
تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك المياه والكهرباء
تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك المياه والكهرباء
تُعدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً رائداً في التنمية الاقتصادية والعمرانية، حيث شهدت نمواً متسارعاً خلال العقود الماضية. ومع هذا التقدم، برزت تحديات كبيرة تتعلق بإدارة الموارد الطبيعية، وخاصة الكهرباء والمياه، في ظل الطلب المتزايد عليها.
لذا، أصبح تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك هذه الموارد أولوية وطنية لضمان الاستدامة البيئية والاقتصادية. وتعتمد الإمارات في هذا المجال على إطار قانوني متين، ومبادرات مبتكرة، ورؤى استراتيجية متكاملة، مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به.
وقد وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المحافظة على الموارد الطبيعية بأنها: «مسؤولية وطنية تتطلب تضافر الجهود من الجميع، حكومات وأفراداً، من أجل بناء مستقبل مزدهر ومستدام»، وأكد سموه أن: «الاستدامة ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة».
وانطلاقاً من هذه الرؤية العميقة، تُولي دولة الإمارات العربية المتحدة قضايا الاستدامة البيئية وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية أهمية بالغة، وذلك ضمن رؤيتها الوطنية الطموحة الهادفة إلى بناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة، بما يتماشى مع توجهات القيادة الرشيدة التي جعلت من حماية البيئة وترشيد الموارد جزءاً لا يتجزأ من السياسات التنموية.
ولتحقيق هذه المستهدفات وضعت دولة الإمارات قوانين وأنظمة تهدف إلى ترسيخ ثقافة الترشيد بين الأفراد والمؤسسات. ومن أبرز هذه الجهود استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، التي أُطلقت لتحقيق أهداف طموحة تشمل زيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الوطني إلى 50% بحلول عام 2050، مع خفض البصمة الكربونية بنسبة 70%.
وليست هذه الاستراتيجية مجرد خطة مستقبلية، بل هي إطار قانوني ملزم يدعم الترشيد من خلال تعزيز كفاءة الطاقة وتقليل الهدر. كذلك، أدخلت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) نظامَ تعرفةٍ متدرجاً في عام 2011، حيث تتزايد التكلفة مع ارتفاع الاستهلاك.
ويشجع هذا النظام المستهلكين على تقليل استهلاكهم للكهرباء والمياه من خلال ربط السلوك الاستهلاكي بالتكلفة المالية، مما يعزّز الوعي بأهمية الترشيد. كما أُطلقت العديد من المبادرات لتحقيق أهداف الترشيد، منها «استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030»، التي تسعى لخفض استهلاك الطاقة بنسبة 30% بحلول عام 2030. وتشمل هذه الاستراتيجية تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المباني، واستخدام تقنيات حديثة مثل الإضاءة الموفرة للطاقة، مما يُسهم في تقليل الاعتماد على الموارد التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت وزارة الطاقة والبنية التحتية حملة «رشِّد لتدوم»، وهي حملة وطنية تهدف إلى تعزيز الترشيد في قطاعات متعددة مثل المباني والنقل والزراعة. وتركز الحملة على رفع الوعي العام واستخدام تقنيات مبتكرة لتحقيق الاستدامة في استهلاك الموارد.
ولم تقتصر جهود دولة الإمارات على التوعية فقط، بل عزّزت هذه التوجهات من خلال مجموعة من القوانين واللوائح التي تنظم استخدام الموارد وتُلزم الأفراد والمؤسسات باعتماد ممارسات ترشيدية.
ومن أبرز هذه المبادرات: اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2017 بشأن الوقاية من الهدر في الموارد المائية، والتي تهدف إلى تقنين استخدام المياه في الزراعة والسقي، والمواصفات الإماراتية للمباني الخضراء، التي ألزمت المطورين العقاريين باستخدام أنظمة إنارة وتكييف موفّرة للطاقة، وأجهزة ترشيد المياه. كما تُعد التكنولوجيا أحد العوامل الرئيسية التي اعتمدت عليها الإمارات في سعيها نحو الترشيد. فقد أُطلق العديد من التطبيقات الذكية التي تتيح للمستهلكين متابعة استهلاكهم اللحظي، وتلقي تنبيهات عن أي تجاوز غير طبيعي في الاستخدام. كما تم تركيب العدادات الذكية في مختلف أنحاء الدولة، مما يعزّز الشفافية ويحفّز المستهلك على تعديل سلوكه بناءً على بيانات دقيقة.
إن تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه في دولة الإمارات يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، بفضل الإطار القانوني المتقدم، والمبادرات الاستراتيجية، ودعم قادة الدولة، وهو ما أتاح الفرصة لتحقيق تقدم كبير في هذا المجال. ومع ذلك، يبقى دور الأفراد حاسماً في استكمال هذه الجهود، حيث يتعين على الجميع المساهمة في الحفاظ على الموارد لضمان مستقبل مزدهر.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
أداء مناسك الحج 2025.. روحانية تتجدد وتنظيم محكم
يُعدّ موسم الحج من أعظم الشعائر الإسلامية التي تجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض على صعيد واحد، تلبيةً لأمر الله وتجسيدًا لمعاني الإيمان والتضحية والوحدة. وفي موسم الحج 1446هـ، توافد ملايين الحجاج إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، وسط أجواء روحانية وإيمانية مهيبة، وإجراءات تنظيمية دقيقة ساهمت في تسهيل أدائهم للركن الخامس من أركان الإسلام. موسم الحج 1446هـ.. تنظيم محكم وخدمات متطورة قامت الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها وزارة الحج والعمرة، بتنفيذ خطة شاملة ومتكاملة لضمان سلاسة تفويج الحجاج وتنقلهم بين المشاعر المقدسة، بدءًا من مكة المكرمة إلى منى وعرفات ومزدلفة. وقد تم اعتماد تقنيات ذكية متقدمة لتتبع حركة الحجاج وضمان سلامتهم، بالإضافة إلى توفير خدمات صحية متميزة شملت عيادات متنقلة ومراكز إسعاف موزعة في جميع المواقع الحيوية. كما تم تعزيز البنية التحتية في المشاعر المقدسة، وتوسعة مرافق الإقامة وتظليل مسارات المشي وتوفير المياه المبردة على مدار الساعة، وهو ما انعكس إيجابًا على تجربة الحجاج وساهم في الحد من الإجهاد والتعب، خاصة في ظل درجات الحرارة المرتفعة التي تزامنت مع أيام الحج هذا العام. يوم عرفة.. الركن الأعظم في الحج بلغ الحجاج ذروة مناسكهم في يوم التاسع من ذي الحجة، حين وقفوا على صعيد عرفات الطاهر، رافعين أكفّهم إلى السماء، متضرعين إلى الله بالدعاء والمغفرة، وقد شهد هذا اليوم حضورًا إيمانيًا كثيفًا، حيث سادت أجواء من الخشوع والتأمل، وبعد غروب شمس عرفات، اتجه الحجاج إلى مزدلفة للمبيت، وجمع الجمرات استعدادًا لليوم التالي. رمي الجمرات وأيام التشريق في منى، استكمل الحجاج شعائرهم برمي جمرة العقبة الكبرى، ثم حلقوا أو قصروا شعورهم، ونحروا هديهم، إيذانًا بالتحلل الأصغر، وبعدها طافوا طواف الإفاضة، وأدّوا السعي بين الصفا والمروة، ثم استمروا في رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة، وسط إجراءات تنظيمية دقيقة حالت دون التزاحم والتدافع، بفضل تفعيل أنظمة التفويج الإلكتروني وتحديد مسارات دقيقة لكل مجموعة من الحجاج. وقد اختتم الحجاج مناسكهم بروح مليئة بالإيمان والسكينة، بعد أن أتموا حجهم بأمان ويسر، وقد أعرب كثيرون منهم عن امتنانهم للجهود الكبيرة التي بُذلت في خدمتهم، مثمنين ما لمسوه من تطور في مستوى الخدمات والتنظيم، ومع نهاية الموسم، تتجدد آمال المسلمين حول العالم في أداء هذه الشعيرة في الأعوام القادمة، وسط أجواء من الأمن والإيمان، سائلين الله أن يتقبل منهم صالح الأعمال وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
المجمع المقدس يعقد جلسته العامة في ختام دور الانعقاد العادي لعام ٢٠٢٥
عقد اليوم المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية جلسته العامة في ختام دور الانعقاد العادي لعام ٢٠٢٥، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، وبحضور ١١٢ عضوًا من إجمالي ١٣٩ عضو بعد تقديم باقي الأعضاء اعتذارًا لأسباب مختلفة. كلمة روحية لقداسة البابا في افتتاح الجلسة العام وقرأ قداسة البابا في بداية الجلسة جزءًا من سفر الرؤيا "رؤ ٢: ١ - ٧)، متناولاً خمس عبارات من النص، وهي: ١- أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ (آية ٢): والمقصود الأعمال الموجهة للنفوس، التي نعملها كرعاة بقلب نقي وضمير صالح، أعمال المحبة والرحمة. ٢- عِنْدِي عَلَيْكَ (آية ٤): دعوة للمراجعة وفحص النفس والضمير، يوجهها لنا الله بأسلوب رقيق لننتبه لأنفسنا. ٣- مَنْ يَغْلِبُ (آية ٧): وفيها دعوة للجهاد الروحي ضد نوازع النفس، وحياتنا على الأرض هي فترة اختبار يجب أن ننتصر فيها. ٤- مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ (آية ٧): المقصود أذن القلب التي بها نسمع فنطيع، وطوبى لمن يطيع وصايا الكتاب المقدس ٥- مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ (ع ٧): وهي تشير إلى القيادة الروحية. مناقشة توصيات اللجان المجمعية ثم عرض مقررو اللجان المجمعية على أعضاء المجمع، التوصيات الخاصة بكل لجنة، وتمت مناقشتها باستفاضة، وعقب انتهاء مناقشة توصيات كل لجنة يتم الاستقرار على محتوى التوصية وفقًا لما يجمع عليه الأعضاء. ووافق المجمع المقدس على إعادة الحياة الرهبانية والاعتراف بدير رئيس الملائكة ميخائيل للرهبان، بالجبل الشرقي بجرجا، بمحافظة سوهاج، ديرًا رهبانيًّا عامرًا. وقرر المجمع كذلك إضافة حدث إقامة قداس مشترك لبطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الثلاثة بالشرق الأوسط بمناسبة مرور ١٧ قرنًا على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول، إلى سنكسار يوم ١٠ بشنس. كما أصدر المجمع بيانًا ترحيبيًا باستضافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للمؤتمر الدولي السادس لمجلس الكنائس العالمي بمناسبة مرور ١٧ قرنًا على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
يوم عرفة.. أفضل أوقات الدعاء وأعظم ما يُقال من الذكر
يتجلّى الله عز وجل يوم عرفة على عباده، ويباهي بهم ملائكته في أعظم أيام السنة، فهو فرصة نادرة في عمر كل مسلم لطلب الرحمة والمغفرة، وتجديد العهد مع الله. ويوم عرفة هو يوم الذكر والصلاة والدعاء بامتياز، ففيه تتنزل الرحمات وتُرفع فيه الحاجات إلى السماء، وفي هذا اليوم المبارك، يحرص المسلمون في شتى بقاع الأرض على الإكثار من الذكر والدعاء، طمعًا في القبول والاستجابة. ونستعرض لكم في هذا التقرير، ما هي أفضل الأوقات للدعاء في يوم عرفة؟ وما هي أعظم الأذكار وأفضل الأدعية التي تُقال فيه؟ أفضل الأوقات للدعاء في يوم عرفة يوم عرفة كله وقت مبارك، إلا أن بعض الأوقات فيه تُعد أرجى وأعظم، ومنها، من بعد الزوال (الظهر) حتى الغروب ، وهو الوقت الذي يبدأ فيه الحجاج الوقوف بعرفة، وقد حرص النبي ﷺ على الدعاء فيه طيلة هذا الوقت دون انقطاع، وقال العلماء إن هذا الوقت هو الذروة في استجابة الدعاء. ويُستحب الصيام في يوم عرفة، وفي اللحظات الأخيرة من الصيام يكون الدعاء مستجابًا، كما ورد عن النبي ﷺ: "ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حتى يُفطر..." . وتعد آخر ساعة قبل أذان المغرب، من ساعات الإجابة في كل يوم، فكيف إذا كانت في يوم عرفة، لذلك يستحب فيها التفرغ الكامل للذكر والدعاء بخشوع ويقين. أفضل الأذكار في يوم عرفة 1- التكبير والتهليل والتحميد "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد." وأفضل ما قاله النبي ﷺ والنبيّون من قبله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"، و قد أخبر النبي ﷺ أنه خير ما يُقال في يوم عرفة. ٢ـالاستغفار 'أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه'، وهو من أعظم أسباب مغفرة الذنوب ورفع الدرجات. ٣ـ الصلاة على النبي ﷺ 'اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد'، فهي من أحب الأعمال إلى الله وتُقرّب الدعاء من القبول. أفضل الأدعية في يوم عرفة "اللهم إنك عفوٌ كريم تحب العفو فاعفُ عني." "اللهم اجعلني من عتقائك من النار." "اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار." "اللهم ارزقني الهداية والثبات، وحقق لي ما أتمنى مما يرضيك." "يا رب، لا تردني خائبًا، واغفر لي ولأهلي وأحبابي، واجعلنا من أهل الفردوس الأعلى."