logo
هل يُفقدنا الذكاء الاصطناعي قدرتنا على اتخاذ القرار؟

هل يُفقدنا الذكاء الاصطناعي قدرتنا على اتخاذ القرار؟

النهار٠١-٠٥-٢٠٢٥

منذ الإطلاق الواسع لأداة "تشات جي بي تي" في عام 2023، بدأت معظم المؤسسات بتجربة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليديّ بدرجات متفاوتة. وقد بيّنت دراسة حديثة صادرة عن كلية الإدارة الأوروبية (ESMT) في برلين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحسّن من كفاءة وفاعلية الأعمال، لكن المبالغة في الاعتماد عليه قد تضعف القدرات البشرية على اتخاذ القرار.
ديناميكيات تؤجج الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي
تشير الدراسة إلى أن بعض العوامل التنظيمية في داخل الشركات تؤدي إلى اعتماد مفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي في عملية اتخاذ القرار، خاصةً في بيئات العمل التي تشهد مستويات عالية من التفويض الإداري، إذ وجد الباحثون أن المديرين يعاقبون الموظفين، في أغلب الأحيان، إذا خالفوا توصيات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً عند اتخاذهم قرارات غير موفّقة.
هذا النمط من العقاب يدفع الموظفين إلى مواءمة قراراتهم بشكل مفرط مع توصيات الذكاء الاصطناعي، حتى لو كانوا يملكون معرفة ضمنية أو حُكمًا مهنيًا مخالفًا. ويؤدي هذا التوجه على المدى الطويل إلى نتائج دون المستوى المطلوب.
ويُشير الباحثون إلى أن المشكلة لا تكمن في القدرات التقنية للذكاء الاصطناعي بحد ذاتها، بل في الحوافز السلوكية والتنظيمية التي تُشكل طريقة استخدام هذه الأدوات في داخل المؤسسات.
كيف يمكن تحسين هذا الواقع؟
من أجل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من دون التضحية بالقدرات البشرية، تقترح الدراسة إعادة النظر في كيفية اتخاذ القرارات ومتابعتها في داخل المؤسسات. ويكمن الحلّ في تمكين المديرين من تقييم منطق القرارات التي تخالف توصيات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً عندما تكون هذه القرارات مدعومة بمعرفة ضمنيّة أو خبرة بشريّة تصعُب نمذجتها.
كذلك تدعو الدراسة إلى إصلاح نظم الحوافز في داخل المؤسسات، إذ يجب ألا يُعاقب الموظفون على استخدام حكمهم الشخصيّ بدلاً من الاعتماد الأعمى على الذكاء الاصطناعي، بل ينبغي أن تكون المكافآت مرتبطة بجودة القرار نفسه لا بنتيجته فقط.
ويحذّر الباحثون من أن الحوافز التي تكرّس الاتّباع الأعمى للذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤدي إلى اعتمادية مفرطة وتدهور جودة اتخاذ القرار.
العامل البشري والتدريب الإداري
تسلّط الدراسة الضوء على ضرورة تدريب المديرين لاكتشاف التحيّزات التي قد تجعلهم يفضّلون قرارات الآلة على قرارات البشر. في كثير من الأحيان، يكون تفضيل الذكاء الاصطناعي آلية غير واعية لتفادي المسؤولية أو اللوم. ولذلك، يجب أن يكون لدى المديرين وعي بحدود الذكاء الاصطناعي ومعرفة قيمة الحكم البشري في المواقف المعقدة أو الغامضة.
ولتحقيق ذلك، توصي الدراسة بوضع سياسات وإرشادات تنظيمية واضحة تساعد المديرين على معرفة متى وكيف يمكن تجاوز توصيات الذكاء الاصطناعي، مع وجود أطر قابلة للمراجعة، تضمن توازنًا بين المساءلة والثقة في الخبرة البشرية.
نحو شراكة فعّالة بين الإنسان والآلة
الغاية النهائية، بحسب الباحثين، هي بناء نظم وهياكل تنظيمية تُعزّز التكامل الفعّال بين الإنسان والآلة. يجب أن تُتاح للمختصّين فرص حقيقية لإدخال خبراتهم ومعلوماتهم الدقيقة في النظام، بل حتى لتعديل توصيات الذكاء الاصطناعي عندما تدعو الحاجة.
فالهدف من دمج الذكاء الاصطناعي في عمليات اتخاذ القرار يجب أن يكون تعزيز قدرات الموظفين وليس استبدالهم. أما السيناريو الأسوأ، فهو حين تتحول هذه الأدوات من وسائل دعم إلى قيود تُفقد الإنسان سلطته ودوره الفعّال.
تختم الدراسة بالتأكيد على أهمية عدم التركيز فقط على القدرات التقنية للذكاء الاصطناعي، بل النظر بعناية في العوامل السلوكية والتنظيمية التي تؤثر في استخدامه. فالإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضعف مهاراتنا البشرية، وقد يُقصي الخبراء في الفرق العاملة، إذا ما اعتمد المديرون عليه بشكل أعمى. ولذا، فإن إيجاد توازن حقيقي بين قدرات الإنسان والآلة بات ضرورة ملحّة في عصر الذكاء الاصطناعي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"غوغل" تعيد تعريف البحث: من الروابط إلى المحادثات الذكية
"غوغل" تعيد تعريف البحث: من الروابط إلى المحادثات الذكية

النهار

timeمنذ يوم واحد

  • النهار

"غوغل" تعيد تعريف البحث: من الروابط إلى المحادثات الذكية

تعيش محركات البحث مرحلة تحوّل جذري في ظل سباق تقني محموم تقوده شركات التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها "غوغل"، حيث لم يعد البحث عبر الإنترنت مجرد إدخال كلمات مفتاحية وانتظار قائمة من الروابط، بل بات يشهد ولادة جيل جديد من التفاعل الذكي القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي والمحادثات الطبيعية. في هذا السياق، أعلنت "غوغل" تفعيل ما أسمته "وضع الذكاء الاصطناعي" في محركها ومتصفح "كروم"، ما يسمح للمستخدمين بالحصول على إجابات مباشرة شبيهة بتجربة التفاعل مع روبوتات الدردشة مثل "تشات جي بي تي" من "أوبن إيه آي"، الخطوة تُعد جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة ابتكار البحث عبر الإنترنت ليصبح أكثر تفاعلية، وأكثر قدرة على فهم السياق والنوايا، وليس فقط تحليل الكلمات. هذا التحول يأتي في ظل تحديات حقيقية تواجهها "غوغل"، خاصة مع صعود منافسين مثل "أوبن إيه آي" و "أنثروبيك" ، الذين أصبحوا يهددون هيمنة الشركة على مجال البحث. وقد اضطرت "غوغل" إلى تسريع تطوير نموذجها اللغوي "جيمناي"، الذي تقول إنه تفوق على منافسيه في اختبارات البرمجة والأداء. لكن إدخال الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة يعيد طرح أسئلة حول نموذج الإعلانات التقليدي، الذي يشكل أكثر من نصف دخل غوغل. فالإجابات المباشرة قد تقلل من الحاجة للنقر على الروابط، ما يدفع الشركة للتفكير في كيفية دمج الإعلانات ضمن تجربة المحادثة دون أن تكون مزعجة للمستخدم. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 1.5 مليار مستخدم باتوا يتفاعلون مع "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي"، وهي ملخصات تظهر أعلى نتائج البحث وتقدم محتوى مباشراً من مصادر متعددة، ما يعكس تغيّراً فعلياً في طريقة استخدام محركات البحث. تشات جي بي تي في المقابل، تتبنى شركات مثل "أوبن إيه آي" نماذج أعمال قائمة على الاشتراكات، ما يمنحها مرونة أكبر في التوسع دون الاعتماد على الإعلانات. أما "غوغل"، فهي تواجه معضلة: كيف تحافظ على مكانتها السوقية ومواردها المالية في عالم لم يعد يبحث، بل يُحادث؟ بهذا المشهد المتغير، يتضح أن مستقبل البحث لم يعد يدور فقط حول من يملك أكبر قاعدة بيانات، بل من ينجح في فهم الإنسان بلغته وسياقه، وتقديم إجابات تشبه الحديث لا الاستعلام.

"غوغل" تغيّر قواعد اللعبة... وتنافس الذكاء الإصطناعي مجدداً!
"غوغل" تغيّر قواعد اللعبة... وتنافس الذكاء الإصطناعي مجدداً!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 4 أيام

  • القناة الثالثة والعشرون

"غوغل" تغيّر قواعد اللعبة... وتنافس الذكاء الإصطناعي مجدداً!

أعلن الرئيس التنفيذي لمجموعة غوغل سوندار بيتشاي أن الشركة تعتزم إطلاق وضع جديد لمحرك البحث التابع لها مزود بالذكاء الاصطناعي المعزز. ومن المتوقع أن يتمتع "AI Mode" ("وضع الذكاء الاصطناعي") الذي سيكون متاحا في البداية فقط في الولايات المتحدة، بميزات أقوى، من خلال توفير تقارير أو رسوم بيانية مفصلة لتوضيح البيانات عند الطلب باللغة اليومية. كذلك، توفر الأداة المرتقبة استجابات مخصصة بناء على ملف تعريف المستخدم وسجل نشاطه على الإنترنت واتصالاته، وما إذا كان قد أعطى حق الوصول إلى سجل البحث الخاص به أو صندوق الوارد في بريده الإلكتروني. وسيبدو محرك البحث أشبه بخدمة تشات جي بي تي المطورة من شركة أوبن إيه آي، والتي اكتسبت أخيرا وظائف جديدة لا سيما مع إضافة خاصية التسوق. وقالت ليز ريد، رئيسة قسم البحث في المجموعة التي تتخذ مقرا في ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا، خلال عرض تقديمي في مؤتمر Google I/O (غوغل آي أو) للمطورين "هذا مستقبل البحث على غوغل، إنها ميزة تتجاوز المعلومات إلى الذكاء". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

"مايكروسوفت" تعلن اعتماد أداة "غروك" للذكاء الاصطناعي
"مايكروسوفت" تعلن اعتماد أداة "غروك" للذكاء الاصطناعي

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 4 أيام

  • القناة الثالثة والعشرون

"مايكروسوفت" تعلن اعتماد أداة "غروك" للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة "مايكروسوفت" أنها ستضيف إلى "أزور"، وهي منصة حوسبة سحابية للمطورين، برنامج "غروك" القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، في أعقاب جدل جديد بشأن هذه الأداة التي ابتكرتها شركة مملوكة للملياردير إيلون ماسك. وأثار "غروك" جدلا خلال الأسبوع الفائت عندما ذكر عبارة "إبادة جماعية للبيض" في جنوب أفريقيا، وهو خطأ عزته شركة "اكس ايه آي" التي ابتكرت هذا النموذج وتمتلك أيضا منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي، إلى "تعديل غير مصرح به". وقال إيلون ماسك خلال مقابلة قصيرة مع الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" ساتيا ناديلا، بُثّت الاثنين خلال المؤتمر السنوي لشركة التكنولوجيا الكبرى "نسعى جاهدين من أجل الحقيقة". وأضاف "ستكون هناك أخطاء دائما، لكننا نسعى جاهدين للوصول إلى الحقيقة، وتقليل عدد الأخطاء مع مرور الوقت. وأعتقد أن ذلك مهم جدا لسلامة الذكاء الاصطناعي". ولن تشكل الإضافة المفاجئة لـ"غروك" إلى عدد كبير من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الأخرى المتوفرة على "أزور"، أخبارا سارة لشركة "أوبن إيه آي"، الشريك الرئيس لـ"مايكروسوفت" في هذه التكنولوجيا. أطلقت "أوبن إيه آي" موجة الذكاء الاصطناعي التوليدي مع أداتها "تشات جي بي تي" في أواخر العام 2022 وتظل نجمة القطاع، خصوصا بفضل استثمار "مايكروسوفت" بالمليارات فيها. هاجم إيلون ماسك باستمرار "أوبن إيه آي" في منصة "إكس" وفي القضاء، متهما إياها بأنها "انتهكت" عقدها التأسيسي الذي يشير إلى أنها شركة غير ربحية. وكان ماسك أحد مؤسسي هذه الشركة في العام 2015، لكنه استقال منها بعد ثلاث سنوات بسبب خلافات جوهرية. مهندسون قائمون على الذكاء الاصطناعي سجّل الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي" سام ألتمان مداخلة في مؤتمر "مايكروسوفت"، وتحدّث مباشرة مع ساتيا ناديلا لتسليط الضوء على أحدث الابتكارات. ستكون نماذج "غروك" مُتاحة على "أزور إيه آي فاوندري"، وهي منصة توفر مئات النماذج للمطورين المشتركين في الخدمة، بما في ذلك نماذج "ديب سيك" و"ميسترال" و"ميتا". وأكد ناديلا أهمية الخيارات المتعددة التي تقدمها "فاوندري". وقال "كمطورين، نحن مهتمون بأبعاد كثيرة: التكلفة، والصدقية، والوقت المستغرق، وكذلك الجودة"، مضيفا "أزور أوبن إيه آي هي الأفضل في فئتها؛ إذ تقدم ضمانات مثل الصدقية العالية وضوابط ممتازة للتكلفة". وتابع "يسعدنا اليوم أن نعلن أنّ غروك المُبتكر من شركة إكس إيه آي سيُضاف إلى أزور". وكشفت "مايكروسوفت" النقاب أيضا عن برنامج مساعد قائم على الذكاء الاصطناعي للمهندسين، قادر على الترميز عند الطلب ومتاح على "غيت هاب"، خدمة تطوير البرامج الخاصة بالشركة. تبرمج الأداة المساعدة الجديدة بشكل مستقل، وتخطر المستخدم عند الانتهاء، وتظهر كمبرمج بين آخرين داخل الفريق في المنصة. ليست البرامج المساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والقادرة على البرمجة بجديدة، لكنّ شركات التكنولوجيا العملاقة تَعِد منذ أشهر عدة بـ"مهندسين قائمين على الذكاء الاصطناعي" أكثر استقلالية وكفاءة. ويخشى عدد كبير من المراقبين والمنتقدين في سيليكون فالي من أن يؤدي ذلك إلى خسائر كبيرة في الوظائف. وقد شهدت "مايكروسوفت" حديثا موجة جديدة من عمليات الصرف. وأشار مصدر قريب من الملف إلى أن هذه الخطة الاجتماعية طالت "أقل من 3%" من القوى العاملة في المجموعة، أي نحو 6 آلاف شخص. "تعديل غير مصرح به" غالبا ما تتم برمجة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مسبقا بواسطة مهندسين لتقديم محتوى معيّن أو تجنّب آخر أو للاستجابة بنبرة معينة. تركز نبرة "غروك" على الفكاهة بشكل خاص. واعتبر المستخدمون أن أحدث نموذج من شركة "أوب إيه آي" متملق جدا، وأعلنت الشركة سريعا أنها ستجري تغييرات لتصحيح هذا الأمر. وبحسب لقطات شاشة، أشار "غروك" خلال الأسبوع الفائت إلى "إبادة جماعية للبيض" في جنوب أفريقيا ردا على أسئلة ليست على صلة بهذا الموضوع، وهو ما يعكس الدعاية اليمينية المتطرفة بشأن القمع المزعوم للجنوب أفريقيين البيض. عندما سأله أحد المستخدمين عن سبب هوسه بالموضوع، أجاب روبوت المحادثة أن "منشئيه في إكس إيه آي أمروه بالتطرق إلى هذا الموضوع". وكان إيلون ماسك المولود في جنوب أفريقيا، قد اتهم سابقا قادة البلاد بـ"تشجيع الإبادة الجماعية للبيض في جنوب أفريقيا". وفي بيان لها، أشارت "إكس إيه آي" إلى "تعديل غير مصرح به" لـ"غروك" دفعه إلى إعطاء إجابات "تنتهك السياسات الداخلية والقيم الأساسية لشركة إكس إيه آي". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store