
التفكير خارج إطار التاريخ
من السذاجة السياسية، أن نتصوّر استقرار الأنظمة الحاكمة بمعزل عن محيطها الدولي، أو أن نختزل صمود الكيانات السياسية بالتماسك الداخلي وحده، فالتجارب التاريخية السابقة، علّمت الأنظمة أن البقاء لا يُدار من داخل حدودها فقط، بل من بوابات العلاقات الدولية.. القواعد العسكرية، صفقات الأسلحة، وشرايين المصالح العابرة للحدود.
كما ان عمق المشهد السياسي العربي، لا سيما في الخليج، لا يختلف عن غيره كثيرا، لكن التاريخ فيها مختلف.. ليس كما كُتب دائماً، نتيجةً لإرادة الشعوب أو لنبض الوعي الجمعي؟! بل غالباً ما كان استجابةً لضرورات البقاء السلطوي، حيث تُبنى الدول لا على قواعد الحداثة، بل على ركائز التقليد الموروثة، تُطعّم تارةً بالدين، وتارةً بالدولار، وتارةً أخرى 'بالبرنو الانجليزية'.
الأنظمة الخليجية، منذ نشأتها المعاصرة، استندت إلى شرعيات البقاء، أولها، الشرعية الدينية التي لا تقوم على تمثيل شعبي، بل على تبرير سلطوي للحكم بإسم النص المذهبي أو بإسناد فقهي، لم يكن الخطاب الديني في هذه الدول مجرد خطاب وعظي، بل كان جزءاً لا يتجزأ من هندسة السلطة، حيث تم توظيف المؤسسة الدينية لتكريس نظام الطاعة، وتجميد الأسئلة الوجودية حول شرعية الدولة، في السعودية، اتُخذت 'هيئة الامر بالمعروف' كغطاء يحصّن النظام الملكي من النقد، في حين أن دُول مثل الإمارات وقطر.. تبنّت نموذجا أكثر مرونة، لكنها حافظت على دور الدين بوصفه شرعية رمزية تُستدعى عند الحاجة، وتُوظَّف ضمن هندسة السيطرة الناعمة، وهذا ما بدأ يتلاشى بعد الربيع العربي ٢٠١١.
لكن الأمر لا يقف عند الشرعية الدينية، فالدول الخليجية تعيش على اقتصاد ريعي نفطي، لا يتحرك إلا إذا فتحت أميركا باب السوق، أو أغلقته، حيث أن الإيرادات النفطية لم تُستثمر في بناء قاعدة إنتاج وطنية، بل وُزعت في صورة رواتب وخدمات من أجل شراء الولاء السياسي.
اذا هل تملك هذه الدول قرار تسعير النفط فعلًا؟ أم أن المعادلة تدار من خلف الستار وفقاً لحاجات الأسواق الغربية، وشروط الطاقة العالمية؟ وماذا عن التحول إلى الاقتصاد غير النفطي؟!
ما زال ذلك وهماً تسويقياً أكثر منه مشروعا تحويليا، فحين تُبنى المدن الذكية في قلب الصحراء على أكتاف العمالة الآسيوية، وتُروّج كأنها نهضة كبرى، فإننا لسنا أمام تحول اقتصادي، بل أمام محاولة تجميل وجه الريع بشيء من الحداثة الشكلية.
الاقتصاد الريعي النفطي، لم ينتج تنمية حقيقية ولا مجتمعا إنتاجيا مستقلا، بل ربط مصير الدولة بأسعار النفط، التي لا تُحدَّد في الخليج، بل في مراكز المال والطاقة العالمية.
كل هذه الأمور شرعيات داخلية، لا تحقق سوى الجزء الضئيل من بقاءهم في السلطة، وحماية النظام يكمن في المعادلة الحقيقية، تحالف الشرعية مقابل البقاء.
منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، لم تكن العلاقة بين الخليج والولايات المتحدة مجرد صداقة دبلوماسية، بل كانت علاقة وجودية، فالدول الخليجية الست، ورغم اختلاف نماذجها في الحكم وتوجهاتها الإقليمية، تشترك في شيء جوهري، أنها كلها تدور في الفلك الأميركي، بطريقة أو بأخرى.
الأنظمة الخليجية، التي لم تنبثق عن شرعية ديمقراطية أو عقد اجتماعي حديث، وجدت في دعم واشنطن، جدارا يحميها من رياح الداخل، وعواصف الانتقادات الحقوقية الدولية، وهذا الدعم لا يُمنح مجانًا، بل يُدفع ثمنه نقدا.
يكفي أن نعود قليلاً إلى خلفية العلاقات الخليجية–الأميركية، لنجد ان زيارات الرؤساء الأميركيين إلى الخليج، تحولت إلى ما يشبه جولات التحصيل المالي، من جورج بوش الإبن إلى ترامب، كان الخليج يُقابِل الحماية بصفقات تسليح فلكية، بعضها لا يُستخدم، وبعضها لا حاجة له، زيارات ترامب، خصوصا إلى الرياض، كشفت طبيعة الصفقة، الأموال مقابل البقاء.
لقد أصبحت العلاقة مع واشنطن علاقة قائمة على 'العقد السياسي الخارجي'، حيث لا تستمد الأنظمة شرعيتها من شعوبها، بل من حماة خارج الحدود.
لكن السؤال: إلى متى يبقى هذا النموذج صالح للإستمرار؟
إن موازين القوى الاقتصادية والسياسية الدولية لم تبقى على حالها، والتعامل مع واشنطن كمصدر شرعية وحيدة، أصبح مخاطرة استراتيجية، مع تنامي تحولات الطاقة العالمية، وتراجع الطلب على النفط، فإن قدرة الأنظمة الخليجية على شراء الاستقرار قد دخل مرحلة العجز التدريجي، كما ان هناك دول يجب أن تدخل على خط التغيير، لا بمعنى إسقاط الأنظمة بالثورات، بل بإحداث تصدّعات داخلية تدريجية، تقود إلى نموذج حكم أكثر عقلانية، وشرعية داخلية أقل ارتهاناً بالخارج، وأكثر قدرة على مواجهة المستقبل بتوازن سياسي حقيقي.
الزمن القادم ليس للأنظمة التي تحفظ وجودها بالصفقات، بل لتلك التي تعيد بناء مشروعها الوطني من الداخل، وإذا لم تُدرك الأنظمة الخليجية هذا التحوّل، فإن التاريخ، الذي اعتادت أن تُكتب خارج إطاره، سيعود ليكتب نهايتها هذه المرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 32 دقائق
- موقع كتابات
سجال بين بكين وواشنطن بعد تهديدات 'هيغسيث' .. فهل باتت الحرب من أجل 'تايوان' قريبة ؟
خاص: كتبت- نشوى الحفني: سجال جديد دائر بين 'الصين' و'أميركا' حول 'تايوان'؛ حيث حذرت 'بكين'؛ 'الولايات المتحدة'، السبت، من: 'اللعب بالنار' في قضية 'تايوان'، مؤكدة أنها قدمت: 'احتجاجات' لدى 'واشنطن' إثر الخطاب الذي ألقاه وزير الدفاع الأميركي؛ 'بيت هيغسيث'، خلال منتدى أمني في 'سنغافورة'. وأصدرت 'وزارة الخارجية' الصينية بيانًا؛ جاء فيه: 'على الولايات المتحدة ألا تُحاول استخدام قضية تايوان ورقة مسّاومة لاحتواء الصين وعليها ألا تلعب بالنار'. وأضاف البيان أن 'الصين': 'قدمت احتجاجات رسمية إلى الطرف الأميركي' على تصريحات 'هيغسيث'. مزاعم التهديد الصيني تتجدّد ! وكان 'هيغسيث' قد زعم، السبت، أن القوات العسكرية الصينية: 'تتدّرب على المهمة الحقيقية' بينما تستّعد لغزو محتمل لـ'تايوان'. وادعى 'هيغسيث'؛ خلال (منتدى شانغريلا الأمني) في 'سنغافورة': 'من المعروف أن؛ شي، أمر جيشه بأن يكون قادرًا على غزو تايوان بحلول عام 2027. وجيش التحرير الشعبي يقوم ببناء القوات العسكرية للقيام بذلك ويتدرب من أجل ذلك يوميًا على المهمة الحقيقية'. بحسب مزاعمه. وحض 'هيغسيث' حلفاء 'واشنطن' الآسيويين على تعزيز إنفاقهم العسكري بسرعة في مواجهة التهديد الصيني. وحذّر وزير الدفاع الأميركي من أن 'الصين': 'تستعد بوضوح وثقة لاستخدام القوة العسكرية لتغيير ميزان القوى في منطقة المحيطين الهندي والهاديء'. وواصل 'هيغسيث'؛ ترويج مزاعمه، خلال (منتدى شانغريلا للأمن والحوار) في 'سنغافورة'، قائلًا: 'التهديد الذي تُشّكله الصين حقيقي وقد يكون وشيكًا'، مضيفًا أن 'بكين': 'تأمل في الهيمنة والسيّطرة' على 'آسيا'. وأوضح 'هيغسيث' أن 'الولايات المتحدة': 'عادت' إلى منطقة المحيطين 'الهندي والهاديء'، مؤكدًا أننا: 'هنا لنبقى'. وذكر وزير الدفاع الأميركي خلال كلمته: 'أميركا فخورة بعودتها إلى منطقة المحيطين الهندي والهاديء، ونحن هنا لنبقى'، واصفًا المنطقة بأنها: 'المسرح ذو الأولوية' بالنسبة لبلاده. اختلافات حول السيّادة.. وتعتبر 'الصين'؛ 'تايوان'، إقليمًا تابعًا لها وتعهدت بإعادة التوحيد مع الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر. وقد صعّدت ضغوطها العسكرية والسياسية لتأكيد تعهداتها، بما شمل زيادة حدة المناورات الحربية حول 'تايوان'. وترفض حكومة 'تايوان' تأكيد 'بكين' بالسيّادة، مؤكدة أن شعب الجزيرة وحده هو من يُقّرر مستقبله. وقرر وزير الدفاع الصيني؛ 'دونغ جون'، عدم المشاركة في المنتدى الأمني الآسيوي الرئيس، واكتفت 'بكين' بإرسال وفدٍ أكاديمي. استخدام أسلوب الردع.. وفي تحليل لصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية؛ فإن خطاب وزير الدفاع الأميركي يكشف هدف 'واشنطن'، المتَّمثل في: 'منع الحرب' من خلال الردع مع الحلفاء، لكن إذا فشل الردع في تحقيق غايته، فهل تنفَّذ 'واشنطن' تهديد وزير دفاعها، الذي قال إن: 'بلاده مستَّعدة لفعل ما تجيَّده وهو القتال والانتصار بشكلٍ حاسم'. ' آسيا' وأولوية ترمب.. وبحسّب الصحيفة الأميركية؛ تُعد 'آسيا' المنطقة ذات الأولوية لإدارة 'ترمب'، ولطالما كافحت 'الولايات المتحدة' لإعادة تقيّيم التزاماتها في 'أوروبا والشرق الأوسط' للتركيز على 'آسيا'، حيث وعد 'ترمب'؛ بعد تسلمه منصبه، بإنهاء الصراع في 'أوكرانيا'، لكن جهوده حتى الآن باءت بالفشل. وبحسّب تحليل لخبراء تحدثوا للصحيفة، لم يُفصّل وزير الدفاع كيفية ردّ 'الولايات المتحدة' على العدوان الصيني على 'تايوان'، وقالت المديرة الإدارية لبرنامج المحيطين 'الهندي والهاديء' في (صندوق مارشال) الألماني للولايات المتحدة؛ 'بوني غلاسر'، إن تعليقات 'هيغسيث': 'كانت الأكثر حدةً من أي وزير دفاع أميركي'. وأضافت: 'الرسالة الرئيسة هي أن ترمب يُريد السلام من خلال القوة، وأن الولايات المتحدة تعتقد أن تكثيف الجهود في المنطقة يمكن أن يضمن عدم استخدام الصين للقوة في عهد ترمب' على الأقل. 'أميركا' تقّوض السلام في آسيا.. من جانبها؛ قالت 'بكين' على لسان المتحدث باسم 'وزارة الخارجية': 'في الواقع، الولايات المتحدة هي الدولة المهيمنة الحقيقية في العالم، وهي العامل الأكبر الذي يُقوّض السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهاديء'، وأضاف البيان أن: 'على واشنطن التوقف عن مفاقمة التوترات في المنطقة'. 'الصين' وحقيقة التهديد.. وبحسّب تحليل الأستاذ المساعد في جامعة (نانيانغ) التكنولوجية في سنغافورة؛ 'ديلان لوه': 'ستتلقى رسالة تصوير الصين كتهديد أمني ردود فعل متبَّاينة في منطقة آسيا والمحيط الهاديء. حتى مع رغبة الدول في الاطمئنان إلى استمرار الوجود الأميركي، إلا أن بعضها ليس على استعداد لقبول أو الموافقة على تصورات واشنطن وتهديد الصين'. والجدير بالذكر أن 'الصين'؛ في السنوات الأخيرة، بنّت أكبر قوة بحرية في العالم، (وهو لقب كانت الولايات المتحدة تحمله سابقًا)، وترسانة هائلة من الصواريخ، تهدف إلى جعل مساحات شاسعة من 'المحيط الهاديء' محظورة على خصّومها. في غضون ذلك؛ تسَّارع 'تايوان' إلى إصلاح جيشها استعدادًا لما تعتبره غزوًا صينيًا محتملًا؛ كما كثّفت 'بكين' مناوراتها العسكرية حول الجزيرة، بما في ذلك تنظيم عمليات حصار محاكاة، تقول كلٍ من 'تايوان والولايات المتحدة' إنها قد تتحول دون سابق إنذار إلى هجوم فعلي، وهو حدث من شأنه أن يُشعل أزمة عالمية، لا يُحمد عقباها. ' بكين' لا تُريد الخروج عن المسّار.. وقال الأستاذ المساعد في جامعة (نانيانغ) التكنولوجية: 'إن المخاطر السياسية التي يتعرض لها وزير الدفاع نفسه والدولة تفوق أي مكافآت تُجنّى'. وبينما تُفوت فرصة لقاء كبار مسؤولي الدفاع الآخرين؛ فإنهم لا يُريدون الخروج عن المسّار، أو أن يُفهموا على أنهم يخرجون عن المسّار في فترة حساسة للعلاقات (الأميركية-الصينية)'. وقال المحلل العسكري في جامعة (تسينغهوا) في 'بكين'؛ والعقيد المتقاعد في الجيش الصيني؛ 'تشو بو'، إن 'الصين' لم تعتبر (حوار شانغريلا) حدثًا ذا أهمية خاصة، حيث كانت المناقشات تميّل إلى السلبية تجاه 'بكين'. مضيفًا أن 'الصين' تُوليّ أهمية أكبر لمؤتمرها الأمني الخاص؛ (منتدى شيانغشان)، الذي يُعقد في 'بكين'. ويرى بعض المحللين أن قرار 'الصين' عدم إرسال وزير دفاعها قد يكون مقصودًا به تجنب التعقيدات التي قد تنشأ عن تفاعلات غير مُخطط لها، وربما مُثيرة للانقسام، مع نظرائها الغربيين.


موقع كتابات
منذ 32 دقائق
- موقع كتابات
'الكاتب' تبحث عن إجابة .. هل تقوم إسرائيل بالهجوم دون اخطار 'ترمب' ؟
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: انتشرت مؤخرًا العديد من التقارير حول هجوم إسرائيلي محتَّمل على المنشآت النووية الإيرانية دون التنسيّق مع إدارة 'دونالد ترمب'، كما تحدثت بالوقت نفسه وسائل إعلام إسرائيلية عن وقف التنسيّق الأميركي مع 'إسرائيل' حول مشروع استهداف هذه المنشآت بهجوم مشترك. بحسّب ما استهل 'صابر گل عنبري'؛ تحليله المنشور على قناة (الكاتب) الإيرانية على تطبيق (تلغرام). من جهته؛ أعلن 'ترمب' أنه طلب إلى 'نتانياهو' عدم القيام بشيء حتى لا تتعثر المفاوضات النووية مع 'إيران'. سؤال يبحث عن إجابة.. لكن السؤال: هل يمكن ان تقوم 'إسرائيل' بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية دون إخطار 'الولايات المتحدة الأميركية ؟.. يمكن القول إن هذا الأمر مرتبط بمستوى الهجوم. ومن المستَّبعد أن تتورط 'إسرائيل' في شن هجوم واسع دون تنسيّق مع 'الولايات المتحدة الأميركية' أو حتى المشاركة العلنية أو السرية. أما فيما يخص احتمال 'الهجوم المحدود' فثمة خياران، الأول: أن يتم الهجوم دون إخطار وتنسيّق مع 'الولايات المتحدة'، والثاني: الهجوم عبر التنسيّق بين الطرفين. بين احتمال دائم ومخاطرة غير محسوبة.. ففي الحالة الأولى؛ وبالنظر إلى تداعياتها على علاقات 'ترمب' و'نتانياهو'، فقد يُشّن الكيان الصهيوني هجومًا إذا تأكد 'نتانياهو' تمامًا من إمكانية توقّيع 'إيران' و'أميركا' على اتفاق: 'غير مرغوب' من وجهة نظر الاحتلال، وكذلك اليأس من نجاح الأساليب الأخرى، وذلك بهدف تعطيل محاولة الاتفاق. ولا يُخفّى أن احتمال تنفيذ هكذا هجوم سيظل قائمًا حتى في حال الوصول إلى اتفاق 'مؤقت وجزئي'. والمؤكد أن 'نتانياهو' ليس شخصًا يقوم بمخاطرات غير محسّوبة، وبالنظر إلى قلقه من رد فعل 'ترمب' وانتقامه، فإن أي هجوم دون إخطار 'الولايات المتحدة' رهن بالحرب على 'غزة'، ومستقبل 'نتانياهو' السياسي ككل مرتبط بمصّير هذه الحرب. ومما لا شك فيه، أن هناك اختلاف في وجهات النظر و'توتر جزئي'؛ بين 'ترمب' و'نتانياهو'، حول طبيعة المواجهة مع 'إيران' وغيرها من القضايا، وبالطبع لا ينبغي المبالغة في الحديث عن هذا الأمر وتداعياته. ذلك أن مثل هذا التوتر لم يُترجم حتى الآن إلى إجراءات عملية ملحوظة. 'غزة' ورقة مساومة وساحة للمناورة.. لكن بالفعل يبدو في ظل الأجواء الراهنة، أصبح الوضع في 'غزة' بمثابة ورقة مسَّاومة وساحة للمناورة بين 'نتانياهو' و'ترمب'؛ بحيث لا تتعرض 'إسرائيل' لضغوط عملية لوقف الحرب في 'غزة' لقاء الاستجابة لمطلب 'ترمب' بشأن عدم القيام بأي إجراء من شأنه عرقلة المفاوضات مع 'إيران'. ومقترح 'ويتكوف' لوقف إطلاق النار مع مراعاة كافة المطالب الإسرائيلية، هو مثال ملمّوس على ذلك، لذلك أبدى 'نتانياهو' موافقته السريعة على هذا المقترح. في حين أن 'ويتكون' كان قد وصل قبل أيام إلى اتفاق مع (حماس)؛ عبر 'بشار بحبح'، يختلف تمامًا عن مقترحه الأخير. وهو ما يثبَّت أن 'الولايات المتحدة' لن تبَّرم أي اتفاق؛ (سواءً مع إيران أو غيرها من الأطراف الأخرى)، لا يُراعي 'المصالح العامة' للكيان الإسرائيلي. سيحدث بضوء أخضر من واشنطن.. وتُجدّر الإشارة، إلى تأثر 'ويتكوف' في المفاوضات مع 'إيران'، بسياسة 'ترمب' التفاوضية، وهو ما دفعه لتبّني هذا النهج والسلوك المَّربك والمتناقض. لكن المسّاواة بين 'نتانياهو' و'ترمب'؛ بشأن 'غزة'، قد تتعارض مع أي هجوم محدود على المنشآت النووية الإيرانية دون إخطار 'الولايات المتحدة الأميركية'، وما يليه من رد فعل انتقامي من الرئيس الأميركي النرجسي. وعليه، من غير المُرجّح أن تقوم 'إسرائيل' بشّن مثل هذا الهجوم المحدود على المنشآت النووية الإيرانية دون تنسيّق مسبَّق مع إدارة 'ترمب'. وبشكلٍ عام؛ فإن احتمال تنفيذ مثل هذا الهجوم بضوء أخضر من 'الولايات المتحدة' أكبر من احتمال القيام به دون علمها. ولو افترضنا صحة هذه الفرضية، فيمكن اعتبار الهجوم المحدود المحتمل أداة ضغط لدفع المفاوضات. كما يمكن القول: إن بعض التقارير والتصريحات الأخيرة حول نهاية التنسيّق بين 'واشنطن' و'تل أبيب' بشأن هجوم مشترك على 'إيران'، إلخ. قد تكون إجراءً هادفًا للسيطرة على رد فعل 'طهران' المحتمل تجاه هجوم إسرائيلي محدود، وإبعاد مصالح 'الولايات المتحدة' في المنطقة عن أي صراع عسكري محتمل لا يرغب 'ترمب' بالتورط فيه.


موقع كتابات
منذ 32 دقائق
- موقع كتابات
فور وصوله بغداد .. 'عون' يوضح أهمية زيارته في تجسيد حرصه على تطوير العلاقات مع العراق
وكالات- كتابات: أكد رئيس الجمهورية اللبنانية؛ 'جوزيف عون'، اليوم الأحد 01 حزيران/يونيو 2025، أن زيارته إلى العاصمة العراقية؛ 'بغداد'، تجسَّد حرصنا على تطوير العلاقات مع 'العراق'، فيما بيّن أن المحادثات الثنائية ستؤكد على التطابق الكامل في وجهات النظر بين 'لبنان' و'العراق'. واستقبل رئيس مجلس الوزراء العراقي؛ 'محمد شيّاع السوداني'، في 'مطار بغداد الدولي'، صباح اليوم رئيس الجمهورية اللبنانية؛ 'جوزيف عون'، بحسّب بيان لمكتبه الإعلامي. وقال 'عون' فور وصوله إلى 'بغداد'، إن زيارته إلى العاصمة العراقية؛ تأتي تأكيدًا لحرص 'لبنان' على تطوير علاقاته مع 'العراق'، لافتًا إلى أن: 'المحادثات الثنائية ستؤكد على التطابق الكامل في وجهات النظر بين لبنان والعراق'. وأضاف الرئيس اللبناني؛ أن: 'الأمن والاستقرار في العراق ولبنان مترابطان، كما نثَّمن عاليًا إرساليات النفط العراقي التي شكلت دعمًا حيويًا للبنان في ظروفه الصعبة'. وصباح اليوم؛ أعلنت وسائل اعلام لبنانية مغادرة الرئيس اللبناني؛ 'جوزيف عون'، إلى 'بغداد'، تلبيّة لدعوة رسمية وجهها إليه نظيره العراقي؛ 'عبداللطيف رشيد'، يُرافقه مدير عام الأمن العام؛ اللواء 'حسن شقير'، وعددٍ من المستشارين. ومن المؤمل أن يبحث 'عون'؛ مع 'رشيد والسوداني'، العلاقات الثنائية وسبُل تطويرها، والتعاون 'اللبناني-العراقي' القائم على مختلف المستويات، إضافة إلى الأوضاع على الساحة الإقليمية. ومن المتوقع ان تكون مسَّاهمة 'العراق' في إعمار 'لبنان' بمبلغ: (20) مليون دولار، وإنشاء 'صندوق إعمار لبنان'؛ وكذلك مسألة مستَّحقات 'العراق' وتزويد 'لبنان' بـ (الفيول)، وغيرها من القضايا الإقليمية على رأس الملفات.