logo
تحديات حرجة للانتخابات السورية

تحديات حرجة للانتخابات السورية

صحيفة الخليجمنذ 3 أيام
د. محمد السعيد إدريس
على خلاف كل ما يمكن اعتباره «أنباء سيئة السمعة» التي تتواتر من سوريا وتصب في خانة أن «سوريا تتجه لتصبح دولة فاشلة» لأسباب كثيرة في مقدمتها الجنوح نحو «التفكك الوطني» كخيار معاكس تماماً لخيار «التوحد الوطني» سواء بسبب مخططات واستراتيجيات خارجية تعمل من أجل ذلك أو لأسباب وصراعات داخلية عرقية (كردية) أو طائفية (علوية ودرزية)، فاجأت سوريا كل من يهمهم أمرها بنبأ معاكس لكل نوازع التشاؤم يقول، إن النظام الحاكم في دمشق حدد موعد إجراء انتخابات مجلس الشعب السوري يومي 15 و20 سبتمبر/أيلول المقبل، أي بعد شهر ونصف الشهر من الآن فقط، نبأ يوحي بأن هناك رهاناً من الحكومة على تأمين الاستقرار السياسي والأمني واستعادة التوحد الوطني على الرغم من كل ما شهدته وتشهده سوريا من صراعات داخلية، واعتداءات إسرائيلية تؤكد ما تعلنه الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية أن «سوريا الجيدة هي سوريا المفككة»، وأن الدولة المركزية السورية يجب ألا تعود «وأن» مرجعيات القرار السوري الأمنية والسياسية يجب أن تكون متعددة»، أي«لن تكون سوريّة بحتة» ولكن«المرجعية الإسرائيلية» ستكون حاسمة في هذا المجال.
فقد أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا على لسان رئيسها بعد لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع (26-7-2025) موعد إجراء الانتخابات، وأن الرئيس اطّلع على أهم التعديلات التي أجريت على النظام الانتخابي، ومنها زيادة عدد مقاعد المجلس من 150 مقعداً إلى 210 مقاعد، ومن ثم زيادة حصة المحافظات.
السؤال الذي يلحّ بهذا الخصوص هو: هل إجراء انتخابات ناجحة في سوريا تحتاج فقط إلى زيادة عدد مقاعد المجلس النيابي، أم أنها تحتاج إلى ما هو أهم وهو تحقيق الاستقرار السياسي والمصالحة الوطنية، والتوافق على مشروع سياسي وطني يأخذ بمبدأ«المواطنة المتساوية» ويحقق تكافؤ الفرص السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين كل المواطنين من دون أي تمييز طبقي وعرقي أو طائفي ومذهبي، وقبل ذلك يكون الأمن الوطني قد تحقق، والاقتتال العرقي والطائفي قد توقف، وأن سلطة الدولة باتت مؤكدة على كافة مساحاتها، وليس على ما يساوي ثلث تلك المساحة فقط؟
فقرار إجراء انتخابات مجلس الشعب السوري الآن يواجه الكثير من التحديات لكن يمكن حصر أبرزها في ثلاثة تحديات منها تحديان داخليان: التحدي الكردي في الشمال والتحدي الدرزي في الجنوب، فضلاً عن التحدي العلوي في الساحل الغربي. أما التحدي الثالث والأخطر فهو التحدي الإسرائيلي الذي يستهدف تفكيك سوريا وتحويلها إلى أربع دويلات عرقية وطائفية، دولة كردية في الشمال الشرقي، ودولة علوية في الساحل الغربي، ودولة درزية في الجنوب، ودولة سنيّة في الوسط تكون عاصمتها دمشق.
التحدي الكردي مازال قائماً ومن شأنه جعل فكرة إجراء انتخابات مجلس الشعب في المناطق الشاسعة التي تحكمها قوات سوريا الديمقراطية «قسد» التنظيم العسكري الحاكم للأكراد في الشمال السوري الشرقي فكرة مستحيلة. فقوات سوريا الديمقراطية ترفض العودة إلى فكرة «الدولة المركزية» وتطالب بنظام حكم سوري جديد يأخذ ب«الفيدرالية» أي الدولة الاتحادية غير المركزية التي تعطي للكرد حق الحكم الذاتي، كما أنهم يرفضون تسليم السلاح، ويطالبون، على نحو ما ورد على لسان «أبجر داوود» المتحدث الرسمي باسم«قسد»، «الانضمام إلى الجيش السوري عبر اتفاق دستوري قانوني يعترف بخصوصية قواتنا، على أن تدمج كتلة عسكرية موحدة في مناطق سيطرتها ضمن الجيش السوري».
«قوات سوريا الديمقراطية»(قسد) تسيطر على كامل محافظة الحسكة (شمال شرق) ومركز مدينة الرقة، ومدينة الطبقة (شمالاً) وريف دير الزور الشمالي والشرقي، إضافة إلى مدينة عين العرب الواقعة بريف حلب الشرقي، كما وسعت مناطق سيطرتها، بعد سقوط النظام السابق، إلى بلدتي دير حافر ومسكنه، الواقعتين بريف حلب الشرقي وبلدة المنصورة بريف الرقة، ومزارع وقرى تقع في الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وتقدر إجمالي هذه المساحة بنحو ثلث الأراضي السورية.
هذه المساحة الهائلة غير خاضعة للسلطات المركزية في دمشق، فكيف ستجري فيها هذه السلطات انتخابات. أم أن الانتخابات لن تشمل هذه المساحات، وهذا سيجعل المجلس الجديد بعد انتخابه مجلساً غير شرعي لا يمثل كل الشعب السوري.
التحدي الدرزي لا يقل خطورة، فرغم توقيع اتفاق التهدئة بعد الاقتتال الذي حدث يوم الأحد (13 يوليو/ تموز الفائت) بين فصائل محلية من طائفة الموحدين الدروز وميليشيات بدوية متطرفة، ثم دخول قوات الجيش والأمن كطرف في الصراع، مازال التوتر هو سيد الموقف، في ظل وجود قدر كبير من عدم الثقة المتبادل بين الدروز وقبائل البدو وقوات الأمن، وغلبة النوازع الطائفية على الصراع، وفي ظل إصرار إسرائيلي على تغذية هذا الصراع، ووجود أطراف درزية تثق بأن إسرائيل يمكن أن تكون «ملاذاً آمناً» في وجه السلطات المركزية.
يأتي التحدي الإسرائيلي ليكمل وطأة التحديات التي تواجه خيار الانتخابات، فكيف سيكون موقف سلطات دمشق عندما يجيء موعد إجراء تلك الانتخابات وتجد نفسها عاجزة عن إجرائها في ما يقرب من نصف مساحة سوريا؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

انطلاق انتخابات مجلس الشيوخ في مصر
انطلاق انتخابات مجلس الشيوخ في مصر

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

انطلاق انتخابات مجلس الشيوخ في مصر

بدأ ملايين الناخبين في مصر الإدلاء بأصواتهم، الاثنين، في انتخابات مجلس الشيوخ الذي يمثل الغرفة العليا في البرلمان المصري، ويتكون من 300 عضو منهم 200 بطريق الانتخاب المباشر، و100 يعينهم رئيس الجمهورية. يتنافس على المقاعد الفردية بالمجلس 428 مرشحاً، منهم 186 مرشحاً مستقلاً، و242 مرشحاً عن الأحزاب السياسية، وقائمة واحدة في كل من الدوائر المخصصة لنظام القوائم تحت اسم «القائمة الوطنية من أجل مصر». ويدلي الناخبون بأصواتهم على مدى يومين في 8286 مركزاً انتخابياً داخل مصرـ تحت إشراف قضائي. وحذرت الهيئة الوطنية للانتخابات من أن القانون ينص على تغريم من يتخلف عن التصويت من المقيدين بقاعدة الناخبين 500 جنيه (نحو 10 دولارات) كما أطلقت الهيئة حملة توعية لحث الناخبين على التصويت. وكان المصريون بالخارج أدلوا بأصواتهم في 136 سفارة وقنصلية في 117 دولة يومي الأول والثاني من أغسطس/آب الجاري. ومن المقرر إعلان النتائج في 12 أغسطس/آب الجاري، على أن تجرى جولة الإعادة إن وجدت يومي 25 و26 أغسطس/آب في الخارج ويومي 27 و28 من الشهر ذاته في الداخل.

مصر.. انطلاق انتخابات الشيوخ
مصر.. انطلاق انتخابات الشيوخ

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

مصر.. انطلاق انتخابات الشيوخ

وتجري الانتخابات على مدار يومي الاثنين والثلاثاء لاختيار 200 عضو فقط من بين 300 عضو، هم مجمل أعضاء مجلس الشيوخ ، بينما يختار الرئيس المصري 100 من أعضاء المجلس بنظام التعيين. ويتنافس في الانتخابات، التي تستمر على مدى يومين، 424 مرشحا على 100 مقعد مخصصة للنظام الفردي، بينهم 183 مرشحا مستقلا و241 آخرين يمثلون عددا من الأحزاب السياسية. ووفقا للنظام الانتخابي يتم انتخاب 100 مقعد ب نظام القوائم المغلقة والتي ترشحت عليها قائمة واحدة وهي القائمة الوطنية من أجل مصر المكونة من تحالف عدد من الأحزاب. ووفقا لإحصائيات الهيئة الوطنية للانتخابات ، يحق لنحو 63 مليون ناخبا مصريا مقيدا في قاعدة البيانات، التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، تم توزيعهم على 8286 مقرا انتخابيا ما بين مدارس ووحدات صحية ومركز شباب، بإشراف قضائي من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة بمشاركة 9500 قاضيا.

600 مسؤول أمني إسرائيلي سابق لترامب: أجبر نتنياهو على وقف حرب غزة
600 مسؤول أمني إسرائيلي سابق لترامب: أجبر نتنياهو على وقف حرب غزة

صحيفة الخليج

timeمنذ 3 ساعات

  • صحيفة الخليج

600 مسؤول أمني إسرائيلي سابق لترامب: أجبر نتنياهو على وقف حرب غزة

دعا حوالى 600 مسؤول أمني إسرائيلي سابق بينهم رؤساء سابقون لأجهزة الاستخبارات، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل وضع حد للحرب في قطاع غزة. وجاء في رسالة مفتوحة لحركة «قادة من أجل أمن إسرائيل» وزعت على الإعلام الاثنين: «رأينا المهني أن حماس لم تعد تطرح تهديداً استراتيجياً لإسرائيل» مع دعوة ترامب إلى «توجيه» قرارات الحكومة والمطالبة بـ«وقف الحرب في غزة». قادة من الموساد والشاباك وبحسب صحيفة «جيروزالم بوست» فقد تضمنت الرسالة الموجهة إلى ترامب أسماء، رئيس الموساد السابق، تامير باردو، ورئيس الشاباك السابق، عامي أيالون، ونائب رئيس جيش الدفاع الإسرائيلي السابق، ماتان فيلناي، ويقود هؤلاء المسؤولون الكبار، إلى جانب كبار المسؤولين السابقين في الشرطة ووزارة الخارجية، مجموعة «قادة أمن إسرائيل»- التي تضم الآن أكثر من 600 مسؤول أمني كبير سابق. وهذه ليست المرة الأولى التي تضغط فيها المجموعة على حكومة نتنياهو، لتغيير مسارها والحلول العسكرية، والتركيز بشكل أكبر على إعادة الرهائن الإسرائيليين، وعلى خطة ما بعد الحرب لغزة، لكنها أكدت على مدى بؤس وضع إسرائيل عالميا من حيث الشرعية، بالإضافة إلى انتقادات ترامب العلنية الأخيرة لإسرائيل لتسببها في المجاعة في غزة «أوقفوا حرب غزة» وخاطب الموقعون على الرسالة ترامب قائلين: «أوقفوا حرب غزة! نيابةً عن قادة الحركة، أكبر تجمع في إسرائيل لجنرالات جيش الدفاع الإسرائيلي السابقين، ونظرائهم في الموساد والشين بيت والشرطة والسلك الدبلوماسي، نحثكم على إنهاء حرب غزة. لقد فعلتموها في لبنان. حان الوقت لفعلها في غزة أيضاً». وتابعوا قائلين: «لقد حقق جيش الدفاع الإسرائيلي منذ فترة طويلة الهدفين اللذين يمكن تحقيقهما بالقوة: تفكيك التشكيلات العسكرية لحماس وحكمها. أما الهدف الثالث، والأهم، فلا يمكن تحقيقه إلا من خلال صفقة: إعادة جميع الرهائن إلى ديارهم». - حماس لم تعد تهديداً وعلاوة على ذلك، جادلوا قائلين: «بحكم تقديرنا المهني، لم تعد حماس تُشكل تهديدا استراتيجيا لإسرائيل، وتجربتنا تُشير إلى أن إسرائيل لديها كل ما يلزم للتعامل مع قدراتها الإرهابية المتبقية، سواء عن بُعد أو بوسائل أخرى. يُمكن ملاحقة كبار قادة حماس المتبقين لاحقا. رهائننا لا يطيقون الانتظار». وخاطبت الحركة ترامب: «إن مصداقيتكم لدى الغالبية العظمى من الإسرائيليين تعزز قدرتكم على توجيه رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته في الاتجاه الصحيح: إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن، ووقف المعاناة، وتشكيل تحالف إقليمي-دولي يساعد السلطة الفلسطينية (بعد إصلاحها) على تقديم بديل لسكان غزة وجميع الفلسطينيين عن حماس وأيديولوجيتها».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store