
تقرير من الصحافة إلى الشهادة.. مجزرة تمحو نور قنديل وزوجها وطفلتهما
دير البلح/ فاطمة العويني:
"لو استُشهدت أنا، مش مجرّد رقم، تمام؟ احكوا عني كثير، ووصلوا صوتي وطموحي وحلمي بعدي، وضلكم ادعولي"...
هكذا كتبت الشهيدة الصحفية نور قنديل (27 عامًا) على صفحتها في موقع "فيسبوك"، حين أحاط بها الموت من كل جانب، وكأنها كانت تشعر بأنها ستلتحق قريبًا بركب الشهداء.
لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يقتل نور وحدها، بل قتل أسرتها كاملة: زوجها الصحفي خالد أبو شنب (31 عامًا)، وابنتهما أيلول، التي لم تتم عامها الأول، وشطب العائلة كاملة من السجل المدني.
"نور"، خريجة قسم الصحافة والإعلام في جامعة الأقصى عام 2020، تنقلت بالتدريب والعمل بين مؤسسات صحفية عدة، وعملت منسقة لفعاليات مقهى الإعلام الاجتماعي في مؤسسة الثريا للإعلام.
كان طموحها كبيرًا في مجال الصحافة، وكانت تحلم بأن تصبح اسمًا لامعًا في المهنة، كما تؤكد صديقتها المقربة وزميلتها رزان أبو شنب.
تقول أبو شنب لصحيفة "فلسطين": "كانت نور تعشق الصحافة، وتطمح للارتقاء فيها علميًا وعمليًا. كانت تبحث عن فرصة لدراسة الماجستير في الخارج، لكن القدر حال دون ذلك".
وتتابع: "نور كانت إنسانة طيبة، حنونة، تحب الحياة والعمل الخيري. كانت يدها دائمًا ممدودة لمساعدة من يحتاج، خاصة في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها القطاع".
ولم تكن الصحافة المجال الوحيد الذي أبدعت فيه نور، لكنها لم تنل فيه فرصتها الكاملة بسبب قلة فرص العمل. فقد كانت مبدعة أيضًا في الأعمال اليدوية، وروّجت لإنتاجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واكتسبت زبائن كثرًا يقبلون على الشراء منها.
نور لم تكن تحب التمحور حول نقطة واحدة، ولا الاستسلام لأي عقبة. كانت دائمًا تبحث عن نافذة جديدة تُمكّنها من مواصلة الحياة، وتطوّر نفسها عبر التدريبات الصحفية والفنية.
أما أسرة نور، فكانت الحضن الدافئ الذي أولته أعظم اهتمامها، خاصة ابنتها أيلول، التي أضفت جمالًا لا يوصف على حياتها. كانت تبذل هي وزوجها خالد كل ما بوسعهما كي تعيش الطفلة حياة كريمة، رغم الظروف المأساوية وحرب الإبادة التي تعصف بالقطاع.
تعرض منزل نور في مدينة دير البلح لأضرار إثر غارة إسرائيلية على محيطه، ما دفعها وزوجها للنزوح عنه لفترة طويلة. وبعد عودتهما بوقت قصير، استهدفهما الاحتلال مباشرة في ليلة 18 مايو، في واحدة من أبشع المجازر ضد الصحفيين، حيث استُشهد خلالها خمسة صحفيين، كان من بينهم نور وزوجها.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 16 ساعات
- فلسطين أون لاين
تقرير عيَّن حنين... شهادة حيَّة على وجع غزَّة الَّذي لا يمحى
غزة/ هدى الدلو: في أحد أيام غزة الثقيلة، كانت حنين الدُرَّة، الفتاة العشرينية، تقف أمام مرآتها، تتأمل ملامحها، وتحلم بمستقبل مشرق.. لكن قصفًا إسرائيليًا مفاجئًا حوّل تلك اللحظة إلى كابوس دائم، حين أصيبت بشظية في وجهها، أدت إلى تشويه ملامحها وفقدان إحدى عينيها. تُعرّف نفسها لصحيفة "فلسطين" حنين موسى الدُرَّة، طالبة في الجامعة الإسلامية، تخصص شريعة وقانون، من مواليد عام 2004. تمنيت أن أعيش حياة بسيطة، سعيدة، هادئة، وأن أنهي دراستي الجامعية، وأحلف القسم العظيم، وأزاول مهنة المحاماة. تمنيت أن أفي بوعدي لأمي - رحمها الله - التي كانت تدعو الله أن يوفقني، وأن تراني في أعلى المراتب". كانت تلك الطموحات على وشك الاكتمال، لولا أن آلة الحرب الإسرائيلية حالت دون ذلك. لم تكن تعلم أن نيران الحرب ستصل إلى بيتها، بل إلى عينها تحديدًا، فذلك اليوم غيّر مجرى حياتها إلى الأبد. تسرد قائلة: "في يوم 20/5/2024، كتب هذا التاريخ بالدم، لا بدمع العين فقط. كنت جالسة في الطابق الأول من المنزل، بينما باقي أفراد عائلتي في الطابق الأرضي، وكانت الساعة الواحدة ظهرًا، وفجأة انهال البيت فوق رأسي؛ لقد تم استهدافنا بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي.. كل شيء أصبح مظلمًا. كنت أتساقط تارة يمينًا وتارة يسارًا، تارة إلى الأعلى وتارة إلى الأسفل، أرتطم من جدار إلى آخر، أصرخ: 'أغثني يا الله!' كل شيء يتساقط علينا بقوة؛ الغبار خانق، الزجاج والشظايا القاتلة في كل مكان". "بعد وقت لا أعلم كم لبثته تحت ركام المنزل، أفقت ولا زلت تحت تأثير الصدمة: أين أنا؟ ماذا حدث؟ أين المنزل؟ وأين أفراد عائلتي؟ من أين هذه الدماء في وجهي؟" تتابع: "كانت عيني تؤلمني، وأنفي وساقي أيضًا. لم أكن أستوعب ما حدث. كنت خائفة، ولا أقوى على النظر أو الحركة. جمعت كل قوتي، وحاولت أن أرفع الحجارة والركام عن جسدي المصاب. خرجت بأعجوبة، وبعد بضع خطوات هزيلة فقدت الوعي." رحلة علاج مضنية استيقظت في المستشفى وكل شيء مظلم حولها. كان مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع قد فقد أكثر من 90% من قدرته على تقديم الرعاية. وبصعوبة بالغة، تم نقلها إلى مستشفى العربي الأهلي (المعمداني) وسط غزة، الذي كان مزدحمًا بالشهداء والجرحى، حتى إنها لم تجد سريرًا أو مقعدًا فارغًا، وتم فحصها وهي ملقاة على الأرض. بعد قليل، قامت إحدى الطبيبات بإجراء الفحوصات والصور، وتبيّن أنها فقدت عينها اليسرى إلى الأبد، وأصيبت بكسر في الأنف والفك، إضافة إلى وجود العديد من الشظايا في سائر جسدها. تقول: "قامت الطبيبة بإجراء بعض العلاجات الأولية، كتنظيف العين وتقطيب وجهي بـ 35 غرزة، وقررت ضرورة إجراء عملية زراعة عين، وأخرى تجميلية للأنف والوجه، لكن ضعف الإمكانيات حال دون ذلك." "منذ بداية الحرب ونحن نعيش ظروفًا نفسية صعبة لا توصف؛ من خوف وقصف ونزوح وتشرد وفقد ووجع. أحداث وتفاصيل لا أرغب في الحديث عنها، وأتمنى لو تُمحى من ذاكرتي." فقدان السند صُدمت شقيقتها من حجم الإصابة، بينما حاول والدها التماسك ليربت على قلبها. وتقول: "لولا وجود والدي بجانبي لما تمكنت من تجاوز الإصابة... لكنه رحل في نوفمبر من العام نفسه، فشعرت بأنني فقدت روحي؛ كان الأم والأب بعد وفاة والدتي في 2012، وكان سندي وقوتي." تواجه حنين تحديات نفسية وجسدية كبيرة، وتقول: "أشعر بأنني فقدت جزءًا من هويتي، لم أعد أتعرف على نفسي في المرآة. وجهي مشوه، وأحتاج إلى عملية تجميلية بالليزر. هناك شظية في رأسي لا يمكن إزالتها، وتسبب صداعًا مزمنًا، وضغطًا على العين اليمنى، وكهرباء في وجهي." تُعاني كباقي جرحى القطاع من نقص حاد في المعدات الطبية. وتضيف: "المستشفيات تفتقر إلى الأدوية والمستلزمات. أحتاج إلى لاصقات طبية لمنع تلوث العين والأنف إلى حين إجراء العمليات." كلما وقفت أمام المرآة، لتضع لمساتها الأخيرة قبل الخروج، تعود ذاكرتها إلى صوت الانفجار، ويجتاحها ألم لا يُوصف. التمسك بالحلم رغم كل شيء، لا تزال حنين متمسكة بالأمل: "أحلم بأن أسافر لتلقي العلاج، وأركب عينًا صناعية، وأكمل دراستي في الشريعة والقانون. أريد أن أستعيد ثقتي بنفسي، وأكون صوتًا للجرحى والمصابين في غزة." وتختم حديثها بتصميم: "هل تذكرون حلمي بأن أصبح محامية؟ أنا أعدكم بأن أفي بوعدي لأمي، وأن أنجح، وسأكون عونًا للضعفاء والفقراء والمحتاجين." المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 20 ساعات
- فلسطين أون لاين
تقرير من الصحافة إلى الشهادة.. مجزرة تمحو نور قنديل وزوجها وطفلتهما
دير البلح/ فاطمة العويني: "لو استُشهدت أنا، مش مجرّد رقم، تمام؟ احكوا عني كثير، ووصلوا صوتي وطموحي وحلمي بعدي، وضلكم ادعولي"... هكذا كتبت الشهيدة الصحفية نور قنديل (27 عامًا) على صفحتها في موقع "فيسبوك"، حين أحاط بها الموت من كل جانب، وكأنها كانت تشعر بأنها ستلتحق قريبًا بركب الشهداء. لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يقتل نور وحدها، بل قتل أسرتها كاملة: زوجها الصحفي خالد أبو شنب (31 عامًا)، وابنتهما أيلول، التي لم تتم عامها الأول، وشطب العائلة كاملة من السجل المدني. "نور"، خريجة قسم الصحافة والإعلام في جامعة الأقصى عام 2020، تنقلت بالتدريب والعمل بين مؤسسات صحفية عدة، وعملت منسقة لفعاليات مقهى الإعلام الاجتماعي في مؤسسة الثريا للإعلام. كان طموحها كبيرًا في مجال الصحافة، وكانت تحلم بأن تصبح اسمًا لامعًا في المهنة، كما تؤكد صديقتها المقربة وزميلتها رزان أبو شنب. تقول أبو شنب لصحيفة "فلسطين": "كانت نور تعشق الصحافة، وتطمح للارتقاء فيها علميًا وعمليًا. كانت تبحث عن فرصة لدراسة الماجستير في الخارج، لكن القدر حال دون ذلك". وتتابع: "نور كانت إنسانة طيبة، حنونة، تحب الحياة والعمل الخيري. كانت يدها دائمًا ممدودة لمساعدة من يحتاج، خاصة في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها القطاع". ولم تكن الصحافة المجال الوحيد الذي أبدعت فيه نور، لكنها لم تنل فيه فرصتها الكاملة بسبب قلة فرص العمل. فقد كانت مبدعة أيضًا في الأعمال اليدوية، وروّجت لإنتاجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واكتسبت زبائن كثرًا يقبلون على الشراء منها. نور لم تكن تحب التمحور حول نقطة واحدة، ولا الاستسلام لأي عقبة. كانت دائمًا تبحث عن نافذة جديدة تُمكّنها من مواصلة الحياة، وتطوّر نفسها عبر التدريبات الصحفية والفنية. أما أسرة نور، فكانت الحضن الدافئ الذي أولته أعظم اهتمامها، خاصة ابنتها أيلول، التي أضفت جمالًا لا يوصف على حياتها. كانت تبذل هي وزوجها خالد كل ما بوسعهما كي تعيش الطفلة حياة كريمة، رغم الظروف المأساوية وحرب الإبادة التي تعصف بالقطاع. تعرض منزل نور في مدينة دير البلح لأضرار إثر غارة إسرائيلية على محيطه، ما دفعها وزوجها للنزوح عنه لفترة طويلة. وبعد عودتهما بوقت قصير، استهدفهما الاحتلال مباشرة في ليلة 18 مايو، في واحدة من أبشع المجازر ضد الصحفيين، حيث استُشهد خلالها خمسة صحفيين، كان من بينهم نور وزوجها. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ يوم واحد
- فلسطين أون لاين
"ليسوا أرقامًا".. "ضحى" "عادت للحياة" لتروي حكاية أطفالها الشهداء
غزة/ نبيل سنونو كان اليأس من بقائها حية سيد الموقف، لكنها استيقظت من غيبوبة كادت أن تأخذها إلى الأبد. شعرت ضحى الصيفي، الأم لأربعة أطفال، بجسدها المثقل، وفكها الذي لا يتحرك، وصوتها الغائب. لا تعرف ماذا حدث، ولا لماذا يهمس من حولها بشفاههم: "اتشاهدي يا ضحى... سامحينا". حاولت أن تسأل عن أولادها، لكن صوتها كان غائبا. بالكاد حركت يدها، وكتبت على لوح صغير: "أولادي بخير؟". جاءها الرد مبللا بالدموع: "عصافير بالجنة". تحاملت ضحى (32 عاما)، على نفسها، وكتبت: "الحمد لله... راضية"، وبعد شهر من مجزرة غيرت مسار حياتها، ترفع الأم المكلومة راية الحقيقة: أطفالي، ليسوا أرقاما". 7 أرواح بلحظة واحدة كان عيد الفطر 2025 على عكس ما تتمناه ضحى. أرادت أن تفرح أولادها: "زينا زي أي حدا بالعيد، قررنا نروح زيارة لأختي النازحة بمدرسة دار الأرقم بغزة". عندما اتصلت بأختها أخبرتها الأخيرة أن "الوضع صعب"، لكن ضحى أصرت، وأرادت أن ترى أختها وتسعد أولادها الذين كانوا متشوقين لخالتهم. أعدت لهم سفرة عيد بسيطة، تقول لـ "فلسطين أون لاين": "بالعادة بحشي ساندويشات، لكن هالمرة قررت أعملهم سفرة... وما كنت أعرف إنها آخر سفرة بتجمعنا". أخذت معهم دراجة أسامة، طفلها الأصغر، ليلعب بها. تضيف: "الطلعة كانت معترسة... كنت بدي ألغيها، بس ما رضيت أكسر فرحتهم". وصلوا المدرسة، استقبلتهم أختها في "المنورة". نزلت، ضمتها، وسلمت على بناتها. قدمت لها عصير كركديه، واحتفلوا بالعيد. نزل الأطفال إلى الساحة، يركضون ويضحكون. ابنها نور جاءها يقول إن طفلا كسر شباك السيارة. ضحكت، وطلبت من ريتال أن ترمي لها خمسة شواقل، أعطتها للطفل، وقالت له ممازحة: "شاطر، بس لا تلعب بالسيارة". لحظات بعد ذلك، كان نور في طريقه ليشرب الماء بالصف. أسامة يلهو على دراجته في الممر. أما ضحى، فكانت جالسة مع أختها وبناتها الثلاث وابنتها ريتال وابنة حماها. فجأة، لمع وميض، تلاه صوت قصف. تقول: "أول إشي خطر ببالي أسامة، بدي أروحله، بس ما قدرت. رفعت إصبعي وتشاهدت: اللهم استرني فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك". استهدفت الغارة المدرسة مباشرة. طارت ضحى في الهواء. فقدت وعيها. لاحقا أخبروها أنهم وجدوها في ساحة المدرسة. فقدت في الغارة: أطفالها ريتال (13 عاما)، ونور الحق (10 أعوام)، وأسامة (4 أعوام)، وشقيقتها وبناتها الثلاث. تقول: "سبعة راحوا بلحظة... كنت معهم وما قدرت أحميهم". ابنها سيف (12 عاما) نجا بأعجوبة. كان يلعب مع نور وابن خالته محمد. استشهد محمد، وأصيب رفيقهم الآخر بإصابات بالغة، لكن سيف خرج برضوض. أما ضحى فنقلت وقتها إلى المستشفى المعمداني بغزة، ووضعت في البداية على قائمة الشهداء. كانت فاقدة للوعي، ووجهها مشوه بالكامل. أصر زوجها وأهلها أن يحاول الأطباء إنقاذها. بعد العمليات، علمت أنها فقدت فكها السفلي، وأسنانها، وأُصيبت بيدها اليسرى إصابة بالغة، كما فقدت السمع بأذنها اليمنى وجزئيا باليسرى. أُدخلت غرفة العمليات، وقيل لعائلتها إنها لن تصحو من البنج، وستفقد النطق لفترة طويلة. بقيت على الأجهزة ٢٠ يوما، لا تأكل ولا تشرب قبل أن ترفع عنها وتعود للحياة بـ"معجزة". وبعد ٢٥ يوما، استردت صوتها. خضعت لعدة عمليات، منها: تركيب شريحة في الفك، وعمليتان في اليد، وزراعة رقعة من البطن استمرت ثلاثة أسابيع، وعلاج طبيعي مستمر للفك واليد، بينما ما زالت تعاني من كسور وعظام مفقودة في يدها. رسائل أخيرة لا تزال ضحى ترى أمام ناظريها ذكريات لا تنسى، تماما كأنها لا تزال تحتضن أطفالها الشهداء الثلاثة بين ذراعيها. تقول: "اللي بعرفني بعرف إني كنت مكرسة حياتي إلهم. كنت الأم، والأخت، والصديقة، وكل إشي. وما حدا كان يصدق إني ممكن أستوعب استشهادهم، لكن هذا فضل من ربنا، مش شطارتي". من الذكريات والرسائل الأخيرة، ما قالته ريتال، في أول يوم العيد، لصديقاتها: "العيد الجاي حيكون أحلى، أنا وأسامة بنكون بالجنة". ورغم بشاعة حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنها نزوح عائلة ضحى قسرا ٢٠ مرة داخل مدينة غزة، كانت ريتال ترفض التهجير القسري وتقول لأمها: "أنا مش خاينة لوطني". أما نور، فقال لصاحبه: "أنا حستشهد. وإذا اشتقتولي، قولوا لربنا يجيب ماما". تقول ضحى: "كانوا يسألوا كتير عن الجنة آخر فترة. كانوا استثنائيين، ومتعلقين ببعض كتير. أنشطتهم وفعالياتهم كلها مع بعض". بينما أسامة الذي ذهب أسبوعا واحدا فقط إلى الروضة، خلال وقف إطلاق النار بغزة، لم يتمكن من إكمال مسيرته في الحياة، أو التعليم. "نجوت لأحكي حكايتهم" دفن أسامة دون رأس بسبب فظاعة الغارة، بينما ريتال لم يعثر أهلها سوى على جزء من يدها اليمنى فقط، أما نور فكان جسده كاملا. "أنا ما متت... بقيت لأوصل صوت أولادي. ليعرف العالم إن أطفال غزة مش أرقام. أطفالنا عندهم أحلام وطموحات، زي كل أطفال العالم، ويمكن أكتر. أطفالي كانوا حياة... وكانوا وطن"، تقول ضحى التي تمتهن الصحافة. ثم بصوت خافت، لكنها متماسكة، تتمم: "أطفالي لساتهم أحياء... في قلبي، وفي كل حكاية بقولها عنهم". المصدر / فلسطين أون لاين