
بين الأسد الصاعد والوعد الصادق!
الحَرْبٌ مجردة من ملابسها، كحقيقة عارية (فى المعجم)، قتال بين دولتَيْن أو دُوَل، بين فئتَيْن، نِزاع مسلَّح..
فى أتون الحرب (الإيرانية/ الإسرائيلية)، التى أعلن الرئيس ترامب وقفها أمس، ارتدت الحرب ملابس دينية، مسوح الدجال، لتخفى سوءتها، وتتخفي، تتشح بأسماء وصفات دينية لإضفاء قداسة (مستنكرة) وبركات وتبريكات على سفك الدماء وقتل الأبرياء، وقصف المدنيين، وتدمير الحضارة الإنسانية.
الأديان بريئة مما يأفكون، وتديين خطاب الحرب والعدوان لا يخيل على الضمائر الحية التى تأنف الحرب وتبغض العدوان..
المراجع الدينية حول العالم تدين الحرب، وتستنكر تديينها، الأديان تدعو إلى السلام، وتحض على السلام، وتصلى من أجل السلام، «طوبى لصانعى السلام، لأنهم أبناء الله يدعون» (مت5: 9)
الحرب الإيرانية الإسرائيلية، اتشحت بخطاب دينى فاقع، وتسمت بأسماء دينية منكورة ، لتسويغ العدوان وتبليعه للعامة، الناس على وجوهها هائمون، حائرون يتساءلون فى جنون، ما كل هذا الجنون.. «وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد» (البقرة: 205).
معلوم الأسماء الدينية المخاتلة المطلوقة فى غمار الحرب، ظلال للدين والطائفة والهوية، ليست بريئة أو عفوية أو من دون دلالة، مشحونة بالبغضاء، فى تزاوج قبيح بين السياسى (الحربي) والديني.. راجع خطابات الحرب مزودة بمسيرات دينية مفخخة!
استحضار المدلول الدينى مخبوء فى مسيرات، ومحمول تحت جناح طائرات، ومحشو فى رؤوس صواريخ فرط صوتية، لن يغير من حقيقة الحرب، لن يسوغ أبدا العدوان، لن يحرف البوصلة الإنسانية عن إدراك مآسى الحرب ومخلفاتها من دماء وأشلاء وهدم وتشريد فى العراء.
أسماء تختبئ فى معارك، رسائل مشفرة فى حروب، وثأريات ماضوية تستحضرها ذاكرة مشيخية شريرة فى استخدام سياسى قبيح لما هو سام، الدين يسمو فوق الإحن والمحن والثارات، بردا وسلاما.
اسم العملية العدوانية الإسرائيلية على إيران أطلقت عليها المراجع الدينية فى أقبية الحاخامات اسم «الأسد الصاعد» إحياء لرمز الأسد والشمس، الذى كان شعار إيران وعلمها حتى الثورة الخومينية عام 1979م، والاسم مستمد من الكتاب المقدس، سفر العدد (23:24): «هُوَذَا شَعْبٌ يَقُومُ كَلبْوَةٍ وَيَرْتَفِعُ كَأَسَدٍ».
الرد الإيرانى من نفس المعين الديني، يعزف على الوتر الديني، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية «على خامنئي» شبّه عملية «الوعد الصادق» بأنها مثل «عصا موسي»، حيث اعتبر (فى أبيات للشعر من نظمه بالفارسية) ما ترجمته أن الصواريخ والطائرات من دون طيار التى أطلقتها إيران ضد إسرائيل أشبه بالعصا التى ألقاها موسى أمام سحرة فرعون فابتلعت (لقفت) ما سبق أن ألقوة من حبال وعصي.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية، لم تجد حرجا أن تطلق على طائرتها اسم وصف (طائرة يوم القيامة)، وهو مصطلح يطلق على فئة من الطائرات التى صُنعت لتكون مركز قيادة وطنيا محمولا جوا يستخدم عند نشوب حرب نووية أو كارثة أو نزاع آخر واسع النطاق يهدد البنى التحتية العسكرية والمدنية الرئيسة، وردت إيران بصواريخ «خيبر»، خيبر اسم ذو دلالة دينية من موروثات ماضوية، والصاروخ خيبر، صاروخ تدميرى معروف باسم «خرمشهر»، صاروخ باليستى دقيق التوجيه يعمل بالوقود السائل، ويُعد الجيل الرابع من سلسلة صواريخ خرمشهر الإيرانية.
طوّر هذا الصاروخ من قبل منظمة «الجوفضاء» التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، ويتميز بعدم حاجته إلى التوجيه فى المرحلة النهائية من مساره.. عارف طريقه لإحداث دمار واسع.
أمراء الحرب وقادتها كعادتهم التى جبلوا عليها من سنوات الحروب الصليبية، يحرفون الكلم الطيب عن مواضعه، الاستخدام الدينى للآيات والأسفار ، والأناجيل، والمزامير، فى أتون الحرب المسعورة يراكم شعورا بالحرب الدينية، الحرب الدينية أو الحرب المقدسة، حرب مسببة أو مبررة من أساسها بسبب الاختلافات الدينية. كثرت النقاشات فى أتون الحرب الإيرانية / الإسرائيلية، وقبلها غزو جيش الاحتلال لغزة، حول مدى غلبة الجوانب الدينية فى أى صراع ضمن حرب معينة. وفقًا لموسوعة الحروب، من بين جميع الصراعات التاريخية المسجلة البالغ عددها 1763 صراعا، كانت الاختلافات الدينية مسببة بشكل رئيسى فقط فى 123، أو 6.98% منها.
والكاتب الأمريكى «ماثيو وايت» فى كتابه «الكتاب الكبير العظيم للأشياء المروعة» يلفت النظر إلى الدين باعتباره سببًا رئيسيا فى 11 من أكثر الأعمال الوحشية الدموية حول العالم.
يرصد «ماثيو وايت» توافر العناصر الدينية بشكل علنى فى العديد من النزاعات، بما فى ذلك الصراع الإسرائيلى الفلسطيني، والحرب الأهلية السورية، والحروب فى أفغانستان والعراق ..
الحروب الدينية ، توصف فى الغرب بشكل مختلف، باعتبارها صراعات أصولية أو تطرفا دينيا، اعتمادًا على تعاطف الواصف ، ومع ذلك، غالبا ما تخلص الدراسات حول هذه الحالات إلى أن العداوات الدينية تسبب الكثير من النزاعات البشرية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقباط اليوم
منذ 23 دقائق
- الاقباط اليوم
شاركوا في اغتيال شخصية بارزة.. تفاصيل إعدام 3 جواسيس جندهم الموساد بإيران
وكالات نفذت السلطات الإيرانية صباح اليوم الأربعاء، حكم الإعدام بحق 3 جواسيس جندهم "الموساد" الإسرائيلي وقاموا بتهريب معدات للتفجيرات بهدف تنفيذ اغتيال إحدى الشخصيات البارزة في البلاد. وذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن تنفيذ الإعدام بحق الجواسيس الثلاثة تم في أرومية بمحافظة أذربيجان الشرقية، وفقا لروسيا اليوم. أضافت وسائل الإعلام: "في إطار الإجراءات الحاسمة التي يتخذها الجهاز القضائي الإيراني ضد عملاء النظام الصهيوني، تم صباح اليوم تنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة من العناصر العميلة للنظام الصهيوني الذين قاموا بتهريب معدّات إرهابية إلى البلاد". وأشارت إلى أن الجواسيس إدريس عالي فرزند صالح، وآزاد شجاعي فرزند عبد الرحمن، ورسول أحمد رسول فرزند أحمد، تم اعتقالهم وملاحقتهم قضائيا بتهمة "محاربة الله والفساد في الأرض" لتعاونهم مع دول خارجية معادية نيابة عن إسرائيل، بعد أن قاموا بإدخال معدات التفجير إلى البلاد بهدف اغتيال شخصيات بارزة. وقد قام هؤلاء المتهمون بتهريب معدات الاغتيال ضمن شحنة تحت غطاءً المشروبات الكحولية، ما أسفر في النهاية عن اغتيال إحدى الشخصيات. وفي سياق متصل، تمكنت أجهزة الاستخبارات والأمن الإيرانية من اعتقال أكثر من 700 من شبكة جواسيس إسرائيل خلال 12 يوما، وهي الفترة التي استمرت خلالها الحرب المفاجئة التي شنتها إسرائيل على إيران يوم 13 يونيو وتوقفت يوم أمس 23 يونيو بإعلان وقف إطلاق النار من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. جدير بالذكر أن معظم الاعتقالات كانت في محافظات كرمانشاه، وأصفهان، وخوزستان، وفارس، ولرستان على التوالي، كما أنه لم يُعلن بعد عن العدد الدقيق للاعتقالات في محافظة طهران.

بوابة ماسبيرو
منذ 26 دقائق
- بوابة ماسبيرو
تقرير: الضربات الأمريكية لإيران أخرت طموحاتها النووية لبضعة أشهر فقط
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الأربعاء، أن تقريرا استخباراتيا أمريكيا أوليا أظهر أن الضربات التي نفذها الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي واستهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية لم تؤد إلا إلى تأخير طموحات طهران النووية لبضعة أشهر فقط، وفقا لمصادر مطلعة على فحوى التقرير. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن ما خلص إليه التقرير يتعارض مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والبيت الأبيض التي أشارت إلى أن الضربات شكلت انتكاسة كبيرة للبرنامج النووي الإيراني. وكان ترامب قد أعلن عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران مساء "الإثنين"، وذلك بعد ساعات من إطلاق إيران صواريخ على قاعدة أمريكية في قطر، في هجوم تم التحذير منه مسبقا ولم يسفر عن وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح. وأعلنت إسرائيل أمس رفع معظم القيود المفروضة على حركة المدنيين والنشاط الاقتصادي التي كانت قائمة خلال فترة القتال التي استمرت 12 يوما ، فيما أكدت هيئة المطارات الإسرائيلية أن مطاري بن جوريون وحيفا عادا إلى العمل بشكل كامل. وأكدت إسرائيل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قائلة إنها حققت أهدافها العسكرية من خلال إزالة ما وصفته بـ"التهديد الوجودي المزدوج" المتمثل في برنامجي إيران النووي والصاروخي. وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الإيراني أن بلاده ستوقف هجماتها ما دامت إسرائيل ملتزمة بوقفها.


الأسبوع
منذ 27 دقائق
- الأسبوع
مصطفى بكري ناعيا الكاتب الكبير محمد عبد المنعم: صاحب رحلة طويلة من العطاء والألم
الكاتب الصحفي الكبير محمد عبد المنعم أحمد عبد الناصر نعى الكاتب والإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، الكاتب الصحفي محمد عبد المنعم، الذي رحل عن عن عالمنا صباح أمس الثلاثاء بعد صراع طويل مع المرض. وقال بكري، في تغريدة عبر حسابه على منصة إكس: رحل محمد عبد المنعم الكاتب الصحفي الكبير، والمراسل الحربي الذي أمضى فترة طويلة من حياته علي جبهات القتال، والذي تولى رئاسة مجلس إدارة روز اليوسف، ومنصب السكرتير الصحفي للرئيس السادات. وأضاف بكري: كان الراحل الكريم صديقا للصحفيين، وصاحب تجارب ومواقف وطنية متميزة، لقد رحل محمد عبد المنعم بعد رحلة طويلة من العطاء والألم. وتابع بكري: رحم الله الكاتب الكبير، والعزاء لأسرته وتلاميذه ومحبيه، ولنجليه الكاتب الصحفي الكبير أشرف عبد المنعم، والإعلامي القدير تامر عبد المنعم.