logo
قضية 'وهبي' وتفويت العقار: بين الاتهام بالتحايل الضريبي وسؤال الثقة في المؤسسات

قضية 'وهبي' وتفويت العقار: بين الاتهام بالتحايل الضريبي وسؤال الثقة في المؤسسات

المغرب الآنمنذ 2 أيام
في لحظة دقيقة من تاريخ الممارسة السياسية المغربية، تفجّر جدل واسع حول صفقة عقارية أبطالها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، وزوجته، ومؤسسة بنكية، و'تسريب إلكتروني' نُسب إلى مجموعة قرصنة إلكترونية يُعتقد أنها جزائرية. هذا الجدل، رغم طبيعته القانونية البحتة ظاهريًا، يطرح أسئلة أعمق تتعلق بثقة المواطن في المؤسسات، ومفهوم النزاهة السياسية، ومدى صلابة منظومة ربط المسؤولية بالمحاسبة.
◾️ هل نحن أمام خرق للدستور أم خلل في المنظومة؟
حين يخرج رئيس حكومة أسبق وأمين عام لحزب كان يقود البلاد ذات يوم ليطالب وزير العدل بالاستقالة، متهماً إياه بـ'الغش في وثيقة رسمية'، فإن الأمر يتجاوز مجرد جدل سياسي عابر. نحن أمام واقعة تُختبر فيها
أخلاقيات الحكم
، و
فعالية مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
، كما يُختبر فيها الجهاز الضريبي والقضائي أمام الرأي العام.
عبد الإله بنكيران، في خرجة مدروسة عبر صفحته الرسمية، لم يذكر عبد اللطيف وهبي بالاسم، لكن الإشارة كانت أكثر وضوحًا من التصريح.
الاتهام: وزير عدل يصرّح بأن قيمة عقار مملوك له لا تتعدى مليون درهم عند تفويته كـ'هبة' لزوجته، بينما نفس العقار كان قد رُهن سابقًا مقابل قرض بنكي قدره 11 مليون درهم. الفرق ليس بسيطًا، والفارق ليس تقنيًا، بل
مثار شبهة تهرب ضريبي
، وفق فقه القانون والضرائب معاً.
الوثائق المسربة… والتقاطع مع الأمن الرقمي
القضية تفجرت إثر تسريب وثيقة رسمية من طرف مجموعة 'جبروت' الإلكترونية، التي نسبتها مصادر إعلامية إلى جهات جزائرية. الأمر يفتح نافذة على
ثغرات الأمن المعلوماتي في المؤسسات المغربية
، لكنه أيضاً يعيد إلى السطح تساؤلات قديمة حول الشفافية في التصريح بالممتلكات، واستعمال الهبات كآلية قانونية للالتفاف على الالتزامات الضريبية.
من حيث الشكل، العقد الذي فوّت به وهبي العقار لزوجته، بتاريخ غشت 2024، تضمن تصريحًا بأن القيمة لا تتجاوز مليون درهم. في المقابل، يشير سجل الرهن إلى أن نفس العقار رُهن قبل ذلك ببضعة أشهر مقابل قرض قيمته 11 مليون درهم. هذه المفارقة هي ما اعتُبر من قبل منتقديه
مؤشراً على 'التحايل' على القانون الضريبي
.
أين الدولة من كل هذا؟ وهل المحاسبة انتقائية؟
الأحزاب المعارضة، خصوصًا فيدرالية اليسار الديمقراطي، دخلت على خط الحدث بسرعة، ووصفت ما جرى بأنه 'شبهة فساد واستغلال نفوذ'، داعية إلى فتح
تحقيق فوري وشفاف
. هذا المطلب يعكس حالة من
القلق الشعبي المتزايد
من تكرار مشاهد الإفلات من العقاب، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمسؤولين من داخل الحكومة نفسها.
وهنا تبرز إشكالية أكبر:
هل القضاء المغربي جاهز للبت في ملفات تورط وزراء في مناصب حساسة؟
وهل ستتفاعل النيابة العامة كما فعلت في قضايا رؤساء جماعات ترابية تورطوا في تبديد المال العام؟ وهل يتمتع جميع المواطنين بذات المعايير في المحاسبة؟
نظرة أوسع: تضارب المصالح كمؤشر مؤسسي
قضية وهبي ليست معزولة. بل تأتي ضمن سلسلة اتهامات بتضارب المصالح طالت وزراء ومسؤولين حكوميين. بلاغ فيدرالية اليسار أشار إلى
وزيرة يُشتبه في استغلالها معلومات تخص تصميم التهيئة لتحقيق مكاسب خاصة
، وإلى حالات تفويت مشبوهة وصفقات تُمرر لشركات ذات صلة بمسؤولين في الحكومة.
هذا يجعلنا أمام
نمط أكثر من كونه حادثة فردية
، نمط يهدد الثقة في المؤسسات المنتخبة والتنفيذية على حد سواء، ويطرح سؤالًا مريرًا:
هل لدينا فعلاً منظومة فعالة لمنع تضارب المصالح؟ أم أن النصوص موجودة، والواقع مختلف؟
في قلب التحدي: العدالة الضريبية والمواطنة المتساوية
تشير دراسات صادرة عن البنك الدولي ومراكز كـ'OECD' إلى أن
العدالة الضريبية
تمثل حجر الزاوية في ترسيخ الثقة بين المواطن والدولة. وإذا ما شعر المواطن أن النخبة السياسية تتهرب من الضرائب، أو تعيد صياغة المعطيات لخدمة مصالحها، فإن الدولة تفقد واحدة من أهم ركائز شرعيتها:
القدوة والمساواة أمام القانون
.
وفي السياق المغربي، تشير تقارير
مجلس المنافسة
و
المجلس الأعلى للحسابات
إلى وجود 'تمركز ضريبي غير عادل'، حيث تتحمل الطبقات الوسطى العبء الأكبر، في حين تنجو فئات من الأثرياء والمستفيدين من الرقابة أو الإعفاءات.
ما الذي ينتظره الرأي العام؟
تحقيق قضائي مستقل
، بعيد عن الحسابات السياسية.
توضيح رسمي
من وزير العدل حول الفارق في القيمة المصرح بها.
تفعيل آلية التصريح الإجباري بالممتلكات
وربطها بتقارير الضرائب بشكل مؤتمت.
حماية الأمن المعلوماتي المؤسساتي
لمنع التسريبات، دون أن يتحول ذلك إلى تكميم للمطالب الشعبية بالشفافية.
خلاصة: هل يمكن إعادة بناء الثقة؟
ما يحدث اليوم يعيد إلى السطح المفارقة التالية: وزراء يطالبون المواطنين بالامتثال الضريبي، وهم أول من يُتهم بالتحايل عليه. وحين يُتهم وزير العدل، رمز القانون، بخرقه، فإن الأمر يتعدى السياسة إلى
مأزق أخلاقي مؤسساتي
.
العدالة، لكي تكون مؤسسة حية، يجب أن تكون قادرة على النظر في نفسها. ولهذا، فإن
عدم فتح تحقيق شفاف وعلني
في هذه الواقعة، ليس تهربًا فقط من المسؤولية، بل
تخليًا عن روح الدستور
الذي يقول في فصله 40 إن الجميع، بحسب قدرته، يتحمل التكاليف الناتجة عن التضامن الوطني، بما في ذلك الضرائب.
ملاحظة ختامية
: جميع المعطيات الواردة في هذا المقال مستمدة من مصادر إعلامية منشورة، وعلى رأسها موقع 'الصحفية'، دون ادعاء امتلاك الحقيقة أو توجيه اتهامات. ويمارس المقال حق التساؤل المشروع في إطار احترام قرينة البراءة، والتزامًا بأخلاقيات مهنة الصحافة كما ينص عليها القانون المغربي رقم 88.13.
بشبهة 'الغش' للتهرب من أداء الضرائب.. بنكيران يُطالب وزير العدل وهبي بالاستقالة من منصبه
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجلس النواب يصادق على مشروع قانون متعلق بالمسطرة الجنائية
مجلس النواب يصادق على مشروع قانون متعلق بالمسطرة الجنائية

عبّر

timeمنذ 26 دقائق

  • عبّر

مجلس النواب يصادق على مشروع قانون متعلق بالمسطرة الجنائية

صادق مجلس النواب اليوم الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، وذلك في إطار قراءة ثانية. وحظي مشروع القانون بموافقة 47 نائبا بينما عارضه 15 نائبا، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت. ويأتي هذا التصويت بعد إدخال مجلس المستشارين عددا من التعديلات على هذا النص التشريعي ، وفق ما ورد في تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب حول مشروع القانون. وقد همت هذه التعديلات أساسا تدقيق بعض العبارات لتحقيق الانسجام الداخلي، بالإضافة إلى 'ضبط مسطرة الحجز وتجميد الممتلكات والأموال بما يضمن احترام حقوق الأطراف، ويستثني الممتلكات غير ذات الصلة بالجريمة، كالأجور والمعاشات والتركات المكتسبة قبل تاريخ وقوع الجريمة ولم يثبت أن لها علاقة بها'. وشملت التعديلات كذلك، إعادة النظر في بعض الشروط المتعلقة بتطبيق مسطرة الإكراه البدني، وذلك عبر 'حذف مسطرة الإنذار، واعتماد منصة إلكترونية خاصة بتطبيق هذه المسطرة، تنشر فيها البيانات اللازمة لبدء عملية التحصيل'، كما تم 'رفع السن الأدنى لعدم تطبيق مسطرة الإكراه البدني من 18 إلى 20 سنة اعتبارا من تاريخ ارتكاب الجريمة، مع استثناء المبالغ التي تقل عن 8000 درهم من نطاق تطبيق هذه المسطرة، بالنظر إلى قصر مدة العقوبة المنصوص عليها حاليا'. وفي نفس السياق، نص المشروع المعدل على 'حذف مسطرة إذاعة المسطرة الغيابية بواسطة الإذاعة الوطنية أو أي وسيلة اتصال سمعية بصرية أو أي وسيلة إلكترونية أخرى، وتعويضها بالنشر على منصة إلكترونية معدة لهذه الغاية'. كما تضمنت التعديلات كذلك 'الرفع من أيام الاستفادة من التخفيض التلقائي للعقوبة بالنسبة للأحداث، حيث تم التنصيص بموجب المادة 632.7 على كون مدة التخفيض التلقائي للعقوبة تضاعف في حق المحكوم عليهم من هذه الفئة'. وفيما يتعلق بالتحقق من هوية الأشخاص، فقد تم تقليص ساعات هذه العملية والتي يتعين 'ألا تتجاوز في جميع الأحوال أربع ساعات تُحتسب من لحظة إيقافه، ويمكن تمديد هذه المدة عند الاقتضاء لأربع ساعات إضافية بإذن من وكيل الملك المختص، وذلك بدلا من ست ساعات المنصوص عليها في الصيغة السابقة للمشروع'.

بعد 'تسريبات جبروت'.. الحزب المغربي الحر يجر وهبي إلى مصالح الرقابة المالية
بعد 'تسريبات جبروت'.. الحزب المغربي الحر يجر وهبي إلى مصالح الرقابة المالية

عبّر

timeمنذ 42 دقائق

  • عبّر

بعد 'تسريبات جبروت'.. الحزب المغربي الحر يجر وهبي إلى مصالح الرقابة المالية

تفاعلا مع التسريبات الخطيرة التي تورط فيها وزير العدل عبد اللطيف وهبي والتي كشفتها مجموعة 'جبروت' حول عقد هبة عقارية بلغت قيمتها الحقيقية حوالي 11 مليون درهم، في حين لم يتم التصريح في العقد المبرم سوى بمليون درهم فقط، قرر الحزب المغربي الحر التقدم بشكاية رسمية في مواجهة وزير العدل عبد اللطيف وهبي أمام مصالح الرقابة المالية والمجلس الأعلى للحسابات. وأعلن الأمين العام للحزب، إسحاق شارية، عن هذه الخطوة، بعد أن ندد حزبه بعدم قيام وزارة المالية بإخضاع الوزير للمراجعة الضريبية والتغاضي غير المبرر عن تطبيق المواد 217 و 220 و 143 من المدونة العامة للضرائب. وتتعلق هذه القضية، حسب التسريبات التي أكدها وزير العدل، بالعقار الفاخر الذي اقتناه عبد اللطيف وهبي، سنة 2020 بقرض بنكي، بقيمة تصل إلى 11 مليون درهم، والذي وهبه لزوجته سنة 2024 بعد إتمام تسديد كامل أقساطه خلال أربع سنوات فقط، مع التصريح بأن قيمته تساوي 1 مليون درهم فقط، وهو ما تم اعتباره تهربا ضريبيا. وكان الحزب المغربي الحر قد طالب بضرورة محاسبة الوزير وإخضاعه للمراجعة الضريبية وتطبيق المادة 143 بحق الشفعة في العقار لفائدة الدولة، وكذا ضرورة إقالته من منصبه 'نظرا لما يشكله استمراره من ضرب للثقة في المؤسسات الدستورية والتطبيق الصارم للقانون'، داعيا في الوقت ذاته إلى 'ضرورة محاسبة حكومة عزيز أخنوش عن تنامي ظاهرة تضارب المصالح والاستفادة من امتيازات الدولة وشبهات الاغتناء غير المشروع، والاستفادة من الصفقات والمشاريع'.

✅ استئنافية طنجة تؤيد الأحكام في قضية مجموعة الخير وتقصي مطالب الضحايا
✅ استئنافية طنجة تؤيد الأحكام في قضية مجموعة الخير وتقصي مطالب الضحايا

24 طنجة

timeمنذ ساعة واحدة

  • 24 طنجة

✅ استئنافية طنجة تؤيد الأحكام في قضية مجموعة الخير وتقصي مطالب الضحايا

ثبتت محكمة الاستئناف بمدينة طنجة، الأحكام الابتدائية الصادرة في حق المتابعين في قضية 'مجموعة الخير'، التي تعد من أكبر قضايا النصب الجماعي المرتبطة باستثمارات مالية وهمية عرفها المغرب، مع تأييد العقوبات الحبسية وإقصاء مطالب الضحايا بالتعويض المدني. كما قررت المحكمة رفض المطالب المدنية الرامية لتعويض الضحايا، بعلة عدم الاختصاص، وهو ما خلّف موجة استياء عارمة في صفوف مئات المتضررين الذين كانوا يأملون في استعادة جزء من مدخراتهم. وكانت القضية قد أفضت إلى الحكم على المتهمتين الرئيسيتين، 'يسرى' و'كريمة'، بالسجن النافذ لمدة خمس سنوات، مع غرامة مالية قدرها 5000 درهم لكل واحدة، بعد جلسات قضائية مطولة امتدت لأكثر من أربعين ساعة من الاستماع والمرافعات. وشملت باقي الأحكام عقوبات حبسية نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ، حسب درجة تورط كل متهم في الشبكة التي نُسبت إليها تهم ثقيلة، من ضمنها النصب، وجمع الأموال بدون ترخيص، وتهريب الأموال، والتعامل بالعملات الرقمية، والاستثمار في مشاريع وهمية. وتجاوزت الخسائر المالية التي أسفرت عنها هذه القضية مليارات السنتيمات، فيما بلغ عدد الضحايا أكثر من ألف شخص، كثير منهم فقد مدخراته بعد أن وقع ضحية وعود بتحقيق أرباح شهرية مغرية وسريعة، ليتبين لاحقًا أن الأمر لا يعدو كونه مخططًا هرميا محكم التنظيم. وفي الوقت الذي تمسكت فيه أسر المتهمين بغياب النية الإجرامية لدى ذويهم، راهن الضحايا على تعويض مدني يعيد بعضًا من حقوقهم. غير أن قرار محكمة الاستئناف بإقصاء هذه المطالب شكل صدمة لهم، وفتح الباب أمام تساؤلات حارّة بشأن آليات تعويض المتضررين من قضايا النصب الجماعي، ومدى فعالية المنظومة القانونية في التصدي للجرائم المالية المنظمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store