logo
التقارب المصري المغربي بين الإرث التاريخي والرهانات الجيوسياسية الجديدة

التقارب المصري المغربي بين الإرث التاريخي والرهانات الجيوسياسية الجديدة

هبة بريسمنذ 2 أيام

هبة بريس – عبد اللطيف بركة
شهدت العلاقات المصرية-المغربية مؤخرًا دفعة جديدة على خلفية زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى الرباط، وهو ما اعتبره مراقبون تحولًا استراتيجيًا في موقف القاهرة تجاه المغرب، خصوصًا في ما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، غير أن هذا التقارب لا يمكن فهمه دون العودة إلى تاريخ العلاقات بين البلدين، ومواقف مصر المتذبذبة من قضية الصحراء، فضلًا عن التوازنات التي تفرضها علاقاتها المتشابكة مع الجزائر
-مصر وقضية الصحراء ..موقف متذبذب
منذ فترة حكم ناصر حتى السيسي وخلال السبعينيات من القرن الماضي، لم تتخذ القاهرة موقفًا واضحًا من قضية الصحراء المغربية، بل اتسمت مواقفها بالحذر والحياد المعلن، أحيانًا لأسباب أيديولوجية، وأحيانًا بدافع براغماتي.
– في عهد جمال عبد الناصر
غلب على العلاقات بين القاهرة والرباط التوتر، حيث اتهم النظام المغربي ناصر بدعم الحركات الثورية والماركسية في المغرب العربي، بما في ذلك جبهة البوليساريو لاحقًا، دعم ناصر للحركات التحررية في الجزائر عزز من تحالفه مع الجزائر على حساب العلاقات مع الرباط.
– في عهد أنور السادات
بدأت العلاقات بالتحسن، خاصة بعد زيارته الشهيرة للمغرب في 1977، حين لعب الملك الحسن الثاني دور الوسيط بين مصر وعدد من الدول العربية بعد 'كامب ديفيد'. إلا أن موقف مصر من قضية الصحراء ظل غامضًا، لتجنب الدخول في نزاع مباشر بين الجزائر والمغرب
– في عهد حسني مبارك
اتسمت السياسة الخارجية المصرية بالحرص على التوازن، فبقيت القاهرة تدعو إلى الحل السلمي ضمن إطار الأمم المتحدة، دون الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء.
– في عهد عبد الفتاح السيسي
طرأ تحول تدريجي، خصوصًا في السنوات الأخيرة، ففي قمة الاتحاد الإفريقي وبيانات عدة، أصبحت القاهرة تميل ضمنيًا إلى دعم وحدة المغرب الترابية، لكن دون إعلان رسمي صريح.
زيارة سامح شكري الأخيرة حملت تأكيدًا مهمًا لهذا التحول، حين عبّر الوزير عن دعم مصر لـ'الحل الأممي في إطار الوحدة الترابية للمملكة المغربية'، وهو تعبير دبلوماسي مشفّر يبتعد عن دعم تقرير المصير.
– مصر والجزائر…تحالف استراتيجي محدود التأثير؟
منذ توليه الحكم، سعى السيسي إلى تعزيز علاقات مصر بالجزائر، انطلاقًا من ملفات الأمن الإقليمي (خصوصًا في ليبيا)، والتعاون الطاقي، ومكافحة الإرهاب، وشهدت السنوات الماضية زيارات متبادلة كثيفة بين الطرفين، وصلت إلى حد التفاهمات العسكرية غير المعلنة في ملف ليبيا.
غير أن هذا التحالف لم يتحول إلى تبعية سياسية كاملة، بل تحاول القاهرة الحفاظ على هامش من الاستقلال في ملفات المغرب العربي، خصوصًا في ظل التنافس الإقليمي بين الرباط والجزائر.
– ما الورقة التي يريد السيسي استخدامها في تقاربه مع الرباط؟
– كسر النفوذ التركي والقطري في شمال إفريقيا:
التقارب مع المغرب يسمح لمصر بالحد من تمدد النفوذ التركي والإسلام السياسي في المنطقة، لا سيما في ظل علاقات المغرب السابقة مع حزب العدالة والتنمية، رغم تراجعه.
– موازنة العلاقات مع الجزائر عبر التقارب مع الرباط
تسعى القاهرة لتحقيق توازن إقليمي، ما يمكن أن يمنحها موقع الوسيط المحتمل في حال تصاعدت التوترات الجزائرية-المغربية.
دعم ملف الصحراء مقابل دعم مغربي للموقف المصري في الملفات الإقليمية، خاصة في القضايا الأفريقية، كملف سد النهضة، حيث يمكن للمغرب، بحكم وزنه الأفريقي، أن يكون داعمًا للقاهرة.
فتح أسواق مغربية أمام الاقتصاد المصري: في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، تبحث القاهرة عن أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وقد يشكل المغرب منصة للتصدير نحو غرب إفريقيا أيضًا.
وبهذا يكون التقارب المصري-المغربي ليس مجرد زيارة دبلوماسية عابرة، بل يمثل مؤشرًا على تحولات جيوسياسية أوسع في المنطقة، تعكس رغبة القاهرة في إعادة التموضع في شمال إفريقيا. وإذا استمر هذا التقارب، فقد يتحول إلى شراكة استراتيجية، لكن نجاح ذلك رهين بقدرة الطرفين على تجاوز الإرث التاريخي المعقد، والرهانات الإقليمية المتشابكة، خاصة العلاقة مع الجزائر وقضية الصحراء.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اعتماد نظام التعليم الحضوري والتناوب والتعليم عن بعد بالمؤسسات الجامعية ذات الولوج المحدود
اعتماد نظام التعليم الحضوري والتناوب والتعليم عن بعد بالمؤسسات الجامعية ذات الولوج المحدود

بلبريس

timeمنذ 37 دقائق

  • بلبريس

اعتماد نظام التعليم الحضوري والتناوب والتعليم عن بعد بالمؤسسات الجامعية ذات الولوج المحدود

صادق مجلس الحكومة ليوم الامس الخميس 12 يونيو جلسة برئاسة عزيز أخنوش، على مشروع المرسوم رقم 2.25.456 الخاص بالتعليم في المؤسسات الجامعية ذات الولوج المحدود. وينص المرسوم على تحديث طريقة تلقين التكوينات الجامعية، من خلال السماح بالاعتماد على ثلاثة أنماط للتعليم التعليم الحضوري والتعليم عن بعد والتعليم بالتناوب ، اذ يهدف هذا التعديل إلى تعزيز مرونة منظومة التعليم العالي وفق القواعد التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. كما يتضمن المرسوم اعتماد نظام الأرصدة القياسية لجميع أسلاك التكوين، بما يتماشى مع الممارسات المتبعة في المؤسسات ذات الولوج المفتوح، بالإضافة إلى إلزام إرفاق كل شهادة وطنية بملحق يبرز الأنشطة الموازية التي أنجزها الطالب وكفاياته اللغوية والرقمية. ويأتي هذا المشروع في إطار سعى الحكومة إلى توحيد نماذج الشهادات الوطنية، وتعزيز انسجام منظومة الشهادات في المغرب، فضلا عن تيسير الاعتراف الدولي بها ، ما يعكس حرص المغرب على تطوير منظومة التعليم العالى وتحسين جودتها وتيسير الولوج إليها.

هل تعترف الصين بمغربية الصحراء... رداً لجميل الحسن الثاني؟
هل تعترف الصين بمغربية الصحراء... رداً لجميل الحسن الثاني؟

هبة بريس

timeمنذ ساعة واحدة

  • هبة بريس

هل تعترف الصين بمغربية الصحراء... رداً لجميل الحسن الثاني؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة في مشهد دبلوماسي لافت، وبحضور شخصيات أكاديمية وسياسية رفيعة، شهدت العاصمة المغربية الرباط مؤخرًا تنظيم ندوة فكرية حملت عنوانًا عميق الدلالة: 'العلاقات المغربية-الصينية في ظل 25 سنة من الحكم'. الحدث، الذي حضره السفير الصيني لدى الرباط لي تشانغلين، تحول من مناسبة ثقافية إلى محطة سياسية ذات رسائل مشفّرة. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل تُمهد بكين الطريق نحو اعتراف واضح بمغربية الصحراء، وفاءً لموقف تاريخي مغربي دعم الصين في لحظة مفصلية من تاريخها؟. . ذاكرة سياسية لا تنسى السفير الصيني لم يتردد في استحضار مشهد يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين وقف الملك الراحل الحسن الثاني مدافعًا عن حق الصين في استعادة مقعدها داخل منظمة الأمم المتحدة، لم تكن تلك الخطوة مجرد تعبير سياسي عابر من ملك حكيم ، بل كانت وفق السفير، تعبيرًا عن رؤية استراتيجية مغربية استبقت تحولات العالم. واليوم، بعد أكثر من نصف قرن، يبدو أن الصين لم تنسى هذا الموقف النبيل. بل إنها، وفق ما تم تداوله في الندوة، تحتفظ به في ذاكرتها الدبلوماسية وتستحضره كجزء من الرصيد الرمزي للعلاقات الثنائية. – الصحراء على طاولة بكين ما لفت انتباه المتابعين، هو تأكيد السفير الصيني بالرباط ' لي تشانغلين ' أن قضية الصحراء المغربية باتت تحظى باهتمام متزايد داخل أروقة القرار الصيني، ليس فقط عبر الترجمات والتحليلات، بل من خلال رفع توصيات رسمية من سفارة الصين في الرباط إلى بكين، هذا التطور، وفق محللين، لا يمكن أن يُقرأ بمعزل عن إرهاصات موقف صيني جديد قد يتبلور في القادم من الأشهر. في الوقت نفسه، قامت السفارة الصينية بنشر تغريدات رمزية بمناسبة 'اليوم الدولي للحوار بين الحضارات'، اقتبست خلالها نصوصًا من الدستور المغربي، مبرزة مكونات الهوية الوطنية، بما فيها المكون الصحراوي الحساني، في خطوة رآها كثيرون بمثابة تلميح دبلوماسي محسوب نحو تبني رؤية المغرب في وحدته الترابية. – شراكة لا تقتصر على الاقتصاد العلاقات بين البلدين تجاوزت في السنوات الأخيرة الأبعاد التجارية والاقتصادية. فالصين اليوم تُعد شريكًا استراتيجيًا في مشاريع بنية تحتية، وتحول رقمي، وتعاون ثقافي عميق، وهو ما أكده كذلك الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الأفريقي-الصيني، حين دعا الصين إلى التموقع كفاعل دولي مناصر للوحدة الترابية المغربية، انسجامًا مع شراكتها العميقة مع المملكة، وحرصها على توازنات دولية أكثر عدلاً. – من الوفاء الدبلوماسي إلى التحول السياسي في ضوء هذه التطورات، يبرز السؤال الجوهري: هل تتجه الصين فعلًا نحو الاعتراف الكامل بمغربية الصحراء، كردّ جميل لموقف الملك الراحل الحسن الثاني؟ أم أن بكين ستواصل تموضعها الحذر بين دعم غير مباشر واحترام للشرعية الدولية بصيغتها التقليدية؟ الجواب لا يبدو بعيدًا، خاصة في ظل عالم يتغير، وتحالفات يعاد رسمها وفق منطق المصالح بعين استراتيجية لا تغفل التاريخ بين البلدين الصديقين . تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X

هل تعترف الصين بمغربية الصحراء… رداً لجميل الحسن الثاني؟
هل تعترف الصين بمغربية الصحراء… رداً لجميل الحسن الثاني؟

هبة بريس

timeمنذ ساعة واحدة

  • هبة بريس

هل تعترف الصين بمغربية الصحراء… رداً لجميل الحسن الثاني؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة في مشهد دبلوماسي لافت، وبحضور شخصيات أكاديمية وسياسية رفيعة، شهدت العاصمة المغربية الرباط مؤخرًا تنظيم ندوة فكرية حملت عنوانًا عميق الدلالة: 'العلاقات المغربية-الصينية في ظل 25 سنة من الحكم'. الحدث، الذي حضره السفير الصيني لدى الرباط لي تشانغلين، تحول من مناسبة ثقافية إلى محطة سياسية ذات رسائل مشفّرة. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل تُمهد بكين الطريق نحو اعتراف واضح بمغربية الصحراء، وفاءً لموقف تاريخي مغربي دعم الصين في لحظة مفصلية من تاريخها؟. . ذاكرة سياسية لا تنسى السفير الصيني لم يتردد في استحضار مشهد يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين وقف الملك الراحل الحسن الثاني مدافعًا عن حق الصين في استعادة مقعدها داخل منظمة الأمم المتحدة، لم تكن تلك الخطوة مجرد تعبير سياسي عابر من ملك حكيم ، بل كانت وفق السفير، تعبيرًا عن رؤية استراتيجية مغربية استبقت تحولات العالم. واليوم، بعد أكثر من نصف قرن، يبدو أن الصين لم تنسى هذا الموقف النبيل. بل إنها، وفق ما تم تداوله في الندوة، تحتفظ به في ذاكرتها الدبلوماسية وتستحضره كجزء من الرصيد الرمزي للعلاقات الثنائية. – الصحراء على طاولة بكين ما لفت انتباه المتابعين، هو تأكيد السفير الصيني بالرباط ' لي تشانغلين ' أن قضية الصحراء المغربية باتت تحظى باهتمام متزايد داخل أروقة القرار الصيني، ليس فقط عبر الترجمات والتحليلات، بل من خلال رفع توصيات رسمية من سفارة الصين في الرباط إلى بكين، هذا التطور، وفق محللين، لا يمكن أن يُقرأ بمعزل عن إرهاصات موقف صيني جديد قد يتبلور في القادم من الأشهر. في الوقت نفسه، قامت السفارة الصينية بنشر تغريدات رمزية بمناسبة 'اليوم الدولي للحوار بين الحضارات'، اقتبست خلالها نصوصًا من الدستور المغربي، مبرزة مكونات الهوية الوطنية، بما فيها المكون الصحراوي الحساني، في خطوة رآها كثيرون بمثابة تلميح دبلوماسي محسوب نحو تبني رؤية المغرب في وحدته الترابية. – شراكة لا تقتصر على الاقتصاد العلاقات بين البلدين تجاوزت في السنوات الأخيرة الأبعاد التجارية والاقتصادية. فالصين اليوم تُعد شريكًا استراتيجيًا في مشاريع بنية تحتية، وتحول رقمي، وتعاون ثقافي عميق، وهو ما أكده كذلك الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الأفريقي-الصيني، حين دعا الصين إلى التموقع كفاعل دولي مناصر للوحدة الترابية المغربية، انسجامًا مع شراكتها العميقة مع المملكة، وحرصها على توازنات دولية أكثر عدلاً. – من الوفاء الدبلوماسي إلى التحول السياسي في ضوء هذه التطورات، يبرز السؤال الجوهري: هل تتجه الصين فعلًا نحو الاعتراف الكامل بمغربية الصحراء، كردّ جميل لموقف الملك الراحل الحسن الثاني؟ أم أن بكين ستواصل تموضعها الحذر بين دعم غير مباشر واحترام للشرعية الدولية بصيغتها التقليدية؟ الجواب لا يبدو بعيدًا، خاصة في ظل عالم يتغير، وتحالفات يعاد رسمها وفق منطق المصالح بعين استراتيجية لا تغفل التاريخ بين البلدين الصديقين .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store