
خور عبد الله: ممر العراق المسلوب أم ترسيم أممي مجحف؟
يُعد خور عبد الله من أبرز الممرات البحرية الاستراتيجية في الخليج العربي، وكان شريانًا حيويًا للعراق نحو البحر لعقود، قبل أن يتحوّل إلى ملف شائك يثير الجدل والاحتقان الشعبي والوطني. فمنذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٨٣٣ في عام ١٩٩٣، والذي قضى بترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت، فقد العراق سيطرته على الجزء الأكبر من الخور، مما أدى إلى تقليص مساحته البحرية وخنق حركة موانئه، وعلى رأسها ميناء أم قصر.
المسؤولية لا تقع على احتلال العراق أو الخارج فقط، بل هناك سلسلة من التنازلات الرسمية التي قدمتها حكومات عراقية بعد عام ٢٠٠٣ عبر الاتفاقيات أو السكوت عن تنفيذ قرارات أممية كانت مجحفة بحق السيادة العراقية. فقد وافق العراق رسميًا على القرار ٨٣٣ في زمن النظام السابق وتحديدًا عام ١٩٩٤، إلا أن الحكومات اللاحقة، وخاصة ما بعد ٢٠٠٣، لم تبادر إلى الطعن أو إعادة التفاوض أو تقديم اعتراضات قانونية دولية، رغم توفر الدوافع السياسية والشعبية.
وجود خور عبد الله تحت السيطرة الكويتية أدى إلى خنق البحار العراقية اقتصاديًا، وحرمان العراق من التوسع الملاحي الطبيعي الذي كان يمكن أن يُعزز من قدراته اللوجستية، خاصة في ظل مشاريع كبرى مثل ميناء الفاو الكبير. كما أن تحكُّم الكويت بمداخل الخور، يجعل الوصول إلى المياه الدولية مشروطًا بالعبور من ممرات تسيطر عليها الكويت، مما يعني فقدان السيادة البحرية جزئيًا، وتأثر التجارة والاستيراد والتصدير والقدرة على جذب الاستثمارات البحرية.
القرار ٨٣٣ الصادر عن مجلس الأمن جاء في أعقاب غزو العراق للكويت عام ١٩٩٠، وفرض من خلاله ترسيم حدودي يعتبره كثير من الخبراء والمحللين غير عادل ويعتمد على وثائق بريطانية استعمارية قديمة، لا تأخذ بعين الاعتبار التوزيع التاريخي والجغرافي للمناطق. إلا أن المجتمع الدولي يعتبر هذا القرار (نهائيًا وملزمًا) وقد تبنّته الأمم المتحدة دون نقاش لاحق، وهو ما يصعّب على العراق استعادة الخور قانونيًا دون فتح ملف السيادة بالكامل وإثبات الأضرار الفادحة.
الحكومة العراقية الحالية لم تتاخذ موقف واضح تجاه الخور، رغم تصاعد الأصوات الشعبية والسياسية الداعية للمراجعة. لم تبادر بغداد حتى اليوم إلى تقديم شكوى رسمية جديدة، أو تفعيل أدوات التحكيم الدولي لإعادة فتح ملف الحدود البحرية، أو حتى إطلاع الرأي العام على حيثيات الاتفاقات السابقة. إن غياب الشفافية والصمت السياسي حوّل الملف إلى منطقة محرّمة، رغم أنه يمس السيادة والمصلحة الوطنية.
ختاما خور عبد الله ليس مجرد شريط مائي، بل رمز لمعركة السيادة والانتماء، وعلى العراق أن يتحرك دبلوماسيًا وقانونيًا لإعادة الاعتبار لموقعه الجغرافي وتاريخه البحري. فالصمت لم يعُد خيارًا، والخسارة لم تعُد محصورة بالمياه، بل تمتد إلى العمق الاقتصادي والسيادي للدولة العراقية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 21 دقائق
- المنار
القسام: مستعدّون للتجاوب مع طلبات الصليب الأحمر لإدخال الطعام لأسرى العدو وفق شروط إنسانية عادلة
أكد الناطق العسكري باسم كتائب القسام، 'أبو عبيدة'، استعداد الكتائب للتعامل بإيجابية والتجاوب مع أيّ طلب يقدّمه الصليب الأحمر لإدخال الطعام والدواء إلى أسرى العدو. وأشار أبو عبيدة إلى أن هذا التجاوب مشروط بفتح الممرات الإنسانية بشكل طبيعي ودائم، بما يضمن مرور الغذاء والدواء إلى عموم أبناء الشعب الفلسطيني في كافة مناطق قطاع غزة، إضافة إلى وقف الطلعات الجوية المعادية بكل أشكالها خلال أوقات تسلّم الطرود المخصّصة للأسرى. وشدد على أن كتائب القسام لا تتعمّد تجويع الأسرى، موضحًا أنهم يتناولون من الطعام نفسه الذي يحصل عليه مجاهدو المقاومة وسائر أبناء الشعب الفلسطيني، ولن يُمنحوا أيّ امتياز خاص في ظلّ جريمة التجويع والحصار المستمر. المصدر: موقع المنار


المنار
منذ 21 دقائق
- المنار
على بعد أقل من 48 ساعة من الجلسة الحكومية.. أين أصبحت المشاورات والاتصالات؟
تقارير مصورة على بعد أقل من 48 ساعة من الجلسة الحكومية.. أين أصبحت المشاورات والاتصالات؟ أفادت مراسلة قناة المنار بأن المداولات لا تزال مستمرة بحثًا عن حل قبل أقل من 48 ساعة من موعد انعقاد جلسة الحكومة المرتقبة، مشيرةً إلى أنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى صيغة حل متوافق عليها. التفاصيل مع مراسلتنا منى طحيني. المصدر: موقع المنار


النشرة
منذ 21 دقائق
- النشرة
حماس: مستعدون لتسليم مساعدات للاسرى إذا فتحت إسرائيل الممرات الإنسانية
اعلن المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" إن الحركة مستعدة لتسليم مساعدات الصليب الأحمر إلى الاسرى في غزة إذا فتحت إسرائيل الممرات الإنسانية بشكل دائم وأوقفت "الطلعات الجوية... بكل أشكالها" في أثناء تسليم الطرود للاسرى. وأكد أن كتائب القسام "لا تتعمد تجويع الأسرى".