logo
خيارات بوتين الصعبة بعد الضربة الأوكرانية القاسية

خيارات بوتين الصعبة بعد الضربة الأوكرانية القاسية

الجزيرةمنذ 3 أيام

استيقظ العالم صباح الأحد، 1 يونيو/ حزيران 2025، على عمل عسكري أوكراني، ضد روسيا ـ ثاني أعظم قوة عسكرية في العالم ـ يكاد يتطابق، تقريبًا، مع معركة بيرل هاربر في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1941، عندما باغتت البحرية الإمبراطورية اليابانية، بـ 353 طائرة حربية، الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ، وهو الهجوم الذي غير مجرى التاريخ، وحمل واشنطن على التورط في الحرب العالمية الثانية.
صحيح أن الهجوم الأوكراني قد يكون "نسخة" من بيرل هاربر، في مغامرته وجرأته، و"جنونه" إذا جاز التعبير، ولكنه يستنطق المساحات المسكوت عنها، حول حصانة الجيش الروسي أمنيًا من جهة، وقدرته على "الثأر" عسكريًا، من جهة أخرى. على نحو ما أقدمت عليه الإدارة الأميركية، ضد اليابان، وتجردها من إنسانيتها، حين ذهبت إلى أبعد نقطة من الانتقام، بغض النظر عن مآلاته على المستويين: الأخلاقي، والإنساني.
باغت الأوكرانيون ـ يوم الأحد الماضي ـ الجيش الروسي، بـ 117 طائرة مسيرة مهربة إلى داخل روسيا، في عملية أطلق عليها الأوكرانيون "شبكة العنكبوت"، دمرت خلالها 40 طائرة روسية في أربع قواعد عسكرية، مما أسفر عن تدمير 34% من حاملات صواريخ كروز الإستراتيجية الروسية.
ومن بين المفاجآت أو الصدمات المتلاحقة والمترتبة على العملية، ولعلها تحمل حزمة من الأسئلة التي من شأنها فتح ما استغلق على الرأي العام الروسي المصدوم والغاضب، أن أربع قواعد جوية روسية – منها اثنتان تبعدان آلاف الأميال عن أوكرانيا – قد تضررت بشكل كامل أو جزئي، وهي:
بيلايا في منطقة إيركوتسك، سيبيريا، أولينيا في منطقة مورمانسك، أقصى شمال غرب روسيا، دياجليفو في منطقة ريازان الوسطى، وإيفانوفو في منطقة إيفانوفو الوسطى.
وتقول التقديرات الأولية، إن الأضرار التي لحقت بالطيران الإستراتيجي الروسي تجاوزت الـ 7 مليارات دولار.
العملية ـ بحسب إفادات الاستخبارات الأوكرانية ـ جرى التحضير لها بسريّة تامة، حيث استغرقت عامًا ونصف العام، أي 18 شهرًا، ولم يعلم عنها الروس شيئًا!
التفاصيل ـ هنا ـ شديدة الأهمية، لجمع أجزاء الصورة المبعثرة، بشأن ثاني أكبر عملية عسكرية بعد بيرل هاربر تقريبًا، وما إذا كانت قد تمت، بخبرات أوكرانية محضة، أم بخبرات أمنية مشتركة مع الناتو، وما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان مطّلعًا على الخطط؛ بهدف تليين موقف بوتين المتصلّب وكسر شوكته، وحمله على القبول بأن ينزل عند التصور الأميركي بشأن تسوية سلمية تنهي الحرب.
فبحسب السردية الأمنية الأوكرانية، والتي لم تكذبها روسيا الرسمية، فإن الطائرات بدون طيار، كانت مخبأة في كبائن خشبية متنقلة، مزودة بأسقف يتم التحكم بها عن بُعد على شاحنات، تم جلبها بالقرب من القواعد الجوية ثم إطلاقها في الوقت المناسب.
بيدَ أن المفاجأة "المدوية" التي ربما زلزلت، صنّاع القرارَين: الأمني، والعسكري في موسكو، هو ما صرّح به الرئيس الأوكراني زيلينسكي حين قال: "الأمر الأكثر إثارة للاهتمام – ويمكننا أن نعلن ذلك علنًا – هو أن "غرفة" عمليتنا على الأراضي الروسية كانت تقع بجوار جهاز الأمن الفدرالي الروسي في إحدى مناطقه"، مؤكدًا أيضًا أن جميع الأشخاص المشاركين في العملية قد نُقلوا بأمان من روسيا قبل الغارات.
تصريحات زيلينسكي، تعمدت "إذلال" القيادة السياسية الروسية بلا شك، وزعزعة ثقة بوتين في جيشه، وإبراق رسالة إلى الكرملين تفيد بأن الأمن القومي الروسي، بات مكشوفًا أكثر من أي وقت مضى، ما سهل على الأوكرانيين، تنفيذ عملية عسكرية ضخمة ومجنونة، ولكنها ـ في الوقت ذاته ـ تشبه النزهة في اصطياد الأرانب البرية.
في السياق، فقد كشفت العملية، مدى ضعف روسيا أمام الهجمات الأوكرانية غير التقليدية، وقد تجلى هذا في الهجوم المضاد الناجح لأوكرانيا عام 2022، واجتياح البحرية الروسية من وسط وغرب البحر الأسود، وهجوم كورسك العام الماضي.
ومن جهة أخرى، يتوقع معظم المراقبين ردًا من الكرملين على الهجوم الأوكراني، وبينما يدعو بعض مدوّني الحرب الروس غير المتزنين إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي، فمن المرجح- كما يقول جون إي. هيربست في موقع atlantic council – أن ترد موسكو وفقًا للنهج العملياتي الحالي، على سبيل المثال، بشن هجمات جوية أكثر ضراوة.
وبينما يُمثل تدمير الطائرات ضربة موجعة لسلاح الجو الروسي وهيبة بوتين، فإنه لا يُقارن في أهميته بالهجوم الأوكراني المضاد في خريف عام 2022. فوَفقًا لحسابات بوتين في هذه الحرب، تُعتبر الأسلحة النووية في المقام الأول أداةً خطابيةً لتخويف القادة الغربيين من دعم أوكرانيا بشكل أقوى.
بيدَ أن ثمة سؤالًا، سيكون من الصعب الإجابة عنه، ولكن بوسع أي مراقب، أن يدلف إلى المنطقة القريبة مما حدث فعليًا، بشأن ما إذا كان البيت الأبيض، قد شاركت أجهزته الأمنية، في التحضير للعملية، أو على الأقل على علم بها.
فلطالما وعد دونالد ترامب بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال في أوكرانيا خلال يوم واحد، لكن بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على توليه ولايته الثانية، يبدو هذا الهدف بعيد المنال، وعبّر مؤخرًا عن استيائه من الزعيم الروسي عبر الإنترنت، وكتب على منصته "تروث سوشيال": إن بوتين "مجنون تمامًا" وإنه "يقتل الكثير من الناس بلا داعٍ" في أوكرانيا.
وكان سيث جونز ـ رئيس قسم الدفاع والأمن في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) ـ قد حذر ترامب في وقت سابق من أن " روسيا تُفضّل أن ينتهي هذا الأمر بانتصارٍ في ساحة المعركة، بدلًا من الاضطرار إلى الدخول في أي نوع من محادثات السلام الجادة التي قد تُجبرها على التخلي عن بعض أهدافها".
حتى اليوم، لم يُعلن البيت الأبيض سوى أن كييف لم تُعلمه بالعملية مُسبقًا، في حين وقع الهجوم بعد أيام قليلة من زيارة السيناتورين: ليندسي غراهام، وريتشارد بلومنثال إلى أوكرانيا، حيث أعلنا أن مجلس الشيوخ سيمضي قدمًا هذا الأسبوع في مشروع القانون الذي طال انتظاره لفرض عقوبات إضافية كبيرة على روسيا، فماذا كانا يفعلان هناك عشية توقيع الرئيس الأوكراني على هذه العملية غير المسبوقة؟!
وأيًا ما كان الأمر، فإن إدارة ترامب، ليس بوسعها غير استثمار الهجوم الأوكراني الذي فتّ ـ بلا شك ـ في عضد التشكيلات الصلبة والإستراتيجية داخل الجيش الروسي، فوفق تقرير للإيكونوميست يوم الأحد فإن الكرملين ربما يملك أقل من 90 طائرة من طراز تو-22 وتو-95 وتو-160 إجمالًا تحت تصرفه، فيما أكد معهد دراسة الحرب ـ وهو مؤسسة بحثية مقرها الولايات المتحدة ـ أن هجمات الأحد "قد تقيد مؤقتًا -على الأقل- قدرة روسيا على تنفيذ ضربات طويلة المدى بطائرات بدون طيار وصواريخ في أوكرانيا".
وعليه فقد يُرسل ترامب رسالة مفادها أنه إذا لم يستطع بوتين قبول وقف إطلاق النار، فستُفرض عقوبات جديدة كبيرة. مستغلًا النجاح الأوكراني الأخير في ساحة المعركة لتحقيق هدف ترامب نفسه: سلام دائم في أوكرانيا.
بالنظر إلى تطوّرات المشهد العسكري والسياسي، لا يمكن الجزم بأن بوتين قد هُزم فعليًا، وإن كانت الضربات الأوكرانية المتكررة داخل العمق الروسي توحي بتحوّل في معادلات الردع التقليدية. فبوتين لا يزال يحتفظ بمفاتيح القوة العسكرية والنووية، وبسيطرته على أجهزة الدولة ووسائل الإعلام، ويواصل تأطير الحرب على أنها "معركة وجودية" ضد الغرب.
ومع ذلك، فإن اتساع نطاق الضربات، وتزايد التململ الداخلي، وتآكل ثقة الشركاء الدوليين التقليديين، كلها مؤشرات على أن الكرملين يواجه تحديات غير مسبوقة. فالهزيمة، في السياق الروسي، ليست دائمًا سقوطًا عسكريًا مباشرًا، بل يمكن أن تبدأ من الشرخ في صورة "القائد الذي لا يُهزم".
وفي هذا السياق، قد تكون الهزيمة الأخطر هي تلك التي لا يعلنها بوتين، بل تفرضها وقائع الداخل والضغوط المتراكمة من الخارج.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

روسيا تشن هجوما ضخما على أوكرانيا وتعتبر النزاع "قضية وجودية"
روسيا تشن هجوما ضخما على أوكرانيا وتعتبر النزاع "قضية وجودية"

الجزيرة

timeمنذ 33 دقائق

  • الجزيرة

روسيا تشن هجوما ضخما على أوكرانيا وتعتبر النزاع "قضية وجودية"

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا أطلقت وابلا من الصواريخ والطائرات المسيرة على العاصمة كييف فجر الجمعة، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص، في حين اعتبرت موسكو أن الحرب في أوكرانيا تمثل "قضية وجودية" بالنسبة لها. وجاءت الهجمات في أعقاب تحذير من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نقله عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأن الكرملين سيرد على كييف بعد أن دمرت طائرات مسيرة أوكرانية عدة قاذفات إستراتيجية في هجمات بعمق روسيا. وقال زيلينسكي إن "3 من العاملين في فرق الاستجابة للطوارئ" قتلوا في هجوم بصواريخ وطائرات مسيرة على العاصمة. وقتل رابع في هجوم على مدينة لوتسك في شمال غرب البلاد. وأضاف في خطابه المسائي المصوّر، اليوم الجمعة، قال زيلينسكي إن القتلى في كييف "كانوا من فرق الإنقاذ" التي هرعت إلى موقع الضربة الأولى، قبل أن تُستهدف مجددا بضربة روسية ثانية أدّت إلى مقتلهم. وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن 80 أصيبوا في أنحاء البلاد في الهجمات التي استهدفت أيضا عدة بلدات ومدنا أخرى بالإضافة إلى كييف. من جهته، كتب وزير الخارجية أندريه سيبيها على منصة إكس إن روسيا ردّت خلال الليل على تدمير طائراتها "بشن هجمات استهدفت مدنيين في أوكرانيا"، مما أسفر عن إصابة مبان متعددة الطوابق وتضرر البنية التحتية للطاقة. وذكرت الإدارة العسكرية لكييف أن نظام النقل بمترو الأنفاق تعطل بسبب ضربة روسية أصابت مسارات بين المحطات وألحقت أضرارا بها. مشيرة إلى أن شركة السكك الحديدية الحكومية حولت أيضا بعض القطارات بسبب الأضرار التي لحقت بالسكك الحديدية خارج المدينة. وأفاد شهود بوقوع سلسلة من الانفجارات المدوية التي تسببت قوتها في هز النوافذ لمسافات بعيدة عن مواقع القصف. كما أفاد مراسل الجزيرة بسماع دوي 4 انفجارات في مدينة خاركيف شرقي أوكرانيا. "قضية وجودية" في المقابل، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها شنت الهجوم على أهداف عسكرية وأخرى ذات صلة بالجيش ردا على ما وصفتها بأنها "أعمال إرهابية" أوكرانية ضد روسيا. وأكدت روسيا أن النزاع في أوكرانيا "قضية وجودية" بالنسبة إليها، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي "بالنسبة إلينا إنها قضية وجودية، قضية تتعلق بمصلحتنا الوطنية وأمننا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا وبلدنا". وتوعدت روسيا في الأيام الأخيرة بالرد على الهجوم الذي شنته أوكرانيا في نهاية الأسبوع الماضي ضد قاذفات روسية، على مسافة آلاف الكيلومترات من حدودها. وبعد أقل من أسبوع من ذلك، أكّد الجيش الأوكراني أنه قصف "بنجاح" قاعدتين جويتين أخريين في روسيا خلال الليل، في منطقتي ساراتوف وريازان، موضحا أنه أصاب مستودعات وقود. كما اتهمت موسكو كييف بالوقوف وراء تفجيرات طالت جسورا في مناطق محاذية للحدود في نهاية الأسبوع الفائت وتسببت بخروج قطار ركاب وقطار شحن وقطار مراقبة عن السكة، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، معتبرة أن هدفها تقويض مباحثات السلام بين البلدين. ويشي تصعيد المعارك بابتعاد احتمالات التهدئة بعد أكثر من 3 سنوات من بدء الحرب، رغم الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضغوط الرئيس الأميركي ترامب لإجراء مفاوضات وإنهاء الحرب. وباتت روسيا تسيطر على نحو 20% من أراضي أوكرانيا، من بينها شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014. ولم تُتِح جولتا مفاوضات في إسطنبول تقريب وجهات النظر في شأن التوصل إلى هدنة تدفع إليها واشنطن. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.

قوات الاحتلال تقتحم اليامون بجنين وتصيب فلسطينيا قرب رام الله
قوات الاحتلال تقتحم اليامون بجنين وتصيب فلسطينيا قرب رام الله

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

قوات الاحتلال تقتحم اليامون بجنين وتصيب فلسطينيا قرب رام الله

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الجمعة، بلدة اليامون غرب جنين، في حين أصيب شاب في قرية دورا القرع شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت اليامون ونشرت قناصتها على أسطح المنازل، ودهمت منزل مواطن، وسط تحليق للطائرات المسيّرة، مما أدى إلى اندلاع مواجهات في البلدة. يأتي ذلك بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، إلى جانب تصعيد اقتحاماته لسائر بلدات وقرى المحافظة. وفي دورا القرع، أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم، في قرية شمال شرق رام الله. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت قرية دورا القرع، وأطلقت الرصاص الحي، مما أدى لإصابة شاب (24 عاما). وقالت جمعية الهلال الأحمر إن الشاب أصيب بالرصاص الحي في الفخذ، مشيرةً إلى أن طواقمها تعاملت مع الإصابة ونقلته إلى المستشفى. وفي السياق، ذكرت مصادر أمنية ومحلية أن قوات الاحتلال اقتحمت بلدات بيرزيت وكوبر وأبو شخيدم شمال رام الله، دون أن يبلغ عن اعتقالات أو مداهمات. من جهة أخرى ذكرت مصادر للجزيرة مساء الجمعة أن مستوطنين يهودا اقتحموا قرية أم الخير في مسافر يطا جنوبي الخليل وقاموا بتأدية طقوس تلمودية. بالتوازي مع إبادة غزة، صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون عدوانهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد 973 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 180 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

هل روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى؟
هل روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

هل روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى؟

شهدت روسيا هجوما واسع النطاق ب الطائرات المسيّرة استهدف قاذفاتها الإستراتيجية، في تصعيد نوعي من جانب أوكرانيا ، ورغم الخسائر فإن روسيا على ما يبدو قادرة على استعادة قوتها بسرعة. ويقول المحلل العسكري الأميركي براندون وايكيرت -في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست الأميركية- إنه بينما تتفاخر وسائل الإعلام الغربية وتحتفل بـ"هدف الانتصار" في أعقاب الهجوم المفاجئ واللافت الذي شنته أوكرانيا على أسطول القاذفات الإستراتيجية الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية بعيدة المدى فإن من المهم الحصول على تقييم أكثر دقة لحجم الأضرار. وحتى الآن، ركزت معظم التقارير -التي غالبا ما تستند إلى مصادر أوكرانية- على إبراز تراجع القدرة التشغيلية الفعلية لأسطول القاذفات بعيدة المدى لدى روسيا. ويرى وايكيرت أنه لا شك في أن الضربة ستخلف أضرارا حقيقية ودائمة، ولكن قل من أشار إلى أن ما تبقى لدى روسيا من قدرات في مجال القاذفات الإستراتيجية لا يزال يشكل خطرا بالغا، فضلا عن امتلاك الكرملين قدرات ضاربة بعيدة المدى من البر والبحر تساهم في استكمال عناصر "ثالوثه النووي". وفيما يتعلق بالهجوم نفسه، تقدّر أوكرانيا أنها ألحقت أضرارا بما يصل إلى 30% من أسطول القاذفات الإستراتيجية النشطة لدى روسيا والقادرة على حمل رؤوس نووية، أما التأثيرات طويلة المدى لتلك الضربة فلا تزال غير واضحة. مخزون كبير ومع ذلك، يشار إلى أن روسيا لا تزال تحتفظ بعدد كبير من الأنظمة المماثلة في المخازن الباردة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وبالتأكيد، تعد هذه الهياكل الجوية عتيقة وفقا للمعايير الحديثة، لكن، كما هو الحال مع دبابات القتال الرئيسية "تي 72″ و"تي 90" فقد أثبتت موسكو بالفعل قدرتها العالية على تحديث الأنظمة القديمة وتحويلها إلى أدوات فعالة في ميادين المعارك الحديثة، فلماذا يفترض أن الوضع سيكون مختلفا بالنسبة لقاذفاتها الإستراتيجية الموجودة في المخازن وغير المستخدمة حاليا؟ يشار أيضا إلى أن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية تعمل حاليا بمستويات من الكفاءة لم يشهدها أحد منذ أوج الاتحاد السوفياتي في حقبة الحرب الباردة ، وإذا أرادت روسيا إعادة القاذفات المخزنة إلى الخدمة فإنها على الأرجح ستكون قادرة على فعل ذلك خلال فترة قصيرة. ويقول وايكيرت إنه يجب على حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن يدرك الواقع الذي يواجهه فيما يخص القدرات الروسية، وإذا تبنى الحلف دون تمحيص كل ما يقوله النظام الأوكراني خلال زمن الحرب فإنه سيكون عرضة لارتكاب أخطاء إستراتيجية جسيمة. واستهدفت الهجمات المفاجئة بالطائرات المسيّرة الأوكرانية قواعد عسكرية إستراتيجية روسية رئيسية تقع في عمق سيبيريا مركزة على قاذفات "تي يو 95″ و"تي يو 22 إم" بالأساس، وبوضوح تظهر الأدلة المصورة للهجمات وما تلاها وجود عدد من القاذفات وهي مشتعلة على مدارج القاعدتين. ومقارنة بذروة قوة القوات الجوية السوفياتية خلال الحرب الباردة يعتبر أسطول القاذفات العملياتي الروسي اليوم صغيرا نسبيا، ولذلك فقد ألحقت الهجمات الأوكرانية أضرارا، على الأقل على المدى القريب. وقبل الهجوم الأوكراني على روسيا كان يعتقد أن لدى الروس ما بين 50 إلى 60 طائرة من طراز "تي يو 95" في الخدمة الفعلية، مع وجود هياكل جوية إضافية في الاحتياط أو المخازن، وخضع أسطول "تي يو 95" لعمليات تحديث على مر السنوات، مثل النسخة "تي يو 95 إم إس إم". إعلان أما الطرازات الأقدم مثل "تي يو 95 كيه" و"تي يو 95 إم" فمن المرجح أنها محفوظة في المخازن كاحتياطي إستراتيجي. وتشير بعض التقديرات إلى أن روسيا قد تمتلك ما بين 20 إلى 30 طائرة إضافية من طراز "تي يو 95" في المخازن على الرغم من أن صلاحيتها للطيران تختلف من طائرة إلى أخرى. وقبل الهجوم الأوكراني في الأول من يونيو/حزيران كان لدى الروس نحو 60 إلى 70 طائرة من طراز "تي يو 22 إم" في الخدمة الفعلية، ويعتقد أن روسيا تمتلك ما بين 50 إلى 100 هيكل طائرة إضافي من هذا الطراز في المخازن. "مقابر الطائرات" وتشير تقارير غير مؤكدة إلى أن جزءا كبيرا من هذه الطائرات المخزنة غير صالحة للطيران في حالتها الراهنة. ومع ذلك، ونظرا لكفاءة القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية -كما اعترف بذلك قادة الناتو على مضض- فإن موسكو ستكون قادرة على الأرجح على إعادة عدد كبير من هذه الطائرات إلى حالة قتالية خلال فترة زمنية مضغوطة نسبيا إذا اقتضت الحاجة. وعلى غرار الولايات المتحدة حافظت القوات المسلحة الروسية على ما تعرف بـ"مقابر الطائرات"، في إشارة إلى ساحات لتخزين الطائرات غير المستخدمة، خصوصا في قواعدها الجوية الداخلية مثل تشيبينكي وإنغلز. وتضم هذه "المقابر" النماذج التي جرى الحديث عنها من القاذفات، وهي ليست في الخدمة الفعلية، لكن يحتفظ بها في القواعد الجوية باعتبارها احتياطيا إستراتيجيا كإجراء وقائي، تحسبا لتصعيد مفاجئ من النوع الذي تواجهه موسكو حاليا. ورغم النجاح الذي حققته روسيا في تجهيز قاعدتها الصناعية الدفاعية للصراع بين القوى العظمى في العصر الحديث فإنها تعاني من "عنق زجاجة" في مجال أنظمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام. وببساطة، فإن روسيا ليست جيدة في تصنيع الإلكترونيات، خاصة تلك المطلوبة لأنظمة الدفاع قصيرة المدى التي كان من الممكن أن تحمي قواعدها الجوية من هجمات المسيّرات الأوكرانية. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأنظمة الإلكترونية مزدوجة الاستخدام تعد ضرورية أيضا لتطوير مكونات الطائرات المقاتلة والقاذفات المطورة. تأخر إلكتروني ومن اللافت أن هذه المعضلة المتعلقة بالإلكترونيات مزدوجة الاستخدام -والتي لا تزال تعقد القدرة الإنتاجية الكثيفة والموثوقة للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية- ليست مشكلة جديدة على الكرملين، بل تعود إلى الحقبة السوفياتية عندما خسر الاتحاد السوفياتي الحرب الباردة إلى حد كبير بسبب عجزه عن مجاراة الولايات المتحدة في هذا المجال الحاسم. وفي حين أن الصين بصفتها مركزا عالميا للتصنيع المتقدم تمكنت من تعلم كيفية إنتاج مثل هذه الأنظمة الحيوية لا تزال روسيا متأخرة بشكل كبير عن كل من الولايات المتحدة والصين رغم امتلاكها قاعدة هندسية وعلمية ذات كفاءة. ومع ذلك، فإن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية مهيأة بشكل جيد لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد من النوع الذي تخوضه حاليا ضد أوكرانيا. ويقول وايكيرت إنه لا شك أن أزمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام ستشكل عامل تعقيد في جهود روسيا لإعادة تأهيل أسطول قاذفاتها. ومع ذلك، فإن قواتها العسكرية لم تتعرض لضرر بالغ كما يزعم بعض المعلقين المؤيدين لأوكرانيا، بل إن احتمالية تعافيها من هذا الهجوم خلال فترة قصيرة تعد مرتفعة. ولا تزال الحقائق الأساسية لهذا الصراع تميل ضد أوكرانيا وحلف الناتو، فروسيا أكبر بكثير وتمتلك قاعدة صناعية دفاعية أكثر تطورا، وأي مشكلات واجهها جيشها في الأسابيع الأولى من الصراع تم تجاوزها إلى حد بعيد. أما الضربة التي استهدفت أسطول قاذفاتها -رغم جرأتها- فهي لا تغير من هذه الحقائق الجوهرية كثيرا. وخلص المحلل العسكري الأميركي إلى أن الحل التفاوضي يبقى هو المسار الأفضل لإنهاء هذه الحرب، فإن لم يحدث ذلك فإنه من المؤكد تقريبا أن روسيا ستفوز إن عاجلا أو آجلا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store