
كيف يحاول أفراد مجتمع الميم-عين في ليبيا النجاة من القمع والاعتداءات؟
Getty Images
قال أفراد من مجتمع الميم-عين في ليبيا لبي بي سي إنه رغم محاولاتهم عدم جلب الانتباه إليهم، فإنهم يتعرضون للاعتقال والعنف في الأوساط الاجتماعية المختلفة.
** لقد غيّرنا جميع الأسماء، باستثناء كايلي ديڤون، حفاظاً على هوية المتحدثين.
"لدي شعور دائم بأن مصيبة ما ستحل بي في أي لحظة. أنا قلق طوال الوقت، وشعري يتساقط باستمرار من شدة التوتر، لا أثق بأحد. هذا حالنا هنا في طرابلس. نحن في جحيم لا يطاق". هكذا يصف جيكوب (اسم مستعار) الفنان الثلاثيني، مثلي الجنس، حاله وحال غيره من أفراد مجتمع الميم عين في ليبيا.
تحدثت بي بي سي إلى خمسة ليبيين مثليين وعابرين جنسياً، يقيم اثنان منهم في ليبيا وثلاثة غادروها.
تحدث الخمسة عن معاناتهم اليومية مع العنف والخوف والتنمر - معاناة مستمرة منذ سنوات طويلة، كما أخبرونا، منذ أن قرروا عيش هويتهم الجنسية بما يتماشى مع مشاعرهم وما يرغبون به.
"إخوتي الكبار كانوا يضربونني لأتصرف 'كالرجال'"
في ليبيا، كما في دول أخرى، للجنس خانة في جوازات السفر.
ويفرض الجنس المحدد عند الولادة في مجتمعاتنا على الفرد مجموعة من القواعد المسبقة التي تحدد سلوكه وميوله، ويُوصم كل من يخرج عنها بـ"الشذوذ".
ينظر أغلب المجتمع الليبي للمثلية الجنسية والعبور على أنها ظواهر "خارجة عن الفطرة" و"مخالفة للدين والأعراف الثقافية والاجتماعية". ويقول أفراد مجتمع الميم-عين إنهم يعانون غالباً من وصم وتنمر وعنف في أوساطهم الاجتماعية المختلفة وعلى مواقع التواصل. وتبدأ المعاناة أحياناً داخل البيت العائلي.
"في التجمعات العائلية والمناسبات، كان إخوتي الكبار يضربونني لأتصرف 'كالرجال'. الآن يصرون على أن أتزوج من امرأة، لكنني لا أستطيع"، يقول جيكوب لبي بي سي.
أما داليا (اسم مستعار) ذات العشرين عامًا، العابرة جنسيا من ذكر لأنثى، فتقول إن عائلتها قد أجبرتها، في ليبيا قبل مغادرتها إلى تونس، على تناول جرعات من هرمون التستوستيرون (الهرمون الذكري).
"أبي وأمي، وهما طبيبان، أصرا على إخضاعي لما يسمى بالعلاج التصحيحي لكي أصبح 'مثل الرجال' "، تقول داليا.
لكن جسم داليا لم يتقبل الهرمون. تقول إنها كانت تصاب بآلام في البطن وصداع في الرأس وشعور بالدوران يفقدها القدرة على المشي كلما تناولت الجرعات، حينها فقط توقفت عن تناولها.
تعرّف كايلي ديڤون، العابرة جنسيا من ذكر لأنثى، نفسها كأول ليبية عابرة جنسيا تخرج للعلن. تعيش في ألمانيا منذ ثماني سنوات وهي مغنية وصانعة محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي.
تقول كايلي إنها عانت عنفاً وكراهية في الشارع والجامعة وفي كل مكان كانت تذهب إليه، قبل مغادرتها ليبيا.
"يرشقوننا بزجاجات أو بالحجارة في الشارع. في أول يوم دخلت فيه جامعة في طرابلس، تنمر الجميع على طريقة مشيي وكلامي، كانوا ينعتوني 'بالمخنث' "، تقول كايلي.
انتشار الجماعات المتشددة فاقم الخطر
لم تكن لمجتمع الميم-عين في ليبيا حرية العيش بهوياتهم الجنسانية وميولاتهم الجنسية الحقيقية في أي وقت من قبل، وتبقى الحرية الجنسية ممنوعاً دينياً واجتماعياً في ليبيا.
لكن من تحدّثنا إليهم يقولون إن مستوى الخطر والخوف الذي يعيشونه اليوم لم يكن بهذه الحدة قبل ظهور الجماعات المتطرفة في البلاد عام 2014.
كانوا قبل ذلك يجتمعون في بعض مقاهي الشيشة التي يقولون إنها "كانت متنفسا لهم"، يتجمعون فيها لساعات يعيشون فيها بعض الحرية وشيئاً من الأمان.
"لم يتعرض لنا أحد هناك بسوء. كنا نرقص على الأغاني ونقضي أوقاتاً ممتعة رغم الحذر"، تؤكد كايلي.
لكن يقول المتحدثون إن الخناق ضيق عليهم وعلى مجتمع الميم-عين في ليبيا بالكامل بعد فرض هذه الجماعات المسلحة المتشددة السيطرة الفعلية على مناطق واسعة في البلاد.
"بدأوا في التحريض علينا بنشر صورنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي واتهامنا بالخروج عن الدين الإسلامي وممارسة الرذيلة حسب وصفهم"، تقول كايلي بحسرة.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لعام 2023 قد عبّرت عن قلقها إزاء دمج الجماعات المسلحة وقادتها في مؤسسات الدولة، وانتشار الإيديولوجيات الدينية المحافظة ذات التوجه السلفي، والتي، بحسب البعثة، ساهمت في تضييق الفضاء المدني.
تكييف القانون للتعامل مع تهم متعلقة بالهوية الجنسية
تحصلت بي بي سي على نسخة من مذكرة قانونية مقدمة من وكيل النيابة العامة في طرابلس حول قضية رقم 230-2024 التي ألقي فيها القبض عام 2024 على ما تقول المذكرة إنهم "19 متهما ممن تبنوا فكر الإلحاد وآمنوا بالمثلية والحرية الجنسية".
ولايوجد ذكر صريح للمثلية الجنسية في قانون العقوبات الليبي، لكن السلطات الليبية تستند في اعتقال بعض أفراد مجتمع الميم-عين على الباب المخصص للـ"مواقعة" في قانون العقوبات وفقا للمادتين 407 و408 اللتان تنصان تباعا على أن "كل من واقع إنساناً برضاه يعاقب هو وشريكه بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات". و "كل من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالحبس".
وفي عام 2016، تبنى المؤتمر الوطني العام في ليبيا القانون رقم 11 لسنة 2016 المتعلق بـ"حماية الآداب العامة"، والذي يجرّم "جميع الأفعال المنافية للآداب العامة وأحكام الشريعة الإسلامية" في الأماكن العامة.
وترى الرابطة الدولية للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين (ILGA) إن هذا التشريع يمثل تقييداً محتملاً لحرية التعبير في المسائل المتعلقة بالمجتمع الكويري في ليبيا.
وقالت منظمة "كن"، وهي منظمة أسسها نشطاء ليبيون في المهجر للعمل على تمكين المجتمع الكويري في ليبيا، لبي بي سي إن "بعض الأفراد يعتقلون لمجرد الاشتباه بانتمائهم لمجتمع الميم-عين أو لمظهرهم تحت غطاء 'حماية قيم المجتمع'. وقد تصل فترة الاحتجاز أشهراً يتعرضون خلالها للتعذيب والانتهاكات وقد يسجنون لمدة قد تزيد عن خمس سنوات".
وقالت رتاج ابراهيم، إحدى مؤسسي منظمة "كن" لبي بي سي إن "جهازًا أمنيًا خاصًا" مقره جهاز دعم الاستقرار بطرابلس، يتعامل مع ملف مجتمع الميم-عين.
وقد طلبت بي بي سي من جهاز دعم الاستقرار في طرابلس ردا على هذه الاتهامات، لكنها لم تتلق أي رد حتى تاريخ نشر هذا المقال.
BBC
جزء من مذكرة قانونية حصلت عليها بي بي سي حول قضية ألقي فيها القبض عام 2024 على 19 شخصا بتهم تتعلق بـ"الإلحاد" و"المثلية الجنسية"
"الاستغلال الجنسي عند الاعتقال"
Getty Images
"يعتقل الأفراد لمجرد الاشتباه بانتمائهم لمجتمع الميم-عين أو لمظهرهم"
تقول ميرا (اسم مستعار)، العشرينية العابرة جنسيا من ذكر لأنثى، إنها لا تزال تذكر تفاصيل اعتقالها مع شريكتها قبل عشر سنوات ممن تقول إنهم أفراد أمن في عين زارة، وقد عرفتهم من زيهم وسيارتهم.
"لا أزال أشعر بنفس الألم والخوف كلما تذكرت الحادثة"، تقول ميرا، "اجتمعنا في استراحة مع ثمانية من أصدقائنا. لم نكن نعلم أن أفرادا من الأمن تتبعونا إلى هناك. اعتقلوني مع اثنتين من صديقاتي. لم يأخذونا إلى مقر اعتقال وإنما إلى منزل في عين زارة، في ضواحي طرابلس وهناك اغتصبونا".
ويقول محدثونا إن "الاعتداء الجنسي على أفراد مجتمع الميم-عين في ليبيا، يحدث بشكل متكرر في الاحتجاز والسجن أو حتى عند البوابات الأمنية خارج طرابلس".
"لا طاقة لنا أو قوة لمواجهتهم، فنضطر للاستسلام. يكرهوننا، ولكن يحبون ممارسة الجنس معنا"، تقول ميرا.
ولم تتلق بي بي سي رداً على طلب للتعليق على الاتهامات بالانتهاكات والاعتداءات الجنسية الموجهة للقوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الليبية.
يقول ملخص زيارة المقررة الخاصة للأمم المتحدة لليبيا عام 2023، إن "هناك تقارير حول حوادث ضرب واغتصاب لأفراد من المجتمع الكويري هناك".
لكن مسؤولي حكومة الوفاق الذين قابلتهم المقررة الخاصة للأمم المتحدة ريم السالم في طرابلس، قالوا إنه "لا وجود لأي مثليين أو ثنائي الجنس أو عابرين جنسياً أو حاملي صفات الجنسين على الإطلاق في ليبيا"، حسب ما جاء في التقرير الأممي.
وتذكر داليا أنها سجنت أياما في سجن قرنادة في شرق ليبيا عام 2023: "كان السجانون يتحرشون بي جسديًا ولفظيًا كل يوم، أحيانا يضربونني وأحيانا يغازلونني"، تقول داليا بصوت مرتعش.
"طلبوا مني أن أنزع ملابسي ليعرفوا لأي جنس أنتمي، عنفوني بأدوات حادة، وحلقوا شعري".
"سوف نبقيكَ هنا حتى نجعلكَ حاملًا، أليس ذلك ما تريد؟"، هكذا كانوا يهددونها، تذكر داليا بقهر واضح في صوتها.
وقالت داليا لبي بي سي إن ضابطا تحرش بها في مكتبه، وضربها عندما قاومته. ثم أتاها برجل دين سألها عن شعرها الطويل وملابسها وتصرفاتها "المتشبهة بالنساء" كما قال لها.
طلبت بي بي سي من وزارة الداخلية في الحكومة الليبية في الشرق رداً على هذا الاتهام لكنها لم تتلق أي رد حتى الآن.
وكانت البعثة الأممية لليبيا لسنة 2023 قد وجدت أن "السلطات الليبية والكيانات التابعة لها، مثل جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، والقوات المسلحة العربية الليبية، وجهاز الأمن الداخلي، وجهاز دعم الاستقرار، وقيادتها، كانت متورطة مراراً وتكراراً في انتهاكات وتجاوزات أثناء احتجاز الأشخاص بسبب ميولهم الجنسية الفعلية أو المتصورة وهويتهم الجنسانية".
لم تتلق بي بي سي رداً من حكومة الوفاق والحكومة الليبية في الشرق على هذا التقرير.
لغة مشفرة وفضاء افتراضي غير آمن
علمت بي بي سي من شهادات عدد من أفراد مجتمع الميم أنه غالباً ما تُصادر هواتفهم وأغراضهم الشخصية أثناء الاحتجاز للبحث عن أدلة على هويتهم الجنسية والجندرية.
كانت الصور في هاتف ماريا (اسم مستعار)، الأربعينية المثلية، "دليل إدانة" لها ولرفيقتها بالنسبة للمحققين الستة عند احتجازهما في مركز اعتقال معيتيقة العام الماضي، كما قالت لنا.
لم تمح وجوه المحققين من ذاكرة ماريا إلى اليوم "وجوه مخيفة ولحى كثة، تداولوا صورنا مع جميع الضباط في المركز. نعتوني بـ'السحاقية الوسخة التي تسعى لإفساد المجتمع'، كلهم إلا واحدا طلب مني أن أمسح الصور الموجودة على الهاتف. و أُقفل المحضر"، تقول ماريا.
أطلق سراح الاثنتين بعد ساعات من التحقيق بفضل نفوذ عائلة ماريا "المعروفة في طرابلس" كما تقول.
ويحاول أفراد مجتمع الميم-عين الذين يعيشون داخل ليبيا النجاة من القمع والتهديدات المحدقة بهم فيتجنبون لفت الانتباه إليهم قدر الإمكان.
"نحاول أن نجعل لباسنا متناسبا مع ما يرضي المجتمع. وإذا التقينا في مكان عام، نتحدث بلغة مشفرة نستخدمها في ما بيننا، نقلب فيها الحروف ونضيف حروفاً أخرى كي لا يُفهم ما نقول"، يخبرنا جيكوب.
وقالت كايلي لبي بي سي إنه في محاولات سابقة للإيقاع بهم، يستخدم المدسوسون عليهم اللغة الشبابية الدارجة لكي يطمئن لهم أفراد المجتمع الكويري. لذلك قرروا اختلاق "لغة سرية" بينهم لا يعرفها غيرهم.
يعتمد بعض أفراد مجتمع الميم-عين في ليبيا على هذه اللغة في رسائلهم الصوتية والمكتوبة، بحيث أنه في حال وقعت هواتفهم أو أجهزتهم في يد أحد، يصعب عليه فهم مضمون الرسائل، وبالتالي لا يمكن استخدامها كدليل ضدهم.
كذلك يستخدمون خاصية "الفي بي ان" في مكالماتهم وتصفحهم لحماية بياناتهم. ويجتمعون افتراضياً في مجموعات مغلقة من المفترض أن لا يكون فيها أحد لا ينتمي إلى المجتمع الكويري لتفادي اختراقهم والوشاية بهم.
لكن هذه الحيل الصغيرة لا توفر لهم أماناً كاملاً في الفضاء الافتراضي.
فمن خلال متابعتها لقضابا المجتمع الكويري، خلصت منظمة "كن" إلى أن "السلطات الأمنية تجبر أفراد مجتمع الميم عين الذين تعتقلهم على الوشاية بآخرين مقابل إطلاق سراحهم"، كما قالت رتاج إبراهيم لبي بي سي.
طلبت بي بي سي من وزارتي الداخلية في حكومة الوفاق والحكومة الليبية في الشرق تعليقاً على الإتهامات بإجبار أفراد مجتمع الميم-عين على الوشاية بغيرهم، لكنها لمم تتلق ردا حتى الآن.
مغادرة ليبيا ومحاولات النجاة
قد لا يجد البعض سبيلا للنجاة والعيش بحرية غير الهجرة، كما فعل عدد من محدثينا، لكنها فرصة لا تتوفر لكل طالب أمان.
عام 2018 غادرت ميرا ليبيا في رحلة سياحية إلى تركيا كان من المقرر أن تدوم شهرا. لكنها تعرفت هناك على خطيبها الحالي فتغيرت خططها.
"خروجي من ليبيا لم يكن قراراً بعدم العودة هناك. ولكن لا مفر من الاختيار، إما أن أكون ما أريد وأعيش مع من أحب، أو أن أعود للقمع والتضييق" تقول ميرا.
لم تحصل ميرا على إقامة رسمية في تركيا. وتقول إن طلب لجوئها رفض عندما لم تستطع العودة إلى ليبيا لتقديم طلب الإقامة في تركيا من هناك كما هو معمول به في وضعها القانوني.
"أعتمد على خطيبي لكي أتدبر أموري الآن... الحياة هنا صعبة جدًا". تقول ميرا التي ترى أنها مازالت "تدفع ثمن اختيارها" حتى بعد أن غادرت ليبيا.
أما داليا التي كانت تستعد للسفر إلى الولايات المتحدة لبدء حياة جديدة بعد انتظار عام كامل في تونس، فقد توقف قرار إعادة توطينها في أمريكا بعد عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة، كما تقول: "أبحث الآن عن دولة بديلة لاستقر بها كامراة عابرة، دولة يمكن أن أعيش فيها بحرية وسلام".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
بسبب منشور يحمل "إشارات معادية للسامية"، مقدم البرامج الرياضية غاري لينيكر يغادر بي بي سي
Nick Potts/PA Wire أكّدت بي بي سي أن لاعب كرة القدم الإنجليزي السابق، غاري لينيكر سيغادر منصبه في الهيئة كمقدم برامج رياضية، بعد نهاية برنامجه "مباراة اليوم" للموسم الكروي الجاري 2024/2025. وأشارت بي بي سي إلى أن لينيكر لن يكون جزءاً من تغطيتها لكأس العالم 2026، والموسم المقبل من كأس الاتحاد الإنجليزي. وتأتي مغادرة لينيكر على خلفية مشاركته منشوراً عبر منصة "إنستغرام" لمجموعة مؤيدة للفلسطينيين، يحتوي على مقطع فيديو يتحدث عن "الحركة الصهيونية". وتضمّن مقطع الفيديو رسماً لجرذ، وهو ما يرتبط تاريخياً بإهانات معادية للسامية، ويعكس لغة استخدمتها ألمانيا النازية للتعبير عن اليهود. وحذف لينيكر المنشور في وقت لاحق بعد تعرضه لانتقادات عديدة، وقدّم اعتذاراً عن مشاركته، قائلاً إنه "لم يكن ليشارك أبداً منشوراً معادياً للسامية بشكل متعمد"، وإنه حذف المنشور "بمجرد علمه بالمشكلة". وأضاف لينيكير أنه علم لاحقاً أن المنشور يحتوي على "إشارات مسيئة"، وأنه يشعر "بأسف شديد" تجاه هذه الإشارات. وقال المدير العام لبي بي سي، تيم ديفي، إن غاري أقرّ بالخطأ الذي ارتكبه، و"بناء على ذلك، اتفقنا على تنحّيه عن تقديم أي برامج بعد انتهاء الموسم الحالي". وقدّم ديفي إشادة بلينيكر، قائلاً إنه لطالما كان "صوتاً بارزاً في التغطية الكروية في بي بي سي على مدار عقدين من الزمن". وشارك لينيكر في العديد من التغطيات للأحداث الرياضية المتنوعة، وكان المقدّم الرئيسي لبرنامج "مباراة اليوم" الأسبوعي المختص بكرة القدم، منذ العام 1999، ويُعد المقدّم الأعلى أجراً في الهيئة. وفي نهاية عام 2024، أعلنت بي بي سي أن لينيكر لن يقدم البرنامج بعد انتهاء الموسم الحالي، لكنه سيغطي كأس العالم 2026، وكأس الاتحاد الإنجليزي، وهو ما تراجعت عنه اليوم بعد الإعلان عن رحيله. "ربما يريدون رحيلي" ولم تكن هذه المرة الأولى التي يثير فيها لينيكر الجدل بسبب تصريحاته ونشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، ففي عام 2023، قالت بي بي سي إنها أجرت "حواراً صريحاً" مع النجم الإنجليزي بسبب تغريدة انتقد فيها سياسية الحكومة البريطانية بشأن قضية اللجوء، مقارناً بين خطابها وخطاب الحكومة الألمانية في ثلاثينيات القرن الماضي. وفي فبراير/شباط 2025، وقع لينيكر، إلى جانب 500 شخصية بارزة، على رسالة مفتوحة يحث فيها بي بي سي، على إعادة عرض فيلم وثائقي عن غزة، أزالته بي بي سي عن خدمة "آي بلاير" بعد أن تم حذفه بعد تبين أن الراوي هو ابن مسؤول في حركة حماس. وفي وقت سابق من شهر مايو/أيار الجاري، بدا لينيكر وكأنه ينتقد الرئيس الجديد لبي بي سي سبورت، أليكس كاي-جيلسكي، حين صرّح لصحيفة التلغراف، أنه "لا يمتلك أي خبرة تلفزيونية"، وحثّه على عدم إجراء أي تغييرات على برنامج "مباراة اليوم". وفي مقابلةٍ حديثة مع المذيع في بي بي سي أمول راجان، قال لينيكر إنه شعر برغبة بي بي سي في رحيله أثناء تفاوضه على عقدٍ جديد، العام الماضي. PA Media وبعد الإعلان عن انتهاء مسيرته مع بي بي سي، قال لينيكر إنه يقرّ بالخطأ وحالة الانزعاج التي سببها، مضيفاً أن "التنحي هو الإجراء المسؤول". وأعاد لينيكر التأكيد على أنه لم يكن ليعيد أبداً نشر شيء معادٍ للسامية بشكل متعمد، لأن ذلك "يتعارض مع كل ما يؤمن به". بدوره عبّر مدير بي بي سي سبورت، أليكس كاي جيلسكي، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، عن حزنه لوداع لينيكر، قائلاً: "إنه لأمرٌ محزن أن أودع مذيعاً لامعاً كهذا، وأود أيضاً أن أشكر غاري على سنوات خدمته". فيما كتبت كاتي رازال، محررة بي بي سي للشؤون الثقافية، أن رحيل لينيكر يمثل "نهاية مؤسفة" لمسيرة مهنية في بي بي سي. وامتدحت رازال النجم الإنجليزي، قائلة: "غاري لينيكر من بين أعلى المذيعين أجراً في الهيئة لسبب وجيه: هو يتمتع بشعبية كبيرة لدى الجمهور، وواسع الاطلاع، وبارع في عمله". لكن رازال أشارت إلى إن لينيكر بدا "غير قادر أو غير راغب" على تقبل حقيقة أن كونه شخصية بارزة قد يمنعه من إبداء آرائه التي يرى العديدون أنها أثّرت على "حاجة بي بي سي للحياد".


الوسط
منذ 3 أيام
- الوسط
«بي بي سي» تنهي عقد لينيكر الأعلى أجرًا بسبب منشور معادٍ للسامية
تصل رحلة قائد المنتخب الإنجليزي السابق غاري لينيكر كمحلل ومقدم كروي في هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إلى نهايتها الأحد المقبل، وفق ما أُعلِن الإثنين بعد أيام معدودة على إعادة نشره منشورا اعتبر معاديا للسامية. كان من المقرر أن يُغطي لينيكر، المقدم الكروي الأعلى أجرا في «بي بي سي»، مباريات كأس العالم 2026 وكأس إنجلترا للموسم المقبل، لكن برنامج «ماتش أوف ذي داي» الذي يُعرض الأحد في اليوم الأخير من الدوري الممتاز لهذا الموسم سيكون آخر ظهور له، حسب «فرانس برس». يغادر غاري لينيكر منصبه التقديمي وقالت «بي بي سي» في بيان «سيغادر غاري لينيكر منصبه التقديمي بعد ختام برنامج ماتش أوف ذي داي لموسم 2024-2025. لن يكون جزءا من تغطية كأس العالم 2026 ولا مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي في الموسم المقبل». - ويأتي هذا القرار بعدما أعاد لينيكر الأسبوع الماضي نشر مقطع في خاصية «ستوري» على «إنستغرام» ينتقد الصهيونية، وتضمّن رسما لفأر استُخدم تاريخيا كإهانة معادية للسامية. وحذف هداف مونديال 1986 المنشور لاحقا وتقدم باعتذار من دون تحفظ، قائلا إنه «لن أنشر أي شيء معاد للسامية عن عمد».


الوسط
منذ 3 أيام
- الوسط
سوريا تبدأ مرحلة "العدالة الانتقالية" وتحذر التنظيمات المسلحة من تحدي سلطة الدولة
Getty Images هيئة العدالة الانتقالية ستعمل على "محاسبة" من تورط في انتهاكات ضد السوريين أصدرت رئاسة المرحلة الانتقالية السورية قرار تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، استنادا إلى الإعلان الدستوري للبلاد. كما دعا وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، المجموعات المسلحة الصغيرة التي لم تندمج بعد مع الأجهزة الأمنية إلى القيام بذلك في غضون "عشرة أيام". وأصدر رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، يوم الأحد، مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، إيمانا بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لبناء دولة القانون، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة". وبحسب المرسوم فإن الهيئة تهدف إلى كشف وتوثيق "الانتهاكات" الجسيمة التي "ارتكبها النظام السابق" بحق المواطنين، ومحاسبة المسؤولين عنها، بالإضافة إلى "تعويض الضحايا" وجبر الأضرار التي لحقت بهم. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن تشكيل الهيئة برئاسة عبد الباسط عبد اللطيف، وهو مكلف بوضع النظام الداخلي خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من تاريخ الإعلان الصادر في 17 مايو/آيار. وتعد هذه الخطوة متوافقة مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عُقد في فبراير/شباط الماضي. وتتمتع الهيئة بـ "الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري"، وتمارس أعمالها في جميع أنحاء سوريا. وكان هناك مطالبات كثيرة بأهمية العمل على تحقيق العدالة الانتقالية كجزء لا يتجزأ من الحل السياسي الشامل في سوريا. تحذير المسلحين Getty Images حذر أبو قصرة في بيان على منصة إكس، مساء السبت، من أن هذه المجموعات "ستواجه إجراءات غير محددة"، وتأتي هذه المناشدات والتحذيرات في إطار محاولة السطلة الانتقالية في دمشق ترسيخ سلطة الدولة بعد ستة أشهر من الإطاحة ببشار الأسد. وشكّل انتشار الأسلحة خارج سيطرة الحكومة تحدياً لجهود رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، التي تسعى إلى ترسيخ سلطة الدولة ومواجهة فوضى السلاح في البلاد سواء من الجماعات المؤيدة له أو المعارضة. وأكد وزير الدفاع السوري في البيان على أن "الوحدات العسكرية" قد دُمجت الآن في "إطار مؤسسي موحد"، واصفاً ذلك بالإنجاز الكبير. لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة انضمام "المجموعات المسلحة الصغيرة" المتبقية إلى الوزارة خلال مدة أقصاها عشرة أيام من تاريخ هذا الإعلان، لاستكمال جهود التوحيد والتنظيم. ولم يحدد الوزير أسماء الفصائل التي يقصدها أو مناطق تواجدها على الأراضي السورية، لكنه لم يكن موجها إلى جماعة بعينها مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي قوة كبيرة يقودها الكرد وحاربت تنظيم الدولة (داعش) بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية في الشمال الشرقي. ووقعت قسد بقيادة الجنرال مظلوم عبدي، اتفاقا مع الشرع في وقت سابق من هذا العام، يتضمن الاندماج مع مؤسسات الدولة السورية وخاصة وزارة الدفاع. اختراق هام وحققت السطلة المؤقتة تقدما هاماً في السياسة الخارجية، بعد لقاء الشرع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في السعودية الأسبوع الماضي، والإعلان عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وعلق وزير الداخلية السوري أنس خطاب، على القرار الأمريكي بأنه سوف يدعم الجهود "لتعزيز الأمن والاستقرار وتعزيز السلم الأهلي في سوريا والمنطقة". وواجهت سوريا عدة موجات عنف هذا العام، في المناطق الجنوبية والساحل السوري في الغرب. وفي الجنوب أفادت تقارير بمقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات اندلعت بين مسلحين سنة ومقاتلين دروز في مناطق درزية قرب دمشق، في أبريل/نيسان الماضي. ونفذت السلطات السورية مداهمات يوم السبت استهدفت "خلايا" تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في حلب.