
مادة شارحة: مقارنة ميزانيات دول حلف شمال الأطلسي
وقّع قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) اتفاقًا لزيادة الإنفاق الدفاعي مع اختتام القمة السنوية للحلف في لاهاي، بعد يومين من الاجتماعات يومي الثلاثاء والأربعاء.
وتصدّر جدول الأعمال هدفٌ جديدٌ كبيرٌ للإنفاق الدفاعي، طالب به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وينصّ على إنفاق أعضاء حلف شمال الأطلسي 5% من ناتجهم الاقتصادي على الدفاع والأمن الأساسيين.
ويمثل هدف الإنفاق الجديد، الذي من المقرر تحقيقه على مدى السنوات العشر المقبلة، قفزة بقيمة مئات المليارات من الدولارات سنويا مقارنة بالهدف الحالي البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
أي الدول تحقق الهدف الحالي البالغ 2%؟
في عام 2006، اتفق وزراء دفاع حلف الناتو على تخصيص 2% على الأقل من ناتجهم المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي. ومع ذلك، لم يلتزم بذلك سوى عدد قليل منها.
ولم توافق الدول الأعضاء على إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024 إلا بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، وذلك في قمة الناتو التي عُقدت في ويلز عام 2014.
حاليًا، حققت 23 دولة من أصل 32 دولة عضو هذا الهدف، حيث أنفق الحلف ككل 2.61% من ناتجه المحلي الإجمالي المُجمع على الدفاع العام الماضي.
وتتصدر بولندا دول حلف الناتو في الإنفاق الدفاعي، حيث تُخصص 4.1% من ناتجها المحلي الإجمالي، تليها إستونيا والولايات المتحدة بنسبة 3.4% لكل منهما، ولاتفيا بنسبة 3.2%، واليونان بنسبة 3.1%.
ومن الواضح أن دول الناتو المجاورة لروسيا، مثل إستونيا وليتوانيا، زادت إنفاقها الدفاعي بشكل ملحوظ -من أقل من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي قبل 10 سنوات فقط.
الدولة الوحيدة في الناتو التي انخفض إنفاقها الدفاعي، كنسبة مئوية من ناتجها المحلي الإجمالي، في عام 2024 عما كان عليه في عام 2014 هي الولايات المتحدة.
كيف سيُطبّق الهدف الجديد المتمثل في 5%؟
يُقاس الهدف الجديد المتمثل في 5% من الناتج المحلي الإجمالي على جزأين:
إعلان
3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي البحت، مثل القوات والأسلحة. 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للاستثمارات الدفاعية والأمنية الأوسع نطاقًا، مثل: تطوير البنية التحتية، بما فيها الطرق والجسور والموانئ والمطارات والمركبات العسكرية والأمن السيبراني وحماية أنابيب الطاقة.
تأتي هذه الزيادة في الإنفاق الدفاعي لحلف الناتو في ظلّ تهديدات مُتصوّرة من روسيا، عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
وصف مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو ورئيس الوزراء الهولندي السابق، روسيا بأنها "التهديد الأكثر أهمية ومباشرة" للحلف.
من المتوقع أن يحقق أعضاء الحلف هذا الهدف بحلول عام 2035، ولكن سيتم إعادة النظر في الهدف في عام 2029.
من أين ستأتي الأموال؟
سيتعين على أعضاء حلف الناتو أن يقرروا بأنفسهم مصادر الأموال الإضافية المخصصة للدفاع.
صرح روته بأنه "ليس من الصعب" على الأعضاء الموافقة على رفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي نظرًا للتهديد المتزايد من روسيا.
لكن الوزراء في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، لم يوضحوا بعد مصدر الأموال الإضافية التي سينفقونها على الدفاع. في غضون ذلك، يسمح الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء بزيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا لمدة أربع سنوات دون أي إجراءات تأديبية تُطبق بمجرد أن يتجاوز العجز الوطني 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
إضافة إلى ذلك، وافق وزراء الاتحاد الأوروبي على إنشاء صندوق أسلحة بقيمة 150 مليار يورو (174 مليار دولار) باستخدام قروض الاتحاد الأوروبي لتقديم قروض للدول لمشاريع دفاعية مشتركة.
وعندما سُئل الرئيس الأميركي دونالد ترامب عمّا إذا كان ينبغي على أعضاء الناتو الالتزام بالخمسة في المائة، قال للصحفيين يوم الجمعة: "أعتقد أنه ينبغي عليهم ذلك. لقد دعمنا الناتو فترة طويلة، وفي كثير من الحالات، أعتقد أننا ندفع ما يقرب من 100 في المائة من التكلفة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
شبكات كيف تفاعلت المنصات مع فقدان أوكرانيا مقاتلة جديدة من طراز "إف-16"
فقد الجيش الأوكراني، أمس الأحد، مقاتلة جديدة من طراز 'إف-16' التي تعتمد عليها منذ العام الماضي في التصدي للهجمات الروسية، وهو ما أثار تفاعلا على مواقع التواصل. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الصين لا تزال تعيق تصدير المزيد من المعادن النادرة
تمتد ضوابط التصدير الصينية إلى منتجات تتجاوز المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات التي حددتها بكين رسميًا، مما يهدد بتعطيل سلسلة التوريد على نطاق أوسع، ويقوض مزاعم الولايات المتحدة بأن اتفاقية تجارية جديدة قد حلّت مشكلة تأخير الشحنات، حسبما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. وكانت بكين، التي تُهيمن على الإمدادات العالمية من المعادن الأساسية، قد اشترطت في أبريل/نيسان الماضي تراخيص لتصدير 7 معادن أرضية نادرة ومواد مغناطيسية ذات صلة، ردًا على الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الواردات الصينية. وفي 10 يونيو/ حزيران، أعلنت الولايات المتحدة أنها اتفقت مع الصين على تسريع شحنات المعادن الأرضية النادرة، مُعيدةً بذلك هدنة تجارية مدتها 90 يومًا في حربهما الجمركية. تفتيش إضافي لكن وزارة التجارة الصينية ومسؤولي الجمارك بدأوا يطالبون بإجراء عمليات تفتيش إضافية واختبارات كيميائية وتحليلات من جهات خارجية للمنتجات غير المدرجة في قائمة الرقابة الأصلية، حسبما نقلت الصحيفة البريطانية عن شركات صينية ومسؤولين تنفيذيين غربيين في الصناعة. وقال أحد مندوبي المبيعات في شركة صينية لتصدير المغناطيس: "ما دامت تحتوي على كلمة حساسة واحدة [مثل كلمة مغناطيس]، فلن تُفرج عنها الجمارك – سيُستدعي ذلك إجراء تفتيش، وقد يستغرق الأمر شهرًا أو شهرين". وأضاف: "على سبيل المثال، تُحتجز كذلك قضبان التيتانيوم وأنابيب الزركونيوم.. المنتج الخاضع للرقابة فعليًا هو مسحوق التيتانيوم، ورغم أن قضباننا وأنابيبنا ليست مدرجة في قائمة الرقابة، إلا أنها لا تزال لا تخضع للتخليص الجمركي". وقال ممثل لشركة صينية ثانية إنها "تأثرت بشدة" كما أن شركات الخدمات اللوجستية "ترفض التعامل مع المغناطيس"، وتخدم الشركة عملاء في قطاعات مختلفة، بما في ذلك الفواصل المغناطيسية، والترشيح الصناعي، والملابس، والأغذية، والمكونات الإلكترونية. وقال: "حتى لو لم تشمل المنتجات على مواد خاضعة للرقابة.. فإنهم قلقون من أن تفتيش الجمارك للشحنة قد يؤثر على البضائع الأخرى في نفس الحاوية ويتسبب في تأخير الشحنة بأكملها". وتُعدّ ضوابط التصدير التي تفرضها بكين نقطة ضغط مهمة على شركائها التجاريين، وتُهيمن البلاد على معالجة المعادن الأرضية النادرة وتصنيع المغناطيسات التي تُستخدم فيها، تُستخدم المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات المرتبطة بها على نطاق واسع في الإلكترونيات والآلات الثقيلة وتطبيقات الدفاع مثل الطائرات المقاتلة. وردًا على القيود الأميركية على صادرات التكنولوجيا إلى الصين، وسّعت بكين خلال العامين الماضيين نطاق الضوابط على مواد استراتيجية أخرى ضرورية لتصنيع الرقائق، بما في ذلك الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والجرافيت والتنغستن. مزيد من التفاصيل وذكرت فاينانشيال تايمز في وقت سابق من هذا الشهر أن وزارة التجارة تطلب تفاصيل الإنتاج وقوائم سرية بالعملاء لتأمين المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات، ما أثار مخاوف بشأن احتمال إساءة استخدام البيانات وكشف الأسرار التجارية. وحسب العديد من المطلعين على الصناعة، تحسّنت عملية الموافقة على تراخيص مراقبة الصادرات بوزارة التجارة منذ تطبيقها لأول مرة في أبريل/ نيسان. وخلال الأسابيع الأخيرة، دأبت الشركات الأوروبية والجمعيات الصناعية ومسؤولو الاتحاد الأوروبي على تزويد الوزارة بقوائم "الطلبات الأكثر إلحاحًا"، وقد وافق الجانب الصيني على معظمها، لكن المجموعات الأوروبية قالت إنه في ظل الظروف المثالية، سيتم تغطية المزيد من الشركات والدول. ووفقًا لمسح أُجري بين الشركات الغربية في الصين في يونيو/حزيران، أفاد أكثر من 60% من المشاركين بأن طلبات التصدير الخاصة بهم لم تتم الموافقة عليها.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الناتو يتحصن خلف "جدار المسيّرات" في مواجهة روسيا
في عام 2023 أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يفرض إدراج مهارات تصميم الطائرات المسيّرة وكيفية استخدامها في المناهج الدراسية، في حين أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد ذلك بعام فقط عن مساعيه لتأسيس جدار من المسيّرات يمتد من النرويج إلى بولندا. وبغض النظر عن الأهداف العقائدية والعسكرية بعيدة المدى لقرار الكرملين، فإن تقدير الخبراء لخبايا المرسوم يشير إلى ترابط وثيق بين مجريات الحرب الدائرة في أوكرانيا وإستراتيجية موسكو نحو توسيع استخدامها الطائرات المسيرة التكتيكية في الحروب المقبلة، اعتمادا على جيل جديد يكون ملما بهذه التكنولوجيا. في المقابل، وعلى مستوى الناتو، تتحدث تقارير صحفية منذ نحو عام عن مشاورات بشأن التأسيس لجدار مراقبة مكون من طائرات بدون طيار، يمتد من النرويج إلى بولندا. وحسب ما نشرته صحيفة "نيوزويك" الأميركية سيكون هذا الجدار جاهزا لرصد أدنى توغل معادٍ، أو ما يُسمى بـ"أساليب الحروب غير التقليدية" في منطقة نفوذ الحلف، والردع والدفاع باستخدام أحدث التقنيات في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتكون مدعومة من شبكة مكونة من أجهزة الاستشعار. رادع إستراتيجي وتعد مثل هذه الخطة الطموحة، التي تقودها ألمانيا إلى جانب 6 دول من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إحدى أوسع عمليات نشر أنظمة المراقبة الذاتية ومكافحة الطائرات بدون طيار في التاريخ الحديث، ويصفها القادة بأنها رادع إستراتيجي واستجابة للتطور المتسارع للحرب الحديثة. ولفهم أكثر حول استخدامات "جدار الطائرات المسيرة"، فإنه سيكون وفق تحليل نيوزويك بمثابة شبكة دائمة للإنذار المبكر والاستطلاع على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو، خاصة في المناطق المعرضة للخطر على الحدود مع روسيا. وبخلاف أهميته الإستراتيجية، فإن الصحيفة الأميركية تنظر أيضا إلى هذا الجدار كجهد فعلي ورمزي لتعزيز دفاعات أوروبا، وفرض السيطرة الإقليمية على تقنيات المراقبة ومواجهة صراعات المنطقة الرمادية التي ميزت إستراتيجيات روسيا الأخيرة في أوكرانيا وأماكن أخرى. وفي تقديرها تعكس المبادرة في نهاية المطاف، تحولا متزايدا في إستراتيجية الدفاع الأوروبية نحو الاعتماد على الذات، في وقت يبدو فيه التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو أقل يقينا، لا سيما مع ضغوط الرئيس دونالد ترامب على الأعضاء الأوروبيين لزيادة إنفاقهم الدفاعي. أوكرانيا وخطط مستقبلية يأتي ذلك في وقت تتحول فيه أوروبا إلى ورشة تصنيع مكثف لـ"الطائرات المسيرة"، فأوكرانيا تحولت خلال سنوات قليلة إلى أكبر الدول المصنعة للطائرات المسيرة، بطاقة إنتاج تصل إلى 4.5 ملايين طائرة مسيرة في 2025 ومع خطط مستقبلية لتصنيع 10 ملايين طائرة مسيرة سنويا، وفق وزارة الدفاع الأوكرانية. ويلخص فياتشيسلاف، أحد أعضاء مجموعة "فيلد هورنست" المطورة للطائرات المسيرة الأوكرانية، هذا التحول في تكتيكات الحروب، عندما دعا إلى إعادة النظر في أدوار الأسلحة التقليدية بما في ذلك الدبابات -على سبيل المثال- التي يمكن نسفها على الأرض بمسيّرات منخفضة التكلفة. وحتى الآن تعكس الحرب الروسية في أوكرانيا وحتى النزاع بين إسرائيل وإيران، تلك التقديرات بقوة على أرض الواقع، حيث أعادت تعريف دور "الدرون" كأسلحة العصر الأولى في الحروب، كما فتحت الباب على مصرعية نحو التصنيع المكثف لهذ التقنية الفعالة وعالية الدقة في الاستخدامات الهجومية والدفاعية معا. قبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في 2022 كانت هناك أرقام ذات دلالات عن حرب ناغورنو كارباخ التي تعد من بين أكثر الحروب استخداما للطائرات المسيرة، التي كانت سببا في تدمير 45% من إجمالي عدد المدرعات والمركبات وقطع المدفعية وبطاريات الدفاع الجوي. لكن ما حصل في عملية "شبكة العنكبوت" مطلع يونيو/حزيران 2025، قد يدفع مستقبلا إلى مراجعات أوسع نطاقا لأسلحة الحروب التقليدية، بعد أن نجحت 117 طائرة مسيرة مشاركة في العملية بضرب 4 مطارات وقواعد جوية في عمق روسيا، وإلحاق أضرار مدمرة بـ41 طائرة عسكرية روسية وهي رابضة بالمدارج، حسب هيئة الأركان الأوكرانية. ويرى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "إيفري" أن استخدام الطائرات المسيرة في أوكرانيا، بذلك الحجم من الأساطيل المشاركة وانتشارها الواسع في عمليات كلا الطرفين المتحاربين، يهيئ الظروف لـ"ثورة عسكرية" حقيقية. وتشير إحصائيات المنصة الأميركية "بيانات ومواقع وأحداث النزاعات المسلحة" إلى بعض ملامح هذه الثورة، مع امتلاك 48 جيشا في العالم مسيرات حربية في عام 2024، مقابل 4 جيوش فقط قبل عام 2014. وفي عام 2023 مثلا تم استخدام الطائرات المسيرة في 34 نزاعا عسكريا، ما يعكس سباقا دوليا متسارعا لامتلاك هذا السلاح. ولأهمية هذا الاستخدام المتزايد، يعتقد المعهد الفرنسي في ورقة تحليلية له أنه لا يمكن اختزال الطائرات المسيّرة كمجرد ابتكار تقني أو كمجموعة أجهزة ذات خصوصية محددة، بل إنها في تقديره تعادل التحول إلى استخدام المحركات والآليات في القرن الماضي. كما أنها تجسّد -حسب تحليله- إحدى مظاهر "الحرب التشاركية" داخل "قتال متعدد النيران والجبهات". تصنيع روسي مكثف ومن أجل اللحاق بالركب تحولت روسيا -التي دفعت في حربها مع أوكرانيا بطائرات درون إيرانية الصنع "شاهد" وفق ما أثبتته تقارير ميدانية- إلى تصنيع مكثف لطائراتها المسيّرة الخاصة، معتمدة على اقتصاد الحرب، في مسعى للحد من التفوق الأوكراني في هذا المجال. وأفاد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" في أغسطس/آب 2023، استنادا إلى وثائق مسربة، بأن هدف روسيا هو إنتاج 6 آلاف طائرة مسيرة عام 2025 داخل حدودها وفي مصانعها الخاصة، في صفقة مع إيران قد تكلّف موسكو نحو مليار دولار. وعلى الرغم من أن أوكرانيا لا تملك القدرات الإنتاجية ذاتها مقارنة بروسيا، لكن يمكنها التعويل على الابتكار وتطوير نماذجها الخاصة، التي أثبتت فعاليتها في عملية "شبكة العنكبوت"، كما يمكنها الاستفادة من الأسراب التي أطلقتها موسكو على أراضيها وإعادة استخدامها أو تدويرها. وحتى الآن تميل كفة الفعالية إلى أوكرانيا، حيث تشير التقارير العسكرية إلى أن طائرات الدرون الأوكرانية كانت مسؤولة عن 70% من عمليات التدمير التي لحقت الأهداف والمنشآت الروسية. وعلاوة على ذلك، فإن كييف تنتظر في المستقبل القريب دعما قويا من شركات التصنيع الفرنسية، وهو ما أعلن عنه مؤخرا وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو، حيث تخطط باريس لتصنيع طائرات بدون طيار على الأراضي الأوكرانية. شراكة رابح رابح حددت فرنسا شراكة مع أوكرانيا تقوم على قاعدة "رابح-رابح" عبر مشروع تصنيع طائرات من دون طيار على الأراضي الأوكرانية، حيث ستتولى شركة صناعة السيارات الفرنسية العملاقة "رينو" إطلاق هذا المشروع بالتعاون مع شركة تصنيع عسكري فرنسية. وحسب محطة "فرانس إنفو"، فإنه من المتوقع أن تنطلق الشركتان قريبا في تجهيز خطوط الإنتاج على بعد عشرات أو مئات الكيلومترات من الجبهة، وهو ما يفترض أن يمنح دفعة قوية وهامشا أوسع لرد الفعل والمبادرة لدى الجيش الأوكراني في نزاعه مع روسيا، كما سيتيح لفرنسا تدارك النقص في هذا القطاع. ووفقا لجان بول بيروش، الجنرال المتقاعد والمدير العام السابق لهيئة الأركان العسكرية للاتحاد الأوروبي، فإن فرنسا لم تكن حتى الآن مستعدة بشكل كافٍ لهذا التحول في أساليب الحرب، مقارنة بالولايات المتحدة والصين، على الرغم من أن الطائرات المسيّرة كانت قيد المناقشة منذ ثمانينيات القرن الماضي. وفي حديثه مع محطة "إل سي إي" الفرنسية اعترف بوجود تأخر كبير في تطوير هذه الطائرات، وهو ما ذهب إليه أيضا وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، الذي أقر بوجود نقص كبير في إمدادات الطائرات المسيرة إلى الجيش الفرنسي. فرنسا تلحق بالركب ويمتلك الجيش الفرنسي قرابة 3000 طائرة مسيرة، وهو الهدف الذي حددته وزارة الدفاع لبلوغه في 2025، بعد أن كان في حدود ألفي طائرة في الربع الأول من عام 2024، وهو رقم لا يمكن مقارنته مع ترسانة أوكرانيا التي تعد أكثر من 4.5 ملايين طائرة مسيرة في 2025. لكن على الرغم من أن أوكرانيا تحرز تقدما ملحوظا نحو الاكتفاء الذاتي في تصنيع الطائرات المسيرة، فإن الاعتماد على المكونات الأجنبية في التصنيع مثل المحركات وأجهزة التحكم في الطيران يشكّل تحديا مستمرا في تأمين كامل مراحل التصنيع محليا. وتقوم فكرة التعاون الآن -كما لخصها الوزير الفرنسي- على التزويد المستمر والمكثف لأوكرانيا بالدرون، وفي الوقت نفسه تخصيص جزء من التصنيع الموجه للجيش الفرنسي، إلى جانب الاستفادة المباشرة من التدريب التكتيكي والاستخدام العملياتي للطائرات من دون طيار على أرض المعركة مع روسيا. أما بخصوص جهات التصنيع، فإن الخيار الفرنسي هو أن يكون بشكل كامل بأيادي أوكرانية، والهدف من ذلك هو الاستفادة القصوى من خبرات الأوكرانيين المتقدمة في التصميم وفي "تطوير العقيدة ذات الصلة". تأتي هذه الخطوة وفق تقارير أوروبية، في أعقاب مناقشات جرت في الخامس من يونيو/حزيران ببروكسل بين وزيري الدفاع الأوكراني والفرنسي بشأن التصنيع المشترك للأسلحة، لتلبية احتياجات الدفاع الأوكرانية، وأيضا عقب الاجتماع الثامن والعشرين في "رامشتاين" بألمانيا مقر حلف شمال الأطلسي، بين أوكرانيا والدول الشريكة من أجل الاتفاق على آلية لإنتاج الأسلحة. لا تعد الشراكة الفرنسية الأوكرانية الأولى من نوعها داخل أوروبا، فقد أسست فنلندا أيضا منشأة لتصنيع الطائرات المسيرة بالتعاون مع شركاء أوكرانيين لإنتاج طائرات مسيرة موجهة لأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، وقد وضعت خططا لبدء الإنتاج المكثف العام الجاري 2025. كما أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية عبر موقعها على الإنترنت توقيع عقود مع هولندا بقيمة إجمالية تفوق 675 مليون يورو، من أجل إنتاج 600 ألف طائرة مسيرة للقوات المسلحة الأوكرانية، في إطار مبادرة "خط الطائرات المسيرة"، ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم العام الجاري 2025. وحسب معلومات الوزارة، تعد هذه العقود جزءا من حزمة مساعدات هولندية تشمل كذلك تسليم 100 نظام رادار إضافي لكشف الطائرات المسيرة، ومعدات لإجلاء الجرحى. من جهتها، كشفت الحكومة البريطانية عبر موقعها عن استثمارات قياسية بقيمة 350 مليون جنيه إسترليني (حوالي 480 مليون دولار أميركي) هذا العام لزيادة إمدادات الطائرات المسيرة إلى أوكرانيا، من هدفها البالغ 10 آلاف طائرة في عام 2024 إلى 100 ألف طائرة في عام 2025. كما خصصت حكومة النرويج قرابة 644 مليون دولار أميركي لتمويل إنتاج طائرات من دون طيار من مصنعين أوكرانيين وأوروبيين، حسب ما ورد في بيان لها نشرته على موقعها الرسمي. وتهدف هذه الخطوة -كما صرح بذلك رئيس الوزراء يوناس غار ستوره- إلى تعزيز قدرات أوكرانيا في حماية البنية التحتية الحيوية واستخدام الطائرات بدون طيار في الخطوط الأمامية، وفي عمليات المراقبة وباقي العمليات اللازمة. بالعودة إلى حجم التصنيع الدولي للطائرات المسيرة، تكشف بيانات نشرتها صحيفة "لوموند" عن رقم معاملات في حدود 4.3 مليارات دولار لسوق الطائرات المسيرة في العالم عام 2024، مقابل توقعات بأن يرتفع الرقم إلى 5.2 مليارات دولار في العام 2025، وإلى قرابة 14 مليون دولار في عام 2033. وتتصدر الصين دول العالم من حيث حجم الصادرات من الطائرات المسيرة في عام 2023 بقيمة 1.830 مليار دولار، متقدمة على هونغ كونغ التي تأتي في المركز الثاني بمبيعات تعادل 408 ملايين دولار، ثم تركيا بـ231 مليون دولار، وبعدها الولايات المتحدة الأميركية رابعة بـ212 مليون دولار. أما بالنسبة للدول الموردة للطائرات المسيرة فتأتي أوكرانيا في المرتبة الأولى بواردات قيمتها 464 مليون دولار في عام 2023، في حين تحل الولايات المتحدة في المركز الثاني بـ423 مليون دولار، ثم هولندا ثالثة بـ223 مليون دولار، وبعدها ألمانيا رابعة بـ211 مليون دولار. وعلى العموم، توفر هذه الطائرات قدرات جوية متقدمة متاحة لجميع الدول بما في ذلك الفقيرة، في وقت كانت فيه تلك القدرات في السابق حكرا على القوى العسكرية الكبرى. واليوم وبسعر قد لا يتجاوز 130 دولارا يمكن شراء طائرة مسيرة صينية الصنع مستوحاة من طائرة "بلاك هورنت" الأميركية مع نفس الأداء والفاعلية، لتصبح بذلك هذه التقنية "سلاحا للفقراء" بامتياز.