات من الاقتصادات النامية لا تعد متكافئة ولا استراتيجية سليمة.
وكشف التقرير - الذي كتبه كولين هندركس، كبير الباحثين الاقتصاديين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو أحد من المنظمات البحثية الدولية ويوفر تحليلات للسياسات وحلول عملية لتعزيز الاقتصاد العالمي - أن هذه التعريفات لا تعكس التعريفات التي تفرضها تلك الدول على صادرات الولايات المتحدة، كما أنها لا تأخذ في الاعتبار الفروقات الكبيرة في الظروف الاقتصادية والمالية التي تحدد أنظمة التعريفات في البلدان الفقيرة، علاوة على ذلك، فإن هذه السياسات تتجاهل الحقائق الأساسية المتعلقة بالقدرة المؤسسية، والموارد الطبيعية، والجغرافيا، بالإضافة إلى تقليص المساعدات الأمريكية للتنمية، فإن هذه التعريفات قد تلحق ضررًا لا يمكن التراجع عنه بمكانة الولايات المتحدة في العالم النامي.
وأوضح التقرير في عدة نقاط كيفية تأثير هذه التعريفات على اقتصادات الدول النامية، واصفا إياها بانها ليست "تعريفات مقابلة"، مشيرا إلى أن لفظ "المقابلة" تعني فرض نفس مستويات التعريفات على المنتجات المستوردة، كما يفرضها البلد الشريك على صادرات الولايات المتحدة، أي المعاملة بالمثل.
كانت نسبة التعريفة المتوسطة للأمم الأكثر تفضيلاً (MFN) على الواردات من فيتنام في عام 2024 حوالي 9.4%. لذلك، فإن التعريفة المقابلة لفيتنام يجب أن تكون حوالي 9.4%، وليس 46% كما أعلن ترامب في 2 أبريل.
وأضاف التقرير، أن هذه التعريفات الجديدة هي في أفضل الأحوال نصف المعدل الذي قد يزيل بشكل نظري، رغم أنه غير واقعي، العجز التجاري الثنائي للولايات المتحدة مع هؤلاء الشركاء التجاريين، موضحا أنه ستختلف الآراء حول ما إذا كان هذا هدفًا سياسيًا يستحق الثناء، لكنه في الحقيقة ليس كذلك، إن تسمية هذه التعريفات بالتعريفات المقابلة هي مثل تسميتك للبقرة حصانًا.
وأشار التقرير إلى أن هذه المعدلات المحسوبة لا تأخذ في الحسبان حقيقة أن صدمة التعريفات قد تعطل اقتصادات هذه الدول، مما يؤدي إلى تقليص طلبها على صادرات الولايات المتحدة، الطلب على صادرات الولايات المتحدة محدود بالفعل في العديد من الاقتصادات النامية لأن الولايات المتحدة - باعتبارها دولة متقدمة - تميل إلى تصدير السلع المكلفة والموارد كثيفة رأس المال التي يكون الطلب عليها في البلدان الفقيرة محدودًا بطبيعتها، وفي هذا الصدد، تمثل الصادرات الزراعية الأمريكية هنا حالة استثنائية، لكن الطلب على السلع الغذائية بكميات كبيرة في العديد من الاقتصادات النامية ضعيف نسبيًا، مرة أخرى بسبب الفقر والاعتماد على الزراعة المعيشية لتوفير الطعام.
وألمح التقرير إلى أنه يمكن أن ينخفض الطلب على الصادرات الأمريكية بشكل أكبر نتيجة للمشاعر المعادية للولايات المتحدة في الخارج، مما قد يؤدي إلى مقاطعة السلع الأمريكية، كما هو الحال بالفعل في كندا والدنمارك.
والنقطة الثانية التي ستؤثر حتما على اقتصادات الدول النامية هي أن العديد من الاقتصادات النامية تفرض تعريفات أعلى من باب الضرورة، لا الخيار، البلدان الفقيرة ليست مجرد دول تعاني من نقص في السيولة المالية؛ فهي عادةً ما تملك قدرة إدارية وبيروقراطية أقل بكثير من نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة، فالضرائب التي يمكن فرضها في عدد محدود من نقاط الدخول أسهل بكثير في جمعها من الضرائب على الدخل، أو الرواتب، أو القيمة المضافة التي تشكل جزءًا كبيرًا من القاعدة الضريبية في الاقتصادات المتقدمة، بالطبع، إن اعتماد الاقتصاد في تلك البلدان على التعريفات يسبب تشويهًا كبيرًا لهذه الاقتصادات، ويعلم صناع السياسات في الاقتصادات النامية ذلك.
ومع ذلك، فإن استمرارهم في فرض التعريفات المرتفعة يعد علامة على واقعهم المالي الصعب، وليس على نقص في مهارات السياسة التجارية.
وثالثًا، الحل الذي اقترحته إدارة ترامب - هو فقط بناء وإنتاج السلع في الولايات المتحدة خلف جدار التعريفات - من المستحيل تنفيذه لأن الاقتصادات النامية تصدر العديد من المواد الخام والسلع الزراعية إلى الولايات المتحدة، وعلى سبيل المثال دولة كوت ديفوار، التي قد يطلق عليها الآن "كوت دو كاكاو": فهي مسئولة عن ما يقرب من نصف الإنتاج العالمي للكاكاو، ويشكل الكاكاو حوالي 76% من صادرات كوت ديفوار إلى السوق الأمريكية، هذا يرجع إلى الجغرافيا بشكل شبه كامل: فجزء كبير من كوت ديفوار يقع في النقطة المثالية من حيث درجات الحرارة والارتفاع والرطوبة التي تجعل الكاكاو ينمو بشكل جيد، تأتي حبوب الكاكاو من الأشجار التي تستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات لتبدأ في الإنتاج ومن عشرة إلى خمسة عشر عامًا لتصبح مُنتجة بالكامل.
ويوجد في الولايات المتحدة 3500 فدان من الأرض - جميعها في هاواي - التي يمكن، من الناحية النظرية، دعم إنتاج الكاكاو؛ بينما تمتلك كوت ديفوار 11.8 مليون فدان مزروعة بالكاكاو، وإن نقل صناعة الشوكولاتة من كوت ديفوار إلى الولايات المتحدة ليس فقط أمرًا غير معقول، بل هو حرفيًا مستحيل، كما أن التعريفة الأمريكية الجديدة التي تبلغ 21% على السلع من كوت ديفوار لا يمكن أن تغير ذلك.
وأكد التقرير أن نفس القصة تنطبق على مستوى العالم بالنسبة للقهوة والفلفل الأسود والموز وزيت النخيل والعديد من المنتجات المعدنية (العديد منها معفى)، في حين أنه سيكون من غير الحكمة استخدام التعريفات لإعادة إنتاج قمصان والتي شيرت والأحذية الرخيصة، إلا أنه على الأقل من الممكن تحقيق ذلك، حيثما يكون من المستحيل تحقيق ذلك بسبب الواقع الجغرافي والمناخي، فلا يوجد أي حجج للترويج للصناعة المحلية.
واختتم التقرير بأن إدارة ترامب ترى أن التعريفات أداة لتوليد إيرادات للحكومة، وتشجيع إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، وتحقيق توازن تجاري ثنائي، ولكن هناك نقاشات بنوايا حسنة يمكن إجراؤها حول جدوى هذه الأهداف، ولكن عند تطبيق تعريفات مرتفعة للغاية على العديد من الاقتصادات النامية التي تنتج منتجات لا يوجد لها صناعة منافسة في الولايات المتحدة، فإن هذه التعريفات ستفرض تكاليف على البلدان الفقيرة بالفعل التي تعاني من تقليص المساعدات الأمريكية للتنمية، وعلى المستهلكين الأمريكيين، علاوة على ذلك، فإنها ستقلص الأسواق لصادرات الولايات المتحدة الأمريكية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل سيحمي قبة دونالد ترامب الذهبية أمريكا؟
هل سيحمي قبة دونالد ترامب الذهبية أمريكا؟

وكالة نيوز

timeمنذ 17 دقائق

  • وكالة نيوز

هل سيحمي قبة دونالد ترامب الذهبية أمريكا؟

يقول الرئيس الأمريكي إن النظام سوف يحمي البلد من تهديدات الصواريخ ، بما في ذلك من الفضاء. يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب آخر خطة دفاع له: القبة الذهبية. تقدر بتكلفة 175 مليار دولار ، وهي مصممة لإسقاط الصواريخ المتقدمة المتجهة نحو الولايات المتحدة. باستخدام كل من الأرض والفضاء للكشف عن المقذوفات الواردة ، فإنه سيتجاوز بكثير نظامًا مشابهًا يستخدم في إسرائيل المعروف باسم القبة الحديدية. لكن النقاد يقولون إنه قد يكون غير فعال ويزعج توازن القوة العالمية. لذلك ، هل يمكن أن يؤدي المخطط إلى عسكرة الفضاء وتهديد النظام العالمي؟ وهل يمكن أن يكون هناك دوافع أخرى وراء إعلان ترامب؟ مقدم: مايكل أوهانلون ، زميل أقدم ومدير البحوث في السياسة الخارجية في معهد بروكينغز Youngshik Bong ، زميل أبحاث في معهد جامعة Yonsei لدراسات كوريا الشمالية

إقتصاد : البتكوين تتخطى 110 آلاف دولار لأول مرة
إقتصاد : البتكوين تتخطى 110 آلاف دولار لأول مرة

نافذة على العالم

timeمنذ 21 دقائق

  • نافذة على العالم

إقتصاد : البتكوين تتخطى 110 آلاف دولار لأول مرة

الجمعة 23 مايو 2025 01:00 صباحاً ارتفعت قيمة عملة البتكوين، أكبر عملة رقمية في العالم من حيث القيمة السوقية، بأكثر من 23 بالمئة خلال الثلاثين يومًا الماضية، إلى 110049.82 دولار، بعد أن وصل في وقت سابق لأعلى مستوى له على الإطلاق عند 110636.58 دولار. شهدت عملة البتكوين ارتفاعًا في البداية بعد إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر على أمل وجود إدارة داعمة للعملات الرقمية، ثم انخفضت العملة الرقمية، شديدة التقلب، إلى 76,000 دولار أمريكي في نيسان/ أبريل قبل أن تتعافى في الأسابيع الأخيرة، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز". ويتجاوز هذا الارتفاع الجديد الرقم القياسي السابق الذي تجاوز 109 آلاف دولار أمريكي بقليل، والذي تحقق في مطلع العام الجاري. ويأتي في الوقت الذي يُقدم فيه المشرعون الأمريكيون أول تشريع من نوعه للعملات الرقمية. وعملة بتكوين التي أطلقها شخص أو مجموعة تحت الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو، مثلت ثورة في عالم المال والتكنولوجيا منذ عام 2008، وبلغ سعرها في أول يوم إطلاق لها 0.000001 دولار. تعتمد بتكوين على تقنية البلوكشين Blockchain، وهي سجل رقمي غير قابل للتلاعب، يدير المعاملات بشكل لا مركزي، مما يجعلها بعيدة عن السيطرة الحكومية أو تدخل البنوك المركزية حول العالم. وبتاريخ 31 تشرين أول/ أكتوبر 2008 نشر ساتوشي ناكاموتو الورقة البيضاء للبتكوين، معلنا عن رؤيته لإنشاء نظام نقدي إلكتروني يعمل بين الأفراد ويتجاوز أنظمة الرقابة المصرفية العالمية، بحسب وكالة "الأناضول". بينما في 3 كانون الثاني/ يناير 2009، تم تعدين أول كتلة في سلسلة البتكوين، والتي عُرفت باسم Genesis Block، ما شكل انطلاقة الشبكة، وبعدها بأيام، تم تنفيذ أول معاملة بتكوين بين ساتوشي ناكاموتو وهال فيني، وهو مبرمج أمريكي استلم 10 بيتكوين. في عام 2010، شهدت العملة أول استخدام فعلي لها عندما دفع أحد المبرمجين 10000 وحدة مقابل شراء قطعتي بيتزا، وهو اليوم الذي يحتفل به مجتمع البيتكوين سنويًا باسم "يوم البيتزا'. ومع كل صعود لعملة بيتكوين، يبدأ مجتمع العملات المشفرة يحسب قيمة قطعتي البيتزا اللتين اشتراهما المبرمج ويدعى لازلو هانييتش، إذ يبلغ سعرهما وفق قيمة بتكوين في تعاملات الجمعة، نحو 990 مليون دولار. بينما في يوليو/تموز 2010 أعلن رسميا عن إطلاق أول بورصة بتكوين (Mt. Gox)، مما فتح الباب لتداول العملة على نطاق أوسع، ليغلق سعر بتكوين عام 2010 عند مستوى 30 سنتا. واعتبارا من شباط/ فبراير 2011، ارتفعت قيمة البتكوين إلى دولار واحد لأول مرة، ما جعلها تجذب الأنظار كعملة رقمية ذات قيمة حقيقية. وأصبحت في نفس العام، عملة معتمدة على نطاق واسع في الأنشطة غير القانونية على الإنترنت المظلم (Dark Web)، ما أثار الجدل حول طبيعتها المجهولة ودورها في الاقتصاد الرقمي.

حصاد جولة ترامب! بقلم د. حاتم صادق
حصاد جولة ترامب! بقلم د. حاتم صادق

الجمهورية

timeمنذ 34 دقائق

  • الجمهورية

حصاد جولة ترامب! بقلم د. حاتم صادق

أى متابع لزيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب لمنطقة الشرق الاوسط التي جرت منتصف الاسبوع الماضي، يمكن ان يرصد بكل سهولة كيف ان هذا الرجل يتحرك بدون اي قيود ومحاذير او حتي تقاليد سياسية ودبلوماسية كان من المفترض أن تحكم اقواله وافعاله، بأسلوب يمكن وصفه بالمذهل او المرعب، فهو يسقط كل الثوابت والمحرمات مهما كانت واستبدل كل ما سبق بعبارة عملية للغاية "لا صداقات دائمة ولا عدوات دائمة.. فقط مصالح دائما". ومن قبل الزيارة اثبت الرجل انه دائما يتحرك تحت عنوان "امريكا اولا" هذا ما شاهدناه عندما قرر الجلوس مع الجانب الصيني للتوصل لحل أزمة الجمارك التي افتعلها لتحقيق مكاسب سريعة واعادة ضبط ميزان التجارة البينية بين البلدين الذي كان معظمه لصالح بكين.. وبالفعل تم الاتفاق على تجميد الجمارك لمدة ٩٠ يوما. نفس الشيء حدث في الحرب الاوكرانية، الآن هناك بوادر إيجابية وغير مسبوقة بدأت في إسطنبول على إنهاء الصراع.. والمحصلة الأكيدة ان ترامب حصل على مبتغاه باتفاق المعادن مع اوكرانيا.. وفي الشرق الاوسط ورغم كل تعقيداته فان الرجل حسم موقفه منذ البداية متجاهلا كل الثوابت في السياسة الخارجية لأمريكا وأهمها إسرائيل، وشرع في مفاوضات مباشرة مع حركة حماس من أجل الافراج عن الرهينة الامريكي في القطاع، متخطيا غضب حليفه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الذي سبق وصدمه قبل اسابيع عندما اعلن امام الصحفيين في حضوره بالبيت الابيض عن وجود مفاوضات مباشرة مع ايران دون علم الاخير، ليس هذا فحسب، بل عقد لقاء مع رئيس سلطة الأمر الواقع في سوريا احمد الشرع، وقرر تجميد العقوبات عن سوريا مقابل السماح لشركات التعدين والبناء في الحصول علي نصيب الاسد من عمليات التنقيب واعادة اعمار ما دمرته الحرب في سوريا. وقبلها كان الاتفاق مع الحوثيين في اليمن لوقف الهجمات الجوية الامريكية رغم رفض الرياض لهذا الاتفاق الذي تراها مع جماعة ارهابية وغير شرعية. حتى "القصر الطائر" وهي الطائرة التي أهدتها له قطر وثمنها يقترب من نصف ترليون دوﻻر يراها ترامب انها فرصة رائعة لتجديد طائرة الرئاسة الامريكية بأموال آخرين قرروا أن يكونوا أكثر كرما وسخاء من اصحاب الدار. على كل حال وفي اقل من ٧٢ ساعة قضاها في ثلاث دول خليجية استطاع ترامب ان يحصد أكثر من ٣ ترليونات دوﻻر ما بين صفقات سلاح واستثمارات وهدايا، بل ان إحدى الصفقات التي تم توقيعها في الدوحة بالمليارات انقذت شركة بوينج من الافلاس بعد ان كانت تعاني من انهيار، وهذا المبلغ يزيد عما كان يحتاجه ترامب لتسديد ديون الحكومة الامريكية بترليون دولار قبل ان تعلن افلاسها كما قال الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مطلع هذا العام في البيت الأبيض. الان من الصعب تحديد مساحة الاتفاق والاختلاف بين دول المنطقة المتمثلة في دول الخليج ومصر من جانب والولايات المتحدة من جانب اخر، وكذلك بين ترامب من جانب ونتنياهو على الجانب الآخر، فبينما تمثل الخلافات مع إدارة البيت الابيض بشأن غزة والحوثيين وإيران والمملكة العربية السعودية تطورات سلبية لإسرائيل، فان استراتيجية واشنطن تنص على انه لا يمكن منح إيران تفويضا لطهران بتخصيب اليورانيوم وصولا للقنبلة النووية، كما لا يمكن حصول أطراف خليجية على برنامج نووي سلمي دون الانضمام الي الاتفاق الابراهيمي. جولة ترامب كانت ناجحة بكل المقاييس الامريكية، حتى طهران أرادت أن ينالها من الحب جانب أعلنت قبل نهاية زيارته استعدادها للتخلي تماما على تخصيب اليورانيوم لغير الاغراض السلمية والتعهد بعدم امتلاك أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات، لكن في نفس الوقت ايضا حملت الجولة بذور خلاف واضح بين اسرائيل وامريكا، فالأولى يمكنها الآن بموازين القوي الجديدة والمكتسبة بعد ٧ اكتوبر ٢٠٢٣من رسم خريطة سياسية وجغرافية جديدة للمنطقة تتجاوز الحقوق التاريخية وايضا امكانيات السلاح العسكري وترى ان ترامب يقفز خطوات واسعة ومنفردة بعيدا عن تل ابيب فى اخطر الملفات وأهمها ايران واذرعها، بينما الرئيس الامريكي يرى ان إعادة تشكيل علاقات بلاده مع العرب خلال زيارته للشرق الأوسط وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمنى مع المحور السني المعتدل على حساب إيران الشيعية وعملائها مازالت تحتاج الي الوقت والجهد وأيضا التخلص من معوقات سابقة. وهناك نظرة أكثر تعقيداً للتجاهل الواضح لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة خلال جولة الرئيس الأمريكي. ومن الخلاف حول الملف النووي الإيراني، الذي يفضل فيه ترامب العودة إلى المفاوضات، بينما يتحمس نتنياهو للخيار العسكري، مرورا باتفاق وقف إطلاق النار الأمريكي مع الحوثيين في اليمن، الذي أغضب إسرائيل بسبب ما اعتبر انفصالا عن مصالحها الأمنية، إلى التوصل إلى اتفاق من قبل إدارة ترامب لإطلاق سراح عيدان إسكندر، الرهينة الأمريكي المحتجز لدى حماس، وفي النهاية توقيع اتفاقيات لبيع طائرات اف 35 الى السعودية وربما قطر والإمارات، وهي كلها ضد رغبة تل ابيب. وهنا يمكن الإشارة الي ان الأمن الأمريكي والإسرائيلي بدأ في الانفصال حول قضايا معينة، وفي الوقت الذي تغير فيه واشنطن أولوياتها في الشرق الأوسط تبحث تل أبيب عن استراتيجيات للخروج من أزمتها الأمنية والسياسية. وتبقي المشكلة الحقيقية في رؤية ترامب -امريكا اولا.. والمصالح اولا واخيرا- المتغيرة دائما صعودا وهبوطا وبوصلتها المتوجه دوما نحو حجم المكاسب فقط دون اي اعتبارات سياسية هي المعضلة للطرف الاخر، على سبيل المثال فان بنيامين نتنياهو نجح في تطوير خبرته في إدارة الخلافات والتوترات المتعلقة بالمصالح الإسرائيلية الحيوية مع إدارات ديمقراطية وجمهورية غير صديقة مع الحفاظ على موقف إسرائيل، في الوقت الذي رفضت دول مثل كندا وجرينلاند والمكسيك خطط ترامب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store