
ما هي الخطة توبوليف النووية التي يعدها بوتين لتدمير أوكرانيا؟
في تصريح للرئيس الأميركي السابق جو بايدن في أكتوبر/تشرين الأول 2022 قال: "لم نواجه احتمال وقوع كارثة هائلة من هذا النوع منذ عهد كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية ، إنه (بوتين) لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية أو الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية، لأن أداء جيشه، ضعيف للغاية".
جاء هذا التصريح في سياق مخاوف غربية واضحة من استخدام الروس للسلاح النووي خلال الحرب مع أوكرانيا، ولذلك كان دعم حلف الناتو لأوكرانيا محسوبا خطوة بخطوة، بهدف واحد وهو عدم استثارة الروس لأي رد فعل نووي.
لكن الأمر لا يقف عند حد الحرب الأوكرانية، فقد كان السلاح النووي طوال الوقت أهم وسيلة للتفاوض لدى الروس.
تاريخ طويل للخوف
لفهم أعمق لتلك النقطة يمكن أن نتأمل وثيقة من 6 صفحات نشرتها الحكومة الروسية في الثاني من يونيو/حزيران 2020 تحدد منظورها بشأن الردع النووي، وعنونت رسميا المبادئ الأساسية لسياسة الدولة للاتحاد الروسي بشأن الردع النووي، وفيها يعتبر التهديد الروسي بالتصعيد النووي أو الاستخدام الفعلي الأول للأسلحة النووية هو سلوك من شأنه أن يؤدي إلى "خفض تصعيد" النزاع بشروط تخدم روسيا.
لكن في هذا السياق، تعتبر روسيا الأسلحة النووية وسيلة للردع حصرا، وتضع مجموعة من الشروط التي توضح تلك النقطة، فيكون الحق في استخدام الأسلحة النووية ردا على استخدام الأسلحة النووية أو أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها، أو هجوم من قبل الخصم على المواقع الحكومية أو العسكرية الحساسة في الاتحاد الروسي، والذي من شأنه أن يقوض أعمال رد القوات النووية، أو العدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية عندما يكون وجود الدولة نفسه في خطر.
على الرغم من أن هذا يعد تخفيفا لسياسة روسيا النووية المتعلقة بالردع، إلا أنه لا يزال مراوغا ويمكن أن تستخدم أي من تلك الشروط لتعني أي شيء على الأرض.
في الواقع، يرى العديد من المحللين والعلماء في هذا النطاق -من الجانب الأميركي والأوروبي- أن روسيا -ومن قبلها الاتحاد السوفياتي – طالما اتبعت عقيدة تدمج الأسلحة النووية في التدريبات العسكرية الخاصة بها، ما يشير إلى أنها قد تعتمد بشكل أكبر على الأسلحة النووية، يظهر هذا بوضوح في تقارير تقول إن التدريبات العسكرية لروسيا بدت كأنها تحاكي استخدام الأسلحة النووية ضد أعضاء الناتو.
لهذه العقيدة تاريخ طويل متعلق بأن السلاح النووي هو أفضل الطرق في حالات الضعف، فحينما تراجع الاتحاد السوفياتي سياسيا وعسكريا خلال الحرب الباردة ، ثم مع انهياره، كان الضامن الوحيد بالنسبة للروس هو السلاح النووي، بحيث يمثل أداة ردع رئيسة.
لكن إلى جانب كل ما سبق، هناك سبب إضافي أهم يدفع بعض المحللين للاعتقاد أن روسيا تضع استخدام السلاح النووي في منطقة الإمكانية، وهو متعلق بتحديث سريع وكثيف للترسانة النووية.
الثالوث النووي
أجرى الاتحاد السوفياتي أول تجربة تفجيرية نووية في 29 أغسطس/آب 1949، أي بعد 4 سنوات من استخدام الولايات المتحدة للقنبلة الذرية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية ، اختبر الاتحاد السوفياتي نسخته الأولى من القنبلة النووية الحرارية عام 1953، ومنذ ذلك الحين نما المخزون السوفياتي من الرؤوس الحربية النووية بسرعة، بشكل خاص خلال الستينيات والسبعينيات وبلغ ذروته عام 1986 بحوالي 40 ألف رأس حربي نووي.
بحلول الستينيات، كانت روسيا قد طورت ثالوثا من القوات النووية مثل الولايات المتحدة الأميركية: الصواريخ الباليستية العابرة للقارات "آي سي بي إم إس" (ICBMs)، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات "إس إل بي إم إس" (SLBMs)، والقاذفات الثقيلة المجهزة بأسلحة نووية. وتسمى هذه المجموعة من أدوات الحرب بالأسلحة النووية الإستراتيجية، أي تلك التي تتمكن من الضرب على عدو يبتعد عن الدولة مسافة كبيرة (الضرب عن بعد).
على مدى أكثر من نصف قرن، انخرطت روسيا في اتفاقات ومعاهدات تخفّض من أعداد الرؤوس الحربية النووية الخاصة بها، لذلك منذ الثمانينات انخفضت أعداد الرؤوس الحربية الروسية إلى حوالي 6 آلاف فقط، لكن في مقابل هذا الخفض في الأعداد اهتمت روسيا بسياق آخر يقابله، وهو تحديث الترسانة بالكامل.
في ديسمبر/كانون الأول 2020، أفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الأسلحة والمعدات الحديثة تشكل الآن 86% من الثالوث النووي لروسيا، مقارنة بنسبة 82% في العام السابق، وأشار إلى أنه يتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 88.3% خلال عام واحد، وصرح أن وتيرة التغيير في جميع المجالات الحاسمة للقوات المسلحة سريعة بشكل غير عادي اليوم، مضيفا: "لو قررت التوقف لثانية واحدة، ستبدأ في التخلف على الفور".
ذراع روسيا الطويلة
يبدو هذا جليا في نطاقات عدة. على سبيل المثال، تواصل روسيا حاليا سحب صواريخها المتنقلة من طراز "توبول" (Topol) بمعدل 9 إلى 18 صاروخا كل عام، لتحل محلها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من النوع "يارس-24" (RS-24).
اختبرت روسيا يارس لأول مرة عام 2007 وتم اعتماده من قبل قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية عام 2010، وبدأ إنتاجه خلال نفس العام. واعتبارا من عام 2016، تتضمن الترسانة الآن ما يزيد على 147 صاروخا من هذا النوع، منها 135 يمكن أن يوضع منصة متحركة (عربة مكونة من 16 عجلة) و12 منصة ثابتة.
مدى يارس يصل إلى 12 ألف كيلومتر (هذا يساوي عرض دولة مثل مصر 12 مرة)، ويمكن أن يحمل 6 -10 رؤوس نووية بقوة تتراوح بين 150- و500 كيلوطن لكل منها، والصاروخ السابق توبول كان يحمل رأسا حربيا واحدا.
كذلك صمم يارس للتهرب من أنظمة الدفاع الصاروخي حيث يقوم بمناورات أثناء الرحلة ويحمل شراكا خداعية وبالتالي لديها فرصة لا تقل على 60-65% لاختراق الدفاعات المضادة، وتؤهل التقنية "ميرف" (MIRV) هذا الصاروخ لحمولة صاروخية تحتوي على العديد من الرؤوس الحربية، كل منها قادر على أن يستهدف هدفا مختلفا.
ويصيب يارس الهدف بدقة تكون في حدود 100-150 مترا من نقطة الهدف فقط، كما أن إعداد الصاروخ للإطلاق يستغرق 7 دقائق، وبمجرد أن تكون هناك حالة تأهب قصوى، يمكن لصواريخ يارس مغادرة قواعدها عبر السيارات التي تجري بسرعة 45 كيلومترا في الساعة، ثم العمل في مناطق الغابات النائية لزيادة قدرتها على التخفي.
إله البحار
أحد الأمثلة التي يُستشهد بها على نطاق واسع أيضا هي "ستيتاس-6" (Status-6) المعروف في روسيا باسم "بوسايدون" (Poseidon) (إله البحار)، وهو طوربيد طويل المدى يعمل بالطاقة النووية والذي وصفته وثيقة حكومية روسية بشكل صارخ بأنه يهدف إلى إنشاء "مناطق التلوث الإشعاعي الواسع التي قد تكون غير مناسبة للنشاط العسكري أو الاقتصادي أو أي نشاط آخر لفترات طويلة من الزمن"، السلاح مصمم لمهاجمة الموانئ والمدن لإحداث أضرار عشوائية واسعة النطاق.
بدأ السوفيات تطوير هذا السلاح عام 1989 ولكن توقف الأمر بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة وكذلك مع سياسات نزع السلاح النووي.
ومع ذلك، عادت روسيا لتطوير هذا السلاح، وفي عام 2015 تم الكشف عن معلومات حول هذا السلاح عمدا من قبل وزارة الدفاع الروسية. وبحسب ما ورد من معلومات عنها، يبلغ مداه 10 آلاف كيلومتر، ويمكن أن يصل إلى سرعة تحت الماء تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة). هذا أسرع بكثير من قدرة الطوربيدات الحربية المعتادة على السفر.
علاوة على ذلك، من المخطط أن يعمل بوسايدون على أعماق تصل إلى ألف متر؛ مما يجعل من الصعب اعتراضه، بل ويعتقد أنه يمكن لهذه القطعة التقنية المرعبة أن تعمل تحت صفائح الجليد في القطب الشمالي، هنا يصعب جدا اكتشافه والاشتباك معه. ومن المقرر أن يبدأ بوسايدون في العمل الفعلي داخل الترسانة النووية الروسية خلال أعوام قليلة.
نار من توبوليف
قاذفة القنابل الإستراتيجية فوق الصوتية ذات الأجنحة متعددة الأوضاع "توبوليف تي يو-160" كانت أيضا واحدة من مكونات أحد أطراف الثالوث النووي التي تم تطويرها مؤخرا.
وعلى الرغم من أن هناك العديد من الطائرات المدنية والعسكرية الأكبر حجما إلا أن هذه الطائرة تعد الأكبر من حيث قوة الدفع، والأثقل من ناحية وزن الإقلاع بين الطائرات المقاتلة. ويمكن لكل طائرة من هذا الطراز حمل ما يصل إلى 40 طنا من الذخائر، بما في ذلك 12 صاروخ كروز نوويا يتم إطلاقها من الجو. وبشكل عام، يمكن أن تحمل القاذفات من هذا النوع أكثر من 800 سلاح.
كانت هذه الطائرة آخر قاذفة إستراتيجية صممت من طرف الاتحاد السوفياتي، إلا أنها لا تزال تستخدم إلى الآن.
أضف لذلك أن هناك برنامجين محدثين متميزين لتطوير الطائرة توبوليف يتم تنفيذهما في وقت واحد: برنامج أولي يتضمن "تحديثا عميقا" لهيكل الطائرة الحالي لدمج محرك من الجيل التالي، بالإضافة إلى إلكترونيات طيران جديدة وملاحة ورادار حديث يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبرنامج آخر يتضمن دمج أنظمة مماثلة في هياكل جديدة تماما للطائرة.
وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أعلنت روسيا أن أحدث نسخة من توبوليف تي يو-160 (يسميها الناتو بلاك جاك) قد انطلقت من كازان مدعومة بمحركات "إن كيه-32-02" (NK-32-02) الجديدة، مع قوة دفع تبلغ 55 ألف رطل، ويعد هذا المحرك أكبر وأقوى محرك تم تركيبه على الإطلاق في طائرة عسكرية.
استغرقت الرحلة الأولى للقاذفة المحدثة مع المحركات الجديدة ساعتين و20 دقيقة، وسافرت على ارتفاع 6 آلاف متر، المحرك الجديد يرفع نطاق الطائرة بحوالي ألف كيلومتر.
يارس وبوسايدون وتحديثات قاذفة القنابل توبوليف هي أمثلة قليلة من حالة كبيرة من التطوير تمر بها الترسانة النووية الروسية، إلى جانب ذلك تعمل روسيا على تنويع نطاق التطوير، فهي لا تعمل فقط على السلاح النووي الإستراتيجي (الذي يضرب العدو البعيد)، بل أيضا هناك خطوات واسعة في تطوير السلاح النووي اللإستراتيجي (التكتيكي)، وهو إصطلاح يشير إلى الأسلحة النووية التي صممت لاستخدامها في ميدان المعركة مع وجود قوات صديقة بالقرب وربما على أراض صديقة متنازع عليها.
مخزون روسيا
من بين مخزون الرؤوس الحربية النووية الروسية، هناك ما يقرب من 1600 رأس حربي إستراتيجي جاهز للضرب، حوالي 800 رأس منها على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وحوالي 624 على الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، وحوالي 200 في قاذفات القنابل الإستراتيجية.
إلى جانب ذلك يوجد حوالي 985 رأسا حربيا إستراتيجيا آخر في المخزن، وحوالي 1912 رأسا حربيا غير إستراتيجي (تكتيكي).
بالإضافة إلى المخزون العسكري للقوات العملياتية، هناك حوالي 1760 من الرؤوس الحربية المتقاعدة ولكنها ما زالت سليمة إلى حد كبير تنتظر التفكيك وإعادة التشغيل، ما يجعل إجمالي المخزون حوالي 6 آلاف- 6300 رأس حربي، علما أن هذه فقط هي أرقام تقديرية، حيث لا تعلن الدول عن العدد الحقيقي لرؤوسها الحربية النووية.
إذن الخلاصة أن برامج التحديث النووي الروسية، مع زيادة عدد وحجم التدريبات العسكرية، والتهديدات النووية الصريحة التي تلقي بها ضد دول أخرى (فما حدث في حالة أوكرانيا 2022 ليس جديدا)، والعقيدة الروسية المتعلقة بالسلاح النووي؛ كلها أمور تسهم جميعها في دعم حالة من عدم اليقين بشأن نوايا روسيا النووية.
ويرى المحللون أن روسيا أبعد ما تكون عن استخدام السلاح النووي حاليا، لسبب واحد وهو أن الجيش الروسي مستقر نسبيا ولا يواجه أية تهديدات وجودية في الحرب الحالية، ومن ثم نشأت فكرة تقول إن الحرب في وجود "السلاح النووي" ممكنة، لكن في سياق ألا تزيد مساحة المعارك، والضرر المتعلق بها، عن حد معين يضع الروس في توتر.
لكن على الجانب الآخر، "فعدم اليقين" كان هدف الروس الدائم في كل الأحوال، لأنه -في حد ذاته- سلاح ردع رئيسي بالنسبة لهم، وعلى الرغم من أن الأوكرانيين تلقوا المساعدات، إلا أن الروس واصلوا تقدمهم في سياق "قبة" حماية سببها الأساسي هو السلاح النووي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 35 دقائق
- الجزيرة
ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الثلاثاء، إنه لا مكان أفضل من الفاتيكان لاستضافة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وفي حين دعا الاتحاد الأوروبي واشنطن إلى فرض عقوبات على روسيا إن لم توافق على وقف إطلاق النار، اتهمت ألمانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا. وقال ترامب في تغريدة على منصته الإعلامية "تروث سوشال" إن "الفاتيكان، ممثلا بالبابا، صرّح بأنه سيكون مهتما جدا باستضافة المفاوضات". وأضاف ترامب أنه أبلغ بذلك كلا من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب. وأشار إلى أنه أجرى اتصالا جيدا مع بوتين وسيرى كيف ستسير الأمور. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب يحاول إنهاء حرب دموية باهظة الثمن بين أوكرانيا وروسيا، لا يمكن لأي من الجانبين الفوز بها. وكان ترامب أعلن، أمس الاثنين، أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فورا مفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار"، بعد مكالمته مع بوتين الذي لم يوافق بعدُ على وقف الأعمال القتالية بلا شروط، كما تطالب به واشنطن وكييف. الموقف الأوروبي في غضون ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن الاتحاد يأمل في أن تتخذ الولايات المتحدة"إجراء قويا" في حال استمرّت روسيا في رفض وقف إطلاق النار بأوكرانيا. وتحدثت كالاس قبيل بدء اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي ببروكسل قائلة إن " الولايات المتحدة توعدت بحصول تبعات إذا لم تقبل روسيا وقفا غير مشروط لإطلاق النار، ونحن نريد أن نرى إذن هذه التبعات". وقد تعهّدت واشنطن بـ"إجراء قوي" في حال استمرّت روسيا برفض وقف غير مشروط لإطلاق النار، حسب ما قالت كالاس، مذكّرة بأن أوكرانيا قبلت بهذه الهدنة، وأضافت هذا ما "نريد رؤيته من جانب كلّ الأطراف التي قالت إنها ستتحرّك بناء على مقتضى الحال". ومن جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، اليوم الثلاثاء، إن مشاركة الإدارة الأميركية في جهود تحقيق السلام بأوكرانيا "أمر إيجابي للغاية"، لكن يتعيّن استشارة الأوروبيين وأوكرانيا أيضا. وبدوره، اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الرئيس الروسي بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا ، داعيا إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو في مجال الطاقة. وقال بيستوريوس على هامش اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الثلاثاء، إن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أكدت مرة أخرى أن روسيا لا تزال غير مستعدة لتقديم تنازلات، مضيفا أن بوتين يتحدث فقط عن وقف إطلاق النار وفقا لشروطه، والتي تشمل تخلي أوكرانيا عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتنازلها عن الأراضي المحتلة، وغيرها من الأمور. وقال بيستوريوس "يبدو أن بوتين لا يزال يلعب على الوقت"، مضيفا أنه ليس من المتوقع التوصل إلى وقف إطلاق النار في ظل ظروف مقبولة للآخرين، مشيرا إلى أن الهجمات الروسية الأخيرة بطائرات مسيرة تتحدث أيضا بلغة واضحة "لغة أكثر وضوحا من الكلام الفارغ الذي سمعناه حتى الآن". ونتيجة للتطورات الأخيرة، يعتقد بيستوريوس أنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يواصل توسيع دعمه العسكري لأوكرانيا وممارسة مزيد من الضغوط من خلال العقوبات، داعيا إلى توسيع التعاون مع صناعة الأسلحة الأوكرانية. وفيما يتعلّق بالعقوبات، قال بيستوريوس إن "الوسيلة الأكثر فعالية للعقوبات هي قطع تدفق الأموال بشكل أكبر"، مشيرا على وجه التحديد إلى "تدفق الأموال من مبيعات الطاقة"، مؤكدا ضرورة مواصلة العمل على ذلك.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
فورين بوليسي: كيف ستبدو الحرب المحتملة بين روسيا والناتو؟
قالت مجلة فورين بوليسي إن روسيا خططت لغزو أوكرانيا كحملة حاسمة لمدة ثلاثة أيام تطيح خلالها بالحكومة في كييف، ولكن هذا السيناريو لا يزال، بعد أكثر من ثلاث سنوات، حلما روسيا بعيد المنال. وأوضحت المجلة -في مقال بقلم الباحث فابيان هوفمان- أن الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسارع إلى إعادة تسليح نفسها، استعدادا لمواجهة أي هجوم روسي على أحد أعضائه في غضون سنوات، بل ربما 6 أشهر من انتهاء الحرب في أوكرانيا، حسب مسؤولين دانماركيين. ومع أنه يصعب التوفيق بين الصورتين المرسومتين لروسيا، باعتبارها بلدا فشل في تحقيق طموحاته في أوكرانيا، ثم باعتبارها في نفس الوقت تهديدا وجوديا لحلف الناتو، فإن فهم هذه المفارقة يكمن في إدراك أن حربا بين الناتو وروسيا لن يكون الهدف منها الاستيلاء على أراض واسعة، بل تدمير التحالف ككيان سياسي وعسكري، ولن يتطلب ذلك هزيمة قوات الناتو في معركة مفتوحة والزحف نحو برلين، بل تدمير وحدة الناتو وعزيمته، مع رهان الكرملين على أن التحالف سيتصدع تحت الضغط. تمزيق تماسك الناتو السياسي وعلى عكس الدعاية الروسية العدوانية، تدرك النخب السياسية والعسكرية في موسكو أن روسيا ستخسر على الأرجح حربا تقليدية شاملة مع الناتو، حتى بدون تدخل الولايات المتحدة، وهي لذلك، ستسعى إلى تجنب حرب شاملة والتركيز على كسر إرادة التكتل. ولن يهدف أي هجوم روسي على الناتو في المقام الأول إلى تدمير القدرة الكلية للحلف على شن الحرب، بل سيركز على حملة قصيرة وعالية الكثافة مصممة لتمزيق التماسك السياسي للناتو. قد يبدأ هذا السيناريو بتوغل محدود في أراضي الناتو عند نقطة ضعف متصورة في واحدة أو أكثر من دول البلطيق، وبعد الهجوم الأولي قد تعلن روسيا أن أي محاولة لاستعادة المنطقة المحتلة ستشعل فتيل تصعيد نووي، وهي إستراتيجية يطلق عليها المحللون العسكريون اسم "التحصين العدواني". ومع أن صانعي القرار الروس لا يتوقعون استسلاما في جميع أنحاء الناتو، فقد يعتقدون أن الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين في أوروبا الغربية، عند مواجهة عواقب حقيقية على أراضيهم، سيترددون ويمتنعون عن الدفاع عن شركائهم، علما أن أي تردد في الدفاع عن عضو في الناتو يعني الانهيار الفعلي للتحالف، وهو هدف روسيا الرئيسي وشرط تأكيد هيمنتها الإقليمية، حسب المجلة. غير أن التحرك الروسي يتطلب قوة هجومية سريعة قادرة على اختراق حدود الناتو، كما يتطلب قوات متابعة كافية لاحتلال جزء صغير، ولكنه ذو أهمية إستراتيجية من أراضي الناتو، ثم إلى قوات متحركة تقليدية للسيطرة على الأراضي والاحتفاظ بها. وتشير تقارير استخباراتية حديثة إلى أن روسيا تمكنت من حشد ما يكفي من الرجال ليس فقط لتغطية خسائرها القتالية، بل لتوسيع قواتها، كما يشير مسؤولون غربيون إلى أنها تنتج المزيد من المعدات والذخيرة بما في ذلك الدبابات الحديثة وقذائف المدفعية أكثر مما ترسله إلى الجبهة. وذكر الكاتب بأن روسيا تتمتع بوضع نووي جيد، بمخزون يقدر بحوالي ألفي رأس حربي غير إستراتيجي، إضافة إلى سلاح تقليدي يشمل إنتاج حوالي 1200 صاروخ كروز هجومي بري، و400 صاروخ باليستي قصير ومتوسط المدى، وأكثر من 6000 طائرة مسيرة بعيدة المدى سنويا، وهي تسعى لزيادة هذا الإنتاج. كيف يستعد الناتو؟ ومع أن شن هجوم روسي على أراضي الناتو يظل مستبعدا فإنه يجب على أوروبا الاستعداد للحرب التي يرجح أن روسيا تخطط لها، وهي حرب تختلف اختلافا كبيرا عن الصراع المطول الذي يتكشف الآن في أوكرانيا، حسب الكاتب. وأفضل طريقة لمواجهة حملة روسية قصيرة وعالية الشدة -حسب الكاتب- هي منع أي توغلٍ على الحدود، وهذا يتطلب وضعا دفاعيا أماميا موثوقا، وهو ما لا يزال الناتو يفتقر إليه، لأن تمكين الدفاع الأمامي يعني نقل المزيد من القوات والمعدات إلى خط المواجهة، ولكن الولايات المتحدة تحول تركيزها إلى أماكن أخرى، ومن المحتمل أن تسحب تشكيلاتها القتالية من أوروبا. ولخلق ردع، يجب على الدول الأوروبية الاستثمار فيما يجعلها قادرة على هجوم مضاد، مع توضيح استعدادها للرد الفوري، بما في ذلك ضد البنية التحتية الحيوية الروسية، مع توضيح أنه لا يسعى إلى التصعيد النووي وأنه لن يرضخ للتهديدات النووية. وخلص الكاتب إلى أنه سيكون من التهور عدم الاستعداد للحرب لمنع وقوعها في المقام الأول، لأن موسكو إذا واجهت الناتو سوف تستغل نقاط ضعفه وتلعب على نقاط قوتها.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يفرضان عقوبات جديدة على روسيا
فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اليوم الثلاثاء عقوبات جديدة على روسيا، وسط اتهامات غربية لموسكو برفض المبادرات الرامية لإنهاء الصراع في أوكرانيا. فقد اعتمد الاتحاد الأوروبي اليوم الحزمة الـ17 من العقوبات ضد روسيا، في خطوة هي الأوسع منذ بداية حربها مع أوكرانيا أواخر فبراير/شباط 2022. وتستهدف هذه الحزمة بشكل خاص 200 من سفن "أسطول الظل" الروسي لنقل النفط، بالإضافة إلى فرض عقوبات على شركات النفط، بهدف تقليص عائدات روسيا التي تمول حربها على أوكرانيا. كما فرضت الحزمة الجديدة قيودا على أكثر من 45 شركة وفردا يدعمون الجيش الروسي، بما في ذلك شركات من روسيا والصين وبيلاروسيا وإسرائيل، إضافة إلى إدراج 31 كيانا جديدا ضمن قيود تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج. وقالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس عبر منصة "إكس" إنه يجري الإعداد لفرض المزيد من العقوبات على روسيا، مضيفة أنه كلما أطالت روسيا أمد الحرب ازداد الرد الأوروبي صرامة. وكانت بروكسل أقرت في فبراير/شباط الماضي الحزمة الـ16 من العقوبات على روسيا، وقد استهدفت أيضا عددا من سفن أسطول الظل الروسي لنقل النفط، بالإضافة إلى حظر على واردات الألمنيوم الروسي إلى الاتحاد الأوروبي. وهدد القادة الأوروبيون روسيا بعقوبات شاملة بسبب ما اعتبروها مماطلة من جانبها في الاستجابة لجهود تسوية الصراع مع أوكرانيا. 100 عقوبة إضافية من جهتها، أعلنت الخارجية البريطانية اليوم الثلاثاء عن 100 عقوبة جديدة ضد روسيا تستهدف "كيانات تدعم الآلة العسكرية الروسية، وصادرات الطاقة، وحرب المعلومات". وقالت الوزارة -في بيان- إن هذه العقوبات تعتبر جزءا من الجهود الدولية الرامية لإحلال سلام دائم في أوكرانيا. وكانت بريطانيا أعلنت أواخر فبراير/شباط الماضي عن فرض أكبر حزمة عقوبات ضد موسكو منذ عام 2022. وشملت تلك الحزمة شخصيات روسية بارزة توصف بأنها موالية للكرملين، والموارد المالية التي تدعم اقتصاد الحرب، وسلاسل إمداد الجيش الروسي. في غضون ذلك، قالت الخارجية الروسية اليوم تعليقا على عقوبات أميركية محتملة إن واشنطن تدرك عدم جدوى الضغط على روسيا. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى محادثات هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ولا يزال يأمل في اتفاق ينهي الحرب فإنه كان هدد الشهر الماضي بفرض عقوبات جديدة على موسكو، كما هد بالانسحاب من الوساطة في حال عدم إحراز تقدم. من جانبها، دعت كييف مرارا إلى فرض عقوبات مشددة على روسيا في حال رفضت مقترحات التسوية، ومنها إرساء وقف لإطلاق النار يمهد لمفاوضات سلام.