
«الكاريبي» .. احتفاء بالتنوع والاختلاف والانفتاح
أبوظبي: عبد الرحمن سعيد
يواصل معرض (أبوظبي للكتاب 34) انفتاحه على الثقافات العالمية، مسلّطاً الضوء على ثقافة الكاريبي ضمن برنامج «ضيف الشرف» لهذا العام، في مبادرة تحتفي بأحد أكثر المشاهد الأدبية والفكرية والفنية تنوعاً وثراءً في العالم، فالكاريبي، بأرخبيله المكوّن من أكثر من 700 جزيرة، ليس مجرد منطقة جغرافية، بل بوتقة ثقافات وذاكرات وصراعات، وصوت أدبي لا يُشبه سواه.
وتحظى دورة هذا العام من المعرض بروح الثقافة الكاريبية كضيف شرف، بما تحمله من تنوع غني وتاريخ حافل، وإبداع أدبي نابض بالحياة، وتمثل الكاريبي فسيفساء ثقافية تجمع بين التأثيرات الإفريقية الأوروبية والآسيوية، لتشكل هوية أدبية وإنسانية فريدة من الشعر والموسيقى إلى الرواية والفكر، ويقدّم نافذة مفتوحة على عوالم الكاريبي الملهمة، وفرصة للتقاطع الثقافي، واكتشاف صوت أدبي ممتد من الجزر إلى العالم.
أدب الكاريبي
ينتمي الأدب الكاريبي إلى ما يمكن تسميته بـ«الأدب المركّب»؛ حيث تتقاطع فيه اللغات الأوروبية (الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والهولندية) مع اللهجات الكريولية، وتتشابك فيه مواضيع الهوية، والعبودية، والاستعمار، والنضال، والمنفى، والحنين، إنه أدب شعوب دفعت ثمن موقعها الاستراتيجي على خريطة العالم عبر قرون من الاستغلال، لكنه أيضاً أدب الحلم، والنهضة، والحرية، والتجذر في الذاكرة الحية.
برزت أسماء أدبية وفكرية كبرى من منطقة الكاريبي، استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً مرموقاً في سجل جائزة نوبل العالمية؛ من أبرز هذه الأسماء الشاعر ديريك والكوت، الذي نال جائزة نوبل للآداب عام 1992، والروائي ف. س. نايبول، الحائز عليها عام 2001، كما تُعدّ الكاتبة ماريز كوندي من أبرز المرشحين الدائمين للجائزة، وقد حصلت على الجائزة البديلة لنوبل عام 2018، وإلى جانب هذه الأسماء يبرز اسم إيمي سيزير، أحد مؤسسي حركة الزنوجة، والمفكر الشاعر إدوارد غليسان، الذي ساهم في تجديد الفكر ما بعد الكولونيالي.
ولا يقتصر حضور الكاريبي على نوبل للأداب، بل يشمل أيضاً الاقتصاد؛ حيث حصل الاقتصادي ويليام آرثر لويس، من سانت لوسيا، على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1979، تقديراً لإسهاماته الرائدة في اقتصاديات التنمية.
تُجسّد هذه الأسماء ثراء الثقافة الكاريبية وتعدّديتها؛ إذ لا تعكس كتاباتهم وأفكارهم واقع جزرهم فحسب، بل تعبّر عن رؤى إنسانية تتجاوز الجغرافيا، وتطرح أسئلة عميقة عن الهوية، والعدالة، والحرية.
استضافة الكاريبي هذا العام في أبوظبي ليست مجرد دعوة للاطلاع، بل تثبيت لعلاقة ثقافية كانت تتشكّل بهدوء منذ عقود؛ فرغم البعد الجغرافي، تتقاطع التجارب الكاريبية والعربية عند مفاصل كثيرة، مثل الاستعمار والشتات والهوية المهدّدة والوطن ومآلات ما بعد الاستقلال، هذه الموضوعات هي عماد الأدبين العربي والكاريبي، ما جعل الترجمة أداة فعالة لمدّ الجسور.
شهدت السنوات الأخيرة نمواً في ترجمة الأدب الكاريبي إلى العربية، لا سيما أعمال نايبول، وغليسان، وكوندي، ووالكوت، وجين ريس، وغيرهم، وقد أسهم هذا الحضور في بلورة وعي عربي جديد تجاه أدب «الهامش»، الذي يُعيد مساءلة المركز ويكشف عمق الهويات المتعددة في زمن العولمة.
اختيار الكاريبي ضيف شرف المعرض هو احتفاء بالتنوع والاختلاف والانفتاح، لا بوصفها شعارات ثقافية، بل بوصفها قضايا وجودية تعيشها شعوب العالم؛ إنه تكريم لأدب يُعيد للعالم أصواته المنسيّة، ويسائل المفاهيم السائدة، ويمنح الآخر المختلف فرصة الحضور والتأثير.
وتقدّم هذه الخطوة فضاءً رحباً لمدّ جسور التعاون بين صنّاع النشر من العالمين العربي والكاريبي، عبر الترجمة والتوزيع وتبادل الحقوق، مما يُسهم في إثراء المشهد الثقافي المشترك، وتعزيز الحضور المتبادل في الأسواق العالمية، كما أنها فرصة ثمينة أمام القارئ العربي والباحث والمترجم للاطلاع على تجارب أدبية تشبهنا في عمقها، حتى وإن بدت مختلفة في مظهرها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 2 أيام
- البوابة
تفاصيل افتتاح ركن نجيب محفوظ.. مدير مكتبة الإسكندرية يوضح
كشف الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، تفاصيل افتتاح ركن نجيب محفوظ في مكتبة الإسكندرية، قائلًا: "إن الدولة تدعم الهوية الثقافية، حيث أن أهم عنصر فيها بجانب الحفاظ على اللغة والعادات والتقاليد، هو المحافظة على التراث الذي نرثه من الماضي والأثار والرموز القديمة". وقال "زايد" في مداخلة هاتفية لبرنامج "صباح الخير يا مصر" على فضائية "مصر الأولى" اليوم الثلاثاء، أنه تم افتتاح ركن نجيب محفوظ داخل مكتبة الإسكندرية، وذلك من أجل الحفاظ على تراث هذا الشخص العبقري، ونحرص على الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، موضحًا أن المكتبة افتتحت ركنًا خاصًا بالأديب العالمي نجيب محفوظ في المستوى السفلي الأول من المكتبة بقاعة الاطلاع الكبرى بالمكتبة. وتابع، أن الركن الخاص بالأديب العالمي نجيب محفوظ يُعد تكريمًا دائمًا لإرث أديب نوبل الراحل. يذكر أن ركن نجيب محفوظ قد تم تصميمه في مكتبة الإسكندرية بفضل الإهداءات القيمة التي قدمتها ابنته السيدة أم كلثوم للمكتبة في مارس 2024، والتي تضمنت عددًا من مقتنيات محفوظ، بالإضافة إلى مكتبته الخاصة التي تضم قرابة ألفي وأربعمائة كتاب، تتنوع بين أعماله الروائية بلغات مختلفة، وكتب قواميس موسوعات اقتناها محفوظ أو أهديت إليه، وكان يحتفظ بها في منزله. ومن ضمن هذه الإهداءات كذلك أقلام محفوظ الشخصية، ومِسبحته الخاصة، وسماعتي أذنيه إلى جانب تمثال نصفي لصاحب نوبل، وعدد من الصور الشخصية، وخطابات من الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك.


البوابة
منذ 3 أيام
- البوابة
ركن نجيب محفوظ في مكتبة الإسكندرية.. ذاكرة حية لأديب نوبل
افتتحت مكتبة الإسكندرية ركنًا خاصًا بالأديب العالمي نجيب محفوظ في المستوى السفلي الأول من المكتبة بقاعة الاطلاع الكبرى بالمكتبة. وقد صرَّح الدكتور أحمد زايد مدير المكتبة أن الركن يُعَدُّ تكريمًا دائمًا لإرث أديب نوبل الراحل. وقد أُقيم ركن محفوظ بفضل الإهداءات القيّمة التي قدّمتها ابنته السيدة أم كلثوم للمكتبة في مارس 2024، والتي تضمنت عددًا من مقتنيات محفوظ، بالإضافة إلى مكتبته الخاصة التي تضم قرابة ألفي وأربعمائة كتاب، تتنوع بين أعماله الروائية بلغات مختلفة، وكتب قواميس موسوعات اقتناها محفوظ أو أهديت إليه، وكان يحتفظ بها في منزله. مكتبة الإسكندرية تخصص ركن خاص بالاديب نجيب محفوظ ضمت الإهداءات كذلك أقلام محفوظ الشخصية، ومِسبحته الخاصة، وسماعتي أذنيه إلى جانب تمثال نصفي لصاحب نوبل، وعدد من الصور الشخصية، وخطابات من الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك. وقال الدكتور محمد سليمان القائم بأعمال نائب مدير المكتبة أن ركن نجيب محفوظ يمثل إضافة مهمة ونوعية لمكتبة الإسكندرية، ونافذة حية تتيح للجمهور الاطلاع على عالم أحد أعظم الأدباء في تاريخ الأدب العربي. وهو خطوة مهمة في توثيق تاريخ الأديب الراحل وتقديمه للأجيال الجديدة.


الموجز
منذ 6 أيام
- الموجز
"مصر شالت اللي محدش شاله".. أديب يفتح النار على الشركاء الدوليين
عمرو أديب ينتقد تقليص دعم اللاجئين في مصر: "اللي حصل ده غسيل إيد.. ومصر مش ناقصة" وجّه الإعلامي عمرو أديب انتقادات حادة لمفوضية اللاجئين بعد قرارها تقليص الدعم المقدم للاجئين داخل مصر، معتبرًا ما حدث بمثابة "غسيل يد" من المسؤولية، مطالبًا بتحرك مصري قوي للحفاظ على حقوقها في هذا الملف الإنساني المعقد. وقال أديب خلال حلقة الجمعة من برنامجه "الحكاية" على قناة MBC مصر: "اللي حصل ده معيلة وغسيل إيد، ومصر لازم تتحرك علشان تاخد حقها. مصر فيها اللي مكفيها، وبنكمل عشانا نوم"، في إشارة إلى الأعباء الاقتصادية الكبيرة التي تتحملها الدولة دون دعم كافٍ من الشركاء الدوليين. وأضاف أديب موجهًا حديثه إلى الشركاء الأوروبيين والمفوضية: "متقولوش مصر عظيمة وعلى راسي وده دورها وطول عمرها حضن، واذا كان حبيبك حضن متبوظهوش كله"، مطالبًا بوقف الخطاب العاطفي ودعم مصر فعليًا في مواجهة أزمة اللاجئين. وفي رسالة قوية، قال أديب: "مصر تستحق جائزة نوبل في إغاثة اللاجئين، لأن كل حدودها مفتوحة، وحتى ما بعد حدودها دول ترسل لاجئين، ومصر تتحمل"، مؤكدًا أن الدور المصري في هذا الملف غير مسبوق ويستحق التقدير الدولي الفعلي لا مجرد الإشادة الإعلامية. عمرو أديب: بعد الاجراءات اللي عملتها مفوضية اللاجئين لازم مصر يبقى ليها موقف واضح. وحاسم.. وعمري ما اطلب اننا نمشي اللاجئين احنا البلد الحضن برنامج #الحكاية يعرض الآن على #MBCMASR الجمعة - الأثنين الساعة 10:00 مساءً بتوقيت القاهرة مجاناً على شاهد — الحكاية (@Elhekayashow) May 16, 2025