logo
العدوان على إيران: نجاحات تكتيكية وفشل استراتيجي

العدوان على إيران: نجاحات تكتيكية وفشل استراتيجي

معا الاخباريةمنذ 4 ساعات

جاء وقف إطلاق النار في الحرب على إيران في موعده، بعد أن نضجت الحاجة إليه عند أطراف الحرب الثلاثة: إسرائيل وإيران والولايات المتحدة. وليس هناك ما يدعو للتشكيك في إعلان دونالد ترامب أن إسرائيل وإيران توجهتا إليه بالوقت نفسه تقريبا، وطلبتا «السلام» ووقف الحرب.
ولا يبدو أن أحدا من الأطراف «اضطر» إلى وقف الحرب، فإيران، اتخذت موقفا واضحا وبسيطا، دعت من البداية وعلى طول الطريق إلى وقف الحرب دون شروط، وكان لها ذلك.
وكان واضحا أن القيادة الإيرانية تنفست الصعداء بعد إعلان ترامب عن وقف الحرب.
أمّا المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فهي تعتمد منطق «المنفعة الحدّية» (الفائدة الحاصلة من اتخاذ خطوة إضافية بالاتجاه نفسه) كأداة عقلانية في حسابات اتخاذ قرار التوقّف عن السير بالاتجاه نفسه، وقد تعالت أصوات بأن المنفعة الحاصلة من كل موجة غارات جديدة تقل أكثر فأكثر وتتآكل إلى درجة أنها تكاد تكون بالمحصلة عديمة الفائدة، وحتى سلبية، أخذا بعين تناقص الأهداف الجدية وتراكم الخسارة. وفي حالة الحرب على إيران كان هناك تطابق شبه كامل في الموقف بين المستويين الأمني والسياسي في إسرائيل استنادا إلى إطالة الحرب بالقدر اللازم لتحقيق الأهداف، وعدم إطالتها أكثر من اللازم تفاديا للانجرار إلى حرب استنزاف. وهكذا أوقفت إسرائيل حربها في النقطة التي لم تعد فيها قادرة على تحقيق مكاسب إضافية وازنة. وللمقارنة فإن الخلاف في القيادة الإسرائيلية حول الحرب على غزة يدور حول اقتناع العسكر بأن «المنفعة الحدية» في الحرب تراجعت وتآكلت ويجب وقف الحرب، ونتنياهو في المقابل يصر على مواصلة الحرب تبعا لحسابات أخرى.
فور الإعلان عن وقف إطلاق النار، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى كيل المديح لنتائج الحرب (ولنفسه) قائلا إن إسرائيل حققت نصرا تاريخيا على إيران وإنها دفنت المشروع النووي الإيراني وتوعد بمواصلة «سحق» المحور الإيراني والقضاء على حركة حماس.
وحاول نتنياهو ومن حوله افتعال «فرحة النصر» لكنهم لم ينجحوا، لأن قسما واسعا من الجمهور الإسرائيلي لا يثق بنتنياهو، حتى لو أيّده في الحرب، ولأنه لم يصدّق مقولة «لقد قضينا على التهديد النووي والصاروخي الإيراني»، التي رددها نتنياهو.
من جهته يريد ترامب مواصلة المباحثات للتوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، ويبدو أن الوفد الأمريكي سيأتي إلى المفاوضات بالمقترح السابق ذاته وهو منع إيران عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وتزويدها بمواد مخصّبة من الخارج لغرض انتاج الكهرباء، كما هو الحال في الاتفاق مع دولة الإمارات، وكما قد يكون عليه مع السعودية. هكذا ستعود المفاوضات إلى نقطة البداية، وكأن حربا لم تكن، خاصة إذا تمسّكت إيران بموقفها الرافض لهذا المقترح. وقد تكون نتيجة الحرب أن تأثير إسرائيل على الاتفاق سيكون أقل من السابق، لأن ترامب يشعر بأنه قدم الكثير لها وهي «مديونة» له وليس لها الحق في إفشال ما يسعى إليه من اتفاق.
لقد حققت إسرائيل في هذه الحرب نجاحات مهمة ووازنة وبعضها مفاجئة، لكنّها تبقى في خانة المكاسب التكتيكية. ومع أنّه لا يجدر الاستهتار بهذه المكاسب، إلّا أن إسرائيل منيت بفشل استراتيجي شامل، حيث لم تحقق أي من الأهداف بعيدة المدى التي وضعتها علنا وصراحة أو بشكل موارب وغير رسمي. وفي سبيل اختلاق الشعور بالنصر تلجأ إسرائيل الرسمية إلى تضخيم المنجزات التكتيكية للتغطية على الإخفاق الاستراتيجي. في المقابل نرى إيران تحاول التقليل من أهمية ووزن خسائرها، وتركّز على فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها الاستراتيجية في الحرب.
ولكن، وفي كل الأحوال، تبقى إسرائيل هي المعتدي وإيران هي المعتدى عليها. وهذا العدوان في منتهى الخطورة، خاصة وأنه جرى بمشاركة كاملة في الدفاع وفي الهجوم من قبل الولايات المتحدة، التي ما زالت تتربع على عرش القوّة العظمى الأولى في العالم. هذا الاعتداء ليس على إيران وحدها، بل على شعوب المنطقة كافة، لأنّه يبغي بسط هيمنة إقليمية لإسرائيل، ما يسهّل عليها ارتكاب جرائمها والبطش بالشعب الفلسطيني ومواصلة العمل على فك الارتباط بينه وبين وطنه وعلى محوه سياسيا وحتى ماديا، وكذلك إطلاق يدها في قضم مناطق في سوريا ولبنان واستباحة سيادة دول المنطقة.
تكتيكيا
يجب الاعتراف أن العدوان الإسرائيلي على إيران حقق نجاحات كبيرة، لا تجدر الاستهانة بها أو التقليل من شأنها. ومع ذلك هذا ليس «نصرا تاريخيا» كما تبجّح نتنياهو، بل دليل ضعف كبير في إيران، لكنها قد تصبح لاحقا قادرة على تجاوزه.
لقد استطاعت إسرائيل في هجماتها المتكررة على إيران توجيه ضربة قوية للمشروع النووي الإيراني وتدمير قسم كبير منه. كما أنها استهدفت مشروع الصواريخ الإيراني وقصفت منصات الإطلاق ومرافق التصنيع ومواقع التخزين، وسبب أضرارا جسيمة لهذا المشروع أيضا. وكان من أهم الإنجازات الإسرائيلية تعطيل الدفاعات الجوية في أجزاء واسعة من إيران، ما مكّن الطائرات الإسرائيلية من استهداف مواقع إيرانية حساسة، دون خشية من التعرّض لصواريخ أرض جو.
ونجحت إسرائيل في تجنيد المجتمع الدولي الغربي إلى جانبها وتسابقت دول ما يسمى بالعالم الحر في إعلان دعمها للعدوان الإسرائيلي ولأهدافه المعلنة. ووصل هذا النجاح ذروته في دخول الولايات المتحدة كشريك كامل في الحرب حيث وفّرت الأسلحة والذخائر والمعلومات المخابراتية، وشاركت في التصدي للصواريخ الإيرانية، ودفعت بالقاذفات العملاقة لقصف منشأة «فوردو».
استراتيجيا
منذ أكثر من ثلاثة عقود وإسرائيل تهدد بشن حرب على إيران لتدمير مشروعها النووي، بالادعاء أن طهران تسعى إلى إنتاج سلاح نووي لاستعماله في إبادة إسرائيل. وساد الدولة الصهيونية إجماع بأن أهم الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية، وليس مجرد أحد الاهداف، هو القضاء على التهديد النووي الإيراني، وأضيف إليه لاحقا التهديد الصاروخي، واعتبر كل منهما على حدة والإثنين معا خطرا وجوديا. ويبدو بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار أن الأضرار التي لحقت بالمشروعين النووي والصاروخي كبيرة جدا وهذا انجاز تكتيكي مهم، لكن هذه الأضرار لم تصل حد القضاء على المشروعين أو على أحدهما، ما يعني أن إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها الاستراتيجي الأوّل. هي فشلت في ذلك رغم توفّر عنصر المفاجأة والتفوّق التكنولوجي والجوي والمخابراتي، ورغم المشاركة الفعّالة والدعم الكبير من الولايات المتحدة. ويقود هذا الفشل الاستراتيجي، الذي جاء في ظروف محيطة داعمة ومريحة، إلى استنتاج بأنه ليس بإمكان إسرائيل القضاء على القدرات النووية والصاروخية الإيرانية، مهما سخّرت من قدراتها العسكرية. وحتى الإنجاز الإسرائيلي الكبير بجر الولايات المتحدة للمشاركة في الهجوم على إيران، قد يتحوّل إلى فشل لأن إسرائيل تخلّت عن عقيدتها الأمنية التاريخية «إسرائيل تدافع عن نفسها بنفسها» ما منحها هامشا واسعا من استقلالية القرار، وهي حين تعتمد على الولايات المتحدة بهذا الشكل، تضطر إلى الانصياع لها أكثر من السابق، وقد يكون لذلك ثمن في المستقبل، ولعل في إملاءات ترامب على نتنياهو دليل على ما هو مقبل.
وقد يظهر الفشل الاستراتيجي الإسرائيلي اكبر بكثير، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذه هي الحرب الأولى التي تخوضها إسرائيل ضد دولة غير عربية. هذا يعني أنها فتحت صراعا داميا مع الفرس، من الصعب الآن الحكم على تداعياته، فهو قد يتحول إلى منعطف تاريخي كبير. وبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار، يمكن القول على غرار تشرتشل «هذه ليست النهاية، ولا حتى بداية النهاية، هذه ربّما نهاية البداية»، إي أن هذه الحرب قد تكون الجولة الأولى في الصراع العسكري المباشر بين إسرائيل وإيران.
لقد بقي عند إيران ما يكفي لصناعة سلاح نووي إن هي قررت ذلك، وهذه ورقة قوية في المفاوضات المزمع عقدها مع الولايات المتحدة. كما أن إسرائيل فشلت في زعزعة النظام. وعليه فإن المكاسب الإسرائيلية على ضخامتها، تبقى محصورة في المستوى التكتيكي ولم تصل إلى المدى الاستراتيجي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحقيق اولي: إسرائيل ربما تكون قد استخدمت ذخائر "اليورانيوم" على إيران
تحقيق اولي: إسرائيل ربما تكون قد استخدمت ذخائر "اليورانيوم" على إيران

معا الاخبارية

timeمنذ 38 دقائق

  • معا الاخبارية

تحقيق اولي: إسرائيل ربما تكون قد استخدمت ذخائر "اليورانيوم" على إيران

طهران- معا- نقلت وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء عن مصدر اليوم الخميس، أن إسرائيل ربما تكون قد استخدمت ذخائر اليورانيوم المنضب في ضرباتها لبعض الأهداف في إيران. ولفتت الوكالة الإيرانية، إلى أن نتائج الفحوص الأولية تشير إلى أن إسرائيل ربما تكون قد استخدمت ذخائر تحتوي على يورانيوم منضب خلال هجماتها على مواقع معينة في إيران. وقال المصدر المطلع لوكالة أنباء "فارس"، إن هناك "احتمالا لاستخدام ذخيرة تحتوي على اليورانيوم المنضب في الهجمات الصهيونية الأخيرة على بعض المراكز الحساسة في إيران". ووفقا للمصدر، أكدت الاختبارات الأولية التي أجريت في المواقع المستهدفة وجود علامات على وجود اليورانيوم، لكن لم يتم التوصل إلى نتيجة قاطعة بعد، ولا تزال التحقيقات الإضافية جارية. ولفتت "فارس" إلى أن اليورانيوم المنضب يعتبر مادة عالية الكثافة، وهو ناتج ثانوي لعملية تخصيب اليورانيوم، ويستخدم في تصنيع الذخيرة المخترقة، وخاصة لاختراق الدروع الثقيلة، ويمكن أن يؤدي اصطدام هذا النوع من الذخيرة بالهدف إلى تكوين سحابة من الجسيمات المعدنية والمشعة، مما أثار مخاوف جدية بشأن آثاره على صحة الإنسان والبيئة. وأشارت الوكالة إلى أن الخبراء العسكريين الإيرانيين يجرون تحليلا للأسلحة التي استخدمتها إسرائيل، وسيتم الإعلان عن المزيد من التفاصيل بعد نشر النتائج النهائية للاختبارات.

السيجار وباغز باني… والعدالة الأمريكية بطعم الهولوكوست ، بقلم: رانية مرجية
السيجار وباغز باني… والعدالة الأمريكية بطعم الهولوكوست ، بقلم: رانية مرجية

شبكة أنباء شفا

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة أنباء شفا

السيجار وباغز باني… والعدالة الأمريكية بطعم الهولوكوست ، بقلم: رانية مرجية

السيجار وباغز باني… والعدالة الأمريكية بطعم الهولوكوست ، بقلم: رانية مرجية والله يا جماعة، لم أعد أميّز إن كنت أعيش في هذا العالم أم في حلقة جديدة من مسلسل توم وجيري، حيث يركض العالم خلف عدالةٍ وهمية، ويخرج ترامب علينا من منصة تُدعى Truth Social، وكأننا بحاجةٍ إلى المزيد من الأكاذيب المُغلّفة بال'تروث'. ففي نهارٍ لم يكن حارًا بما فيه الكفاية، قرر الرئيس الأمريكي السابق – واللاحق على ما يبدو – دونالد ترامب أن يمارس هوايته المحببة في توزيع صكوك البراءة على الحلفاء الصهاينة، فكتب تغريدة تشبه مقاطع الرسوم المتحركة، يقول فيها إن محاكمة نتنياهو بسبب السيجار وبوبة باغز باني وأمور أخرى 'غير عادلة'، هي مجرّد 'صيد ساحرات'. نعم، سمّيها هكذا: صيد ساحرات. وكأننا في زمن المكارثية، لا في محكمةٍ تتناول فسادًا ماليًا وشبهات رشوة وسرقات علنية من خزينة دولة تموّل نفسها من دمائنا. يا سيادة ترامب، ألا تعلم أن نتنياهو إن لم يكن فاسدًا، فإنه على الأقل خبير في الفساد؟ أم أن بوبة 'باغز باني' أصبحت من ممتلكات الدولة؟هل السيجار صار رمزا للبطولة؟ وهل قهوة ال'لاتيه' التي قُدّمت له بأموال عامة باتت مكوّنا من مكونات الأمن القومي الإسرائيلي؟ أقول لك وبكل سخرية فلسطينية: لو أنّ نتنياهو فلسطينيّ الأصل، لكان أُعدم ميدانيًا بتهمة التدخين في الأماكن العامة! ترامب الذي لم يحفظ جغرافيا فلسطين، ولم يفرّق يومًا بين جنين وجنيف، قرر فجأة أن يضع نفسه قاضيًا في محكمة تل أبيب، ويفتي بضرورة 'إلغاء المحاكمة أو منح العفو'. ولمَ لا؟ فهو الذي منح القدس على طبق من ذهب. وهو الذي قدّم الجولان هديةً كأنها حفنة فستق. فما بالكم بعفو صغير عن صديقه العزيز، بيبي نتنياهو، شريك السيجار والباغز باني؟ أكاد أسمعه يهمس في أذن القضاء الإسرائيلي: 'اتركوا بيبي، ما عمل شي… كل اللي سرقو بس شوية شوكولاتة وسيجار، إحنا بنسرق أوطان وهو سرق كرتون!' أليست هذه هي العدالة الأمريكية التي طالما تبجّحوا بها؟عدالة تحفظ حقوق القاتل، وتمنع الضحية من الشكوى. عدالة تكافئ من يهدم بيوت الفلسطينيين، وتغضب إن حوكم من سرق السيجار من أموال الدولة. لكن لا تقلقوا… فنحن، في هذا الشرق المُفخّخ بالأكاذيب، اعتدنا أن تُجرّم الضحية وتُكرّم السكين.وسنبقى نضحك، ساخرين، كلما سمعنا اسم 'Truth Social'،لأن الحقيقة يا سادة…تُدفن كل يوم في غزة، وتُبخّ في دخان السيجار الذي لم يُدخّنه نتنياهو وحده، بل شاركه فيه عالمٌ كامل… مدهون بزبدة الأكاذيب. – رانية مرجية – ناشطة، كاتبة فلسطينية من الرملة 26 حزيران 2025

هل يصحو العالم ويوقف العدوان على غزة! بقلم : بكر أبوبكر
هل يصحو العالم ويوقف العدوان على غزة! بقلم : بكر أبوبكر

شبكة أنباء شفا

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة أنباء شفا

هل يصحو العالم ويوقف العدوان على غزة! بقلم : بكر أبوبكر

هل يصحو العالم ويوقف العدوان على غزة! بقلم : بكر أبوبكر ها هو 'نتنياهو' قد حقق ما كان قد فكر وخطط له ونظّر لسنوات طوال أي شن الحرب ضد إيران لتفكيك قدراتها النووية وإبعاد الخطر الوجودي عن البلاد مما ارتبط بفكره ودعواته المتكررة سواء في القدس او في امريكا أو في كل احاديثه مع الأوربيين طوال سنوات طوال. لقد حققت المفاجأة الصهيونية (13/6/2025م) بضرب طهران مفعولها (كما الحال مع مفاجأة حزب الله) إذ دمّرت الكثير من الأماكن والمواقع النووية لتلتحق بها لاحقًا أمريكا باليوم العاشر، وتقصف ما لم تستطع الطائرات الإسرائيلية تدميره فاكتمل بذلك حلم القوة ومزيد من القوة لنتنياهو (ثم يأتي السلام)! فلم يعد في جعبته شيء ليقوله! او ينظّر له! المبررات التي قدمها الإسرائيلي لتدمير قطاع غزة لم تصمد نتيجة الحجم المتعاظم لاستخدام القوة، إذ كان الصاروخ مقابل الرصاصة وكانت القنبلة مقابل الحجر أو سيل الدعوات مما أفقد 'نتنياهو' ونظامه الفاشي انسانيته، وبالحد الأدنى لدى محكمة العدل الدولية ومحكة الجنايات الدولية، ولدى الشبيبة الناهضة في أوربا وامريكا، وقرع الجرس لدى عدد من الأنظمة الأوربية (الأخلاقية) فقالت لا. لقد حقق نتنياهو حلمه منذ هدّد وتوعّد وحاول كثيرًا أن يضرب إيران، وله أن يقول أنه حقق نصره بقتل العلماء الإيرانيين وتصفية قيادات إيرانية عسكرية، وتدمير المفاعل النووي او أخّر انتاج القنبلة النووية، وكما فعل مع تصفيته لقيادات لبنانية وفلسطينية، فماذا يتبقى له في جعبته التي لا تنفد فيها المزامير المقدسة والصواريخ والقنابل؟ وجد ضالته في عقلية الصفقات لكن مع التأييد الأيديولوجي الديني والاستراتيجي من الحكومات الأمريكية جميعها ومن الرئيس ترَمب، وإن اختلفت بعض الأساليب (التكتيكات) ما بين الرجلين فالأول أي نتنياهو لا ينتعش إلا في بحر الدماء، والثاني أي ترَمب قد وعد ناخبيه بولايته الثانية بالسلام، وألا تسيل قطرة دم امريكية في عهده وهو الساعي لجائزة نوبل للسلام. اتفقت الرؤيتان رغم الأساليب المختلفة على الدعم الامريكي الأيديولوجي والعسكري والاقتصادي بلا حدود، واتفقت على تحقيق السيادة الإسرائيلية لكل بلاد الشام، ثم اتفقت جزئيًا فيما حصل من الضربة الامريكية لإيران بدون أن تسقط نقطة دم امريكية! وبرد إيراني باهت ومحسوب، بانتظار الجائزة. في هذا العدوان الصهيوني المدمّر على إيران سقطت القضية الفلسطينية بين الأرجل، وتوقف الحديث عن فلسطين وعن العدوان المثابر على غزة، فتم تأجيل المؤتمر السعودي-الفرنسي المتعلق بالدولة الفلسطينية، وتآزر الأوربي مع الإسرائيلي ضد إيران، وسقط الحديث عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع تواصل القتل والإبادة الجماعية بلا توقف. لذا علينا إعادة القضية للنور دومًا فهي المؤشر وهي المفتاح الوحيد. لم يكن بمقدور الإسرائيلي أن يسقط النظام الإيراني ولا تدمير البلد الذي يفوق فلسطين مساحة وحجما وسكانًا ومواردًا…الخ بشكل لا مقارنة فيه، وما كان للأمريكي أن يقامر بقواعده في الخليج العربي ودول الشام ووعوده بحماية الأنظمة وكفالة استقرارها مقابل الاستجابة الكاملة لأهداف أو نزوات نتنياهو فكان ما كان من قصف ثم اتفاق ثم وقف، فحقق الإسرائيلي مراده وحقق الإمريكي مراده وإن كل بأسلوبه، وخسرت إيران الكثير من علمائها وقادتها ومنشآتها وأصولها (محور الممانعة بالمنطقة) لكنها كسبت استمرار النظام الإيراني ضمن حكم ولاية الفقيه، وقد تعطينا الأيام القادمة أسرارًا حول اتفاق وقف إطلاق النار. وقف كل (محور الممانعة والمقاومة) على الحياد فإن كان قد أيّد إيران كلاميًا، فهو لم يفعل شيئًا لانقاذ رأس المقاومة التي استثمرت في المحور الكثير، فلم يردّ حزب الله الجديد أن يدمر بلده، وسوريا الأسد الخامل قد انتهت، وفصيل حماس في حيرة عجيبة وانكار أعجب تنظر وكأن ما يحيط بها ويحصل لم يؤثر عليها! وهي ترى النساء والأطفال والنساء تتساقط يوميًا بلا أي مبرر يمكن نزعه لو استفاقت ووعت، ولكن هيهات هيهات ونتائج هذه العقلية الانكارية التي تعيش في قوقعتها الموهومة بالنصر لا تفهم المجالات والتحالفات ولا ترى في المتغيرات الفظيعة الداهمة أن لها علاقة بها! بغض النظر عما يرد (أو يتلو) في اتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيلي وإيران فلقد انكشفت خلال هذه الأيام الاخيرة مواقف عجيبة غريبة هي مع وضد وهي ترفض وتقبل وهي منغمسة بالوحل وتدعي الطهارة! مما جعل الحكيم حيرانًا وهو المحتار منذ العدوان الإسرائيلي الساحق الماحق ضد شعب أعزل في قطاع غزة، والذي يقترب من عامين! والعمى قد أصاب العالم المريب الذي فَرِح لوقف النار بين الإسرائيلي وإيران ولكنه لا يطالب ترمب أن يوقف النار في قطاع غزة! وهو إن كان بالقادر على الأكبر فكيف الحال بالموضوع الأقل صعوبة! إن الموقف العربي والفلسطيني الصحيح اليوم هو دفع الأمريكي والأوربي (مع الصين وروسيا) لتحقيق مؤتمر السلام الذي يحقق الدولة الفلسطينية القائمة لكنها تحت الاحتلال، فهي مربط الفرس وهي منطلق الحرب ومنطلق السلام، وما يسبق ذلك من وقف العدوان على غزة والانسحاب منها -ومن مخيمات الضفة- وتسليم حماس أمرها للسلطة الوطنية الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلسطينية فتقتدي بحزب الله وما فعله مع الدولة اللبنانية، وتصحو أخيرًا بعد ما حصل في إيران! مما لا شك فيه أن المجتمع الإسرائيلي وليس فقط نتنياهو (والقيادات السياسية) قد تضرر من استمرار العدوان على قطاع غزة وعلى الضفة، ثم بتمدد العدوان على المحيط وصولًا الى إيران، ومما لا شك فيه أن الآثار قد لاتكون ملموسة اليوم أو غدًا ولكنها بالتأكيد ستكون واضحة على الأقل في العام القادم حيث الانتخابات الإسرائيلية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store