
الكيوي يعيد الحياة إلى فوكوشيما اليابانية بعد سنوات من كارثة نووية
على بُعد بضعة كيلومترات من موقع
الكارثة النووية
في فوكوشيما في اليابان، يعتني تاكويا هاراغوتشي بنباتات كيوي جديدة تحت أشعة الشمس الربيعية، معيدا الحياة لأراض كانت تشكل منطقة منكوبة. إذ كان هاراغوتشي يبلغ 11 عاما عندما ضرب اليابان أقوى زلزال في تاريخها، أعقبه تسونامي أدى إلى مقتل أو فقدان 18500 شخص. طاولت المياه محطة فوكوشيما
للطاقة النووية
على الساحل الشمالي
الشرقي للبلاد
، مما تسبب في انصهار نووي مدمر.
في تلك المرحلة، كان تاكويا هاراغوتشي المحب للقراءة والمقيم في أوساكا التي تبعد 800 كيلومتر غرب منطقة الكارثة، يخشى أن يتسبب الإشعاع بجعل البلاد برمّتها غير صالحة للسكن. ويؤمن هاراغوتشي الذي يبلغ حاليا 25 عاما والمقيم حديثا في أوكوما، بمستقبل منطقة فوكوشيما. قائلا إنّ "الجميع سمع بالحادث النووي. لكن قلة من الناس تعرف عن هذه المنطقة والجهود المبذولة لإعادتها إلى الحياة". ويضيف "من خلال زراعة الكيوي هنا، أود أن يصبح الناس مهتمين (...) ويكتشفوا كيف تبدو فوكوشيما في الواقع اليوم".
الصورة
زراعة الكيوي قرب محطة فوكوشيما النووية، اليابان، 24 إبريل 2025 (فرانس برس)
كانت المنطقة مشهورة خصوصا بإجاصها اللذيذ وخوخها ذي النكهة الحلوة. لكنّ الكارثة النووية قضت على كل شيء. وبعد أكثر من عقد ونتيجة عمليات تطهير واسعة بينها إزالة الطبقة العليا من التربة الزراعية بالكامل، تؤكد السلطات أنّ منتجات فوكوشيما آمنة. حيث بيعت خلال العام الفائت منتجات من الخوخ المحلي في متجر هارودز المرموق في لندن. وفي اليابان، يدعم بعض المستهلكين المزارعين المحليين عبر شراء منتجاتهم. ويقول هاراغوتشي معتمرا قبعة بنقشة الكيوي "لقد ثبتت سلامتها. أعتقد أنّ الزراعة هنا أمر مهم".
درس هاراغوتشي علوم الحاسوب في الجامعة، لكنّ حلمه الفعلي كان أن يصبح خبيرا في زراعة الأشجار. وفي عام 2021، اكتشف بلدة أوكوما خلال حدث طلابي، حيث التقى السكان المحليين العازمين على إحياء مجتمعهم، من خلال تطوير زراعة الكيوي. أطلق هاراغوتشي مشروعه "ري فروتس" مع شريك هو أيضا في العشرينيات من عمره. ويملك الرجلان 2.5 هكتار من الأراضي، بعضها مزروع جزئيا، ويأملان في حصاد أولى ثمار الكيوي خلال العام المقبل. يقول هاراغوتشي "بما أنّ كل شيء ينطلق من الصفر، يمكننا تجربة أفكار جديدة، وحتى أفكار جريئة".
إجلاء 80 ألف شخص من فوكوشيما
بعد كارثة مارس/آذار 2011، أجبرت التداعيات الإشعاعية سكان أوكوما البالغ عددهم 11 ألف نسمة على ترك منازلهم. أُجلي نحو 80 ألف شخص من منطقة فوكوشيما، في حين تشير السلطات إلى أنّ عددا مماثلا من السكان غادروا المنطقة من تلقاء أنفسهم. ومنذ أصبحت المدينة صالحة للسكن مرة جديدة عام 2019، انتقل 1500 شخص إلى أوكوما، فيما تخطى عدد الوافدين الجدد ألف شخص يعمل مئات منهم في محطة الطاقة. وعلى غرار هاراغوتشي، يأتي أشخاص من الفئات الشابة من أماكن أخرى، يجذبهم الدعم الحكومي للسكن ودعم الأعمال التجارية.
ورغم أن العشرات من أجهزة الاستشعار تراقب يوميا في أوكوما مستويات الإشعاع التي تبقى ضمن حدود السلامة التي حددتها السلطات، فإن الحظر قائم على بعض المناطق كتلال غير صالحة للاستخدام. وتشير نتائج اختبارات التربة في مزرعة تاكويا هاراغوتشي إلى مستويات إشعاع أعلى بقليل من المتوسط، ولكنها تتطابق مع معايير الغذاء العالمية. وتظهر الاختبارات التي أجريت على الفاكهة المنتجة في المنطقة مستويات منخفضة بما يكفي للاستهلاك الآمن.
طلاب وشباب
التحديثات الحية
اليابان تدعو جامعاتها إلى قبول طلاب هارفارد الأميركية
لكنّ كاوري سوزوكي التي ترأس جمعية "ماذرز رادييشن لاب فوكوشيما - تاراشين" تؤكد أنّ الحذر لا يزال مطلوباً، فيما تجري منظمتها اختبارات إشعاعية خاصة بها على التربة والأغذية المنتجة في فوكوشيما. وتقول "يعود القرار إلى كل فرد في ما يريد استهلاكه"، وفي حين تؤكد السلطات عدم وجود خطر مباشر على الصحة، تشير سوزوكي إلى المخاطر المرتبطة بالزراعة في المناطق التي تأثرت بشدة بالتداعيات الناجمة عن الكارثة النووية. قائلة "من الأفضل أن نبقى حذرين لأن الناس أصبحوا أكثر ارتياحا".
يأمل هاراغوتشي الذي يسافر إلى الخارج ليروي قصته وتاريخ فوكوشيما، أن تتبدد المخاوف بشأن الثقافات المحلية. ويقول "لا مجال لفرض منتجاتنا على الذين يشعرون بعدم الارتياح"، مشددا على أنه يتصرف بشفافية كاملة. ويتابع "علينا بيع منتجاتنا لمن يفهمون نهجنا".
(فرانس برس)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 5 أيام
- العربي الجديد
الكيوي يعيد الحياة إلى فوكوشيما اليابانية بعد سنوات من كارثة نووية
على بُعد بضعة كيلومترات من موقع الكارثة النووية في فوكوشيما في اليابان، يعتني تاكويا هاراغوتشي بنباتات كيوي جديدة تحت أشعة الشمس الربيعية، معيدا الحياة لأراض كانت تشكل منطقة منكوبة. إذ كان هاراغوتشي يبلغ 11 عاما عندما ضرب اليابان أقوى زلزال في تاريخها، أعقبه تسونامي أدى إلى مقتل أو فقدان 18500 شخص. طاولت المياه محطة فوكوشيما للطاقة النووية على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد ، مما تسبب في انصهار نووي مدمر. في تلك المرحلة، كان تاكويا هاراغوتشي المحب للقراءة والمقيم في أوساكا التي تبعد 800 كيلومتر غرب منطقة الكارثة، يخشى أن يتسبب الإشعاع بجعل البلاد برمّتها غير صالحة للسكن. ويؤمن هاراغوتشي الذي يبلغ حاليا 25 عاما والمقيم حديثا في أوكوما، بمستقبل منطقة فوكوشيما. قائلا إنّ "الجميع سمع بالحادث النووي. لكن قلة من الناس تعرف عن هذه المنطقة والجهود المبذولة لإعادتها إلى الحياة". ويضيف "من خلال زراعة الكيوي هنا، أود أن يصبح الناس مهتمين (...) ويكتشفوا كيف تبدو فوكوشيما في الواقع اليوم". الصورة زراعة الكيوي قرب محطة فوكوشيما النووية، اليابان، 24 إبريل 2025 (فرانس برس) كانت المنطقة مشهورة خصوصا بإجاصها اللذيذ وخوخها ذي النكهة الحلوة. لكنّ الكارثة النووية قضت على كل شيء. وبعد أكثر من عقد ونتيجة عمليات تطهير واسعة بينها إزالة الطبقة العليا من التربة الزراعية بالكامل، تؤكد السلطات أنّ منتجات فوكوشيما آمنة. حيث بيعت خلال العام الفائت منتجات من الخوخ المحلي في متجر هارودز المرموق في لندن. وفي اليابان، يدعم بعض المستهلكين المزارعين المحليين عبر شراء منتجاتهم. ويقول هاراغوتشي معتمرا قبعة بنقشة الكيوي "لقد ثبتت سلامتها. أعتقد أنّ الزراعة هنا أمر مهم". درس هاراغوتشي علوم الحاسوب في الجامعة، لكنّ حلمه الفعلي كان أن يصبح خبيرا في زراعة الأشجار. وفي عام 2021، اكتشف بلدة أوكوما خلال حدث طلابي، حيث التقى السكان المحليين العازمين على إحياء مجتمعهم، من خلال تطوير زراعة الكيوي. أطلق هاراغوتشي مشروعه "ري فروتس" مع شريك هو أيضا في العشرينيات من عمره. ويملك الرجلان 2.5 هكتار من الأراضي، بعضها مزروع جزئيا، ويأملان في حصاد أولى ثمار الكيوي خلال العام المقبل. يقول هاراغوتشي "بما أنّ كل شيء ينطلق من الصفر، يمكننا تجربة أفكار جديدة، وحتى أفكار جريئة". إجلاء 80 ألف شخص من فوكوشيما بعد كارثة مارس/آذار 2011، أجبرت التداعيات الإشعاعية سكان أوكوما البالغ عددهم 11 ألف نسمة على ترك منازلهم. أُجلي نحو 80 ألف شخص من منطقة فوكوشيما، في حين تشير السلطات إلى أنّ عددا مماثلا من السكان غادروا المنطقة من تلقاء أنفسهم. ومنذ أصبحت المدينة صالحة للسكن مرة جديدة عام 2019، انتقل 1500 شخص إلى أوكوما، فيما تخطى عدد الوافدين الجدد ألف شخص يعمل مئات منهم في محطة الطاقة. وعلى غرار هاراغوتشي، يأتي أشخاص من الفئات الشابة من أماكن أخرى، يجذبهم الدعم الحكومي للسكن ودعم الأعمال التجارية. ورغم أن العشرات من أجهزة الاستشعار تراقب يوميا في أوكوما مستويات الإشعاع التي تبقى ضمن حدود السلامة التي حددتها السلطات، فإن الحظر قائم على بعض المناطق كتلال غير صالحة للاستخدام. وتشير نتائج اختبارات التربة في مزرعة تاكويا هاراغوتشي إلى مستويات إشعاع أعلى بقليل من المتوسط، ولكنها تتطابق مع معايير الغذاء العالمية. وتظهر الاختبارات التي أجريت على الفاكهة المنتجة في المنطقة مستويات منخفضة بما يكفي للاستهلاك الآمن. طلاب وشباب التحديثات الحية اليابان تدعو جامعاتها إلى قبول طلاب هارفارد الأميركية لكنّ كاوري سوزوكي التي ترأس جمعية "ماذرز رادييشن لاب فوكوشيما - تاراشين" تؤكد أنّ الحذر لا يزال مطلوباً، فيما تجري منظمتها اختبارات إشعاعية خاصة بها على التربة والأغذية المنتجة في فوكوشيما. وتقول "يعود القرار إلى كل فرد في ما يريد استهلاكه"، وفي حين تؤكد السلطات عدم وجود خطر مباشر على الصحة، تشير سوزوكي إلى المخاطر المرتبطة بالزراعة في المناطق التي تأثرت بشدة بالتداعيات الناجمة عن الكارثة النووية. قائلة "من الأفضل أن نبقى حذرين لأن الناس أصبحوا أكثر ارتياحا". يأمل هاراغوتشي الذي يسافر إلى الخارج ليروي قصته وتاريخ فوكوشيما، أن تتبدد المخاوف بشأن الثقافات المحلية. ويقول "لا مجال لفرض منتجاتنا على الذين يشعرون بعدم الارتياح"، مشددا على أنه يتصرف بشفافية كاملة. ويتابع "علينا بيع منتجاتنا لمن يفهمون نهجنا". (فرانس برس)


العربي الجديد
٢١-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
زلزال اليونان يهزّ مصر ويثير الفزع بين السكان
أصاب الخوف سكاناً في مصر، ولا سيّما في العاصمة القاهرة، من جرّاء زلزال اليونان في البحر الأبيض المتوسط الذي شعروا به بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، والذي بلغت قوّته 6.4 درجات على مقياس ريختر. وأكد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر (رسمي) أنّ "محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد القومي سجّلت، في الساعة الواحدة و51 دقيقة و15 ثانية (من يوم) الأربعاء، هزّة أرضية (...) على بعد 631 كيلومتراً شمالي رشيد (مدينة مصرية تطلّ على البحر الأبيض المتوسط)". وفي ظلّ الفزع الذي ساد وسط المصريين، أوضح القائم بأعمال رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية طه توفيق رابح، في بيان، أنّ المعهد التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر تلقّى "ما يفيد بشعور المواطنين بالهزّة من دون وقوع أيّ خسائر في الأرواح والممتلكات". بدوره، قال رئيس قسم الزلازل لدى المعهد شريف الهادي، في تصريحات صحافية اليوم، إنّ "المسافة بين مركز الزلزال الذي وقع جنوبي جزيرة كريت ( اليونان ) وأقرب مدينة مصرية تبلغ نحو 420 كيلومتراً، وهي مسافة آمنة لا تستدعي القلق". والزلزال الذي شعر به سكان مصر حُدّد مركزه في جنوب بحر إيجه؛ خليج صغير ممتدّ للبحر الأبيض المتوسط ما بين أوروبا وآسيا. ولم ترد تقارير عن تسبّبه في خسائر بشرية أو أضرار مادية، لكنّ رسائل تحذيرية من احتمال وقوع تسونامي بُعثت إلى هواتف سكان جزر يونانية في المحيط. وتخوّف سكان مصر من هزّات ارتدادية للزلزال الذي وقع بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، علماً أنّ سكان محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والمنوفية والشرقية والغربية وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط والإسكندرية والبحيرة ومطروح هم أكثر الذين شعروا بالزلزال، علماً أنّ سكان دول عربية أخرى شعروا به، ولا سيّما سورية ولبنان وفلسطين والأردن. ومنذ الساعات الأولى من اليوم الأربعاء، تحوّل زلزال اليونان الذي أرّق مصر إلى موضوع الوسم الأول بالنسبة إلى الناشطين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك إلى محور حديث البلاد. وقد انتشر تسجيل مصوّر يُظهر الدمار الذي حلّ بأحد منازل مدينة سيدي براني في محافظة مطروح على البحر الأبيض المتوسط، شمال غربي مصر، نتيجة زلزال اليونان. في الإطار نفسه، نشر كثيرون من سكان العاصمة القاهرة تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، تنقل شعورهم بهزة أرضية قوية، فيما راح يستعيد آخرون ذكريات زلزال القاهرة في عام 1992. يُذكر أنّ الأخير وقع في 12 أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام، وقد بلغت قوته 5.6 درجات على مقياس ريختر، أمّا مركزه ففي القرب من دهشور على بعد 35 كيلومتراً إلى جنوب غربي القاهرة. وقد أودى ذلك الزلزال بحياة 541 شخصاً، وأدّى إلى جرح 6.522 آخرين، في حين دمّر آلاف المنازل والمدارس، خصوصاً في القاهرة والجيزة والقليوبية والفيوم. بيئة التحديثات الحية هزة أرضية شمالي مدينة شرم الشيخ المصرية ولم تفلح تصريحات رئيس قسم الزلازل لدى المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، القائلة بأنّ المسافة ما بين مركز زلزال اليونان وأقرب مدينة مصرية منه تبلغ نحو 420 كيلومتراً، وبأنّها بالتالي "مسافة آمنة لا تستدعي القلق"، في طمأنة سكان مصر. واضطر الهادي إلى إصدار بيان آخر، أضاف إليه "ليست لدينا مخاوف من توابع الزلزال، إذ إنّ أوّل تابع وقع في حدود الثانية صباحاً، ولم يشعر به سوى سكان محافظة مطروح". وأعاد الهادي شعور المواطنين في القاهرة تحديداً بالهزة إلى "طبيعة التربة الطينية الهشّة التي تأثّرت بعمق الزلزال على الرغم من بُعد مركزه". يُذكر أنّ عشرات من سكان منطقة فيصل الشعبية في محافظة الجيزة تركوا منازلهم فور شعورهم بوقوع زلزال اليونان، ولازموا الشارع لأكثر من ساعة، إلى حين تأكّدهم من عدم وقوع تداعيات للزلزال. وفي حين عبّر مصريون عن شعورهم بالخوف من تداعيات الزلزال على منازلهم القديمة، أشار آخرون إلى أنّهم لم يشعروا به على الإطلاق في أثناء نومهم. في سياق متصل، نفى أستاذ الزلازل لدى المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر عمرو الشرقاوي "غياب أجهزة الدولة عن المشهد بحسب ما روّج البعض". وبيّن أنّ "المعلومات حول الزلزال الذي وقع محدودة ومعروفة أيضاً، وبالتالي لم يكن هناك داعٍ إلى كثير من التصريحات الرسمية، وذلك منعاً لإثارة القلق والخوف بين الناس". وتُثار تساؤلات عن تأثير الزلازل في منطقة البحر الأبيض المتوسط على مشروع محطة الضبعة النووية الذي ما زال قيد الإنشاء، وعلى الأبراج السكنية الشاهقة في منطقة العلمين الجديدة. لكنّ الشرقاوي أفاد بأنّ "من غير الصحيح دخول مصر في منطقة زلازل، ومسألة حماية الأبراج الشاهقة أو المنشآت الحيوية من خطر الزلازل المفاجئة يعود إلى طريقة البناء نفسها، وضرورة توفّر معايير وأكواد (شيفرات) معيّنة للمواد المستخدمة في الإنشاءات". أضاف الخبير أنّ "الأهمّ من ذلك كله دراسة تربة الموقع جيداً قبل التنفيذ، وتحديد مدى قدرتها على المقاومة". يُذكر أنّ السلطات تضع معياراً هندسياً للمباني الشاهقة والمحطات النووية والطاقة، يخوّلها لتحمّل هزات أرضية تتخطّى قوتها ثماني درجات على مقياس ريختر.


BBC عربية
٢٨-٠٣-٢٠٢٥
- BBC عربية
ما هي الخطوات التي يجب اتباعها أثناء حدوث زلزال؟
تعد الزلازل واحدة من أصعب المخاطر الطبيعية، وفي كل عام تحدث مئات الهزات الأرضية ذات الحجم الكبير والتي تهز قشرة الأرض، مما يتسبب في أضرار جسيمة وخسائر بشرية. ضرب زلزال قوي بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر وسط ميانمار، وامتدت هزاته العنيفة إلى الدول المجاورة. كان مركز الزلزال قريباً من مدينة ماندالاي، حيث انهار جسر كبير فوق نهر إيراوادي. وشعر بالزلزال سكان العاصمة التايلاندية بانكوك، التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر عن مركز الزلزال، حيث انهار مبنى شاهق قيد الإنشاء. تتعرض جزيرة سانتوريني اليونانية لآلاف الهزات الأرضية منذ أكثر من شهر، ولا يستطيع الخبراء تحديد موعد لانتهاء هذه الهزات. في يناير/كانون الثاني، لقي ما لا يقل عن 126 شخصاُ حتفهم في التبت جراء زلزال بقوة 7.1 درجة وعلى عمق 10 كيلومترات (6 أميال)، وفقاً لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. في ديسمبر/كانون الأول 2024، انهارت المباني جراء زلزال قوي بلغت قوته 7.3 درجة في جزيرة فانواتو، بينما ضرب زلزال آخر بقوة 7.0 درجة قبالة ساحل شمال كاليفورنيا، مما أدى إلى إصدار تحذيرات من احتمال حدوث تسونامي. يُعد الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة وضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير/شباط 2023 الأكثر دموية في هذا العقد، حيث خلف أكثر من 59 ألف قتيل في البلدين. شهدت هايتي في عام 2021 زلازل مدمرة أخرى خلال العقد الماضي، أسفرت عن مقتل أكثر من 2200 شخص. كما ضرب زلزال إندونيسيا في عام 2018، مخلفاً أكثر من 4300 قتيل. وفي إيران عام 2017، لقي أكثر من 400 شخص حتفهم جراء زلزال. التنبؤ بالزلالزل يؤكد العلماء أنه رغم إمكانية تحديد المناطق المحتمل حدوث الزلازل فيها، إلا أننا ما زلنا متأخرين جداً في تقدير موعد حدوثها. فهل يمكن التنبؤ بها؟ يقول عالم الزلازل الدكتور ستيفن هيكس من إمبريال كوليدج لندن: "للأسف لا". ويضيف: "لكن ما يمكننا فعله هو تقدير احتمالية حدوث الزلازل. في أماكن مثل كاليفورنيا والولايات المتحدة واليابان، أصبحت التنبؤات الزلزالية أكثر دقة وفعالية". إذن، ما الذي يمكنك فعله للبقاء آمنًا وما الذي يجب تجنبه؟ استعد جيداً على الرغم من صعوبة التنبؤ بموعد حدوث الزلزال، إلا أن الخبراء يؤكدون على ضرورة الاستعداد الدائم، مما يعني أنه يجب أن تكون لديك خطة لمواجهة الزلازل. يقول الدكتور هيكس: "إذا كنت تعيش في منطقة تشهد العديد من الزلازل، فمن الأفضل أن يكون لديك حقيبة طوارئ في منزلك". ويضيف أنه يجب أن تحتوي الحقيبة على كمية إضافية من الماء، ومصباح يدوي، وصندوق إسعافات أولية، وبعض الطعام. ووفقاً للصليب الأحمر، يجب أن تحتوي الحقيبة أيضًا على نقود إضافية ونسخ من المستندات الشخصية الهامة، مثل قائمة الأدوية. ابق في مكانك إذا كان المبنى الذي توجد فيه آمناً بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، وهي وكالة علمية تابعة للحكومة الأمريكية، فإن خطر الإصابة يكون أقل إذا بقيت في مكانك. لذا تنصح الهيئة بعدم محاولة الخروج من المنزل أو الانتقال إلى غرف أخرى أثناء حدوث الزلزال. يقول الخبراء إن قاعدة السلامة هي "انبطح، احتمِ، وتمسك". الركوع على يديك وركبتيك يحميك من الأجسام المتساقطة، مع ترك مساحة للتحرك قليلاً إذا دعت الحاجة. أما إذا كنت تحت طاولة أو مكتب، أو إذا لم يكن هناك مأوى قريب، فينصح بالتمسك بمكانك حتى يتوقف الاهتزاز. من أولى خطوات الحماية الوقوف عند مدخل المنزل، لكن الخبراء يشيرون إلى أنك ستكون أكثر أماناً إذا كنت تحت طاولة، خاصة إذا كنت تعيش في منزل قديم نسبياً. غالبًا ما تكون النوافذ والواجهات أول أجزاء المبنى عرضة للانهيار. لذا يُنصح بالابتعاد عن هذه الأماكن الخطرة. اخرج عندما تصبح الظروف أكثر أماناً بمجرد توقف الاهتزاز، يكون الخروج إلى الخارج عادةً أكثر أماناً في حال كان هناك خطر انهيار المبنى الذي توجد فيه. كل هذا يحدث وأنت في الداخل. ولكن ماذا لو وقع الزلزال وأنت في الخارج؟ يقول الخبراء: "ابقَ في مكانك". فالابتعاد عن المباني، وأسلاك الكهرباء، والحفر، وخطوط الوقود والغاز يقلل من خطر الإصابة. كما يُنصح بالتوجه إلى منطقة مفتوحة، بعيداً عن الأشجار، وأعمدة الهاتف، والمباني. تجنب المخاطر يشير تحالف دول الزلازل، إلى أن معظم الإصابات والوفيات تحدث نتيجة سقوط أو تحرك أجسام مثل أجهزة التلفزيون، والمصابيح، والزجاج، وخزائن الكتب. إحدى الطرق لتجنب الإصابات هي تثبيت الأثاث الثقيل على الجدران باستخدام شرائط مرنة. هناك خطر آخر محتمل يتمثل في تسرب الغاز من الأنابيب المتشققة بعد وقوع الزلزال. يستشهد الدكتور هيكس بالزلزال الذي ضرب سان فرانسيسكو عام 1906، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 3000 شخص. ويقول إن "معظم الوفيات وقعت نتيجة انفجار أنابيب الغاز، وليس بسبب الاهتزازات أو انهيار المباني"، وينصح بالابتعاد عن أي مواد قابلة للاشتعال في المنطقة. تدريب يشدد الدكتور هيكس أيضاً على أهمية تدريبات الزلازل، قائلاً: "في بعض البلدان، تُنظم تدريبات على الزلازل حيث يجب على الجميع المشاركة فيها لتعلم كيفية التصرف".