
صلف إسرائيلي بلا حدود
ليس مفاجئاً ألا تحترم إسرائيل الأعراف والقوانين الدولية، وتتجرأ على منع الوفد الوزاري العربي من زيارة مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وهي التي تقترف أسوأ من ذلك في غزة، حيث تشن حرب إبادة تستخدم فيها أعتى أنواع الأسلحة، وأساليب القتل الجماعي من حصار وتجويع وتدمير للمستشفيات وكل أسباب الحياة.
إقدام إسرائيل على هذه الخطوة وتطاولها على المساعي العربية والدولية الجادة لإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية، يأتي في سياق انتهاكات متصاعدة للتشويش على المؤتمر الدولي المقرر عقده في نيويورك هذا الشهر، برئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية، لمناقشة إقامة دولة فلسطينية والاعتراف بها، في ضوء تسارع المواقف الدولية الداعمة لهذا المسار، الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتأكيده أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرد «واجب أخلاقي، بل إنه ضرورة سياسية».
ومثل هذه التوجهات لا تلقى تجاوباً من السياسة الإسرائيلية المتطرفة، التي لا تؤمن بأي حق للفلسطينيين، ومستعدة لارتكاب أي حماقة لإحباط أي دعم. وما أقدمت عليه من منع للوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله اليوم، فعلت أفظع منه قبل أقل من أسبوعين، عندما أطلقت قواتها الرصاص الحي باتجاه وفد دبلوماسي ضم سفراء من دول أجنبية وعربية في مخيم جنين المدمر، وهو اعتداء لم يكن بريئاً، بل كان صالفاً بلا حدود، وعكس تمرداً جنونياً على المواثيق والأعراف، وسجل حجة، لا تقبل الطعن، على أن هذه الدولة القائمة على القتل والاحتلال لا تراعي الحرمات أو المعاهدات، وأخذها الغرور بعيداً عن أي ضوابط أو خشية ردع، طالما أنها لا تخضع للمساءلة أو المحاسبة.
ولو أن دولة أخرى فعلت عُشر ما تفعله إسرائيل لاجتمع ضدها مجلس الأمن في لمح البصر، ولصُبّت عليها جبال من العقوبات ولحوصرت وجيشت عليها التحالفات، كما حدث في تجارب كثيرة. وكل ذلك تم باسم الأمم المتحدة وباسم حماية المصالح الدولية. أما أن تضع قوة متغطرسة منطقة بأسرها في أتون أزمات تتناسل حروباً وصراعات وتبيد شعباً أعزل وتعتدي على جوارها وتنتهك أبسط الأعراف الدبلوماسية فلا يتحرك لردعها أحد.
من الواضح أن غياب موقف دولي حازم لوقف السياسات الإسرائيلية المتطرفة أدى إلى كل هذه التجاوزات والانتهاكات والإفلات من الحساب، وهو ما أصبح ظاهرة فجة منذ السابع من أكتوبر 2023. ويمكن أن يكون الثمن فادحاً إذا استمر العجز المصطنع وظلت دولة الاحتلال تستبيح كل شيء، وهذا الثمن سيدفعه النظام الدولي من مصداقيته وشرعيته، في وقت يتسع فيه الشعور بعدم الثقة في هذا النظام، الذي بات يكيل بمكاييل متعددة، وليس بمكيالين فقط، خصوصاً في ما يخص حقوق الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة التي يتعرض لها في قطاع غزة.
ولا شك أن الممارسات الإسرائيلية المشينة قد أيقظت الضمير العالمي من سباته الطويل، ودفعت دولاً كبرى إلى تبني خيارات ما كانت لتأخذها قبل الآن، فها هي بريطانيا، المسؤولة تاريخياً عن الأزمة المزمنة تتجه، ومعها فرنسا ودول أخرى، للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وسيكون تحقق ذلك إنجازاً سياسياً غير مسبوق، لكنه لا يكفي، لأن ما تفعله إسرائيل لا يردعه الاعتراف بالحق الفلسطيني، وإنما بإجبار إسرائيل على الاعتراف بذلك الحق، والقبول بالسلام الشامل وفق المعطيات الجديدة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشارقة 24
منذ 3 ساعات
- الشارقة 24
رئيس الدولة ونائباه يهنئون كارول نافروتسكي بفوزه بانتخابات بولندا
الشارقة 24 - وام: بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برقية تهنئة، إلى كارول نافروتسكي، بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية في جمهورية بولندا. كما بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، برقيتي تهنئة مماثلتين، إلى كارول نافروتسكي.


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
أمورك طيبة.. ورشفة كَرَك
أمورك طيبة.. ورشفة كَرَك من الجمل الكثيرة المربكة في الحياة، والمقلقة للناس، والتي يحب الكثير خاصة الموظفين أن يقفلوا بها حديثهم معك أو توديعك بها بطريقة باردة، معتقدين أنهم يرطبون بها قلبك، حين يقول لك أحدهم: أمورك.. طيبة! تيقن ساعتها أن معاملتك لم تنتهِ، وأن بعض الهنات والنواقص فيها أو في الموظف الذي أسهل ما عنده أن يرمي الكرة في ملعب «السيستم» أو التعامل الرقمي، وأن أمورك في الحقيقة ليست طيبة تماماً. والبعض وكأنه يريد أن يغايضك، لأنه يردف بعد تلك الجملة البغيضة، أمورك.. طيبة! يتبعها برشفة «شاي كَرَك»، تذهب إلى البيت ونفسك تحدثك بأن شيئاً غير مكتمل أو لم يؤد بطريقة صحيحة، وحين تراجعه للمرة الثانية، وتذكره بأنه قال لك بالأمس: أمورك.. طيبة! طلعت مب طيبة، وأن الإشارة المعلقة في «السيستم» بجانب اسمك لم ترفع، والمشكلة بقيت كما هي، فتسمع منه جملاً تبريرية دفاعاً عن جملته المفضلة «أمورك.. طيبة»، لأنه فعل ما هو مطلوب منه، لكن يمكن الجهة الأخرى لم توافق على جملته الطاردة أمورك.. طيبة! لذا عليك أن تذهب إلى تلك الدائرة وتشرح لهم لماذا لم تمش المعاملة، رغم أن الأمور طيبة؟ ولا ينسى قبل أن يودعك أن يطرح عليك نفس الجملة: من عندي أنا كل شيء تمام.. وأمورك طيبة! ويرشف «يغمة شاي كَرَك». ومن كثرة ما أصبحت تلك الجملة «ترند»، إذا ما التقى اثنان من المراجعين وسأل أحدهم الآخر: ها.. شو قالوا لك داخل؟ فلا يملك الآخر أن يقول أو يشرح شيئاً مما جرى غير أنهم قالوا له: أمورك.. طيبة! مع رشفة «شاي كَرَك». واحد ما ظهر اسمه في بعثة الحج هذا العام، أمورك طيبة، جرب الموسم المقبل، واحدة ما زالت تسقط في «تراي الليسن» مرتكبة الأخطاء نفسها، أموركِ.. طيبة، و«التراي الياي» بعد ثلاثة أشهر، واحدة فالعين ولدها بحصاة في رأسه في المدرسة، وحين التقت أم المفلوع بأم الفالع، ما سمعت منها إلا أن الأمور طيبة! وما يحتاج الشكوى يا أختي، ترا الأمور ما تستاهل، لأنهم أولاد، وولدك بصراحة رأسه عود، والحين أمورك طيبة! وتعالِي بعزمك على شاي كَرَك، «منوج» عنده كَرَك يهبّل! بقي واحد وهذا فعلاً لازم «تزاغد» معه، ولا «تنيّط» له، هذا الشخص غثيث وبغيض ويرفع الضغط، ويجعلك تنتفض في مكانك، يلقاك مصادفة لا تعرفه ولا يعرفك، وأنت لولا الحاجة ما راجعته، ولا طلبت أن يحل لك مشكلة متعلقة بفواتير الماء والكهرباء والغاز، فيبتسم لك، ولا تعرف ماذا فعل في جهازه لكي يبشرك بقوله: لا.. لا.. أمورك طيبة، بسم الله تبارك الرحمن! مع رشفة «شاي كَرَك».


البيان
منذ 5 ساعات
- البيان
من هو بديل مورغان أورتاغوس؟
وعليه، باتت أورتاغوس الشغل الشاغل للبنانيين، وبدلاً من السؤال التقليدي: متى تأتي إلى لبنان؟ حلّت أسئلة كثيرة، مثل: هل ستترك منصبها حقاً؟ ومتى؟ ولماذا؟ وما تأثيرُ ذلك في لبنان؟. وفي المعلومات أيضاً، أن الإدارة الأمريكية أنجزت تصوّراً لإيجاد حلّ نهائي للوضع في لبنان، يرتكز على التزامن بين الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس جنوباً، وتسليم سلاح «حزب الله»، على أن يتبع ذلك إنجاز الترسيم البرّي بين لبنان من جهة، وإسرائيل وسوريا من جهة ثانية. أما على المقلب الآخر من الصورة، فكلامٌ عن أنه، في حال أصبحت أورتاغوس خارج الصورة اللبنانية، يمكن القول إنّ أهمية الملف اللبناني تراجعت في الإدارة الأمريكية، أما مَن قد يخلفها فغير واضح، فإما تُستبدل بشخص تتضح صورته لاحقاً، وإما يُسلّم الملف إلى توم باراك، السفير الأمريكي في تركيا، ومبعوث ترامب إلى سوريا. وإذا صحّ ما يُشاع عن اعتراض السفيرة ليزا جونسون على أداء أورتاغوس «المتفرّد وغير المنسّق»، فإن ما يجري اليوم يمكن قراءته كنوع من إعادة ضبط للأداء الخطابي الأمريكي تجاه بيروت، لا للسياسات، بعد أن أثبت أسلوب المواجهة المباشرة محدوديّته في التأثير.