logo
ما بعد الذكاء الاصطناعي: فجر جديد

ما بعد الذكاء الاصطناعي: فجر جديد

الرأي٢٤-٠٤-٢٠٢٥

عمان ـ الرأي
كان هناك وقت لم تكن فيه لغة. بدأ أحدهم بالهمهمة، وولدت اللغة.
كان هناك وقت لم يكن فيه نار. فرك بعض البشر الحجارة معًا، وولدت النار.
كان هناك وقت لم تكن فيه ملكية. رسم إنسان خطًا على الأرض وقال إن الأرض على جانبه من الخط تخصه. هكذا وُلدت الملكية.
الذكاء يُولد من لا شيء. اللغة، والنار، والملكية، كلها أفكار وُلدت في عقل الإنسان دون معلومات سابقة أو قواعد أو أدوات. نشعر أن الذكاء الاصطناعي وُلد من مجموعات ضخمة من البيانات، وقواعد وضعها العلماء، ونماذج لغوية ضخمة. بنى الأمريكيون "تشات جي بي تي"، وبنى الصينيون "ديب سيك"، وبدأت دول آسيوية عديدة في البحث عن نماذج لغوية ضخمة. هذا صحيح اليوم، لكنه لن يظل كذلك طويلًا.
طورت جوجل تقنية تُسمى "أوتو-إم إل زيرو" (AutoML-Zero)، وهي تنتمي إلى عالم مختلف عن "تشات جي بي تي" و"ديب سيك". فهي لا تحتاج إلى نماذج لغوية ضخمة. يمكنها أن تبتكر قواعدها بنفسها من خلال التجريب بالأفكار. بخلاف النماذج التي تعتمد على رياضيات معروفة، فإن "أوتو-إم إل زيرو" لا تحتاج إلى معرفة مسبقة بالرياضيات. إنها تبتكر الخوارزميات من الصفر عبر المحاولة والخطأ، دون تدخل بشري. لا تزال تعاني من بعض القيود، وليست مبتكرة مثل رامانوجان، لكنها تمثل فجر نوع جديد من الذكاء لم يسبق له مثيل في التاريخ أو الطبيعة أو المعرفة البشرية.
تخيل طفلًا لم تعلّمه أي رياضيات. فقط ألقيت أمامه بعض المكعبات، وربما قمت بعملية جمع واحدة أو اثنتين أمامه بتحريك المكعبات، ثم خرجت من الغرفة. عندما تعود، تكتشف أن الطفل ابتكر قواعد الرياضيات بنفسه. هذه هي "أوتو-إم إل زيرو"، لكن بمستوى ذكاء يفوق الطفل بملايين المرات. يمكنها تلخيص كل أنماط التفكير التي اكتسبها البشر في غضون ساعات قليلة.
منذ عدة أشهر، يسّرتُ حوارًا بين جيفري هينتون وعضو في مجلس إدارة مؤسسة نوبل. كان البروفيسور هينتون متحمسًا لفكرة أن تُنشئ المؤسسة جائزة نوبل سادسة مخصصة للذكاء الاصطناعي. لم يكن له أي مصلحة شخصية، فقد فاز بجائزته في ديسمبر الماضي. لكنه كان يعلم أن "الشبكات العصبية الاصطناعية" التي عمل عليها لم تكن سوى البداية. السباق الحقيقي في الذكاء الاصطناعي هو ابتكار نظريات رياضية جديدة وجزيئات لا وجود لها في الطبيعة. معظم الذكاء الاصطناعي اليوم يعمل ضمن حدود رسمها مصمموه من البشر. لكن "أوتو-إم إل زيرو" يتحدى هذه الحدود، وقد يبتكر طرقًا جديدة للتعلم لم يتخيلها الإنسان قط.
ثم هناك "ديفن"، مهندس برمجيات طوّرته شركة "كوجنيشن لابوراتوريز". يمكنه التعامل مع مهام معقدة وكتابة شيفرات برمجية معقدة للغاية. لا يُعد من أفضل المبرمجين بعد، لكنه يستطيع إنجاز مشاريع برمجية متكاملة في دقائق، بينما يحتاج أفضل المبرمجين إلى شهور. وقد أظهر قدرته على تحسين أدوات مثل "تشات جي بي تي" أو حتى أتمتتها. يمكنه أيضًا إنشاء صور تحتوي على رسائل سرية دون الحاجة إلى بيانات تدريب كما في النماذج اللغوية.
إن رحلة الذكاء الاصطناعي تتجه الآن نحو اكتشافات علمية جديدة. خذ على سبيل المثال شركتي "إنسيليكو ميديسن" و"بينيفولنت إيه آي". تستخدم هذه الشركات الذكاء الاصطناعي لتصميم جزيئات أدوية جديدة من الصفر – ليس فقط لاكتشافها. في عام 2020، طورت "إنسيليكو" علاجًا محتملاً للتليف في أقل من 46 يومًا. هذا النوع من المهام كان يستغرق سنوات تقليديًا. تحاكي هذه الأنظمة كيفية تفاعل الأدوية مع الجسم البشري، مما يجعل الاختبارات المخبرية أسرع وأرخص.
طوّرت نماذج ذكاء اصطناعي لدى "تويوتا للأبحاث" و"جامعة ستانفورد" مواد إلكتروليت صلبة جديدة لبطاريات الليثيوم المستخدمة في السيارات الكهربائية طويلة الأمد. بدلاً من اختبار آلاف المركبات في المختبرات، ساعد الذكاء الاصطناعي في حصر المرشحين إلى بضع مئات فقط.
ويتوقع العلماء أن الحدث الكبير القادم سيكون في مجال طاقة الاندماج. هناك تجارب جارية بالفعل في مختبرات أمريكية. يشير آخرون إلى أن "الذكاء الاصطناعي الذي يصمم ذكاءً اصطناعيًا" هو الخطوة التالية. تقرير "الذكاء الاصطناعي 2027" الذي يتنبأ بمستقبل التكنولوجيا أثار ضجة في دوائر الشركات الكبرى، لكنه تم تجاهله بشكل متوقع في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. يبرز التقرير أن الإصدار القادم من "تشات جي بي تي" (الإصدار M) سيكون مزودًا بالذاكرة، وسيصدر في غضون أشهر قليلة. سيتمكن من حل مشكلات معقدة على مدار فترة طويلة من الزمن. مثلًا، يمكن لوزارة المياه في بلدٍ ما أن تطلب من "تشات جي بي تي (M)" تحليل بيانات لثلاث سنوات ماضية في 100 منطقة واقتراح استراتيجيات لتقليل الضغط المائي بنسبة معينة. سيتمكن من القيام بذلك حتى لو تغيّر موظفو الوزارة خلال تلك السنوات الثلاث.
لقد أشرت فقط إلى العلامات الأولى لتطور الذكاء الاصطناعي. لم نتطرق بعد إلى تأثير الحوسبة الكمومية أو الحوسبة العصبية. عندما تُستخدم هذه التقنيات في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث إلى الأربع القادمة، فإن مستقبل الذكاء سيكون خارج حدود خيالنا. وهناك أيضًا أمثلة موثقة علميًا عن ذكاء اصطناعي خدع البشر.
نحن بحاجة ماسة لفهم كيف يمكن للأنظمة الذكية أن تؤثر على الإنسانية. قد تخلق جنة على الأرض باختراع حلول للأمراض، وأزمات الطاقة، وتغير المناخ، وغيرها من المشكلات. وقد تُساء استخدامها من قبل مبتكريها، أو ربما تتفوق على مبتكريها في تقرير مستقبل الجنس البشري كما تراه هي. لقد حان الوقت لنوليها الاهتمام قبل أن يحدث ما لا يُعرف.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أهم تطبيقات أندرويد
أهم تطبيقات أندرويد

السوسنة

timeمنذ ساعة واحدة

  • السوسنة

أهم تطبيقات أندرويد

السوسنة - توفر شركة جوجل العديد من التطبيقات المفيدة التي تسهّل حياة المُستخدمين، ومن هذه التطبيقات ما يأتي: تطبيقات جديدةمن تطبيقات أندرويد الجديدة التي يجدُر بالمُستخدمين تجربتها لعام 2019م ما يأتي: تطبيقات أخرى للأندرويد من التطبيقات الأخرى التي يُمكن لمستخدمي الهواتف التي تعمل بنظام أندرويد استخدامها ما يأتي: اقرأ أيضاً :

جوجل تطلق مزايا تسوّق ذكية في محرك بحثها
جوجل تطلق مزايا تسوّق ذكية في محرك بحثها

صراحة نيوز

timeمنذ 7 ساعات

  • صراحة نيوز

جوجل تطلق مزايا تسوّق ذكية في محرك بحثها

صراحة نيوز ـ أعلنت جوجل خلال مؤتمر Google I/O 2025 مجموعة من المزايا الجديدة الموجهة للمتسوقين عبر الإنترنت، وهي تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنها لوحة عرض مرئية مدمجة في وضع الذكاء الاصطناعي الجديد 'AI Mode' في البحث، وإشعارات مخصصة لتتبع الأسعار مع خاصية الشراء الآلي، بالإضافة إلى إمكانية تجربة الملابس افتراضيًا بنحو متطور. وضمن وضع الذكاء الاصطناعي في بحث جوجل، بات بإمكان المستخدمين مشاهدة صور المنتجات، ونصائح موجهة تعتمد على تحليل دقيق لبيانات المنتجات وتفضيلات المستخدمين. فعلى سبيل المثال: عند البحث عن 'حقيبة سفر'، ستعرض نتائج البحث لوحة مرئية تضم منتجات تناسب ذوق المستخدم، مع إمكانية تصفحها بسهولة. وإذا قرر المستخدم تضييق نطاق البحث عبر استعلام أكثر تحديدًا، سوف يشغّل الذكاء الاصطناعي عدة استعلامات متوازية — وهي تقنية تطلق عليها جوجل 'الانتشار الاستعلامي' — لتحديد الخيارات المثالية. وكلما أضاف المستخدم عوامل تصفية جديدة، تتجدد اللوحة المرئية تلقائيًا لتعرض خيارات مناسبة، وستبدأ هذه المزايا بالوصول إلى المستخدمين في الولايات المتحدة أولًا خلال الأشهر المقبلة. تتبع الأسعار والشراء التلقائي وتستعد جوجل كذلك لإطلاق ميزة ذكية لتتبع الأسعار تتكامل مع خاصية 'الشراء بالوكالة Agentic Checkout'، إذ سيتمكن المستخدمون قريبًا من النقر على زر 'تتبع السعر' في أي منتج، وتحديد المواصفات والسعر المرغوب فيه. وعندما ينخفض السعر إلى الحد المطلوب، ترسل جوجل إشعارًا للمستخدم، ويمكنه حينها اختيار 'اشترِ نيابة عني'، ليتولى النظام إتمام عملية الشراء باستخدام بيانات Google Pay دون الحاجة إلى زيارة موقع التسوق. تجربة ارتداء افتراضية شخصية وفي خطوة متقدمة، طرحت جوجل نسخة جديدة من ميزة 'التجربة الافتراضية للملابس'، تتيح للمستخدمين تجربة الملابس على صورهم الشخصية، وليس فقط على نماذج جاهزة. وللقيام بذلك، يُطلب من المستخدم رفع صورة كاملة واضحة لنفسه في إضاءة جيدة، وهو يرتدي ملابس ضيقة لتحديد معالم الجسم. وتستخدم جوجل نموذجًا جديدًا قائمًا على تقنيات 'الانتشار diffusion' لتحليل شكل الجسم، وتفاعل الأقمشة المختلفة معه. وبدءًا من اليوم، ستظهر للمستخدمين في الولايات المتحدة أيقونة 'جرّبها افتراضيًا' بجانب قوائم الملابس، مثل القمصان والسراويل والفساتين، كما يمكن مشاركة المظهر مع الأصدقاء أو استكشاف منتجات مشابهة للشراء.

جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet
جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet

صراحة نيوز

timeمنذ 17 ساعات

  • صراحة نيوز

جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet

صراحة نيوز ـ أعلنت جوجل خلال مؤتمرها السنوي I/O 2025 ميزة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح لمستخدمي خدمة الاجتماعات والمكالمات عبر الإنترنت Google Meet الحصول على ترجمة صوتية فورية، مما يسهل التواصل بين المستخدمين ذوي اللغات المختلفة في الاجتماعات والمكالمات. وتعتمد الميزة الجديدة على نموذج Gemini لتقديم ترجمة صوتية تحاكي صوت المتحدث الأصلي ونبرته وتعبيراته، لتبدو كأنها صادرة عنه مباشرة. وفي العرض التوضيحي الذي قدمته جوجل، ظهر مستخدم يتحدث الإنجليزية في أثناء مكالمة مع مستخدم آخر يتحدث الإسبانية، وبمجرد تفعيل ميزة الترجمة، بدأت خدمة Meet دبلجة الحديث تلقائيًا إلى الإنجليزية مع الحفاظ على تفاصيل الصوت الأصلية. وتُعد هذه الخطوة منافسة مباشرة لميزة مماثلة أعلنتها مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام لمنصة Teams، مما يعكس السباق المتزايد بين الشركتين في مجال تحسين أدوات العمل التعاوني. وفي المرحلة الحالية، تدعم الميزة الترجمة بين الإنجليزية والإسبانية فقط، لكن جوجل تخطط لإضافة دعم كلٍ من الإيطالية والألمانية والبرتغالية خلال الأسابيع المقبلة، وفقًا لما أعلنته خلال المؤتمر. وبدأ طرح الميزة تدريجيًا لمشتركي الخدمة، ومن المنتظر وصولها إلى المؤسسات والشركات في وقت لاحق من العام الجاري. ومن المتوقع أن تُحدث هذه الميزة الجديدة تأثيرًا كبيرًا في طريقة عمل الفرق المتعددة الجنسيات والشركات ذات الانتشار العالمي، إذ ستسهم في إزالة أحد أكبر العوائق أمام التواصل الفعّال، وهو اختلاف اللغة، كما ستسمح للجميع من مختلف الخلفيات اللغوية بالمشاركة بثقة أكبر في النقاشات واتخاذ القرارات

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store