
خطاب الملك عبدالله الثاني: الخطاب الأقوى من قلب الشرق الأوسط
خبرني - في الأردن، لا نسمع فقط صوت الصواريخ الإيرانية المتجهة نحو إسرائيل، بل نسمع أيضًا صوتًا خافتًا من بعيد يعلن عن تدخلات إقليمية ودولية لا تبشر بالخير. واليوم يخترق غبار الصراع خطاب ملك الأردن في البرلمان الأوروبي.
لن أتحدث عن السياسة أو الحرب، وانما ما استحوذ على انتباهي هو جودة الخطاب وقوته. لم يكن خطابًا سياسيًا بحتًا، ولا شعبويًا، ولا دينيًا، ولا شعاراتيًا. ولهذا، وكمتخصص في التواصل، حاولت أن أضع جانبًا حبي لجلالته واعتزازي به كأردني، وأن أركز على مكونات الخطاب الناجح.
المتغير الأول لنجاح الخطاب هو الافتتاح بالاتصال والهيبة، والبدء بتحية رسمية تحترم القيم والسياق الثقافي للجمهور. فبدأ جلالته خطابه بقوله: "بسم الله الرحمن الرحيم... السيد الرئيس، السادة الأعضاء المحترمون..." فأسس بذلك فورًا لعمق ثقافي ونبرة رسمية مؤثرة.
المتغير الثاني هو استخدام السرد القصصي والقيم المشتركة. على سبيل المثال، استشهد جلالته بالعهدة العمرية، حيث أمر الخليفة عمر بن الخطاب المسلمين بحماية كنائس القدس وعدم إيذاء قسيس أو قتل طفل أو امرأة أو شيخ عند استلام إدارة المدينة. كما أشار إلى اتفاقيات جنيف، ليرسخ خطابه في مبادئ إنسانية تشترك فيها البشرية منذ قرون.
المتغير الثالث هو بناء الإطار من خلال أسئلة "ماذا لو؟". ومن خطابه أقتبس: "ماذا لو بقيت القدس موضع نزاع؟ ماذا لو انهارت سوريا أو ليبيا؟ ماذا لو تُرك الشباب بلا أمل؟" وهي أسئلة تجبر المستمع على التفكير العميق واتخاذ موقف ذهني فعّال.
المتغير الرابع هو العمق العاطفي والوضوح الأخلاقي، وكانت غزة المثال الأبرز، حيث قال: "خلافًا للقانون الدولي والمعايير الأخلاقية والقيم المشتركة..." ليقدم نداءً إنسانيًا صادقًا ومؤلمًا.
المتغير الخامس هو تحقيق التوازن بين الواقعية والأمل. لم يتجنب جلالته الحديث عن اضطرابات المنطقة، لكنه أكد أن:
"الأمن الحقيقي يكمن في القيم المشتركة، لا في الجيوش..." وأن: "هناك دائمًا نسخة أفضل وأكثر اتحادًا منّا في كل زاوية قادمة."
المتغير السادس هو النداءات الموثوقة والتوقفات الاستراتيجية. تكرار عبارة "ماذا لو..." متبوعة بتصريحات حاسمة مثل:
"الصبر صعب... لكن القيادة تتطلب..." جاء بها ليعكس عزيمة موزونة لا تعرف الانفعال.
المتغير السابع والأخير هو الخاتمة بنداء للوحدة والعمل المشترك. فقد ختم جلالته خطابه مستشهدًا بحكمة والده الراحل الملك الحسين بن طلال: "صنع السلام هو الطريق الأصعب، لكنه الطريق الأسمى..." ثم وجّه دعوة للتعاون مع أوروبا قائلاً:
"معًا، يمكننا أن نبلغ المستقبل الذي يستحقه شعوبنا."
لقد كان خطاب جلالة الملك نداءً جريئًا للعدالة والسلام، وتنبيهًا حادًا بالمخاطر الإقليمية والعالمية، ورسالة قوية ضد كراهية الإسلام ودعوة للتعايش الإنساني. ومن منظور خبير في الاتصال، فإن هذا الخطاب هو الخطاب الأقوى من قلب الشرق الأوسط، لأنه جمع بين القيادة العاطفية والرسائل الاستراتيجية. حيث تميز أسلوب جلالته بالتالي بالأصالة ووزن أخلاقي راسخ، فطنة ثقافية تلتقي بمنطق عالمي، هيكلية تضع الجمهور في مركز الرسالة، ومزيج بين الإلحاح والأمل.
لقد ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطابًا قد يُعتبر بحق الأقوى في الشرق الأوسط المعاصر ودرسًا متكاملًا في فن الإلقاء والخطاب السياسي. رسّخ رسالته في الإرث والقيم الأخلاقية، واصطحب جمهوره في سردٍ مقنع انتقل بهم من القلق إلى اليقين، وتحدث بوضوح عن تعقيدات الجغرافيا السياسية بينما لامس مشاعر الإنسان بعمق. والأهم، أنه أنهى خطابه بنداء موحد، يتطلع إلى الأمام، يستند إلى الهوية، والاحترام المتبادل، والمسؤولية المشتركة. إنه خطاب يشكل نموذجًا حقيقيًا لكيف يمكن للكلمات عندما تتناغم مع السياق والهدف والأسلوب بأن تتجاوز البروتوكول، وتصبح أدوات للتغيير والإلهام

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
خطاب الملك.. دعوة استراتيجية ووثيقة سياسية
في وقت يقف فيه الشرق الأوسط على حافة الهاوية، وتتسارع الأحداث السياسية بوتيرة مقلقة، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني في ستراسبورغ لا ليخاطب البرلمان الأوروبي فقط بل ليخاطب الضمير العالمي بشجاعة وجرأة تعكس قوة القيادة الهاشمية ومتانة الأردن ومؤسساته.يحمل خطاب جلالة الملك في هذا التوقيت دلالات استراتيجية عميقة، فجلالته ألقى خطابا في البرلمان الأوروبي منذ أكثر من عقدين، وهذا الخطاب هو السادس الذي يلقيه هناك، لكنه -دون شك - الأهم من حيث الرسائل السياسية وتوقيت الطرح، إذ يأتي في لحظة حرجة تمر بها المنطقة، وتزامنا مع أحداث مفصلية تلقي بظلالها على مستقبل الشرق الأوسط والعلاقات الدولية بأسرها.أكد جلالة الملك أن ما يحدث في غزة ليس اختبارا للفلسطينيين أو للعرب، بل هو اختبار للإنسانية جمعاء، فالمواقف الرمادية لا تصنع سلاما، ولا تحقق عدالة، وقد عرض جلالته القيم التي أرساها الإسلام عبر التاريخ، والعلاقات المتينة بين الأديان، مشددا على ضرورة التمسك بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية، وعلى القيم التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي، والتي وحدت شعوبه وحققت العدالة.كما أشار جلالته إلى أن السلام لا يولد من الضعف، بل من القوة والشجاعة، مؤكدا أن الطريق نحو السلام ليس مستحيلا، بل هو طريق سلكه الأردن من قبل، وأسهم في استقرار المنطقة لعقود طويلة.إن خطاب جلالته لم يكن موجها للأوروبيين وحدهم، بل للرأي العام الغربي بأسره، ومن خلال قراءتي لمضمونه، أراه أكثر خطاب مؤثر للسلام في العقد الحالي.لقد قدم جلالة الملك مكاشفة سياسية نادرة، وضع فيها البرلمان الأوروبي أمام مسؤولياته وقيمه التي أسس عليها، وإن كانت القيم التي تأسس عليها لا تزال قائمة.وفي تحذير استباقي، أكد جلالته أن الشرق الأوسط يقف على حافة الهاوية، داعيا القوى الكبرى للتحرك الفوري، قبل فوات الأوان.وقد أظهر الخطاب قوة الأردن ومنعته السياسية، من خلال الثقة العالية التي عبر عنها جلالته بدعوة البرلمان الأوروبي إلى شراكة قوية ووثيقة مع الأردن، وهذه دعوة استراتيجية تعكس قوة الحضور الأردني إقليميا ودوليا، ودوره المحوري في تحقيق الاستقرار.وإنني أرى أن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي وثيقة سياسية ومرجعية تؤسس لانطلاقة حقيقية نحو سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، وهو بيان رفيع المستوى، تجاوز حدود الدول، وتحدى صمت المجتمع الدولي، ووجه نداء لإعادة ضبط بوصلة العالم قبل أن تفقد اتجاهها.


وطنا نيوز
منذ ساعة واحدة
- وطنا نيوز
مدرسة الجيش والعميد الحياري مثالاً
ماجد القرعان احرص دائماً على متابعة التصريحات التي يدلي بها ضباط جيشنا المصطفوي حيث حصافة الحديث واختبار المفردات المناسبة لإيصال الرسائل وتقديم المعلومات الدقيقة بكل وضوح وشفافية ومسؤوليات وطنية. مناسبة الحديث التصريح الصحفي الذي أدلى به مؤخراً لوسائل الإعلام الزميل المقدر العميد مصطفى الحياري مدير الإعلام العسكري والذي تناول فيه قرار قواتنا المسلحة وجاهزيتها العليا لحماية أجواء المملكة من أية خروقات من قبل أي قوة خارجية انطلاقا من الواجبات التي تتحملها قواتنا المسلحة للحفاظ على أمن الوطن وسيادة الدولة الأردنية. العميد الحياري في تصريحه استخدم مفردات جزلة حملت معلومات دقيقة في تعامل الجيش مع الصواريخ والمسيرات التي تدخل أجواء المملكة مشدداً أن المصلحة الوطنية تتطلب التصدي لها وإسقاطها وتعطيلها باستخدام تقنيات فنية وبحرفية عالية ضمن واجبها الوطني كما أي جيش في العالم يحرص على سيادة الدولة فالحرب الدائرة في المنطقة ليست حربنا ولا مصلحة لنا لدعم أي جهة من أطراف الدول المتنازعة وهو حق تكفله المواثيق والقوانين الدولية. في تصريحه الصحفي وضع العميد الحياري النقاط على الحروف للقاصي والداني وعزز ثقة المواطنين بنشامى الجيش بكافة تشكيلاته البرية والجوية والبحرية حيث الثقة الشعبية العالية والغالية على قلوبنا بحماة الوطن الذين عاهدوا الله على القيام بواجباتهم المقدسة دون ادنى حساب للثمن. نفخر بالاردن بمدرسة الجيش التي تخرج قيادات بمستوى المسؤوليات الوطنية مثال طيب الذكر العميد الحياري والذي تميز بعلاقات جيدة وطيبة تتسم بالوضوح والمصداقية مع الصحفيين بعيدا عن التلاعب باستخدام المفردات العاطفة او تلك التي يمكن تأويلها وتفسيرها في غير معانيها فالعسكر بوجه عام يبتعدون عن الاجتهادات والتحليلات التي لا تحمل رسائل وطنية . ولا يتوقف الأمر ونحن نتحدث في خضم المعركة الكونية التي يشهدها الاقليم عند هذا المستوى العالي للعميد الحياري بل من الإنصاف الإشارة إلى قيادة الجيش المتمثلة برئيس هيئة الأركان الطيار المقاتل اللواء يوسف باشا الحنيطي الذي يحرص خلال زياراته التفقدية للقواعد الجوية على ارتداء زي وتجهيزات الطيارين والمشاركة بالطلعات الجوية من خلال تحليقه بطائرة F16 على الواجهات الحدودية ومتابعاته الميدانية شبه اليومية للتشكيلات العسكرية على مختلف الجبهات تحية من القلب لجنودنا الصناديد بمختلف رتبهم ومراتبهم وجميع تشكيلاتهم ومعهم كافة مرتبات أجهزتنا الأمنية الذين نذروا أنفسهم من اجل الذود عن تراب الوطن المقدس واهله وممتلكاتهم دون ادنى حساب دنيوي وحمى الله حامل الراية الهاشمية القائد الأعلى جلالة الملك عبدالله الله الثاني بن الحسين وعضده الأمين سمو ولي العهد الحسين بن عبد الله أنه سميع مجيب الدعوات.


وطنا نيوز
منذ ساعة واحدة
- وطنا نيوز
ميادة شريم : خطاب الملك دعوة للقيم الأخلاقية وتحذير من الانفلات والوحشية.. وهذا موقف الأردنيين كافة
وطنا اليوم – أكدت المدير العام لجمعية مؤسسة حسن إسميك الخيرية (مجلس قلقيلية) النائب السابق ميادة شريم، أن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه أمام البرلمان الأوروبي، يلخص موقف الأردنيين كافة برفض همجية الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتواصلة في قطاع غزة وإيران. وقالت شريم في تصريح لها، أن جلالة الملك ذكر اليوم أنه قد أكد مسبقا على ضرورة إيجاد حلول سياسية للصراعات، واستعادة الثقة في العدالة العالمية، ومساعدة الشعوب كافة، مؤكدة أن جلالته التمس الحظر منذ سنوات وحذر منه دون استجابة من المجتمع الدولي حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. وأضافت شريم أن موقف جلالة الملك الثابت تجاه القضية الفلسطينية ورفضه لنهج الاحتلال بزعزعة الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، يترجم من خلال مواقف جلالته الثابتة التي يعلمها العالم بكل أطيافه. ونوهت شريم إلى أن طريقة استقبال جلالة الملك ووقوف جميع أعضاء البرلمان الأوروبي احتراما لجلالته والتصفيق بحرارة لم يأت عبثًا، إنما للمواقف الرجولية التي قدمها جلالة الملك تجاه القضايا العربية والإقليمية والدولية. وزادت شريم أننا كأردنيين نعتز بخطاب جلالة الملك ومواقفه كافة، مؤكدة على التفاف الأردنيين جميعا حول قيادتنا الحكيمة، واعتزازنا جميعا بوطننا الذي ما زال يتمسك بقيمه الأخلاقية والإنسانية.