
دراسة: إزالة الغابات تحوّل الفيضانات إلى كوارث
وأكدت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية أن إزالة الغابات لا ترفع فقط معدلات الفيضانات، بل تُغير سلوكها بالكامل، بحيث تصبح الأحداث النادرة متكررة وتبلغ ذروتها بشكل غير متوقع.
ودرس الباحثون حوضين متجاورين في ولاية كارولاينا الشمالية. كلاهما قُطع أشجاره بالكامل في خمسينيات القرن الماضي، لكن استجابتهما كانت مختلفة تماما.
فقد احتفظ أحدهما، وكان مواجها للشمال، بالرطوبة وتعرض لأشعة الشمس بدرجة أقل، أما الآخر فكان مواجها للجنوب فجف بسرعة أكبر.
وقال المؤلف الرئيسي الدكتور يونس عليلة، عالم المياه في كلية الغابات بجامعة كولومبيا البريطانية "إن هذه الدراسة تتحدى هذا البحث التفكير التقليدي حول تأثير إدارة الغابات على الفيضانات".
وأضاف عليلة "نأمل أن يأخذ قطاع الصناعة وصناع السياسات بعين الاعتبار النتائج، التي تُظهر أن المسألة لا تتعلق فقط بكمية الغابات المزالة، بل أيضا بمكان وكيفية إزالتها والظروف المحيطة بذلك".
من جهته، قال هنري فام، المؤلف الأول للدراسة: "وجدنا أن عوامل المناظر الطبيعية التي تبدو بسيطة -مثل اتجاه المنحدر- يمكن أن تحدد نجاح أو فشل استجابة مستجمعات (أحواض) المياه".
وحسب الدراسة زادت وتيرة الفيضانات في الحوض الشمالي (موضوع الدراسة) بين 4 أضعاف و18 ضعفا، وتجاوز حجم بعض الفيضانات الضعف. وفي المقابل، لم يُلاحظ أي تغيير يُذكر في الحوض الجنوبي. وأكد الباحثون أن المعالجة نفسها أسفرت عن نتائج مختلفة جذريا، مما يبرز دور التوجه والمناخ المحلي في مرونة أحواض المياه.
وكانت النماذج التقليدية تقدّر جريان المياه بمعادلة بسيطة، قطع نسبة معينة من الأشجار ينتج عنه زيادة متوقعة في المياه بنسبة معينة، لكن فريق البحث تحدى هذا التفكير، باستخدام إطار احتمالي يستند إلى بيانات جُمعت على مدى 70 عاما من مختبر كويتا الهيدرولوجي.
وكشفت النماذج أن إزالة الغابات لا ترفع فقط معدلات الفيضانات، بل تُغير سلوكها بالكامل، بحيث تصبح الأحداث النادرة متكررة وتبلغ ذروتها بشكل غير متوقع. ورغم أن تدفقات المياه تحدث بشكل طبيعي، فإن حجمها وتواترها يمكن أن يتغيرا نتيجةً لاستخدام الأراضي (الغابات) وإدارتها، أو تغير المناخ.
وتتبّع الفريق سلوك الفيضانات لعقود بعد إزالة الغابات، وكشف أن التغيرات في الحوض الشمالي -موضوع الدراسة- بقيت حادة لسنوات طويلة. ولم يكن الأمر مجرد صدمة عابرة، بل تحولا عميقا وطويل الأمد في الاستجابة الهيدرولوجية، حتى بعد مرور 40 عاما على قطع الأشجار، ظلت الفيضانات أكثر شدة وأطول مدة.
ويرى العلماء أن السبب يعود إلى تغيّر دائم في طريقة احتفاظ التربة بالمياه، وتبخر الماء عبر النباتات، ومدى تشبع الأرض بعد المطر.
وأشار الدكتور عليلة إلى أن النتائج يمكن أن تنطبق على كوارث الفيضانات الحالية والمستقبلية. فكولومبيا البريطانية مثلا تضم أراضي مشابهة، بما في ذلك المناطق التي اجتاحتها الفيضانات في عدة دول أوروبية عام 2021.
وخلص الباحثون إلى أن الفيضانات الكبيرة التي ضربت أيضا تكساس بالولايات المتحدة الأميركية بين عامي 2015 و2023 اشتدت بفعل تغييرات الأرض والأمطار الغزيرة الناتجة عن تغير المناخ، وربما ساهم قطع الغابات منذ زمن بعيد في تفاقم الأضرار.
وأكدت الدراسة على ضرورة إعادة النظر في سياسة الغابات التي لا تعد مجرد خزانات للمياه، بل أنظمة هي معقدة تتشكل وفق أنماط المنحدرات والتربة والتعرض للأمطار.
تؤكد النتائج أن فهم ديناميكيات هذه الأنظمة أصبح أكثر أهمية مع تغير المناخ، ومن خلال التعامل مع أحواض المياه كنظم حية ذات خصائص فريدة، يمكن لصانعي السياسات اتخاذ قرارات أكثر ذكاء وأكثر مراعاة للعواقب طويلة الأمد المرتبطة بتغير المناخ.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنتج نكاتا مضحكة؟
توسعت في السنوات الماضية استخدامات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير ليقتحم العديد من المجالات، بدءا بالمجالات العلمية مثل البرمجة وغيرها من علوم الهندسة المختلفة، وحتى العلوم الإنسانية مثل كتابة القصص والنصوص بشكل عام. وبحكم عمله في الكوميديا مع كبار مقدمي البرامج مثل ديفد ليترمان وجاي لينو وتقديمه للعديد من الدورات في كتابة الكوميديا، تساءل الكاتب الكوميدي البارز جو توبلين عن قدرات الذكاء الاصطناعي في كتابة الكوميديا والنكات. وجاءت نتيجة هذا التساؤل على شكل أداة ذكاء اصطناعي ساخرة تُدعى "ويت سكريبت" (Witscript)، وهي تتوفر على شكل تطبيق ويب يمكن استخدامه مقابل اشتراك شهري زهيد، ويعمل على توليد نكات وتعليقات فكاهية من خلال عناوين الأخبار أو النصوص والصور التي يزود بها. كما استطاع توبلين اختبار قدرات الأداة عبر الدخول في منافسة فكاهية استمرت ثلاثة أيام لإنتاج مجموعة من النكات المختلفة ثم قياس جودتها وتفاعل الجمهور معها. قياس قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد الكوميديا وتضمنت المنافسة التي دخلها توبلين مع أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة به توليد مجموعة من النكات عن ثمانية مواضيع إخبارية دائمة، ثم عرضها على جمهور حي في لوس أنجلوس وقياس رد فعلهم على هذه النكات دون معرفة مؤلفها. وتعاون توبلين مع عالم الأعصاب والكوميديا أوري أمير لقياس رد فعل الجهور على هذه النكات، ووجد الاختبار أن أثر نكات الذكاء الاصطناعي ونكات البشر متقارب للغاية في التأثير والضحك، بحسب ما ورد في تقرير مجلة "سميثسونيان". وفي تجربة أخرى، وجد الباحث في علم النفس الاجتماعي درو غورينز من جامعة جنوب كاليفورنيا وزملاؤه أن نموذج " شات جي بي تي 3.5″ قادر على توليد النصوص بالأسلوب الساخر المميز لمجلة "ذا أونيون" (The Onion)، وذلك بعد تزويده بأكثر من 50 عنوانا من المجلة. وتطرح هذه التجارب تساؤلا حقيقيا عن قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم حس الدعابة البشرية وإمكانية تقليدها باستخدام نماذج اللغة العميقة، خاصة وأن جزءا كبيرا من حس الدعابة يرتبط بالوعي المجتمعي والسياق الذي تظهر فيه النكات. ويرى الباحث تريستان ميلر أن تعلم نماذج الذكاء الاصطناعي إنتاج الفكاهة جزء ضروري من رحلتها لمحاكاة التجربة البشرية واستخدام اللغة بشكل يشبه البشر، وذلك أن الفكاهة أكثر جوانب اللغة إنسانية وتعقيدا من وجهة نظره حسب ما جاء في المجلة. تحفظات على حساسية الذكاء الاصطناعي يرى العديد من العلماء والخبراء مجموعة من المخاوف والتحفظات على قدرة الذكاء الاصطناعي في إنتاج الفكاهة، وتحديدا عندما يتعلق الأمر بانحياز الذكاء الاصطناعي وحساسيته تجاه الأنماط البشرية بشكل واضح، حسب المجلة. إذ يمكن أن يعيد الذكاء الاصطناعي تدوير الصور النمطية السيئة الموجودة في بعض أنواع المحتوى الفكاهي عبر الإنترنت ظنا منه أنها ملائمة ولا مشاكل بها. ويشير تقرير مجلة "سميثسونيان" إلى أن تجربة توبلين وأمير اعتمدت على مجموعة من النكات التي قام توبلين -وهو كوميدي محترف- باختيارها من بين النكات كافة التي قامت أداة "ويت سكريبت" بكتابتها، الأمر الذي يوضح أن التقييم البشري لا يزال ضروريا لتحديد ما إذا كانت النكات مضحكة فعلا. ويوضح غورينز أن نموذج "شات جي بي تي" لم يصمم أساسا لكتابة النكات ولكن لإنشاء النصوص المعتادة وتوقعها، وبالتالي هو غير قادر على الشعور بالعواطف المرتبطة بالضحك وتقدير إن كانت النكتة ملائمة أم لا. ورغم هذا يستطيع النموذج توليد محتوى مضحك أحيانا، مما يجعل غورينز يتساءل: هل يكفي وجود كم كبير من البيانات وقدرة التعرف على الأنماط لإنتاج محتوى مضحك دون الحاجة إلى وجود التقدير الشخصي؟ ويرى كريستيان هيمبلمان الباحث في اللغويات الحاسوبية بجامعة شرق تكساس، أن الفكاهة الحقيقية ترتبط بالنوايا التي يحملها صاحب النكتة، إذ تتيح لك الفكاهة اللعب بالمعاني كما ترغب، لذا فإن المكون الأهم في تركيبة النكات المضحكة لا يمكن إلا للبشر تقديمه وهو التفاعل العاطفي مع الفكاهة. ولكن مع التطورات السريعة الحادثة في قطاع الذكاء الاصطناعي، هل يمكن أن نرى نموذجا قادرا على توليد نكات مضحكة للغاية وإرفاقها مع مشاهد سينمائية أو أصوات تضيف عليها سياقا أعمق؟


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
القنابل الضوئية.. تكتيك حربي للإرباك والتمويه الليلي
القنابل الضوئية، أو قنابل الإنارة، وسيلة دفاعية تستخدمها الجيوش لإضاءة المناطق المظلمة أثناء العمليات العسكرية، وذلك للاستطلاع ومساعدة القوات على رؤية الأهداف وتحديدها بشكل واضح، إذ تولد هذه القنابل وميضا عاليا مما جعلها جزءا أساسيا لا غنى عنه أثناء الحروب والعمليات العسكرية الخاطفة. وقد استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في جميع عملياته العسكرية في الأراضي الفلسطينية ، لا سيما أثناء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما استخدمها في عملياته في جنوب لبنان و سوريا. النشأة والتطوير ظهرت فكرة القنابل المضيئة في القرن الـ13، حين بدأت الصين في استخدامها أثناء عملياتها العسكرية، وقد طورها جناح "مكافحة الإرهاب" التابع للقوات الجوية الخاصة بالجيش البريطاني في أواخر سبعينيات القرن الـ20. استعملتها القوات البريطانية على نطاق واسع أثناء الحرب العالمية الثانية (1938-1945)، وأسقطتها بالطائرات الحربية، في حين أنتجت الولايات المتحدة قنبلة "إم 46 فوتو فلاش" المضيئة وطورتها لتنفذ مهام الاستطلاع الليلي على الارتفاعات المنخفضة. وقد بدت القنبلة الأميركية أشبه بقنبلة خفيفة تقليدية، إذ تحتوي في مقدمتها على فتيل " إم 111 إيه 2″، كما زُودت بشريطي تعليق وذيل على شكل صندوق بلوحة سحب مربعة مسؤولة عن إشعال فتيل التوقيت الميكانيكي. وتصل شدة الوميض القصوى إلى نحو 500 مليون شمعة. ونظرا لشدة الوميض تؤثر القنابل الضوئية سلبا على الرؤية عند النظر إليها، لذا يتطلب التعامل معها حذرا وإجراءات احترازية كبيرة، نظرا لحساسية شحنتها للاحتكاك والصدمات ودرجة الحرارة. وقد شهدت هذه القنابل نسخا متقدمة ومعدلة، فاستخدمتها معظم جيوش العالم وأصبحت وسيلة لا غنى عنها أثناء الحروب والعمليات العسكرية الخاصة. مهمتها في المعارك تتمثل المهمة الأساسية للقنابل الضوئية في توليد إضاءة عالية للغاية في الجو لتوفير رؤية أفضل للقوات في المناطق التي تتمركز فيها. ويُنتج إطلاق هذه القنابل ضوءا شديدا في الجو مدة ثوان أو دقائق محدودة، وذلك بهدف: التصويب الدقيق تجاه الأهداف. مساعدة الجيش على رؤية ميدان المعركة بوضوح. تحديد التحركات العسكرية على الأرض. التعرف على تحركات الخصوم وكشفها في فترة الليل. شل حركة الطرف المستهدف وإرباكه وإفقاده الرؤية. مساعدة الطائرات على التقاط صور جوية ليلية دون الحاجة للتحليق على ارتفاعات منخفضة. آلية عملها تُطلق الجيوش القنابل الضوئية عبر مدافع الهاون أو الطائرات المسيرة، كما يُمكن إطلاقها من قاذفات الصواريخ. ويجري تعليق هذه القنابل بواسطة زعانف أو مظلة صغيرة للتحكم في نزولها في المناطق المستهدفة، مما يضمن بقاءها في الهواء فترة كافية، ويوفر للقوات ضوءا إضافيا وإرسالا للإشارات بشكل فعال ودقيق. وتحتوي هذه القنابل على فتيل للاشتعال، وهو مصنوع من عنصر المغنيسيوم الكيميائي، مما يُساعد في نشر ضوء كثيف عند احتراقه. أنواعها يوجد العديد من أنواع القنابل الضوئية التي تستخدمها الجيوش في المعارك، ومنها: قنابل الإضاءة البيضاء: توفر ضوءا ساطعا ذا لون أبيض، وهي قادرة على توفير رؤية واضحة للقوات. قنابل الإضاءة ذات الأشعة تحت الحمراء: تُستخدم في العمليات العسكرية الخاصة التي تتطلب رؤية غير مرئية بالعين المجردة، إذ توفر إضاءة لا تُرى إلا بأجهزة الرؤية الليلية. تُطلق دخانا إلى جانب الضوء الأبيض، بهدف توفير تغطية بصرية للقوات وإرباك الخصم والتشويش عليه. قنابل إسرائيل الضوئية اعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل واسع على القنابل الضوئية، خاصة أثناء عملياته في قطاع غزة، وجنوب لبنان، إضافة إلى استخدامها في الجولان المحتل و محافظة السويداء ، وذلك أثناء تدخله في الاشتباكات التي وقعت في جنوب سوريا في يوليو/تموز 2025. وكثف الاحتلال الإسرائيلي استخدام هذه القنابل بشكل يومي أثناء حرب الإبادة التي شنها على قطاع غزة، وذلك لتحديد المواقع المستهدفة قُبيل قصفها بالصواريخ والقذائف المدفعية. وعمد الاحتلال لاستخدام هذه القنابل بشكل دائم بغزة بسبب الانقطاع الكامل للكهرباء عنها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ووظف الاحتلال هذه القنابل في المناطق التي تشهد عمليات برية، وذلك خوفا من كمائن المقاومة الفلسطينية، التي تُشكل رعبا لقواته. وفي بعض العمليات الخاصة التي نفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة، استخدم هذه القنابل لا سيما أثناء انسحاب أفراد القوات الخاصة من الأماكن المستهدفة.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
الذكاء الاصطناعي يكتشف 5 بطاريات بديلة لليثيوم قد تغيّر مستقبل الطاقة
تمكن باحثون من معهد نيوجيرسي للتقنية في الولايات المتحدة من استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف 5 مواد مسامية جديدة، قد تمهد الطريق لبطاريات أكثر كفاءة وأمانا من بطاريات أيونات الليثيوم الحالية. حاليا، تشكل بطاريات أيونات الليثيوم العمود الفقري لمعظم الأجهزة الإلكترونية، من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية، إلا أن الليثيوم عنصر نادر، واستخراجه مكلف بيئيا، كما أن بطارياته تواجه تحديات في الكفاءة والأمان. من هنا، اتجه الباحثون إلى بطاريات الأيونات متعددة القيمة، وهي بطاريات تستخدم أيونات تحمل أكثر من شحنة كهربائية واحدة، مثل المغنيسيوم (+2) أو الألمنيوم (+3)، بدلا من (+1) في الليثيوم، مما يسمح نظريا بتخزين طاقة أكبر في الحجم نفسه. بيد أن المشكلة الأساسية تكمن في أن هذه الأيونات أكبر حجما وأكبر شحنة، مما يجعل اختراقها للتجويفات داخل المواد التقليدية مهمة صعبة بشكل كبير. بالتالي، يحتاج العلماء إلى مواد تتيح حركة هذه الأيونات بسلاسة، دون أن تتعطل أو تضعف البطارية. دور قوي للذكاء الاصطناعي لمعالجة هذه الإشكالية، استخدم فريق البحث نظاما من الذكاء الاصطناعي يتكوّن من مرحلتين، الأولى، والمعروفة باسم "آلية ترميز بلوري تعتمد على الانتشار"، تعمل على توليد آلاف البُنى البلورية الجديدة المحتملة لهذه الأيونات، والتي تمكنها من الحركة بسهولة، بحسب الدراسة التي نشرها الفريق في دورية "سيل ريبورتس فيزيكال ساينس". أما الثانية، فاعتمدت على نموذج لغوي كبير، مُدرّب على تقييم ثبات هذه المواد وسهولة تصنيعها، لاختيار أكثرها وعدا من الناحية العملية. بهذا الأسلوب، تمكن النظام من تقليص عدد المرشحين بسرعة من آلاف المواد إلى 5 مواد مسامية واعدة، يعتقد أنها ستتيح حركة فعالة للأيونات متعددة القيمة، وتجمع بين الكفاءة والقدرة على التصنيع. بعد ذلك، بدأ العلماء في عملية التحقق النظري من استقرار هذه المواد باستخدام "المحاكاة الكمومية"، أي استخدام الحواسيب والنماذج الرياضية لمحاكاة سلوك الذرات والجزيئات بدقة عالية اعتمادا على قوانين ميكانيكا الكم بهدف فهم خواص المواد وتصميمها دون الحاجة لتجارب مخبرية مكلفة. ويعمل الفريق الآن بالتعاون مع مختبرات تجريبية لاختبار المواد فعليا وإنتاج نماذج أولية من البطاريات المبنية عليها. وإذا أثبتت هذه المواد كفاءتها في الواقع، فقد تُمثّل قفزة نوعية في عالم الطاقة، حيث يمكن تطوير بطاريات أكثر قدرة على تخزين الطاقة، وأسرع في الشحن، وأقل تكلفة، وأكثر أمانا وصداقة للبيئة من بطاريات أيونات الليثيوم، بحسب بيان رسمي صادر من المعهد. عصر جديد للعلم وتكمن الأهمية الكبرى لهذا الإنجاز ليس فقط في المواد التي تم اكتشافها، بل في المنهجية نفسها وهي استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع اكتشاف وتصميم مواد جديدة، وهي مهمة كانت تستغرق سابقا سنوات من التجارب المختبرية. وفي عصر العلوم الحديثة، ينتج العلماء كميات ضخمة من البيانات، مثل بيانات الجينوم، وصور الأقمار الصناعية، أو نتائج التجارب أو المواد المرشحة لعلوم الأدوية أو فيزياء المواد، ويمكن للذكاء الاصطناعي وتقنيات "تعلم الآلة" تحليل هذه البيانات بسرعة هائلة، واستخراج أنماط ونتائج لم يكن من الممكن ملاحظتها بالعين البشرية. إلى جانب ذلك، فالذكاء الاصطناعي يمكنه محاكاة التفاعلات الكيميائية، أو توقع سلوك المواد تحت ظروف معينة، هذا يعني أن العلماء يمكنهم "اختبار" مئات الاحتمالات افتراضيا، قبل إجراء تجارب حقيقية، مما يوفر وقتا ومالا وجهدا. ففي علم المواد مثلا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يولد تركيبات جديدة ذات خصائص مرغوبة (مثل خفة الوزن أو مقاومة الحرارة). كما أن بعض خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على ربط معارف من مجالات مختلفة، واكتشاف ترابطات لم تكن واضحة. فعلى سبيل المثال، اكتشاف علاقة بين تغير مناخي وأثره على سلوك مواد معينة، من خلال دمج معلومات من علوم الفيزياء والمناخ. يشير هذا إلى مستقبل قد يكون فيه تطوير التقنيات المتقدمة قائما على التعاون بين الإنسان والآلة، حيث يمكن للحاسوب أن يقترح، ويقوم العلماء بالتحقّق والتنفيذ، ويشير ذلك إلى دخولنا عصرا جديدا، تبدأ فيه المكتشفات في الفضاء الرقمي أولا.