logo
هل يمكن أن يكون الشعور بالوحدة مفيداً؟ #عاجل

هل يمكن أن يكون الشعور بالوحدة مفيداً؟ #عاجل

سيدر نيوز٢١-٠٣-٢٠٢٥

توصف الوحدة بأنها تهديد مُدمر للصحة، لدرجة أنها تُعادل تدخين 15 سيجارة يومياً.
ولكن في الوقت نفسه، يشكّل التواصل المستمر والكثيف إرهاقاً للبعض منا، إذ لم نكن يوماً متقاربين من بعضنا البعض بالقدر الذي نحن عليه اليوم، حيث نتلقى مئات الرسائل يومياً عبر هواتفنا الذكية، ما يدفع الكثيرين للبحث عن الهدوء.
فهل من الممكن إذاً إيجاد هذا التوازن؟ سألت بي بي سي خبراء الصحة عن رأيهم.
هل هناك فرق بين العزلة والوحدة؟
على الرغم من أنها الشعور بالوحدة هو مشكلة قديمة، إلا أن هذه المشاعر أصبحت أصعب للملايين من الناس خلال فترات الإغلاق والتباعد الاجتماعي الإلزامي بسبب فيروس كورونا، عندما بقي الكثيرون لوحدهم في منازلهم لفترات طويلة.
تقول أندريا ويغفيلد، مديرة مركز دراسات الوحدة في جامعة شيفيلد هالام بالمملكة المتحدة، إن الوحدة 'شعور ذاتي مؤلم' ينشأ عندما يكون 'عدد علاقاتك الاجتماعية أقل مما تطمح له'.
لكن الوحدة تظهر أيضاً عندما تشعر أن نوعية علاقاتك الشخصية أسوأ مما ترغب به، وفق ما يقوله خبراء، أو إذا قارنت علاقاتك بعلاقات أقرانك، ووجدت بأن روابط الصداقة التي تملكها أضعف من الآخرين، فهذا يحيلك بسهولة للشعور بالوحدة.
ومع أن الشخص المنعزل عن الآخرين قد يشعر بالوحدة أكثر من غيره، إلا أنه من الممكن أن يشعر الفرد بالوحدة وهو محاط بعدد كبير من الناس.
فأن الإحساس بأنك غريب عن المكان والوسط الذي تتواجد به، ولا تنتمي لهما، أو أن علاقاتك مع الآخرين ليست بالقوة التي ترغبها، يمكن أن تؤدي بك بسرعة إلى تلك المشاعر المؤلمة، وهي الوحدة، تقول ويغفيلد.
في بعض اللغات، قد تكون لكلمتي الوحدة والعزلة ذات المعنى، لكنهما في الحقيقة كلمتين متناقضتين، فالعزلة هي حالة مؤقتة من الممكن أن تمنحك بعض الهدوء المستحب، الذي قد تستمتع به!
وقد تكون العزلة هي فترة تقضيها بمفردك جسديا دون التفاعل مع أي شخص على وسائل التواصل الاجتماعي، كما توضح ثوي-في نغوين، الباحثة الرئيسية في مختبر العزلة والأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة دورهام في المملكة المتحدة.
كيف يؤثر الشعور بالوحدة على جسدك؟
الوحدة ضارة جدا بالصحة، فقد كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كامبريدج عن ارتباط الوحدة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري من النوع الثاني وزيادة قابلية الإصابة بالعدوى.
تقول ويغفيلد إن هناك أدلة متزايدة على أن الوحدة يمكن أن تؤدي إلى الخرف والاكتئاب والقلق وزيادة خطر الوفاة بشكل عام.
لم يتضح بعد السبب وراء هذا التأثير للوحدة على الصحة الجسدية، يعتقد الأطباء أن الرابط قد يعود إلى زيادة الشعور بالضغط والتوتر ونقص التحفيز المعرفي نتيجة الانعزال، ما يؤدي بدوره إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية.
تُقدر منظمة الصحة العالمية أن من كل أربعة مسنين هناك شخص واحد يعاني من عزلة اجتماعية، بينما يواجه ما بين 5 إلى 15% من المراهقين مشاعر الوحدة.
وبعيدًا عن العمر، توجد أيضاً مجموعات معينة معرضة لخطر متزايد من الشعور بالوحدة أكثر من غيرها، مثل المهاجرين، والأقليات العرقية، وطالبي اللجوء، والأشخاص من مجتمع الميم، والمسؤولين عن رعاية المرضى والمعاقين، والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أخرى.
كيف يمكنك التغلب على الوحدة؟
في السنوات الأخيرة، أطلقت حكومات عديدة مبادرات للتصدي لوباء الوحدة، الذي أصبح أحد أبرز القضايا التي يتم إدراجها على جداول الأعمال السياسية للحكومات، في ظل ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية، والضمان الاجتماعي، والاقتصاد بشكل عام.
تُظهر الأبحاث أن التطوع يُمكن أن يكون استراتيجية وقائية فعالة، ففي هونغ كونغ، أكدت تجربة أجريت على 375 متطوعاً مجتمعياً أن استغلال أوقات الفراغ من أجل قضية تؤمن بها يُمكن أن يُخفف من الشعور بالوحدة، وخاصة لدى كبار السن.
في الوقت نفسه، تتبع أستراليا وهولندا نهجاً مختلفاً، حيث تستثمران بدلاً من ذلك في مبادرة للعيش المشترك بين الأجيال، إذ يتم تشجيع الأجيال الأكبر سناً والأصغر سناً على قضاء الوقت معاً في أماكن مشتركة مثل المراكز المجتمعية أو المجمعات السكنية ذات الساحات المشتركة.
و في بريطانيا يستخدم الأطباء ما يعرف ب 'الوصفات الطبية الاجتماعية'، حيث يُحيل الأطباء المرضى الذين يشتبهون في عزلتهم الشديدة إلى خدمات تتضمن التواصل بين الناس، بدلًا من وصف الأدوية.
ويشرح هولان ليانغ، طبيب نفس الأطفال والمراهقين، أن الحل الأمثل يكمن في بناء مجتمعات متسامحة ومتعاونة، يشعر الأفراد فيها بمكانتهم، ويحلمون بأهدافٍ يسعون لتحقيقها.
يقول ليانغ، مؤلف كتاب 'الشعور بالانتماء': 'إن الاطمئنان على الآخرين، وتعزيز اللطف والتعاون بين الناس يُساعد على الوقاية من الوحدة'.
أما على المستوى الفردي، فإن تحقيق الرضا الذاتي، وتحسين جودة علاقاتنا بأصدقائنا تساعد في الابتعاد عن الوحدة، وفق ما يقوله خبراء لبي بي سي، محذرين من أن علامات مثل الشعور المستمر بالحزن وقلة الرغبة في الاختلاط بالآخرين أو مغادرة المنزل، قد تشكل مؤشراً على بداية شعورنا بالوحدة.
وقد تشمل العلامات التحذيرية أيضاً شعور الشخص بأنه منفصل عن الآخرين، أو حتى عن المكان والمساحات التي يتواجد بها.
هل للعزلة وصمة عار؟
تؤكد البروفيسورة نغوين أن البشر، ككائنات اجتماعية، يعتمدون على شبكة اجتماعية متماسكة تلتزم بقواعد معينة للبقاء.
ومن هذا المنطلق، تقول: 'نميل إلى التركيز على أهمية التفاعل الاجتماعية وأن نبقى سوياً مع بعضنا، وبهذا المعنى، تُعتبر العزلة وصمة عار'، على الرغم من ذلك، تساعد العزلة بشكل مباشر في 'تهدئتنا'.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة ريدينغ في المملكة المتحدة أن لحظات العزلة يمكن أن تجلب فوائد على الصحة النفسية. تابع الباحثون 178 شخصاً بالغاً لمدة تصل إلى 21 يوما، خلال هذه الفترة، كان على المشاركين ملء مذكرات واستبيانات لقياس مستوى توترهم، ورضاهم عن الحياة، واستقلاليتهم، وشعورهم بالوحدة.
كشفت التجربة أن قضاء ساعات أطول بمفردهم جعلهم يشعرون بانخفاض التوتر، وحرية الاختيار، والتصرف على سجيتهم، وهو ما يشير، وفقاً للباحثين، إلى أثر العزلة 'كمهدئ'.
لكنهم أيضاً، أفادوا بأنه تملكتهم مشاعر بأنهم وحيدين وانخفضت نسب الرضا عن أنفسهم.
كيف تجد لحظات ذات معنى لنفسك؟
تشير الأدلة إلى أن العزلة توفر مساحة لتنظيم المشاعر، وشعوراً بالحرية والاستقلالية، لذا، يمكن أن تكون أداة مفيدة بشكل خاص في المواقف التي نتعرض فيها لضغط نفسي أكبر، أو في يوم معين نشعر فيه بازدحام الحياة.
و يمكن أن تساعد العزلة في دعم الصحة النفسية والقدرة على الصمود أمام المشكلات، لكن في ذات الوقت، قد يكون قضاء الوقت بمفردنا مرهقا للبعض.
توصي البروفيسورة نغوين بجعل قضاء الوقت بمفردك 'عادة' منتظمة، وذلك من خلال جدولة وقت يمكنك الاستمتاع به بعيداً عن الشاشات وسائل التواصل.
وقالت'عندما يسألني الناس عن كيفية الاستفادة من العزلة، فإنني أنصح دائماً بالبدء بخطوات صغيرة، بـ 15 دقيقة فقط يوميًا'.
خلال هذه الفترة القصيرة، يمكنك تتبع مشاعرك، وما الذي تحب القيام به، ومع مرور الأيام، قم توسيع نطاق هذا الوقت من العزلة، تدريجياً.
وأضافت 'أحياناً، يرغب الناس في بدء فترة نقاهة وتقليل وقت استخدامهم للشاشات أو وسائل التواصل الاجتماعي لأيام، قد يُسبب هذا شعوراً بعدم الراحة، وقد لا يرغبون في تجربته مجدداً في المستقبل'.
ولكن هل هناك حد؟
كشفت بيانات جامعة ريدينغ أن الناس كانوا أكثر وحدة وأقل رضا في الأيام التي قضوا فيها ساعات أطول في عزلة، وحتى عندما كانت العزلة اختيارية، لم تقل هذه المشاعر، لأنها أصبحت تتراكم على مدار عدة أيام، لذا فإن التوازن المثالي لا يمكن قياسه بالساعات، تقول نغوين، إنما من حيث جودة الأشياء التي نفعلها في هذا الوقت.
تُشير إلى أن بعض الأبحاث تُظهر أن الشعور بالوحدة يبدأ عندما نكون بمفردنا لمدة 75٪ من ساعات يقظتنا.
وتعتقد أن 'هذا يعتمد في الواقع على مستوى كل فرد وماذا يفعل خلال هذه الدقائق من الانقطاع عن العالم؟
يقترح الخبراء إيجاد أنشطة مُحفزة تُوفر أيضاً الراحة والاسترخاء. هناك العديد من الهوايات والأنشطة المشتركة التي تتوافق مع العزلة، مثل القراءة، والبستنة، والمشي في الطبيعة، والاستماع إلى الموسيقى، والطبخ، والحرف اليدوية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'الرجال لا يبكون': كيف تؤثر التوقّعات الاجتماعية على الصحة النفسيّة؟
'الرجال لا يبكون': كيف تؤثر التوقّعات الاجتماعية على الصحة النفسيّة؟

سيدر نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • سيدر نيوز

'الرجال لا يبكون': كيف تؤثر التوقّعات الاجتماعية على الصحة النفسيّة؟

في كثير من الأسر، لا يُشجَّع الصبيان على التعبير عن مشاعرهم، وغالباً ما يكبرون على قناعة بأن الغضب هو الشعور الوحيد 'المسموح' للرجال بإظهاره، خصوصاً حين يُكرّسه الآباء كمثال يُحتذى. هذا النمط من التربية يترك أثراً طويل الأمد على الصحة النفسية والعلاقات. في مرحلة البلوغ، يُتوقّع من الرجال أن يكونوا متماسكين وألّا يُظهروا الانفعال أو الضعف. ورغم أن بعضهم بدأ يتخطى هذه الصورة، إلا أن كثيرين ما زالوا يكبتون مشاعرهم، ما يزيد من مستويات التوتر، ويؤثّر على صحتهم النفسية والجسدية. تشير مراجعة نشرت في مجلة Psychology of Men & Masculinity إلى أن التمسّك بالمعايير التقليدية للرجولة، مثل الاعتماد على الذات وتجنّب إظهار الضعف، يرتبط بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق لدى الرجال، ويقلّل من احتمالية طلبهم للمساعدة النفسية. في المقابل، لا تزال الصور النمطية حول المشاعر تتكرّر يومياً، سواء في الحياة اليومية أو عبر وسائل التواصل، ما يدفع كثيرين إلى التماهي معها خوفاً من الحكم أو الرفض، حتى على حساب توازنهم النفسي. كيف يغيّر العلاج النفسي نظرة الإنسان؟ عندما تقهرنا أفكارنا: ما الذي لا نفهمه عن الوسواس القهري؟ 'الرجال بلا مشاعر': أسطورة راسخة إحدى أكثر المغالطات شيوعاً هي الاعتقاد بأن الرجل بطبيعته أقل عاطفية أو غير قادر على الإحساس العميق. تعامل هذه الفكرة في الثقافة السائدة كأنها حقيقة بيولوجية، مدعمة بتنميطات جندرية موروثة، وكأن الرجال لا يشعرون كما تشعر النساء، والعكس صحيح أيضاً، بمعنى أن النساء تحرّكهنّ عواطفهنّ حصراً. يقول المعالج النفسي هادي أبي المنى في حديث إلى بي بي سي عربي: 'واحدة من أبرز الصور النمطية المغلوطة في مجتمعاتنا هي الاعتقاد بأنّ التعبير عن المشاعر سلوكٌ أنثويّ، وكأنّ المشاعر بطبيعتها ترتبط بالأنوثة. في المقابل، ينظر إلى كتمان المشاعر أو تحمّل الألم بصمتٍ على أنه دليل على الرجولة'. ويضيف: 'يقال كثيراً إنّ الرجال غير عاطفيّين أو غير قادرين على التعبير، كأنّ هذا أمر فطريّ. لكن الحقيقة أنّ جميع البشر، رجالًا ونساءً، يتساوون في القدرة على الشعور والتأثّر. ما يحصل هو أن الرجل يتعلّم منذ صغره ألّا يعبّر عن مشاعره بالكلام. لا تختفي هذه المشاعر، بل تتحوّل إلى صمت، أو غضب، أو انغماس في العمل'. ويوضح أنّ هذا التجنّب يمنح أحياناً راحة مؤقتة. 'استبدال الشعور الأساسي بأفعالٍ أخرى يمنع الفرد من إدراك مشاعره، والتعامل معها، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة لاحقًا'، يقول أبي المنى. 'الحديث لا يجدي نفعاً' يستقبل أبي المنى عشرات الحالات، ويخبرنا وفق تجربته، أن الأخصائيين النفسيين يلمسون تردّداً من الرجال في اللجوء إلى العلاج. يقول أبي المنى: 'من أكثر العبارات التي أسمعها من الرجال هي أنّ الحديث لا يفيد ولا يغيّر شيئاً'. لكنه يشدّد على أنّ الحديث هو جوهر العملية العلاجية. 'حين يسمّي الشخص مشكلته، يبدأ باستعادة بعض السيطرة عليها'، يقول. فالفهم والتنظيم العاطفي يساعدان في تهدئة التوتّر وتخفيف الضغط، حتى من دون حلول فورية. توافقه الرأي المعالجة النفسية جيزيل صليبا، وتضيف أنّ هذا التردّد متجذّر في صورة نمطيّة ترسّخت في الطفولة. 'الرجال الذين يلجأون إلى العلاج غالباً ما يخفون الأمر، لأنهم تربّوا على عبارات مثل: أنت رجل، عليك أن تحل مشاكلك وحدك'، تقول صليبا. 'التعبير عن التوتر أو الخوف أو البكاء، كان يُقدّم لهم كعيب لا يليق بالذكور'. واحدة من أكثر العبارات المتداولة في ثقافتنا: 'الوقت كفيل بحلّ كل شيء'. لكنها، وفق ما يؤكد أبي المنى، مغالطة خطيرة. 'تجنّب المشكلة لا يحلّها، بل يجعلها أكثر تعقيداً'، يقول. ويقارن ذلك بصحّة الأسنان: 'لا ننتظر تسوّسها لنبدأ بتنظيفها، بل نفعل ذلك كي لا تتفاقم المشكلة. كذلك الأمر مع المشكلات النفسيّة'. التدخّل المبكر، برأيه، يقلّل من حدّة الأعراض، ويمنع امتدادها إلى مجالات أخرى من حياة الفرد. الاستقلالية القاتلة يرى أبي المنى أنّ الرجال لا يطلبون المساعدة لأنّهم لم يتعلّموا أنّ هذا أمر طبيعي. ويشرح: 'الرجل الذي يطلب الدعم يُحمَّل بالعار، ويُعتبر ضعيفًا، لأنّ الرجولة مرتبطة مجتمعيّاً بالاستقلالية المطلقة'. ويضيف: 'الرجل القوي هو من لا يحتاج إلى أحد. هذه الصورة ما زالت مترسّخة في أذهاننا، وتمنع كثيرين من الاعتراف بآلامهم'. النجاح، وفق أبي المنى، لا يُقاس بالتماسك الظاهري، بل بقدرة الشخص على فهم ذاته ومشاعره والتعامل معها. وتوضح صليبا أنّ بعض الأشخاص يعتقدون أنّ عليهم أن يكونوا 'عقلانيين دائماً'، وأن يتجاهلوا الجانب الوجداني. وتقول: 'يرون أنّ المشاعر تضعفهم، وأن التعبير عنها يناقض مفهوم النجاح أو الصلابة'. 'أنت رجل… لا تبكِ' يجمع الباحثون في مجال الصحة النفسية على أن تطوّر الاضطرابات النفسية لا يحدث نتيجة عامل واحد فقط، بل نتيجة تفاعل معقّد بين ثلاثة عناصر رئيسية: الاستعداد البيولوجي، والخلفية النفسية الفردية، والعوامل الاجتماعية المحيطة، بما في ذلك التوقعات الجندرية. وفي هذا السياق، تشير المعالجة النفسية جيزيل صليبا إلى أن الضغوط الاجتماعية التي تحث الرجال على كبت مشاعرهم أو إنكارها، تزيد من خطر الإصابة باضطرابات نفسية متعدّدة، وتؤثّر أيضاً على طريقة ظهور الأعراض لديهم. وتشرح صليبا أن الاكتئاب لدى الرجال قد لا يتجلّى بالحزن أو البكاء، كما هو شائع، بل قد يظهر في صورة نوبات غضب، أو انسحاب اجتماعي، أو حتى سلوكيات متهوّرة، وهي أنماط موثقة في العديد من الدراسات. وتلفت إلى أن نسب الانتحار لدى الرجال لا تزال أعلى بكثير من النساء على مستوى العالم، وهو ما تؤكده بيانات منظمة الصحة العالمية. ففي تقاريرها المتكررة، تشير المنظمة إلى أن الرجال أكثر عرضة للوفاة بالانتحار، رغم أن النساء غالباً ما يُظهرن معدلات أعلى من محاولات الانتحار. كذلك، ترتفع نسب الإدمان على الكحول والمواد المخدّرة بين الرجال مقارنة بالنساء، وهو ما ترجعه صليبا جزئياً إلى غياب قنوات صحّية للتفريغ العاطفي، بحيث يصبح الإدمان، في بعض الحالات، وسيلة للهروب من الألم أو تخفيفه مؤقتاً. وقد أظهرت دراسات متعددة، من بينها دراسة أجراها باحثون نمساويون ، عن جود علاقة مباشرة بين كبت المشاعر، وعدم طلب الدعم، وزيادة احتمال الاعتماد على المواد المؤثّرة نفسياً. الألم النفسي لا يبقى في العقل فقط. يقول أبي المنى: 'التوتّر والكبت ينعكسان جسديًا. كثير من الأمراض مثل الروماتيزم أو الفيبروميالجيا تتفاقم بسبب الضغوط العاطفية'. وترى صليبا أنّ زيادة الآلام الجسديّة غير المفسّرة عضوياً هي مؤشر على ارتفاع مستويات التوتّر والقلق. وتشرح: 'التوتر قد يضعف المناعة، يؤثر على القلب، يسبّب اضطرابات النوم، أو الأكل، وكلّها أعراض مرتبطة بعدم القدرة على التعامل مع المشاعر'. تختم صليبا: 'جملة مثل: أنت رجل، لا تبكِ، تبدو بريئة، لكنها قد تصنع جرحاً داخلياً طويل الأمد. لا تمنع الطفل من الشعور، بل تعلّمه أن ينكر مشاعره ويخجل منها'. وتضيف: 'حين نمنعه من التعبير، لا نجعل منه رجلاً قوياً، بل نحرمه من الراحة الداخليّة التي يحتاجها ليعيش بشكلٍ متوازن'.

الأسباب الخفيّة وراء فقدان حاسة الشم!
الأسباب الخفيّة وراء فقدان حاسة الشم!

الديار

timeمنذ 2 أيام

  • الديار

الأسباب الخفيّة وراء فقدان حاسة الشم!

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تعتبر حاسة الشم من الحواس الخمس الأساسية التي تلعب دورًا كبيرًا في جودة حياة الإنسان، ليس فقط على مستوى التذوق والاستمتاع بالنكهات، بل أيضًا في الكشف عن الروائح الخطرة كالدخان أو الغاز. لكن فقدان هذه الحاسة، سواء كان جزئيًا أو كليًا، قد يكون مؤشرًا لحالة صحية عابرة أو علامة مبكرة على أمراض خطيرة تتطلب تدخّلًا طبيًا عاجلًا. يتراوح فقدان الشم بين المؤقت والدائم، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بعدة عوامل. من أبرز الأسباب الشائعة الالتهابات الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي، مثل نزلات البرد والإنفلونزا. وقد برزت عدوى فيروس كورونا كواحدة من أشهر أسباب فقدان الشم في السنوات الأخيرة، حتى بات يُعدّ أحد الأعراض المميزة له. كما تؤدي التهابات الجيوب الأنفية المزمنة، والحساسيات الأنفية، وانحراف الحاجز الأنفي، أو وجود لحميات (السلائل الأنفية)، إلى انسداد الممرات الهوائية، مما يعوق وصول جزيئات الرائحة إلى الأعصاب المسؤولة عن الشم. من جهة أخرى، يمكن أن يكون فقدان الشم ناتجًا عن إصابات في الرأس تؤثر على الأعصاب أو مراكز الشم في الدماغ، أو نتيجة لاستخدام بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية ارتفاع ضغط الدم. وفي بعض الحالات، يظهر السبب في مشاكل عصبية أعمق مثل مرض باركنسون أو ألزهايمر، مما يجعل فقدان الشم مؤشرًا مبكرًا ومهمًا لهذه الاضطرابات. هذا وتتعدد الفئات المعرضة لفقدان حاسة الشم، إلا أن كبار السن يتصدرون القائمة. فالشيخوخة تؤثر بشكل طبيعي على وظائف الأعصاب، ما يؤدي إلى تراجع حدة الشم مع الوقت. كما تُعد الفئة التي تعاني من مشكلات تنفسية مزمنة أو تحسّسات أنفية في خطر أكبر. بالإضافة إلى ذلك، فإن المرضى الذين خضعوا لعلاج إشعاعي في منطقة الرأس أو الرقبة، أو من يعانون من أمراض مناعية مزمنة، أو أولئك الذين أُصيبوا بكوفيد-19، يُصنفون ضمن الفئات التي يجب مراقبتها عن كثب. لا يقتصر فقدان حاسة الشم على البعد الفيزيولوجي، بل يتعداه إلى تأثيرات نفسية واجتماعية عميقة. فالمصاب قد يعاني من فقدان الشهية نتيجة ضعف التذوق، ما يؤدي إلى نقص الوزن وسوء التغذية. كما يمكن أن يشعر بالعزلة أو فقدان المتعة في الحياة اليومية، خاصة عند تناول الطعام أو التفاعل مع الروائح المحيطة. وقد أظهرت دراسات عدة أن فقدان الشم يرتبط بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق، لا سيما عند من يعانون من حالات مزمنة أو لا رجعة فيها. في كثير من الحالات، يكون فقدان الشم مؤقتًا ويزول مع العلاج، خاصة عند ارتباطه بالتهابات أو احتقان في الأنف. إلا أن بعض الحالات تستدعي القلق، خصوصًا إذا لم تتحسن خلال أسابيع، أو إذا رافقتها أعراض عصبية مثل ضعف الذاكرة أو اضطرابات الحركة. فقد أظهرت دراسات أن فقدان الشم قد يكون من أولى العلامات المبكرة للإصابة بمرض باركنسون أو ألزهايمر، حتى قبل ظهور الأعراض الأخرى. كما يمكن أن يكون مرتبطًا بأورام في الدماغ أو إصابات عصبية. لذلك، فإن التشخيص المبكر والمتابعة الدقيقة ضروريان لتحديد السبب الحقيقي والتعامل معه بفعالية.

تهديد يواجه منظمة الصحة العالمية
تهديد يواجه منظمة الصحة العالمية

التحري

timeمنذ 3 أيام

  • التحري

تهديد يواجه منظمة الصحة العالمية

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في جنيف يوم الاثنين، أن المنظمة تواجه عجزاً مقداره 1.7 مليار دولار في غضون العامين المقبلين. وأضاف تيدروس: 'هذا الرقم ليس كافياً وربما يعادل ما ينفق على المعدات العسكرية في جميع أنحاء العالم كل 8 ساعات'. وأكد أن منظمة الصحة العالمية خفضت هيئة الإدارة العليا من 14 إلى سبعة وظائف وعدد الإدارات من 76 إلى 34. ومن بين المغادرين مايك رايان منسق الاستجابة للطوارئ الذي اشتهر خلال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بمؤتمراته الصحفية العامة. كما سيتم تخفيض عدد الموظفين في جميع أنحاء العالم بنسبة 20٪ من نحو 9500 موظف. وطفت الأزمة المالية لمنظمة الصحة العالمية على السطح من خلال انسحاب الولايات المتحدة والأرجنتين من المنظمة الأممية التي تأسست عام 1948.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store