
الخليج العربي أم الفارسي؟ جذور الجدل حول التسمية
Getty Images
يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإعلان، خلال زيارته المرتقبة إلى السعودية الأسبوع المقبل، تبني استخدام مصطلح "الخليج العربي" أو "خليج العرب" بدلاً من "الخليج الفارسي"، بحسب ما صرّح به مسؤولان أمريكيان لوكالة "أسوشيتد برس".
التصريح أعاد الخلاف القديم حول التسمية إلى الواجهة، وحرّك الجدل من جديد في الأوساط السياسية والإعلامية، وسط مواقف متباينة بين الدول المطلة على الخليج.
ويعود أول استخدام موثق لاسم "الخليج الفارسي"، إلى كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد، وقد ظل هذا الاسم شائعاً في الخرائط الجغرافية الكلاسيكية الرومانية والبيزنطية، ثم الإسلامية، حيث أشار بعض الجغرافيين المسلمين مثل الإدريسي وابن خلدون إلى الخليج باسم "بحر فارس".
لكن في المقابل، استخدمت بعض النصوص العربية القديمة تسميات مثل "بحر البصرة" و"بحر العرب"، وفي العصر العباسي، أطلق الرحالة سليمان التاجر على المنطقة تسمية "بحر مكران" نسبة إلى الساحل الإيراني، بينما أشار المؤرخون العرب المتأخرون إلى "الخليج العربي" بشكل متزايد، خاصة بعد نشوء الممالك والإمارات العربية على سواحله الغربية.
وتزايد استخدام تعبير "الخليج العربي" في القرن العشرين، خاصة مع صعود الحركات القومية العربية، التي رأت في التسمية الفارسية دلالة على نفوذ إيراني لا يتماشى مع الواقع الجغرافي، حيث إن جميع الدول المطلة على الخليج من الجهة الغربية هي دول عربية.
وقد لعبت الصحافة العربية، لا سيما في مصر والعراق، دوراً في تكريس مصطلح "الخليج العربي" مع تصاعد التوترات السياسية مع طهران.
Reuters
ترامب ينضم إلى الراقصين بالسيوف في حفل ترحيب في قصر المربع في الرياض في 20 مايو/أيار 2017.
وفي فترة الاستعمار البريطاني لمنطقة الخليج بين القرنين التاسع عشر ومنتصف العشرين، اعتمدت السلطات البريطانية اسم "الخليج الفارسي" في الخرائط والمراسلات الرسمية، ما كرّس هذه التسمية في الأدبيات الغربية.
ومع ذلك، كانت بعض الوثائق البريطانية الداخلية تشير أحيانًا إلى "الخليج العربي" عند الحديث عن الجانب العربي من الساحل.
وتعتمد الأمم المتحدة اسم "الخليج الفارسي" في خرائطها ووثائقها الرسمية، بناءً على ما تسميه "التسمية التاريخية المعتمدة".
في عام 2006، أصدرت مجموعة الأمم المتحدة للخبراء في الأسماء الجغرافية (يو إن جي إي جي إن) مذكرة تؤكد فيها أن استخدام مصطلح "الخليج الفارسي" هو الوحيد المعترف به دوليًا، داعية وسائل الإعلام والمنظمات إلى الالتزام به.
ولم يصدر قرار يناقضها، ولم يتم تبني أي بديل رسمي، مما يعني استمرار الاعتراف باسم "الخليج الفارسي".
ويظهر في جميع الخرائط الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة – بما فيها خرائط قسم الشؤون الجغرافية التابع لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية (ديسا) – تستخدم مصطلح "الخليج الفارسي" فقط.
والأمم المتحدة لا تصدر قراراً منفرداً بـ"اعتماد" أسماء جغرافية كما تفعل بعض المؤسسات التشريعية، بل تُظهر اعتمادها من خلال الاستعمال الرسمي المستمر في وثائقها، وخلوّها من أي استخدام لتسميات بديلة غير معترف بها دولياً.
لكنها أصدرت في عام 1994 توجيهاً باستخدام المصطلح "الخليج الفارسي" في كل الحالات بدلاً من استخدام المصطلح المختصر "الخليج"، بما في ذلك عند تكرار المصطلح بعد استخدامه الأول في النص.
Getty Images
خريطة بينكرتون للجزيرة العربية والخليج العربي، جون بينكرتون، 1758-1826، عالم آثار اسكتلندي، رسام خرائط، المملكة المتحدة
وتؤكد إيران مراراً على اعتماد هذا الاسم في المحافل الدولية، وتعتبر استخدام اسم "الخليج العربي" من قبل بعض الأطراف تشويهاً متعمداً للتاريخ، بل إن وزارة الخارجية الإيرانية نظّمت حملات إعلامية وفعاليات دولية للترويج لهذا الاسم، وتُدرج في جوازات سفرها عبارة "الخليج الفارسي".
في المقابل، ترفض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات والعراق، هذه الرواية، وتؤكد على أحقية التسمية وفقاً للهوية الجغرافية والسياسية. وقد قدّمت بعض الحكومات العربية اعتراضات رسمية إلى المنظمات الدولية عند استخدام اسم "الخليج الفارسي" في المؤتمرات والخرائط.
وبينما تعتمد العديد من المنظمات الدولية التسميات التاريخية كإجراء تقني، يُلاحظ في العقود الأخيرة تزايد استخدام مصطلح "الخليج" فقط دون توصيف، كخيار دبلوماسي لتجنب الخلاف، خاصة في وسائل الإعلام الغربية.
من الجانب العربي، تستخدم السعودية، الإمارات، البحرين، الكويت، قطر، والعراق اسم "الخليج العربي" بشكل رسمي في المناهج التعليمية، البيانات الحكومية، ووسائل الإعلام. كما تصدر في الخرائط الرسمية المعتمدة من وزارات الخارجية والتعليم في هذه الدول.
أما إيران، فهي الدولة الوحيدة على الضفة الشرقية للخليج، وتتمسك باسم "الخليج الفارسي" بوصفه جزءاً من الهوية الوطنية، وقد أدرج البرلمان الإيراني قوانين تمنع استخدام أي تسمية بديلة، وتعاقب الجهات الإعلامية التي تنشر مصطلح "الخليج العربي".
ورغم استخدام الولايات المتحدة السابق لـ"الخليج الفارسي" في الخرائط الجغرافية الرسمية، أظهرت مرونة بحسب الظرف السياسي.
فقد استخدم بعض المسؤولين الأميركيين تعبير "الخليج العربي" في خطاباتهم، كما حدث في عهد الرئيس جورج بوش الأب أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991، وكذلك في بيانات رسمية لوزارة الدفاع الأميركية أثناء وجود قواتها في المنطقة.
ولا تزال تعتمد بريطانيا الاسم الفارسي تاريخياً، لكنه غالباً ما يُستبدل بتعبير "الخليج" في الخطاب الدبلوماسي والإعلامي، وتشير مصادر في الخارجية البريطانية إلى أن هذه السياسة تهدف إلى الحياد وتجنب الاصطفاف السياسي.
ويمتد الخلاف على التسمية إلى أبعاد تتجاوز المصطلحات الجغرافية، ليشمل رمزية الهوية القومية وصراع النفوذ في المنطقة.
ويرى بعض الباحثين أن استخدام "الخليج العربي" من قبل العرب يعكس محاولة لتأكيد حضورهم السياسي والثقافي في الإقليم، في مقابل النفوذ الإيراني المتنامي، أما إيران، فترى في أي تغيير للاسم محاولة لعزلها عن مجالها الحيوي، وتهديداً لهويتها التاريخية.
وبعيدًا عن الجدل السياسي، فإن لهذا الخلاف أصداءً في مجالات متعددة، ففي الإعلام، يُثار الجدل عند بث برامج أو نشر مقالات تستخدم إحدى التسميتين، كما حدث مع قناة "ناشيونال جيوغرافيك" التي نشرت خريطة في عام 2010 استخدمت فيها مصطلح "الخليج العربي"، ما دفع إيران إلى تقديم احتجاج رسمي وهددت بإيقاف توزيع المجلة داخل أراضيها.
وفي الرياضة، حدثت انسحابات من بطولات دولية بسبب استخدام مصطلحات مخالفة للمواقف الرسمية، مثل انسحاب إيران من دورة الألعاب الآسيوية للصالات المغلقة في العاصمة القطرية الدوحة عام 2005، بعد استخدام مصطلح "الخليج العربي" في المواد الترويجية.
وفي التعليم، تختلف مناهج الجغرافيا في الدول العربية والإيرانية، حيث إن كلاً منها يكرّس تسميته كحقيقة غير قابلة للنقاش، ففي إيران، يُدرَّس الاسم "الخليج الفارسي" كجزء من الهوية القومية، بينما تعتمد دول الخليج العربي اسم "الخليج العربي" في كل مناهجها الجغرافية والتاريخية، وتُخصص بعض المقررات للتأكيد على هذا الخيار.
كما يظهر النزاع في المحافل الدولية، مثل منظمة اليونسكو ومؤتمرات الملاحة، حيث يحتج الوفد الإيراني في حال تم استخدام "الخليج العربي"، ويطالب بحذفه أو تعديله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا 24
منذ 2 ساعات
- أخبار ليبيا 24
CNN: إدارة ترامب كانت ترغب في استئجار الطائرة الهدية من قطر
أخبار ليبيا 24 إدارة ترامب تواصلت مع دولة قطر بشأن شراء طائرة من طراز بوينغ 747 كشفت شبكة CNN، نقلًا عن أربعة مصادر مطلعة، أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هي من بادرت بالتواصل مع دولة قطر بشأن شراء طائرة من طراز بوينغ 747، بهدف استخدامها كطائرة رئاسية مؤقتة، في ظل تأخر تسليم الطائرات الجديدة من قبل شركة بوينغ. هذه التفاصيل تناقض بشكل واضح تصريحات ترامب التي أكد فيها أن الطائرة كانت 'هدية مجانية' من القيادة القطرية. إدارة ترامب ترغب فى استئجار الطائرة وليس شراؤها وبحسب المصادر، فإن البنتاغون هو من بدأ التواصل مع شركة بوينغ مطلع ولاية ترامب، عندما تبيّن أن تسليم الطائرات الرئاسية الجديدة سيتأخر لأكثر من عامين. وأوضحت بوينغ حينها أن لديها عملاء دوليين، بينهم قطر، يملكون طائرات يمكن الاستفادة منها. وعليه، بدأت محادثات مع الدوحة بهدف استئجار الطائرة وليس شراؤها في البداية. كُلّف ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، بالتنسيق حول هذه الصفقة، وساعد في تسهيل التواصل مع الجانب القطري. ترامب: الطائرة كانت 'مساهمة' من قطر لصالح مكتبته الرئاسية رغم ذلك، أصر ترامب علنًا على أن الطائرة كانت 'مساهمة' من قطر لصالح مكتبته الرئاسية، ما أثار تساؤلات حول دقة تصريحاته، وأدى إلى موجة اعتراض من نواب في الكونغرس، بعضهم من حزبه الجمهوري. تحذّير من صعوبة تجهيز طائرة أجنبية كما حذّر مختصون في الأمن القومي من صعوبة تجهيز طائرة أجنبية سابقة للاستخدام الرئاسي الأمريكي، مشيرين إلى التكاليف المرتفعة والمخاطر الأمنية المرتبطة بإعادة تركيب أنظمة الاتصالات والحماية. قطر: الصفقة لا تزال قيد التفاوض القانوني من جانبها، أكدت الحكومة القطرية أن الصفقة لا تزال قيد التفاوض القانوني بين وزارتي الدفاع في البلدين، وستتم فقط في حال توافرت الشروط القانونية والأمنية المناسبة.


أخبار ليبيا 24
منذ 2 ساعات
- أخبار ليبيا 24
صباح جمعة: 13 مرشحاً لرئاسة الحكومة.. وسنوجه دعوات دولية لحضور جلسة الاستماع والاختيار
بنغازي، 19 مايو – أخبار ليبيا 24 قالت مقرر مجلس النواب، صباح جمعة، إن أهم مخرجات جلسة المجلس المنعقدة أمس الإثنين تمثلت في بحث تكليف رئيس جديد للحكومة، يتولى تشكيل حكومة موحدة تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأكدت في تصريح خاص لوكالة 'أخبار ليبيا 24' أن 'المجلس قرر منح فرصة لمدة يومين إضافيين لتقديم ملفات الترشح، لمن يرغب في دخول السباق على منصب رئيس الحكومة، مشيرة إلى أن عدد المتقدمين حتى الآن بلغ 13 مرشحاً'، مؤكدةً أن 'مجلس النواب بحث خلال جلسته أمس تكليف رئيس جديد للحكومة يقوم بتشكيل حكومته ومهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية'. وأضافت 'بعد انتهاء مهلة الترشح الإضافية سيقوم مجلس النواب بدعوة المترشحين الذين قُبلت ملفاتهم للاستماع إلى برامجهم الانتخابية، تمهيداً لعقد جلسة مخصصة لاختيار رئيس الحكومة، ومن ثم تكليفه بتشكيل فريقه الوزاري وعرضه على المجلس لنيل الثقة'. ورداً على سؤال حول بيان عدد من النواب لرفض إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة أكدت جمعة أن 'بيان نواب برقة لا يهدف إلى رفض تشكيل الحكومة الجديدة، وإنما يركز على ضرورة ضمان الدعم الدولي لها ومباشرة مهامها من العاصمة طرابلس'. وختمت بالقول 'تأكيداً لمبدأ الشفافية سيقوم المجلس بتوجيه دعوات لحضور جلسة الاستماع واختيار رئيس الحكومة إلى كل من بعثة الأمم المتحدة، وبعثة الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى سفراء الدول الأجنبية والعربية لدى ليبيا'.


الساعة 24
منذ 2 ساعات
- الساعة 24
فاضل الأمين: الدبيبة يدير الحكومة بنظام المافيا وحكومته وصلت إلى نقطة الانهيار الكامل
هاجم الكاتب والمحلل السياسي الليبي فاضل الأمين، الذي أعلن عن ترشحه لرئاسة الحكومة الموحدة، عبد الحميد الدبيبة، أداء الحكومة واصفاً إياه بـ'نظام مافياوي'، محذراً من أن البلاد وصلت إلى حافة الانهيار الكامل. وقال الأمين في تصريحات لصحيفة 'تايمز أوف مالطا' إن الدبيبة 'بقي في منصبه أكثر من اللازم، في ظل حالة من السخط الشعبي المتزايد بسبب الفساد والدمار الذي لحق بالدولة الليبية'، مشيراً إلى أن الدبيبة فقد معظم حلفائه خلال العام الماضي، وبات يحاول 'التشبث بالسلطة'. وشنّ الأمين هجوماً عنيفاً على تحالفات الدبيبة، مشيراً تحديداً إلى علاقته المثيرة للجدل مع محمد الككلي، الذي وصفته وكالة 'أسوشيتد برس' في وقت سابق بـ'أمير الحرب سيئ السمعة'، واعتبر لامين أن هذه العلاقة 'جذر المشكلة' التي تُبقي رئيس الحكومة في موقعه. وفي إشارة إلى منح تأشيرة 'شنغن' للككلي من قبل حكومة الدبيبة، اعتبر لامين ذلك 'أمراً محزناً'، داعياً دولة مالطا إلى إعادة النظر في التعامل مع شخصيات غير مرغوب فيها دولياً. وحث لامين رئيس الدبيبة على التعاون مع البرلمان والأمم المتحدة للتوصل إلى ما وصفه بـ'خروج كريم' من السلطة، قبل أن تدخل ليبيا مرحلة أكثر خطورة من الانقسام والانهيار المؤسسي. وأضاف: 'الحكومة وصلت إلى نقطة اللاعودة، والانهيار الكامل'، الحل الوحيد هو الانتقال السلمي للسلطة عبر آليات دستورية واضحة، بعيداً عن الصفقات والتفاهمات الملتوية'. ويقدّم الأمين نفسه كـ'مرشح توافقي' قادر على قيادة المرحلة المقبلة، موضحاً أنه أحد 11 مرشحاً تقدموا بأوراقهم للنائب العام ضمن إطار قانوني يتيح للبرلمان اختيار رئيس الوزراء الجديد، بدلاً من تنظيم انتخابات مباشرة، وهي آلية قال إنها 'تتماشى مع الدستور الليبي وتحظى باعتراف الأمم المتحدة'. وفي تعليقه على دور الميليشيات في ليبيا، أقر الأمين بوجود 'واقع مؤلم'، يتمثل في اضطرار بعض الدول الأجنبية للتعامل مع قوى الأمر الواقع، لكنه أكد أن ذلك 'ليس عذراً، بل نتيجة لغياب الدولة الليبية'، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية جديدة لمعالجة ملف الميليشيات ومكافحة الهجرة غير الشرعية.