
المودعون خسروا حوالى 20 مليار دولار... كيف؟
ما نقله وفد من المودعين عن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد لجهة تأييده فكرة إصدار قانون لإلزام من سدّد قرضاً بغير قيمته الحقيقية بدفع القيمة الحقيقية، كان ملفتاً. وحتى اليوم، تمّ تقديم مجموعة اقتراحات في هذا الشأن، لكن النقاشات لم تصل إلى نتيجة. وفي معظمها كانت تتحدث عن فرض ضريبة على المستفيدين، في حين أن سعيد تحدث عن استعادة المبالغ بالكامل. وهذا يعني استعادة 15 إلى 20 مليار دولار.
عندما أعلن حاكم مصرف لبنان أنّ الانهيار في لبنان يعتبر أزمة نظامية، إنما كان يريد أن يفتح الطريق أمام تحقيق أمرين: أوّلاً، أن تتولّى الدولة مسؤولية وضع خطة شاملة لمعالجة الأزمة، وثانياً، أن يتم إصدار قوانين استثنائية تتماهى مع هذه الخطة. إذ، وفي حالة الأزمات النظامية، لا يتم الاكتفاء بتطبيق القوانين القائمة، بل يُصار إلى إصدار قوانين خاصة بالأزمة، يتمّ تطبيقها طوال فترة المعالجة، وبعد ذلك تتمّ العودة إلى القوانين العادية.
انطلاقاً من هذه القناعة تحدّث حاكم "المركزي" عن ضرورة صدور قانون يفرض على من سدّد قرضاً خلال الأزمة بغير قيمته الحقيقية، (لولار أو ليرة) دفع الفرق، ليصبح المبلغ المسدّد مساوياً لقيمة القرض الحقيقية.
عملياً، أدّت عمليات تسديد القروض بالليرة أو باللولار إلى انتقال الثروة من مودع إلى مقترض. وفي تقرير أصدره في العام 2022، قدّر صندوق النقد الدولي قيمة الأرباح (بالنسبة إلى المقترضين) أو الخسائر (بالنسبة إلى المودعين)، بحوالى 15 مليار دولار. وهذا المبلغ يُرجّح أنه ارتفع لأن عمليات تسديد القروض بغير قيمتها الحقيقية استمرّت بعد صدور التقرير. وهناك تقديرات بأن المبلغ وصل إلى حوالى 20 مليار دولار.
جدير بالذكر، أن قيمة محفظة القروض المصرفية للقطاع الخاص في لبنان بلغت في العام 2019، تاريخ اندلاع الأزمة، نحو 55.5 مليار دولار، منها نحو 37.5 مليار دولار بالعملات الأجنبية، و18 مليار دولار بالليرة اللبنانية.
في نهاية العام 2024، انخفضت هذه المحفظة إلى نحو 7 مليارات دولار، نتيجة لتسديد المقترضين قروضهم بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة للدولار أو عبر شيكات مصرفية بقيمة فعلية أقل من القروض الأصلية.
تلك القروض التي سدّدت والتي أفاد منها ليس فقط صغار المودعين الذين كانوا قد حصلوا من المصارف قبل 17 تشرين الأول 2019 على قرض سيارة أو منزل وعلقت أموالهم في المصارف وانهارت قيمة رواتبهم، وإنما كبار المستثمرين والمتمولين، وهؤلاء هم المعنيون بهذا الطرح، وهم قادرون على إعادة قيمة القروض الحقيقية، أو جزء كبير منها على الأقل.
عون يؤيد
يؤيّد عضو لجنة المال والموازنة النائب ألان عون فكرة إدخال هذا البند ضمن قانون التوازن المالي أو الـGap resolution، هذه فكرة فيها الكثير من العدالة كما قال لـ"نداء الوطن"، مشيراً إلى أن "أموال المودعين إما ذهبت إلى لدولة أي للقطاع العام، أو كديون للقطاع الخاص من دون أن ننسى ما ذهب بسبب الفساد والهدر وغيره مما يتوجب علينا كشف المتورطين لمحاسبتهم. ولكن الديون التي أعطيت للقطاع الخاص وخاصة الديون الكبيرة التي سدّدت بمبالغ متدنّية يجب أن يُعاد النظر فيها لأنها ضاعت من أمام المودعين وهناك أفكار يمكن تطبيقها بهذا الهدف".
وذكّر بفكرة كانت مطروحة والتي يؤيّدها، والتي تنصّ على فرض "ضريبة الأرباح غير المتوقّعة windfall tax وهي ضريبة تُفرض من قبل الحكومات بغرض إعادة توزيع الأرباح الفائضة في قطاع معين لجمع الأموال لصالح منفعة اجتماعية عامة. وهذه الضريبة يدفعها الذين سددوا ديونهم بمبالغ أدنى من قيمتها الفعلية أي جنوا أرباحاً غير متوقعة".
وأعطى عون مثالاً على ذلك، من كان دينه على سبيل المثال بقيمة 100 مليون دولار وسدّد دينه وفق سعر صرف بقيمة 1500 ليرة، أي بقيمة 10 مليون دولار ، حقّق ربحاً بقيمة 90 مليون دولار وهو ربح غير متوقّع وهذا المبلع "راح من درب الودائع".
ووفق تلك المعادلة يوضح "من لم يسدّد دينه ولم يحقق أرباحاً لا تطاله الضريبة، ويمكن وضع سقف للقروض التي ستشملها الضريبة، هذه فكرة من الأفكار التي طرحت".
وهنا لا بدّ من التذكير بأن حاكم مصرف لبنان بالإنابة السابق وسيم منصوري كان اقترح ايضاً فرض ضريبة لمرة واحدة على أرباح المستثمرين الذين استفادوا من فروقات تسديد القروض خلال الأزمة المالية. ويستهدف هذا الاقتراح المستثمرين الذين حصلوا على قروض كبيرة بالدولار قبل الأزمة، ثم سددوها بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة، مما أدى إلى تحقيق أرباح كبيرة نتيجة الفروقات في سعر الصرف .
وتهدف هذه الضريبة إلى استعادة جزء من الأموال لصالح المودعين، حيث يُقترح إنشاء صندوق خاص تُودع فيه العائدات المحصلة من هذه الضريبة، ليتم توزيعها على المودعين كجزء من مستحقاتهم . وكان من المتوقع أن تتراوح نسبة الضريبة بين 15 و 17 %، وتُفرض فقط على الأرباح الناتجة عن هذه العمليات، مع استثناء القروض السكنية أو الاستهلاكية، والتركيز على القروض الإستثمارية الكبيرة. مع ذلك، يتطلب تنفيذ هذا الاقتراح إقرار قانون من قبل البرلمان اللبناني.
رأي قانوني
تلك الاقتراحات المقدمة، والتي قد يضعها الحاكم سعيد على الطاولة للبحث هي منطقية ويمكن أن تحظى بالتوافق عليها كما حصل مع قانون السريّة المصرفية الذي أقرّ مع مفعول رجعي استثنائياً وتحقيقاً للمصلحة العامة، إلا أنه يبقى قابلاً للطعن، من الناحية القانونية .
وفي هذا السياق ورغم انه لا مفعول رجعياً عادة في القوانين التي تصدر كما يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ"نداء الوطن"، "من الضروري أن تعترف الدولة بمسؤوليتها وفقاً لقانون النقد والتسليف، خاصة المادة 113 التي تُلزم الدولة بتغطية خسائر مصرف لبنان". وأضاف "إن اعتبار الأزمة نظامية سيساهم في تسهيل مشاركة الأطراف الثلاثة في تحمل المسؤوليات، ويُفتح الباب لإقرار قوانين من بينها قانون يلزم من سدّد قروضاً بقيم غير حقيقية بإعادة دفع القيمة الحقيقية".
وفي الوقت نفسه يشير إلى أنّ "من أقدم على تسديد قروضه إلى المصارف، يعتبر ذلك تماشيا مع أحكام القانون لا سيما قانون النقد والتسليف وعملاً بقاعدة القوة الإبرائية للعملة الوطنية. أما اليوم فإن التلويح بإصدار قانون يمكن أن يطال هؤلاء ضمن إطار مفعول رجعي لا يستقيم مع المبدأ القانوني أنّ لا مفعول رجعياً للقوانين التي تصدر. بالتالي عندما سدّد هؤلاء قروضهم على القيمة الحقيقية يومها أبرأوا ذمتهم أصولاً، وذهب الاجتهاد القضائي أيضاً بهذا الاتجاه، رغم أن الاجتهاد القضائي العدلي الحالي عدّل في هذه النظرية. ولكن إصدار قانون اليوم يمكن أن يجرّم أو يغرّم أو يُلزم من سدّد قرضه في حينه على القيمة الرائجة حينها، لا يمكن أن يصل إلى مبتغاه لأن المجلس الدستوري سيتصدّى لأي طعن في هذا القانون في حال صدر".
ومع ذلك، فإن إمكانية صدور قانون من هذا النوع جائز إذا أدرج في خانة القوانين الاستثنائية، والإجراءات الاستثنائية، تحت مظلّة معالجة أزمة نظامية غير مسبوقة، سبق ووصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أعظم ثلاث أزمات انهيار عبر التاريخ الحديث شهدها العالم. ومثل هذا التوصيف، من البديهي انه يتيح إصدار قوانين استثنائية لمعالجة هذا الانهيار الشامل غير المسبوق، علماً أن تلك القوانين مثل قانون السريّة المصرفية الذي صدر استثنائياً أيضاً مع مفعول رجعي، تبقى قابلة للطعن.
إذاً لكل قاعدة قانونية استثناء وهذا الاستثناء وإن تمّ العمل به كإصدار قانون إعادة أموال القروض التي سدّدت بغير القيمة الحقيقية والتي حرمت المودع من الحصول على أمواله، قد يشكّل أحد الإجراءات التي تسمح بإعادة حقوق المودعين. وفي حال التوافق حول هذا القانون الاستثنائي الذي قد يحظى بمعارضة من البعض، لن يتمّ التوقّف أمام احتمال الطعن، حتى لو توفّرت الأرضية القانونية اللازمة له، عملاً بمبدأ المصلحة العامة هي الأساس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
المغرب والإمارات يعلنان شراكات بـ14 مليار دولار في مشاريع طاقة ومياه
أعلن ائتلاف مغربي إماراتي الاثنين توقيع اتفاقيات استثمار مع الحكومة المغربية تقارب قيمتها 14 مليار دولار لتنفيذ عدة مشاريع، تشمل خصوصا البنى التحتية لإنتاج ونقل الكهرباء من مصادر متجددة وتحلية مياه البحر. وقال كل من صندوق محمد السادس للاستثمار (عمومي) وفرع شركة طاقة الإماراتية في المغرب وشركة ناريفا المملوكة للعائلة الملكية، في بيان إنها شكلت ائتلافا "لتطوير بنيات تحتية جديدة لنقل المياه والكهرباء"، و"إنشاء قدرات جديدة لتحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة". ووقع الائتلاف ثلاث اتفاقيات بهذا الخصوص مع الحكومة المغربية والمكتب الوطني للماء والكهرباء (عمومي)، وفق البيان. وأوضحت شركة طاقة-المغرب، في بيان منفصل، أن القيمة الإجمالية لهذه المشاريع "تقارب 130 مليار درهم (حوالى 14 مليار دولار) في أفق العام 2030". وأشارت إلى أنها ستتقاسم الملكية "بحصة متساوية مع شركة ناريفا"، بينما تعود ملكية 15 بالمئة منها لصندوق محمد السادس للاستثمار ومؤسسات عمومية مغربية أخرى. تشمل هذه المشاريع خصوصا إنشاء خط بطول 1400 كيلومتر لنقل الكهرباء من محطات توليد ريحية في الأقاليم الجنوبية (الصحراء الغربية) إلى الدار البيضاء، بهدف إنتاج 1200 ميغاواط في تلك المحطات. ويسعى المغرب إلى إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء النظيفة في أفق العام 2030. غير أن مصادر الطاقة الأحفورية لا تزال تشكل حوالى 90 بالمئة من استهلاكها الحالي، وتعتمد فيها على الخارج. وقد أعلن أيضا ضمن تلك المشاريع عن توسيع محطة تحدارت لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي (شمال شرق). ويعول المغرب كذلك على استغلال الكهرباء النظيفة في تشغيل محطات تحلية مياه البحر، إذ شملت الاتفاقيات الموقعة الاثنين "إنشاء محطات لتحلية مياه البحر بسعة إجمالية تبلغ 900 مليون متر مكعب سنويًا يتم تشغيلها بواسطة الطاقة المتجددة"، وفق ما أفاد الائتلاف الثلاثي في بيانه، لكن من دون إعطاء تفاصيل أدق. وتحلية مياه البحر رهان استراتيجي للمغرب في مواجهة إجهاد مائي بنيوي، بهدف رفع الإنتاج من 270 مليون متر مكعب حاليا في 16 محطة إلى 1,7 مليار سنويا في أفق العام 2030، جزء منها موجه للزراعة. يشمل البرنامج المعلن أيضا الاستثمار في طريق سيار مائي لنقل حوالى 800 مليون متر مكعب سنويا من المياه من الشمال إلى الوسط، سيكون الثاني من نوعه في البلاد.


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
إسرائيل توقّع عقداً بقيمة 55 مليون دولار لشراء أنظمة حماية للطائرات الهليكوبتر
صرّحت الوزارة الإسرائيلية اليوم الاثنين أنها وقّعت عقداً مدته خمس سنوات بقيمة 55 مليون دولار مع شركة أنظمة إلبيط لشراء أنظمة حماية متطورة لطائرات الهليكوبتر بلاك هوك وأباتشي التابعة للقوات الجوية. وأضافت الوزارة أن المشروع يتضمن تكنولوجيا تضمن أعلى درجات الحماية في حالات معقدة من القتال، مثل أنظمة لتحديد التهديدات وتعطيلها وتحييدها وأنظمة لتجنب الصواريخ الموجهة. وكانت قد أعلنت الوزارة خلال شهر أذار أنها وقعت عقداً بمئات الملايين من الدولارات مع شركة سيكورسكي التابعة للوكهيد مارتن لدمج أنظمة إسرائيلية في 12 طائرة هليكوبتر سي.إتش-53 كيه بيري.

المدن
منذ 4 ساعات
- المدن
الكهرباء الأردنية والغاز المصري: الطريق إلى لبنان غير آمن
منذ عام 2022 ينتظر لبنان انفراجات أميركية تعفي عملية نقل الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، من تداعيات العقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد، باسم قانون قيصر. إذ من المفترض أن تساهم الإمدادات المنتظرة، في زيادة ساعات الكهرباء. ومع أنّ العقود بين الدول الأربعة المعنية بهذا الملف، وُقِّعَت بين مطلع ذلك العام وشهر حزيران منه، إلاّ أنّ عملية التنفيذ بقيت متوقّفة. ومع سقوط نظام الأسد، فَتَحَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب نافذة أمل برفع العقوبات عن سوريا، الأمر الذي بشَّرَ لبنان بإمكانية وصول الغاز والكهرباء إليه. لكن رغم ذلك، لا يزال الطريق غير آمن. مؤشّرات إيجابية شكَّلَ سقوط نظام الأسد فرصة لسوريا والدول المحيطة بها، لبناء شبكة علاقات اقتصادية تفيد جميع الأطراف. فالعراق يتطلّع إلى استئناف ضخ النفط وتوسيع مشاريعه لتشمل نقل الغاز ومد خطّ فايبر أوبتيك. في حين كان سقوط النظام فرصة لإبطال قانون قيصر، وتالياً استئناف العلاقات بين الأردن وسوريا وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وفي كانون الثاني الماضي، أكّد منتدى الاستراتيجيات الأردني على أنّ قانون قيصر "أثّر سلباً على حجم التبادل التجاري وأعاق تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة". وبالتالي، فإن المؤشّرات الإيجابية المرتبطة برفع العقوبات "ستساهم في تعزيز التجارة ودعم إعادة الإعمار وتطوير قطاعات حيوية مثل النقل، والصناعة، والخدمات اللوجستية". ومن المؤشّرات الأخيرة على تفعيل العلاقات بين البلدين، وافق مجلس الوزراء الأردني على الإطار العام لإنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين الأردن وسوريا. وعلى المستوى المحلّي، لا يخفي لبنان أهمية الهدوء في المنطقة وتداعيات تحرُّر سوريا من مفاعيل قانون قيصر، فسوريا هي المحطّة الأساسية التي سيمرّ عبرها النفط العراقي والكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان. معوّقات المشروع يكتسب وصول الغاز والكهرباء إلى لبنان أهمية خاصة لأنّ الانتظار طال 3 سنوات حتّى الآن، في حين أنّ الفيول العراقي بالكاد يؤمِّن نحو 6 ساعات من الكهرباء يومياً، بعد أن كانت التغذية تتراوح في معظم المناطق بين 12 و18 ساعة يومياً قبل العام 2019. كما أنّ زيادة التغذية بالكهرباء، سواء الآتية مباشرة من الأردن، أو الموَلَّدة في معمل دير عمار بواسطة الغاز الآتي من مصر، ستخفّف الأكلاف على المواطنين وأصحاب المؤسسات، ما يعني تعزيز النشاط الاقتصادي. لكن الأمور لا تجري بسهولة. فاستجرار الكهرباء والغاز ينتظر إقرار رفع العقوبات بصورة نهائية، وينتظر أيضاً استكمال السلطات اللبنانية إجراء الإصلاحات المطلوبة كشرط من البنك الدولي لإعطاء قرض بقيمة 270 مليون دولار لتمويل استجرار 650 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز المصري و250 ميغاواط من الكهرباء الأردنية. ومن الإصلاحات، تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء وتحسين الجباية ووقف التعدّي على الشبكة، وهي إصلاحات لم تطبَّق حتى الآن، ما يعرقل موافقة البنك على القرض. وتعليقاً على ذلك، رأى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أنّ "رفع العقوبات عن سوريا لا يتم بكبسة زر، بل يحتاج إلى فترة طويلة. كما أنّ هذه العملية قد تكون تدريجية وليست دفعة واحدة. لكن في جميع الحالات، فإنّ "رفع العقوبات يخلق مجالات تعاون كبيرة بين لبنان والدول المحيطة، خصوصاً مع سوريا. لكنه يخلق أيضاً مجالات للتنافس، لا سيّما عندما تبدأ عملية إعادة الإعمار في سوريا، إذ ستجذب الاستثمارات إلى هناك". وبالنسبة إلى عجاقة، إنّ المشاريع المرتبطة برفع العقوبات على سوريا "ستظهر مفاعيلها بعد سنة أو سنتين من القرار". ولذلك، قد تتأخّر عملية توريد الكهرباء والغاز إلى لبنان. وربط هذه العملية بالترتيبات السياسية في المنطقة، ليس مفاجئاً، بل جاء مواكباً للحديث عن العملية قبل 3 سنوات. ففي آذار 2022 أكّدت السفيرة الأميركية السابقة في لبنان، دوروثي شيا، خلال لقائها مع وزير الطاقة السابق وليد فيّاض، أنّ أميركا تتمسّك بـ"صفقات الطاقة الإقليمية التي تتقدّم باستمرار"، لكنّ الصفقات "عملية طويلة ومعقّدة". طريق الغاز والكهرباء إلى لبنان لا يزال غير آمنٍ. فهناك شرطان لم يُنجزا بعد، الاستقرار الكامل في سوريا ورفع العقوبات عنها، فبهذه العملية، تكون الأنابيب محمية من الأعمال التخريبية، وتتفادى الأردن ومصر عقوبات لخرقهما قانون قيصر، وكذلك يكون لبنان في الضفّة الآمنة من هذا القانون. وبالتوازي، يتعلّق شرط الإصلاحات بمدى جدية السلطات اللبنانية فتح صفحة جديدة في هذا البلد، وهو ما تحاول الحكومة الحالية القيام به من خلال بعض الخطوات الإصلاحية. ولذلك، فإنّ عامل الوقت أساسيّ، وضاغط في الوقت عينه، لكن وزير الطاقة جو الصدّي متفائل، فأعلن في آذار الماضي "بدء العمل على تشكيل الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، بعد مرور 23 سنة على إقرارها، والعمل على تشكيل مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، وإطلاق حملة لمكافة التعديات قريباً، وتطبيق سياسة تشجيعية، بحيث أنّ المناطق التي تتجاوب مع معالجة التعديات ستستفيد من ساعات تغذية إضافية".