
انسحابٌ إسرائيلي ناقص من جنوب لبنان اليوم... والحكومة تشطب «المقاومة» من بيانها الوزاري
- لبنان مدّد تعليق الرحلات الجوية مع إيران ويتشدّد بإزاء العبث بأمن طريق المطار
- تلويح أميركي بأن لا مساعدات للبنان «بناء على وعود»
- إسرائيل اغتالت قائد عمليات «حماس» بلبنان في صيدا ونتنياهو قَطَعَ جلسة محاكمته للمصادقة على العملية
- airfrance و«طيران الإمارات» ألغتا رحلتيهما إلى لبنان في يوم تشييع نصرالله
يَدخل اتفاقُ وَقْفِ النار بين لبنان وإسرائيل مرحلةً جديدةً ستكون أشبه بالسير في «حقل ألغام» عسكري وسياسي، أخطر حلقاته الانسحاب الناقص الذي ستكرّسه تل أبيب اليوم بمغادرة آخِر القرى التي بقيتْ تحت الاحتلال جنوب الليطاني والاحتفاظ بخمسة مرتفعات إستراتيجية بين الناقورة وشبعا، ومحاولة بيروت إدارة هذا التطور الذي يَعكس واقعياً نتائج حرب الـ65 يوماً الضارية، وذلك بما يمنع عودة «مطحنة» الدم والدمار ويوفّر الظروفَ لِسَحْب الذريعة من الدولة العبرية لتمديدِ «القبض» على النقاط الحدودية بالتوازي مع تحشيد الضغط الديبلوماسي لذلك، وفي الوقت نفسه المضيّ بمسار تخفيف «قبضة» حزب الله على الواقع الداخلي كأحد انعكاسات المتغيّرات الجيو - سياسية في المنطقة.
ومع إعلان الجيش الإسرائيلي أمس، أنه سيَنسحب اليوم من جنوب لبنان ولكنه سيَبقى في 5 مواقع «حتى يتّضح أنه لم يعد هناك نشاط لحزب الله جنوب الليطاني وتطبيق القرار 1701»، وأنه «سنقيم موقعاً عسكرياً قبالة كل بلدة إسرائيلية على الحدود مع لبنان»، لافتاً إلى أنه «سيسمح (اليوم) للبنانيين بالوصول للقرى التي غادروها وهي كفركلا والعديسة وحولا وميس الجبل»، فإن اتفاقَ 27 نوفمبر وهدنة الستين يوماً التي نصّ عليها وتم تمديدُها (حتى 18 فبراير) يقفان أمام امتحانٍ دقيقٍ لِما سيكون بعد تدشينِ مرحلة احتلالٍ غير محدَّدة زمنياً لمواقع داخل الأراضي اللبنانية، وخصوصاً أن هذا التطور يشكّل امتداداً لـ «تفوُّقٍ» تَعَمَّدَتْ تل أبيب أن تُظْهِره لجهة تطبيقِ وقف النار بحسب تفسيرها له:
* من الغارات التي لم تتوقف جنوب الليطاني وشماله وآخِرها أمس اغتيال قائد عمليات «حماس» في لبنان محمد شاهين في صيدا، والذي وصفته إسرائيل بأنه «عنصر مهم ذو خبرة في «حماس» وتورّط خلال الحرب في تنفيذ اعتداءات إرهابية مختلفة ومنها عمليات إطلاق قذائف صاروخية نحو الجبهة الداخلية الإسرائيلية»، وسط معلومات عن أن بنيامين نتنياهو خرج من جلسة محاكمته أمس 10 دقائق للمصادقة على الغارة – الاغتيال.
* وصولاً إلى تثبيت تل أبيب «خطاً أحمر» حول أي إعادة تسليح لحزب الله سواء مباشرة، أي عبر شحنات برية أو بحرية، أو بطريقة غير مباشرة من خلال أموال إيرانية تُستخدم في هذا الإطار، وهي الحيثيات التي تحكّمت بما بات يُعرف بـ«أزمة الطيران» الإيراني والتي انفجرت الخميس الماضي مع تهديد تل أبيب بقصف مطار رفيق الحريري الدولي بحال هبوط رحلة لـ«ماهان إير» زعمت أنها ستحمل أموالاً للحزب، الأمر الذي ولّد غضبةً فوضوية في الشارع وخصوصاً على طريق المطار استهدفت أكثر «موجاتها» خطورة قافلة لـ«اليونيفيل» تم الاعتداء عليها وحرق آليات لها ما أدى إلى جرح نائب رئيس البعثة وضابط فيها.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي أعلن أن الاحتفاظ بالنقط الخمس (تلة العزية، تلة العويضة، تلة اللبونة، تلة الحمامص، وجبل بلاط) التي تشرف على المستوطنات في شمال إسرائيل وتشكل خط دفاع متقدماً عنها، هو «إجراء موقت حتى يصبح الجيش اللبناني جاهزاً لتنفيذ بنود اتفاق وقف النار» وأن «تمديد التنفيذ يتماشى مع آلية وقف النار ونحن ملتزمون به»، فإنّ لبنان الرسمي بدا متهيّباً ومتأهباً بإزاء هذا الاحتلال الجديد الذي كان نتنياهو رَبَطه ضمناً وبتماهٍ مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بهدفِ «نزع سلاح حزب الله من الحكومة اللبنانية أو ننزعه نحن»، والذي تَرافق أيضاً مع معلومات أوردتها قناة «العربية» عن تخطيط الجيش الإسرائيلي للبقاء في هذه المواقع لأشهر، في موازاة خشية مما يشبه الحزام الأمني بحُكم الأمر الواقع الذي يشكله تحويل شريط من قرى الحافة الأمامية منطقة ميتة يستحيل العيش فيها.
وفي حين سيكون أول تَصادُم محتمل بين الجيش الإسرائيلي وبيئة «حزب الله» اليوم في ظل الدعواتِ التي كانت وُجّهت لتنظيمِ «يوم عودةٍ» جديد قلّلت تل أبيب من مَخاطره باعتبار أن جنودَها «لن يكونوا متمركزين داخل البلدات اللبنانية ما يقلل فرص الاحتكاك المباشر»، على أن يكون الموقف السياسي للحزب في يوم تشييع السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين الأحد المقبل، فإن السلطات الرسمية في بيروت حاولتْ تشكيلَ «مانعة صواعق» مبكّرة لتفادي الأسوأ - رغم الانطباع بأن «حزب الله» لن يكون في وسعه الضغط على الزناد وأنه سيستثمر «الاحتلال الجديد» لإحياء سردية المقاومة وضرورتها - وذلك على 4 محاور:
تحشيد دبلوماسي... ولا للحرب
1- إطلاق حملة ديبلوماسية للضغط على إسرائيل للالتزام بالانسحاب الكامل اليوم وفق مندرجات اتفاق وقف النار الذي قضى بذلك بالتوازي مع انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني بعد تفكيك البنية العسكرية لحزب الله في هذه المنطقة «ابتداءً».
وعبّر لقاء كل من رئيسيْ الجمهورية جوزف عون والحكومة نواف سلام مع سفراء مجموعة الخمس حول لبنان (تضم أميركا، السعودية، فرنسا، مصر وقطر) عن هذا «التحشيد»، وسط كلامٍ لافتٍ لعون أمام هؤلاء أكد «أن على الدول التي ساعدت في التوصل إلى الاتفاق ولاسيما الولايات المتحدة وفرنسا أن تضغط على إسرائيل للانسحاب وبعد إنجازه ستبدأ اللقاءات في مقر اليونيفيل في الناقورة للبحث في استكمال بنوده وأهمها ترسيم الحدود والبحث في النقاط المختلف عليها في الخط الازرق»، ومشدداً على «أن مهمة الجيش بعد انتشاره ستكون حماية الحدود في الجنوب (...) فلا عودة إلى الوراء والأمن خط أحمر».
2 - تأكيد الرئيس عون أمام زواره أن خيار الحرب لم يعد وارداً في مواجهة عدم امتثال اسرائيل للانسحاب الكامل محدداً إطاراً لبنانياً لمسألة معالجة سلاح حزب الله، وهو قال «نحنُ متخوّفون من عدم تحقيق الانسحاب الكامل غداً (اليوم) وسيكون الردّ اللبناني من خلال موقف وطنيّ موحّد وجامع»، مضيفاً: «خيار الحرب لا يُفيد، وسنعمل بالطرق الديبلوماسيّة، لأنّ لبنان لم يَعُد يحتمل حرباً جديدة. والجيش جاهز للتمركز في القرى والبلدات التي سينسحب منها الإسرائيليّون. والمهم هو تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، وسلاح حزب الله يأتي ضمن حلول يتَّفق عليها اللبنانيون».
مانيفست «دولتيّ» للحكومة... بلا مقاومة
3 - إقرار أول بيان وزاري في «جمهورية الطائف» وخصوصاً منذ ما بعد تحرير العام 2000 لا يتضمّن عبارة المقاومة، الاسم الحركي لـ«حزب الله»، ويُعْلي عنوان احتكار الدولة للسلاح وامتلاكها قرار الحرب والسلم «والدولة التي نريدها هي التي تتحمّل بالكامل مسؤوليّة أمن البلد، والدفاع عن حدودها، دولة تردع المُعتدي»، وصولاً إلى تشديد الحكومة على «التزامها بتعهداتها، لا سيما لجهة تنفيذ القرار 1701 كاملاً (...) كما تؤكد التزامها بالترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية كما وافقت عليه الحكومة السابقة بتاريخ 27 نوفمبر 2024. وتلتزم، وفقاً لاتفاق الطائف، باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانيّة من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، بقواها الذاتيّة، ونشر الجيش اللبناني في مناطق الحدود اللبنانيّة المُعترف بها دوليّاً. وتؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة. وتدعو إلى تنفيذ ما ورد في خطاب القسم للسيد رئيس الجمهوريّة حول حق الدولة في احتكار حمل السلاح. كما تدعو إلى مناقشة سياسة دفاعية مُتكاملة كجزء من إستراتيجيّة أمن وطني على المستويات الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة».
وأضاف البيان الوزاري الذي أقرّ أمس، في جلسة لمجلس الوزراء ويُنتظر أن تمثل الحكومة بموجبه أمام البرلمان قبل نهاية الأسبوع لنيل الثقة على أساسه: «نريد دولة تملك قرار الحرب والسلم. نريد دولةَ جيشها صاحب عقيدةٍ قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض أي حرب وفقاً لأحكام الدستور. ويترتب على الحكومة أن تُمكن القوات المسلحة الشرعية من خلال زيادة عددها وتجهيزها وتدريبها مما يعزّز قدراتها على ضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وشرقاً وشمالاً وبحراً، وعلى منع التهريب ومحاربة الإرهاب».
أزمة الطيران الإيراني... تتمدّد
4 - التعاطي بحزم مع أزمة الطيران الإيراني وما شهده طريق المطار، وهو ما عكسته مقررات الاجتماع الذي ترأسه عون وشارك فيه سلام ووزراء وقادة أجهزة معنيون، وأبرزها تكليف وزير الأشغال والنقل «تمديد مهلة تعليق الرحلات من وإلى إيران» (كانت ستنتهي اليوم).
وقد أثنى «رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على عمل الأجهزة العسكرية والأمنية للمحافظة على الأمن المحيط بالمطار وإبقاء الطريق المؤدية إليه سالكة»، مع «إعطاء التوجيهات اللازمة والصارمة للأجهزة بعدم التهاون أو السماح بإقفال طريق المطار والمحافظة على الأملاك العامة، وتكليف وزير الخارجية متابعة الاتصالات الدبلوماسية لمعالجة مسألة الرحلات الجوية بين طهران وبيروت وتأمين عودة المسافرين اللبنانيين الذين ما زالوا في إيران، والتأكيد على التدابير والإجراءات المتّبعة في تفتيش الطائرات كافة وتكليف جهاز أمن المطار متابعة الالتزام بالتوجيهات اللازمة».
وكان رئيس الجمهورية أكد أمام سفراء مجموعة الخمس «أن الدولة لن تسمح بحصول أي عبث بالوضع الأمني وسيكون الرد حازماً على كامل الأراضي اللبنانية»، لافتا إلى أن القضاء وضع يده على الأحداث التي وقعت على طريق المطار وأصدر مذكرات توقيف بحق عدد من الذين اعتدوا على موكب «اليونيفيل».
وأضاف: «أن حرية التعبير والمعتقد مصونة لكن الأمن خط أحمر وممنوع المساس به وأعمال الشغب غير مسموح بها».
وهذا الموقف أبلغه عون أيضاً إلى قائد «اليونيفيل» الجنرال ارولدو لازارو الذي استقبله أمس واطلع منه على الوضع في الجنوب عشية الموعد المفترض لانسحاب القوات الإسرائيلية.
وجدد الرئيس اللبناني الإعراب عن إدانته للاعتداء الذي تعرض له موكب نائب قائد «اليونيفيل» على طريق المطار، مؤكداً أن التحقيقات جارية مع عدد من الموقوفين لكشف الملابسات وإنزال العقوبات بحق المرتكبين، ويستمر البحث عن متهمين آخرين لتوقيفهم.
وبدا مجمل التعاطي مع أزمةِ الطيران الإيراني التي أكدت طهران أنه يجري العمل على حلّها آملة «أن نتمكن في هذا الإطار من التوصل إلى حل منطقي يحقق مصالح الشعبين اللبناني والإيراني» ومن دون تدخل طرف ثالث (غامزة من قناة إسرائيل)، انعكاساً لِما يدركه لبنان الرسمي في ما خص تداعيات أي تساهُل في موضوع تسرُّب أموال وأسلحة إلى حزب الله، في الوقت الذي بدأ هذا الملف يثير أسئلة حول انعكاساته على يوم تشييع نصر الله في ضوء ترقُّب مشاركة إيرانية «على مستوى رفيع» كما أُعلن أمس في الجمهورية الإسلامية وما يطرحه تمديد لبنان تعليق الرحلات بحال استمرّ حتى الأحد من إشكاليات على هذا الصعيد يُخشى أن ترتب توتراتٍ في الشارع.
واشنطن لن تكتفي بالوعود
وفيما برز إعلان شركتا airfrance و«طيران الإمارات» إلغاء رحلتيهما إلى لبنان في 23 الجاري، ربطاً بتشييع نصر الله وجغرافية المراسم في مدينة كميل شمعون الرياضية وعلى طريق المطار، استوقف أوساطاً سياسية ما نقلته قناة «العربية» من أن الرئيس دونالد ترامب «أوقف كل المساعدات للبنان ويشترط على اللبنانيين تقديم الإنجازات أولاً»، وأن إدارته «لن تعطي أي مساعدات للجيش اللبناني أو المؤسسات بناء على وعود».
وأكّدت مصادر في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الحدث» وقف جميع المساعدات الأميركيّة للبنان بهدف مراجعتها، لضمان توافقها مع سياسة واشنطن، مشيرةً نقلاً عن ترامب، إلى أنّ «واشنطن لن توزّع الأموال دون عائد للشّعب الأميركي».
وفُهم من هذا المناخ الأميركي أن الأمر يرتبط بكيفية تعاطي لبنان مع مسألة نزع سلاح "حزب الله" التي لن تتهاون معها واشنطن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن الخليجية
منذ يوم واحد
- الوطن الخليجية
'مؤسسة غزة الإنسانية': مشروع لإنهاء الأونروا وتفكيك نظام الإغاثة القائم
رويترز- تستعد 'مؤسسة غزة الإنسانية'، منظمة غير حكومية حديثة النشأة، ومدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، لتولّي مهمة إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، في إطار خطة تقضي بخصخصة عمليات الإغاثة لأول مرة. أعلنت إسرائيل عزمها تنفيذ مقترح، تدعمه الولايات المتحدة، لإجراء تغيير جذري في طريقة إيصال المساعدات إلى غزة. وقد يؤدي هذا المقترح، المثير للجدل، إلى إنهاء دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في قطاع غزة المحاصر. وتقترح الخطة، التي تحمل رسميًّا اسم 'مؤسسة غزة الإنسانية'، وهي منظمة جديدة مسجّلة في جنيف – إحداث تغيير شامل في آلية إيصال المساعدات، من خلال إنشاء مراكز إنسانية في جنوب غزة، تتولى إدارتها وتأمينها شركات خاصة، وعناصر أمنية ذات خلفيات عسكرية، يُرجَّح أن تكون من الولايات المتحدة. وبذلك، تتجاوز هذه الخطة عمليًّا النظام الراسخ لتقديم المساعدات، الذي أنشأته الأونروا، وحافظت عليه على مدار عقود. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على دخول المساعدات إلى غزة، إثر انهيار الهدنة المؤقتة مع حركة حماس الفلسطينية المسلحة. فمنذ 2 مارس، فُرضت قيود صارمة على إيصال الإمدادات الإنسانية، قبل أن تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية في كامل القطاع، يومي 17 و18 مارس. وفي الأسبوع الماضي، حذّرت شخصيات مسؤولة في الأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومية من خطر مجاعة وشيكة. وفي الأسبوع الماضي، وافق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على السماح بإيصال مساعدات محدودة إلى غزّة، استجابةً لضغوط متزايدة من حلفائه. لكنّه، في الوقت نفسه، تعهّد بالسيطرة الكاملة على قطاع غزة، بهدف القضاء نهائيًا على حركة حماس. وقد قوبلت هذه التصريحات بإدانة سريعة، في بيان مشترك أصدرته كلّ من المملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا. الخطاب المناهض للأونروا منذ 7 أكتوبر 2023، عندما شنّت حركة حماس هجومًا مفاجئًا في جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل نحو 1،200 شخص، صعّد نتنياهو، وحكومته اليمينية، الخطاب المناهض للأونروا. وفي 28 أكتوبر 2024، أقرّ الكنيست الإسرائيلي، السلطة التشريعية للنظام السياسي في تل أبيب، مشروعي قانونيْن يحظران فعليًّا عمل وكالة أونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي الوقت نفسه، علّقت جهات مانحة رئيسية، من بينها الولايات المتحدة والسويد، تمويل الوكالة، ما أدخلها في أزمة مالية خانقة فاقمت من حدّة الكارثة الإنسانية في غزة. وتقول آنّ عرفان، مُحاضِرة في كلية لندن الجامعية ومؤلفة كتاب اللجوء والمقاومة: الشعب الفلسطيني والنظام الدولي للجوء (باللغة الإنجليزية): 'لقد اتضح منذ فترة أن إسرائيل لا تريد وجود الأونروا على الساحة إطلاقًا'. وأضافت أنّ هذا المقترح 'ينسجم مع النهج الذي تسير عليه إسرائيل'، الذي يهدف إلى إنشاء آلية بديلة لإيصال المساعدات في قطاع غزّة، تستبعد الأونروا بالكامل، سواء عبر وكالات أمميّة أخرى، مثل برنامج الأغذية العالمي، أو من خلال شركات خاصّة، وجهات متعاقدة. وبحسب المقترح، تطرح 'مؤسسة غزة الإنسانية' نهجًا جديدًا لتقديم المساعدات الإنسانية، يستند إلى البراغماتية، والرقابة، والريادة. وتهدف إلى إيصال المساعدات الأساسية 'بشكل آمن'، مع الاستعانة ببعض من 'أكثر شركات التدقيق المالي ومكاتب المحاماة احترامًا وشهرة في العالم' لضمان الشفافية. كما تعهّدت المؤسسة بـ'التقيّد الصارم' بالمبادئ الإنسانية. وجاء في نص المقترح أيضًا أن 'الحصول على المساعدات لن يخضع لأي معايير للأهلية'. غير أن نتنياهو ناقض في خطاب ألقاه مؤخرًا هذا الاقتراح بإعلانه أن المساعدات ستقدم للفلسطينيين فقط في حال 'لم يعودوا إلى المناطق التي قدموا منها'. وبحسب المقترح، ستبدأ مؤسّسة غزّة الإنسانية، في المرحلة الأوّلية، بإنشاء أربعة مواقع توزيع آمنة و قابلة للتوسيع، بحيث يُتيح كلّ موقع إمكانية الوصول إلى الغذاء، والمياه، و'الإمدادات الضرورية الأخرى'، لـنحو 300 ألف شخص. وبعد هذه المرحلة الأوّلية، يمكن توسيع نطاق العملية للوصول إلى مليوني شخص في غزّة. ولا يقدّم المقترح تفاصيل واضحة حول كيفية عمل المؤسّسة ميدانيًا، أو مصدر تمويل عملياتها الشاملة. أمَّا على المستوى التنفيذي، فيُفترض أن تتولّى إدارتها 'شركات تشغيل، وكيانات ائتمانية متمرّسة في إدارة الأزمات'. ونشر موقع 'Ynetnews' الإخباري الإسرائيلي، يوم الاثنين، صورًا تُظهر عناصر 'مسلّحين يرتدون سترات واقية'، يُقال إنّهم 'محاربون قدامى في القوات الخاصّة الأمريكية'، وهم موجودون بالفعل في غزّة، ويستعدّون لتوزيع المساعدات فور بدء عمل المؤسّسة، المتوقّع بعد 24 مايو. وحتى ذلك الحين، ستُنفّذ عمليات إيصال المساعدات المحدودة وفق 'النموذج القديم للتوزيع'، بحسب ما ورد في التقرير. ووفقًا لما ذكره مايك هوكابي، السفير الأمريكي لدى إسرائيل، لن تكون مؤسّسة غزة الإنسانية عملية تابعة للجيش الإسرائيلي. وصرَّح هوكابي في مؤتمر صحفي موجز، عقد بالقدس في 9 مايو: 'لن يكون الجيش الإسرائيلي طرفًا في عملية التوزيع'. لكنه أضاف أنّ 'الجيش الإسرائيلي سيشارك في تأمين المحيط'. وعندما سأله أحد الصحفيين عن كيفية تمويل الخطة، وعن موعد تنفيذها في غزة، أجاب هوكابي: 'لا أدري ولا أدري'. وفي مؤتمر صحفي موجز آخر، عقد في 11 مايو، قال جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي، إنّ إسرائيل 'تؤيّد الخطّة تأييدًا كاملًا'، التي من شأنها منع حماس من سرقة الإمدادات الإنسانية، وهو ادعاء تنفيه حماس، و'تسمح بتدفّق المساعدات وفقًا للقانون الإنساني الدولي ومبادئه'. وأضاف ساعر أن إسرائيل ستتعاون مع الدول، والمنظمات غير الحكومية لتنفيذ الخطّة. ومنذ البداية، أعربت قيادات الأمم المتّحدة وعدد من المنظمات الإنسانية عن رفضها الشديد لهذه المؤسسة، معتبرة أنّ 'مؤسّسة غزّة الإنسانية' لا تلتزم، في جوهرها، بالمبادئ الإنسانية الأساسية. وقال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، لوفد صحفي في 8 أبريل: 'دعوني أكون واضحًا، لن نشارك في أيّ ترتيب لا يحترم بالكامل المبادئ الإنسانية؛ الإنسانية، وعدم التحيّز، والاستقلالية، والحياد'. وبعد أسابيع، نشر فريق العمل الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو تحالف يضمّ منظّمات تُعنى بتسهيل إيصال المساعدات، بيانًا وصف فيه الخطّة بأنها 'خطيرة'، واعتبرها جزءًا من 'استراتيجية عسكرية' إسرائيلية تتعارض مع المبادئ الإنسانية، وتبدو 'مصمّمة لتعزيز السيطرة'، والدفع نحو المزيد من 'التهجير القسري'. وفي 13 مايو، شنّ توم فليتشر، منسّق الإغاثة الطارئة في الأمم المتّحدة، خلال كلمته أمام مجلس الأمن في نيويورك، هجومًا حادًّا على هذا المقترح، واصفًا إيّاه بأنه 'عرض جانبي ساخر'، و'إلهاء متعمَّد'، و'مجرّد ورقة تين لتغطية المزيد من العنف والتهجير' بحق الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر. وفي الجلسة نفسها، وصفت دوروثي شيا، رئيسة البعثة الأمريكية لدى الأمم المتّحدة، مؤسّسة غزّة الإنسانية بأنّها 'حلّ حقيقي يضمن وصول المساعدات إلى شريحة المدنيين والمدنيات المستحِقة لهذه المساعدات، وليس إلى حماس'. وردّت على منتقدي المقترح قائلة: 'ليس هناك من موقف أخلاقي يستدعي معارضة هذه الخطّة'. وتأسّست الأونروا عام 1949 بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي تقدّم خدمات الإغاثة، والتعليم، والرعاية الصحية للفلسطينيين والفلسطينيات، الذين أصبحوا لاجئين بعد الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1948، والمعروفة أيضًا باسم 'النكبة'. وتشمل مناطق عمل الوكالة؛ غزّة والضفّة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، إلى جانب الأردن، ولبنان، وسوريا. ووفقًا لآن عرفان، فإنّ الحكومة الإسرائيلية، في البداية، 'تغاضت بصمت عن وجود الأونروا… رغم أنّها لم تكن راضية عنها'. وأضافت أنّ 'إسرائيل اعتبرت الأونروا خيارًا أفضل من بدائل أخرى عديدة… فعلى مدار الجزء الأكبر من تاريخها، أدركت المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية بهدوء، أنّ الأونروا تقدم في الواقع خدمة لإسرائيل، لأنّ خدماتها تخفّض تكلفة الاحتلال'. رمز لالتزام الأمم المتحدة ويرى جلال الحسيني، الباحث المشارك في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، أن تفكيك الوكالة الأممية القائمة منذ عقود له بُعدان: أحدهما تنظيمي، والآخر سياسي. وتمثّل الأونروا، على حد قوله، 'مكسبًا سياسيًّا للاجئين واللاجئات، بشكل عام'. وهي بمثابة رمز لالتزام الأمم المتحدة بالتنفيذ النهائي للقرار 194 و'تذكير بحقيقة أن هذه القضية لم تُحل بعد'. وكان القرار 194 قد صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948، بعد الحرب العربية الإسرائيلية، عندما طُرد آلاف الفلسطينيين والفلسطينيات من ديارهم أو فرّوا منها. وقد دعا القرار إلى عودة اللاجئين واللاجئات 'في أقرب تاريخ ممكن عمليًّا'، بالإضافة إلى تعويض 'من يختار عدم العودة'. ويشير الحسيني إلى أن الأونروا كانت، في الأصل، حلًا مؤقتًا. ويضيف: 'كان من المتوقع إعادة إدماج اللاجئين واللاجئات خلال ثمانية أشهر، لكن سرعان ما تبيّن أن ذلك غير قابل للتحقيق، وطَموح أكثر من اللازم'. الكثير من إشارات الخطر ويرى يورغن ينسهاوغن، الأستاذ الباحث في معهد أبحاث السلام في أوسلو، أن النموذج الذي تمثّله 'مؤسّسة غزّة الإنسانية' في مجال المساعدات، يُجسّد تمامًا ما سبق أن حذّر منه. وقد قال لسويس إنفو إنّ 'التقويض النشط ونزع الشرعية عن الأونروا' هو ما مهّد الطريق لهذا التحوّل. ومن الجدير بالذكر أن ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي، كان من بين الأسماء المرشّحة لعضوية المجلس الاستشاري للمؤسسة. إلا أنّ تعيينه لم يتأكّد بعد. ومن جانبه، قال بول شبيغل، مدير مركز الصحّة الإنسانية في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور: 'إنّ منظومة الأمم المتّحدة قائمة بالفعل، لاسيّما عبر الأونروا، وهي قادرة على توفير الغذاء، والماء، والمأوى… لكن يثير المسار الذي تسلكه الأمور قلقًا عميقًا […]، وهناك الكثير من علامات الخطر'. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكان 'مؤسّسة غزّة الإنسانية' العمل في غزّة دونَ دعم الأمم المتحدة، وغيرها من المنظّمات الإنسانية. وإذا تمكّنت المؤسّسة من تأمين التمويل والعقود التي تحتاجها للحصول على المساعدات وتوزيعها، فقد تضطرّ الأمم المتّحدة وشركاؤها إلى التعامل معها.


كويت نيوز
منذ يوم واحد
- كويت نيوز
الاحتلال يعترض صاروخاً باليستياً في هجوم حوثي جديد
ودوت صافرات الإنذار في عدة مناطق في جميع أنحاء إسرائيل، حسبما ذكر الجيش الإسرائيلي على منصة التواصل الاجتماعي 'إكس'. وبحسب البيان، نجحت الدفاعات الجوية اعتراض صاروخ باليستي، أطلقه الحوثيون، المدعومون من إيران في اليمن. وقبل انطلاق صفارات الإنذار بحوالي دقيقة، أُصدر تحذير مبكر للسكان، لتنبيههم بالهجوم الصاروخي بعيد المدى، عبر إشعار فوري على هواتفهم. ولم ترد تقارير أولية عن وقوع إصابات أو أضرار. وتستهدف ميليشيا الحوثيين اليمنية، المدعومة من إيران، إسرائيل بانتظام منذ بدء الحرب على غزة، دعماً لحركة حماس الفلسطينية التي تحاربها إسرائيل في قطاع غزة. ومنذ 18 مارس الماضي عندما استأنف الجيش الإسرائيلي هجومه على حماس في قطاع غزة، أطلقت ميليشيا الحوثيين في اليمن 37 صاروخاً باليستياً، وما لا يقل عن 10 طائرات مسيّرة على إسرائيل.


الأنباء
منذ يوم واحد
- الأنباء
ختام الانتخابات البلدية غداً من الجنوب.. وترقب لعودة ملف السلاح غير الشرعي إلى الواجهة
بيروت - أحمد عز الدين وبولين فاضل: يسدل الستار غدا على الانتخابات البلدية والاختيارية التي أخذت الاهتمام على مدى شهر إلى مكان آخر، وحجبت الأنظار ولو جزئيا عن القضية المحورية التي يتوقف عليها مصير ومسار عودة الدولة كواجهة للمنطقة، وهي مركزية الدولة القوية التي تبسط سلطتها على كامل أراضيها وتحصر السلاح في يد قواها الشرعية، وصولا إلى الحدود الدولية وفرض الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي اللبنانية. وشكلت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إحدى هذه المحطات الأساسية، وفي برنامجه الأبرز في يومه الثاني في بيروت أمس، لقاءين مع كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التنية، ومع رئيس الحكومة نواف سلام في السرايا. وقد تم التأكيد من قبل الرئيسين سلام وعباس بحسب بيان رسمي على «أن الفلسطينيين في لبنان يعتبرون ضيوفا، ويلتزمون بقرارات الدولة اللبنانية، مع التأكيد على رفض التوطين والتمسك بحق العودة». وعلى «تمسك الدولة اللبنانية بفرض سيادتها على جميع أراضيها، بما في ذلك المخيمات الفلسطينية، وإنهاء كل المظاهر المسلحة خارج إطار الدولة اللبنانية. وإقفال ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات أو داخلها بشكل كامل، لتحقيق حصر السلاح بيد الدولة». كما جرى الاتفاق على تشكيل لجنة تنفيذية مشتركة لمتابعة تطبيق هذه التفاهمات. غير أن ما يجب التوقف عنده أمران: الأول أن السلطة الفلسطينية تلتزم بالسلاح وتسليمه إلى الدولة سواء خارج المخيمات أو داخلها، والعائد للفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية. أما الفصائل الأخرى ومنها «حماس» و«الجهاد» والفصائل الإسلامية فهي تغرد في مكان آخر. وهذه المحادثات وضعت الدولة أمام مسؤولية ملحة لمعالجة الملف برمته، لأن إقرار فريق بسلطة الدولة اللبنانية دون آخر قد يزيد الأزمة تعقيدا ولا يشكل حلا، بل ربما يضيف أزمة جديدة، وبالتالي أمام الحكومة مسؤولية مضاعفة لإيجاد السبل الكفيلة في التعاطي مع هذا السلاح في المخيمات برزمة واحدة، وإلا فإن كل الجهود تسقط هباء. الأمر الثاني والذي يرى فيه مراقبون إضعافا لمحادثات القمة وقراراتها، هو تشكيل لجنة لمتابعة الملف ما يدخلها في دهاليز التفاصيل والتأجيل من خلال مراوحة الشروط واقتراحات الحلول. وفي هذا الوقت اتخذت وزارة الداخلية والبلديات وبناء على طلب من «الثنائي»، قرارا استثنائيا بإبقاء الباب مفتوحا حتى منتصف ليل الجمعة - السبت للانسحاب والتراجع عن الترشح، بهدف إفساح المجال أمام تسويات تشجع على انسحاب المرشحين وتحقيق التفاهم الذي يحول دون عملية الاقتراع. تقنياً، تختتم الانتخابات البلدية غدا بجولة رابعة وأخيرة تجري في الجنوب المؤلف من محافظتين، محافظة الجنوب وفيها 3 أقضية هي صيدا وصور وجزين وعدد بلدياتها 153 بلدية، ومحافظة النبطية وفيها أربعة أقضية هي النبطية وبنت جبيل وحاصبيا ومرجعيون وعدد بلدياتها 119 بلدية. وقد تم نقل أقلام الاقتراع التابعة لنحو 30 قرية حدودية مدمرة، إلى قرى بعيدة نسبيا عن الحدود مع إسرائيل حيث ستجرى فيها عملية الاقتراع. وعلم أن الرؤساء جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام ووزير الداخلية أحمد الحجار أجروا اتصالات مع السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، للضغط على إسرائيل لتلافي أي تصعيد عسكري خلال اليوم الانتخابي. واللافت في البلدات والقرى ذات الأكثرية الشيعية، تشكيل «الثنائي» لوائح بلدية وسعيه لتأمين فوزها بالتزكية. وهو نجح في بلدات في تحقيق التزكية وخاب في أخرى، حيث قامت لوائح منافسة وقفت وراءها فعاليات وقوى تغييرية ويسارية، وعنوان معركتها هو محاولة الإثبات أن الثنائي ليس الآمر الناهي في هذه البلديات إلى حد الهيمنة. وفي المعلومات أن الرئيس بري أوعز إلى نواب ومسؤولي حركة «أمل» بالعمل ليلا ونهارا من أجل الوصول إلى التزكية، في محاولة لتجنيب القرى الشيعية أي خلافات.