
نتنياهو يجاهر بحلم «إسرائيل الكبرى» وسط تنديدات رسمية وغضب عربي واسع
وأدان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، الأربعاء، تصريحات نتنياهو، عادّاً ذلك �انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، واعتداء سافراً على سيادة الدول ووحدة أراضيها�. وأضاف في بيان أن �مثل هذه التصريحات والمخططات الخطيرة تشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتكشف بوضوح عن النهج الخطير الذي تنتهجه قوات سلطات الاحتلال�.
التصريحات عدَّها خبراء تحدثوا لـ�الشرق الأوسط� محاولة لـ�مغازلة الداخل الإسرائيلي�، مطالبين بتحرك عربي للرد عليها، �باعتبارها جزءاً من مساعي نتنياهو لإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط�.
وأدان كل من الأردن وقطر، الأربعاء، تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه متعلّق بما تسمى �رؤية إسرائيل الكبرى�، بوصفها �تصعيداً استفزازياً خطيراً، وتهديداً لسيادة الدول، ومخالفةً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة�.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير الدكتور سفيان القضاة، �رفض المملكة المطلق لهذه التصريحات التحريضية�، مشدداً على أن �هذه الأوهام العبثية التي تعكسها تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لن تنال من الأردن والدول العربية ولا تنتقص من الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني�.
وأضاف: �هذه التصريحات والممارسات تعكس الوضع المأزوم للحكومة الإسرائيلية وتتزامن مع عزلتها دولياً في ظل استمرار عدوانها على غزة والضفة الغربية المحتلتين�.
وقال القضاة: �هذه الادعاءات والأوهام التي يتبناها متطرفو الحكومة الإسرائيلية ويروجون لها تشجع على استمرار دوامات العنف والصراع، وبما يتطلب موقفاً دولياً واضحاً بإدانتها والتحذير من عواقبها الوخيمة على أمن المنطقة واستقرارها ومحاسبة مطلقيها�. وشدد على �ضرورة تحرك المجتمع الدولي فوراً لوقف جميع الإجراءات والتصريحات التحريضية الإسرائيلية المهدّدة لاستقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين�.
من جهتها، أعربت قطر عن إدانتها واستنكارها لتصريحات نتنياهو، وعدَّت في بيان أصدرته وزارة الخارجية أن هذا �امتداد لنهج الاحتلال القائم على الغطرسة وتأجيج الأزمات والصراعات والتعدي السافر على سيادة الدول والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة�.
كما أكدت أن �الادعاءات الإسرائيلية الزائفة والتصريحات التحريضية لن تنتقص من الحقوق المشروعة للدول والشعوب العربية�، مشددةً على ضرورة تضامن المجتمع الدولي �لمواجهة هذه الاستفزازات التي تعرّض المنطقة لمزيد من العنف والفوضى�.
ماذا قال؟
كان نتنياهو قد تحدَّث لقناة �i24� الإسرائيلية، عن �الحلم الإسرائيلي� بوصفه �مهمة أجيال� يُسلمها جيل إلى جيل، وكيف أنه يشعر بأنه في مهمة �روحية وتاريخية� من أجل الشعب اليهودي.
وهنا أهداه المذيع شارون جال، وهو نائب يميني سابق، علبة بها تميمة تحمل خريطة �إسرائيل الكبرى� وقال له: �لا أهديها لك، فلا أريد توريطك (بسبب قضية الهدايا التي تلاحقه) بل هذه هدية لزوجتك سارة�، وفقاً لما ذكرته صحيفة �ذا تايمز أوف إسرائيل�.
ولم تظهر صورة الهدية على الشاشة، وفقاً للحوار الذي شاركه نتنياهو عبر حسابه على منصة �إكس�.
ومصطلح �إسرائيل الكبرى� استخدم من قبل بعد حرب الأيام الستة في يونيو (حزيران) 1967 للإشارة إلى إسرائيل ومناطق القدس الشرقية والضفة الغربية، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء في مصر، ومرتفعات الجولان.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات نتنياهو، محذرين من خطورتها، ومطالبين بالتنبه لـ�أطماع إسرائيل التوسعية� في المنطقة.
سيل انتقادات وتحذيرات
وتساءل الأمين العام لـ�حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية�، مصطفى البرغوثي، في منشور عبر حسابه على منصة �إكس�، عن موقف الدول العربية إزاء هذه التصريحات، بينما عدَّها الإعلامي المصري، نشأت الديهي، بمثابة �انتحار� من جانب نتنياهو.
وقال الديهي عبر حسابه على منصة �إكس� إن تصريحات نتنياهو �حول ما يسمى بإسرائيل الكبرى ستكون بمثابة الرمح الذي يخترق عنقه ليكون عبرة لمن يعتبر�.
ووصف الخبير في شؤون الأمن القومي المصري، اللواء محمد عبد الواحد، تصريحات نتنياهو بأنها �الأجرأ على الإطلاق�. وقال، عبر حسابه على �إكس� إنها �تعكس طموحاً استراتيجياً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وتوسيع النفوذ الإسرائيلي�.
الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، وصف تصريحات نتنياهو بأنها �خطيرة وتكشف النقاب عن المخطط الحقيقي لإسرائيل، التي تستهدف المنطقة بأسرها�.
وقال: �نتنياهو يعلن العداء... وعلينا الاستعداد للمرحلة المقبلة لدرء خطر مخطط حقيقي�، مشدداً على أن �مصر مستعدة لمواجهة كل من يحاول المساس بأمنها القومي�.
وعدَّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو �المجلس المصري للشؤون الخارجية�، السفير رخا أحمد حسن تصريحات نتنياهو �كلاماً جاداً يستلزم رداً جاداً�.
وقال: �نتنياهو يخاطب الداخل الإسرائيلي الحالم بدولة كبرى، ويحاول تنفيذ مخططه السابق بإعادة صياغة خريطة الشرق الأوسط�، مشيراً إلى أن �نتنياهو يفعل ذلك تحت مظلة دعم أميركي، ما يتطلب موقفاً عربياً موحداً لمواجهة هذه المخططات�.
وسبق أن تحدث نتنياهو عن رغبته في �إعادة صياغة خريطة الشرق الأوسط�. وفي سبتمبر (أيلول) 2023 ألقى كلمة أمام اجتماع الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، رفع خلالها خريطة للشرق الأوسط لم تظهر فيها الضفة الغربية أو قطاع غزة.
والعام الماضي وأمام الأمم المتحدة أيضاً، أعاد نتنياهو رفع الخريطة نفسها مع خريطة أخرى، وقارن بينهما، عادّاً أن الأولى تمثل �النعيم�، والثانية تمثل �اللعنة�، وفي الخريطتين لم يكن هناك وجود لغرة أو الضفة.
الكاتب والمحلل السياسي الأردني، الدكتور عبد الحكيم القرالة، أكد أن تصريحات نتنياهو �تعكس حقيقة اليمين الإسرائيلي المتطرف وأطماعه الاستيطانية والأجندات التي يسعى إلى تحقيقها وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية�.
وأضاف: �نتنياهو يغازل عبر هذه التصريحات الداخل الإسرائيلي المؤمن بحلم إسرائيل الكبرى�. وأشار إلى أهمية توقيت حديث نتنياهو عن �إسرائيل الكبرى�، في ظل �تنديد دولي بحرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة�.
وقال: �نتنياهو يحاول التغطية على جرائمه وجعلها جزءاً من حلم ومهمة تاريخيّة، إضافة إلى أنه يسعى إلى عرقلة الجهود الدولية للاعتراف بدولة فلسطين�.
واتفق معه الأكاديمي المصري المختص بالشؤون الاستراتيجية والأمن الإقليمي، العميد خالد عكاشة، مشيراً إلى أن �نتنياهو يستهدف الداخل الإسرائيلي، ويسعى إلى تسويق نفسه أمام الولايات المتحدة بوصفه يخوض معركة مصيرية تمس عقيدة الدولة، ما يضفي مشروعية على الحرب ويربطها بأصل المشروع الصهيوني�.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
تحقيق لرويترز: الفيديو المتداول على أنه قصف للحوثيين في تل أبيب 'مضلل'
يمن ديلي نيوز : أفاد تحقيق أجرته وكالة رويترز الدولية للأنباء أن الفيديو الذي تداوله نشطاء جماعة الحوثي المصنفة إرهابية على أنه قصف للجماعة أصاب أهدافًا في تل أبيب خلال أغسطس/آب 'مضلل'. ووفقًا للتحقيق الذي نشرته رويترز اليوم الجمعة، فإن مقطع الفيديو الذي أرفقه نشطاء تابعون لجماعة الحوثي حول قصف مبنى في حي رامات جان بتل أبيب في 5 أغسطس/آب الجاري هو لهجوم إيراني وقع في 19 يونيو/حزيران الماضي. وكان المتحدث العسكري لجماعة الحوثي، يحيى سريع، قال في 5 أغسطس/آب الجاري إن جماعته أطلقت صاروخًا باتجاه إسرائيل، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي يومها أنه اعترض الدفاعات الجوية صاروخًا قادمًا من اليمن. ومع ذلك، أرفق مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي تابعون لجماعة الحوثي الفيديو المتداول بتعليقات توحي بأن الجيش الإسرائيلي لم يعترض الصواريخ اليمنية بسبب محدودية مخزونه من البطاريات. وبحسب فريق 'تقصي الحقيقة' التابع لـ'رويترز'، فإن أقدم نسخة للفيديو المتداول نشرتها قناة عبرية إخبارية على منصة تيليجرام، ومنصة إكس في 19 يونيو/حزيران، موثقة لقصف إيراني على مبنى في حي رامات جان، دون أن تعلق القناة على المزاعم المتداولة لاحقًا. كما نشرت رويترز صورًا من الحادث نفسه تتطابق مع المبنى الظاهر في الفيديو، وتم تحديد موقع القصف على خرائط جوجل بما يطابق واجهة المبنى المتضرر. ونقلت صحيفة 'تايمز أوف إسرائيل' عن الفيديو أنه يظهر هجومًا شنته إيران باستخدام نحو 30 صاروخًا باليستيًا، ما أدى إلى انهيار واجهة المبنى وإلحاق أضرار بعدة مبانٍ مجاورة وإصابة العشرات. وقال دوليف جولي، مسؤول الإعلام الدولي في شركة 'تل أبيب جلوبال'، إن الفيديو يعرض هجومًا إيرانيًا في يونيو/حزيران وليس هجومًا يمنيًا حديثًا. مرتبط وكالة رويترز استهداف تل أبيب جماعة الحوثي صاروخ باليستي


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
ناقلة نفط تخترق آلية التفتيش الأممية وتصل ميناء الصليف الخاضع لسيطرة الحوثيين
كشفت منصة "يوب يوب" عن دخول ناقلة النفط "مينغ ري 101" (MING RI 101)، صباح أمس الخميس، إلى ميناء الصليف في محافظة الحديدة، الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي، في خرق واضح لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)، المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن (2216). وأوضحت المنصة أن الناقلة أبلغت- بشكل مضلِّل- أنها متجهة إلى ميناء جدة في السعودية، في محاولة لتفادي التفتيش والمراقبة الدولية التي تديرها الأمم المتحدة من مقرها في جيبوتي، والمخصصة لضمان تدفق السلع ومنع تهريب الأسلحة إلى الموانئ اليمنية غير الخاضعة للحكومة الشرعية. وبيّنت "يوب يوب" أن السفينة كانت على بُعد 77 ميلًا بحريًا من صلالة بسلطنة عُمان في 9 أغسطس الجاري، قبل أن تغيّر مسارها نحو البحر الأحمر لترسو في نهاية المطاف بميناء الصليف تحت أعين المليشيا المسيطرة. وأضافت المنصة أن الناقلة مملوكة لشركة Mingriguang Shipping Co Ltd ومقرها مدينة تشانجيانغ الصينية، وأن سجلها البحري يكشف عن دخولها ثلاث مرات بين يناير وأغسطس 2025، إلى مناطق قريبة من ميناء رأس عيسى النفطي، مع قيامها بإيقاف أجهزة التعقب لتفادي الرقابة الأممية. ونبّهت "يوب يوب" إلى أن هذه الواقعة تكشف عن ثغرات كبيرة في آلية التفتيش الأممية، وتزيد المخاوف بشأن استغلال الموانئ الخاضعة للحوثيين في أنشطة غير مشروعة تهدد جهود الاستقرار في اليمن.


26 سبتمبر نيت
منذ 12 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
من تصريح نتنياهو إلى جذور المؤامرة… ثلاثة قرون من التخطيط لإقامة 'إسرائيل الكبرى'
بقلم: عبدالسلام سلام/ لم يكن تصريح المجرم الارهابي بنيامين نتنياهو عن أن 'إسرائيل الكبرى' مشروع كُلِّف بإقامته روحانياً، حدثاً عابراً أو كشفاً جديداً، بل هو أشبه ببيان انتصار لمخطط جرى إعداده منذ أكثر من ثلاثة قرون، منذ أن وضع آدم وايزهاوبت عام 1771م الأسس الفكرية والتنظيمية لمشروع عالمي يتجاوز الحدود والدول، ويستهدف الأديان والقيم والعقول قبل أن يستهدف الأرض والثروات. بقلم: عبدالسلام سلام/ لم يكن تصريح المجرم الارهابي بنيامين نتنياهو عن أن 'إسرائيل الكبرى' مشروع كُلِّف بإقامته روحانياً، حدثاً عابراً أو كشفاً جديداً، بل هو أشبه ببيان انتصار لمخطط جرى إعداده منذ أكثر من ثلاثة قرون، منذ أن وضع آدم وايزهاوبت عام 1771م الأسس الفكرية والتنظيمية لمشروع عالمي يتجاوز الحدود والدول، ويستهدف الأديان والقيم والعقول قبل أن يستهدف الأرض والثروات. منذ ذلك الحين، تشكلت شبكة من المؤامرات المترابطة، من الحروب الكبرى إلى الاغتيالات الموجهة، ومن الانقلابات إلى صناعة الزعامات الموالية، والثورات الموجهه الملونة، كلها حلقات في سلسلة لم تنقطع يوماً، كان هدفها النهائي إيصال المنطقة والعالم إلى اللحظة التي يعلن فيها قادة المشروع قيام الكيان الصهيوني، لا كدولة طبيعية، بل كأداة رئيسية لإدارة النظام العالمي الجديد بشكل مباشر ودون وسيط. إسقاط العثمانيين… وتدشين مرحلة التفكيك البداية العملية كانت بإسقاط الدولة العثمانية من الداخل، _وبغض النظر عن تباين وجهات النظر- التي كانت اخر كيان يجمع العرب والمسلمين في دولة واحدة ، ثم استغلال الحرب العالمية الأولى لوضع ملامح المرحلة قبل النهائية ،بداية بمعاهدة كامبل بانرمان، عام ١٩٠٧م التي نصت بوضوح على ضرورة زرع كيان غريب في قلب المشرق العربي لمنع نهضته واستقراره وتوحده ومنع وصول اي قيادة او زعامة صالحة لقيادة الامة العربية والاسلامية. ومن هناك، صُنعت القيادات 'المفصّلة' على مقاس المشروع، ودُعمت الثورة العربية الكبرى عام 1916، التي تحولت إلى خيانة كبرى، سلّمت فلسطين للوعد البريطاني المشؤوم، ومهّدت لـسايكس بيكو التي فتّتت الأمة إلى دويلات هشة على اسس تنتج الصراعات باستمرار وتعمق الانقسامات واطلاق شعارات جوفاء كجزء من التفتيت كالقومية والبعثية والسيادة والاستقلال وغيرها من مسميات غرس ثقافة الانفصال عن الهوية الاسلامية والعربية من جهه وبين العرب انفسهم من جهة اخرى فكما صنعت الحدود الجغرافية بين الشعوب العربية خلقت حدود نفسية وفكرية اكثر عمقا واشد خطرا في فكر و وجدان العرب و المسلمين. الجامعة العربية وصناعة الحُكّام جاء إنشاء الجامعة العربية ضمن المخطط كأداة لتفريغ أي مشروع وحدوي من مضمونه، بينما جرى إعداد حكام عرب ومسلمين بعيدين عن هوية شعوبهم، ليكونوا بيادق تتحرك على رقعة شطرنج، تنفذ ما يُملى عليها دون اعتراض او حتى تفكير وتبرر كل انحراف سياسي او ديني او اخلاقي أو تطبيع. أمريكا… دولة الشذر مذر ومركز القرار وكانت الحرب العالمية الثانية، احدى محطات تلك المؤامرة حيث استكمل تدمير الدول الاوروبية التي لم يستطيعون السيطرة عليها بشكل مطلقا او انتهى دورها وتم نُقل مركز الثقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة التي أنشئت و جُمعت من فسيفساء عرقية ودينية، وثقافية. لتكون سهلة التحكم عبر شعارات الحرية وحقوق الإنسان، والديمقراطية، فيما تمارس في الواقع أبشع أشكال الاستغلال والاستعباد والقهر ونهب الثروات وتنفيذ حلقات مسلسل المؤامرة. صناعة الكوارث وتدوير الأزمات من 'الهولوكوست' إلى 'الحرب الباردة'، ومن مشروع 'الشرق الأوسط الجديد' إلى 'الفوضى الخلاقة'، كانت كل أزمة أداة لتعميق سيطرة المشروع. هجمات 11 سبتمبر صنعت كمبرر لاطلاق حرب صليبية على المسلمين كما سماها احد البيادق "جورج بوش الابن ". وكذلك الحروب على أفغانستان والعراق، واغتيال القادة المستقلين، والعلماء كلها خطوات مدروسة مترابطة. الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش لم تكن سوى أدوات مرحلية، خلقت في اقبية الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية واتُستخدمت لتدمير الجيوش وتشويه صورة الإسلام، ثم يجري التخلص منها أو إعادة تشكيلها تحت مسميات جديدة. الربيع العربي… الثورات الملونة بنكهة عربية ما سُمي بـ'الربيع العربي' كان النسخة الملوّنة من الفوضى، غلاف من الشعارات المبهرة يخفي مشروع تفكيك ممنهج، يفتح الطريق أمام مزيدا من تقسيم المقسم او تصحيح خطاء سايكس بيكو كما وصفها برناند لويس في كتابة "الشرق الاوسط الجديد" الذي وضع فيه مخطط لتقسيمها الى ٥٣ دويلة، او كما وصفها زبغنيو بريجنسكي مستشار الامن القومي الامريكي في كتابه "قطعة الشطرنج الكبرى" والتمهيد للتطبيع العلني والتنازل عن القضايا الكبرى. صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية… الحلقة قبل النهائية وفي ذات السياق، جاءت صفقة القرن كمخطط لإضفاء الشرعية على الاحتلال، وطمس هوية القدس، وتصفيه القضية الفلسطينية نهائياً. ولم تكن الاتفاقيات الإبراهيمية سوى الغطاء الديني والسياسي للتطبيع الشامل العلني، بحيث يتحول الكيان الصهيوني من عدو تاريخي إلى شريك استراتيجي في المنطقة، ضمن رؤية أوسع لدمج إسرائيل في المنطقة اقتصادياً وأمنياً وثقافياً. هذه الخطوات لم تكن ارتجالاً، او مصادفة بل جزءاً من الخطة الممتدة منذ وايزهاوبت، مروراً بوعد بلفور وسايكس بيكو، وكامبديفيد ومبدء ريجن، وحتى يومنا هذا. من رفض المؤامرة إلى صناعة الرافضين حتى الأصوات التي تُظهر رفضاً لنظرية المؤامرة، كثير منها نشأ في بيئة فكرية وإعلامية صاغها المخطط نفسه، بحيث يصبح الجدل حول وجود المؤامرة جزءاً من استراتيجية إخفائها. تصريح نتنياهو… تتويج أم بداية فصل جديد؟ تصريح نتنياهو ليس إعلاناً عن بداية، بل توثيق لانتصار مؤقت لمشروع استمر أكثر من ثلاثة قرون. ونتنياهو نفسه،أصبح أسير هوس المؤامرة ذاتها، حتى كاد يتلبسها ويتقمسها دون أن يدرك أنه مجرد أداة مؤقتة، وأن ما يخفيه له وعي الشعوب قد يكون النهاية غير المتوقعة لمخطط ظنّ أنه يسير بلا عوائق. إنه اليوم يعلن ما كان يُدار في الخفاء، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام موجة وعي قد تُعيد كتابة المشهد برمّته. الوعي الشعبي العالمي… العائق غير المتوقع وسط هذا المسار الطويل، حدث ما لم يكن في حسبان المخططين: المجازر في فلسطين، خاصةً في غزة، أيقظت وعياً شعبياً عالمياً يتجاوز الإعلام الرسمي الموجه. صور الضحايا، وصرخات الأطفال، وتساقط الجوعى، ودمار كل شي، وصلت إلى وجدان الشعوب في الشرق والغرب، فبدأت موجات تضامن عابرة للحدود والديانات، تكشف زيف الشعارات التي طالما استُعملت لتبرير الجرائم. هذا الوعي الجديد قد يكون القنبلة الموقوتة في قلب المشروع، إذ أنه لا يخضع لسيطرة الإعلام الموجه، ويتغذى على الحقائق المباشرة التي تبثها وسائل التواصل الاجتماعي من قلب الميدان والحدث. لكن السؤال الأهم: هل تدرك الشعوب أن كل هذه الأحداث – من إسقاط العثمانيين الى وعد بلفور وسايسكس بيكو والفوضى الخلاقة وصفقة القرن والاتفاقيات الابراهيمية – ليست حوادث منفصلة، بل خيوط في نسيج واحد؟ الإجابة عن هذا السؤال هي التي ستحدد إن كان هذا الفصل هو نهاية القصة… أم بداية مقاومة جديدة.