logo
ليبيا... هل تكسر الاحتجاجات والاقتتال حالة الجمود السياسي؟ – DW – 2025/5/31

ليبيا... هل تكسر الاحتجاجات والاقتتال حالة الجمود السياسي؟ – DW – 2025/5/31

DWمنذ 2 أيام

عاد هدوء حذر إلى طرابس بعد دوامة عنف أثارت مخاوف انزلاق البلاد مرة أخرى صوب جولة جديدة من الاقتتال. ويقول مراقبون إن القتال وما تخلله من احتجاجات ربما يتيح فرصة جديدة لكسر الجمود السياسي في البلاد.
في منتصف مايو/أيار، عاد الهدوء إلى العاصمة الليبية طرابلس عقب اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة استمرت أيامًا، وأُعيد فتح مطار معيتيقة الدولي، المنفذ الجوي الوحيد في العاصمة.
لكن هذا الهدوء النسبي يُخفي حقيقة مفادها أن غرب ليبيا ما زال يئن تحت وطأة اضطرابات سياسية.
وشهدت طرابلس في الفترة من 12 إلى 15 مايو/أيار اشتباكات عنيفة بين جماعات مسلحة وقوات موالية للحكومة، بعدما قررت حكومة الوحدة الوطنية تفكيك "جميع الميليشيات" التي تسيطر على المدينة.
واندلعت معارك عنيفة أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، بحسب الأمم المتحدة، حتى التوصل إلى هدنة، لكن الوضع ما زال متقلبًا.
"هشاشة الوضع"
في هذا السياق، قالت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن المعارك الأخيرة في طرابلس "تعد مؤشرا قويا على هشاشة الوضع". وأضافت في مقابلة مع DW أن "التهور الكبير في الصراع، الذي وثقته هيومن رايتس ووتش في قلب المناطق المدنية، يُظهر استخفاف هذه الجماعات المسلحة الصارخ بحياة المدنيين وسبل عيشهم". وحذرت من أن "خطر تجدد القتال وإلحاق الأذى بالمدنيين حقيقي للغاية، طالما لم تُعالج القضايا الأساسية المتعلقة بعمل الميليشيات وحسم قضية غياب المساءلة".
واحتجاجا على طريقة تعامل حكومة الوحدة الوطنية مع هذه الأزمة، تجمع آلاف المتظاهرين في طرابلس للمطالبة برحيل الحكومة برئاسة عبد الحميد الدبيبة. وقُتل ضابط شرطة يحرس مقر الحكومة خلال "محاولة هجوم" شنتها "مجموعة مختلطة مع المتظاهرين"، بحسب بيان رسمي.
في المقابل، تجمع المئات في طرابلس، مقر حكومة الوحدة، لإظهار دعمهم لها. ورغم أن طرابلس تنعم بهدوء نسبي منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنّته قوات المشير خليفة حفتر في 2019، وانتهى في يونيو/حزيران 2020 بوقف دائم لإطلاق النار، فإن العاصمة تشهد من حين إلى آخر اشتباكات بين مجموعات مسلحة متنافسة على خلفية صراع على مناطق نفوذ ومواقع حيوية.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تشهد ليبيا نزاعات وانقسامات، وتدير شؤونها حاليا حكومتان متنافستان: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في بنغازي (شرق) برئاسة أسامة حماد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر/كانون الأول 2021، لكن تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى بسبب خلافات بين الأطراف.
اتساع رقعة الاحتجاجات.. ليبيا أمام ثورة جديدة؟
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
الأزمات مستمرة
وعلى النقيض من حكومة شرق ليبيا التي تسيطر بالكامل على الجيش والسياسة والاقتصاد، لا تُمسك حكومة الدبيبة بزمام الأمور في هذه القطاعات في الغرب.
ويقول تيم إيتون، الباحث الرئيسي في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" البحثي بلندن، إن السنوات الأخيرة "شهدت حالة من تجمد الصراع مع تقسيم الغنائم بين الأطراف المختلفة". وفي مقابلة مع DW، أضاف أن هذه "الجماعات كانت تتنافس مع بعضها البعض للاستيلاء على أجزاء أكبر من الدولة الليبية. ورغم ذلك، فإن الوضع الحالي محفوف بالمخاطر؛ إذ ثمة خطر حقيقي من انزلاق البلاد صوب شبح حرب أهلية".
وكان إيتون قد ذكر في تحليل نشره موقع "تشاتام هاوس" في منتصف مايو/أيار أن ما شهدته طرابلس كان حلقة من "نزاع أوسع النطاق، حيث تنافست حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء الدبيبة مع غنيوة على السيطرة على مؤسسات الدولة الرئيسية مع تصاعد التوترات".
وكان الدبيبة قد أمر بتفكيك ما سماها "الجماعات المسلحة غير النظامية" بعد مقتل عبد الغني الككلي، المعروف باسم غنيوة، والهزيمة المفاجئة لـ"جهاز دعم الاستقرار" التابع له على يد فصائل متحالفة مع الدبيبة.
بيد أن الباحث أشار إلى أن "هذه التحركات قد تكون من ناحية أخرى فرصة لإنعاش المسار السياسي". وفي حديثه إلى DW، قال إن "هناك فرصة حقيقية للأمم المتحدة لتعزيز انخراطها في الوقت الراهن لتحقيق تقدم سياسي".
يُشار إلى أن عام 2014 شهد انتهاء القتال في طرابلس بانقسام البلاد، لكن في 2020، انطلقت عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة لتعيين حكومة جديدة.
وفي هذا السياق، قال إيتون إنه "يأمل أن تكون هناك فرصة لتكرار هذا الأمر".
على وقع الأحداث الأخيرة في طرابلس، خرجت مظاهرات للمطالبة برحيل عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. صورة من: Ayman al-Sahili/REUTERS
"أمل في الاستقرار"
ويرى محمد الهادي الدايري، وزير خارجية ليبيا الأسبق والدبلوماسي المخضرم في الأمم المتحدة، أن التطور الذي حدث مؤخرا قد "يمثل فرصة مهمة للبدء في تغيير مسار الأحداث من خلال التحرك نحو إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية".
وفي مقابلة مع DW، أضاف أن "الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تتمثل في تشكيل حكومة موحدة تنهي الانقسام المؤسسي الذي يعاني منه بلدنا حاليا". وقال: "ما من شك في أن اللجنة الاستشارية التي قامت بعثة الأمم المتحدة بتشكيلها مؤخرا، والتي تمثل أطيافا عديدة في مجالات القانون والسياسة والاقتصاد والمكون الاجتماعي، هي أحد روافد دعم الاستقرار مستقبلا".
من جانبه، يشير تيم إيتون من تشاتام هاوس إلى أن التحديات الرئيسية التي كانت قائمة قبل اندلاع العنف في طرابلس لا تزال قائمة. وقال: "على سبيل المثال، كيف يمكن إشراك عائلة حفتر في الشرق أو استبعادها من أي شكل من أشكال التسوية السياسية؟ لكن رغم ذلك، هناك فرصة حقيقية أمام الأمم المتحدة لاغتنام اللحظة الراهنة لتحقيق تقدم سياسي".
خارطة طريق جديدة للأمم المتحدة
يُشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا - التي أُطلقت عام 2011 للمساعدة في تسهيل عملية سياسية تُفضي إلى انتخابات وطنية وبرلمانية في ليبيا - قد نشرت في العشرين من مايو/أيار الملخص التنفيذي لتقرير اللجنة الاستشارية، الذي يحدد الخيارات التي طرحتها اللجنة لمعالجة القضايا الخلافية في الإطار الانتخابي.
وقالت البعثة عبر موقعها الرسمي إن التقرير "يمثل مشورة ليبية مقدمة للبعثة، وسيسهم في توجيه المرحلة التالية من العملية السياسية التي تيسرها البعثة لبناء توافق في الآراء، وتوحيد مؤسسات الدولة، والمضي قدمًا نحو الانتخابات".
واقترحت اللجنة الاستشارية أربعة مسارات لإنهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات، تتلخص في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بعد تشكيل حكومة موحدة جديدة بصلاحيات محددة ومدة لا تتجاوز 24 شهرًا، بحيث تتولى تهيئة البيئة الانتخابية، وتستكمل بعدها المرحلة الانتقالية حتى اعتماد دستور دائم للبلاد.
وقد صرحت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا، هانا تيته، قائلة: "يمثل هذا التقرير نقطة انطلاق لحوار واسع على مستوى البلاد حول أفضل السبل للتغلب على الانسداد السياسي الذي حال دون إجراء الانتخابات منذ عام 2021، مما أدى إلى تفاقم عدم الاستقرار الاقتصادي والأمني".
وستطرح البعثة الخيارات المقدمة من اللجنة على الشعب الليبي لأخذ رأيه، من خلال إجراء استطلاعات رأي ومشاورات أوسع مع عموم الليبيين.
ومن جانبها، ترى هبة صلاح، الباحثة البارزة في هيومن رايتس ووتش، أنه من الواضح أن "يتعين على الأطراف الليبية التوصل إلى توافق في الآراء، فضلا عن الحاجة الملحة إلى تحقيق المساءلة". وفي حديثها إلى DW، قالت إنه "لن يتم حل أزمة حقوق الإنسان والانقسامات السياسية في ليبيا بين عشية وضحاها، فضلا عن إجراء انتخابات حرة ونزيهة يعد في الوقت الراهن أمرا بعيد المنال، لكن في نهاية المطاف، ما هو الخيار الحقيقي المتاح للأطراف الليبية المتنافسة؟".
تحرير: خالد سلامة

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حظر وسائل التواصل في أستراليا: كيف يمكن تحقيق ذلك؟ – DW – 2025/6/2
حظر وسائل التواصل في أستراليا: كيف يمكن تحقيق ذلك؟ – DW – 2025/6/2

DW

timeمنذ 26 دقائق

  • DW

حظر وسائل التواصل في أستراليا: كيف يمكن تحقيق ذلك؟ – DW – 2025/6/2

2025/6/2 ٢ يونيو ٢٠٢٥ تسعى أستراليا لحماية الأطفال والمراهقين بشكل أفضل. ابتداءً من نهاية عام 2025، سيسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقط لمن يبلغون 16 عامًا فأكثر. حاليا يتم اختبار آليات للتحقق من العمر تقنيا.

ميرتس يدعو نتانياهو  للسماح بدخول مساعدات فورية إلى غزة – DW – 2025/6/2
ميرتس يدعو نتانياهو  للسماح بدخول مساعدات فورية إلى غزة – DW – 2025/6/2

DW

timeمنذ 2 ساعات

  • DW

ميرتس يدعو نتانياهو للسماح بدخول مساعدات فورية إلى غزة – DW – 2025/6/2

بعد انتقاداته الواضحة لإسرائيل، أجرى المستشار فريدريش ميرتس اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدد فيه على ضرورة إدخال المساعدات لغزة، مذكرا بموقف ألمانيا الثابت في الدفاع عن حق إسرائيل في الوجود. حثّ المستشار الألماني فريدريش ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إدخال المزيد من المساعدات الطارئة للسكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وبعد اتصال هاتفي بين ميرتس ونتنياهو يوم الأحد (الأول من يونيو/ حزيران)، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفان كورنيليوس إنه من الضروري أن تسمح إسرائيل على الفور بدخول مساعدات إنسانية كافية إلى قطاع غزة وأن تضمن توزيعها الآمن. كما جدد المستشار موقف بلاده بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقال إن حماس يجب أن تفرج عن الرهائن وتنزع سلاحها. ومع ذلك، شدد ميرتس مؤخرا لهجته تجاه الحكومة الإسرائيلية وشكك في استراتيجيتها العسكرية في ضوء الأوضاع الكارثية في قطاع غزة بسبب الحصار المطبق التي تفرضه إسرائيل على دخول المواد الغذائية والأدوية والوقود إلى غير ذلك، وسط تأكيدات أممية بتفشي المجاعة في كامل القطاع. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. ويعتقدميرتس ووزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن إسرائيل لم تف بوعدها بضمان دخول إمدادات المساعدات للسكان المدنيين الفلسطينيين عبر قناة التوزيع الإسرائيلية الأمريكية الجديدة اعتبارا من 25 مايو/أيار. تصدير الأسلحة إلى إسرائيل واندلع مؤخرا نقاش في ألمانيا حول ضرورة وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل ورفعت شعارات في مظاهرة شارك فيها الآلاف، أول أمس السبت في العاصمة برلين مطالبة بذلك. فيما كان وزير الخارجية يوهان فاديفول، المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، قد صرح لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية بأن صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل"ستخضع للتقييم"، الذي سوف يحدد "ما إذا كان ما يحدث في قطاع غزة متوافقا مع القانون الإنساني الدولي". وأضاف: "بناء على هذا التقييم، سنوافق على تسليم المزيد من الأسلحة إذا لزم الأمر". وعندما سئل عما إذا كانت نتائج هذا التقييم قد تؤدي إلى عدم الموافقة على توريد أسلحة لإسرائيل، قال فاديفول: "هذا ما تعنيه صياغة التصريح". ألمانيا ثان أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تصريحات فاديفول هذه واجهت معارضة شديدة من قبل زعيم كتلة الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري في البرلمان الألماني (بوندستاغ). وهو الحزب الشقيق للاتحاد المسيحي الديقراطي المنتمي إليه المستشار ووزير خارجيته. فقد قال زعيم الكتلة، ألكسندر هوفمان، في تصريحات لمجلة "دير شبيغل" الألمانية بأن "من الممكن انتقاد الأصدقاء، لكن لا يمكن معاقبتهم. سيعني ذلك نهاية مبدأ اعتبار وجود إسرائيل مصلحة وطنية لألمانيا. وهذا لا يمكن أن يقبله الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري". وتابع هوفمان بأنه لا يمكن لغزة "أن تدفع ألمانيا إلى التخلي عن موقفها الداعم لإسرائيل". تحرير: ح.ز

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store