logo
التضليل المُوجّه في الإعلام الإسرائيلي... هل خدعنا إسحاق بريك؟ (1-5)

التضليل المُوجّه في الإعلام الإسرائيلي... هل خدعنا إسحاق بريك؟ (1-5)

الميادينمنذ 2 أيام

منذ بداية "طوفان الأقصى" كتب مفوض شكاوى العسكريين سابقاً في "الجيش" الإسرائيلي إسحاق بريك، عشرات المقالات وأجرى عشرات المقابلات التي تتحدث عن المأزق الاستراتيجي الذي تتخبط فيه "إسرائيل".
لا ينحصر سجلّ بريك المهني بصفة وظيفية واحدة فقط، إذ ينبع وزن كلامه من كونه تولى أيضاً منصب قائد الكليات العسكرية وقائد فيلق.
وُصف بريك من قبل الإعلام الإسرائيلي بأنه نبي الغضب، إذ يعد واحداً من أبرز المنتقدين لأداء "الجيش" الإسرائيلي، ولطالما حذّر من ضعف جاهزيته اللوجستية، وتآكل الكفاءة القتالية في قواته البرية، عدا عن أوجه القصور التي يعانيها في القيادة والتدريب.
بعض تقديراته وتنبؤاته التي سبقت "طوفان الأقصى" أثبتت الأحداث اللاحقة صحته، ومنها على سبيل المثال، ما يتصل بضعف الاستجابة العسكرية التي اعترت جيش الاحتلال إثر عملية الطوفان، إضافة إلى نقص المعدات، وصعوبات التعبئة في صفوفه. لكن جزءاً معتبراً من تحذيراته خصوصاً إزاء تبعات أي حرب مع لبنان وافتراضات الحرب متعددة الساحات أخفق في ساحة الاختبار وفي ميدان الحقيقة.
استعادة أبرز خلاصات بريك ليست من باب النزهة الفكرية. إن التمعّن في استنتاجاته، التي يتابع جيش الاحتلال على الأرجح تداولها في الإعلام المقاوم خصوصاً، والعربي عموماً، تحضّ على التساؤل عمّا إذا كان مضمون ما صرّح وأوحى به هو جزء من عملية تضليل إعلامي، أمني وعسكري، هدفها خلق انطباعات زائفة حول نوايا القيادة الإسرائيلية عشية العدوان على لبنان، أو محاولة تشتيت المقاومة من خلال مناورات إعلامية إسرائيلية مدروسة تؤدي إلى قراءات وتقديرات مشوشة لدى الجانب الآخر.
أولاً، آراؤه القاسية تجاه "الجيش" الإسرائيلي وتقييماته المتشائمة والسلبية بخصوص استعدادات الجبهة الداخلية وقدرتها على تحمّل أي مواجهة مفتوحة مع حزب الله، وهي توقعات عاكستها مجريات الأحداث اللاحقة.
ثانياً، كتاباته وتصريحاته المتوجسة والتي تمسّ الروح المعنوية داخل "إسرائيل" والتي لم يتم حجبها من قبل الرقابة العسكرية رغم أنها تكشف عن نقاط ضعف خطيرة في الجبهة الإسرائيلية.
ثالثاً، منذ عملية "طوفان الأقصى" اجتمع بريك إلى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو 6 مرات في الحد الأدنى. وفق تصريحات بريك تناولت هذه اللقاءات جوانب من مخاوفه التي أبداها في الإعلام حول جاهزية "الجيش" الإسرائيلي، الأمر الذي يبرر الشكّ في دوافعه عن مجمل التصريحات التي أدلى بها، ومن ضمنها فحوى لقاءاته مع نتنياهو، وذلك في خضم حرب وجودية يتعرض لها كيانه رغم أن موقعه المعنوي يفترض أن تجعله أكثر كتماناً وانضباطاً.
بمعزل عن ذلك يؤشر عدد اجتماعاته بنتنياهو عشية العدوان على لبنان إلى أهمية الرجل وإلى حاجة نتنياهو للاجتماع به هذا العدد من المرات رغم وجود مستشارين وخبراء إسرائيليين لديهم باع طويل وخبرة على رأس المؤسستين العسكرية والأمنية وخارجهما.
رابعاً، يأتي السؤال في سياق مراجعة المرحلة السابقة، وفي إطار توثيق ما حدث قبل العدوان توخياً للعبر والدروس في حرب مفصلية وتاريخية لم تضع أوزارها بعد.
12 كانون الثاني 09:25
29 تشرين اول 2024 09:47
خامساً، لا يتعلق الأمر بإسحاق بريك حصراً، لكنه يشكّل مدخلاً ملائماً للتطرق إلى مسألة التضليل ذي البعد الأمني والعسكري الذي يمارسه العدو عبر إعلامه، مع العلم أن التضليل هو مجرد فرضية يطرحها هذا المسعى في محاولة للإجابة عنها، ومنشأها هو البون الشاسع بين المقدمات التي كان ينشرها الإعلام الإسرائيلي قبل عدوان أيلول/ سبتمبر، وتحديداً تلك التي كانت تستبعد الحرب لأسباب متعددة، وبين النتائج التي أسفرت عنها مفاجآت ذلك العدوان، والعبر التي يمكن أن يُستفاد منها في هذا المجال.
قد يصحّ بعض هذه الاعتبارات الواردة أعلاه وقد يتنافى مع مشروعية السؤال، لكن باعتبار أن السؤال قد تم طرحه، يتعيّن قبل أي شيء الرجوع إلى أبرز ما حفلت به آراء بريك، قبل تاريخ العدوان الإسرائيلي الموسّع على لبنان في أيلول/ سبتمبر الماضي.
في آب/أغسطس 2024 حذر إسحاق بريك في مقال نشره في صحيفة هآرتس، من أن "إسرائيل" ستنهار في غضون عام واحد إذا استمرت حرب الاستنزاف ضد حركة حماس وحزب الله.
من جملة الأمور التي رآها أن كل شيء يصب في مصلحة حزب الله وإيران وأن نتنياهو يقّدم لهما انهيار الدولة على طبق من فضة. وأوضح أنه في حال اندلعت حرب إقليمية متعددة الساحات فإنها ستختصر الجدول الزمني لانهيار 'إسرائيل'، وأن عملية انهيار "إسرائيل" تحدث من الداخل ومن التأثيرات الخارجية "وذلك قبل حرب إقليمية أوصلنا نتنياهو إلى أعتابها".
كما أشار إلى أن الكراهية اشتعلت بين "الشعب" الإسرائيلي، ويبدو أحياناً أنها قد تتحول إلى حرب أهلية، مشدّداً على أن "إسرائيل" تتجه نحو الهاوية.
في حزيران/ يونيو 2024 حذر بريك، من الحرب المقبلة ضدّ المقاومة في لبنان. وقال المفوّض السابق لشكاوى الجنود، إنه "إذا قررت القيادة الحرب في الشمال، فسيكون تدمير الهيكل الثالث".
قبل أيام من ذلك في حزيران/يونيو 2024، حذّر بريك من أنّ إعلان "تل أبيب" الحرب على لبنان، سيعني الانتحار الجماعي لـ "إسرائيل" بقيادة نتنياهو وغالانت وهاليفي، مضيفاً أنّ "تبعات الحرب ضد لبنان ستكون أكثر خطورةً مما حدث في الماضي".
وقال بريك: "لنتخيل أنّ الجيش الإسرائيلي شنّ حرباً ضد لبنان، ودخل بثلاث فرقٍ إلى الليطاني (جنوبي لبنان)، ففي هذه اللحظة لن تبقى الأمور كما هي عليه، بل ستبدأ حرب إقليمية شاملة"، مضيفاً أنّ "الجيش الإسرائيلي سيواجه مشاكل صعبة جداً في الموضوع اللوجستي، ولا سيما في الوقت الذي يستطيع الصمود فيه هناك، كما أنّه لا يملك قوات للاستبدال".
في أيلول/سبتمبر 2024 تحدّث بريك، عن القدرات غير الموجودة التي تستند إليها تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، في مواجهة حزب الله في الشمال. وأكّد في مقالٍ نشرته صحيفة "هآرتس"، بأنّ "الجيش الإسرائيلي لا يمكنه هزيمة حزب الله"، وأن أي هجوم محتمل يمكن أن "يوجه لـ'إسرائيل' ضربة قاتلة ونهائية".
كلام بريك سابق الذكر هو مجرد عينة، من بين عشرات المواقف، التي نشرت خلال فترة متقاربة وتزامنت مع تصاعد الحديث في كيان الاحتلال عن نقل مركز ثقل "الجيش" الإسرائيلي إلى شمالي فلسطين استعداداً لمواجهات أوسع مع حزب الله، لكن قبل ذلك بمدة وبعد ذلك لم ينفك بريك يتحدث عن معضلات تشكل خطراً داهماً على الكيان وجيشه.
من جملة استدلالاته قبل الحرب على لبنان أن "الجيش الإسرائيلي، الذي لم ينجح في تقويض حماس، لن ينجح بالتأكيد في تقويض حزب الله، الذي تفوق قوته قوة حماس مئات المرات".
هذا الجيش وفق رؤيته "تدهور في السنوات العشرين الأخيرة" بشكل لا يسمح له بالانتصار، ومن بين عوامل هذا التدهور تقليص القوة البرية بنسبة 66% الأمر الذي يصعّب من بقاء القوات لفترة طويلة في المناطق التي يحتلها، إضافة إلى غياب قوات تحل محل القوات المقاتلة. ولهذا السبب اضطر "الجيش" كما يقول إلى إخلاء مناطق احتلها، كما حدث في غزّة، وهذا برأيه ما سيحدث في لبنان (رأيه كان قبل عدوان أيلول)، مؤكّداً أن "لا معنى لاحتلال أرض ثم إخلائها، لأن حزب الله سيعود فوراً إلى تلك المناطق".
ليس هذا فحسب، إذ أكّد بريك أنّ "المشكلة الرئيسية في هجوم بري على حزب الله، هي أنه يمكن أن يؤدي إلى حرب متعددة الساحات، تُطلق فيها آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة على الجبهة الداخلية، وستندلع حرب في 5 ساحات برية على الأقل". وحينها ستتركز كل القوات البرية لـ "الجيش" تقريباً في الشمال من أجل الحرب مع حزب الله، ولن تبقى هناك قوات للدفاع في القطاعات الأخرى، وعليه، رأى بريك أنّه "سيتم تقديم "الجيش" الإسرائيلي للعالم كجيش من دون عمود فقري وقدرات".
ومما نقله الاعلام الإسرائيلي عن اللواء احتياط بريك قوله إن "إيقاعنا في حادث مميت من قبل نتنياهو وغالانت وهليفي هو مسألة وقت فقط"، عادّاً إياهم سائقين مخمورين يجب انتزاع رخصة قيادتهم للحرب فوراً، وحمّل هؤلاء الذين أطلق عليهم اسم "الفرسان الثلاثة (اسم رواية فرنسية تاريخية) المغامرين، وأذنابهم في المستويين السياسي والعسكري"، مسؤولية ذلك، وأوضح في هذا الإطار، أنّ الحرب تُعدُّ "ضمانتهم الوحيدة لاستمرارهم في مناصبهم".
لا يدع كلام بريك مجالاً للشبهة لدى القارئ، إذ إن خلاصات كلامه شديدة الوضوح ولا تحتاج إلى مزيد من التعقيب أو الشرح. أي تقدير يستند إلى هذه القراءة من جانب القارئ العربي يقود بنسبة كبيرة إلى استبعاد أي عمل عسكري إسرائيلي على لبنان. لكن هل يثبت ذلك أن يكون بريك منخرطاً في عملية تضليل ممنهجة ومخطط لها بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أو مع نتنياهو؟
لا يمكن إثبات ذلك حتى كتابة هذه السطور، كما لا يمكن استبعاد احتمالات أخرى من قبيل وجود قراءة مغلوطة وغير دقيقة في مواقفه، أو إلى وجود قراءة منقوصة نتيجة عدم اطلاعه على ما يكفي من معلومات وأسرار، وربما يكون جزء من كلامه صحيحاً فيما تفتقر معطيات أخرى إلى الدقة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فنزويلا وكوبا تدينان عدوان "إسرائيل" على إيران: هجوم إجرامي يهدد المنطقة
فنزويلا وكوبا تدينان عدوان "إسرائيل" على إيران: هجوم إجرامي يهدد المنطقة

الميادين

timeمنذ 37 دقائق

  • الميادين

فنزويلا وكوبا تدينان عدوان "إسرائيل" على إيران: هجوم إجرامي يهدد المنطقة

أعرب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، اليوم السبت، عن رفض بلاده القاطع واستنكارها للعدوان الإسرائيلي على إيران، مؤكداً أنه "هجوم إجرامي على شعب إيران ينتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويهدد الشرق الأوسط بتصعيد خطير قد لا تُعرف عواقبه". وفي بيان، قال مادورو: "باريس وبرلين ولندن وواشنطن مستمرون بدعم هتلر القرن الـ21 نتنياهو". "اليوم، تسخّر الولايات المتحدة كل قدراتها العسكرية لمساعدة "إسرائيل" في التصدي للصواريخ الإيرانية، لكن ما تعرّض له الكيان الصيهوني في الساعات الماضية يُعدّ من بين أكثر الهجمات تدميراً"تفاصيل أكثر مع مراسل #الميادين، محمد كريم #الوعد_الصادق_٣ #الميادين #إيران "نحن نقول لا للحرب ونعلن تضامننا المطلق مع شعوبِ إيران وفلسطين واليمن وسوريا ولبنان، ومع جميع الشعوب الإسلامية والعربية". وأكّد مادورو أنّ "الصراع مع إسرائيل ليس دينياً بل جيوسياسياً"، موضحاً أنها "دولة أُنشئت لغزو الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والاستيلاء على ثرواتها، واستعمار شعوبها"، مشيراً إلى أنّ المشروع الصهيوني يمتد "من نهر الأردن إلى الفرات". وختم قائلاً: "لا للحرب، لا للفاشية، لا للصهيونية النازية الجديدة". اليوم 03:56 اليوم 02:06 من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الكوبية بياناً شديد اللهجة تحت عنوان: "نحمل الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل مسؤولية العواقب التي ستترتب على حرب غير مبررة ضد إيران". وجاء في البيان: "تدين كوبا بشدة الهجمات التي شنتها إسرائيل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تشكل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، خاصة مبدأي السيادة وعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد سلامة أراضي أي دولة". فيديو يُظهر العدوان الإسرائيلي المتجدّد على العاصمة الإيرانية #طهران.#إيران #الميادين أنّ "السياسة العدوانية للاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن تستمر لولا الدعم العسكري والمالي والسياسي الذي توفره حكومة الولايات المتحدة، ما يزيد من تهديد الاستقرار الإقليمي والدولي". وأكدت كوبا تضامنها الكامل مع إيران شعباً وحكومة، محذرةً من تصعيد إضافي قد يؤدي إلى انفجار أوسع في المنطقة. ودعت المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياتهما ووقف العدوان فوراً ومحاسبة "إسرائيل" على جرائمها. كما شددت على أنّ إنهاء الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين عنصر أساسي في استعادة السلام، مؤكدةً أنّ الحل الوحيد للصراع في "الشرق الأوسط" يمر عبر "إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ضمن حدود ما قبل 1967، وعاصمتها القدس الشرقية". ودانت عدة دول العدوان الإسرائيلي الذي استهدف إيران فجر الجمعة وما زال مستمراً، وأدى إلى ارتقاء عددٍ من القادة العسكريين وعلماء نوويين، ومدنيين.

الخارجية الإيرانية: لا يمكن لأحد أن يتصور أن الكيان الصهيوني ارتكب مثل هذه الجريمة دون إذن واشنطن وقد جرّ الأطراف الغربية للمأزق ونجح بالتأثير على المسار الدبلوماسي
الخارجية الإيرانية: لا يمكن لأحد أن يتصور أن الكيان الصهيوني ارتكب مثل هذه الجريمة دون إذن واشنطن وقد جرّ الأطراف الغربية للمأزق ونجح بالتأثير على المسار الدبلوماسي

LBCI

timeمنذ ساعة واحدة

  • LBCI

الخارجية الإيرانية: لا يمكن لأحد أن يتصور أن الكيان الصهيوني ارتكب مثل هذه الجريمة دون إذن واشنطن وقد جرّ الأطراف الغربية للمأزق ونجح بالتأثير على المسار الدبلوماسي

أ.ف.ب: تفعيل صفارات الإنذار في القدس أ.ف.ب: تفعيل صفارات الإنذار في القدس سي إن إن عن مسؤول إيرانيّ كبير: إيران ستكثف هجماتها على إسرائيل وستستهدف القواعد الإقليمية لأي دولة تحاول الدفاع عن إسرائيل

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store