
أسبوعا ترامب.. مناورة سياسية أم تمهيد لاشتباك أميركي مع إيران؟
محمد الكيالي
اضافة اعلان
عمان - في ظل التناقض المتكرر في تصريحات الرئيس الأميركي حول احتمالية تدخل واشنطن في الصراع الإيراني-الصهيوني، تبدو "مهلة الأسبوعين" التي لوّح بها دونالد ترامب أداة سياسية مركّبة، تجمع بين المناورة الاستخباراتية والابتزاز الدبلوماسي.فبحسب محللين سياسيين وخبراء تحدثوا لـ"الغد"، فإن هذه التهديدات توظفها بعض الدوائر كإشارة إلى عمل عسكري وشيك، في حين يراها مراقبون مجرد ورقة ضغط تهدف إلى انتزاع تنازلات إيرانية إضافية، خصوصا في ملف الصواريخ الباليستية، دون الاندفاع نحو حرب شاملة تُهدد تعهدات ترامب الانتخابية بعدم التورط في نزاعات خارجية مفتوحة.وكشفوا عن حسابات ميدانية دقيقة تحكم هذا التردد، تتمثل في حرص ترامب على تهيئة "مسرح العمليات" وتفادي تكرار إخفاقات تدخلات سابقة كما حدث بالملف الحوثي في اليمن.ويُعزز هذا التريث انقسام داخلي عميق في واشنطن بين دعاة المواجهة وأنصار التفاهم، وسط ضغوط مكثفة من اللوبيات المؤيدة لإسرائيل التي ترى اللحظة الراهنة فرصة ذهبية لمحاصرة إيران.وبين التهديد بالتصعيد والتلويح بالتفاوض، يبقى المشهد معلقاً على قرارات متأخرة تحاول كل الأطراف خلالها إعادة ترتيب أوراقها في لعبة إقليمية تتجاوز حدود الميدان العسكري.وفي السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي، أن المهلة التي يتحدث عنها ترامب بشأن تدخل واشنطن المحتمل في الصراع مع إيران، ليست سوى جزء من أدوات الضغط السياسي التي تمارسها الإدارة الأميركية في محاولة لانتزاع تنازلات إضافية من طهران، لا سيما في ملف الصواريخ.وأوضح الماضي أن الرئيس الأميركي، وفي ضوء التزاماته الانتخابية السابقة، ما يزال يحرص على تجنب الانخراط المباشر في أي حرب خلال فترته الرئاسية، وهو ما يفسر التردد الظاهر في اتخاذ قرار الحسم العسكري.وقال إن هذا التوجه يؤثر بوضوح على المزاج العام للقاعدة الجمهورية داخل الولايات المتحدة، خصوصا في ظل حالة الاستقطاب المتزايدة.وأشار إلى أن إدارة ترامب تواجه في المقابل ضغوطا مكثفة من لوبيات قوية داخل الولايات المتحدة، وعلى رأسها اللوبي المؤيد لإسرائيل، الذي يدفع باتجاه خيار المواجهة.ولفت الماضي إلى وجود انقسام داخلي حاد بين تيارين أميركيين: أحدهما يطالب بالتصعيد العسكري ضد إيران، والآخر يفضل الحلول التفاوضية والسعي نحو تفاهمات إستراتيجية.وأضاف إن هذا الانقسام لا يقتصر على صناع القرار في واشنطن، بل يمتد أيضا إلى السياسة الإقليمية والدولية، حيث تحاول إيران استثمار التناقضات الأميركية لصالحها، وتبعث برسائل مفادها أنها لا ترغب بإطالة أمد الحرب أو توسيع رقعتها، ما دامت تُعامل كقوة إقليمية فاعلة في الشرق الأوسط.وأكد أن طهران تسعى إلى ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية معترف بها ولو عبر شعارات متعددة، مثل دعم القضية الفلسطينية أو الدفاع عن الشعوب المظلومة.واستدرك: "لكنها (إيران) في جوهر الأمر تسعى إلى تثبيت نفوذها كلاعب أساسي قادر على تقاسم النفوذ مع إسرائيل، في ظل انقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية ودوائر القرار الأميركية".وفي المقابل، يرى خصوم إيران -من داخل الولايات المتحدة ومن أطراف إقليمية حليفة- أن اللحظة الراهنة تمثل "فرصة ذهبية" لمحاصرتها والحد من تهديداتها المستمرة للاستقرار الإقليمي، على حد تعبيرهم.وختم الماضي بالقول إن هناك رهانات داخل واشنطن وتل أبيب وبعض العواصم الإقليمية بأن النظام الإيراني لن يكون قادرا على الصمود طويلا أمام تصاعد الاحتجاجات الداخلية وتنوع المواقف السياسية الداخلية المناهضة له، وهو ما قد يفضي، بحسب هذه القراءة، إلى إعادة إيران إلى حدودها الجغرافية والسياسية الطبيعية، وإشغالها بأزماتها الداخلية، بما يُضعف تأثيرها الإقليمي بشكل تدريجي.من جانبه، اعتبر الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد أن "مهلة الأسبوعين" التي تحدث عنها ترامب تُعد مؤشرا على سعيه لضمان جاهزية كاملة من الناحيتين الاستخباراتية والعملياتية قبل أي تدخل أميركي محتمل في المنطقة، خصوصا في الملف الإيراني.وأشار أبو زيد إلى أن ترامب يسعى لتفادي تكرار السيناريو الذي حصل مع الحوثيين، حين انخرطت الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية استمرت 54 يوما وكلفت الإدارة الأميركية نحو 4 مليارات دولار، من دون تحقيق إنجاز يُذكر، ما اضطرها للانسحاب لاحقا.ولذا، يبدو أن ترامب لا يريد أن يُستدرج إلى معركة تُحمل واشنطن أعباء أزمة الحكومة اليمينية في إسرائيل التي يحاول نتنياهو تصديرها إلى الخارج، بحسبه.وأوضح أن ترامب يعمل على التأكد من أن "مسرح العمليات" أصبح مهيّأ بما يكفي، وأن القوات الأميركية ليست مهددة بشكل مباشر، وأن الأهداف العسكرية قد تم "تليينها" ميدانيا من قبل إسرائيل، وهو مصطلح يُستخدم في العقيدة العسكرية للإشارة إلى تمهيد الأهداف قبل الهجوم، ما يُمهّد لمرحلة تدخل أميركي محسوبة.وربط أبو زيد هذا المسار بالتطورات الدبلوماسية الجارية، مشيرا إلى أن الاجتماعات الأوروبية-الإيرانية التي تعقدها الترويكا (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) في جنيف، وما يتم من مراسلات مع طهران، لا تخرج عن سياق "شراء الوقت"، كما أن التصريحات المتبادلة مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تدلّ على وجود محاولات دبلوماسية للتهدئة، لكنها – برأيه – لن تغير في الحسابات العسكرية الأميركية.وشدد على أن ترامب على ما يبدو يخطط لمشاركة أميركية مباشرة في حال تم اتخاذ قرار بالتصعيد، سواء عبر تنفيذ ضربة جوية محدودة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، أو من خلال تقديم الدعم اللوجستي والميداني لوحدات كوماندوز -أميركية أو إسرائيلية- تتولى تنفيذ عملية نوعية على الأرض. وفي الحالتين، يسعى ترامب لأن يبدو "الإنجاز" مشتركا بين الطرفين، ويقدَّم للرأي العام باعتباره نهاية فشل المسار الدبلوماسي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 22 دقائق
- الغد
الدكتور الصادق يزور مجموعة طلال أبو غزالة العالمية
اضافة اعلان والتقى الدكتور الفقيه بالدكتور طلال أبو غزالة، حيث بحث الجانبان عددًا من القضايا في مجال التعليم والمعرفة ومستقبل الشباب العربي والتعليم الإلكتروني، وتقنيات المعلومات والاتصالات، وقضايا البحث العلمي.وأطلع الدكتور الفقيه الدكتور أبو غزالة على أنشطة المنتدى ومشروعاته الفكرية، مشيرًا إلى أن المنتدى يسعى إلى تكوين الفكر العربي المعاصر وتطويره ونشره وترسيخ الوعي والاهتمام به، لا سيما بما يتصل منه بقضايا الشباب العربي الأساسية، والتكنولوجيا والابتكار والريادة، ودراسة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الوطن العربيّ.وأعرب الدكتور أبو غزالة خلال اللقاء عن تقديره لجهود منتدى الفكر العربي، ورئيسه سمو الأمير الحسن بن طلال في الإسهام بتكوين نظرة عربية علمية نحو مشكلات التنمية، التي تعالجها المنتديات والمراكز والمؤسسات الدولية، وتعزيز العمل في القضايا الفكرية والإنمائية والتكنولوجية.ويُذكر أن الدكتور أبو غزالة، من أعضاء المنتدى الداعمين لبرامجه وأنشطته، وأن المؤسستَين تعملان على توقيع اتفاقية تعاون تهدف إلى تعزيز أواصر الشراكة بينهما في المجالات العلمية والبحثية والفكرية والثقافية، والمساهمة في تنفيذ مشروعات مشتركة تتوافق مع أهدافهما، إلى جانب تنظيم فعاليات وأنشطة متعددة من خلال إطلاق مبادرات بحثية وعقد مؤتمرات وبرامج مشتركة.


رؤيا نيوز
منذ 41 دقائق
- رؤيا نيوز
'الطيران المدني': حركة الطيران طبيعية بعد إغلاق جزئي للأجواء
أكد رئيس هيئة تنظيم قطاع الطيران المدني هيثم مستو؛ الأحد، أنه تم إغلاق الأجواء جزئيا صباح اليوم وبعدها تم إعادة فتحها. وأضاف أن حركة الطيران الآن طبيعية. وأعلنت سلطة المطارات الإسرائيلية، صباح الأحد، إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي حتى إشعار آخر 'بسبب آخر التطورات' عقب القصف الأميركي الليلي على إيران. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أن الضربات الجوية الأميركية على إيران، فجر الأحد، 'دمّرت بشكل تام وكامل' ثلاث منشآت نووية مستهدفة، وهدّد بضربات أخرى أشدّ إذا لم تسعَ طهران إلى السلام أو بادرت إلى الرد. وفي خطاب متلفز من البيت الأبيض، بعد انضمام بلاده إلى العملية العسكرية الإسرائيلية على الجمهورية الإيرانية، وصف ترامب الهجمات الأميركية بأنها 'نجاح عسكري باهر'. وكان ترامب أعلن، قبيل ذلك، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن طائرات أميركية استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران. وتعهّدت إيران بالرد على القوات الأميركية الموجودة في المنطقة، إذا تدخلت واشنطن في الحرب.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
واشنطن تبلغ طهران: الضربة انتهت ولا نية لتغيير النظام
في تطور لافت على مسار التصعيد العسكري بين الولايات المتحدة وإيران، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة أن واشنطن ألغت طهران إنها 'لا تنوي تغيير نظام الحكم' في البلاد. ووفقا لمحطة 'سي بي إس'، تواصلت الحكومة الأميركية بشكل مباشر مع طهران يوم الأحد، لإبلاغها بأن الضربة العسكرية التي نفذتها ضد أهداف إيرانية 'هي كل ما خططت له'، أي أنها لا تنوي توجيه ضربات جديدة، وأن الولايات المتحدة 'لا تسعى إلى تغيير النظام' الإيراني، في محاولة واضحة لاحتواء التصعيد وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة في المنطقة. ومن جهتها، قالت صحيفة 'وول ستريت جورنال'، إنه تم تفويض المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف للتحدث مع الإيرانيين، حيث حاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحفاظ على إمكانية ضئيلة لتوصل إلى نوع من التفاهم الدبلوماسي يمكن أن يهدئ المنطقة. وقال مسؤول أميركي للصحيفة، إن إدارة ترامب تواصلت مع إيران لتوضيح أن الهجوم كان عملية منفردة، وليس بداية حرب لتغيير النظام. يأتي هذا التواصل في أعقاب سلسلة ضربات جوية أميركية استهدفت منشآت نووية، فجر الأحد، بعد تصاعد التوترات على خلفية الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران. ونقلت مصادر أميركية عن مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب تأكيدهم أن الهدف من الضربة الأميركية هو 'ردع المزيد من الهجمات'، وليس الدفع باتجاه مواجهة مفتوحة أو إسقاط النظام في طهران. وكان الأسبوع الماضي قد شهد تصعيدا خطيرا في وتيرة المواجهة بين إسرائيل وإيران، حيث شنت إسرائيل ما وصفته بـ'الضربة الأكبر' داخل الأراضي الإيرانية منذ بداية الحرب، استهدفت فيها مواقع عسكرية ومراكز بحث نووي، مما أسفر عن مقتل عدد من القادة العسكريين الإيرانيين. وفي الوقت نفسه، كشفت تقارير إعلامية أميركية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كانت قد رفضت خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي في وقت سابق، في مؤشر على مدى خطورة السيناريوهات المطروحة في دوائر صنع القرار الإسرائيلية والأميركية. وعلى الرغم من الضغوط المتزايدة من قبل الحلفاء في المنطقة، شدد البيت الأبيض على أن الولايات المتحدة 'لا تريد حربا شاملة'، لكنها 'لن تتردد في حماية قواتها ومصالحها في الشرق الأوسط'.