
آراء المفاوضات من أجل الحرب الكاتب: عاطف أبو سيف
كتبت مرة هنا على هذه الصحفة أن الهدف من المفاوضات هو المفاوضات، كما أن الهدف من الحرب هو الحرب.
بالنسبة لنتنياهو فإن العالم يتحدث الآن عن مواقفه من المفاوضات كما يتحدث عن مواقف حماس من المفاوضات، وبالتالي المسؤولية عن مخرجات المفاوضات متساوية، فالطرفان مسؤولان عن نتيجة المفاوضات، وهي نتيجة صفرية.
أيضاً بالنسبة لترامب فهو يرعى عملية مفاوضات من أجل تحقيق الهدوء وإنهاء الحرب وهو يريد جائزة نوبل للسلام لذلك، فبدلاً من أن يقال إنه يرسل الدعم العسكري لإسرائيل لقتل الفلسطينيين وهو يفعل ذلك باستمرار وبدلاً من أن يقال إنه شريك في حرب الإبادة، كل ما يقال الآن، أو أن أبرز ما يقال، أن الرجل يسهر ليل نهار من أجل تحقيق الهدوء ويضغط (وبشدة) على نتنياهو من أجل وقف الحرب.
النتيجة أن من يقتل الشعب الفلسطيني في غزة ومن يمده بالسلاح يسعيان للهدوء ويفاوضان من أجل وقف الحرب.
قد لا تقف، وقد لا يصلان لاتفاق، لكنهما يسعيان لإنجازه.
وفي المفاوضات، طالما قبلت أن تفاوض فعليك أن تدرك أن لا شيء في موقفك يجعله صواباً إلا كونه موقفك وبالتالي فهو، أي هذا الموقف، ليس حجة يحتج بها. ما أقصده أن موقف نتنياهو بالتمسك بحدود آذار 2025 لا يختلف كثيراً عن موقف حماس بالانسحاب إلى ما قبل ذلك.
أيضاً بالنسبة لحماس فإنها تجري مفاوضات وبالتالي تقول للجمهور إنها تفاوض من أجل إنهاء الحرب كما يقول نتنياهو لأهل الأسرى عنده إنه يفاوض لإخراج أبنائهم.
وتظل الحقيقة الغائبة أن الحرب مستمرة وأن الناس يقتلون كل يوم وأن كيلو الطحين يصل إلى 90 شيكلاً في بعض المرات، وأن من يفاوض لا يحس بكل ذلك، ولا يهمه، ولا يفكر فيه أصلاً.
من أبشع ما يمكن أن يسمعه المرء صراحة هو تعليقات مسؤولي حماس وخواطرهم عن هذه المفاوضات والتي لا تشكل فقط استخفافاً بعقول المستمعين بل أيضاً بعذابات شعبنا في غزة.
وفيما قد يطرب مستمعوهم ممن لا يدفعون أي ثمن جراء السياسات الطائشة الناتجة عن هذه التصريحات ولا المواقف الرعناء الملازمة لها، فهم ينعمون بالهتاف للقتال وللبطولة عن بعد، فإن الأبرياء في غزة الذين ينتظرون أي بادرة إيجابية تقول لهم إنهم سيصحون من النوم وقد انتهت الحرب فسيصابون بالخيبة بلا أدنى شك ويفقدون الأمل كلما سمعوا أحد جهابذة الفصائل يتحدث من فندقه الفاخر في إحدى العواصم عن الصمود والانتصار، لأنهم يعرفون مرة أخرى أن كل يوم يمضي يعني فقدان قرابة مائة منهم وإصابة مئات آخرين، ويعرفون أنهم ليسوا على بال أحد وأن موتهم لا يعني شيئاً في المفاوضات الدائرة، فهم خسائر جانبية أو أن موتهم وتشردهم قدر لا بد من تحمله.
بعض الفضائيات تمادت باستخفافها بعذابات الناس حتى أن معاناة الناس من الجوع وسرقة المساعدات واحتكارها، وهي أشياء ناتجة عن سوء إدارة الوضع الداخلي، لا يتم التطرق لها، فيما يبدو أن قتل خمسة جنود إسرائيليين أهم من تدمير الاحتلال لحي التفاح بشكل كامل بناية بناية.
وفيما العمليات فعل بطولي بكل الأحوال لكنه ليس فتحاً مبيناً ولا انتصاراً مزلزلاً وهو لا يبرر الاستمرار بحرب باتت عبثية بلا جدوى أو هدف، والدليل ما يتم التفاوض حوله. فالمفاوض المتمسك الحريص الشرس (وكل هذه الصفات بين مزدوجين) هدفه الأساس أن يعود العدو إلى حدود آذار الماضي، وربما بعد أسبوع سيطالب بالعودة إلى حدود أيار الماضي أو تموز حين يصبح ماضياً، ولكن عندها ستكون انتهت أحياء جديدة من مدينة غزة وخان يونس وتقلص حجم القطاع أكثر وأكثر.
هذا المفاوض كلما رأى تقريراً على هذه الفضائيات يشعر بزهو أكبر فهو على الأقل يقدر أن يقول «لا» بصوت أكثر ارتفاعاً لأن المعركة موجعة للعدو غير آبه بما يعانيه ويكابده أهل غزة من أي وجع.
وحتى لا يبدو المرء متشائماً كثيراً، فلو أن المفاوضات تتم من أجل إخراج جيش الاحتلال بشكل كامل، أو أننا ونحن نقول لا نمنعه من التقدم، أو أن قواته تقف عاجزة عند تخوم المدن والأماكن السكنية، لو أننا نرفق «لا» هذه بدحر قواته وإجبارها على الرجوع.
ما يحدث العكس، كل يوم نخسر المزيد من الأرض والمزيد من المواطنين والمزيد من المنشآت حتى يأتي اليوم الذي لن يكون عندنا إلا الخيام.
في الأسبوع الماضي كثرت الإشارة للمقارنات بين مفاوضات السلطة ومفاوضات حماس الحالية (رغم أنها مقارنات من الأساس غير عادلة، فالسلطة كانت تفاوض ضمن رؤية سياسية وليس نتيجة ضغط كارثي دمر البلاد) وتم استذكار موضوعات التفاوض وأهدافها.
كانت المفاوضات فيما مضى تحاول أن تزيد مساحة الأرض التي تحكمها السلطة وتوسعة صلاحيتها وإخراج الجيش منها، فيما الآن يدور الحديث عن عودة الجيش إلى خطوط أخذها خلال الحرب، طبعاً في كل الحالات لا يوجد ضمانات بأن دولة الاحتلال ستلتزم، ففي حال المفاوضات السابقة أخلت إسرائيل بالاتفاقيات وأعادت احتلال الأراضي، ولكن المقارنات التي تجري تدور حول الهدف وغايات التفاوض.
مفاوض حماس يفاوض على تموضع الجيش داخل غزة وهل سيبتلع الجيش 40 بالمائة من مساحة القطاع أم 25 بالمائة. تتذكرون العبارة الساخرة: أننا قاتلنا في السابع من أكتوبر حتى نفاوض إسرائيل للعودة للسادس من أكتوبر.
بعد أسابيع تدخل الحرب عامها الثالث ونحن نفاوض من أجل أن نعود بضع كيلومترات للوراء، الوراء الذي كان «الأمام» قبل أسابيع وسنظل نفاوض لأن الهدف هو أن نفاوض، أتمنى ألا نفاوض بعد فترة على عودة القوات لشارع الجلاء أو محور سوق فراس، وخلال ذلك لا يبقى شيء نفاوض عليه إلا فكرة المفاوضات ولا بأس من بعض اللقطات القوية يتم عرضها على الفضائيات حتى نقول «المعركة مستمرة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 4 ساعات
- معا الاخبارية
مصادر سياسية إسرائيلية: رد حماس الجديد "أفضل من السابق" وينظر إليه بإيجابية
بيت لحم معا- يُعدّ رد حركة حماس الأخير "أفضل من سابقه"، سواء من وجهة نظر الوسطاء أو من وجهة نظر إسرائيل. وبحسب مصادر سياسية في تل ابيب ابلغت موقع واللا العبري أن الرد الجديد يفتح الباب لمزيد من النقاشات، بعد أن رفض الوسطاء رد حماس الأولي نظرًا لاختلافه الكبير عن التوقعات، وفضّلوا عدم إحالته إلى الفريق الإسرائيلي. يدرس فريق التفاوض الإسرائيلي حاليًا رد حماس، ويحاول معرفة ما إذا كان هناك ما يمكن المضي قدمًا فيه. ومن المتوقع أن يعقد الفريق الإسرائيلي جولة مشاورات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليوم لتحديد كيفية مواصلة المحادثات. وفي الوقت نفسه، من المقرر أن يلتقي الوزير المسؤول عن المفاوضات، رون ديرمر، في روما بالمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ترامب، ستيف ويتكوف. ومن المرجح أن يركز الاجتماع على الجهود المبذولة لدفع المحادثات قدمًا، بالتنسيق مع البيت الأبيض. وأفادت صحيفة الأخبار اللبنانية أن حماس قدمت للوسطاء ردها، الذي تضمن تعديلات على بندين رئيسيين في المقترح. كما أفادت التقارير بأن الحركة أبدت مرونةً تجاه البنود الأخرى. وطالبت حماس بتغيير انتشار قوات الاحتلال خلال وقف إطلاق النار المؤقت، والمقرر أن يستمر 60 يومًا، بحيث تنسحب من المناطق المأهولة بالسكان ومن محور صلاح الدين، الذي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه. مع ذلك، أبدت حماس استعدادها لقبول وجود عسكري إسرائيلي محدود، شريطة ألا يتجاوز عمقه 800 متر من الحدود. كما أصرت الحركة على تغيير آلية توزيع المساعدات الإنسانية، بحيث تُدار عملية استلامها وتوزيعها من قِبل هيئات الأمم المتحدة وحدها، دون أي تدخل من صندوق المساعدات الامريكي الحالي. كما طالبت حماس بأن يكون معبر رفح البوابة الرئيسية لدخول المساعدات، وأن يظل مفتوحًا باستمرار طوال فترة وقف إطلاق النار، في كلا الاتجاهين. وفقًا لمصادر عربية، تميل إسرائيل إلى الموافقة على أن يشمل الانسحاب من قطاع غزة البقاء في بعض المواقع. في بعض المناطق، سينسحب الجيش الإسرائيلي إلى مسافة تتراوح بين 1-1.2 كيلومتر من الحدود، وفي مناطق أخرى سينسحب إلى مسافة أقل من ذلك، حتى الانسحاب النهائي في المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب. وفيما يتعلق بمسألة المساعدات الإنسانية، فإن نقطة الخلاف هي مجمعات التوزيع المتبقية لصندوق المساعدات الإنسانية لغزة. خلال وقف إطلاق النار، ستدخل 300 شاحنة إلى قطاع غزة لهذه المجمعات و200 شاحنة للمؤسسات الدولية الأخرى. وقالت المصادر العربية إن وفد حماس في المفاوضات يعارض بشدة هذا الأمر، لكن الوسطاء ما زالوا يمارسون ضغوطًا بشأن هذه المسألة ويحاولون تقريب وجهات النظر بين الطرفين. وتتعلق الفجوات الرئيسية المتبقية بالضمانات التي سيطلبها الطرفان لضمان إنهاء الحرب. وذكر التقرير أن الضغوط التي مارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نتنياهو، ساهمت في تعزيز خطاب أكثر إيجابية فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، وآلية توزيعها، والانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي من مناطق معينة في قطاع غزة.


معا الاخبارية
منذ 5 ساعات
- معا الاخبارية
مصدر إسرائيلي: اسرائيل تدرس رد حماس المحدث
بيت لحم معا- قال مصدر إسرائيلي لصحيفة "زمان إسرائيل" إن تل أبيب تدرس الآن رد حماس الذي وصل الليلة الماضية. في وقت سابق، أعلنت حماس أنها سلمت ردها على مقترح وقف إطلاق النار في غزة إلى الوسطاء. وأكد المسؤول الإسرائيلي أن هذا رد جديد. وكانت حماس قدمت الثلاثاء ردا سابقا، سرعان ما رفضه الوسطاء العرب، ورفضوا حتى نقله إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، مطالبين المنظمة بتقديم عرض أكثر معقولية. واستجابت حماس للمطلب، وأكد المسؤول الإسرائيلي الليلة أن الرد الأخير لا يتضمن بعض المطالب التي وردت في الاقتراح الذي قدمته المنظمة الثلاثاء. وبحسب المصدر فإن إسرائيل لا تزال تدرس رد حماس بشكل كامل.


معا الاخبارية
منذ 9 ساعات
- معا الاخبارية
حماس تسلّم ردها الرسمي على مقترح وقف إطلاق النار للوسطاء
غزة- معا- أعلنت حركة حماس، فجر اليوم الخميس، أنها سلّمت ردها الرسمي، إلى جانب رد الفصائل الفلسطينية، على المقترح المقدم من الوسطاء بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقالت الحركة في بيان صحفي مقتضب: "بسم الله الرحمن الرحيم، حركة حماس سلّمت قبل قليل، للإخوة الوسطاء، ردّها وردّ الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار". ومن المتوقع أن يلتقي ويتكوف غدا في روما بالوزير رون ديرمر وأعضاء فريق التفاوض القطري. ومن المتوقع أن يناقش الطرفان الرد غدا في روما، حسبما أفادت قناة الشرق السعودية ومصدر فلسطيني في وكالة رويترز للأنباء. وأكد مصدر فلسطيني مطلع على التفاصيل لصحيفة هآرتس أن الرد قد قُدّم، ووصفه بأنه "إيجابي". كما أشار إلى أن حماس ركّزت في تعليقاتها على استمرار سيطرة إسرائيل على مناطق معينة في قطاع غزة ونشر قوات الاحتلال الإسرائيلي هناك. وقال إن إسرائيل تُصرّ على السيطرة على ما بين 24 و28% من أراضي القطاع، مما يُؤثّر على حرية حركة سكان غزة، مُوضّحًا أن هذا يُشير إلى أنها لا تنوي الانسحاب في نهاية الاتفاق - كما يقول أعضاء الحكومة.