
نقرة واحدة.. وتقتل قائداً !
د. ندى أحمد جابر*
بهذا المعنى الصادم أشار تقريرٌ مُشترك لموقع «Magazine 972» وصحيفة «الغارديان» البريطانية إلى آلية اتخاذ قرار القتل في الحروب الحديثة وتحديداً خلال الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2023 وفي الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
ورغم كثرة المخاوف من استعمال القنبلة الذرية والأسلحة النووية، لا بد من الإشارة إلى أنها اسُتعِملت مرة واحدة فقط عام 1945، بعدها تنافست الدول على امتلاكها ولم تستعمل أبداً. فالقاعدة تقول «الدمار المُتبادَل مؤكد» لذلك بقيت القنبلة سلاح أمان فقط، والدليل عدم استعمالها.
لكن المخاوف العالمية ما زالت تحدّ وتمنع انتشارها. مُتناسية حقيقة أن الحروب الحديثة أوجدت تقنية سلاح تكنولوجي لا يقل خطورة وقادر على زعزعة الصفوف باستهداف القادة عن بعد وبنقرة إصبع.
القتل بالبيانات.. عندما يتحول الإنسان إلى ملف إلكتروني، يقول التقرير: «يقوم نظام (لافندر) بتحليل كمّ هائل من البيانات الإلكترونية مثل المكالمات الهاتفية والرسائل والمواقع الجغرافية ومن ثم استخدام الأجهزة لتصنيف الأشخاص بناءً على ما يسميه ب«درجة الخطر» وبمجرد أن يصنف شخصاً بأنه (تهديد مُحتمل) يُمنح الضباط صلاحية تنفيذ الاغتيال الذي يتم في أقل من 20 ثانية» وفي ذلك نشر الصحفي الإسرائيلي (جدعون ليفي) انتقاداً علنياً لعملية تنفيذ القتل عن بعد، واصفاً ما يحدث أنه يتم بأدوات تكنولوجية باردة. ولمعرفة من هم خلف كواليس غرفة الاغتيالات، نجد أنها وحدات تخطط وتنفذ.
تُعد إسرائيل اليوم من الدول الرائدة في دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية وتحديداً في استهداف القادة وفي البحث عن هذه الوحدات التي تلعب أدواراً مِفصلية في هذه العمليات نجد:
أولاً: الوحدة 8200 وهي وحدة التنصت الإلكتروني، أي اعتراض المكالمات، كما تتولى تحليل رقمي لسلوك المُستهدف. ثانياً: «الشاباك» يتولى تجنيد العملاء بهدف المراقبة داخلياً وتوفير (بروفايلات سلوكية) للأهداف وهي والوحدة 504 التي تتولى تجنيد عملاء في البقعة المستهدفة وزرع أجهزة تجسس.
ثالثاً: سلاح الجو (وحدة الدرونز) التي تتولى المراقبة الجوية وتنفيذ الضربات، أما أنظمة (لافندر وغوسبال) فهي كما ذكرنا تحدد الأهداف وفق تحليل البيانات التي تم جمعها، سواء من العنصر البشرى (العملاء) أو من العنصر الإلكتروني (البيانات) لتكتمل الصورة ويكون التنفيذ ضربة صادمة تم الإعداد لها بدقة.
كَشف هذا النموذج المتطور أننا أمام مرحلة جديدة من الحروب، حيث يُختزل القائد المُستهدف إلى خوارزمية يتحرك فتضيء نقطة الشاشة تضغط بنقرة صغيرة فيُقصَف وهكذا في ظل تصاعد الحروب غير التقليدية تحولت عملية استهداف القادة العسكريين والسياسيين من مهمة استخباراتية شاقة إلى عملية دقيقة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والعنصر البشري الميداني، فاستهداف القادة في الحروب له أهمية كبيرة، حيث يشكل القادة العسكريون هدفاً ذا أولوية نظراً لتأثيرهم في التحكم بالعمليات العسكرية وفي تحفيز المقاتلين ورفع المعنويات واتخاذ القرارات الاستراتيجية، وبالتالي فإن اغتيال القائد قد يؤدي إلى شلل مؤقت في القيادة والسيطرة وتفكك معنوي بين الصفوف.
مما سبق، نجد أن الحروب الحديثة أصبحت تُدار على شاشات الحواسيب ومن خلال الذكاء الاصطناعي والطائرات المُسيّرة، برزت إسرائيل كحالة نموذجية باستخدام هذه التقنية بدقة مُعتمِدة على تداخل عميق بين الوحدات الاستخباراتية التكنولوجية والميدانية. حينما يُختزل الإنسان إلى نمط بيانات وتطلق الصواريخ على أسس خوارزمية، تصبح الحرب لعبة أرقام مُميتة، الغالب فيها هو المُتمكن من هذه التقنية والقادر على تنظيمها وجمع أضخم البيانات.
والسؤال الذي يبرز اليوم.. من يضمن عدم انتشارها خلال السنوات المقبلة؟ وأكثر من يضمن عدم وصولها إلى أيادٍ إرهابية مُتطرفة قد تطال أهم القيادات في العالم؟! إن مسألة انتشار أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لم تعد خيالاً، خوارزميات التعرف إلى الوجه وتقنيات تتبع الهاتف وأدوات التحكم بالطائرات المُسيّرة أصبحت مُتاحة على الإنترنت ومع تطور السوق السوداء (Dark Web)) يمكن تخيل سناريوهات مخيفة مثل: خلايا إرهابية تستخدم طائرات مُسيّرة صغيرة مزودة بذكاء اصطناعي لاغتيال الخصوم أو تفجير أهداف ويمكن تخيل جماعات متطرفة تستهدف صحفيين نشطاء وحقوقيين أو معارضين عبر أدوات اغتيال عن بعد، لا بد من التحذير أن انخفاض تكلفة التقنيات وازدياد المصادر المفتوحة لتعلمها قد يجعل (امتلاك القوة الرقمية القاتلة) في متناول جهات خارجة عن القانون خلال السنوات القليلة المقبلة وهو ما حذر منه (آليون ماسك) عندما وقّع مع أكثر من ألف باحث رسائل مفتوحة تحذر من خطر هذه الأسلحة.
العالم اليوم في لحظة مِفصلية يراقب تطور الحروب الحديثة ورغم التحذيرات، لا تزال الحوكمة الدولية بشأن الذكاء الاصطناعي العسكري غير مُكتملة.
المعروف أن الأمر لا يقتصر على إسرائيل وحدها بعض الدول مثل روسيا والصين وأمريكا تطور هذه القدرات بسرية، بينما تعجز الأمم المتحدة عن وضع اتفاقية شاملة لتنظيم أو حظر (الأسلحة التكنولوجية القاتلة).
في عام 2020 حذرت الأمم المتحدة (UNIDIR) من أسلحة الذكاء الاصطناعي الرخيصة والسهلة والتي قد تنتقل بسرعة إلى أيدي مليشيات إرهابية، ذكرت أن «الإرهاب بالذكاء الاصطناعي» أصبح خطراً واقعاً وليس مجرد افتراض نظري.
لكن التحذير بقي تحذيراً.. لم يتم التوافق على قوانين أو خطوات عملية تحدّ أو تمنع انتشارها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 18 دقائق
- صحيفة الخليج
صوت الإنسانية
لأن الحرب بين إيران وإسرائيل تتصاعد بوتيرة متسارعة، وتهدد المنطقة والعالم بكوارث قد تكون غير مسبوقة في ما إذا دخلت الولايات المتحدة طرفاً في هذه الحرب إلى جانب إسرائيل، وخصوصاً إذا ما تم استهداف المنشآت النووية الإيرانية، لذلك فإن دولة الإمارات تجدد التحذير من مغبة التداعيات العميقة لهذا التصعيد على البلدين والمنطقة بأسرها، وتدعو إلى الحكمة والمسؤولية لوقف هذه الحرب فوراً والانخراط في معالجة القضايا المصيرية عبر التفاوض، وهو ما أكده الدكتور أنور قرقاش المستشار السياسي لصاحب السمو رئيس الدولة في تدوينة له على منصة (إكس) مشيراً إلى أن «تجارب المنطقة تعلمنا ذلك». هذا النداء - الموقف يعبّرعن نهج إماراتي ثابت بتغليب الدبلوماسية والحكمة والتعقل في مواجهة أزمات المنطقة والعالم، وإيجاد حلول سياسية لخفض التصعيد وإنهاء الحروب، لأن الإصرار على تصعيد الحرب، وأخذها إلى مديات مجهولة سوف تؤدي حتماً إلى نتائج كارثية على الجميع. إننا في الواقع نعيش لحظات فارقة وحاسمة، ولا بدّ بالتالي من كبح جماح من يصّر على الحرب وتوسيعها وتصعيدها حرصاً على عدم الدخول في حروب مدمرة لن تكون في مصلحة أحد. إن ما تعبّر عنه الإمارات يمثل صوت الإنسانية التي تتوق للسلام والأمن والحرية والعدالة والمساواة والتسامح، والرافض لكل أشكال العنف والحروب والكراهية والتطرف والعنصرية. إن البشرية التي تواجه في هذه المرحلة من التاريخ أشد وأعتى المخاطر من حروب وصراعات وفوضى، وتهديد مناخي، بحاجة إلى صوت عاقل وحكيم مثل صوت الإمارات، التي تدرك ما تعنيه هذه المخاطر على العالم في حال لم يسارع المجتمع الدولي والدول الكبرى ومنظمة الأمم المتحدة إلى التحرك لوقف هذه الحرب، ووضع حد للجنون الذي يخيم على عقول من يتعمد تأجيجها، خصوصاً إذا ما بلغ الجنون حد استهداف منشأت نووية، الأمر الذي يعرض المنطقة إلى إشعاعات نووية كارثية قد تودي بحياة الملايين. كما إن تحذيرات روسيا من مغبة الإستخدام المحتمل للأسلحة النووية التكتيكية في إيران، لأن ذلك سوف يكون «تطوراً كارثياً» ليس من قبيل التحذير فقط، بل هو رسالة إلى العالم بأن الوضع قد يخرج عن السيطرة. وجاء الموقف الروسي تعليقاً على تقارير إعلامية تحدثت عن اللجوء إلى مثل هذا الإحتمال في أي عملية أمريكية ضد المنشأت النووية الإيرانية. إن الإنزلاق إلى صراع مفتوح قد يتجاوز الحدود التقليدية للصراعات العسكرية، وقد يتجاوز إيران وإسرائيل إلى المنطقة والعالم، لا سيما في منطقة غنية بالطاقة وحساسة جيوسياسياً، كما أنها بؤرة صراع على النفوذ، وهي تقع في قلب مخططات إسرائيلية - أمريكية لتغيير هويتها ودورها. من جديد، إن الموقف الإماراتي الواضح والصريح يشكل بقعة ضوء وسط هذا الظلام الدامس، ويحمل ملامح أمل في إنقاذ المنطقة من مصير مجهول.


الإمارات اليوم
منذ 32 دقائق
- الإمارات اليوم
روسيا تُسقط 61 «مسيّـرة» أوكرانية
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها، أسقطت 61 طائرة مسيّـرة أوكرانية الليلة قبل الماضية. وقالت الوزارة في بيان: «خلال ليل الجمعة، اعترضت أنظمة الدفاع الجوي العاملة ودمرت 61 طائرة أوكرانية دون طيار». وأوضح البيان الذي نقلته وكالة «سبوتنيك الروسية»، أن 22 من تلك المسيرات تم تدميرها فوق مقاطعة أوريول، فيما تم تدمير 14 مسيّـرة فوق منطقة كورسك، وسبع فوق مقاطعة بيلغورود، وخمس فوق مقاطعة فورونيغ، كما تم إسقاط ثلاث مسيرات فوق كل من مقاطعات فولغوغراد وروستوف وتولا وبريانسك، وتم تدمير أخرى فوق أراضي منطقة موسكو.


الإمارات اليوم
منذ 32 دقائق
- الإمارات اليوم
محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
بعد التشاور واعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أمس، تغييرات في حكومة الإمارات، واعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية - كعضو استشاري في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للتنمية ومجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات الحكومية كافة، بداية من يناير 2026. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تدوينة لسموه على حسابه في منصة «إكس»: «الإخوة والأخوات.. بعد التشاور مع أخي رئيس الدولة، حفظه الله، واعتماده. نعلن اليوم عن بعض التغييرات في حكومة دولة الإمارات كالتالي: إنشاء وزارة للتجارة الخارجية في حكومة الإمارات، وتعيين الدكتور ثاني الزيودي وزيراً للتجارة الخارجية، وتغيير اسم وزارة الاقتصاد لتكون وزارة الاقتصاد والسياحة، ويتولاها عبدالله بن طوق المري». وأضاف سموه: «ونعلن أيضاً أنه سيتم اعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية - كعضو استشاري في مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للتنمية ومجالس إدارات الهيئات الاتحادية والشركات الحكومية كافة، بداية من يناير 2026، بهدف دعم صناعة القرار في هذه المجالس، وإجراء تحليلات فورية لقراراتها، وتقديم المشورة الفنية لها، ورفع كفاءة السياسات الحكومية التي تتبناها هذه المجالس في كل القطاعات». وتابع سموه: «العالم يمر بمرحلة إعادة تشكيل شاملة.. علمياً.. واقتصادياً.. ومجتمعياً.. وهدفنا الاستعداد من اليوم للعقود القادمة.. هدفنا ضمان استمرار الرفاه والحياة الكريمة للأجيال القادمة». محمد بن راشد: • تغيير اسم وزارة الاقتصاد لتكون وزارة الاقتصاد والسياحة ويتولاها عبدالله بن طوق المري. • إنشاء وزارة للتجارة الخارجية في حكومة الإمارات، وتعيين الدكتور ثاني الزيودي وزيراً للتجارة الخارجية. • هدفنا الاستعداد من اليوم للعقود القادمة.. هدفنا ضمان استمرار الرفاه والحياة الكريمة للأجيال القادمة.