
حكاية عشق ما بين البابا لاوون وسانت أوغسطين الجزائري الأمازيغي
"أنا ابن عنابة. أنا ابن سانت أوغسطين"، بهذه الكلمات خاطب البابا الجديد لاوون الـ14 العالم من أعلى منبر في الفاتيكان، في أول خرجة إعلامية له عقب انتخابه من قبل مجمع الكرادلة.
عنابة أو "هيبون" كما القديس سانت أوغسطين، مكان واسم علم كلاهما ينتمي إلى أرض نوميديا (الجزائر حالياً)، مدينة تاريخية ورمز ديني وثقافي خالد.
بمثل عبارات البابا هذه وهو يفتخر بسانت أوغسطين وبعنابة ويعظمهما، أدركت مدى القطيعة المأسوية التي تفصلنا عن تاريخنا الجزائري العميق والعريق.
نعم، الجزائر أرض نبيت فيها ومنها رموز إنسانية كونية كثيرة لا تزال حاضرة وبقوة إلى يوم الناس هذا، رموز تمتد حتى فجر التاريخ، لكن ما لم نتمكن من بناء جسر متين وصادق بين الأجيال الجديدة وتاريخها بكامل تفاصيله، من دون بتر، فلن نصل أبداً إلى مصالحة حقيقية لا مع ذاكرتنا ولا مع ذواتنا. وأمام هذه القطيعة التي يعيشها الجزائري اليوم فإننا نجد بلادنا ومع كل أزمة سياسية أو اجتماعية، عادت لتفتح الجرح نفسه، جرح الهوية.
ما دام تلاميذنا في المدارس وطلبتنا في الجامعات ونخبنا السياسية يجهلون أو يتنكرون لإرث أجدادهم دون انتقاء، أو لجزء منه، أولئك الأسلاف الذين صنعوا مجد هذه الأرض الخصبة المسماة الجزائر، ما دام الوضع كذلك فإن الجرح، جرح الهوية، سيظل نازفاً لا يلتئم.
معرفة تاريخنا بكل رموزه من دون إقصاء أو تحريف علاج لثقافة العنف ولقاح ضد الكراهية، وسلاح ضد التطرف العرقي والوطني والديني.
علينا أن نعترف بأن الجزائري اليوم، بصورة عامة، رهينة سلسلة من أفكار جامدة ومتعصبة، غرستها فيه برامج مدرسية غارقة في الأيديولوجيا متحالفةً مع شبكة إعلامية مشوشة أو مغرضة أو مهموزة، وهو ما يجعله ينكر جزءاً كبيراً من ذاكرته وثقافته الضاربة في التاريخ أو يتنكر لها.
أن تقول للجزائري اليوم إن سانت أوغسطين أمازيغي من سوق أهراس، ستجد من الصعب عليه تقبل هذه الحقيقة التاريخية الناصعة لأن ذاكرته مبتورة، وعناصر كثيرة أساس مغيبة عنها.
بكثير من العفوية يتصور الجزائري أن سانت أوغسطين ليس إلا شخصية من أوروبا، فرنسياً أو إيطالياً أو يونانياً أو ألمانياً. مجرد "قاوري" كما نقول بالعامية.
وها هو سانت أوغسطين يعود اليوم بعد 16 قرناً وقد أيقظه من سباته ونسيانه البابا لاوون الـ14.
وبمجرد عودة اسمه على لسان البابا وارتباطه باسم الجزائر، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بنقاشات حادة بين حماسة ودهشة، وبين إنكار واعتراف، وبين مفتخر ومستهتر.
حين قدم البابا نفسه باعتباره "ابن القديس أوغسطين الأمازيغي الجزائري"، تذكر بعض الجزائريين فجأة بأنهم سليلو شخصية كونية، دُفنت حية في موطنها الأصلي.
ولد أوغسطين داخل تاغاست، سوق أهراس حالياً، عام 354 ميلادية، أي قبل نزول القرآن الكريم بقرنين. وعلى رغم هذا النسيان والتنكر والجهل فالرموز الكبرى لا تموت، إذا لم يصنها أهلها ستصونها البشرية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتصريحات البابا ليون الـ14، ومن خلال النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية، حركت ولو قليلاً الوعي التاريخي لدى المواطن الجزائري العادي، وأعادت عليه سؤال العلاقة بالتاريخ والاختلاف والتنوع.
لكن السؤال المر والحزين الذي يظل مطروحاً علينا نحن الجزائريين، ماذا ترانا فعلنا لتكريم هذا العبقري الذي ثور أفكار الكنيسة الرومانية، هذا المفكر الفيلسوف الذي تجاوز زمانه ومكانه؟
نتساءل، هل يدرس سانت أوغسطين في مدارسنا؟ هل هناك بحوث أو ملتقيات أكاديمية جامعية مخصصة له في جامعاتنا؟ هل يذكر على منابرنا الثقافية مسرحياً أو سينمائياً أو فلسفياً أو موسيقياً؟
إنه زمن موحش، زمن المحو والغياب والتهميش.
علينا أن نذكر وبكثير من التقدير المبادرة اليتيمة التي قام بها المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر، كان ذلك خلال عام 2001 حين نظم ملتقى دولياً بعنوان "أوغسطين والأفرقة"، وجرت وقائع هذا الملتقى ما بين الجزائر العاصمة وعنابة، وتضمنت زيارات إرشادية إلى أماكن تاريخية ارتبطت حياة سانت أوغسطين بها، كتاغاست (سوق أهراس) وماداور (مداوروش) وقالمة وهيبون (عنابة).
وعلى مدى ربع قرن تقريباً أسدل الستار وضرب الصمت وعمت ثقافة النسيان والتجاهل. وفي وقت ما، تردد بأن هناك مشروعاً لإنتاج فيلم سينمائي ضخم عن حياته، لكنه وُئد قبل أن يرى النور، وشُطب ونُسي.
واليوم، من خلال كلمات عبارات البابا لاوون الـ14 هل سيعود الحلم؟
أليس باستطاعة الجزائر أن تتحول بفضل ابنها الاستثنائي سانت أوغسطين إلى وجهة سياحية دينية فريدة من نوعها، في أفريقيا بأكملها؟
علينا أن نذكر بأن زيتونة أوغسطين والتي قضى أياماً إلى ظلها وربما أكل من زيتونها وزيتها، هذه الشجرة لا تزال قائمة في مدينة سوق أهراس شامخة في وجه النسيان، فبقليل من العزيمة المحلية يمكن أن تصبح هذه الشجرة مزاراً مسيحياً شهيراً.
وكنيسة القديس أوغسطين في عنابة، حيث عاش أسقفاً طوال 39 عاماً من 391 إلى 430، ألا يمكننا أن نروج لها فتصبح معلماً سياحياً وروحياً عالمياً، يضاهي ما تتميز به كاتدرائية نوتردام في باريس أو كاتدرائية اللورد في فرنسا من جاذبية وإقبال للسياح والحجاج والفضوليين؟
فضاء عنابة كما زيتونة سانت أوغسطين بسوق أهراس يمكنهما أن يجذبا الملايين من المؤمنين ومن كل أصقاع العالم. هل سيكون تصريح البابا لاوون الـ14 إشارة تنبيه للجزائريين وفرصة لاستعادة جزء من ذاكرة بدأت تتلاشى؟
إن التفكير في تطوير علاقتنا بالعالم من خلال رموزنا ومن خلال مدننا سيخلق لا محالة آلاف فرص عمل جديدة في مجالات متعددة، السياحة والصناعات التقليدية والمطاعم والنقل والثقافة، والفنادق.
نعم، الجزائر الجديدة تحتاج أن تتحرك في مثل هذا الاتجاه كي تتحرر من الحصار المفروض عليها من أعداء الداخل والخارج، أعداء على الضفتين.
علينا أن ندرك أن سانت أوغسطين ليس رجل دين فحسب، إنه فيلسوف وكاتب مبدع أسس لأدب السيرة وخطيب، إنه عبقرية فكرية استثنائية.
نعم، كنا نتمنى لو أنه كتب كتبه من مثل "مدينة الله" و"الاعترافات" باللغة الأمازيغية، لغته الأم ولغة شعب نوميديا، ما يسمى الجزائر اليوم، تلك اللغة التي كان يتحدث بها بطلاقة.
إن مصالحة الجيل الجديد مع تاريخه، تاريخ من دون بتر أو تحريف، هي الطريق الوحيد والأسلم للدفن النهائي للجرح أو الجدل الهوياتي الذي يلاحق الجزائري وشعوب أفريقيا الشمالية بصورة عامة.
علينا أن نعلم أبناءنا الرموز المؤسسة لدولتهم في أبعد نقطة تاريخية لها من أمثال سانت أوغسطين، ودوناتوس وأبوليوس وجوبا الثاني ويوغورطة وماسينيسا وغيرهم، كما نعلم عظماءنا الأمير عبدالقادر وفاطمة نسومر والكاهنة وابن باديس ومالك بن نبي وابن مهيدي وغيرهم.
هناك شعوب أدركت أهمية العودة إلى رموزها والاستفادة منها في زرع ثقافة الاختلاف وقبول التنوع الذي هو الطريق إلى العيش معاً.
فالسعودية، على سبيل المثال، تعمل على إعادة الاعتبار لشعراء الجاهلية الذين عاشوا على هذه الأرض، التي عاش عليها الرسول عليه الصلاة والسلام، بمن فيهم المسيحيون واليهود بكل وعي وفخر ومسؤولية، وذلك شرف لها ولشعبها وثقافتها وصورتها على المستوى العالمي.
أما نحن في الجزائر وإزاء هذا النزف المزمن في الذاكرة وهذا البتر المؤلم للروح، ودفعاً لثقافة القبول والحوار واحترام التنوع، فإن إقامة عام مخصص للاحتفال بالثقافة الأمازيغية العريقة من خلال استعادة رموزها ونصوصها، عام يكون بمشاركة بلدان شمال أفريقيا جميعها، ستكون من دون شك فرصة كبيرة للقاء المواطن بتاريخه الذي يتقاطع ويرتوي بحمولات التنوع الإسلامي والعربي والأفريقي والمتوسطي.
كتب سانت أوغسطين قائلاً "الخطأ من طبع الإنسان، أما الإصرار عليه فمن عمل الشيطان".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
6 قتلى في غارات إسرائيلية على غزة
أعلن الدفاع المدني في غزة اليوم السبت مقتل ستة فلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية على القطاع. وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الطواقم نقلت ستة قتلى في الأقل "بينهم أفراد عائلة واحدة، وعدداً من المصابين جراء استمرار العدوان والغارات الجوية في مناطق مختلفة" في قطاع غزة. وقال بصل إن أربعة قتلى وعشرات الجرحى سقطوا جراء "قصف جوي إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الأمل في خان يونس وجميعهم من عائلة المدهون". وأوضح بصل أنه نُقل قتيلان وعدد من الإصابات بينهم أطفال جراء "قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلاً لعائلة جودة في مخيم النصيرات" وسط القطاع. وأشار المتحدث إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ غارات عدة "عنيفة" في مدينة غزة وشمال القطاع، كما قصفت المدفعية الإسرائيلية صباح اليوم باتجاه بلدة القرارة شمال شرقي خان يونس، وباتجاه مخيمي النصيرات والبريج في وسط القطاع. ولفت بصل إلى أن الجيش "نسف عدداً من المنازل في رفح (جنوب القطاع)، وعدداً من المنازل في حي الزيتون" شرق مدينة غزة، مما أسفر عن تدمير هذه المنازل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يستطيع التعليق على ضربات معينة من دون "إحداثياتها الجغرافية الدقيقة". ومنذ بدء الحرب، بلغ عدد القتلى الفلسطينيين في غزة 53822، غالبيتهم مدنيون، وفقاً لأحدث حصيلة أوردتها أمس الجمعة وزارة الصحة التي تديرها "حماس"، وبينهم 3673 قتيلاً في الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها وعملياتها العسكرية في الـ18 من مارس (آذار) الماضي بعد هدنة هشة استمرت شهرين. وبدأت المساعدات الإنسانية بدخول القطاع الإثنين للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين بعد سماح إسرائيل بدخولها. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الجمعة أن "الفلسطينيين في غزة يعانون ما قد تكون الفترة الأكثر وحشية في هذا النزاع القاسي". ودعا برنامج الأغذية العالمي أمس في بيان إلى "إيصال كميات أكبر بكثير من المساعدات الغذائية إلى غزة بشكل أسرع".


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
جرحى وحرائق في هجوم روسي هائل على كييف
أصيب ما لا يقل عن 14 شخصاً بجروح في هجوم كثيف شنته روسيا بواسطة مسيّرات وصواريخ على كييف صباح اليوم السبت، فيما سيجري الطرفان المتحاربان المرحلة الثانية من عملية تبادل أسرى قياسية. وقالت الإدارة العسكرية في العاصمة الأوكرانية في منشور على تطبيق "تيليغرام" اليوم، إن 14 شخصاً في الأقل أصيبوا في واحدة من كبرى هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية حتى الآن على المدينة. وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت 14 صاروخاً باليستياً على البلاد خلال الليل، إضافة إلى 250 طائرة مسيرة بعيدة المدى، وأضافت أن كييف كانت الهدف الرئيس لتلك الهجمات. وقال رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية كييف فيتالي كليتشكو إن المدينة تعرضت لهجوم مشترك بطائرات مسيرة وصواريخ. وجاء في منشور لكليتشكو على "تيليغرام"، "انفجارات في العاصمة. تم تفعيل الدفاعات الجوية. المدينة والمنطقة تتعرض لهجوم مركب يشنه العدو". وأطلقت القوات الجوية الأوكرانية تحذيراً من صواريخ باليستية متجهة نحو العاصمة. وأشار رئيس البلدية والإدارتان العسكرية والمدنية في كييف إلى اندلاع حرائق عدة وسقوط حطام صواريخ ومسيّرات على أبنية في عدد كبير من أحياء المدينة. وقال مسؤولون إن وحدات مضادة للطائرات انتظمت في التصدي للهجوم. وقال شهود من "رويترز" إن طائرات مسيرة حلقت فوق المدينة التي هزتها سلسلة من الانفجارات. في المقابل، قال الجيش الروسي إن أوكرانيا استهدفت الأراضي الروسية بواسطة 788 مسيّرة وصاروخاً منذ الثلاثاء الماضي، أسقط 776 منها. أكبر عملية تبادل للأسرى أتت هذه الهجمات فيما باشرت روسيا وأوكرانيا تبادلاً قياسياً للأسرى ينبغي أن يشمل "1000 أسير" من كل جانب على ثلاثة أيام. وهذا التبادل هو النتيجة الملموسة الوحيدة التي أفضت إليها المحادثات بين الروس والأوكرانيين في إسطنبول في منتصف مايو (أيار) الجاري. وشملت المرحلة الأولى من عملية التبادل أمس الجمعة 270 عسكرياً و120 مدنياً من كل جانب، ومن المقرر إجراء المرحلتين المقبلتين اليوم وغداً الأحد. في منطقة تشيرنيغيف التي اقتيد إليها الأوكرانيون المفرج عنهم من جانب الروس، كان مئات الأشخاص، غالبيتهم من النساء، بانتظارهم وهم يحملون لافتات وصوراً، وفق ما أفاد أحد صحافيي وكالة الصحافة الفرنسية، والبعض كان يصرخ ويبكي، وقد رحبوا مهللين بالحافلات التي امتلأت برجال بدت عليهم النحالة. وعندما خرج الأسرى السابقون من الحافلات وقد لفوا أكتافهم بأعلام أوكرانية، سارعت العائلات إلى ملاقاتهم وقد حمل بعضهم صور أقارب علّ المحررين يتعرفون إليهم. وتعطي روسيا معلومات قليلة جداً عن مصير الأسرى الأوكرانيين وتحمل كل عملية تبادل مفاجآت، وفق ما قال مسؤول أوكراني رفيع المستوى لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم الكشف عن هويته، وأضاف "تتضمن كل عملية تبادل أشخاص لم نسمع عنهم شيئاً. يعيدون أحياناً أشخاصاً كانوا على قائمة المفقودين أو الذين اعتبروا في عداد القتلى". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) روسيا تعمل على مسودة اتفاق سلام سياسياً قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الجمعة إن بلاده ستكون مستعدة لتسليم أوكرانيا مسودة وثيقة تحدد شروط موسكو لإبرام اتفاق سلام طويل الأمد بمجرد الانتهاء من عملية تبادل الأسرى الجارية. وأضاف لافروف في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الروسية أن موسكو ملتزمة بالعمل على التوصل إلى تسوية سلمية للحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات مع كييف. كما اتهم أوكرانيا بشن هجمات بطائرات مسيرة على مدى أيام عدة على أهداف روسية، مما أسفر عن سقوط قتلى وتعطيل حركة الملاحة الجوية. وأشار إلى أن دولاً أوروبية شجعت كييف على شن هذه الهجمات لتقويض جهود السلام التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقال لافروف "نحن ملتزمون التوصل إلى تسوية سلمية ومنفتحون دائماً على المحادثات، واسمحوا لي أن أؤكد التزامنا الاتفاقات التي جرى التوصل إليها أخيراً في إسطنبول". وأضاف "نعمل بنشاط على الجزء الثاني من الاتفاقات، والذي ينص على قيام كل جانب بإعداد مسودة وثيقة تحدد الشروط اللازمة للتوصل إلى اتفاق موثوق وطويل الأمد في شأن التسوية". وتابع "بمجرد الانتهاء من تبادل أسرى الحرب، سنكون مستعدين لتسليم الجانب الأوكراني مسودة هذه الوثيقة التي يعمل الجانب الروسي الآن على استكمالها". وقال لافروف إن زيادة الهجمات الأوكرانية بطائرات مسيرة هي "نتيجة مباشرة" للدعم الذي قدمته دول بالاتحاد الأوروبي لأوكرانيا التي زار قادتها كييف خلال الأيام القليلة الماضية. وأضاف المسؤول الروسي في إشارة إلى الدول الأوروبية "نحن على يقين من أنهم سيحاسبون على نصيبهم من المسؤولية عن هذه الجرائم". وتابع "من الواضح أن هذه محاولة لعرقلة محادثات السلام وتقويض التقدم المحرز في إسطنبول عقب الاتفاقات بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة، وسنواصل هذا العمل مهما كانت الاستفزازات". وكانت وزارة الخارجية الروسية توعدت في وقت سابق بالرد على الهجمات. تحطم هليكوبتر في أوريول الروسية من ناحية أخرى ذكرت وكالة "تاس" الروسية للأنباء نقلاً عن المنطقة العسكرية في موسكو أن طائرة هليكوبتر تحطمت أمس الجمعة قرب بلدة ناريشكينو في منطقة أوريول الروسية، مما أسفر عن مصرع طاقمها. وأضافت الوكالة أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سبب تحطم الطائرة هو خلل فني. وقال حاكم منطقة أوريول أندريه كليتشكوف عبر قناته على "تيليغرام" إن الحادثة لم تسفر عن وقوع قتلى أو مصابين بين السكان المحليين، وإن فرق الإطفاء تعمل في مكان الحادثة.


Independent عربية
منذ 11 ساعات
- Independent عربية
إسرائيل تعيد سجن أسرى سابقين أفرجت عنهم في صفقة التبادل الأخيرة
بعد 105 أيام على إفراجها عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس" بداية العام الحالي أعادت إسرائيل اعتقال الفلسطيني وائل الجاغوب، ليضاف إلى نحو 20 فلسطينياً أعادت السلطات الإسرائيلية اعتقالهم بعد تحريرهم ضمن تلك الصفقة. وبموجب تلك الصفقة التي جرت خلال يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين أفرجت إسرائيل عن 1777 فلسطينياً، مقابل إطلاق الفصائل الفلسطينيية سراح 33 أسيراً إسرائيلياً بينهم 25 أحياء وثمانية جثامين. وخلال صفقة التبادل أبعدت إسرائيل 189 أسيراً محرراً إلى خارج الأراضي الفلسطينية، كذلك فإن 285 من الأسرى المفرج عنهم محكومون بالسجن المؤبد، إلى جانب 1046 أسيراً من قطاع غزة. وكان الجاغوب يقضي حكماً بالسجن المؤبد قبل الإفراج عنه، قبل أن تعيد القوات الإسرائيلية اعتقاله بداية مايو (أيار) الجاري، وتحكم عليه بالسجن ستة أشهر بموجب الاعتقال الإداري. وإلى جانب الجاغوب مددت سلطات الاحتلال اعتقال ستة سجناء آخرين وفق قانون الاعتقال الإداري، في ظل خشية الفلسطينيين من اعتقال مزيد من محرري صفقة التبادل الأخيرة. وتمارس إسرائيل سياسة الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين، لكن من دون توجيه تهم أو محاكمة، ويمكن تجديد أمر الاعتقال فترات غير محددة، ويعتمد الاعتقال على ملف سري لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليه. واشترطت إسرائيل على الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم بموجب صفقة التبادل عدم المشاركة في أية أنشطة سياسية أو إعلامية أو التعبير عن مواقف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهددت بإعادة اعتقالهم في حال مخالفة هذه الشروط، لكن مصادر أمنية إسرائيلية أشارت إلى أن إسرائيل "تدرس إعادة توقيف بعض المفرج عنهم كوسيلة للضغط على 'حماس'"، في ظل تعثر المفاوضات. وعام 2014 أعادت إسرائيل اعتقال 77 فلسطينياً بعد ثلاثة أعوام على الإفراج عنهم ضمن صفقة شاليط بعدما خطف مسلحون فلسطينيون ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل في تلك السنة. واعتبر رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبدالله الزغاري أن إعادة اعتقال الأسرى المحررين تأتي "في ظل استمرار ملاحقتهم"، مضيفاً أن "الغالبية العظمى من بين أكثر من 17 ألف فلسطيني اعتقلتهم إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة كانوا أسرى سابقين". وبحسب زغاري فإن "إعادة اعتقال هؤلاء الأسرى المحررين تُعتبر خرقاً لصفقات التبادل التي تتم برعاية عربية وأميركية". وأضاف أن "هذه الصفقات يجب أن تتضمن بنوداً واضحة تمنع إسرائيل من إعادة اعتقال الأسرى المحررين بقضاياهم السابقة". وأوضح أن إعادة الاعتقال "تتم وفق قانون الاعتقال الإداري الذي لا يتطلب توجيه تهم أو محاكمة"، واصفاً ذلك الاعتقال بأنه "تعسفي، ويأتي ضمن سياسة عقابية انتقامية". ووفق الزغاري فإن "إسرائيل أصدرت أكثر من 11 ألف أمر اعتقال إداري أو تجديد اعتقال منذ بداية الحرب في 2023، ويوجد حالياً 3500 فلسطيني في سجون الاحتلال بموجب قانون الاعتقال الإداري". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) من ناحية ثانية رأى الباحث في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور أن "إسرائيل أفرجت مُجبرة عن مئات الفلسطينيين في صفقة التبادل الأخيرة"، وأوضح أن تل أبيب "تبحث عن أي مبرر للتراجع عن الإفراج عمن أطلقت سراحهم، إذ أبعدت مَن أبعدت إلى الخارج، وأبقت مَن أبقته في فلسطين كي يكون تحت سيطرتها". وبحسب منصور فإن السلطات الإسرائيلية "تستغل أية فرصة للتراجع عن صفقة التبادل، وتريد إفراغها من مضمونها". وتابع منصور أن تلك السياسة الإسرائيلية "تضع عقبات أمام الصفقات المقبلة، وذلك لأنها تشكل عامل إحباط للمفاوض الذي دفع ثمن الصفقة، ويفاجأ بأنها تُفرَّغ من مضمونها". واعتبر المتخصص في شؤون الحركة الأسيرة حسن عبد ربه أن إعادة إسرائيل اعتقال عدد من الأسرى الذين أفرجت عنهم بموجب صفقة التبادل الأخيرة "يعيد إلى الأذهان ما حصل مع إعادتها اعتقال أكثر من 77 من محرري صفقة شاليط". وأشار إلى أن ذلك "أمر مقلق، يتطلب من الأطراف الراعية توفير الضمانات الواضحة بعدم التعرض لمن أفرج عنهم ما داموا لم يقوموا بأي نشاط مخالف لعملية إطلاق سراحهم". وأكد عبد ربه أن "صفقة التبادل منعت إعادة اعتقال المُفرج عنه على خلفية التهم التي حوكم وفقها". ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف أسير، لكن تلك الحصيلة لا تشمل كل الأسرى من قطاع غزة، بخاصة من يُحتجزون في معسكرات تابعة للجيش الإسرائيلي. وخلال الاعتقال والإخفاء القسري، قُتل أكثر من 70 أسيراً بينهم 44 معتقلاً من غزة منذ بداية الحرب الحالية، فيما ارتفع عدد من قُتل خلال الأسر منذ عام 1967 إلى 307 أشخاص، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية.