logo
الهند وباكستان وحرب الكوارث النووية

الهند وباكستان وحرب الكوارث النووية

البوابةمنذ يوم واحد

علي الرغم من اعتقادي الشخصي أن الحرب النووية ضرب من الخيال؛ وأن الأسلحة النووية هي للردع فقط؛ وأن أول وآخر استخدام للأسلحة النووية كان يوم 6 و9 أغسطس عام 1945، والذي كان له نتائج كارثية علي مدينتي هيروشيما وناجازاكي؛ وأن إزالة الأسلحة النووية من علي كوكب الأرض هو أفضل وسيلة للوقاية من أخطارها؛ ذلك أن مجرد وجود أسلحة نووية في حوزة الدول، يبقى خطر انفجارها قائما، سواء كان تم ذلك عمدا أو عرضيا، بسبب خطأ بشري، أو قراصنة، أو إرهابيين، أو أعطال في الحواسب
الآلية
، أو بيانات خاطئة من الأقمار الصناعية، أو
بقرار من
قا
ئد
غير م
تزن عقليا
.
يتم التعبير عن الطاقة التفجيرية للسلاح النووي أو القوة التدميرية للسلاح النووي أو العائد الانفجاري لسلاح نووي، بكمية الطاقة المنبعثة من الانفجار النووي، وهي تشمل الطاقة الناتجة من صدمة الانفجار والإشعاع الحراري والإشعاع النووي. ويعبر عنه عادة بمكافئ مادة تي إن تي (TNT)، وهو الكتلة المكافئة القياسية لمادة ثلاثي نيتروتولوين (TNT) التي تنتج نفس تفريغ الطاقة عند تفجيرها، إما بالكيلوطن (آلاف الأطنان من مادة تي إن تي) أو بالميجا طن (ملايين الأطنان من مادة تي إن تي). لتصنيع قنبلة نووية انشطارية بقوة انفجارية كيلوطن واحد، تحتاج ما بين 1 إلى 2 كجم من البلوتونيوم أو ما بين 5 إلى 10 كجم من اليورانيوم عالي التخصيب.
وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). واعتبارا من يناير 2024، قدر معهد سيبري وجود 12،121 رأسا نوويا حول العالم. من بين هذه الرؤوس، يوجد حوالي 9،585 رأسا نوويا في المخزونات العسكرية، منها 3،904 رؤوس نشطة - أي بزيادة 60 رأسا عن العام السابق. وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا معا أكثر من 8،000 سلاح نووي.
بالرجوع بالذاكرة إلي كارثة هيروشيما وناجازاكي، نجد أن قنبلة هيروشيما كانت بقوة 15 كيلوطن وقنبلة ناجازاكي كانت بقوة 25 كيلوطن. مات في يوم انفجار هذه القنابل (6 و9 أغسطس 1945) حوالي 70 ألف شخص في
هيروشيما، وحوالي 40 ألف شخص في ناجازاكي، وبحلول نهاية سنة 1945، وصل عدد الموتى إلى حوالي 145 ألف شخص في هيروشيما (أصل عدد سكانها 350 ألف نسمة)، وحوالي 75 ألف شخص في ناجازاكي (أصل عدد سكانها 240 ألف نسمة). بالإضافة إلي أن القوة التدميرية الشديدة
والإشعاع الحراري
المصاحب للانفجار، دمر وأحرق أكثر من 85% من المباني. ولم تنته الكارثة عند هذا الحد، لكن معظم الناجين أصيبوا بالسرطان والحروق الشديدة وحروق الجلد الإشعاعية والتسمم الإشعاعي وأمراض الأعصاب والعيون والعديد من الأمراض المزمنة نتيجة سوء التغذية.
الدولتان الهند وباكستان، تمتلكان وسائل نقل متطورة لنقل القنابل النووية، ومهاجمة جميع مدن الدولة الأخرى، ومنها ما هو صواريخ باليستية مجهزة تحمل رأسا نوويا. وحسب المعلومات المتاحة لدينا، نجد أن عدد الأسلحة النووية لدي الهند تقدر بـ 172، و​​القوة التفجيرية للأسلحة النووية الهندية تتراوح بين 10 و40 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي". ولدي باكستان 170 سلاحا نوويا، وأكبر تجربة نووية باكستانية تمت كانت بقوة تفجيرية مقدارها 40 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي".
معظم أهوال ومعاناة الحرب النووية ستحل مباشرة على سكان المدن الهندية والباكستانية المستهدفة بالأسلحة
النووية. ستتحول الطرق وأنظمة النقل، والمستشفيات والصيدليات، ومعدات مكافحة الحرائق، والاتصالات إلى أنقاض، في منطقة دمار شامل تمتد لأميال. الدمار الواسع سوف يقضي على البنية التحتية للمدن الهندية والباكستانية المستهدفة بالأسلحة النووية. البنية التحتية التي دمرت كانت مطلوبة لعمليات التعافي من الكارثة التي حلت بالبلاد والعباد، لذلك سيزداد الوضع سوءا.
في انفجار قنبلة نووية، يتم إطلاق حوالي 90% من الطاقة في أقل من جزء من المليون من الثانية، وهو انفجار شديد من الإشعاع النووي، وخاصة أشعة جاما والنيوترونات، وله تأثيره الفوري المميت، ويستمر أقل من ثانية. من انفجار قنبلة نووية قوتها 15 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي"، يمتد الإشعاع النووي المباشر المميت إلي مسافة 1.6 كم تقريبا.
ومن الانفجار النووي تتشكل غازات أكثر سخونة من نواة الشمس البالغة 15 مليون درجة مئوية، ومنها تتشكل كرة من النار من هواء شديد الحرارة وتنمو بسرعة جدا. كرة النار نتيجة انفجار قنبلة قوتها 15 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي"، تغطي دائرة نصف قطرها حوالي 100 مترا، وتتسبب في موت الناس والأحياء المتواجدين داخل هذه الدائرة. وفي بعض الظروف قد تتجمع الحرائق في حريق عملاق واحد يسمى "العاصفة النارية". يستمر هذا الوميض الحراري لعدة ثوانٍ، ويمثل أكثر من ثلث الطاقة التفجيرية للقنبلة النووية. يمكن للحرارة الشديدة أن تشعل الحرائق وتتسبب في حروق شديدة، كما تستهلك النار ما يكفي من أكسجين الجو لخنق الناجين المتبقين.
مع اندفاع كرة النار في الهواء المحيط ومع سرعة توسعها، فإنها تخلق موجة انفجارية، تتكون من قفزة مفاجئة في ضغط الهواء، تنتهي موجة الانفجار خلال دقيقة، لكن الدمار الفوري قد لا ينتهي. تتحرك الموجة الانفجارية إلى الخارج مبدئيا بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة، ولكنها تتباطأ مع انتشارها. إنها تحمل حوالي نصف الطاقة التفجيرية للسلاح النووي، وهي المسؤولة عن معظم الدمار المادي. وحول مركز انفجار قنبلة نووية قوتها 15 كيلو طنا مكافئا من مادة "تي إن تي" سوف تنطلق قوة ضغط تدميرية شديدة، في دائرة يبلغ نصف قطرها حوالي 1.6 كيلومترا، تتسبب في تدمير وإتلاف كامل لجميع المباني والهياكل المبنية داخل هذه الدائرة. بالطبع مسافة التدمير تعتمد بشكل مباشر على قوة السلاح النووي.
كرة النار المتكونة سريعة الارتفاع ومتوسعة، ومع ارتفاعها، تتمدد وتبرد، وتنتج سحابة الفطر المميزة. الارتفاع الذي وصلت إليه السحابة يعتمد على قوة السلاح النووي. عندما تكون القوة التدميرية للسلاح النووي في نطاق منخفض من الكيلوطن مكافئ من مادة "تي إن تي"، ستبقى السحابة في طبقة الغلاف الجوي السفلي، وستكون آثارها بالكامل في منطقة التفجير، بمعني أن تساقط المواد المشعة الثقيلة سيكون في منطقة الانفجار، وانتشار المواد المشعة الخفيفة يعتمد علي الرياح وشدتها.
إذا تجاوزت قوة السلاح النووي نطاق الـ 30 كيلو طنا، فإن جزءا من السحابة – غبار نووي ودخان (سخام) - سوف تصل لطبقة الستراتوسفير، التي تمتد من ارتفاع 18 كيلومترا إلى نحو 50 كيلومترا فوق
، أي تمتد في الارتفاع إلى نحو 80 كيلومترا، وهناك آثار واسعة النطاق على طبقة الأوزون الموجودة في طبقة الستراتوسفير، والتي تساعد على حماية الحياة على الأرض من إشعاعات الشمس فوق البنفسجية. فمع امتصاص الدخان في طبقة الستراتوسفير لأشعة الشمس، سترتفع درجة حرارة الستراتوسفير بمقدار 30 درجة مئوية. وفي طبقة الستراتوسفير الساخنة، ستؤدي التفاعلات الكيميائية إلى تدمير الأوزون، مما يتسبب في فقدان عالمي للأوزون بنسبة تتراوح بين 20% و50% فوق المناطق المأهولة بالسكان. وستزداد الأشعة فوق البنفسجية بنسبة تتراوح بين 30% و80% فوق خطوط العرض المتوسطة، مما يُحتمل أن يسبب أضرارا واسعة النطاق على صحة الإنسان والزراعة والنظم البيئية الأرضية والمائية.
هناك ورقة بحثية نشرت عام 2014 خلصت إلى أن، لو استخدمت الهند 50 سلاحا نوويا وباكستان 50 سلاحا نوويا في هجومهما النووي المتبادل على المراكز السكانية، وبقوة تفجيرية للسلاح النووي الواحد تساوي 15 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي" (أي بسلاح نووي تكتيكي)، تكون القوة التفجيرية الاجمالية 1500 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي"، وطبقا للتقديرات، نجد أن هذا من شأنه أن يقتل ما يصل إلى 20% من السكان على الفور، من خلال الانفجار والحرارة وتأثيرات الإشعاع الفوري (النيوترونات وأشعة جاما)، هو رقم ضخم. وهذا الرقم لا يشمل الوفيات الإضافية الناجمة عن الحرائق، أو نقص الرعاية الطبية، أو الجوع، أو تساقط الغبار النووي المميت، الذي يتساقط على الأرض في اتجاه الريح من نقاط انفجار الأسلحة.
وتوقعت الدراسة أن هذه الحرب النووية المحدودة بين الهند وباكستان، ستشعل 100 عاصفة نارية. والعواصف النارية هي حرائق ذاتية التغذية، تمتص الهواء داخلها، وتولد أعمدة هائلة من الدخان الأسود (السخام) المتصاعد الذي يرتفع إلى طبقة الستراتوسفير، حيث ينتشر عالميا، وتوقعت أن تكون كمية ما تطلقه هذه الحرب من الدخان الأسود، يتراوح ما بين 5 ملايين و45 مليون طن.
كما توقعت الدراسة حدوث "خريف نووي"، نتيجة حجب الدخان الأسود لطاقة الشمس، مما يؤدي لانخفاض متوسط ​​درجة الحرارة العالمية، والذي سيؤدي إلي انخفاض كبير في إنتاجية (غلة) المحاصيل. كما توقعت الدراسة انخفاض في ​​هطول الأمطار السنوية بنسبة من 20% إلي 80%، في منطقة الرياح الموسمية الآسيوية، والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا. وسينخفض ​​هطول الأمطار العالمي بنسبة 6%، مما يؤدي إلى زيادة في حالات الجفاف الإقليمية.
لابد وأن نعرف أن كوارث الحرب النووية عابرة للحدود، وهي أيضا كارثية من وجهة نظر الدول الأخرى التي لم تتعرض لهجوم مباشر والبعيدة عن القتال، هذه الدول يمكن أن تعاني بشدة، بسبب الأضرار التي لحقت بالبيئة العالمية، وهناك صعوبات قد تواجهها في التعافي من هذه الحرب. لذلك، الحرب النووية المحدودة بين الهند وباكستان، سوف تشكل تهديدا كارثيا لمناخ كوكب الأرض.
في ورقة بحثية نشرت عام 2022، خلصت إلي أن أكثر من ملياري شخص سيموتون نتيجة حرب نووية "محدودة" بين الهند وباكستان، وأن أكثر من 5 مليارات شخص قد يموتون نتيجة نشوب حرب نووية عالمية واسعة النطاق، وحدوث "الشتاء النووي".
قد تكون الحرب النووية المحدودة، مثل الحرب بين باكستان الهند مدمرة إقليميا، ولها تأثير عالمي محدود، على الأقل إذا قصرنا اهتمامنا على العواقب المادية المباشرة والفورية، مع حدوث "خريف نووي"، وهو ربع تأثير "الشتاء النووي". لكن الحروب النووية المحدودة تعتبر خطرا كارثيا عالميا، لأنها تزيد من احتمال نشوب حرب نووية شاملة. هذا هو بالضبط السبب في أن المحرمات النووية ثمينة للغاية، وعبور العتبة النووية إلى منطقة مجهولة، أمر خطير للغاية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الهند وباكستان وحرب الكوارث النووية
الهند وباكستان وحرب الكوارث النووية

البوابة

timeمنذ يوم واحد

  • البوابة

الهند وباكستان وحرب الكوارث النووية

علي الرغم من اعتقادي الشخصي أن الحرب النووية ضرب من الخيال؛ وأن الأسلحة النووية هي للردع فقط؛ وأن أول وآخر استخدام للأسلحة النووية كان يوم 6 و9 أغسطس عام 1945، والذي كان له نتائج كارثية علي مدينتي هيروشيما وناجازاكي؛ وأن إزالة الأسلحة النووية من علي كوكب الأرض هو أفضل وسيلة للوقاية من أخطارها؛ ذلك أن مجرد وجود أسلحة نووية في حوزة الدول، يبقى خطر انفجارها قائما، سواء كان تم ذلك عمدا أو عرضيا، بسبب خطأ بشري، أو قراصنة، أو إرهابيين، أو أعطال في الحواسب الآلية ، أو بيانات خاطئة من الأقمار الصناعية، أو بقرار من قا ئد غير م تزن عقليا . يتم التعبير عن الطاقة التفجيرية للسلاح النووي أو القوة التدميرية للسلاح النووي أو العائد الانفجاري لسلاح نووي، بكمية الطاقة المنبعثة من الانفجار النووي، وهي تشمل الطاقة الناتجة من صدمة الانفجار والإشعاع الحراري والإشعاع النووي. ويعبر عنه عادة بمكافئ مادة تي إن تي (TNT)، وهو الكتلة المكافئة القياسية لمادة ثلاثي نيتروتولوين (TNT) التي تنتج نفس تفريغ الطاقة عند تفجيرها، إما بالكيلوطن (آلاف الأطنان من مادة تي إن تي) أو بالميجا طن (ملايين الأطنان من مادة تي إن تي). لتصنيع قنبلة نووية انشطارية بقوة انفجارية كيلوطن واحد، تحتاج ما بين 1 إلى 2 كجم من البلوتونيوم أو ما بين 5 إلى 10 كجم من اليورانيوم عالي التخصيب. وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). واعتبارا من يناير 2024، قدر معهد سيبري وجود 12،121 رأسا نوويا حول العالم. من بين هذه الرؤوس، يوجد حوالي 9،585 رأسا نوويا في المخزونات العسكرية، منها 3،904 رؤوس نشطة - أي بزيادة 60 رأسا عن العام السابق. وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا معا أكثر من 8،000 سلاح نووي. بالرجوع بالذاكرة إلي كارثة هيروشيما وناجازاكي، نجد أن قنبلة هيروشيما كانت بقوة 15 كيلوطن وقنبلة ناجازاكي كانت بقوة 25 كيلوطن. مات في يوم انفجار هذه القنابل (6 و9 أغسطس 1945) حوالي 70 ألف شخص في هيروشيما، وحوالي 40 ألف شخص في ناجازاكي، وبحلول نهاية سنة 1945، وصل عدد الموتى إلى حوالي 145 ألف شخص في هيروشيما (أصل عدد سكانها 350 ألف نسمة)، وحوالي 75 ألف شخص في ناجازاكي (أصل عدد سكانها 240 ألف نسمة). بالإضافة إلي أن القوة التدميرية الشديدة والإشعاع الحراري المصاحب للانفجار، دمر وأحرق أكثر من 85% من المباني. ولم تنته الكارثة عند هذا الحد، لكن معظم الناجين أصيبوا بالسرطان والحروق الشديدة وحروق الجلد الإشعاعية والتسمم الإشعاعي وأمراض الأعصاب والعيون والعديد من الأمراض المزمنة نتيجة سوء التغذية. الدولتان الهند وباكستان، تمتلكان وسائل نقل متطورة لنقل القنابل النووية، ومهاجمة جميع مدن الدولة الأخرى، ومنها ما هو صواريخ باليستية مجهزة تحمل رأسا نوويا. وحسب المعلومات المتاحة لدينا، نجد أن عدد الأسلحة النووية لدي الهند تقدر بـ 172، و​​القوة التفجيرية للأسلحة النووية الهندية تتراوح بين 10 و40 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي". ولدي باكستان 170 سلاحا نوويا، وأكبر تجربة نووية باكستانية تمت كانت بقوة تفجيرية مقدارها 40 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي". معظم أهوال ومعاناة الحرب النووية ستحل مباشرة على سكان المدن الهندية والباكستانية المستهدفة بالأسلحة النووية. ستتحول الطرق وأنظمة النقل، والمستشفيات والصيدليات، ومعدات مكافحة الحرائق، والاتصالات إلى أنقاض، في منطقة دمار شامل تمتد لأميال. الدمار الواسع سوف يقضي على البنية التحتية للمدن الهندية والباكستانية المستهدفة بالأسلحة النووية. البنية التحتية التي دمرت كانت مطلوبة لعمليات التعافي من الكارثة التي حلت بالبلاد والعباد، لذلك سيزداد الوضع سوءا. في انفجار قنبلة نووية، يتم إطلاق حوالي 90% من الطاقة في أقل من جزء من المليون من الثانية، وهو انفجار شديد من الإشعاع النووي، وخاصة أشعة جاما والنيوترونات، وله تأثيره الفوري المميت، ويستمر أقل من ثانية. من انفجار قنبلة نووية قوتها 15 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي"، يمتد الإشعاع النووي المباشر المميت إلي مسافة 1.6 كم تقريبا. ومن الانفجار النووي تتشكل غازات أكثر سخونة من نواة الشمس البالغة 15 مليون درجة مئوية، ومنها تتشكل كرة من النار من هواء شديد الحرارة وتنمو بسرعة جدا. كرة النار نتيجة انفجار قنبلة قوتها 15 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي"، تغطي دائرة نصف قطرها حوالي 100 مترا، وتتسبب في موت الناس والأحياء المتواجدين داخل هذه الدائرة. وفي بعض الظروف قد تتجمع الحرائق في حريق عملاق واحد يسمى "العاصفة النارية". يستمر هذا الوميض الحراري لعدة ثوانٍ، ويمثل أكثر من ثلث الطاقة التفجيرية للقنبلة النووية. يمكن للحرارة الشديدة أن تشعل الحرائق وتتسبب في حروق شديدة، كما تستهلك النار ما يكفي من أكسجين الجو لخنق الناجين المتبقين. مع اندفاع كرة النار في الهواء المحيط ومع سرعة توسعها، فإنها تخلق موجة انفجارية، تتكون من قفزة مفاجئة في ضغط الهواء، تنتهي موجة الانفجار خلال دقيقة، لكن الدمار الفوري قد لا ينتهي. تتحرك الموجة الانفجارية إلى الخارج مبدئيا بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة، ولكنها تتباطأ مع انتشارها. إنها تحمل حوالي نصف الطاقة التفجيرية للسلاح النووي، وهي المسؤولة عن معظم الدمار المادي. وحول مركز انفجار قنبلة نووية قوتها 15 كيلو طنا مكافئا من مادة "تي إن تي" سوف تنطلق قوة ضغط تدميرية شديدة، في دائرة يبلغ نصف قطرها حوالي 1.6 كيلومترا، تتسبب في تدمير وإتلاف كامل لجميع المباني والهياكل المبنية داخل هذه الدائرة. بالطبع مسافة التدمير تعتمد بشكل مباشر على قوة السلاح النووي. كرة النار المتكونة سريعة الارتفاع ومتوسعة، ومع ارتفاعها، تتمدد وتبرد، وتنتج سحابة الفطر المميزة. الارتفاع الذي وصلت إليه السحابة يعتمد على قوة السلاح النووي. عندما تكون القوة التدميرية للسلاح النووي في نطاق منخفض من الكيلوطن مكافئ من مادة "تي إن تي"، ستبقى السحابة في طبقة الغلاف الجوي السفلي، وستكون آثارها بالكامل في منطقة التفجير، بمعني أن تساقط المواد المشعة الثقيلة سيكون في منطقة الانفجار، وانتشار المواد المشعة الخفيفة يعتمد علي الرياح وشدتها. إذا تجاوزت قوة السلاح النووي نطاق الـ 30 كيلو طنا، فإن جزءا من السحابة – غبار نووي ودخان (سخام) - سوف تصل لطبقة الستراتوسفير، التي تمتد من ارتفاع 18 كيلومترا إلى نحو 50 كيلومترا فوق ، أي تمتد في الارتفاع إلى نحو 80 كيلومترا، وهناك آثار واسعة النطاق على طبقة الأوزون الموجودة في طبقة الستراتوسفير، والتي تساعد على حماية الحياة على الأرض من إشعاعات الشمس فوق البنفسجية. فمع امتصاص الدخان في طبقة الستراتوسفير لأشعة الشمس، سترتفع درجة حرارة الستراتوسفير بمقدار 30 درجة مئوية. وفي طبقة الستراتوسفير الساخنة، ستؤدي التفاعلات الكيميائية إلى تدمير الأوزون، مما يتسبب في فقدان عالمي للأوزون بنسبة تتراوح بين 20% و50% فوق المناطق المأهولة بالسكان. وستزداد الأشعة فوق البنفسجية بنسبة تتراوح بين 30% و80% فوق خطوط العرض المتوسطة، مما يُحتمل أن يسبب أضرارا واسعة النطاق على صحة الإنسان والزراعة والنظم البيئية الأرضية والمائية. هناك ورقة بحثية نشرت عام 2014 خلصت إلى أن، لو استخدمت الهند 50 سلاحا نوويا وباكستان 50 سلاحا نوويا في هجومهما النووي المتبادل على المراكز السكانية، وبقوة تفجيرية للسلاح النووي الواحد تساوي 15 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي" (أي بسلاح نووي تكتيكي)، تكون القوة التفجيرية الاجمالية 1500 كيلو طنا مكافئ من مادة "تي إن تي"، وطبقا للتقديرات، نجد أن هذا من شأنه أن يقتل ما يصل إلى 20% من السكان على الفور، من خلال الانفجار والحرارة وتأثيرات الإشعاع الفوري (النيوترونات وأشعة جاما)، هو رقم ضخم. وهذا الرقم لا يشمل الوفيات الإضافية الناجمة عن الحرائق، أو نقص الرعاية الطبية، أو الجوع، أو تساقط الغبار النووي المميت، الذي يتساقط على الأرض في اتجاه الريح من نقاط انفجار الأسلحة. وتوقعت الدراسة أن هذه الحرب النووية المحدودة بين الهند وباكستان، ستشعل 100 عاصفة نارية. والعواصف النارية هي حرائق ذاتية التغذية، تمتص الهواء داخلها، وتولد أعمدة هائلة من الدخان الأسود (السخام) المتصاعد الذي يرتفع إلى طبقة الستراتوسفير، حيث ينتشر عالميا، وتوقعت أن تكون كمية ما تطلقه هذه الحرب من الدخان الأسود، يتراوح ما بين 5 ملايين و45 مليون طن. كما توقعت الدراسة حدوث "خريف نووي"، نتيجة حجب الدخان الأسود لطاقة الشمس، مما يؤدي لانخفاض متوسط ​​درجة الحرارة العالمية، والذي سيؤدي إلي انخفاض كبير في إنتاجية (غلة) المحاصيل. كما توقعت الدراسة انخفاض في ​​هطول الأمطار السنوية بنسبة من 20% إلي 80%، في منطقة الرياح الموسمية الآسيوية، والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا. وسينخفض ​​هطول الأمطار العالمي بنسبة 6%، مما يؤدي إلى زيادة في حالات الجفاف الإقليمية. لابد وأن نعرف أن كوارث الحرب النووية عابرة للحدود، وهي أيضا كارثية من وجهة نظر الدول الأخرى التي لم تتعرض لهجوم مباشر والبعيدة عن القتال، هذه الدول يمكن أن تعاني بشدة، بسبب الأضرار التي لحقت بالبيئة العالمية، وهناك صعوبات قد تواجهها في التعافي من هذه الحرب. لذلك، الحرب النووية المحدودة بين الهند وباكستان، سوف تشكل تهديدا كارثيا لمناخ كوكب الأرض. في ورقة بحثية نشرت عام 2022، خلصت إلي أن أكثر من ملياري شخص سيموتون نتيجة حرب نووية "محدودة" بين الهند وباكستان، وأن أكثر من 5 مليارات شخص قد يموتون نتيجة نشوب حرب نووية عالمية واسعة النطاق، وحدوث "الشتاء النووي". قد تكون الحرب النووية المحدودة، مثل الحرب بين باكستان الهند مدمرة إقليميا، ولها تأثير عالمي محدود، على الأقل إذا قصرنا اهتمامنا على العواقب المادية المباشرة والفورية، مع حدوث "خريف نووي"، وهو ربع تأثير "الشتاء النووي". لكن الحروب النووية المحدودة تعتبر خطرا كارثيا عالميا، لأنها تزيد من احتمال نشوب حرب نووية شاملة. هذا هو بالضبط السبب في أن المحرمات النووية ثمينة للغاية، وعبور العتبة النووية إلى منطقة مجهولة، أمر خطير للغاية.

الصين تغير تاريخ الحروب بـ«الرأس غير النووي»
الصين تغير تاريخ الحروب بـ«الرأس غير النووي»

العين الإخبارية

time٢٤-٠٤-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

الصين تغير تاريخ الحروب بـ«الرأس غير النووي»

في خطوة غير مسبوقة، أجرت الصين مؤخرًا اختبارًا ميدانيًا ناجحًا لأول رأس حربي يستخدم تقنية تفجير هيدروجيني غير نووي. ويُعد هذا الإنجاز طفرة تكنولوجية في مجال الأسلحة المتقدمة، حيث تمكن العلماء الصينيون من تطوير رأس حربي متفجر يعتمد على الهيدروجين ويولد قوة تفجيرية تفوق بكثير ما يمكن أن تنتجه المتفجرات التقليدية مثل مادة "تي إن تي"، بحسب موقع مجلة "مليتري ووتش". وجرى تنفيذ هذا التفجير التجريبي في ظروف خاضعة للسيطرة الدقيقة، حيث أسفر الرأس الحربي عن توليد كرة نارية هائلة تجاوزت درجة حرارتها 1000 درجة مئوية واستمرت في الاشتعال لمدة تزيد على ثانيتين. ما يعادل نحو 15 ضعفا مدة اشتعال كرة نارية ناتجة عن انفجار مكافئ يستخدم مادة "تي إن تي". هذا الابتكار الصيني يأتي ليشكل "إضافة هامة" يُمكن تطبيقها على مجموعة واسعة من المعدات والأسلحة العسكرية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، والمدفعية الثقيلة، بالإضافة إلى صواريخ "الجو-جو" التي تستخدمها الطائرات الحربية. ويتوقع أن يُحدث وجود رأس حربي صغير الحجم وخفيف الوزن، وذو قدرة تدميرية عالية، تحولًا جذريًا في تكتيكات القتال وفي شكل التوازنات العسكرية عالميًا. وجرى تطوير هذا الجهاز الثوري من قبل معهد الأبحاث رقم 705 التابع لمؤسسة بناء السفن الحكومية الصينية، وهي مؤسسة بارزة في مجال البحث والتطوير التقني العسكري. ويعتمد الرأس الحربي على مادة تُعرف باسم "هيدريد المغنيسيوم"، وهي مادة صلبة تُستخدم لتخزين الهيدروجين بكفاءة عالية، وتتفوق على الخزانات التقليدية المضغوطة في قدرتها على احتواء كميات كبيرة من الهيدروجين في حيّز صغير. وتتمثل آلية عمل هذا السلاح في استخدام متفجرات تقليدية لتحفيز تفكك حراري سريع لمركب هيدريد المغنيسيوم، مما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من غاز الهيدروجين. وعند اختلاط هذا الغاز بالأكسجين واشتعاله، تنطلق نيران هائلة تستمر في الاشتعال، مشكلةً جحيمًا من اللهب قادرًا على إحراق وتدمير مساحات واسعة خلال فترة زمنية قصيرة. وصرّح الباحثون الصينيون المشاركون في التجربة، بأن "انفجارات غاز الهيدروجين لا تحتاج إلا لطاقة إشعال بسيطة جدًا لتبدأ، كما أن لها نطاق انفجار واسع، وتولد ألسنة لهب تمتد بسرعة وتنتشر على نطاق واسع… وهذه الخصائص تجعل من الممكن التحكم بدقة في شدة الانفجار، ما يسمح بإحداث دمار منتظم ومنتشر على مساحات شاسعة". الأكثر لفتًا للانتباه أن الصين تُعد حاليًا الدولة الوحيدة في العالم التي تملك القدرة على إنتاج مادة هيدريد المغنيسيوم بكميات صناعية كبيرة، حيث تشير التقديرات إلى أن الإنتاج السنوي قد يتجاوز 150 طنًا. هذا التفوق الصناعي يعطي الصين ميزة إستراتيجية في امتلاك هذا النوع الجديد من الأسلحة المتقدمة، الذي قد يصعب على الدول الأخرى اللحاق به في المستقبل القريب. aXA6IDEwNC4yNTIuMTMwLjE3MiA= جزيرة ام اند امز GB

قنبلة الهيدروجين الصينية.. سلاح غير نووي يحترق كالجحيم ويذيب المعدن
قنبلة الهيدروجين الصينية.. سلاح غير نووي يحترق كالجحيم ويذيب المعدن

البيان

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • البيان

قنبلة الهيدروجين الصينية.. سلاح غير نووي يحترق كالجحيم ويذيب المعدن

في قفزة جديدة بعالم التسليح، أعلن باحثون صينيون عن تطوير قنبلة هيدروجينية غير نووية فائقة الحرارة، قادرة على إطلاق كرة نارية تبلغ حرارتها أكثر من 1000 درجة مئوية – أي ما يكفي لإذابة المعدن وتحويل ساحة المعركة إلى جحيم مستعر. رغم أن وزنها لا يتجاوز 2 كيلوجرام فقط، فإن هذه القنبلة تتفوق بمرات على القنابل التقليدية المصنوعة من مادة TNT، ليس في شدة الانفجار، بل في القدرة على إحداث دمار حراري ممتد وزمن اشتعال طويل يتجاوز ثانيتين، مقارنة بجزء من الثانية في القنابل العادية. السر يكمن في هيدريد المغنيسيوم، وهو مسحوق صلب يُخزن الهيدروجين بداخله، وعند تفجيره باستخدام بادئات متفجرة، يتحول هذا المسحوق إلى جزيئات تطلق الهيدروجين الذي يشتعل بسرعة هائلة، مولّداً كرة نارية "بيضاء السخونة" يمكنها تغطية مساحة واسعة بلظى مستمر. وبعكس المتفجرات التقليدية التي تعتمد على موجة ضغط مدمّرة، تركز هذه القنبلة على الحرارة الشديدة والتفاعل الحراري المتسلسل الذي يستمر مادام هناك وقود، ما يجعلها تشبه في عملها شعلة لحام عملاقة أكثر منها انفجارًا لحظيًا، وفقا لموقع interestingengineering. ويقول الفريق بقيادة الباحث "وانغ شيويفينغ" من معهد الأبحاث 705 التابع لشركة بناء السفن الحكومية CSSC، إن السلاح مثالي لمهام مثل "منع الوصول"، حيث تُحوَّل منطقة كاملة إلى بيئة غير صالحة للدخول بسبب الحرارة الشديدة، إضافة إلى قدرته على إحراق المعدات والمركبات واختراق التحصينات، بل وحتى مهاجمة أسراب الطائرات المسيّرة. ورغم التحديات التي صاحبت سابقًا إنتاج هيدريد المغنيسيوم، نجحت الصين في تأسيس مصنع ضخم قادر على إنتاج 150 طنًا سنويًا باستخدام تقنيات أكثر أمانًا وأقل تكلفة. بفضل طبيعته غير النووية، يمكن تطوير هذا السلاح دون خرق المعاهدات الدولية، مما يفتح الباب أمام فئة جديدة من الأسلحة الحرارية الذكية، القادرة على صهر الدروع، تعطيل الإلكترونيات، وفرض الهيمنة الحرارية على ساحة المعركة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store