
حرب الساحل وأبعادها الإقليمية.. هل تنجو سوريا الجديدة من الفخ؟
"لا مُلك لمن لا هيبة له" توارث العرب هذه المقولة جيلا بعد جيل، بينما ينسبها البعض للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فهي ما زالت مقولة حية وخلاصة حكيمة تؤكد الأحداث على مر الزمان صحتها. فالهيبة وقاية لمن يحكم، وإسقاط الهيبة هدف لمن يريد هز مقعد الحكم وزلزلة الأرض من تحت قدمي الحاكم.
وحين ننتقل من التاريخ إلى الواقع، نجد أن الدولة الوليدة في سوريا عاشت لحظات قلق وترقب إثر أحداث الساحل التي استهدفت هيبة الحكم، وأرادت إثبات قدرة فلول نظام الأسد على إثارة الفوضى.
ولم تكد تنتهي الأحداث في الساحل، إلا وأعلن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) رفضه الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية الذي اعتمده الرئيس أحمد الشرع، ووصف المجلس الإعلان بأنه غير شرعي، ولا يتوافق مع اتفاق الشرع ومظلوم عبدي قائد قسد، وذلك بحجة أن النص على أن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للتشريع يأخذ البلاد نحو الفوضى.
وفي الجنوب السوري، صرح شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري بأن "حكومة دمشق متطرفة، وأنه لا وفاق ولا توافق معها"، وتزامن حديثه مع دخول وفد من 50 شخصا من رجال الدين الدروز من السويداء إلى الجليل شمال فلسطين المحتلة لزيارة قبر النبي شعيب بواسطة حافلات برعاية جيش الاحتلال، في حدث هو الأول من نوعه.
وتشير تلك الوقائع المتناثرة جغرافيا ما بين شرق سوريا وغربها وجنوبها، والمتفاوتة من حيث تداعيات كل منها، إلى حجم التحديات الداخلية التي تجابه الإدارة الجديدة في دمشق.
وهي تحديات تتقاطع مع الرؤية الإسرائيلية بضرورة تقسيم سوريا إلى 4 كيانات، واحد للعلويين في الساحل، وآخر للدروز في السويداء، وثالث لقسد في شمال وشرق سوريا، ورابع لحكومة دمشق، ضمن رؤية تستند إلى تناقضات وطموحات تحرك جهات محلية هنا وهناك.
هجمات الساحل الدموية
بعد دخول فصائل الثوار إلى دمشق، نعمت سوريا بفترة هدوء نسبي وسلام مجتمعي، فلم تحدث عمليات انتقامية أو إراقة للدماء رغم المرارات والجراحات المتفاقمة خلال سنوات الثورة، والتي أسفرت عن مقتل نحو مليون شخص، واختفاء أكثر من 100 ألف آخرين قسريا، فضلا عن تهجير ونزوح ملايين السوريين.
وجاء مشهد دخول الثوار إلى دمشق حضاريا وسلميا مقارنة بما حدث على سبيل المثال عند دخول القوات الأميركية إلى بغداد في عام 2003 حيث عمت الفوضى وانتشرت أعمال السلب والنهب لمقدرات العراق وثرواته. وبدا أن سوريا تتنفس الصعداء بعد أن اختنقت بأجواء الظلم والاستبداد ما يزيد على 6 عقود.
يُقال إن عقارب الساعة لا تعود للخلف، لكن أيادي العابثين يمكن أن تحطم الساعة ذاتها، وهو ما حاولت فعله فلول نظام الأسد بداية من الساعة الثالثة عصر يوم الخميس السادس من مارس/آذار الجاري، ولمدة يومين.
ففي التوقيت المذكور، وبعد ساعات من إعلان العميد غياث سليمان دلا أحد قادة الفرقة الرابعة بجيش الأسد تأسيس "المجلس العسكري لتحرير سوريا" لمواجهة النظام الجديد، بدأت تتوالى الأخبار عن سلسلة هجمات في منطقة الساحل تستهدف عناصر الأمن والجيش.
ووقع الهجوم الأول في قريتي بيت عانا والدالية بريف جبلة، ثم بعد ساعتين اتسع نطاق الهجمات ليشمل مناطق مختلفة في مدن جبلة وبانياس واللاذقية، وحوصرت قوات من وزارة الدفاع داخل الكلية البحرية التي تضم مستودعات أسلحة سيؤدي سقوطها إلى امتلاك المهاجمين لقدرات تسليحية كبيرة، كما تعرضت عشرات المواقع والنقاط الأمنية والعسكرية لهجمات متزامنة.
وبينما حاول المسؤولون في الحكومة الجديدة استيعاب صدمة الهجوم المفاجئ، وتقدير أبعاده، تعرضت أرتال الدعم والمؤازرة الحكومية التي تحركت من مدينة اللاذقية باتجاه مدينتي جبلة والقرداحة إلى كمائن دامية، وحصار على الطرق، كما قطع المهاجمون الطرق السريعة بين إدلب وحمص وحماة باتجاه محافظتي اللاذقية وطرطوس، فضلا عن استهداف المهاجمين للمشافي لحصار المصابين من قوات الأمن داخلها.
ومع اتساع نطاق الهجمات لتشمل منطقة جغرافية جبلية وعرة تقترب مساحتها من نصف مساحة دولة لبنان، وتوالي الاستغاثات من عناصر الأمن والجيش المحاصرين، وتجاوز أعداد الضحايا من الأمن نحو 200 شخص فضلا عن عشرات المفقودين، أُعلن النفير العام في كافة المحافظات السورية لنجدة القوات المحاصرة في الساحل، فتدفق عشرات آلاف المقاتلين بحسب مصادر مطلعة، ونجحوا في القضاء على المجموعات المسلحة التي قطعت طريق "إم 4" (M4) ووصلوا من إدلب والشمال السوري إلى مدينة اللاذقية فجر يوم الجمعة السابع من مارس/آذار، ومنها إلى مدينة جبلة لفك الحصار عنها، ودخلوا المدينة بعد اشتباكات استمرت نحو 4 ساعات.
وبالتزامن مع ذلك تحركت قوات دعم ومؤازرة من حمص وحماة باتجاه طرطوس وبانياس، ودارت اشتباكات عنيفة على طريق حمص طرطوس، وانتهت الأحداث بانسحاب المهاجمين إلى عمق القرى الجبلية بحلول السبت الثامن من مارس/آذار.
وفجرت تلك المواجهات طاقات الغضب الكامنة في صدور بعض المقاتلين حديثي الانتساب للقوات المسلحة وأجهزة الأمن، فحدثت تفلتات، ووقعت انتهاكات بحق بعض المدنيين غير المتورطين في الهجمات، بذريعة أنهم يمثلون حاضنة اجتماعية للمسلحين الذين شنوا الهجمات، وأنهم كانوا قاعدة لدعم نظام الأسد الأب والابن، وهنا بدا أن الألغام التي أراد المهاجمون وضعها في وجه الإدارة الجديدة بدأت تنفجر لتهدد السلم الأهلي، وتستهدف النموذج الوطني الجامع الذي أرادت الحكومة الجديدة في دمشق تقديمه داخليا وخارجيا.
خطورة الأزمة
حكوميا، ومع اتضاح نطاق الهجمات وما أعقبها من حدوث نفير عام تضمن حدوث تجاوزات ضد المدنيين، أدركت الإدارة في دمشق خطورة ما يحدث، وأن من ضمن أهدافه ضرب ثقة المواطنين في وعود السلطة بحمايتهم، وربما تؤدي لاستنساخ الأحداث في مناطق أخرى مما يؤثر على شرعية الحكومة وقدرتها على توفير الأمن، كما يوحي بأن البلاد تعيش في فوضى وأن الدولة ضعيفة مما يغري الطامحين للحكم الذاتي أو الراغبين في الانفصال بكيانات صغيرة تتمركز فيها أقليات عرقية ودينية.
إن المخاطر الخارجية لأحداث الساحل لا تقل عن المخاطر الداخلية، فهي تفتح الباب أمام التدخلات الأجنبية تحت لافتة التدخل الإنساني لحماية الأقليات ومنع حدوث إبادة جماعية بحق السكان، وهو مدخل يمس سيادة سوريا ويدفع باتجاه تدويل مشكلة محلية، ويجعل الإدارة الجديدة محلا للابتزاز.
وهو سيناريو تكرر في دول أخرى مثل دارفور بالسودان، فتدخل آنذاك مجلس الأمن لإصدار قرارات أسفرت عن فرض عقوبات اقتصادية على السودان، وإحالة مسؤولين سودانيين للتحقيق أمام المحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن تشكيل لجنة أممية لتقصي حقائق.
وقد أدت التدخلات الدولية في مناطق أخرى مثل البوسنة والهرسك لفرض حظر توريد سلاح على الأطراف المتنازعة، وتشكيل بعثة عسكرية أممية لحماية المدنيين وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية، ولكن مع إخفاق البعثة في حماية مسلمي البوسنة، أوكلت المهمة إلى قوات عسكرية من حلف الناتو.
محاولات علاج الأزمة
في مواجهة الأحداث المتلاحقة، سارعت الحكومة السورية لاتخاذ عدة خطوات لإنهاء الأزمة، وبدأت بفرض حظر للتجول في محافظتي طرطوس واللاذقية، في حين أمرت وزارة الدفاع بإخلاء منطقة الساحل ممن لا صلة لهم بالعمليات العسكرية، وشددت على عدم التعرض لأي شخص داخل منزله، مع الإنذار بتحويل المخالفين للتعليمات إلى القضاء.
ثم أعلنت وزارة الدفاع بعد 3 أيام من بدء الاشتباكات انتهاء العمليات العسكرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وسحب وحدات الجيش من منطقة الساحل إلى ثكناتها، وتولي وزارة الداخلية وجهاز الأمن العام مهام حفظ الأمن بالمنطقة.
ومن جهته، تعهد الرئيس السوري أحمد الشرع في خطاب موجز بالحفاظ على السلم الأهلي ومحاسبة كل من يتجاوز ضد المدنيين، كما أصدر قرارا رئاسيا بتشكيل "لجنة وطنية مستقلة" للتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، فضلا عن التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات ورجال الأمن والجيش، ثم أصدر الشرع قرارا رئاسيا ثانيا بتشكيل "لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي" تختص بالتواصل المباشر مع الأهالي بالساحل لتقديم الدعم لهم بجوار عملها على تعزيز الوحدة الوطنية، كما بدأت الشرطة العسكرية في ملاحقة وتوقيف عدد من مرتكبي التجاوزات.
تباين المواقف الإقليمية والدولية
مع انتشار فيديوهات للضحايا من عناصر الأمن فضلا عن فيديوهات أخرى تكشف حدوث تجاوزات ومقتل أعداد من المدنيين في منطقة الساحل، برزت تباينات في المواقف الإقليمية والدولية وفقا لمصالح كل دولة، والشواغل التي توليها الأهمية في الملف السوري.
فجل الدول العربية تعطي الأولوية لاستقرار سوريا تمهيدا لبدء إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، بينما دوليا وإقليميا تتضارب أهداف العديد من الدول، فإسرائيل لديها أولوية تتمثل في إضعاف حكومة دمشق وإشغالها بالملفات الداخلية وصولا لتجزئة سوريا وتفتيتها، بينما روسيا تريد تأمين قواعدها العسكرية في حميميم وطرطوس، والحفاظ على علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع سوريا.
وفي حين تريد الدول الأوروبية في المجمل خروج الروس من سوريا، وإشراك الأقليات العرقية والدينية في النظام السياسي الجديد، وإعادة اللاجئين، تركز الولايات المتحدة على ملف مكافحة الإرهاب ومنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
ووفق هذا التباين في الأهداف جاء التباين في المواقف، فنددت وزارات الخارجية في تركيا والأردن وقطر والسعودية والكويت والبحرين ومصر بالهجمات التي شنتها "مجموعات خارجة عن القانون استهدفت قوات الأمن"، وأن تلك التحركات "تستهدف أمن سوريا واستقرارها وتحاول دفعها للفوضى والفتنة والصراع".
لكن الموقف الإيراني بدا مغايرا، حيث أشارت وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن الانتهاكات بحق الأقليات تجرح مشاعر الرأي العام، وتعتبر اختبارا حقيقيا لحكام سوريا، بينما شددت الخارجية العراقية على ضرورة تغليب لغة الحوار بدلا من التصعيد العسكري، وحذرت من أن استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، في حين أصدر حزب الله بيانا نفى فيه الاتهامات الموجهة له بالضلوع في الأحداث، ووصفها بأنها ادعاءات لا أساس لها من الصحة.
غربيا، جاء موقف الاتحاد الأوروبي متوازنا وأقل صخبا، وكذلك الموقف البريطاني الذي دعا لرسم مسار واضح لتحقيق العدالة الانتقالية. لكن المواقف الأكثر انتقادا جاءت من واشنطن، حيث ندد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمن سمّاهم "الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين الذين قتلوا الناس غرب سوريا"، ودعا "السلطات المؤقتة لمحاسبة مرتكبي المجازر بحق الأقليات".
وبشكل أكثر عدوانية نشر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بيانا قال فيه "إن الجولاني استبدل ثوبه ببدلة، وقدم وجها معتدلا، والآن خلع القناع وكشف عن وجهه الحقيقي، إرهابي من مدرسة القاعدة يرتكب أفعالا مروعة ضد السكان المدنيين".
أما موسكو، فقد فتحت قواتها في حميميم أبواب القاعدة العسكرية أمام أعداد كبيرة من المدنيين الذين طلبوا الحماية، فضلا عن فلول النظام الذين هربوا بعد فشل هجماتهم، بينما أعرب الكرملين عن قلقه من أعمال العنف، ودفع بالتنسيق مع واشنطن بملف أحداث الساحل إلى مجلس الأمن الذي عقد مشاورات مغلقة انتهت بإصدار بيان صاغته الولايات المتحدة وروسيا يدين أعمال العنف في اللاذقية وطرطوس، ويحث على بدء تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة وفقا للمعايير الدولية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، فضلا عن دعوته حكومة دمشق لاتخاذ "تدابير حاسمة للتصدي للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب".
لقد حمل بيان مجلس الأمن عبارات مطاطة قابلة لتفسيرات مختلفة، فهو من جهة يتسق مع ما أعلنته الحكومة السورية من إجراءات تجاه التحقيق في الأحداث ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، لكنه من جهة أخرى يفتح الباب أمام تدخلات دولية قد تسعى لفرض إملاءات على الحكومة السورية فيما يخص نهج التحقيق، فضلا عن إقصاء المقاتلين الأجانب الذين انخرطوا في الثورة السورية، إذ سبق أن تعهد الشرع بمنحهم الجنسية السورية تكريما لجهودهم في إسقاط نظام الأسد.
دروس من الأزمة
لقد انتهت الاشتباكات سريعا مثلما اندلعت فجأة، لكن ارتداداتها ما زالت تتفاعل. فميدانيا انسحب المهاجمون إلى الجبال الوعرة واندمجوا بين السكان في القرى المتناثرة الحصينة جغرافيا، وهو ما يعني امتلاكهم قدرات مستقبلا على شن هجمات جديدة.
فهم ليسوا مقاتلين هواة إنما كانوا جزءا من جيش الأسد وأجهزة أمنه، وتمرسوا لسنوات في القتال ضد فصائل الثورة، ولديهم شبكات من العلاقات داخل سوريا وخارجها تكفل لهم توفير التمويل والإمدادات اللوجيستية، فضلا عما بأيديهم من أسلحة احتفظوا بها من حقبة نظام الأسد.
كما أنهم يعملون وسط بيئة تضررت من سقوط النظام، فمئات الآلاف فقدوا رواتبهم ومصادر دخلهم بعد حل جيش نظام الأسد وأجهزة أمنه المتعددة. وهذا لا يعني قدرتهم على إسقاط النظام الجديد أو إعادة النظام الأسد، إنما يشير لقدرتهم على تهديد الأمن وإثارة الفوضى والانتقاص من هيبة الإدارة الجديدة.
على جانب آخر، كشفت الهجمات عن ضعف أجهزة الأمن الجديدة في منطقة الساحل، إذ لم تتوافر لديها معلومات مسبقة عن الهجمات التي شارك فيها حسب التقديرات الرسمية نحو 4 آلاف مسلح، وهو ما سيتطلب تعزيز قدرات أجهزة جمع المعلومات، وإعداد خطط احترافية مسبقة تعتمد على قوات تدخل سريع مجهزة ومدربة ومنضبطة للتصدي لأي هجمات مستقبلية دون إعلان النفير العام الذي تتخلله أجواء من الفوضى وضعف الانضباط.
دوليا، امتلكت بعض الدول الساعية للضغط على حكومة دمشق ورقة قابلة للتسويق دوليا، وستستخدمها للابتزاز والمساومة، مما سيتطلب من الإدارة الجديدة تعزيز السلم الأهلي، وتعويض المتضررين، ونشر ثقافة التسامح، والعمل قدر الإمكان على تجنب تكرار تلك النوعية من الأحداث سواء في منطقة الساحل أو في غيرها من المناطق التي توجد فيها مكونات وكتل مناوئة، وتفكيك المشاريع المعادية بأقل قدر من الدماء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 4 أيام
- العرب القطرية
«منتدى الإعلامي» ينطلق بمشاركة 300 خبير من 26 دولة.. الدبلوماسية الإعلامية تعزز قيم «شنغهاي للتعاون»
أورومتشي- هشام يس دعا منتدى التعاون الإعلامي لدول منظمة شنغهاي للتعاون 2025 إلى وضع آليات فعالة للحد من التضليل الإعلامي واستخدام وسائل الإعلام لأغراض غير مشروعة. وأكد المشاركون أهمية احترام التنوع الحضاري والثقافي والديني، وضرورة إنتاج تقارير إعلامية صادقة وموضوعية وعادلة، تسهم في بناء بيئة إعلامية عالمية تدعم التنمية المستدامة. كما شدد المنتدى على أهمية تعزيز «روح شنغهاي»، التي تجسد قيم التعاون والتعددية واحترام السيادة الوطنية، بهدف تعزيز التفاهم المتبادل والصداقة بين شعوب الدول الأعضاء، والمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي. وانطلق المنتدى في مدينة أورومتشي، عاصمة منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم، تحت شعار «معاً من أجل بناء عالم أجمل ومستقبل مزدهر». وشهد المنتدى مشاركة واسعة من أكثر من 300 إعلامي وخبير وممثل عن مؤسسات إعلامية من 26 دولة، بما في ذلك الدول الأعضاء في المنظمة، والدول المراقبة، وشركاء الحوار، إلى جانب حضور بارز لممثلين عن وسائل إعلام عربية، من بينها صحيفة «العرب». كما حضر المنتدى نائب الأمين العام لمنظمة شنغهاي للتعاون، سهيل خان، مما أضفى طابعاً رسمياً على الفعالية. وتأتي فعالياته في إطار جهود الصين، التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة شنغهاي للتعاون، لتعزيز التعاون الإعلامي وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، بهدف بناء نظام إعلامي دولي أكثر عدالة وتوازناً، يعكس تنوع الثقافات ويتصدى لهيمنة الخطاب الإعلامي الغربي. وخلال الجلسة الافتتاحية، أُكد المشاركون على أهمية الدبلوماسية الإعلامية في تعزيز القيم المشتركة لمنظمة شنغهاي، مثل احترام السيادة، التعددية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. هذه المبادئ شكلت إطاراً للنقاشات التي تناولت سبل بناء شبكات إعلامية مشتركة قادرة على نقل صوت الدول النامية بصدق وتوازن. إطلاق مبادرات تعاونية شهد المنتدى إطلاق مبادرات مهمة، منها معسكر التبادل الثقافي للشباب الذي يهدف إلى تعزيز التفاهم الثقافي بين الشباب في الدول الأعضاء، من خلال برامج تبادل تعليمية وثقافية. وتقرير «البيت المشترك»: وهو استطلاع رأي عام حول الرؤية التنموية للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي، يهدف إلى توثيق التوجهات والطموحات المشتركة. وخطة لتقاسم مقاطع الفيديو القصيرة، تم اقتراحها خلال اجتماع الحوار الإعلامي، بهدف تعزيز التعاون بين وسائل الإعلام في إنتاج محتوى رقمي يعكس تنوع الدول الأعضاء. الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة تناولت الحلقات النقاشية في المنتدى عدة محاور رئيسية منها، توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وركزت النقاشات على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى الإعلامي، سواء من خلال تحليل البيانات أو إنتاج الأخبار بشكل أسرع وأكثر دقة. كما تناولت احتياجات كل منطقة من حيث إنتاج المحتوى الإعلامي، مع التركيز على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأخبار بفعالية. وشددت على ضرورة احترام الخصوصيات الوطنية والثقافية في صياغة المحتوى الإعلامي، مع استعراض قصص نجاح توضح كيفية تحقيق ذلك. ومن جانبه أشار عبدالعزيز درويش، الإعلامي الكويتي، إلى الأهمية الكبيرة للمنتدى في تعزيز تبادل الخبرات الإعلامية بين الشعوب، مشيداً بمشاركة واسعة من 26 دولة وحضور أكثر من 200 شخص. وأضاف أن النقاشات ركزت على التقنيات الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعي، ودوره في تحسين جودة المحتوى وتطوير الإنتاج الإخباري، مع استعراض تطبيقات عملية لوسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار. وتميزت الجلسة الافتتاحية بأجواء احتفالية عكست التراث الثقافي الصيني، وتضمنت عروضاً فنية تقليدية استخدمت فيها الآلات الموسيقية الصينية والألوان الزاهية، لتقديم تجربة ترحيبية مبهرة. وصفت هذه العروض بأنها «لوحة فنية» تهدف إلى إبراز الفن كجسر للتواصل بين الشعوب، مما يعكس التزام الصين بتعزيز الحوار الحضاري والثقافي. شينجيانغ: نموذج للتنمية المستدامة تُعد منطقة شينجيانغ، التي استضافت المنتدى، نموذجاً بارزاً للتنمية المستدامة التي تدعمها الصين. فقد تجاوز إجمالي الناتج المحلي للمنطقة 2 تريليون يوان صيني في عام 2024، مع تحسن ملحوظ في متوسط دخل الأفراد وتنفيذ مشاريع تنموية كبرى في قطاعات الطاقة، الصناعة، التعليم، والبنية التحتية. يأتي هذا الإنجاز بدعم مالي ولوجستي من الحكومة المركزية الصينية عبر أكثر من 19 مقاطعة شقيقة، مما عزز قدرة شينجيانغ على تحقيق تنمية شاملة. وأضفت أورومتشي، بموقعها الاستراتيجي على طريق الحرير، طابعاً خاصاً على اختيارها كمكان للمنتدى، حيث تُعد مركزاً ثقافياً واقتصادياً يجسد التواصل الحضاري بين الشرق والغرب. يُعد المنتدى خطوة محورية نحو تعزيز التعاون الإعلامي بين الدول الأعضاء والشركاء. ومع اقتراب استضافة الصين لقمة منظمة شنغهاي في تيانجين في خريف 2025، من المتوقع أن تستمر هذه الجهود في تعزيز التواصل الإعلامي والثقافي. ويهدف المنتدى إلى وضع أسس نظام إعلامي دولي جديد يقوم على التعددية والاحترام المتبادل، مما يساهم في بناء عالم أكثر عدالة في تدفق المعلومات. وأكد المشاركون أن الصين، بفضل قدراتها المالية والتجارية، في موقع قوي لقيادة هذا التحول الإعلامي، بما يتماشى مع أهدافها خلال رئاستها الدورية للمنظمة. الهدف الأساسي هو كسر احتكار الخطاب الإعلامي الغربي الذي هيمن على السرديات العالمية لعقود. منظمة شنغهاي: إطار للتعاون تأسست منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001، وتضم دولاً مثل الصين، روسيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، الهند، باكستان، إيران، وبيلاروسيا، إلى جانب شركاء الحوار مثل السعودية وقطر. ويُنظم المنتدى بشكل مشترك بين صحيفة «الشعب اليومية» وحكومة منطقة شينجيانغ، مما يعكس التزام الصين بتعزيز دورها كقوة إعلامية عالمية تقدم رؤية بديلة للنظام الإعلامي الحالي.

العرب القطرية
منذ 4 أيام
- العرب القطرية
جائزة «التعاون» تكرِّم جهود قطر الخيرية في مجال الإسكان
الدوحة - العرب كرّمت هيئة جائزة مجلس التعاون الخليجي في مجال الإسكان قطر الخيرية ضمن الحفل الرسمي الذي تم فيه الإعلان عن الفائزين والمرشحين للتكريم في الدورة السادسة ( 2024 ـ 2025)، وذلك على هامش الاجتماع الثالث والعشرين لأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المعنيين بشؤون الإسكان بدول الخليج العربية الذي انعقد في الكويت. جرى ترشيح قطر الخيرية للتكريم عن فئة القطاع الخاص والجمعيات الخيرية، وذلك تقديرا لمساهماتها المؤثرة ومبادراتها الفاعلة في مجال العمل الإسكاني بدولة قطر، والتي تخدم الجوانب الاجتماعية والخيرية. وتسلم السيد يوسف بن أحمد الكواري الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية درع التكريم من سعادة السيد عبداللطيف المشاري وزير الدولة لشؤون البلدية ووزير الدولة لشؤون الاسكان في دولة الكويت بحضور سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة. وتدعم قطر الخيرية مبادرات في مجال الإسكان داخل قطر لصالح الأسر ذات الدخل المحدود والأرامل والمطلقات تتمثل في توفير إيجارات البيوت، فضلا عن مشروع «ترميم» الذي يقوم بعمليات صيانة البيوت القديمة للأسر محدودة الدخل وتوفير الأثاث المناسب لها. وعلى هامش الحفل قال السيد يوسف بن أحمد الكواري الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية: سعداء بهذا التكريم الذي يعكس اهتمام قطر الخيرية في مجال السكن الاجتماعي في إطار الإسهام في تحقيق رؤية قطر 2030، وذلك من خلال مبادرات تهدف إلى تحقيق الاستقرار المجتمعي وتحسين الظروف المعيشية وتوفير بيئة سكن صحية مناسبة للأسر والفئات الدخل المحدود، واعتبر أن هذا التكريم سيحفز قطر الخيرية لمزيد من الاهتمام بمثل هذه المبادرات المجتمعية. يذكر أن الدورة السادسة لجائزة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مجال الإسكان لعامي 2024-2025م كانت بعنوان (التطبيقات والتقنيات الرقمية- الذكية في المشاريع والبرامج الإسكانية) وخصصت للفائزين في المراكز الثلاثة الأولى جوائز نقدية، كما تم تكريم عدد من الجهات في حفلها الرسمي، ومنها قطر الخيرية عن فئة القطاع الخاص والجمعيات الخيرية.


الجزيرة
منذ 6 أيام
- الجزيرة
فيديو قبل العودة إلى وطنه.. مشهد مؤثر لطفل سوري يودع مدرسته بتركيا
وثّق مقطع فيديو لحظات مؤثرة لوداع طفل سوري لزملائه ومعلمه في إحدى مدارس مدينة بورصة التركية، قبيل عودته إلى سوريا. ونشرت والدة الطفل المشاهد عبر حسابها على "إنستغرام"، حيث ظهر الطفل وهو يودّع أصدقاءه وسط تصفيق وعناق دافئ، في أجواء غلبت عليها المشاعر والحنين. أثار مقطع فيديو لطفل سوري يودع زملاءه ومعلمه في إحدى المدارس التركية قبل عودته إلى بلاده تفاعلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شاركت والدة الطفل اللحظة المؤثرة عبر حسابها على منصة "إنستغرام"، حيث أبدى العديد من المستخدمين تأثرهم الشديد بالمشهد الذي جسّد عمق الروابط الإنسانية التي تنشأ بين الأطفال، رغم اختلاف الجنسيات والظروف. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا استضافت خلال السنوات الماضية ملايين اللاجئين السوريين، حيث التحق عدد كبير من الأطفال السوريين بالمدارس التركية، وتعلموا اللغة وشكلوا صداقات مع أقرانهم من الأطفال الأتراك. ومع بدء عودة بعض العائلات السورية إلى بلادها نتيجة المستجدات السياسية، أصبحت مشاهد الوداع مثل هذه محط اهتمام وتعاطف من كلا المجتمعين التركي والسوري، لما تحمله من دلالات إنسانية مؤثرة. ووفقا لبيانات وزارة الداخلية التركية، عاد 175 ألفا و512 لاجئا سوريا من تركيا إلى بلادهم منذ سقوط نظام بشار الأسد وحتى منتصف أبريل/نيسان الجاري، ضمن برنامج العودة الطوعية الآمنة، ليصل بذلك إجمالي العائدين منذ عام 2017 إلى 915 ألفا و515. انهار حكم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تولى السلطة في سوريا عام 1963 ودام 61 عاما، مع فقدان نظام بشار الأسد السيطرة على العاصمة دمشق ودخولها في قبضة فصائل المعارضة المسلحة. وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اندلعت اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب. ولا يزال استمرار عودة السوريين من تركيا إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد، حيث وثق العديد من النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي عودتهم.