
افتتاح مهرجان كان: غزة وأوكرانيا وترامب
رثت رئيسة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي، الممثلة الفرنسية
جولييت بينوش
، المصورة الفلسطينية فاطمة حسونة، التي تُعرض قصتها في فيلم وثائقي ضمن فعاليات المهرجان، علماً أنها استشهدت جراء قصف إسرائيلي على غزة في منتصف إبريل/ نيسان الماضي. واستهلت بينوش افتتاح الدورة الثامنة والسبعين للمهرجان مساء الثلاثاء بقولها: "كان ينبغي أن تكون فاطمة معنا الليلة. الفن يبقى، فهو الشهادة القوية على حياتنا وأحلامنا". كما تطرقت في كلمتها إلى "رهائن السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وجميع الرهائن والسجناء والغرقى الذين يقاسون الرعب ويموتون في شعور رهيب بالتخلي".
وأشارت بينوش أيضاً إلى أن "الحرب والفقر وتغير المناخ وكراهية النساء وشياطين همجيتنا لا تسمح لنا بأي قسط من الراحة". وأضافت أمام نخبة من نجوم السينما، من ضمنهم الممثلان الأميركيان روبرت دي نيرو وليوناردو دي كابريو: "في مواجهة ضخامة هذه العاصفة، علينا الدفع قدماً لإبراز اللطف وتحويل رؤانا، ومعالجة جهلنا والتخلي عن مخاوفنا وأنانيتنا، وتغيير مسارنا".
وفي رسالة مفتوحة نُشرت الاثنين، دعا نحو 400 من أبرز نجوم السينما العالمية، من بينهم المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار والممثل الأميركي ريتشارد غير، إلى كسر "الصمت" في مواجهة ما وصفوها بـ"الإبادة الجماعية" في غزة. كما حيّوا المصورة فاطمة حسونة التي تتمحور حولها أحداث فيلم وثائقي يُعرض ضمن فئة موازية في مهرجان كان.
'Fatma should have been with us tonight,' said Juliette Binoche at Cannes, honoring slain Gaza photojournalist Fatima Hassouna 🇵🇸 during the 2025 festival's opening ceremony 🇫🇷.
pic.twitter.com/vlLvegflwa
— 🅰pocalypsis 🅰pocalypseos 🇷🇺 🇨🇳 🅉 (@apocalypseos)
May 14, 2025
ترامب "عدو الفن"
من جانبه، وجّه الممثل الأميركي المخضرم
روبرت دي نيرو
انتقاداً لاذعاً إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب واصفاً إياه بـ"عدو الفن"، وذلك خلال حفل الافتتاح، كما عبّر عن اعتراضه على اقتراح ترامب فرض رسوم جمركية على الأفلام. واغتنم دي نيرو الفرصة، خلال الكلمة التي ألقاها مساء الثلاثاء بمناسبة تكريمه بجائزة إنجاز العمر، للدعوة إلى الاحتجاج.
وتسلّم دي نيرو، البالغ من العمر 81 عاماً، الجائزة من زميله ليوناردو دي كابريو، على مسرح "غراند ثياتر لوميير"، بحضور نجوم حازوا جوائز أوسكار، مثل بينوش، والممثلة الأميركية هالي بيري، والمخرج الأميركي كوينتن تارانتينو. ورأى دي نيرو أن "ترامب خفّض التمويل والدعم المخصص للفنون والعلوم الإنسانية والتعليم، والآن يعلن رسوماً جمركية بنسبة 100% على الأفلام المنتَجة خارج الولايات المتحدة". وتابع: "لا يمكن تسعير الإبداع، لكن يبدو أنه يمكن فرض رسوم عليه"، داعياً "كل من يهتم بالحرية" إلى مقاومة هذه السياسات.
At the 2025 Cannes Film Festival opening, Robert De Niro used his honorary Palme d'Or acceptance speech to sharply criticize Donald Trump, labeling him 'America's philistine president' and an enemy of the arts.
pic.twitter.com/e4FOSHrdlU
— NowThis Impact (@nowthisimpact)
May 13, 2025
عل
الواقع السياسي يخيم على مهرجان كان
على الرغم من تأكيد منظّمي المهرجان رغبتهم في تجنب الانخراط في السياسة، لكن إدراج أفلام من غزة وأوكرانيا وإيران هذا العام، بالإضافة إلى إعلان ترامب الأخير، سلط الأضواء مجدداً على التداخل بين السينما والواقع السياسي. وفي كلمتها، اعتبرت بينوش أن تهديد دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الأفلام الأجنبية هو جزء من "محاولاته لإنقاذ سمعته". وصرّحت للصحافيين في منتجع الريفييرا الفرنسية: "نراه يصارع ويحاول بشتى السبل إنقاذ أميركا وإنقاذ نفسه". وأضافت: "لدينا مجتمع سينمائي قوي جداً في قارتنا، في أوروبا، لذا لا أعرف حقاً ماذا أقول عن ذلك".
ومن المقرر أن تحسم بينوش، الحائزة جائزة أوسكار، بالتعاون مع ثمانية أعضاء آخرين في لجنة التحكيم، من بينهم هالي بيري وجيريمي سترونغ، الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية الكبرى. ويُختتم مهرجان ك السينمائي في 24 مايو
/
أيار الحالي، بمنح جائزة السعفة الذهبية لأحد الأفلام الـ22 المتنافسة
.
ورأى سترونغ، المعروف بدور كيندال روي في مسلسل "الخلافة" (Succession) على شبكة "إتش بي أو"، أن السينما باتت أداة أكثر أهمية لنقل الحقيقة في عهد ترامب. وأوضح أنه يعتبر عضويته في لجنة التحكيم بمثابة "تكفير رمزي" عن تجسيده شخصية روي كوهن، المعلّم السابق لترامب، في فيلم "المتدرب" (The Apprentice) الذي عُرض العام الماضي في المهرجان. وقال: "أرى روي كوهن أساساً رائداً في صناعة الأخبار الكاذبة والحقائق البديلة، ونحن اليوم نعيش في ظل ما خلّفه".
سينما ودراما
التحديثات الحية
350 سينمائياً يرفضون الإبادة في غزة عشية افتتاح مهرجان كان
قواعد اللباس
من جانبها، أعربت الممثلة الأميركية هالي بيري عن دهشتها من تحديث قواعد اللباس في مهرجان كان السينمائي، مشيرة إلى أنها اضطرت إلى تغيير فستانها في اللحظة الأخيرة قبل الافتتاح. وتحظر القواعد الجديدة ارتداء الأزياء العارية أو الفساتين الواسعة ذات الذيول الطويلة التي قد تعرقل حركة الضيوف على السجادة الحمراء أو تربك الجلوس داخل المسرح. وأكد المنظمون أنه قد يُمنع دخول من لا يلتزمون بالقواعد الجديدة. وأوضحت بيري في مؤتمر صحافي: "كان لدي فستان رائع من تصميم جوبتا لأرتديه الليلة، لكن لا يمكنني ارتداؤه لأن ذيله كبير جداً". وأضافت، وهي الحائزة
جائزة أوسكار
عام 2001: "اضطررت إلى تغييره، لكن أعتقد أن الجزء المتعلق بالملابس العارية قد يكون قاعدة جيدة أيضاً". وشهدت السنوات الأخيرة تجاوزات لافتة في أزياء السجادة الحمراء، مع ارتداء فساتين شفافة أو ذات ذيول ضخمة وأزياء كاشفة للصدر، ما دفع إدارة مهرجان كان إلى فرض قيود أكثر صرامة هذا العام.
الممثلة هالي بيري في افتتاح مهرجان كان السينمائي الـ78 (ليونيل هان/ Getty)
(رويترز، فرانس برس)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
بين "غيوم سيلس ماريا" وظلّ غزّة
في مهرجان كان 2025، وقفت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش صوتاً يعترض على هندسة الصمت. نطقت باسم فاطمة حسّونة، المصوّرة الصحافية الفلسطينية التي قُتلت في غزّة بصاروخ إسرائيلي، قبل وقت قصير من احتمال حضورها المهرجان، بصفتها بطلةَ فيلم وثائقي؛ "ضع روحك على يدك وامش"، يحكي تجربتها تحت الحصار. لم يكن استدعاء الاسم فعلاً رمزياً يُضاف إلى سجلّ أخلاقي. كان انحرافاً محسوباً داخل ماكينة ناعمة الصقل، لا تتوقّف عن قول الشيء ونقيضه، طالما ظلّ قابلاً للعرض. بينوش لم تُدلِ بتصريح سياسي، زعزعت إيقاعاً مُبرمجاً على التغاضي. فاطمة، المولودة في 1999، لم تكن تنقل الحرب فقط. كانت تعيشها وتصوّرها كمن يتلمّس معنى البقاء في التفاصيل. الصورة عندها لم تكن وسيلةً، صيغةَ حياة. قُتلت مع عائلتها بعد ساعاتٍ من ترشيح فيلمها لمسابقة "أسيد - كان" الموازية لمهرجان كان الرسمي، وفي نفس المدينة البحرية. لا مفارقة هنا، تزامن وقائعي يعيد ترتيب السؤال: من يُسمح له بأن يكون حاضراً؟ ومن يُعاد تدويره في الاستعارة؟ ما فعلته بينوش لا يندرج تحت البطولة الكلاسيكية. لم تعارض. لم تصرخ. استثمرت لحظة الضوء لا لتُدلي برأي، أدخلت الكسر إلى العبارة. أشارت إلى فاطمة لا بوصفها قضيةً، احتمال مفقود للحضور. وهنا تكمن دقّة الفعل: إعادة توزيع المعنى من داخل البنية، لا من خارجها. وهذا لا يعني أن النظام تغيّر، أو أن "كان" خرج من صيغته. على العكس، ما زال المهرجان يدار بآليات تُنتِج العالم بوصفه سرداً قابلاً للاستهلاك. وما زالت فلسطين، حين تُذكر، تمرّ عبر مصفاة رمزية تُجرّدها من لحمها الحي. رغم ذلك، تسرّب الاسم. لا تفصيلاً إنسانياً، بل إشارة تشقّ الصمت، كما لو أن "غيوم سيلس ماريا" زحفت إلى قاعة العرض، لا ليصبح الاسم صوتاً فقط، بل ضوءاً ينكسر على فراغ لا يريد أحد أن يراه. وربّما، في جانب من جوانبه، لا يخلو المهرجان من رمزية رأسمالية تلمّع النظام العالمي وتحوّل المعاناة مادّةً بصريةً مصقولةً، ولو من غير قصد مباشر. في 1968، أوقف المخرج جان لوك غودار مهرجان كان احتجاجاً على تغاضيه عن انتفاضة الطلبة في باريس. لم يكن يعارض السينما، تمثيلها المفصول عن التحوّلات الحيّة. قال آنذاك: "أنتم تتحدّثون عن حركة الكاميرا، ونحن نتحدّث عن الدم في الشوارع". رأى في المهرجان واجهةً طبقيةً وثقافيةً مغلقةً، فاختار كسرها من الجذر. تنتمي بينوش إلى تقليد آخر: مقاومة ناعمة، متقشّفة، لا تخاطب النظام بصفته عدوّاً، باعتباره معماراً هشّاً يمكن خلخلته من الداخل. لم تحتج إلى خطاب. اسم فاطمة كافٍ. اسم في غير موضعه المألوف، يتحوّل من تعريف إلى خلخلة. الفعل هنا ليس تعويضاً رمزياً، تشويش على هندسة المعاني. الاسم لا يُستعاد ليُبكى أو يُزيَّن به الكلام، يُعري الفجوة بين ما يُعرض وما يُقمع. في لحظة محدّدة، داخل قاعة مُكيّفة بدقّة، ارتد الصوت على واجهة الحدث وأعاد تركيب المشهد. بينوش لم تُطالب. لم تتبنَّ خطاب الضحية. لم تضع نفسها في موقع تمثيلي نيابةً عن أحد. ما فعلته أقرب إلى الانسحاب الجزئي من نصٍّ محسوب، لصالح جملة غير منتظرة. وهذا، في سياق تُدار فيه التراجيديات موادَّ جانبيةً، فعلٌ يُربك الآلة أكثر من أي تصريح نضالي جاهز. ليست الأولى. اختارت أن تنطق باسم فاطمة في لحظة مثقلة بالإجهاد الرمزي، حيث أصبح الموقف نفسه جزءاً من إنتاج المعنى النظيف. فعلت ذلك لا لتصنع أثراً، تكشف شرخاً. وهذه ليست بطولة، وعي بموقع الصوت، ومسؤوليته حين يكون ممكناً. ما من ادّعاء هنا بتغيير شيء. في بنية بُنيت على حذف الفلسطيني أو تحويله استعارةً قابلةً للترويج، يصبح نُطق الاسم (خارج توقّعاته التداولية) تشويشاً. وهو تشويش كافٍ.


القدس العربي
منذ 12 ساعات
- القدس العربي
المخرج الإيراني جعفر بناهي يعود إلى مهرجان كان بعد 15 عامًا
كان: تحضر الممثلة سكارليت جوهانسون مهرجان كان السينمائي للمرة الأولى كمخرجة، في حين يواكب المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي عرض أحد أفلامه، في أول ظهور له في مهرجان سينمائي منذ 15 عامًا. ويُعد عرض فيلم 'إليانور ذا غريت' Eleanor the Great، الذي تولّت الممثلة الأمريكية إخراجه، أحد أكثر الأحداث المنتظرة في مهرجان كان. وسكارليت جوهانسون هي ثاني نجمة هوليوودية تعرض فيلمًا أول لها ضمن قسم 'نظرة ما' هذا العام، بعد كريستن ستيوارت مع فيلم 'ذا كرونولوجي أوف ووتر' The Chronology of Water. ويتناول فيلم جوهانسون، التي تُعد من الممثلات الأعلى أجرًا في السينما الأمريكية، قصة إليانور مورغينستين (تؤدي دورها جون سكويب)، التي تعود في الرابعة والتسعين من عمرها للعيش في نيويورك، لتبدأ حياة جديدة بعد عقود قضتها في فلوريدا. وقال المخرج ويس أندرسون، الذي شاركت جوهانسون في ثلاثة من أفلامه، بينها 'ذا فينيشيان سكيِم' The Phoenician Scheme، المنافس على جائزة السعفة الذهبية هذا العام: 'شاهدتُ فيلمها وأحببته'. وتابع مازحًا: 'سكارليت تصنع الأفلام منذ فترة أطول مني ربما. إنها أصغر مني بنحو عشرين عامًا، لكنني أعتقد أنها أخرجت فيلمًا للمرة الأولى عندما كانت في التاسعة'. غياب طويل من بين اللحظات المنتظرة في مهرجان كان أيضًا، مرور جعفر بناهي على السجادة الحمراء. تمكن المخرج الحائز جوائز كثيرة، والذي قضى سبعة أشهر مسجونًا في إيران عامي 2022 و2023، من مغادرة طهران مع فريقه للذهاب إلى كان، حيث سيواكب عرض فيلم 'حادثة بسيطة' (تصادف ساده)، الذي صُوّر بشكل سري ومن دون أي تمويل إيراني، ولم تتسرّب عنه سوى معلومات محدودة جدًا. ولم يشارك بناهي في أي مهرجان دولي منذ 15 عامًا، حين بدأت مشاكله القضائية في بلاده، والتي حرمته لفترة طويلة من جواز سفره، وبالتالي من حرية السفر. خلال هذه الفترة، حصل مخرج فيلم 'تاكسي طهران'، الفائز بجائزة الدب الذهبي في برلين عام 2015، وفيلم 'ثلاثة وجوه'، الفائز بجائزة أفضل سيناريو في كان عام 2018، على جائزة خاصة من لجنة التحكيم في البندقية عام 2022 عن فيلم 'الدببة غير موجودة'. وكانت السلطات الإيرانية قد استدعت، خلال الأسبوع الفائت، أربعة من أفراد طاقم الفيلم لاستجوابهم، وفق ما أفاد مقرّبون من المخرج لوكالة فرانس برس. حُكم على جعفر بناهي بالسجن ست سنوات في العام 2010 بتهمة 'الدعاية ضد النظام'، مع منعه من إخراج الأفلام أو مغادرة البلاد لمدة 20 عامًا. وقد أُعيد له أخيرًا جواز سفره، واستعاد حقه في السفر في نيسان/ أبريل 2023، فسافر إلى فرنسا حيث تعيش ابنته. وسيُعرض أيضًا فيلم 'فيوري' Fuori، الذي يتناول قصة الكاتبة الإيطالية غولياردا سابيينزا، التي سُجنت عام 1980 بتهمة السرقة. ويمثل هذا الفيلم، الذي أخرجه ماريو مارتونه، وتؤدي بطولته فاليريا غولينو، عودةً للمخرج الإيطالي البالغ 65 عامًا إلى المسابقة الرسمية لمهرجان كان، بعد حضوره للمرة الأولى المهرجان السينمائي الفرنسي عام 2022 مع فيلم 'نوستالجيا' Nostalgia. (أ ف ب)


العربي الجديد
منذ 3 أيام
- العربي الجديد
لقطات فاطمة حسونة في مخيم برج البراجنة: الحكاية بالصورة والدم
تحية للمصورة الفلسطينية فاطمة حسونة التي قتلتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة في 16 إبريل/ نيسان الماضي، افتتح الجمعة معرض فوتوغرافي عنوانه "عين فاطمة: من غزة إلى مخيم برج البراجنة ــ الحكاية بالصورة والدم"، وذلك في المخيم الواقع في ضاحية بيروت الجنوبية، بتنظيم من مركز "النقب" الشبابي التطوعي. المعرض الذي يستمر حتى يوم غد الأحد يضم 41 صورة التقطتها فاطمة حسونة قبل استشهادها، ويراه القائمون عليه تنفيذاً لوصيتها بـ"ألا تموت صورها معها". هذه الصور التي خرجت من قلب الدمار والركام في غزة حيث ترتكب قوات الاحتلال إبادة جماعية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وصلت إلى لبنان عن طريق صديق، تَحمّل الإنترنت المتقطّع والرقابة، ليقول للعالم إن حسونة "صوّرت، واستُهدفت، وهذه الصور باقية". علق المتطوعون صور فاطمة حسونة في مركز "النقب" داخل المخيم، ومعها نصوص كتبتها المصورة الفلسطينية بيدها تحت القصف ووسط الرعب من الغارة التالية. صور أخرى علقت بلا كتابة، تتحدث بلغتها البصرية عن النزوح، والبحر، والحدود، والموت، والرجاء الخافت. والمعرض يقام بالتزامن مع ذكرى النكبة الفلسطينية عام 1948، وهي "حدث مستمر" وفقاً لما قالته سندس الرفاعي من "النقب" لـ"العربي الجديد"، فـ"النكبة لم تنته، وأبشع أشكالها اليوم هي الإبادة في غزة". يُعدّ مخيم برج البراجنة الذي أُنشئ عام 1948 واحداً من أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في محيط العاصمة اللبنانية، سواء من حيث المساحة أو الكثافة السكانية، إذ يبلغ عدد سكانه نحو 25 ألف نسمة. وهو أيضاً من أكثر المخيمات معاناة، بفعل تراكمات الإهمال والحرمان. وفي هذا السياق، تشير سندس الرفاعي إلى أنّ مكان إقامة المعرض لا يقلّ أهمية عن توقيته، "فهذا المخيم هو إحدى نتائج النكبة التي اقتلعت الفلسطيني من جذوره وعزلته عن أرضه وشعبه وتاريخه". وتضيف: "نحن هنا لأنهم شرّدونا من وطننا. وهذا المعرض رسالة واضحة: نحن شعب واحد، ودم واحد، ومصيرنا وخلاصنا واحد". سينما ودراما التحديثات الحية أكذوبة مهرجان كانّ في السياسة والحريات من غزة إلى بيروت، ليست المسألة مسافةً، بل دم مشترك. منذ أكتوبر 2023 قتلت القوات الإسرائيلية 217 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي في غزة، واعتقلت العشرات، ودمرت كل مقومات العمل الإعلامي. وفي لبنان، قتلت القوات الإسرائيلية المصور الصحافي في وكالة رويترز عصام العبد الله في منطقة علما الشعب في 13 أكتوبر 2023، واستهدفت مسيّرة إسرائيلية فريق عمل قناة الميادين في بلدة طير حرفا في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، مما أدّى إلى استشهاد مراسلة القناة فرح عمر والمصوّر ربيع معماري، كما قتلت المصور في قناة المنار وسام قاسم، والمصور في قناة الميادين غسان نجار، ومهندس البث في قناة الميادين محمد رضا، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، في 25 أكتوبر 2024. ويروي الصحافي والمراسل السابق من غزة أحمد شلدان، وهو من المشاركين في المعرض، أن فاطمة حسونة "حاولت تقرّب العالم عبر الصورة"، ويضيف بصوت متقطع أن "هذه الصور ليست مجرد لقطات، بل هي حكايا، ويطل الواقع أصعب. الصورة تصل، لكنها لا تحرك هذا العالم". يذكر أن فاطمة حسونة التي قتلتها إسرائيل في سن الـ25 تشكل موضوع الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفك وامشِ" للمخرجة الإيرانية زبيدة فارسي الذي اختارته جمعية ACID للسينما المستقلة، إحدى الفئات الموازية ضمن مهرجان كان السينمائي، لعرضه خلال الحدث السينمائي. أعلنت الجمعية عن اختيارها هذا في 15 إبريل/ نيسان الحالي، وفي اليوم التالي قتلت القوات الإسرائيلية فاطمة حسونة مع عدد من أفراد عائلتها بقصف صاروخي استهدف منزلهم.