
الأسير خندقجي يحطم ب"سادن المحرقة" السردية الصهيونية
راوية الأسير الشاعر والروائي باسم خندقجي "سادنُ المحرقة" الصادرة عام 2024 عن دار الآداب/ بيروت، تعتبر الجزء الثاني من روايته السابقة "قناع بلون السماء".
تدور أحداث الرواية بين صِراع الهويّات والبحث عن السردية الفلسطينية لبلورة الهويّة في الحقّ التاريخي للشعب الفلسطيني، وتفكيك المجتمع الصهيوني الاستعماري لفلسطين، حيث تدور التفاصيل عن شخصيّة "أور شابيرا" الجندي الإشكنازي ـــــ أي اليهودي الأصل ـــــ الآتي من ألمانيا والمستوطن لأرض فلسطين، وهو ابن جندي وحفيد جندي، ومن عائلة ناجية من المحرقة النازية في ألمانيا، أخوهُ أيضاً، جنديٌّ إسرائيليٌّ قتل في أحد مخيمات رام الله واسمه "جدعون". فأور شابيرا يظهر في الرواية بأنّهُ يُعاني من مرضٍ نفسيٍّ يسمّى: "بوست تروما" عوارض ما بعد الصدمة من حرب لبنان تمّوز 2006 مع حزب الله، ومن حرب 2008 مع المقاومة الفلسطينية في غزة، ويتلقّى العلاج والمتابعة مع طبيبته الصهيونية "هداس" التي يتردّد على عيادتها مراراً.
ويبدأ صِراع الهويّات بين " أور" العبري و"أور الآخر" أي هو نور الشهدي ـــــ الاسم العربي من أور ـــــ الاسم العبري، حيث في الرواية السابقة "قناع بلون السماء" يعثر نور الشهدي الفلسطيني العربي على هوية إسرائيلية باسم "أور شابيرا" في جيب معطف يشتريه من محلّ لبيع الثياب المستعملة، ويكمل باسم خندقجي صِراع الهويّات هنا بين هويّة نور وأور شابيرا، أي بين أصحاب الهويّة الحقيقية وبين أصحاب الهوية المصطنعة، وبالطبع "سادنُ المحرقة" فكلمة "سادن" تعني: "حارس"، يتضح أنّ الجندي الإشكنازي "أور شابيرا" هو سادن المحرقة الذي يعيش اضرابات وكوابيس نفسية، ولا سيما عندما يدور الحوار بينه وبين نور الشهدي حول ضحايا المحرقة من جهة وضحايا النكبة عام 1948 من جهةٍ أخرى.
ولا يكفُّ الروائي الأسير باسم خندقجي عن النبش بالسردية الفلسطينية الحقيقية لإظهار الحقّ الفلسطيني أمام المستعمر الصهيوني، من خلال معلمة اللغة العربية الخاصة لأور شابيرا وهي "مريم فاطم"، فلسطينية من يافا، يأخذ أور دروساً في اللغة العربية معها، وتعلّمهُ المقالات المكتوبة بالعبرية وكيفيّة نقلها إلى اللغة العربية، حيث تشير المعلمة "مريم" ـــــ وهي رمزية هنا لمريم المجدلية ـــــ إلى المناطق باللغة العربية أمام أور شابيرا، حيث تقول لهُ: "دير ياسين" فيقول لها: أعرفها باسم "جفعات شاؤول"، ويقول: "تل أبيب" فتردّ عليه تقصد "يافا"، وتدخل معهُ في صِراع المصطلحات من: مقاومين أو مخرّبين بالنسبة له، وهنا تكمن الصورة الأصلية من المحتل، وحتى حين تتدخّل مريم فاطم معلمة اللغة العربية بين أور شابيرا ونور الشهدي، حيث تعمل على إظهار حقيقة نور العربي من أور اليهودي، حيث يقول أور شابيرا لنور الشهدي في محادثة إلكترونية، في صفحة 171: " تقتحم مريم خلوتنا الإلكترونية. مريم فاطم، هل تعرفها؟ هي المعلمة التي لقّنتني لغتك ولغتها. بلى، إنّها عربيّة من جماعتك، فدعنا نرَ ما تريدهُ مريم هذا المساء".
يتكلّم الراوي بلسان أور في الرواية من البداية حتى نهايتها، ويظهر ذلك في حلقات البودكاست تحت عنوان: "حكي كونيالي" التي يتكلّم فيها عن الكائن الكونياليّ الخاضع، أي حقيقة الفلسطيني القابع تحت الاحتلال والسجين تحت سياط الجلّاد الصهيوني، ويحاور فيها أور العبري نور العربي "كأنّهُ يحاور نفسهُ" يقول لهُ في الصفحتين 167 و168:
"حسناً... ما رأيك الآن بأن أستمع إلى صوتك، لكي تمنحني فرصةً للتعرّف عليك أكثر، للاستحواذ على صوتك. لديك بودكاست أسبوعيّ بعنوان: "حكي كونياليّ". ما بك أنت؟ كلُّ شيءٍ لديكَ كونياليٌّ كونياليّة؟
ألا تتقن سوى هذا المصطلح؟ ألا تحترم نفسك؟ ألا تعتقد أنّك كونياليٌّ أكثر منّي حين استعرت هويّتي؟ بلى، لا تتّهمني بالوقاحة الآن أرجوك. أنت استعرت هويّتي انتحالاً وزيفاً وقناعاً. لا تنكر هذا أرجوك".
تتميّز رواية "سادنُ المحرقة" أنّها تجاوزت روايتها، فهي عدّة روايات في رواية واحدة، لأنّها اشتغلت بشكل كبير على معنى الجذور الحقيقية والحفر في الآثار التاريخية للشعب الفلسطيني، تبدأ من الأسماء الحقيقية والهويّة القوميّة إلى التراث الأصلي حتى مريم المجدلية، وعلاقة الحجر بالإنسان وعلاقة الإنسان بالحجر، ضدّ اصطناع الأشياء وسلبها واستعمارها والسيطرة عليها، من الصعب أن يُصبح أور المصطنع ابن قمر مدينة "تل أبيب" المصطنعة ذات الحجر المصطنع. على أور الجندي الإسرائيلي أن يكسر مرآته، وهو الذي لا يستطيع التعافي من مرضه النفسي "بوست تروما"، لأنّ ذاكرته وذاكرة أجداده "سوزانا" وغيرها..، مليئة بالدماء والمجازر والمحرقة، فهل بإبادة أهل الأرض الأصليين تستطيعون بناء سماء لكم؟
وهناك الكثير من الأسئلة التي تطرحها الرواية عند قراءتها، ولا سيما حين يتذكّر أور رواية "باب الشمس" للروائي اللبناني الراحل الياس خوري التي علّمتهُ منها اللغة العربية "مريم فاطم"، يقولُ أتذكّر خاتمتها: " أقف: المطر حبالٌ تمتدّ من السماء إلى الأرض، قدماي تغرقان في الوحل، أمدُّ يدي، أمسك بحبال المطر، وأمشي وأمشي وأمشي".
ويستمرّ الصِراع السردي بين أور وأور الآخر، نور الشهدي، لكنّهُ لا يلتقيه، حتى عند الموعد الذي كان مرتقباً في حفل توقيع الرواية، كأنّ هناك حاجزاً بين لقائه بنور، حيث في خاتمة الرواية يقولُ لمريم: "قولي لنور الشهدي إنّنا سنلتقي يوماً ما. ربّما بعدما أن أدفن أبي". ويظهر والدهُ الضابط في لواء المظلّلين الذي يتلقّى العلاج في العناية الفائقة في مستشفى "تل أبيب"، وهنا المقصود في الخاتمة ربّما، حين يولد أور الجديد ويدفن ذاكرته سيلتقي بمرآته "نور الحقيقي".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 2 أيام
- الميادين
المزيد من نجوم هوليوود ينضمون إلى رسالة احتجاج على الإبادة في غزة
أكد منظمو "مهرجان كان السينمائي"، اليوم الجمعة، أن نجوم هوليوود، خواكين فينيكس، وبيدرو باسكال، وريز أحمد، وجييرمو ديل تورو، أضافوا أسماءهم إلى رسالة تدين صمت صناعة السينما إزاء ما وصفوه بـ"الإبادة الجماعية" في غزة. كما نددت العريضة، التي وقّع عليها أكثر من 370 ممثلاً ومخرجاً سينمائياً، بقتل "إسرائيل" لفاطمة حسونة، المصورة الصحافية الشابة من غزة التي ظهرت في الفيلم الوثائقي "ضع روحك في يدك وامشِ"، الذي عُرض لأول مرة في "مهرجان كان السينمائي"، أمس الخميس. وقال الموقعون على الرسالة إن الممثلة الفرنسية، جولييت بينوش، التي ترأس لجنة التحكيم في المهرجان، أضافت اسمها أيضاً إلى الرسالة إلى جانب روني مارا، والمخرج الأميركي المستقل، جيم جارموش، ونجم فيلم "لوبين"، عمر سي. وقال نجم فيلم "قائمة شندلر"، رالف فاينز، وكذلك ريتشارد غير، ومارك رافالو، وجاي بيرس، وسوزان ساراندون، وخافيير بارديم، والمخرجون ديفيد كروننبرغ، وبيدرو ألمودوفار، وألفونسو كوارون، ومايك لي، إنهم "يخجلون" من فشل صناعتهم في التحدث عن حصار "إسرائيل" لقطاع غزة في الرسالة الأصلية. ويعد مايكل مور مخرج فيلمي "سيكو" و"بولينغ فور كولومبين"، والممثل الفرنسي، كاميل كوتين، بطل فيلم "كول ماي إيجنت" من بين الشخصيات الأخرى في صناعة الترفيه التي أضافت أسماءها إلى الرسالة منذ يوم الثلاثاء.


الميادين
منذ 2 أيام
- الميادين
"مهرجان كان السينمائي" يؤبن الصحافية الفلسطينية فاطمة حسونة
أبّنت أوساط السينما في "مهرجان كان السينمائي"، مساء أمس الخميس، الصحافية الفلسطينية، فاطمة حسونة (25 عاماً)، واحتشد الجمهور في دور العرض لمشاهدة الفيلم الوثائقي "ضع روحك على كفك وامشِ" الذي يتناول حياة حسونة في غزة. وقالت مخرجة الفيلم، الإيرانية سبيده فارسي، قبل العرض في منتجع الريفييرا الفرنسي، إن الصحافية الفلسطينية "اعتادت قول إن هذا سيمرّ". وتحشرج صوت فارسي وهي تقول: "وسيمرّ. إنها ليست هنا لكنها حاضرة رغم ذلك، لم يستطيعوا هزيمتها"، مضيفة أن حسونة "كانت عازمة على المجيء إلى المهرجان لمشاهدة الفيلم الوثائقي رغم الصعوبات التي يفرضها الحصار الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن الصحافية الشهيدة "كانت "تتوهج فرحاً في اليوم الذي علمت فيه باختيار الفيلم"، لكن في اليوم التالي، استشهدت حسونة في غارة جوية إسرائيلية على منزلها. ودفع استشهاد حسونة المهرجان إلى إصدار بيان يؤبنها كواحدة من "ضحايا العنف الكثيرين" في المنطقة. وقال المهرجان الشهر الماضي إنه: "على الرغم من أن الفيلم شيء صغير في مواجهة مثل هذه المأساة"، فإن عرضه كجزء من برنامج الأفلام المستقلة في "مهرجان كان السينمائي" سيكون وسيلة لتكريم الصحافية. ويتزامن عرض الفيلم مع ذكرى النكبة عام 1948. وقالت فارسي إنها ستبذل كل ما في وسعها لنشر الفيلم وعرض صور حسونة التي توثق الحياة في غزة وسط حرب الإبادة الإسرائيلية، وذكرت أن "الذين أرادوا أن يتجاهلوا الواقع ربما سيصطدمون الآن ببساطتها وقوتها". وأضافت فارسي أنها تلقت هذا الأسبوع تقريراً من منظمة "فورنسيك أركيتكتشر" البحثية ومقرها لندن توصل إلى أن حسونة كانت مستهدفة. وقالت فارسي "من الصعب تصديق ذلك، إنه أشبه بالخيال العلمي". وأضافت "ما يريده كثير من الناس هو أن تتوقف هذه الحرب وألا يُستهدف السكان المدنيون بهذا الشكل الوحشي".

المركزية
منذ 3 أيام
- المركزية
مختار المصيطبة لن يتخلى عن الغناء!
حمل المغني اللبناني أحمد دوغان لقب «مختار»، بعد فوزه في الانتخابات المحلية التي جرت في العاصمة اللبنانية بيروت، الأحد، وترشح فيها عن المقعد الاختياري في منطقة المصيطبة. ودوغان الذي يتحدر من مدينة بيروت، وصعد نجمه في التسعينات وعُرف بلقب «العندليب الأشقر» تيمناً بالفنان الراحل عبد الحليم حافظ، ترشح للانتخابات المحلية بعد والده وشقيقه اللذين شغلا الموقع في المنطقة. ويشير دوغان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه ترشح «لأن كل الناس تترحم على الوالد وعلى خدماته وقربه من الناس، ووجدت أن هذا الإرث ورسالة العائلة والتزامها تجاه الناس وخدمتهم، يجب أن يستمر»، مضيفاً أنه بناءً على «طلب المحبين، ترشحت للحفاظ على هذا الإرث ومواصلة ما بدأه الوالد وشقيقي اللذان كانا في هذا الموقع». والمختار، عُرفاً، هو ممثل المواطنين في منطقة محددة، وهمزة الوصل بينهم وبين الجهات الرسمية، ويتمتع بموثوقية لدى الدولة التي تعتمد ختمه وتوقيعه للتعريف بالأشخاص ومواقع سكنهم، ولإثبات هوياتهم. وحسب القانون اللبناني، يمنح المختار المواطنين شهادات للحصول على وثائق السفر، ويمكنه القيام بمهام مثل تسجيل الولادات والوفيات، وإصدار بطاقات الهوية وإجراء عقود محددة والتصديق على التواقيع وغيرها من المهام التي تجعل من المختار ممثلاً محلياً يعالج القضايا الإدارية اليومية للسكان في المحلة الواقعة تحت نطاق مهمته. ويؤكد دوغان لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقع «هو خدماتي»، مشدداً على أن محبة الناس أوصلته إلى تحقيق هذا الفوز. لكنه لن يتخلى عن حرفته الأولى، وهي الفن، ويؤكد أنه مستمر في الغناء، مشيراً إلى خطط وأفكار بدأ بوضعها لتوظيف الفن لخدمة الناس. ويضيف: «لن أتوقف عن الفن، لأنه رسالتي في الحياة»، لافتاً إلى «وجود شبه بين المخترة والفن، وهو خدمة الناس من وجوه مختلفة». ودوغان، شارك في استوديو الفن في عام 1980، وبدأ نجمه بالصعود خصوصاً في التسعينات، وحمل لقب «العندليب الأشقر» لتأثره بأغاني الراحل عبد الحليم حافظ، وأنتج عشرات الأغنيات الخاصة التي باتت معروفة في لبنان والعالم العربي. ولم ينقطع دوغان عن الغناء خلال السنوات الماضية، ولو أنه خفّف من الإنتاجات الغنائية الخاصة بين عامي 2014 و2020، قبل أن يعود بألبوم جديد في عام 2021، كما واصل نشاطه الفني من خلال إحياء الحفلات والمهرجانات والفعاليات الفنية. وليس مألوفاً في لبنان إلى حدّ كبير، ترشح الفنانين المشهورين لمواقع محلية، سواء في البلديات أو المخاتير، خلافاً لمشاركة بعض الفنانين خلال السنوات الماضية في الانتخابات النيابية، لكنّ معايير محلية وعائلية، مثل «خدمة الناس» و«تأمين استمرارية الإرث العائلي والحفاظ عليه» قد تسهم في الدفع نحو ترشيحات مماثلة، وهو ما ينطبق على ترشيح دوغان، ثم وصوله. ويُنتخب المختار مباشرةً من سكان المحلة ضمن انتخابات محلية عادةً ما تنظّمها السلطات اللبنانية لاختيار المجالس البلدية والمختارين، وتبلغ ولاية المختار القانونية 6 سنوات، ولا يقيِّد القانون سنوات خدمته، إذ يمكن له أن يترشح للمنصب ما دام يستوفي الشروط القانونية. وتنص المادة 22 من قانون المخاتير والمجالس الاختيارية على أن المختار وأعضاء مجلس الاختيارية «يعملون على ما فيه خير القرية (أو المحلة) وتسهيل أمور أهاليها».