
م. هاشم نايل المجالي : اللغة ... السلطة الخامسة
لقد أصبحت اللغة الخطابية السياسية والاجتماعية والثقافية ظاهرة حية تتجدد وتتطور لتواكب المتغيرات والتحولات الحاصلة في شتى الحقول السياسية والاجتماعية والإعلامية وغيرها، فلم يعد بمقدور الإنسان حصر هذا السيل من الخطابات التي يتلقاها عبر العديد من الوسائل الإعلامية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفهم معناها وفحواها. فلغة رجل السياسة تختلف عن لغة رجل الدين أو الاقتصاد، وغيرها، فاللغة تتنوع بتنوع الخطاب والهدف منه، ويتخلله لغة الإيماء، ولغة الجسد، ولغة اللفظ، والنبرة الصوتية.
فلقد أصبحت تقنية حجاجية يتسلح بها السياسي وغيره، فكل خطاب يحمل رسالة معينة تُرسل إلى المتلقي بقصد إقناعه وتغيير مفاهيمه، ولقد أصبحت اللغة بديلاً لأشياء كثيرة، أهمها العنف، والإقناع بقبول قرار معين بحجة الإقناع. لذلك، الرهان على السياسي والمثقف بأسلوبه الخطابي في سياق التواصل مع المتلقي أيًّا كان، وقد يستعين رجال السياسة بخبراء ومختصين لصياغة خطبهم التي يريدون أن يلقوها، للسيطرة أيضاً على عواطفهم، مما يؤدي إلى التصفيق والهتاف، فتأثر المشاعر لا يقل أهمية عن تأثير العقول.
فاختيار الكلمات لها مكانتها ووقعها وتأثيرها على سامعها، لذلك يتم مطاوعة اللغة لتخدم المصلحة، وكثير من الخطب تهدف إلى المراوغة والتحايل لتغيير المفاهيم والأفكار وتغيير المواقف. فاللغة سحر خاص بها، وسلطة على العقل، فكثير من يعتبرونها من أهم أدوات الممارسة في التأثير في الناس لتغيير مسار قضية ما، وأن تحكم قبضتها على العقل الجمعي.
ولقد استخدمت مثلاً في شتى أنواع الديمقراطية، أو المساواة، أو العدل، أو الحرية، وغيرها، فاللغة يمكن اعتبارها سلطة في ذاتها، واللغة أداة حاسمة في الخطب السياسية، حيث ألفاظها القوية التي قد تُستعمل، حيث يتم استمالة الجماهير بطريقة مقنعة، وتُشعرهم بالانتماء إلى اتجاه معين، أو التصويت على قرار، وهي وسيلة لتحقيق أهداف نبيلة أو شريرة، فهي تحقق الغاية المطلوبة: الإقناع أو التضليل.
ويحتاج ملقي الخطبة إلى الثقة في النفس، ومهارات خطابية لإيصال رسائلهم والتأثير على الجمهور، فلا يستطيع الشخص التهرب من مواجهة كثير من المواقف التي تحتاج إلى إلقائه لخطبة ما، خاصة إذا فرضت عليك ظروف العمل ذلك، أو الدراسة، وغيرها. فالإلقاء هو فن استمالة الآخرين، وإيضاح المعاني من خلال النطق، والصوت، والكلمة، ولغة الجسد، بهدف التأثير وتحقيق القبول.
قال تعالى في وصفه النبي صلى الله عليه وسلم (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)، وعن عائشة رضي الله عنها (كان كلام رسول الله كلاماً فصلاً، يفهمه كل من سمعه)، الكلمة مفتاح رئيسي لكسب القلوب واستمالتها، والصوت هو آلة اللفظ التي يُعبّر الإنسان بها عما في داخله، فاللغة ليست فقط مجرد وسيلة للتعبير عن الأفكار، بل إنها هي نفسها التي تُشكّل تلك الأفكار. ــ الدستور

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 30 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار مصر : بجنيه واحد.. تامر حسني يدعو لتطبيق فكرة جديدة لعلاج الفقراء
الخميس 7 أغسطس 2025 03:40 صباحاً نافذة على العالم - طالب الفنان تامر حسني ، الدولة ووزارة التضامن بتطبيق فكرته التي نادى بها من خلال فيلمه "ريستارت"، الذي عُرض مؤخرًا بشأن علاج الفقراء بالمجان. وكتب تامر حسني عبر 'انستجرام': "يارب الدولة تطبق فكرتي اللي ناديت بيها في الفيلم، إن شاء الله مش هيبقى في حد محتاج يتعالج ومش هيلاقي، محلولة وبجنيه واحد وبدوسة واحدة، يعني لو جالنا حتى كل يومين ادفع جنيه عشان تنقذ حياة مريض، يعني في الشهر أنت دفعت 15 جنيه، شوف هتنقذ حياة كام بني آدم هيفضلوا ليك ولعيلتك وإخواتك وولادك صدقة جارية طول العمر". وأضاف: 'يارب الدولة تطبقها، يارب وزارة التضامن تسمع فكرتي، يارب الفكرة دي توصل لأعلى جهات في مصر، منشنوا الجميع يارب خير أنا متفائل بتطبيق الفكرة دي في أسرع وقت يارب، من فيلم ريستارت' يشارك في بطولة فيلم ريستارت، كل من: تامر حسني في بطولة الفيلم هنا الزاهد، ويضم الفيلم عددا من الفنانين، منهم باسم سمرة، محمد ثروت، عصام السقا، ميمي جمال، رانيا منصور، وضيوف الشرف إلهام شاهين، محمد رجب، شيماء سيف، وأحمد حسام ميدو، والفيلم من تأليف أيمن بهجت قمر، وإخراج سارة وفيق.


الحدث
منذ ساعة واحدة
- الحدث
نائب أمير الرياض: ولي العهد يشرف ويتابع جميع تفاصيل مشروع مطار الملك سلمان ومراحل إنجازه منذ بدايته
رأس الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة الرياض، في مكتبه بقصر الحكم اليوم، بحضور الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف، أمين منطقة الرياض، اجتماعًا مع وفد من شركة تطوير مطار الملك سلمان الدولي، ضمّ كبير الإداريين بالشركة طلال الزهراني وعددًا من قيادات الشركة. ونوّه نائب أمير منطقة الرياض في بداية الاجتماع بما يحظى به المشروع من دعم واهتمام من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيّده الله- وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- الذي يُشرف ويتابع جميع تفاصيل المشروع ومراحل إنجازه منذ بدايته، مؤكدًا سموه أن مطار الملك سلمان الدولي يُعد ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحويل الرياض إلى مركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية، إضافة إلى دوره في تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل. وجرى خلال الاجتماع استعراض مُستجدات وتطورات مشروع المطار، بما في ذلك المراحل القادمة، في إطار تعزيز التعاون بين الإمارة والمشاريع التنموية الكبرى في العاصمة.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
حفلات أسطورية وصيف حافل... "الزواج الكبير" يُتوّج الأعراس في جزر القمر
تشكّل العطلة الصيفية موسما لحفلات "الزواج الكبير" في جزر القمر، وتُعَدّ إقامة هذه المناسبات الفخمة تقليداً يتوّج مراسم الزفاف، ويأتي القمريون من الخارج بأعداد كبيرة للمشاركة فيها. في أحد أيام شهر تموز/يوليو الفائت، كانت ساحة بادجناني، بوسط العاصمة موروني الواقعة في جزيرة القمر الكبرى، تعج بالناس الذين تجمعوا تحت أكاليل من الرايات والمصابيح الكهربائية، لحضور مجلس ذِكر تبدأ به احتفالات الزواج الكبير لرجل وامرأة يعيشان في مدينة لومان الفرنسية. وعلى عكس حفل الزواج الصغير الذي يُختتم به قرانهما الديني، يُساهم "زواج العادة"، وهو اسم آخر للزواج الكبير، في إثبات المكانة الاجتماعية للعريس. وقال أستاذ التاريخ والحضارة القمرية موسى سعيد أن "الإنسان في جزيرة القمر الكبرى يولد مرتين. بإرادة الله وبفضل العادة". ويعيش هذا البلد الذي يشكّل المسلمون غالبية سكانه على إيقاع احتفالات الزفاف الضخمة التي تشكّل عاملا في نشوء الهوية الجماعية القمرية. وتتميز احتفالات الزواج الكبير في جزيرة القمر الكبرى، كبرى جزر الأرخبيل الثلاث، بأنها خاضعة لقدر أكبر من التنظيم وفق قواعد مكتوبة، وبأنه أعلى تكلفة. ويدوم الزواج الكبير أياما عدة، ويوفّر للمتزوجَين، وخصوصا للرجل، مكانة مرموقة أو بارزة. وخلال مرحلة مجلس الذِكر الإلزامية تقريبا، يمكن تمييز الأعيان الجالسين في الصف الأمامي، من ملابسهم الاحتفالية والشال الكبير الذي يُوضع على اليسار. وفي أحد احتفالات "زواج العادة"، دخل العريس عيسى علي مز أحمد، البالغ 55 عام، يتبعه رجال من عائلته الموسعة. وفي هذه الاحتفالات، يًعلَن مهر العروس الذي يتراوح عادةً بين 10 و30 قطعة ذهبية في موروني. حتى 273 ألف دولار وقدّر عالم الأنثروبولوجيا القمري ضمير بن علي عام 2009 تكلفة احتفال زواج كبير بما يتراوح بين سبعة آلاف آلاف و273 ألف دولار. ولاحظ أن التكلفةٌ "ارتفعت بالتأكيد". وغالبا ما تستنزف هذه التكلفة مدخرات العمر. في التلال المُطلة على موروني، في بلدة تسيدجي الصغيرة، يستعد فايد قاسم، وهو شاب فرنسي من أصل قمري يعيش في جزيرة لا ريونيون، لإقامة الحفلة التقليدية. في قاعة الاستقبال بمنزل العائلة، تُعرض أطقم ذهبية ومجوهرات أخرى مُخصصة لزوجته فايزات أبو بكر البالغة 41 عاما. وتُمثل تحويلات المغتربين 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 870 ألف نسمة، وفقا للرئاسة. في مراسم دخول المنزل، يرتدي فايد قاسم معطفا مخمليا أسود مطرزا بخيوط ذهبية يدوية الصنع تصل قيمته إلى 2325 دولارا. وتصدح أناشيد شرقية. وقال الرجل البالغ 42 عاما "أشعر وكأنني حققت إنجازا. كنت أرغب بشدة في إقامة هذه المراسم. تكريما للتقاليد، ولوالديّ، ولعائلة زوجتي". مرتدياً هذه الملابس، يذهب فايد إلى منزل زوجته في موروني، مغمورا بـ"السعادة" لوجوده "بصحبة أقربائه". ونظرا إلى أن مجتمع جزر القمر قائم على نظام النسب الأمومي، وإلى أن الزوجين يقيمان في منزل عائلة الزوجة، فإن منزل الزوجية يكون ملكا للعروس. وقالت عالمة الأنثروبولوجيا "في مجتمعنا، اعتبارا من سن الثانية عشرة، يدخل الرجال في تسلسل هرمي. ثمة أربع مراتب إجمالا. بعد بلوغهم هذه المراتب، تقام حفلة الزواج الكبير التي تُمثل نهاية فترة تعلّمهم الاجتماعي، ويشاركون في قرارات المجتمع". وتُنفَق مبالغ طائلة على هذه الحفلات مع أن 45 في المئة من السكان تحت خط الفقر، أي ما يزيد قليلا عن 116 دولارا للفرد شهريا وفقا للمعهد الوطني للإحصاء. آخر كوب حليب وتُذكّر الملابس التي يرتديها العروسان في حفلة الزواج الكبير بتلك التي كان يرتديها سلاطين جزر القمر قبل الحماية الفرنسية في القرن التاسع عشر، إذ كان المجتمع القمري آنذاك إقطاعيا. ويوضح الدبلوماسي ومؤلف العمل المرجعي "سلطة الشرف" سلطان شوزور أن "احتفال الزواج الكبير هو بأكمله عبارة عن تنصيب ملك جديد". ويضيف "أعتقد أن احتفال الزواج الكبير سمح لنا بتجنب ثورة. هنا، يمكن لأي شخص أن يكون سلطانا". مساء الأحد، دخلت العروس، مرتديةً ثوبا أبيض جميلا، حفلة يقتصر الحضور فيها على النساء تُعرف باسم "أوكومبي". وأوضحت فهارات محمود التي تدير شركة بناء "إنه تكريس للعروس في كل الاحتفالات، سيصبح لها الحق في الحضور". وألقت والدة العريس ماريا أمادي، حفنات من أوراق الخمسين يورو في حقيبة سفر. وقبل ذلك، كانت قد قدمت لابنها كوبا أخيرا من الحليب رمزا لرحيله عن المنزل. وقالت هذه المرأة التي تعمل مدبرة فندق في موروني "أتمنى لجميع الأمهات فرصة تجربة ما أعيشه، وخصوصا أن يكون ابنهم المولود في فرنسا والذي نشأ فيها، قَبِل بأن يحذو حذونا نحن الآباء والأجداد".