
أعباء لا تنتهى.. ما الذى ستواجهه إسرائيل عند احتلال غزة؟
وبينما يصوّر نتنياهو الخطة على أنها «حل جديد» لهزيمة حماس أو كما سماه «تحرير غزة من حماس وليس احتلالها»، إلا أن هناك جدلًا كبيرًا داخل إسرائيل بشأن الترتيبات المستقبلية التى ستُفرض على غزة حال احتلالها، والأعباء المتزايدة التى ستتحملها إسرائيل على كل المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية، الأمر الذى نلقى عليه الضوء فى السطور التالية.
إدانات عربية ودولية واسعة.. وشكوك عسكرية حول إمكانية حصد مكاسب إضافية
مؤخرًا، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، عن أنه يتجه لعقد صفقة شاملة لإعادة جميع الرهائن بشروط تحددها إسرائيل، مشيرًا إلى أنه وجه بـ«تقليص» مدة تنفيذ عملية احتلال مدينة غزة، مع «السماح لسكانها بالخروج من القطاع إذا أرادوا».
وأشار نتنياهو إلى أن إسرائيل «تجرى محادثات مع بلدان أخرى لاستقبال سكان قطاع غزة»، لكنه لم يسم دولًا بعينها.
وقال عن احتمال تهجير سكان غزة إلى الخارج: «هذا الأمر يحصل فى كل النزاعات.. سنسمح بذلك خلال المعارك وبعدها».
جاءت تصريحات نتنياهو بعد وقت قصير من إعلان مصر عن أنها تعمل على إحياء خطط لإطلاق سراح رهائن لمدة ٦٠ يومًا، وإتمام اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى أعلن، الجمعة الماضى، عن موافقة مجلس الوزراء الأمنى المصغر على السيطرة على قطاع غزة كله، ما لقى إدانات عربية ودولية واسعة، ثم أوضح نتنياهو أن الخطة تتحدث عن «مدينة غزة»، رغم استمرار الغموض وتضارب تصريحات المسئولين الإسرائيليين بهذا الشأن.
وأوضحت تقارير إعلامية أن وزير المالية وزعيم حزب «الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، مع عضو الكنيست عن الحزب، تسفى سوكوت، هددا بالعمل لإجراء انتخابات مبكرة احتجاجًا على قرار مجلس الوزراء الأمنى باحتلال مدينة غزة، فيما أوضح المحللون أن الحزب أراد احتلال القطاع بأكمله.
وبشكل عام، ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أراد وزراء اليمين المتطرف فى حكومة نتنياهو إعادة احتلال القطاع وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيه، فيما أعلن نتنياهو، منذ بداية الحرب، عن أنه يريد إزاحة حماس من السلطة، مع منحها لحكم مدنى لا يعرف ما هو ويرفض أن يكون السلطة الفلسطينية، على أن يسيطر الجيش الإسرائيلى على أجزاء من قطاع غزة حسب الحاجة الأمنية، وهو ما لم يستطع تحقيقه.
ومع استمرار القتال، خصوصًا منذ انطلاق عملية «مركبات جدعون»، توسّعت سيطرة الجيش الإسرائيلى على القطاع بصورة كبيرة، حتى وصل الأمر إلى موافقة نتنياهو على الخطة، رغم تحذيرات صريحة من مسئولين عسكريين، بمن فى ذلك اعتراضات من رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، الفريق إيال زامير، الذى حذّر قائلًا: «سيكون كل شىء معقدًا؛ أقترح عليكم إبعاد عودة الرهائن عن الأهداف العسكرية».
ووفقًا للمراقبين، تمثل الخطة التى وافق عليها مجلس الوزراء الأمنى الإسرائيلى تحولًا تكتيكيًا كبيرًا، حيث سبق للجيش الإسرائيلى أن تواجد فى مدينة غزة، ودمّر جزءًا كبيرًا من القطاع، وإن لم يستطع تحقيق أهم أهدافه المعلنة، هزيمة حماس وإعادة الرهائن.
مزيد من الإرهاق للجيش.. زيادة العزلة دوليًا.. ورفع عجز الموازنة بأكثر من 40 مليار دولار سنويًا
يرى المحللون أن خطة احتلال قطاع غزة- إذا نُفذت- ستضع تحديات على عدة مستويات أمام حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو. فمن الناحية القانونية، تم تثبيت العديد من قواعد قانون الاحتلال قبل نحو ١٢٠ عامًا فى لائحة لاهاى لسنة ١٩٠٧، ونالت مكانة القانون الدولى العرفى الذى يُلزم جميع الدول.
وتُطبَّق هذه القواعد عندما تتحقق «حالة احتلال حربى»، أى عندما تقيم دولة ما «سيطرة فعلية» على أرض تقع خارج حدودها- غالبًا ما تكون أراضى دولة أخرى كانت فى حالة حرب معها- وتَنتُج من ذلك واجبات وحقوق تجاه السكان المقيمين بتلك الأرض، الذين تعرّفهم اتفاقية جنيف الرابعة لسنة ١٩٤٩ بأنهم «أشخاص محميون»، وأيضًا تجاه الإقليم نفسه والأملاك العامة والخاصة الكائنة فيه.
وحسب مقال إران شمير، فى موقع القناة ١٢ العبرية، فإنه: «من المهم جدًا فهم الواجبات المُلقاة على عاتق الدولة المُحتلة لضمان سلامة سكان الإقليم المحتَل ورفاههم فى مختلف جوانب حياتهم، بما فى ذلك التغذية، والصحة، والمحافظة على النظام العام. ويمكن للدولة المحتلة أن تُنفذ مسئولياتها عبر الاعتماد على جهات أخرى، كالمنظمات الدولية أو الأطراف المحلية، لكن فى نهاية المطاف، تقع المسئولية الكاملة على عاتقها».
وأوضح «شمير» أنه على الرغم من ذلك فإن تصرفات الحكومة الإسرائيلية تظهر أنها «تحاول التهرّب من الاعتراف بوضعها كقوة احتلال؛ إذ تمتنع عن إقامة (إدارة عسكرية أو إدارة مدنية) فى القطاع، على غرار ما هو قائم فى الضفة الغربية، وتُصر على أن توزيع المساعدات الإنسانية على سكان غزة يتمّ بواسطة طرف ثالث».
وأضاف: «على الرغم من محاولات التعتيم من جانب الحكومة وغياب الشفافية بشأن تنظيم هذه النشاطات وتمويلها، فإننا نعلم من حين إلى آخر أن الحكومة باتت تحل شيئًا فشيئًا محل (حماس) كسلطة سابقة فى القطاع. ووفقًا لتقارير فى الأيام الأخيرة، على لسان مسئولين فى محيط نتنياهو، فقد (اتُخذ القرار.. نتجه نحو احتلال كامل)».
أما من الناحية الاقتصادية، وحسب تقرير لموقع «يديعوت أحرونوت»، فإنه لتمويل قرار حكومة نتنياهو باحتلال قطاع غزة، سيتعيّن «إجراء تخفيضات كبيرة فى ميزانيات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، وفرض ضرائب جديدة، وسيستمر العجز فى الارتفاع. ويحذّر مسئولو الخزانة من عجز قدره ٧٪ هذا العام، ومن تخفيض جديد للتصنيف الائتمانى. فى الوقت نفسه، يُؤجّل اقتراح موازنة الدولة لعام ٢٠٢٦».
وأشار تقرير الحكومة العبرية إلى أنه حتى الآن، لم يُجرَ أى نقاش فى الحكومة أو الكنيست بشأن التكلفة الباهظة لاحتلال غزة، التى قد تُرهق ميزانية الدولة والاقتصاد بشدة، نظرًا لتعبئة ربع مليون جندى احتياطى فى غضون بضعة أشهر، حتى قبل نهاية السنة المالية الحالية.
وحسب مسئولين كبار فى وزارة المالية والمؤسسة الدفاعية، تُقدر تكلفة التعبئة المكثفة للاحتياطيات واستخدام الذخيرة بما يزيد على ٣ مليارات دولار شهريًا، بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج إسرائيل إلى إنفاق المليارات من ميزانيتها لإنشاء مدن إيواء للنازحين من غزة، وزيادة تمويل المساعدات الإنسانية المقدمة إلى غزة، من ميزانية الدولة.
وبمعنى آخر، ووفقًا للتقرير، سيغطى دافعو الضرائب الإسرائيليون، بشكل أساسى، تكاليف الغذاء والظروف المعيشية الإنسانية «الماء والدواء والوقود والكهرباء... إلخ» لسكان غزة.
ووفقًا للصحيفة العبرية، تقدر شخصيات بارزة فى النظام الاقتصادى التكلفة المتوقعة للحفاظ على الأراضى، مع احتلال غزة وسيطرة الجيش عليها، بما يتراوح بين ٣ و٥ مليارات دولار شهريًا، بالإضافة إلى تكاليف القتال والأضرار الاقتصادية. أما «التبعات فهى لا تُصدق، وتتراوح بين ١٢٠ و١٨٠ مليار شيكل سنويًا، أى بين ٤٠ و٦٠ مليار دولار»، حسب يديعوت أحرونوت.
وعلى المستوى العسكرى، أوضحت الصحيفة العبرية أن قرار حكومة نتنياهو يزيد الضغوط على الجيش الإسرائيلى بعد قرابة عامين من القتال المتواصل، مشيرة إلى أن مسئولين عسكريين حذروا من أن الاحتلال الكامل سيُنهك جنود الاحتياط الذين تم نشرهم عدة مرات من قبل، ما يُرهق القدرات الدفاعية لإسرائيل، فضلًا عن أن هذا التوسع المفرط من شأنه أن يعرّض إسرائيل إلى تهديدات على جبهات متعددة أخرى.
ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن محللين قولهم، إنه وعند فحص الهدفين الرئيسين المعلنين لإسرائيل من الحرب، وهما القضاء على حماس وعودة الرهائن، يتبين عدم إمكانية تحقيقهما عبر عامين، فما الذى سيختلف حاليًا؟، خاصة أن ذلك سيتطلب قتالًا عنيفًا مباشرًا فى المناطق التى يُرجح احتجاز الرهائن فيها.
كما حذر «مايكل هرتسوج»، فى مقاله بموقع «يديعوت أحرونوت»، من أن احتلال غزة سيؤدى على الأرجح إلى مقتل الرهائن، وسيفرض على إسرائيل عبئًا كبيرًا، وسيسرّع الانهيار، ويُبعِد الشركاء الإقليميين والدوليين الممكنين من المشاركة فى إدارة «اليوم التالى».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 31 دقائق
- فيتو
مصر ترحب بالجهود الدولية لإحلال السلام في أوكرانيا
أكدت وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، أن مصر تابعت باهتمام بالغ التحركات الدولية الأخيرة الرامية إلى التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية، وتُثمن فى هذا الإطار الجهود التي يبذلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانهاء الأزمة الاوكرانية ووضع حد للعمليات العسكرية والتداعيات السلبية التى خلفتها الأزمة. انعقاد القمة الأمريكية— الروسية في ولاية ألاسكا وأضافت وزارة الخارجية، في بيان اليوم الأربعاء: 'ترحب مصر فى هذا الإطار بانعقاد القمة الأمريكية— الروسية في ولاية ألاسكا فى ١٥ أغسطس الجاري، وكذلك الاجتماع الذى جمع الرئيس الامريكى مع نظيره الأوكراني وعدد من القادة الأوروبيين بواشنطن فى ١٨ أغسطس'. مواصلة التفاوض بشكل جاد وتابع البيان: 'تؤكد مصر أن هذه الجهود تتسق بشكل كامل مع موقف وتوجهات الدولة المصرية والتى تدعو الى الدفع بالحلول السياسية والدبلوماسية للأزمات الدولية، وانه لا حلول عسكرية لهذه الأزمة الممتدة، وأن السبيل الوحيد يكمن في مواصلة التفاوض بشكل جاد، وإبداء الإرادة والمرونة السياسية اللازمة، والالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". وأكمل: "كما تعرب مصر عن أملها في أن تفضي هذه الجهود إلى إنهاء الحرب في أقرب وقت، بالنظر إلى التداعيات السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية الخطيرة، والتى أثرت على الدول النامية بشكل بالغ وأصبحت تواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة للحرب، خاصة في مسألة تحقيق الأمن الغذائي'. تسوية القضية الفلسطينية بشكل حاسم ونهائى وأردفت الخارجية في بيانها: 'إذ تثمن مصر الجهود الدبلوماسية التي تتم بغية التوصل إلى تسوية للازمة الاوكرانية، فإنها تعرب عن تطلعها أن يواصل المجتمع الدولى بذل جهوده ايضا فى منطقة الشرق الأوسط لتسوية القضية الفلسطينية بشكل حاسم ونهائي، وتشدد على ضرورة قبول الجانب الإسرائيلي بالصفقة التي وافقت عليها حركة حماس بناء علي مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لسرعة التوصل إلى وقف لإطلاق النار فى غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن وعدد من الأسرى الفلسطينيين، بما يسهم فى إرساء الأمن والاستقرار وإحياء مسار التسوية الشاملة على أساس حل الدولتين ومرجعيات وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة'. دعم المسارات الرامية إلى إقرار السلم والأمن الدوليين واختتم البيان: 'تجدد مصر استعدادها لمواصلة إسهامها بالتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة بشكل بناء في دعم المسارات الرامية إلى إقرار السلم والأمن الدوليين، حرصا على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي'. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : حصريا.. رهينة حماس المفرج عنه يكشف ماذا كان يأكل وسط الجوع في غزة وكيف كانت ظروف احتجازه وشعوره بـ"ذنب الحرية"
الأربعاء 20 أغسطس 2025 10:30 صباحاً نافذة على العالم - (CNN)-- إيليا كوهين ناجٍ لا يزال عاجزًا عن استعادة حياته. اختبأ تحت الجثث بينما كان مسلحو حماس يلقون قنابل يدوية على ملجأ قبل أن يأسروه، عاش 505 أيام من الأسر في غزة، مقيدًا بالسلاسل، يتشارك فتات الخبز والفاصوليا المعلبة مع رهائن آخرين. ثم أُطلق سراحه ليعود إلى عائلته السعيدة، وليجد حبيبته على قيد الحياة تنتظره. ولكن بعد ستة أشهر من خروجه من غزة، يقول إنه لا يستطيع التعافي، ليس بينما لا يزال رهائن آخرون محتجزين هناك. وقال لشبكة CNN في مقابلة حصرية مع الزميلة، كلاريسا وارد: "أشعر بالذنب عندما آكل. أشعر بالذنب عندما أستحم. أشعر بالذنب عندما أذهب إلى المستشفى. أشعر بالذنب لأنني أعرف ما يمرون به الآن". يُدرك كوهين أنه يجب عليه العمل على شفاء الجروح الجسدية والنفسية، لكن أفكار آخر عشرين رهينة على قيد الحياة في غزة تُثقل كاهله كل يوم، كما يقول، إخوة من عائلة لا يستطيع نسيانها. وكان كوهين في مهرجان نوفا الموسيقي مع صديقته زيف عبود صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما اخترق مسلحون فلسطينيون سياج غزة الحدودي تحت وابل من الصواريخ المصاحبة من حماس وجماعات أخرى شاركت في الهجوم. وركض كوهين وعبود، مثل العديد من رواد المهرجان الآخرين، للاحتماء. واختبأ الاثنان في ملجأ خرساني مع حوالي 30 آخرين، لكن المهاجمين عثروا عليهما، وألقوا قنابل يدوية في الداخل. قُتل من كانوا في مقدمة الملجأ جراء الانفجارات. مع إلقاء المزيد من القنابل اليدوية، اختبأ كوهين وعبود تحت الجثث. كان هذا هو ملاذهما الوحيد. وقال: "تحدثتُ مع زيف كثيرًا... محاولًا التأكد مما إذا كانت على قيد الحياة أم لا. فقالت لي: لا بأس، على الأقل في الجنة، سنكون بخير". واقتحم المسلحون الملجأ وأطلقوا النار، مما أسفر عن مقتل ابن شقيقة صديقته وشريكها، وإصابة كوهين في ساقه. عُثر عليه ووُضع في صندوق شاحنة صغيرة إلى جانب هيرش غولدبرغ-بولين وأور ليفي، تاركين عبود خلفهم. ظنّ أنه لن يراها مجددًا، "كنتُ متأكدًا تمامًا من أنها ماتت. لا أمل لها في النجاة"، يتذكر كوهين. بمجرد وصولهم إلى غزة، قال كوهين إن أحد عناصر حماس أخبره أن الحركة تريد استخدام الرهائن للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لإطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. لم يتوقع أن يبقى هناك لأكثر من 500 يوم. الرهينة الإسرائيلي، إيليا كوهين، محاطًا بمقاتلي حماس، يلوح بيده بعد إطلاق سراحه مع اثنين آخرين كجزء من عملية تبادل الأسرى السابعة، في النصيرات في وسط قطاع غزة، في 22 فبراير 2025. Credit: BASHAR TALEB/AFP via Getty Images) مُقيّدًا بالسلاسل، تحت الأرض قال كوهين إنه احتُجز في معظم فترة أسره في نفق صغير ومظلم و"مهجور" مع أور ليفي وإيلي شرابي وألون أوهيل. أُطلق سراح ليفي وشرابي، بينما لا يزال أوهيل أسيرًا في غزة. قال إن أرجلهم كانت مقيدة بسلاسل دراجات نارية، مما صعّب عليه الذهاب إلى الحمام. كان يستحم مرة واحدة فقط كل شهرين، ولم ينظف أسنانه لمدة عام. يتذكر أن الرهائن الأربعة كانوا يتشاركون قطعة خبز بيتا وعلبة فاصوليا يوميًا "لفترة طويلة". وأضاف: "لمدة ثمانية أشهر، كنا ننام على الأرض... كنت أُصاب بخلع في كتفي ليالٍ كثيرة... كنا نشعر بالضعف". ما ساعد كوهين على البقاء قويًا هو الرابطة التي بناها مع الرهائن الآخرين، وخاصةً تقديره للعلاقة التي كوّنها مع هيرش غولدبرغ-بولين. وكان غولدبرغ-بولين يحتمي في نفس الملجأ الذي كان كوهين يختبئ فيه عندما انفجرت قنبلة يدوية بذراعه اليسرى. انفصلا في غزة، وظن كوهين أن غولدبرغ-بولين ربما لن ينجو من الإصابة. بعد شهرين، وجدا نفسيهما مجددًا في نفق، حيث احتُجزا معًا لفترة وجيزة. تعرّف عليه كوهين فورًا من ذراعه المُضمّدة، وتوطدت علاقتهما بفضل تجربتهما المشتركة في الملجأ. حتى أن غولدبرغ-بولين ساعد كوهين في تعلم اللغة الإنجليزية بعد أن أهداه كتابًا ليقرأه. وقال كوهين: "كنا معًا لثلاثة أيام، لكن شعرتُ وكأننا أصدقاء لعشر سنوات". وفي الصيف الماضي، كانت هناك آمالٌ بإطلاق سراح غولدبرغ-بولين خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار النهائي، حتى لو كان ذلك لا يزال على بُعد أشهر. أثناء احتجازهما معًا، وعد غولدبرغ-بولين كوهين بإبلاغ والديه أن ابنهما على قيد الحياة. كان وعدًا لن يفي به أبدًا. بعد ذلك بوقت قصير، قُتل غولدبرغ-بولين وخمسة رهائن آخرين على يد حماس بعد أن اقتربت القوات الإسرائيلية من النفق الذي كانوا محتجزين فيه. عندما علم كوهين بأمر الأسر، كانت صدمةً له. وداعٌ صعب، ولقاءٌ غير متوقع انفعل كوهين بشدة وهو يصف فترة أسره، خاصةً عند ذكره أوهيل، آخر رهينةٍ متبقيةٍ كان محتجزًا لديه. بعد إطلاق سراح شرابي وليفي في فبراير/شباط خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المُوقّع في يناير/كانون الثاني، أخبره آسروه أنه التالي على القائمة. هذا يعني ترك أوهيل خلفه. وقال: "كان موقفًا صعبًا... عانقنا بعضنا البعض، وبدأنا بالبكاء"، ووعده بأنه سيناضل من أجل إطلاق سراحه في إسرائيل. عندما عاد كوهين إلى المنزل، صُدم عندما اكتشف أن صديقته عبود قد نجت من الملجأ، وأنها هي نفسها كانت تناضل من أجل إطلاق سراحه منذ ذلك الحين. قال: "لا أستطيع وصف شعوري. كان الأمر أشبه بحلم. لمدة أسبوع، شعرتُ وكأنني أحلم وأنا أنظر إليها". بعد شهر، شنّت إسرائيل موجة غارات جوية قاتلة على قطاع غزة، مُبددةً بذلك وقف إطلاق النار، ومُبددةً أي أمل في رؤية كوهين لأوهيل قريبًا. ومنذ ذلك الحين، لم يجد كوهين ما يبعث على الأمل. في وقت سابق من هذا الشهر، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتوسيع هجومه العسكري واحتلال مدينة غزة، وأثارت هذه الخطة انتقادات لاذعة داخل إسرائيل، وخاصة من عائلات الرهائن الخمسين المتبقين في غزة - بعضهم قتلى وبعضهم أحياء - محذرين من أن هذه الخطوة قد تعني فقدانهم إلى الأبد. بعد 22 شهرًا من قصف غزة، تواجه إسرائيل إدانة عالمية بسبب أفعالها وتجويع الفلسطينيين. لم يتمكن كوهين من إلقاء نظرة خاطفة على غزة إلا مرة واحدة عندما نُقل من نفق إلى آخر، واصفًا إياها بـ"نهاية العالم". قال إن السبيل الوحيد لعودة أوهيل والرهائن المتبقين هو التوصل إلى اتفاق، وحثّ نتنياهو على العودة إلى طاولة المفاوضات: "أعتقد أنهم قادرون على إعادة جميع الرهائن إلى ديارهم كما عدت أنا".


تحيا مصر
منذ ساعة واحدة
- تحيا مصر
«في يوم العمل الإنساني».. 100 مليار دولار مساعدات إماراتية لضحايا الأزمات حول العالم
بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل الإنساني، تبرز تجربة في مجال الإغاثة الإنسانية حول العالم، إذ تقدم يد العون لكل ملهوف أو متضرر، سواء في الحروب أو الصراعات أو الأزمات أو الكوارث الطبيعية، انطلاقاً من إيمانها بقيم العطاء والبذل والدعم الإنساني. 100 مليار دولار مساعدات حتى 2024.. وتجربة ملهمة في غزة وتمتلك الإمارات خبرة عريضة ممتدة لعشرات السنوات في مجال الإغاثة الإنسانية لكل من يقع في أزمة، وتلبية نداء كل مستغيث أينما كان. واستفاد الملايين حول العالم من المساعدات الخارجية للإمارات حتى منتصف العام الماضي، بقيمة تجاوزت 368 مليار درهم (نحو 100 مليار دولار)، ولا تزال تمد يدها تمتد بالعطاء والمحبة، خاصة في هذا التوقيت الذي تكثر فيه النزاعات والصراعات والحروب، وفي القلب منه الحرب على قطاع غزة. ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، لم تتوقف المساعدات الإماراتية لشعب فلسطين، عبر مبادرات إنسانية، وفعاليات اجتماعية، ودعوات متواصلة، بإغاثة الفلسطينيين الذين تزداد معاناتهم يوماً بعد يوم. تجربة رائدة في مساعدات غزة وشكلت المساعدات الإماراتية المقدمة إلى غزة تجربة رائدة من حيث الكم والكيف وسرعة توصيلها، بحسب تقارير أممية، بقيمة بلغت أكثر من 1.5 مليار دولار (نحو 75 مليار جنيه) تحمل الغذاء والدواء والماء ومواد الإيواء، وكل ما هو ضروري لجميع الفلسطينيين، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء والفئات الأكثر عرضة للمخاطر، من العجائز والمرضى. وحتى هذا الأسبوع، نفذت الإمارات 74 عملية إنزال جوي للمساعدات، في إطار عملية "طيور الخير"، التابعة لمبادرة "الفارس الشهم" التي أطلقتها أبو ظبي فور اندلاع الحرب. 4 آلاف طن مساعدات من الجو واحتوت عمليات الإنزال الجوي على مساعدات تجاوزت حمولتها 4004 أطنان بينها أغذية ومواد ضرورية للمعيشة. وبلغ إجمالي عدد طائرات المساعدات 642 طائرة، 405 منها لشحن المساعدات، و212 طائرة لتنفيذ عمليات الإسقاط الجوي، و25 طائرة لإجلاء المرضى. وفيما وصلت أعداد الشاحنات الإماراتية المحملة بكافة أشكال المساعدات لإدخالها إلى قطاع غزة، 6373 شاحنة، فإن سفنها أيضا تبحر لإيصال المساعدات، وبلغ عددها 17 سفينة، كان آخرها في مطلع أغسطس الجاري، حين وصلت السفينة الثامنة "سفينة خليفة الإنسانية"، في ظل تحديات صعبة يعيشها سكان القطاع. وانطلقت السفينة من ميناء خليفة "كيزاد" في أبو ظبي، ووصلت إلى ميناء العريش في شمال سيناء، محملة بأكثر من 7166 طناً من المساعدات الإنسانية، تشمل مواداً غذائية، وأدوية، ومستلزمات طبية، وتمور، ومستلزمات إيواء، وغيرها من المواد الضرورية، ليرتفع إجمالي المساعدات المرسلة إلى القطاع إلى أكثر من 80 ألف طن، وما تزال المساعدات تتواصل. إجلاء طبي ومستشفيات ميدانية وعائمة ولم يتوقف العمل الإنساني الإماراتي على إرسال المواد الغذائية أو الأساسية، إذ وجه الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، بتنفيذ عمليات إجلاء متواصلة لمرضى وجرحى ومرافقيهم من قطاع غزة للعلاج في الإمارات، ليصل إجمالي من وصلوا بالفعل إلى 2630 مريضاً ومرافقاً حتى الآن، عبر 25 رحلة إجلاء. وأنشأت الإمارات مستشفىً عائماً في العريش، في فبراير 2024، يضم 100 سرير للمرضى و100 للمرافقين، كما أنشأت مستشفىً ميدانياً في قطاع غزة في ديسمبر 2023، واستقبل المستشفيان أكثر من 71 ألف حالة منذ افتتاحهما. وفي القطاع الطبي أيضاً، سلمت الإمارات قطاع غزة، 26 سيارة إسعاف مجهزة بشكل كامل، كما عملت على تنفيذ حملة تطعيم شامل ضد شلل الأطفال، استفاد منها أكثر من 640 ألف طفل. مياه لمليون نسمة يومياً وفي ظل أزمة العطش الحادة التي يشهدها القطاع، أقامت الإمارات بعد أيام من إطلاق عملية "الفارس الشهم" 6 محطات تحلية مياه، تنتج 2 مليون جالون مياه يومياً، يستفيد منها أكثر من مليون نسمة. وفي منتصف يوليو الماضي، أعلنت بدء أكبر مشروع إنساني لإمداد المياه المحلاة من مصر إلى جنوب غزة، عبر ناقل هو الأطول من نوعه، يصل إلى 7.5 كيلو متر، ويخدم ما بين 600 إلى 800 ألف نسمة جنوب غزة، في تدخل سريع يضمن وصول المياه إلى سكان القطاع. وبالإضافة لهذا المشروع، أرسلت صهاريج مياه، وحفرت آباراً جديدة، وعملت على تطهير آبار قائمة، وأعادت عمل بعض شبكات المياه من جديد، وتوزيع المياه في بعض المناطق المتضررة. خبز طازج ووجبات يومية وعلى صعيد أزمة الجوع، عملت الإمارات على عودة العمل في المخابز القائمة، وأنشأت 30 مخبزاً جديداً، لتأمين احتياجات أكثر من 76 ألف شخص من الخبز يومياً، بعدما وفرت لها الدقيق والوقود اللازمين لتشغيلها، كما دعمت إنشاء 71 مطبخاً ميدانياً لتوفير الوجبات الأساسية لنحو 286 ألف مستفيد يومياً. إغاثة في كل مكان.. من تشاد إلى ميانمار ورغم التركيز على غزة كونها البؤرة الملتهبة، لم تتوان الإمارات عن مساعدة دول أخرى في أزمات مختلفة، في كل مكان حول العالم، ففي أوكرانيا قدمت الدعم لأسر أوكرانية، بتوفير مراكز إضافية للأسر الحاضنة ورعاية الأيتام، انطلاقاً من البعد الإنساني. وفي تشاد، قدمت الإمارات 30 ألف سلة غذائية، و20 ألف قطعة من الأغطية، بعد الفيضانات المدمرة. وفي الصومال قدمت الإمارات 700 طن من المواد الغذائية بعد فيضانات أيضاً كان لها تأثير شديد على البلاد. وأرسلت 200 طن من المواد الغذائية والدوائية إلى ميانمار بعد الزلزال الذي وقع فيها. وبعيداً عن المساعدات المادية والعينية، شاركت الفرق المختصة الإماراتية في الاستجابات الإنسانية أثناء الأزمات العالمية، كما في عملية إخماد حريق العاصمة الألبانية، حيث شاركت طائراتها ومعداتها في مكافحة الحرائق. ولا يزال العمل الإنساني الإماراتي مستمراً في كل بقاع الأرض، كقناعة راسخة، ومبدأ لا تحيد عنه، مؤمنة بضرورة التكاتف وشد الأزر في المحن، وغوث كل متضرر، بما يعكس رؤيتها لقيمة الإنسان أينما كان.