logo
زيت الزيتون في تونس: تاريخ عريق ومستقبل واعد

زيت الزيتون في تونس: تاريخ عريق ومستقبل واعد

تونس الرقمية١١-٠٣-٢٠٢٥

يعتبر قطاع الزيتون في تونس من القطاعات الاستراتيجية التي ساهمت بشكل كبير في الاقتصاد الوطني عبر مختلف الحقب التاريخية. فمنذ القرن الثامن عشر، شكل زيت الزيتون جزءًا أساسيًا من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حيث خضع لإجراءات وتنظيمات متعددة سواء قبل الاستعمار، خلاله، أو بعد الاستقلال.
الزيتون في تونس عبر التاريخ
لطالما ارتبط زيت الزيتون بتونس، ليس فقط كمصدر غذائي، بل أيضًا كمصدر طاقة للإنارة وأغراض علاجية وجمالية. في القرن الثامن عشر، فرض الباي ضرائب على الفلاحين، مثل نظام 'المشاطة'، الذي أجبرهم على بيع جزء من إنتاجهم للدولة بأسعار زهيدة. ومع دخول الاستعمار الفرنسي، أصبح الزيت التونسي من أبرز المواد المصدرة إلى فرنسا بفضل جودته العالية وقدرته التنافسية.
في عام 1930، أُنشئ 'ديوان زيت الزيتون التونسي' لتنظيم القطاع ومكافحة الغش، خصوصًا بعد انتشار زيوت مغشوشة مثل زيت الكاكاو، الذي لم يكن مقبولًا من المستهلك التونسي. كما شهدت تلك الفترة تدخلات للدولة لحماية القطاع ودعمه، مثل إنشاء صندوق دعم الزيتون عام 1949.
تحولات القطاع بعد الاستقلال
بعد الاستقلال، وُضعت سياسات جديدة لتنظيم قطاع الزيتون، حيث تم استبدال 'ديوان زيت الزيتون التونسي' بـ'الديوان الوطني للزيت' عام 1962، الذي تولى مهام الترويج، الخزن، والتصدير. كما عرفت الستينات تغييرات في أنماط استهلاك التونسيين، حيث كان زيت الزيتون جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي، مما ساهم في تحسين الصحة العامة.
التحولات الاقتصادية وتحرير السوق
شهدت التسعينات نقطة تحول في القطاع، حيث سُمح للقطاع الخاص بالدخول إلى سوق التصدير، ما أدى إلى منافسة قوية وارتفاع جودة الإنتاج. كما سُمح للمصدرين الخواص بتسويق زيت الزيتون التونسي في الأسواق العالمية، مما عزز مكانة تونس كأحد أكبر المنتجين والمصدرين.
الآفاق المستقبلية
اليوم، تمتلك تونس أكثر من 117 مليون شجرة زيتون على مساحة تفوق مليوني هكتار، مما يجعلها من أكبر المنتجين عالميًا. في موسم 2019، بلغ الإنتاج 400 ألف طن، ومن المتوقع أن يصل إلى 500 ألف طن في السنوات القادمة. رغم النجاحات الكبيرة، لا يزال القطاع يواجه تحديات، مثل ضرورة تعزيز استهلاك الزيت محليًا، وإقامة هياكل متخصصة لدعم تسويق وترويج المنتج التونسي في الأسواق العالمية.
يظل زيت الزيتون ثروة تونسية بامتياز، ليس فقط كمنتوج اقتصادي، ولكن كجزء من الهوية الثقافية والغذائية للبلاد. ومع الاستثمارات المتزايدة في القطاع، وتطوير أساليب الإنتاج، فإن مستقبل زيت الزيتون التونسي يبدو واعدًا، مما يعزز مكانة تونس كقوة عالمية في هذا المجال.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صادرات القوارص تسجّل ارتفاعًا بـ30% هذا الموسم… ونابل في الصدارة
صادرات القوارص تسجّل ارتفاعًا بـ30% هذا الموسم… ونابل في الصدارة

تونسكوب

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • تونسكوب

صادرات القوارص تسجّل ارتفاعًا بـ30% هذا الموسم… ونابل في الصدارة

سجّلت صادرات القوارص خلال الموسم الحالي ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغت الكميات المصدّرة حوالي 10,500 طن بقيمة تقارب 31.971 مليون دينار، مقابل 8,200 طن بقيمة 28.150 مليون دينار في الموسم الماضي، أي بزيادة تُقدّر بنحو 30%، وفق ما صرّح به رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بنابل، عماد الباي، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء. وأوضح الباي أن هذه الكميات توزعت بين السوق الفرنسية بحوالي 5,600 طن، والسوق الليبية بنحو 4,700 طن، مشيرًا إلى أن صادرات البرتقال المالطي تبقى إيجابية رغم تراجعها مقارنة بفترة التسعينات التي كانت تتجاوز فيها 20 ألف طن. وفيما يخص الأسعار، أفاد أن انطلاقة موسم الجني لم تكن في مستوى تطلعات الفلاحين، غير أنها شهدت تحسنًا ملحوظًا مع بداية شهر مارس، مما مكّن المنتجين والتجار من تحقيق هامش ربح يغطي تكاليف الإنتاج. صابة القوارص لموسم 2024-2025 وفي سياق متصل، قدّرت صابة القوارص لهذا الموسم بـ380 ألف طن، مقابل 360 ألف طن في الموسم الماضي. وتصدّرت ولاية نابل الإنتاج الوطني بـ272 ألف طن، أي ما يعادل 70% من إجمالي الإنتاج، مسجّلة زيادة بنسبة 2% مقارنة بالموسم الفارط. كما ساهمت بـ90% من صادرات البرتقال المالطي. وشدد الباي على أهمية قطاع القوارص الذي يمثل 25% من الإنتاج الوطني للغلال، مؤكّدًا في الوقت نفسه على التحديات التي يواجهها، وأهمها نقص مياه الري. وأعرب عن أمله في تخصيص 25 مليون متر مكعب من مياه الشمال المعتادة، بما يسمح بإعادة تفعيل المناطق السقوية العمومية بالقوارص في معتمديات منزل بوزلفة، بني خلاد وسليمان، والتي تم تعليق زراعتها منذ موسم 2021-2022 بسبب شح المياه.

نابل: موسم الفراولة يحافظ على معدل الإنتاج رغم تراجع المساحات المزروعة
نابل: موسم الفراولة يحافظ على معدل الإنتاج رغم تراجع المساحات المزروعة

تورس

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • تورس

نابل: موسم الفراولة يحافظ على معدل الإنتاج رغم تراجع المساحات المزروعة

واعتبر رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بنابل ، عماد الباي، أن الصابة ممتازة نظرا لعدم تسجيل تقلص في الإنتاج رغم تراجع المساحات المزروعة، التي فاقت خلال الموسم الفارط 380 هكتارا، مبرزا توفر الفراولة بالكميّات الكافية في الأسواق وبأسعار معقولة، إذ يتراوح سعر الكغ الواحد من الفراولة خلال هذه الفترة بين 3 و4 دنانير. وأشار الباي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، إلى تحسن معدل الإنتاج في الهكتار الواحد، الذي ناهز 40 طنا مقابل 35 طنا، خلال الموسم الفارط، مرجعا هذا التطور الى اعتماد الفلاحين على تقنيات جديدة وإيجاد مصادر بديلة لتخفيف انعكاسات نقص مياه الري وذلك بالتركيز على استغلال الابار الخاصة لري الفراولة، معتبرا هذه الابار سواء كانت السطحية او العميقة هي "المنقذ للموسم". وتشهد المساحات المخصصة لزراعة الفراولة، والتي كانت تتجاوز 600 هكتارا خلال المواسم الفارطة، تقلصا تدريجيا من موسم إلى آخر، أساسا، بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج الفراولة، التي تفوق 80 ألف دينار للهكتار الواحد، وذلك نتيجة تضاعف أسعار المستلزمات الفلاحية والمشاتل. كما تعد التغيّرات المناخية ونقص مياه الري من الأسباب الكامنة وراء تراجع المساحات وخروج الفلاحين من مناطق الإنتاج التقليدية ومنها معتمديات قربة وبني خيار ودار شعبان الفهري، في حين بدأت هذه الزراعة في الانتشار في بعض المعتمديات الأخرى، التي أصبحت تمثل مناطق إنتاج جديدة على غرار تاكلسة وبني خلاد (حوالي 100 هكتار). وفي هذا السياق، بين رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري ببني خلاد البشير، عون الله، ان زراعة الفراولة انتشرت في عدة مناطق بمعتمدية بني خلاد على غرار حنوس وبئر دراسن والقبة، معتبرا ان هذه الزراعة واعدة رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج. ويعد موسم زراعة وجني الفراولة بولاية نابل ، الذي يمتد إلى ثماني أشهر (سبتمبر إلى إفريل) من أبرز الزراعات بالجهة، لاسيما، وأنّه يكتسي أهمية اقتصادية واجتماعية، إذ يساهم في توفير 200 ألف يوم عمل لليد العاملة من داخل الولاية وخارجها.

زيت الزيتون في تونس: تاريخ عريق ومستقبل واعد
زيت الزيتون في تونس: تاريخ عريق ومستقبل واعد

تونس الرقمية

time١١-٠٣-٢٠٢٥

  • تونس الرقمية

زيت الزيتون في تونس: تاريخ عريق ومستقبل واعد

يعتبر قطاع الزيتون في تونس من القطاعات الاستراتيجية التي ساهمت بشكل كبير في الاقتصاد الوطني عبر مختلف الحقب التاريخية. فمنذ القرن الثامن عشر، شكل زيت الزيتون جزءًا أساسيًا من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حيث خضع لإجراءات وتنظيمات متعددة سواء قبل الاستعمار، خلاله، أو بعد الاستقلال. الزيتون في تونس عبر التاريخ لطالما ارتبط زيت الزيتون بتونس، ليس فقط كمصدر غذائي، بل أيضًا كمصدر طاقة للإنارة وأغراض علاجية وجمالية. في القرن الثامن عشر، فرض الباي ضرائب على الفلاحين، مثل نظام 'المشاطة'، الذي أجبرهم على بيع جزء من إنتاجهم للدولة بأسعار زهيدة. ومع دخول الاستعمار الفرنسي، أصبح الزيت التونسي من أبرز المواد المصدرة إلى فرنسا بفضل جودته العالية وقدرته التنافسية. في عام 1930، أُنشئ 'ديوان زيت الزيتون التونسي' لتنظيم القطاع ومكافحة الغش، خصوصًا بعد انتشار زيوت مغشوشة مثل زيت الكاكاو، الذي لم يكن مقبولًا من المستهلك التونسي. كما شهدت تلك الفترة تدخلات للدولة لحماية القطاع ودعمه، مثل إنشاء صندوق دعم الزيتون عام 1949. تحولات القطاع بعد الاستقلال بعد الاستقلال، وُضعت سياسات جديدة لتنظيم قطاع الزيتون، حيث تم استبدال 'ديوان زيت الزيتون التونسي' بـ'الديوان الوطني للزيت' عام 1962، الذي تولى مهام الترويج، الخزن، والتصدير. كما عرفت الستينات تغييرات في أنماط استهلاك التونسيين، حيث كان زيت الزيتون جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي، مما ساهم في تحسين الصحة العامة. التحولات الاقتصادية وتحرير السوق شهدت التسعينات نقطة تحول في القطاع، حيث سُمح للقطاع الخاص بالدخول إلى سوق التصدير، ما أدى إلى منافسة قوية وارتفاع جودة الإنتاج. كما سُمح للمصدرين الخواص بتسويق زيت الزيتون التونسي في الأسواق العالمية، مما عزز مكانة تونس كأحد أكبر المنتجين والمصدرين. الآفاق المستقبلية اليوم، تمتلك تونس أكثر من 117 مليون شجرة زيتون على مساحة تفوق مليوني هكتار، مما يجعلها من أكبر المنتجين عالميًا. في موسم 2019، بلغ الإنتاج 400 ألف طن، ومن المتوقع أن يصل إلى 500 ألف طن في السنوات القادمة. رغم النجاحات الكبيرة، لا يزال القطاع يواجه تحديات، مثل ضرورة تعزيز استهلاك الزيت محليًا، وإقامة هياكل متخصصة لدعم تسويق وترويج المنتج التونسي في الأسواق العالمية. يظل زيت الزيتون ثروة تونسية بامتياز، ليس فقط كمنتوج اقتصادي، ولكن كجزء من الهوية الثقافية والغذائية للبلاد. ومع الاستثمارات المتزايدة في القطاع، وتطوير أساليب الإنتاج، فإن مستقبل زيت الزيتون التونسي يبدو واعدًا، مما يعزز مكانة تونس كقوة عالمية في هذا المجال. لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store