
في "نَفَس"، معتصم النهار لا يمثل... بل يعيش!
في كل موسم درامي، يُقدّم معتصم النهار نفسه في شكل جديد، متجاوزًا الصور النمطية، وكأنه يكتشف في كل دور ملامحه من جديد. في مسلسل "نَفَس"، لا يؤدي شخصية، بل يعيشها، وكأنّه نَفَسٌ فعلي يتسلّل إلى الذاكرة بهدوء ثم يترك أثرًا يصعب نسيانه. هناك تفاصيل صغيرة جدًا في هذا العمل، لكنها تخبرك كل شيء، لا بالكلمات، بل بالصمت.أداء معتصم في "نَفَس" ليس مجرد انتقال من مشهد إلى آخر، بل تنقّل بين حالات شعورية مُركبة، من الشك إلى الألم، ومن الحنين إلى الصدام الداخلي. نظراته، تردده، طريقته في كتم الغضب أو الانكسار دون أن يقول حرفًا، كلّها عناصر تُظهر نضجًا تمثيليًا بدأ يكتمل.ما يميّز أداء معتصم أنه لا يعرض انفعالاته كصوت عالٍ في مشهد انفعالي، بل يمررها عبر نبرة صوته الهادئة، وحركة حاجبه، وتلك الوقفة المترددة قبل أن يخرج من باب الغرفة. كل شيء محسوب، لكن دون تصنّع. ولعل هذا ما جعل الشخصية التي يقدمها قريبة من الناس، حتى وهم لا يعرفون بالضبط من هو، أو ما الذي يخفيه.كنت قد كتبت سابقًا عن معتصم النهار، تحديدًا عند عرضه لمسلسل "بيروت 303"، وأشرت حينها إلى تفوّقه في أداء المشاهد الصامتة التي لا يجيدها أي ممثل. لفتني حينها ما قدّمه هو وسلافة معمار، وقلت إنّه ممثل يُتقن الصمت كما يُتقن الكلام. اليوم، يؤكّد في "نَفَس" هذه المهارة، ويضيف إليها عمقًا أكبر.أيضًا لا يعتمد معتصم على وسامته ولا على كونه "الرجل الوسيم" فقط، بل أثبت أنه ممثل قادر على تجاوز الشكل إلى الجوهر، وأنه ليس مجرد وجه تلفزيوني جذاب، بل فنان يعرف جيدًا كيف يقدّم الدور كما يستحق.ككاتبة، معروف عني أنني أكتب عن الشخصيات التي تستحق فعلاً، ولا أقوم بالتحليل إلا بعد مشاهدة متأنية للمسلسل والعمل. وكمتابعة دقيقة، أقول إنني قبل أن أدخل عالم الكتابة والإعلام، كنت منذ طفولتي أحب مشاهدة الأفلام وتحليلها، وقد بدأت متابعة تمثيل معتصم النهار عندما دخلت الإعلام عام 2007م، وكنت ألاحظ تطوره وتحوّله الفني عامًا بعد عام.الطاقم الفني كذلك قدّم عملاً متماسكًا، وكانت هناك حالات تناغم لافتة بين الممثلين، لكن وجود معتصم في القلب من الأحداث أضاف إلى كل مشهد ما يشبه "العلامة المسجلة"، تمامًا كما يفعل الكبار حين يكون وجودهم على الشاشة مكتملاً دون مبالغة.معتصم النهار اليوم، لم يعد ذلك الوجه الذي يمرّ على الشاشة ليلفت النظر فحسب، بل أصبح مؤديًا ناضجًا يعرف كيف يُمسك بخيوط الشخصية، ويقود المشاهد إلى حيث يريد، لا كما تُفرض الحبكة، بل كما يفرضه الصدق في التمثيل.باختصار، "نَفَس" ليس مجرد عنوان لمسلسل، بل عنوان لحالة فنية يعيشها معتصم النهار في كل مشهد، وكل وقفة، وكل لحظة صمت.ويبقى السؤال: هل سنرى يومًا ما معتصم النهار في دور مختلف تمامًا؟ دورٍ خياليٍ أو خارق للطبيعة، يبتعد فيه عن النمط الواقعي ويأخذنا معه إلى عالم غير متوقع؟لعل الخطوة القادمة تحمل مفاجأة من هذا النوع، فالممثل الحقيقي لا تحدّه الأدوار، بل يتجاوزها بخياله.Fatimahalamro1

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدينة
٢٧-٠٣-٢٠٢٥
- المدينة
في "نَفَس"، معتصم النهار لا يمثل... بل يعيش!
في كل موسم درامي، يُقدّم معتصم النهار نفسه في شكل جديد، متجاوزًا الصور النمطية، وكأنه يكتشف في كل دور ملامحه من جديد. في مسلسل "نَفَس"، لا يؤدي شخصية، بل يعيشها، وكأنّه نَفَسٌ فعلي يتسلّل إلى الذاكرة بهدوء ثم يترك أثرًا يصعب نسيانه. هناك تفاصيل صغيرة جدًا في هذا العمل، لكنها تخبرك كل شيء، لا بالكلمات، بل بالصمت.أداء معتصم في "نَفَس" ليس مجرد انتقال من مشهد إلى آخر، بل تنقّل بين حالات شعورية مُركبة، من الشك إلى الألم، ومن الحنين إلى الصدام الداخلي. نظراته، تردده، طريقته في كتم الغضب أو الانكسار دون أن يقول حرفًا، كلّها عناصر تُظهر نضجًا تمثيليًا بدأ يكتمل.ما يميّز أداء معتصم أنه لا يعرض انفعالاته كصوت عالٍ في مشهد انفعالي، بل يمررها عبر نبرة صوته الهادئة، وحركة حاجبه، وتلك الوقفة المترددة قبل أن يخرج من باب الغرفة. كل شيء محسوب، لكن دون تصنّع. ولعل هذا ما جعل الشخصية التي يقدمها قريبة من الناس، حتى وهم لا يعرفون بالضبط من هو، أو ما الذي يخفيه.كنت قد كتبت سابقًا عن معتصم النهار، تحديدًا عند عرضه لمسلسل "بيروت 303"، وأشرت حينها إلى تفوّقه في أداء المشاهد الصامتة التي لا يجيدها أي ممثل. لفتني حينها ما قدّمه هو وسلافة معمار، وقلت إنّه ممثل يُتقن الصمت كما يُتقن الكلام. اليوم، يؤكّد في "نَفَس" هذه المهارة، ويضيف إليها عمقًا أكبر.أيضًا لا يعتمد معتصم على وسامته ولا على كونه "الرجل الوسيم" فقط، بل أثبت أنه ممثل قادر على تجاوز الشكل إلى الجوهر، وأنه ليس مجرد وجه تلفزيوني جذاب، بل فنان يعرف جيدًا كيف يقدّم الدور كما يستحق.ككاتبة، معروف عني أنني أكتب عن الشخصيات التي تستحق فعلاً، ولا أقوم بالتحليل إلا بعد مشاهدة متأنية للمسلسل والعمل. وكمتابعة دقيقة، أقول إنني قبل أن أدخل عالم الكتابة والإعلام، كنت منذ طفولتي أحب مشاهدة الأفلام وتحليلها، وقد بدأت متابعة تمثيل معتصم النهار عندما دخلت الإعلام عام 2007م، وكنت ألاحظ تطوره وتحوّله الفني عامًا بعد عام.الطاقم الفني كذلك قدّم عملاً متماسكًا، وكانت هناك حالات تناغم لافتة بين الممثلين، لكن وجود معتصم في القلب من الأحداث أضاف إلى كل مشهد ما يشبه "العلامة المسجلة"، تمامًا كما يفعل الكبار حين يكون وجودهم على الشاشة مكتملاً دون مبالغة.معتصم النهار اليوم، لم يعد ذلك الوجه الذي يمرّ على الشاشة ليلفت النظر فحسب، بل أصبح مؤديًا ناضجًا يعرف كيف يُمسك بخيوط الشخصية، ويقود المشاهد إلى حيث يريد، لا كما تُفرض الحبكة، بل كما يفرضه الصدق في التمثيل.باختصار، "نَفَس" ليس مجرد عنوان لمسلسل، بل عنوان لحالة فنية يعيشها معتصم النهار في كل مشهد، وكل وقفة، وكل لحظة صمت.ويبقى السؤال: هل سنرى يومًا ما معتصم النهار في دور مختلف تمامًا؟ دورٍ خياليٍ أو خارق للطبيعة، يبتعد فيه عن النمط الواقعي ويأخذنا معه إلى عالم غير متوقع؟لعل الخطوة القادمة تحمل مفاجأة من هذا النوع، فالممثل الحقيقي لا تحدّه الأدوار، بل يتجاوزها بخياله.Fatimahalamro1


المدينة
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- المدينة
تيم حسن.. إلى أين ستأخذه أدواره القادمة؟
في كل مرة يظهر فيها تيم حسن على الشاشة، ينجح في إعادة تعريف الشخصيات التي يؤديها، محولًا إياها من مجرد أدوار مكتوبة إلى شخصيات تنبض بالحياة، تحمل في طياتها صراعاتها النفسية وأبعادها الإنسانية المعقدة. هذا ما يفعله اليوم في "تحت سابع أرض"، حيث يقدم شخصية المقدم موسى الناجي، الضابط الذي يتلاعب بالقانون لمصالحه. في هذا الدور، يستخدم تيم حسن ذكاءه في التمثيل، حيث يخلق طبقات متعددة للشخصية، فلا نراه مجرد فاسد نمطي، بل شخصية تشعر بالذنب، تقاوم انهيارها، وتحاول التحكم في الخيوط التي باتت تلتف حولها.لا يمكن تجاهل دور كاتب السيناريو في تقديم نص مبدع يحمل في طياته تفاصيل دقيقة وتطورات درامية مشوقة، لكن رغم قوة النص، فإن تيم حسن وطاقم العمل استطاعوا أن يضيفوا إليه بعدًا آخر، مقدمين شخصيات نابضة بالحياة، مليئة بالتناقضات والتفاصيل التي تجعلها أكثر واقعية وعمقًا. لقد أبدع الممثلون في تجسيد شخصياتهم بطريقة تجعل المشاهد يشعر وكأنه يعيش داخل هذا العالم الدرامي بكل تفاصيله.في هذا العمل، تألقت أيضًا كاريس بشار التي شاركت تيم حسن البطولة، مضيفة بُعدًا دراميًا قويًا للشخصية النسائية في المسلسل. كاريس، المعروفة بأدائها العفوي والعميق، قدمت دورًا يتكامل مع شخصية موسى، مما خلق تفاعلًا دراميًا مميزًا يعزز الصراع والتوتر في الأحداث. هذا ليس التعاون الأول بينهما، حيث سبق أن اجتمعا في مسلسل "العميد"، حيث لعبت كاريس بشار دور لمياء، التي تجد نفسها في مواجهة مع الدكتور مراد في سلسلة من الأحداث المشوقة. في "العميد"، كان تيم حسن الأكاديمي الباحث عن الحقيقة، فيما جسدت كاريس بشار شخصية تحمل في طياتها العديد من الألغاز والصراعات العاطفية والفكرية.في العملين، قدم تيم حسن وكاريس بشار ثنائية درامية أثبتت نجاحها، حيث أظهر كل منهما قدرة استثنائية على التفاعل مع الآخر، مما جعل مشاهدهما مليئة بالتوتر والانفعالات الحقيقية. في "تحت سابع أرض"، يتصارعان في عالم مليء بالخداع والسلطة، بينما في "العميد"، كان صراعهما أكثر هدوءًا لكنه لا يقل عمقًا. هذا التنوع في الأدوار يعكس مهارة النجمين في تقديم شخصيات مختلفة تمامًا، قادرة على جذب المشاهد وإبقائه متفاعلًا مع القصة.بين السلطة والعقل، القوة والبحث عن الحقيقة، يظل تيم حسن واحدًا من أبرز الممثلين في المشهد الدرامي العربي، قادرًا على تقديم شخصيات معقدة ومليئة بالحياة، تجعل المشاهد يعيش التجربة بكل تفاصيلها. في كل دور جديد، ينجح في التلون وتقديم أبعاد غير متوقعة، ما يجعله دائمًا في مقدمة النجوم الذين يحافظون على مستوى عالٍ من الأداء والاختيارات الدرامية الذكية. لكن يبقى السؤال، هل سنراه في فيلم يجسد فيه دور شخصية عالم مستقبلي، أم دور قاتل متسلسل ذكي؟ أم أن المفاجأة القادمة ستكون أكبر من كل التوقعات؟FatimahAlAmro1


المدينة
٠٥-٠٣-٢٠٢٥
- المدينة
العلاقات السامَّة استنزاف تحت ستار القرب
في كلِّ علاقة إنسانيَّة، هناك خيطٌ يربطنا بالآخر، لكنَّه ليس دائمًا خيطًا من الحبِّ والرَّاحة، بل قد يكون حبلًا من الأشواك، يلتفُّ حولَ الرُّوح، فيحيل المودَّة إلى قيدٍ ثقيلٍ. العلاقاتُ السامَّةُ ليست مجرَّد مشاحناتٍ أو خلافاتٍ طبيعيَّة، بل هي نمطٌ مستمرٌّ من الاستنزاف العاطفيِّ والنفسيِّ، حيث يصبح الوجود مع الطَّرف الآخر عبئًا، بدلًا من أنْ يكون دعمًا.تتسلَّل هذه العلاقات دون أنْ نشعر، دون إشارات تحذيريَّة واضحة. قد تبدأ بكلماتٍ تُلقى على سبيل المزاح، لكنَّها تحملُ تقليلًا منكَ، أو تجاهلًا متكرِّرًا لمشاعرِكَ، أو مطالبَ غيرَ منطقيَّةٍ تتجاوزُ قدرتَكَ. أحيانًا، تكونُ العلاقة السامَّة أشبهَ بالسَّير على الجليد الرَّقيق، حيث تعيش في قلقٍ دائمٍ من ردود فعل الطَّرف الآخر، فتجد نفسكَ تحاولُ تجنُّب الخلافاتِ بأيِّ ثمنٍ، حتَّى لو كان ذلك على حساب راحتِكَ وسلامِكَ الداخليِّ.إحدَى أشهر الصُّور السينمائيَّة للعلاقاتِ السامَّة ظهرتْ في فيلم «Gone Girl»، حيثُ جسَّد الفيلمُ العلاقةَ المتوترةَ بين الزَّوجين «نيك، وآيمي». فبين الخداع، التَّلاعب العاطفيِّ، والانتقام، قدَّم الفيلمُ نموذجًا لعلاقة قائمة على السَّيطرة والتَّلاعب، حيث يتحوَّل الحبُّ إلى أداةٍ للضغطِ النفسيَّ، بدلًا من أنْ يكون مصدرَ أمانٍ. «آيمي» بشخصيَّتها الذكيَّة والمراوِغة، جعلت من علاقتها مع «نيك» سجنًا نفسيًّا متقنَ البناء، حيث كان الطَّرفان عالقَينِ في دوامة من الأكاذيب واللَّوم المُتبادَل، ما يعكس كيف يمكن للعلاقات السامَّة أنْ تكون فخًّا يصعبُ الخروج منه.إحدَى العلامات الواضحة للعلاقة السامَّة، هي الشعور المستمرُّ بالإرهاق العاطفيِّ، وكأنَّكَ تمنحُ بلا مقابلَ. عندما تجد نفسكَ مضطرًا لتبريرِ أفعال الطَّرف الآخر للآخرِينَ، أو تخشى التحدُّث بصراحةٍ؛ خشيةَ ردِّ الفعل، أو تشعر بأنَّكَ تفقد ذاتك تدريجيًّا، فهذه إشارات تدعوك لإعادة النَّظر في هذه العلاقة. العلاقات الصحيَّة تُبنى على التَّوازن والاحترام المُتبادَل، لا على السَّيطرة أو التَّلاعب العاطفيِّ.لكن الانفصال عن علاقة سامَّة، ليس بالأمر السَّهل، خاصَّة إذا كانت هناك مشاعر متداخلة، أو روابط قويَّة. قد يكون من الصَّعب الاعتراف بأنَّ شخصًا تحبُّه قد يكون سبب أوجاعِكَ، لكنَّ الحقيقة أنَّ الحبَّ لا يعني التَّضحية بالنَّفسِ. أحيانًا، يكون الحلُّ في وضع حدودٍ واضحةٍ، وأحيانًا أُخْرى يكون الخيارُ الأفضلُ هو الابتعادُ.في النهاية، العلاقاتُ التي تستحقُّ أنْ نتمسَّك بها، هي تلك التي تمنحنا الدَّعم والطمأنينة، لا تلك التي تستنزفنَا. بعض الأبواب يجبُ أنْ تُغلق ليس لأنَّنا نكرهُ، بل لأنَّنا نحبُّ أنفسنَا بما يكفِي؛ لنختارَ ما يستحقُّ البقاء في حياتنَا.فاطمة آل عمروX:FatimahAlAmro1